الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
الإمام الحادي عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) اسمه الحسن، وكنيته (أبو محمد) ولقبه العسكري، وأبوه الإمام علي الهادي، وأمه السيدة الجليلة (حديثة) وتسمى أيضاً بـ (سوسن). ولد في الثامن من ربيع الثاني في المدينة سنة 232 هـ، وتولى الإمامة وعمره الشريف 22 عام، ومدة إمامته ست سنوات من 254 إلى 260 هـ. وخلفاء عصره، المعتزّ، والمهتدي، والمعتمد. وتقسمّ حياته لمرحلتين: مرحلة ما قبل إمامته 22 عام، ومرحلة إمامته 6 سنوات قضى أكثرها في السجن. ومن أجل أن الأئمة (عليهم السلام)، ومرحلة إمامته 6 سنوات قضى أكثرها في السجن. ومن أجل أن الأئمة (عليهم السلام) ينفردون بخصال وملكات لا تتهيأ لغيرهم، وعدم تنازلهم لإرادة خلفاء عصرهم وقد أدى ذلك إلى توجه الناس إليهم والتفافهم حولهم، مما أثار فزع الحكام، والتشديد في مراقبتهم واضطهادهم حتى الشهادة، وهكذا كانت سيرة الخلفاء مع الأمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث فرضوا عليه مراقبة مشدّدة، وأودع السجن مرات عديدة، وحتى في الفترة التي لم يكن فيها في السجن كان مراقباً بحيث لا يتمكن الشيعة والمحبّون الاتصال به بسهولة، وإنما كانوا يلتقون به بأساليب مختلفة بعد الاستعانة ببعض العلويين. ومن هنا لم يتيسر للإمام (عليه السلام) أن ينشر علومه ومعارفه بين المسلمين إلا القليل مما وصل إلينا. وظهرت للإمام كرامات تناقلها الناس، وهي مما أدّت إلى شدّهم إليه واعترافهم بفضله، بالإضافة إلى ما يتحلّى الإمام به من فضائل أخلاقية راقية وكمالات معنوية، بحيث اضطر الأعداء، فضلاً عن الأصدقاء للاعتراف بعظمته وعلو شخصيته. حتى قال فيه أحمد بن عبيد الله بن الخاقان وكان شديد النصب والانحراف عن أهل البيت (عليهم السلام): "ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم كافة وتقديمهم إياه على ذوي السنّ منهم والخطر، وكذلك كانت حاله عند القوّاد والوزراء وعامة الناس" وهذا ما كان يشدّ الناس إلى أئمتنا (عليهم السلام)، ويثير خوف الأعداء وخاصة الأحكام.
ومن أهم أسباب هذا الاضطهاد والمراقبة المشدّدة للإمام الحسن العسكري خاصة بالإضافة لما ذكرناه أمران:
الأول: كثرة الشيعة ودعوتهم لإمامة الإمام العسكري ورفضهم للخلافة العباسية.
والثاني: الأخبار المتواترة التي كان يعرفها حتى أعداء أهل البيت (عليهم السلام) أن الإمام الثاني عشر هو ابن الإمام العسكري، وهو الذي يقضي على الحكومات الظالمة ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً. ولذلك حينما أحسّ الخليفة المعتمد بدنو أجل الإمام، بدأ يرسل الجواسيس إلى بيته للتفتيش عن ولد الإمام (عليه السلام) لعلّهم يعثرون عليه فيتخلصون منه. ولكن شاءت إرادة الله تعالى أن يغيّبه عن أبصارهم ويحفظه من عدوانهم، وقد كان الإمام (عليه السلام) يؤكد على إمامة ابنه المهدي في بعض المواقف، ولبعض أصحابه الخلّص. فمما ورد من ذلك رواية معتبرة عن معاوية بن حكيم ومحمد بن أيوب بن نوح، ومحمد بن عثمان العمري قالوا: "هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم أطيعوه ولا تتفرقوا من بعدي في أديانكم فتهلكوا، أما إنكم لا ترونه بعد يومكم هذا قالوا: فخرجنا من عنده، فما مضت إلا أيام قلائل، حتى مضى أبو محمد". شهادته: ولما رأى المعتمد العباسي توجه الناس للإمام (عليه السلام) ومحبتهم واعتقادهم به يزداد يوماً بعد آخر، وأن السجن والاضطهاد والرقابة لم تؤثر شيئاً، بل أدّت إلى اتساع شخصيته أكثر، لذلك دسّ إليه السمّ خفية، فاستشهد (عليه السلام) في الثامن من ربيع الأول سنة 360 هـ.
ومما أثر عنه من حكم وكلمات قصار قوله:
- لا تمارِ فيذهب بهاؤك، ولا تمازح فيتجرأ عليك.
- من وعط أخاه سرّاً فقد زانه، ومن وعظه علانية فقد شانه.
- كفاك أدباً لنفسك تجنبك ما تكره من غيره.
- حسن الصورة جمال ظاهر وحسن العقل جمال باطن.