يتبع
بعد الصلاة قال لوالده أنه معزوم على الغداء عند أحد أصدقائه، فاستأذن من والده وذهب إلى صديقه الشيعي، تفاجأ صديقه بحضوره في مثل هذا الوقت وفي نفس الوقت كان فرحاً بحضوره، وعندما استقر بهم المجلس؛ دار بينهم هذا الحوار:
• ش: متى تريد أن نذهب إلى مسجد من مساجد الشيعة كما وعدت من قبل؟!
• س: أي وقت تشاء؛ بس قبلها علمني كيف تتوضؤون، وكيف تصلون، كي يكون عندي استعداد.
• ش: تحت أمرك، بعد الغدا (وجبة الغداء بعد الظهر) منها نغسل ومنها نتوضأ.
• س: من الذي ألف الكتاب الذي أخذته منك؟!
• ش: هو ليس كتاب هو كتيب صغير اسمه: (أدعية المحبين) وهو عبارة عن كم دعاء مختار لأئمة أهل البيت (عليهم السلام).
• س: بصراحة الكلام اللي فيه لا يخطر على بال، وخاصة دعاء الصباح ودعاء كميل.
• ش: هذان الدعاءان لأمير المؤمنين (عليه السلام) وعن بلاغة أمير المؤمنين حدث ولا حرج يكفيك نهج البلاغة.
• س: أي نهج البلاغة؟!
• ش: هو كتاب يحوي كلام أمير المؤمنين (عليه السلام).
• س: أنت تعرفني أحب البلاغة، أين يمكنني أن أحصل عليه؟!
• ش: تحت أمرك، موجود عندي.
فقام الشيعي من حينه وأحضر كتابين؛ الأول (نهج البلاغة) والثاني (الصحيفة السجادية).
• س: أحضرت كتابين وليس واحداً..!!
• ش: تفضل هذا (نهج البلاغة) والثاني هو (الصحيفة السجادية) وهو أدعية للإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بزين العابدين والسجاد (عليه السلام) أنصحك أن تقرأ دعاء أبي حمزه الثمالي، وهو دعاء عجيب علمه الإمام زين العابدين لأحد أصحابه اسمه أبو حمزه الثمالي.
• س: ما شاء الله.
• ش: على العموم؛ تراث أهل البيت لا يعد ولا يحصى، وللأسف الشديد معظم الناس محرومون منه.
• س: لماذا محرومون؟!
• ش:بالأحرى هم حرموا أنفسهم المنبع الصافي، وذهبوا منابع شتى أكثرها كدراً، أما نحن الشيعة الإمامية، فننعم بهذا النعيم ولله الحمد والمنة.
قطع حديثهم حضور الغداء، وبعد الغداء ذهبا إلى المغسلة لغسيل الأيدي، وقام الأخ الشيعي بالوضوء أمام صديقه مع الشرح والإيضاح، فسأله الأخ السني:
• س: لماذا تتوضأ بهذه الطريقة؟!
• ش: نحن نتبع كلام رب العالمين؛ إذ يقول في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} (آية 5 سورة المائدة) فالأية واضحة وصريحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فالوضوء غسلتان ومسحتان، غسل الوجه والأيدي، ومسح الرأس والرجلين، ومسح الرأس ليس كاملاً بل بعضه، لأن الأية تقول برؤوسكم، والباء هنا لـِ التبعيض، أي بعض روؤسكم، ومسح الرجلين إلى الكعبين وليس غسلهما.
أندهش الأخ السني وكأنه يسمع هذه الأية لأول مرة (يالله هؤلاء الشيعة كلامهم يدخل العقل بلا استئذان) فصار يفكر في نفسه ويقول:
• س: لهذا السبب يحذرنا شيوخنا من مخالطة الشيعة والاستماع إلى حديثهم لعلمهم المسبق بقوة الحجة لديهم، فهل استمع إلى الشيوخ أم أستمع إلى نداء العقل؟! من أين لهم هذه الحجة القوية؟! هل لأنهم على الطريق الصحيح وعلى الصراط المستقيم؟! اللهم إني أسألك أن تريني الحق حقاً وترزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وتجنبنيه.
