الخلفاء الثلاث وخرافة الشورى / ياسر الحراق الحسني

تعرف الشورى لغةً أنها عملية إستخراج الرأي. و تعرف إصطلاحاً أنها استطلاع لرأي الأمة أو من ينوب عنها في الأمور المتعلقة بها (١). لطالما حاول أتباع أبي بكر وعمر وعثمان إثبات شرعية حكمهم إستناداً إلى مبدأ الشورى الذي له أصل في القرآن. و الملاحظ أن الشورى المذكورة في القرآن هي في أمور يومية لا ترتبط بالتشريع المقدس . وبالرغم من أن القرآن لا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى مبدأ الشورى في المسائل الدينية كاختيار النبي وإختيار من يخلفه؛ فإننا بالإفتراض الجدلي نحاول أن نختبر هذا المبدأ -الشورى - لنرى إن كان الخلفاء الثلاث احترموه أصلاً. وهذا من باب إلزام من اعطى الخلفاء الثلاث الشرعية بحجته.

مرحلة أم الكوارث:

إن هذه الفقرة تتناول مرحلة أم الكوارث في تاريخ الإسلام لكونها أصلت لأساس الإنحراف والظلم. و هامنا هنا أن نشير إلى ما نقله التاريخ السني من اظطراب في شورى بن ابي قحافة. فقد قال ابن الأثير في اُسد الغابة:" وكانت بيعتهم ـ يعني مَن تخلَّفوا عن بيعة أبي بكر ـ بعد ستة أشهر على القول الصحيح" (٢) . وهذا دليلٌ على أن الإجماع لم يتحقق أثناء إعتلاء الخليفة الأول سدة الحكم. ولكن المعترض قد يقول أنها شورى بالنيابة ! أي رؤساء وزعماء العشار والقبائل أو أهل الحل والعقد كما ذهب إليه الإيجي في المواقف قائلاً : "وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة، فاعلم أن ذلك لا يفتقر إلى الإجماع، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع، بل الواحد والاثنان من أهل الحل والعقد كاف، لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا اجتماع مَن في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمة. هذا ولم ينكر عليه أحد، وعليه انطوت الأعصار
(٣) . هذا يفهم منه أن أهل الحل والعقد يمكنهم تولي أمر الشورى فيما بينهم. وهذا هو عين الباطل لأن علي عليه السلام كان مشتغلاً بتجهيز ودفن النبي صلى الله عليه وآله. و علي عليه السلام من المجمع عليه أنه أعلم أهل زمانه. فلا يجوز عقلاً أستثناء الأعلم في هذا المورد خصوصاً. ولعل ما يزيد الطين بلة ما أخرجه البخاري في صحيحه: "عن ابن عباس قال : إن عمر بن الخطاب كان يقول : أقضانا علي (٤). وفي هذا أعظم مما ذكرنا آنفاً. إذ إن كان علي عليه السلام الأعلم و بغيابه تنسف نظرية شورى أهل الحل والعقد، فما بالك إن كان علي عليه السلام وبشهادة عمر الأقضى! فهذا يزيده قيمة العدالة على قيمة الأعلمية. وامتناعه عن البيعة لستة أشهر فيه إحتجاج واضح على بطلان الخلافة الأولى. وإن قال معترض أنه عليه السلام بايع بعد ٦ أشهر، فأننا نقول أن العدل الأعلم لا تصدر عنه المناقضات وأن في بيعته اشارة واضحة إلى الإرغام والظلم لا إلى المصالحة. والدليل كون علي عليه السلام لم يحضر جنازة المذكور.

مرحلة كارثة التعيين:

تعد هذه المرحلة من متلفات نظرية الشورى. إذ أن الخليفة الأول عند موته وبكل بساطة دعى عثمان في خلوة فأمره أن يكتب :" بسم الله الرحمان الرحيم . فأني استخلفت عليكم عمر إبن الخطاب " (٥) . وهذا يطرح تساؤلات في غاية الأهمية. فأين هي الشورى هاهنا ؟ أين الإجماع؟ أين أهل الحل والعقد ؟ ثم إذا كان عمر بكل سخافة منع رسول الله من أن يكتب كتاباً طلب أن يكتبه قائلاً :حسبنا كتاب الله في وجه النبي (٦). فلماذا وافق على كتاب أبي بكر وإعترض على كتاب الرسول صلى الله عليه وآله ؟ الجواب الجامع لكل هذا هو أن الخليفة الأول كتب للثاني والكاتب هو الثالث. ومعلوم أن الحكم كان في محل الدوران غصباً بين هؤلاء وما خرافة الشورى إلا ملتجأ.

