بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله كما هو اهله والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آل بيته أجمعين وصحبه المنتجبين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القرآن ودفع الأزمات
القرآن .. ثروة ..
مجهولة
قال أمير المؤمنين علي(عليه السلام):
إن المسلمين يعرضون عن القرآن
فيعرض الله عنهم، ثم يرجعون إلى القرآن
فيرجع الله إليهم.
والسؤال هو: كيف ترك المسلمون التمسك بالقرآن حتى سبب إعراض الله عنهم فضاقت حياتهم هذا الضيق الذي نشاهده، وتأخروا هذا التأخر الهائل الذي لم يحدث مثله في يوم من الأيام الماضية في عمر الإسلام الطويل؟
فان في كثير من آيات القرآن الحكيم ما يوجب عدم هذه الأزمات إذا تمسك المسلمون بالعمل بها، فالقرآن جاء بالدفع قبل الرفع(1) وللمثال على ذلك نذكر بإيجاز:
1ـ أزمة السكن:
قال الله سبحانه وتعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً)(2).
وقال عزوجل: (ألم يجعل الأرض كفاتاً أحياءً وأمواتاً)(3).
وبترك ذلك وجدت (أزمة المسكن).
2ـ أزمة الزواج:
قال سبحانه: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)(4).
وبترك هذه الآية المباركة وما أشبهها وجدت (أزمة الزواج).
3ـ أزمة البرود الجنسى:
وبترك موازين الحياة في الزواج المبكرَّ، وترك غضّ البصر وما أشبه ذلك مما ذكرناه في أسباب البرود الجنسي، وقد أشار إلى جملة منها القرآن الحكيم، قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب)(5).
وقال سبحانه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم... وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن.. )(6).
وقال عزوجل: (ولاتكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصناً)(7).
وجدت (أزمة البرود الجنسي).
4ـ الأزمة العائلية
وبترك قوله سبحانه: (هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ)(
.
وقوله تعالى: (وقد أفضى بعضكم إلى بعض)(9).
وقوله سبحانه: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما)(10).
حصلت(أزمة الطلاق) و(المشاكل العائلية).
5ـ أزمة البطالة:
وبترك قوله سبحانه: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)(11).
وسائر الآيات المرتبطة بالتجارة والبيع وغيرها، حصلت (أزمة البطالة).
6ـ أزمة التأخّر:
وبترك قوله سبحانه: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(12).
وما أشبه من الآيات المباركات حصلت (أزمة التأخّر) للمسلمين.
7ـ أزمة الخيانة الزوجية:
وبترك موازين الإسلام في قضايا الجنس مثل قوله سبحانه: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)(13).
وقوله تعالى: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم)(14).
وقوله سبحانه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن)(15).
إلى غيرها من الآيات، حصلت (أزمة الخيانات الزوجية).
8 ـ أزمة القروض:
وبترك قوله سبحانه: (لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة)(16).
وقوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)(17).
وقوله سبحانه: (يمحق الله الربا ويربي الصدقات)(18).
وما أشبه ذلك حصلت (أزمة القروض) التي ينوء المجتمع تحتها ولا يجد علاجاً لأدائها.
9ـ أزمة الأخلاق:
وبترك الاقتداء بقوله سبحانه: (وانك لعلى خلق عظيم)(19) حدثت (أزمة سوء الأخلاق)..
حيث ترك المسلمون العمل بقول القرآن الحكيم: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)(20) بعد أن كان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) على خلق عظيم، وبعد ان قال الله سبحانه وتعالى في حقه:] فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)(21).
10ـ أزمة الأمراض:
وبتركهم قوله سبحانه: (كلوا واشربوا ولا تسرفوا)(22) فإنه لايجوز الأكل والشرب إلى حد الإسراف،وكلا الأمرين واضح.
وبتركهم قوله تعالى: (وإذا مرضت فهو يشفين)(23) حيث أن الشفاء يعتمد على أمرين: الدواء والدعاء، وقد ترك المسلمون ـ إلا النادر من النادر ـ الدعاء في شفاء أنفسهم وشفاء أمراضهم ومرضاهم.
وكذلك تركوا قوله سبحانه: (ثم أتبع سبباً)(24) مما يدل على أن كل شيء له سبب.. فالمرض له سبب، واللازم ان يعالج السبب حتى يزول المسبَّب.
ولذا نشأت (أزمة الأمراض).
11ـ أزمة المرأة:
وهذه الأزمة نشأت من عدم عمل المسلمين بقوله سبحانه: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)(25).
وقوله تعالى: (فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)(26).
وقوله سبحانه: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة واطعن الله ورسوله …)(27).
وقوله تعالى: (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً)(28).
وقوله سبحانه: (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصاداقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً)(29).