انتبه الأخ الشيعي إلى صديقه وهو سارح في بحر الأفكار، فقطع عليه أفكاره فقال له:
• ش: إيييه وين رحت؟!
• س: بصراحة كلامكم يدخل العقول بلا استئذان.
• ش: ذكرتني بكلام الدكتور التيجاني.
• س: ومن هذا التيجاني؟!
• ش: هذا من السنة، اللي تشيع وقصته معروفة لدى الطرفين، وقد ألف مجموعة كتب؛ من أشهرها (ثم اهتديت) يحكي فيه قصة تحوله من المذهب السني إلى المذهب الشيعي الجعفري الإمامي الإثنى عشري.
• س: أكيد عندك هذا الكتاب؟!
• ش: طبعاً؛ وتحت أمرك، وعلى فكرة الذين تشيعوا نطلق عليهم مستبصرون، وهم كثر ولله الحمد ومعظمهم من المثقفين، وقد قاموا بتأليف عدة كتب وفيهم شخص وهابي اسمه الدكتور عصام العماد.
أخذ صاحبنا الكتب الثلاثة (نهج البلاغة ، الصحيفة السجادية ، ثم اهتديت) شاكراً لصديقه، وتوجه إلى منزله وقرر الاعتكاف في غرفته لقراءة هذه الكتب، بعد فترة وجيزة سمع أذان العصر، فذهب للصلاة، فقال في نفسه:
• س: أي صلاة سوف أصلي وبأي وضوء أتوضأ؟! فتراجع عن أداء الصلاة؛ وقرر أن لا يصلي إلا إذا أنار الله قلبه وأراه الحق حقاً والباطل باطلاً.
أخذ الكتب الثلاثة ووضعها أمامه متحيراً بماذا يبدأ، تذكر كلام صديقه عن الدكتور التيجاني الذي كان سنياً وتشيع، وقال في نفسه:
• س: هل هذا التيجاني له وجود حقاً أم هو من مخترعات الشيعة؟!
أخذ الكتاب (ثم اهتديت) كمن يريد البحث عن الحقيقة، قرأ الكتاب من الغلاف إلى الغلاف، وكل ما يحويه الكتاب كلام منطقي بعيداً عن التكلف، كيف لا وهو يحكي قصة استبصار لرجل قرر أن يعمل بعقله في البحث عن الحقيقة التي توصل إليها بكل قناعة لا تزعزعها أي شوائب.
صارت عند صاحبنا قناعة كبيرة بما قرأ عن حياة الدكتور التيجاني، وخاصة وهو يعرف بأن الشيعة دائماً تحوم حولهم التهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، فإذا تقرب أي شخص من الشيعة لا يجد لتلك التهم أي أثر، بل هم دائماً عكس ما يقال عنهم.
وزيادة في الاطمئنان قام بالاتصال بصديقه الشيعي ليتأكد منه عن حقيقة التيجاني، الذي أكد له بأن التيجاني فعلاً شخصية حقيقية وهو يأتي بين الحين والآخر في برامج مباشرة على القنوات الشيعية، وأعطاه أسماء القنوات الشيعية، فقام بتدوينها على ورقة، وذهب إلى المجلس (غرفة مخصصة لاستقبال الضيوف) حيث يوجد به تلفزيون (معظم البيوت عندنا بها أكثر من تلفزيون واحد في الصالة، في الصالون، في المجلس، في بعض غرف) فأخذ يبحث عن أي قناة شيعية فلم يجد شيئاً، قام ببرمجة الرسيفر من جديد حيث ظهر له جميع القنوات فوجد قناة الأنوار، وهي قناة شيعية تبث من دولة الكويت، فوجد وقتها محاضرة للسيد مرتضى القزويني (أطال الله بقائه) وهو علامة عظمى في تفسير القرآن، حيث يقوم في كل محاضرة بتفسير آية من القرآن الكريم تفسيراً كما أراد له رسول الله، لا كما أراد له أعداء رسول الله، وهو مشهور لدينا كما هو حال الشيخ متولي الشعراوي (رحمه الله) لدى الإخوان السنة، وكانت المحاضرة بعنوان: (الخلافة من النبي – الإمامة) مبتدئاً بالآية الكريمة {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (آية 124 سورة البقرة) وضح فيها سماحته مرتبة الإمامة، وكيف أن خليل الله إبراهيم عليه السلام نال مرتبة الإمامة، بعد ما نجح في أصعب امتحان، وسماحة السيد يعتمد على الأدلة العقلية والنقلية من كتاب الله الكريم.
