المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: ملاحظات على هامش ندوة"تدبير الحقل الديني" لحركة التوحيد والإصلاح الإثنين 19 أبريل 2010, 20:23 | |
| عصام احميدان
شخصيات الثقلين ١٧ ابريل ٢٠١٠
نظمت حركة التوحيد والإصلاح بتاريخ السبت 7 فبراير 2009 بقاعة المهدي بن بركة بحي المحيط بالرباط ندوة علمية تحت عنوان "تدبير الحقل الديني" ، وحيث إننا كنا قد تناولنا ذات الموضوع في وقت سابق في إطار جريدة "رؤى معاصرة" ضمن عددها الأول ، وتحت عنوان " إصلاح الحقل الديني : قراءة في الدلالات والأبعاد" ، فإنني ارتأيت أهمية توضيح جملة من الأمور رفعا للالتباس وحرصا على وضع بعض النقاط على الحروف . بعد أن دخل مشروع الإصلاح الديني في المغرب مرحلة جديدة ، وتطورا إضافيا في مساره العام ، خاصة بعد الخطاب الملكي في تطوان والذي تضمن الحديث عن "ميثاق العلماء" ، عقدت حركة التوحيد والإصلاح بتاريخ 4 أكتوبر 2008 اجتماعا تدارست فيه مستجدات مشروع الإصلاح الديني ، لتقرر على إثره وفي شكل بيان دعت من خلاله إلى : - ضرورة تعزيز ثقافة الاجتهاد والتجديد .. - تعميق خيار إشراك مختلف الفاعلين في الحقل الديني والانفتاح عليهم .. - الحرص على التكامل والانسجام بين مختلف السياسات العمومية المتبعة في البلاد .. وقد سبق أن أكدنا على كل هذه المضامين بشكل أكثر تفصيلا في مقالنا "إصلاح الحقل الديني" المنشور بالعدد الأول لجريدة "رؤى معاصرة" بتاريخ فاتح أبريل 2008 ..وهو أمر إيجابي أن تتطابق الرؤى والتصورات ، غير أننا نتحفظ على كثير من خلفيات هذا الطرح ، لأننا نرفض أن نسقط في "السذاجة السياسية" ولكي نمنع أي تمييع للأطروحات الجادة ، ومنعا أيضا للبعض من ركوب كل الأمواج..فكما قال الإمام علي ع : "كلمة حق أريد بها باطل..". ومن هذا المنطلق ، وبعد أن حضرت وتابعت أشغال الندوة المذكورة ، ارتأيت ضرورة تسجيل بعض الملاحظات الأساسية لتوضيح جملة من القضايا ذات الصلة .. 1- ملاحظات حول بيان حركة التوحيد والإصلاح حول "إصلاح الشأن الديني" أ- حول تسمية "إصلاح الشأن الديني " : بعد أن أوضحنا في مقالنا حول "إصلاح الحقل الديني" أن جل الباحثين قد وقعوا في خلط كبير عندما أطلقوا على مجمل ما يراد إحداثه في الحقل الديني عبارة "هيكلة الحقل الديني" ، ذلك لأن الخطاب الملكي نفسه في 2004 لم يشر إلى "الهيكلة" إلا عندما تطرق للجانب الإداري والمؤسساتي في مشروع الإصلاح الديني ، بينما هناك أيضا عنصرين آخرين في المشروع الملكي وهما : الشق التأطيري والشق المنهجي العلمي . وقد استعمل جلالة الملك عبارة "تأهيل الحقل الديني وتجديده" ولو أردنا اختصار نفس المعنى في عبارة أخرى فلن نجد إلا عبارة "إصلاح الحقل الديني"..وقد لاحظنا أن بيان حركة التوحيد والإصلاح تضمن فعلا عبارة "إصلاح الشأن الديني" وهو أمر صائب وصحيح . ب- فيما يتعلق بضرورة تعزيز ثقافة الاجتهاد والتجديد: كنا نود من حركة التوحيد والإصلاح أن تتخلى عن العناوين العامة والشعارات الكبرى ، وتكشف لنا عن بعض الأفكار التفصيلية في هذا المجال ، ففي التفاصيل يسكن الشيطان كما يقال ..فلا جديد يذكر فيما يتعلق بالتأكيد على مبدأ شكل محورا إجماعيا بل ومفردة أساسية في جل الخطابات الملكية نفسها. إن كثيرا من أدعياء الاجتهاد والتجديد ما أن تناقشهم في تفاصيل ذلك "الاجتهاد" وصورته ، وكيفية ذلك التجديد وتنزيله، حتى يصدمك برؤية سلفية تقليدية متقوقعة على إنتاجات السلف والخلف دونما نظر أو تمحيص ، ولا مراعاة لشرط المعاصرة في بناء فكر إسلامي أصيل ومتنور..لذلك أرجو أن أجد يوما ما تفاصيل رؤية تعزز فعلا ثقافة الاجتهاد والتجديد ، ولا تكتفي بتسطيره في البيانات . ج- فيما يتعلق بخيار إشراك مختلف الفاعلين في الحقل الديني : والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح : من هم هؤلاء الفاعلين غير الرسميين في الحقل الديني والذين تطالب حركة التوحيد والإصلاح بإشراكهم ؟هل تقصد بذلك جماعة العدل والإحسان أم التيار السلفي أم التيار الشيعي ؟أم أن الحركة لم تقصد بالفاعلين إلا أعضاءها والمنتسبين إليها؟ وإن كان الجواب هو الشق الثاني من السؤال ، فهل حركة التوحيد والإصلاح بعيدة عن ما يتم رسميا في الشأن الديني ؟ إننا ندرك تماما أن هناك إشراكا كبيرا لحركة التوحيد والإصلاح في برامج قناة محمد السادس وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم وفي برامج لتأطير المرشدين والدعاة التي تنظمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وأيضا في مستوى المجالس العلمية المحلية . إن مرحلة الفوضى والتسيب الديني التي سبقت 16 ماي كان من رجالها أبناء الحركة الإسلامية الذين شاركوا في جل الجامعات الصيفية للصحوة الإسلامية وكانوا غطاءا لمد وهابي ببلادنا ..غير أنه عندما أطلت مرحلة "إصلاح الحقل الديني" نفذ رموز مرحلة الفوضى من أبناء الصحوة الإسلامية إلى عمق المرحلة الجديدة وشكلوا أداة لتجسيد المشروع الجديد ..و ما أن بدت ملامح إخفاقات تدبير الحقل الديني وعدم قدرة جهات رسمية على تجسيد الرؤية الملكية المتنورة للإصلاح حتى بدأنا نلحظ نزول رجال الصحوة الإسلامية من القارب الرسمي مطالبين بمناقشة مشروع الإصلاح وإشراكهم في أية صياغة جديدة للمشروع أو تعديل قد يطاله أو إعادة تنزيله . د-فيما يخص الدعوة للتكامل والانسجام بين مختلف السياسات العمومية : كنا قد أشرنا في مقالنا السابق حول "إصلاح الحقل الديني" إلى أن مشروع الإصلاح الديني ليس مشروعا من اختصاص وزارة الأوقاف وحدها ، إذ أن إصلاح مناهج التعليم الديني يحتاج لمعالجة ملف أكبر وأعقد ألا وهو ملف التعليم ببلادنا .. بل إن ملف الثقافة الدينية له صلة مباشرة بوزارة الثقافة ، وأيضا إنتاج خطاب ديني تنويري له صلة مباشرة بوضعية الإعلام الديني ذو الصلة المباشرة بالملف الإعلامي ككل. ومن هذا المنطلق فلا ينبغي فقط الدعوة لإشراك الفاعلين في الحقل الديني بل حتى القطاعات ذات الصلة بالحقل الديني ..وقد تنبهت لذلك حركة التوحيد والإصلاح في بيانها غير أنها تعارضت مع مطلبها الثاني القاضي بتخصيص الشراكة في الفاعلين بالحقل الديني من ذوي الصفة غير الرسمية . 2- ملاحظات حول الندوة العلمية حول "تدبير الشأن الديني" : من الأمور التي استوقفتني في الندوة حجم الهواجس التي عبرت عنها مداخلة الباحث مصطفى الخلفي من التصوف لجهة ما يمكن أن يوظف سياسيا لفائدة جماعة العدل والإحسان ، ورغم أن د.سعد الدين العثماني حاول إبعاد الباحث عن هذا المسار في التحليل إلا أن الباحث تمسك بموقفه..وجاءت تدخلات المشاركين وخاصة القريبين أوالمحسوبين على حركة التوحيد والإصلاح كذلك لتؤكد حجم الحساسية المفرطة من"التصوف" . وماأن نقوم بقراءة سريعة للوثيقة"حركة التوحيد والإصلاح :توجهات واختيارات" والتي وزعت على الحاضرين لأشغال الندوة ، حتى يقع نظرنا على عبارات من قبيل :"نحن ندعو للاقتداء بالسلف الصالح، لكننا سلفية مجددة" و "دعوتنا للاقتداء بالسلف الصالح هي دعوة إلى إعمال منهجهم في التعامل مع الكتاب والسنة .."، وبذلك ، نستطيع الوقوف على سر الحساسية المعلنة والمضمرة من التصوف ، بل إن الباحث مصطفى الخلفي اعتبر أن الحركة معنية بمواجهة ظواهر شاذة في المجتمع المغربي كالتشيع والتنصير واللادينية مشككا في الوقت ذاته في التصوف وارتباطه بأجندة سياسية وثقافية للغرب لمواجة "الإسلام السياسي". وهنا أتساءل كيف جمع الباحث "التشيع" وهو مذهب إسلامي لجمهور عريض من المسلمين في العالم وبين التنصير واللادينية ؟وهل بهذا الشكل من الحساسية اتجاه الإسلام الصوفي والإسلام الشيعي تريد حركة التوحيد والإصلاح تجسيد مشروعها المتعلق ب "الجبهة الدينية" في مواجهة العلمنة كماتدعي ؟ أم أن الحركة بشكل أو بآخر ستدفع قسرا بالصوفية والشيعة إلى التفكير الجدي في خيار "العلمنة"ولو بصيغتها الإجرائية التمييزية لا الفصلية لمواجهة نزعة الإقصاء و"الطّّلبنة"؟ وكيف يمكن لحركة تعلن في وثيقتها المذكورة "توجهات واختيارات" تمسكها بحقوق الإنسان والتزامها بالمقررات والمواثيق الدولية ذات الصلة بالجنبة الحقوقية في الإنسان ، في الوقت الذي تتبنى خطابا إقصائيا محاصرا لحرية المعتقد والتفكير؟ إن خطاب حركة التوحيد والإصلاح ودعوتهاإلى إصلاح الشأن الديني يستلزم من باب أولى عقد ندوات فكرية لتقييم الخطاب الديني للحركة ، ومعالجة جملة من القضايا ذات العلاقة بتدبير الاختلاف الديني بين الإسلاميين قبل مناقشة تدبير الحقل الديني من قبل الفاعل الرسمي ..وللحركة واسع النظر والسلام٠ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|