12ـ أزمة التضخم:
وهذه الأزمة نشأت من ترك المسلمين قوله سبحانه: (لا تَظلمون ولا تُظلمون)(30) وغيرها من الآيات(31) الدالة على العدل والقسط وما أشبه ذلك.
13ـ أزمة الفقر:
و نشأت هذه الأزمة من ترك قوله سبحانه وتعالى: (كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم)(32).
وقوله سبحانه: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً)(33) وما أشبه ذلك.
14ـ أزمة الاستبداد:
وهذه الأزمة نشأت من ترك قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)(34).
وقوله سبحانه: (وشاورهم في الأمر)(35).
وقوله تعالى: (وتشاور)(36).
15ـ أزمة القضاء:
ونشأت هذه الأزمة من ترك قوله سبحانه: (يا داوود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب(37).
وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب ان يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفاً أو لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل، واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر احداهما الأخرى ولايأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألاّ ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألاّ تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ـــ وان كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم)(38).
إلى غيرها من الآيات المرتبطة بباب القضاء.
حلّ الأزمات
حل هذه الأزمات وإرجاعها إلى الأمور الطبيعية الفطرية التي كانت للمسلمين قبل غزو الثقافة الغربية لبلادهم، بحاجة إلى أوسع الثقافات الحقيقية، والدعوة إلى إنشاء وجمع جمعيات(39) مخلصة تختص بالأمر.. بدون كبرياء أو غرور أو أنانية أو ما أشبه ذلك.
وإلا فالمشاكل أعقد من إمكان حلها، وحلها لا يكون إلا بهذين الأمرين حتى يكون الحال كما قال الشاعر:
ويسعدني في غمزة بعد غمزة صبوح لها منها عليها شواهد
من أفضل الأعمال
ولايخفى إن من أفضل الأعمال الخيرية هو إرجاع الإسلام إلى المسلمين وإرجاع المسلمين إلى الإسلام، بل إدخال الناس في الإسلام حتى ينعموا بخيراته الدنيوية قبل الأخروية، فلا ترى أفضل من ذلك لأنه سبب حل المليارات من المشاكل التي تغوص فيها البشرية على هذا الكوكب الأرضي، سواءً كانوا مسلمين أو غيرهم.
وفي ذلك قضاء لمليارات من الحاجات، فهل هناك أفضل من ذلك؟.
وهذا لا يوجب خير الدنيا فقط بل خير الآخرة أيضاً للعاملين والقائمين عليها، فقد ورد في جملة من الأحاديث: إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أول من يدخل الجنة أهل المعروف،ويعرفون في الآخرة برائحة طيبة.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم)(40).
أقول: وذلك لأن حسنات هؤلاء بكثرة، فالزائد من احتياجهم إلى دخول الجنة يهبونها لمن لا يتمكن من دخول الجنة لنقص حسناته، وبذلك يستحق أولئك الدخول في الجنة..كإعطاء الانسان فائض ماله للفقير فيتمكن بذلك من شراء مسكن أو مركب أو ما أشبه ذلك.
وفي رواية أخرى عنه(عليه السلام) قال
أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة لأن الله عزوجل يقول لهم: قد غفرت لكم ذنوبكم تفضلاً عليكم، لأنكم كنتم أهل المعروف في الدنيا فبقيت حسناتكم، فهبوا لمن تشاؤون، فيكونوا بها أهل المعروف في الآخرة)(41).
وقال (عليه السلام) : (أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة لأنهم في الآخرة ترجح لهم الحسنات فيجودون بها على أهل المعاصي)(42).
وفي حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، قيل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: يغفر لهم بالتطول منه عليهم، ويدفعون حسناتهم إلى الناس فيدخلون بها الجنة فيكونون أهل المعروف في الدنيا والآخرة)(43).
وعن الإمام الصادق(عليه السلام): (أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، يقال لهم: إن ذنوبكم قد غفرت لكم فهبوا حسناتكم لمن شئتم، والمعروف واجب على كل أحد بقلبه ولسانه، وذلك لمن لم يقدر على اصطناع المعروف بيده فبقلبه ولسانه، ومن لم يقدر عليه بلسانه فينوه بقبله)(44).
وعن الإمام الباقر(عليه السلام) أنه قال: (إصطناع المعروف يدفع مصارع السوء، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف)(45).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: قال أصحاب رسول الله: يا رسول الله فداك آباؤنا وأمهاتنا، إن أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم فبم يعرفون في الآخرة؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة، أمر ريحاً عبقة طيبة فلزقت بأهل المعروف، فلا يمر أحد منهم بملأ من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه فقالوا: هذا من أهل المعروف)(46).
وعن أبي جعفر الباقر(عليه السلام) عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والصدقة الخفية تطفيء غضب الرب، وصلة الرحم زيادة في العمر، وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف)(47).