من خلال هذه المحاضرة تعرف صاحبنا على العقول الشيعية كيف تفكر؛ كيف تناقش؛ كيف تحاور؛ فهي عقول منفتحة ومتطورة.
__________________
صارت عند صاحبنا قناعة بأن الشيعة هم حقاً يمثلون ويشرفون الإسلام الذي أراد له رسول الله، وهو في قمة شعوره بهذه القناعة، مر في باله المقابلة التي تمت بين صديقه الشيعي وإمام مسجد السنة في مسجد السنة، حيث الانكسار مر على الشيخ السني الذي استطاع أن يخرج منه بكل غلاظه، حيث أنهى المقابلة منسحباً (وهي عادة كبار علماء الوهابية عندما تناقشهم بالأدلة القطعية) ولم يحر جواباً من سؤال واحد فقط، حيث دار الحديث عن حادثة غدير خم وكيف وبالمقابل ابتسامة النصر على محيا وجه صديقه الشيعي.
فقرر غداً السبت أن يناقش جميع معلمين التربية الإسلامية في المدرسة، بما وصل إليه من إعتقاد، فإن استطاعوا أن يثنوه عن اعتقاده بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان بها، وإن وجد بهم انكساراً فكرياً وغلظة ودكتاتورية، فسوف يضمر في نفسه على التدين على مذهب أهل البيت عليهم السلام.
خرج من خياله الواسع على المناجاة المنظومة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بإلقاء الرادود المبدع (محمد الحجيرات) حيث تمّ عرضها على قناة (الأنوار) بعد انتهاء محاضرة السيد مرتضى القزويني (أطال الله بقاءه).
لَكَ الْحَمْدُ يا ذَا الْجُودِ وَالَْمجْدِ وَالْعُلى ,’,’,’, تَـبـارَكْــتَ تُـعْـطـي مَـنْ تَـشـاءُ وَتَمْنَـعُ
إلــهي وَخَـلاّقــي وَحِـرْزي وَمَـوْئِـلي ,’,’,’, إلَـيْــكَ لَـدى الاِْعْـسـارِ وَالْيُـسْـرِ اَفْـزَعُ
إلــهي لَـئِــنْ جَـلَّــتْ وَجَمَّـتْ خَطيئَتي ,’,’,’, فَــعَــفْـوُكَ عَـنْ ذَنْـبـي اَجَـــلُّ وَاَوْسَـعُ
إلــهي تَــرى حـالـي وَفَـقْـري وَفاقَتي ,’,’,’, وَأنْــتَ مُــنـاجـاتي الـخَـفِـيَّــةَ تَـسْـمَـعُ
إلــهي فَــلا تَـقْـطَـعْ رَجـائي وَلا تُـزِغْ ,’,’,’, فُـؤادي فَـلي في سَيْـبِ جُـودِكَ مَطْمَـعٌ
إلــهي لَـئِـنْ خَـيَّـبْـتَـنـي اَوْ طَـرَدْتَـنـي ,’,’,’, فَـمَـنْ ذَا اَّلـذي اَرْجُــو وَمَـنْ ذا اُشَفِّـعُ
إلــهي اَجِــرْنـي مِــنْ عَـذابِـــكَ إنَّـنـي ,’,’,’, أسـيــرٌ ذَلـيــلٌ خــائِـــفٌ لَـكَ اَخْـضَــعُ
إلــهي فَــآنِـسْـنـي بِـتَـلْـقِـيـنِ حُـجَّـتـي ,’,’,’, إذا كـانَ لي في الْقَبْرِ مَثْوَىً وَمَضْجَـعٌ
إلــهي لَـئِــنْ عَـذَّبْـتَـنـي اَلْـــفَ حِـجَّـة ,’,’,’, فَـحَـبْــلُ رَجــائـي مِـنْـــكَ لا يَـتَــقَـطَّـعُ
إلــهي اَذِقْـنـي طَـعْــمَ عَـفْـوِكَ يَـوْمَ لا ,’,’,’, بَــنُــونَ وَلا مـــــالٌ هُــنـــالِــكَ يَـنْـفَـعُ
إلــهي لَـئِــنْ لَـمْ تَـرْعَـنـي كُنْتُ ضائِعاً ,’,’,’, وَاِنْ كُــنْـتَ تَـرْعـاني فَـلَـسْـتُ اُضَـيَّـعُ
إلــهي إذا لَـمْ تَـعْـفُ عَنْ غَيْـرِ مُحْسِن ,’,’,’, فَــمَـنْ لِـمُـســيء بِــالـهَـوى يَـتَـمَـتَّـعُ