مرحلة اللف والدوران :

لما طعن عمر وكان على اعتاب الهلاك وضع صيغة سياسية جديدة لاهي شورى ولا هي تعيين. طريقة عجيبة غريبة دعى فيها علياً عليه السلام ، وعثمان ، وسعد بن أبي وقاص وطلحة وعبدالرحمن بن عوف ، والزبير بن العوام وقال لهم أن يتشاوروا ثلاثة أيام. ونصب صهيباً للصلاة بالناس وأمر الستة بأن يختاروا الأمير في اليوم الرابع؛ وأمر أن يحضر عبدالله بن عمر مشيراً ولا شيء له من الأمر . وقال لأبي طلحة الأنصاري" إن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه أو أضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما ، فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم فحكموا عبدالله بن عمر ، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم ، فإن لم يرضوا بحكم عبدالله بن عمر ، فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف ، واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس"(٧). الأغرب أن الخليفة الثاني يقول أن أي إثنين معهم عبد الرحمان إبن عوف يأخذ برأيهم ! هل في هذا شورى بشرط التعيين المسبق من طرف الخليفة أم ماذا؟ هذا ونفس السؤال يطرح من جديد فيما يخص رفض وصية رسول الله وقبول وصيتي الخليفة الأول والثاني . وكذالك يلاحظ أسلوب الإرهاب في وصية عمر إذ أنه لو إجتمع أربعة وعارض أثنان يجب ضرب رأسيهما ! إذا كان الله سبحانه وتعالى لم يأمر النبي بضرب رؤوس الكفار منهم أبو سفيان عند الفتح فكيف يأتي عمر ليؤسس للإقصاء والإرهاب في الإسلام و سحق الرأي الآخر؟ هذا ومع العلم أن الآخر في مطلبنا هذا هو مولى الموحدين بشهادة الكل علي إبن أبي طالب عليه السلام . ا

إن الوقت قد حان لننظر إلى تاريخنا الإسلامي بنظرة الإنصاف ، وضرب خرافات مثل الشورى التي ذكرناها عرض الحائط لنميز الطيب من الخبيث. هذا إذا اردنا معرفة أصول الإنحراف والإرهاب الذي يعبث بعقول الكثير من مسلمي العالم. لو كان الإسلام يدرس بإنصاف لما وجدت مسلماً يتفجر في أسواق العطارين

.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

بسم الله الرحمن الرحيم
استاذنا الفاضل ابو اية
مسالة الشورى في حد ذاتها لو تبناها اتباع مدرسة الخلفاء فانها تدل على بطلان خلافة عمر وعثمان
ولو تبنوا النص لبطلت خلافة ابو بكر وهذه من تخبطاتهم الكثيرة والله الهادي للصواب .

و حكاية الشورى هذه عند " مدرسة الخلفاء " ، أصلا متهافتة عند أول نقاش ، فقط يحاولون تسويقها من أجل قطع الطريق عن القول بنص الرسول الأكرم ـ صلى الله عليه و آله و سلم ـ على الإمام علي ـ عليه السلام ـ

» ياسر الحراق الحسني: مغالطات كتاب: "تنبيه القارئ إلى فضائح أحمد بن الصديق الغماري"
» التوتر بين الشيعة والسنة ووزن القِسْطاس - ياسر الحراق الحسني
» الثورات العربية والمشاريع الإقليمية الثلاث
» عدنان إبراهيم بين تنبيل الأهداف وتبجيل الأسلاف / ياسر الحراق الحسني
» المفكر المغربي ياسر الحراق الحسني مناصرا للشيخ: لقد صفع القضاء الكويتي نفسه!