إلــهي لَـئِـنْ فَـرَّطْتُ فِـي طَـلَـبِ التُّـقى ,’,’,’, فَـهــا اَنَـا اِثْــرَ الْـعَـفْــوِ اَقْـفُـو وَاَتْـبَــعُ
إلــهي لَـئِـنْ اَخْـطـاْتُ جَـهْـلاً فَـطـالَمـا ,’,’,’, رَجَـوْتُــكَ حَـتّى قِـيـلَ هـا هُـوَ يَـجْــزَعُ
إلــهي ذُنُـوبـي بَـذَّتِ الطَّـوْدَ وَاْعتَـلَتْ ,’,’,’, وَصَـفْـحُــكَ عَـنْ ذَنْـبـي اَجَــلُّ وَاَرْفَــعُ
إلــهي يُـنَحّي ذِكْــرُ طَـوْلِـكَ لَـوْعَـتـي ,’,’,’, وَذِكْــرُ الْخَـطـايَــا الْـعَـيْـنَ مِنّي يُـدَمِّــعُ
إلــهي اَقِـلْـني عَـثْـرَتي وَامْحُ حَوْبَتي ,’,’,’, فَـاِنّـــي مُــقِــــرٌّ خـائِــــفٌ مُـتَــضَــرِّعٌ
إلــهي اَنِـلْـنـي مِـنْـك رَوْحـاً وَراحَـــةً ,’,’,’, فَـلَـسْــتُ سِــوى اَبْـوابِ فَضْلِكَ اَقْــرَعُ
إلــهي لَـئِـنْ اَقْـصَـيْـتَـني اَوْ اَهَـنْـتَـني ,’,’,’, فَـمَـا حِـيـلَـتـي يـا رَبِّ اَمْ كَيْـفَ اَصْـنَـعُ
إلــهي حَـلـيـفُ الْحُبِّ في اللَّيْلِ ساهِـرٌ ,’,’,’, يُـنــاجـي وَيَـدْعُــو وَالْمُـغَـفَّــلُ يَهْجَـعُ
إلــهي وَهــذَا الْخَـلْـقُ مـا بَـيْــنَ نـائِم ,’,’,’, وَمُـنْــتَـبــــه فـي لَـيْــلَـــهِ يَـتَـــضَــرَّعُ
وكُـلُّـهُــمْ يَــرجُـــو نَـوالَـكَ راجِــيــــاً ,’,’,’, لِــرَحْمَتِكَ الْعُظْمى وَفِي الْخُـلْـدِ يَطْـمَـعُ
إلــهي يُـمَـنّـيـنـي رَجــائِـي سَــلامَــةً ,’,’,’, وَقُـبْــحُ خَــطـيــئـاتِــي عَـلَـيَّ يُــشَـنِّـعُ
إلــهي فَــاِنْ تَـعْـفُـو فَـعَـفْـوُكَ مُنْـقِذي ,’,’,’, وَاِلاّ فَـبِــالـذَّنْــبِ الْـمُــدَمِّــــرِ اُصْـــرَعُ
إلــهي بِـحَــقِّ الْـهـاشِـمـيِّ مُـحَـمَّـــد ,’,’,’, وَحُــرْمَــةِ أطْْـهـــار هُـــمُ لَكَ خُـــضَّـعٌ
إلــهي بِـحَـقِّ الْمُـصْـطَـفى وَابْنِ عَمِّهِ ,’,’,’, وَحُــرْمَـــةِ اَبْــرار هُــمُ لَــكَ خُــــشَّـعٌ
إلــهي فَـاَنْـشِـرْنـي عَـلـى ديـنِ اَحْمَد ,’,’,’, مُـنـيـبــاً تَـقِـيّـــاً قــانِـتـــاً لَـكَ اَخْــضَـعُ
وَلا تَـحْـرِمْـنـي يــا إلـهـي وَسَـيِّـــدي ,’,’,’, شَـفـاعَـتَــهُ الْـكُـبْــرى فَـذاكَ الْمُـشَـفَّعُ
وَصـلِّ عَـلَـيْـهِــمْ مـا دَعــاكَ مُـوَحِّــدٌ ,’,’,’, وَنــاجـــاكَ اَخْــيـــــارٌ بِـبــابِـــكَ رُكَّــعٌ
يا لها من كلمات تهز الكيان، لا تخرج من فم بشر عادي، فلابد أن يكون بشراً إلهي روحاني مؤيداً ومسدداً بروح القدس (سلام الله عليك يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين، لعن الله من تسبب في حرمان الأمة من تراثك والنهل من عطائك اللامحدود) حيث أن أمير المؤمنين هو الشخص الثاني في الوجود التكويني والروحاني بعد سيد البشر محمد بن عبدالله (صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين) وأمير المؤمنين هو نفس رسول الله بدليل آية المباهلة.
__________________
عاد صاحبنا إلى غرفته، وذلك لقراءة كتاب (نهج البلاغة) فغاص في البحر المتلاطم بالبلاغة والفصاحة، حيث وقع اختياره على الخطبة الخالية من حرف الألف، غاص أكثر قرأ وقرأ، وصل إلى:
من خطبة له (عليه السلام) وهي المعروفة بالشقشقية
وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له:
(( أَمَا وَ اللَّهِ لَقَدْ تَقَمَّصَهَا -فُلانٌ- وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّي مِنْهَا مَحَلُّ الْقُطْبِ مِنَ الرَّحَى يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ وَ لَا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ فَسَدَلْتُ دُونَهَا ثَوْباً وَ طَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً وَ طَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ عَمْيَاءَ يَهْرَمُ فِيهَا الْكَبِيرُ وَ يَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ وَ يَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ. ترجيح الصبر فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا أَرَى تُرَاثِي نَهْباً حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلَانٍ بَعْدَهُ؛ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِقَوْلِ الْأَعْشَى:
شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا ***** وَ يَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ
فَيَا عَجَباً بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُهَا فِي حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لِآخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا فَصَيَّرَهَا فِي حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا وَ يَخْشُنُ مَسُّهَا وَ يَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا وَ الِاعْتِذَارُ مِنْهَا فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إِنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ وَ إِنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ فَمُنِيَ النَّاسُ لَعَمْرُ اللَّهِ بِخَبْطٍ وَ شِمَاسٍ وَ تَلَوُّنٍ وَ اعْتِرَاضٍ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ وَ شِدَّةِ الْمِحْنَةِ حَتَّى إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّهِ وَ لِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَ طِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَ مَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَ هَنٍ إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ الْقَوْمِ نَافِجاً حِضْنَيْهِ بَيْنَ نَثِيلِهِ وَ مُعْتَلَفِهِ وَ قَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ مَالَ اللَّهِ خِضْمَةَ الْإِبِلِ نِبْتَةَ الرَّبِيعِ إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ وَ أَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ وَ كَبَتْ بِهِ بِطْنَتُهُ )) (نهج البلاغة) صفحة49.
ما أعظمك سيدي يا أمير المؤمنين، وما أعظم شأنك عند الله وعند رسوله كيف لا وأنت نفس رسول الله، فلو انصاعت الأمة الإسلامية لأوامر رسول الله ومشت على الطريق الذي رسمه لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فما كان هذا هو حال الأمة الإسلامية، هل هذه الأمة الإسلامية الآن وما تعيشه من ذل وخضوع لقوى الاستكبار العالمي، هي الأمة التي أريد لها أن تكون (خير أمة أخرجت للناس) الله يريد والأمة (غير الشيعة) تريد حيث بأن مَن الله سبحانه وتعالى للعقول البشرية الاختيار (فهديناه النجدين) إما طريق الشيعة أو الطريق الآخر، إما رأي الشيعة وإما الرأي الآخر (وهذا أضعف الإيمان).
أستيقظ صاحبنا من النوم ليوم دراسي (يوم السبت) وقبل الطابور الصباحي، التقى بصديقه الشيعي وأطلعه بالأمر، حيث قرر أن يواجه معلمين التربية الإسلامية في المدرسة، عندها قرر صديقه الشيعي الإنضمام إليه، فرحب به (لقوة الحجة لدى صديقه في مقارعة الخصوم).
{ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ۞ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ۞ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ۞ يَفْقَهُوا قَوْلِي ۞ وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ۞ هَارُونَ أَخِي ۞ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ۞ وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ۞ كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ۞ وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ۞ إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا } (الآيات 25-35 من سورة طه)
لا أطيل عليكم؛ تقدم صاحبنا بطلب لعقد لقاء بين جميع معلمي التربية الإسلامية وعددهم أحد عشر معلماً (جميعهم ثيابهم قصيرة لا يلبسون العقال لحاهم طويلة) لأن من شروط أن تكون معلماً لمادة التربية الإسلامية في وزارة التربية والتعليم لدينا يجب أتكون وهابي العقيدة والعمل على بثها وتدريسها لعقول طلاب الدولة، سبحان الله ويجبرون من لا يدين بدينهم من السنة غير الوهابية بالعمل على عقيدة الوهابية وبحثاً وراء الراتب والمزايا الخاصة لمعلمي التربية الإسلامية عندنا عن باقي معلمي العلوم الأخرى، ذكر في تقديم الطلب بأن له صديق شيعي يريد أن يتسنن (يا لها من فكرة) فتقرر عقد اللقاء في الصف الخاص بالطالبين أثناء الفسحة (من فرحتهم نسوا بأن يخبروا الإدارة بالموضوع) دار اللقاء بين جميع المعلمين يمثلهم كبيرهم والطالب الشيعي.
• المعلم: نشكر صديقك الذي استطاع أن يؤثر عليك وهداك الله إلى الطريق الصحيح. (مسكين!!!).
• ش: قصدك العكس هو الصحيح..!!
• المعلم: ماذا تقصد العكس هو الصحيح؟!
• ش: أقصد أنا الذي سوف أهديه إلى الطريق الصحيح، إلا إذا دار النقاش بروية بعيد عن العصبية، عندي عدة أسئلة إذا تمكنتم من الإجابة عليها بدون أي انفعالات سوف أعلن تسنني على الفور، وإذا لم تتمكنوا صديقي سوف يعلن تشيعه.
• المعلم: (أخذته العزة بالنفس) يعني أنت أيها التلموذ الصغير (يريد أن يصغر كلمة تلميذ، يريد أن يذمه فمدحه) جاي تناقش..!!
• ش: (كـ تلموذ صخر حطه السيل من علي) نقاش بكل هدوء وروية.
• المعلم: (يضحك بغطرسة وغلظة في نفس الوقت).
• ش: يا أستاذ أنت ومعك عشرة من المعلمين، وأنا ومعي الله وصديقي. (وأشار إلى صاحبنا).
• المعلم: (يضرب الطالب) يعني نحن مشركون[color:014e=purp