أقول: قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): (أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة) لعله لأن الناس يتأذون بفاعل المنكر هناك كما يتلذذون بفاعل المعروف، فقد ورد في أحاديث متعددة ما يدل على ذلك، مثل ما ورد من أن أهل النار يتأذون بريح العالم غير العامل(48).
إلى غير ذلك مما لسنا بصدده الآن.
استخدام الأساليب السلمية
والأمر الثالث الذي ندعو إليه ونأمل أن يكون في مستقبل بلاد الإسلام ـ بل نأمل مثله أيضاً في بلاد غير المسلمين ـ إن بقوا على عدم إسلامهم ـ كما قال سبحانه
أن تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين) (49) وقال أمير المؤمنين علي(عليه السلام): (وإما نظير لك في الخلق)(50) ولقد قلنا في بعض كتبنا ان الكافر أخ أيضاً كما ورد في القرآن الحكيم بالنسبة إلى الأنبياء وأممهم(51) ـ:
أن نتحلى باللين والرفق في كافة مجالات الحياة، فنعرف كيف نمسك أعصابنا ولا نفقدها، وأن تكون لنا السيطرة الكاملة عليها وعلى أنفسنا وأخلاقنا، وكيف نحفظ ألسنتنا فلا يفلت منّا ما لا يرضاه الله من الكلام ونندم حيث لا ينفع الندم.
ونعلم أن التفكير الصامت المنطقي أعلى صوتاً وابلغ أثراً من الصراخ والسباب والاتهامات والهمز واللمز والطعن واللعن، فقد قال القرآن الحكيم: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم)(52):
فإن الإسلام يأمر (بالرفق واللين) حتى مع المشركين الذين أشركوا بالله سبحانه وتعالى..مع أن المشرك لا يلتزم لا بالعقائد ولا بالأحكام ولا بالشرائع ولا بغير ذلك.
وقد قال أمير المؤمنين علي(عليه السلام) في كتاب له إلى بعض عمّاله: (أما بعد، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك قسوةً وغلظةً واحتقاراً وجفوة، فنظرت فلم أرهم أهلاً لأن يدنوا لشركهم ولا أن يقَسوا ويجفوا لعهدهم، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدة، وداول لهم بين القسوة والرأفة، وامزج لهم بين التقريب والإدناء والإبعاد والإقصاء إن شاء الله)(53).
ويتبين من هذا الكلام أن المشركين كانوا يعيشون في بلاد الإسلام وإن لم يقبلوا الإسلام والخروج من بلاده إلى بلاد أخرى، وقد ذكرنا في كتاب الفقه أن ما اشتهر بين الفقهاء من أن المشرك يخيَّر بين القتل أو الإسلام غير وارد في سيرة الرسول والإمام علي(صلوات الله عليهما)، بل الكل من أهل الكتاب وغيرهم يخيَّرون بين الأمور الثلاثة والتي أحدها إعطاء الجزية..
وهكذا دلّت سيرة الخلفاء وغيرهم ـ وان كان جماعة منهم على الباطل ـ على التعامل مع المشركين والكفار بهذه المعاملة الطيبة، فلا فرق من هذه الجهة بين الكتابي وغيره.
وكما نريد لبلاد المسلمين أن تكون جنة في الدنيا قبل الجنة في الآخرة، يلزم أن يكون الساكن فيها ـ سواء كان مواطناً أو غير مواطن ـ آمناً على حياته وحريته وماله وعرضه..
من دون معتقلات ولا سجون سياسية ولا تعذيب ولا إرهاب، وإنما تكون السجون سجوناً قليلة جداً وجداً، حيث لم يكن في زمان الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) سجن إطلاقاً وقد حكم(صلى الله عليه وآله وسلم) على تسع دول في زمانه، أخذاً من أراضي الكويت وانتهاء إلى قلعة أكيدر في الأردن..
ولم تكن هناك أحكام عرفية ومحاكم استثنائية وإشارات من القوة التنفيذية على القوة القضائية بالزيادة والنقيصة حسب المشتهيات..
ولا تأشيرة خروج تمنع من السفر.. ولا تأشيرة تمنع من الدخول في بلاد الإسلام، ولا محكمة حرّاس تضع الأفراد تحت الحراسة، ولا رقابة على هاتفه وبريده، ولا دخوله وخروجه، ولا أحد يتتبع خطواته لحظة لحظة.
وكانت النساء فيها في غاية العزة والاحترام، فلا تأخير لهن كما هو المشاهد الآن في بعض بلاد المسلمين، ولا تقديم لهنّ حتى يكنّ بضاعات ومحل إفراغ الشهوات في بيوت وسخة..
وقد قال أمير المؤمنين(عليه السلام): قبل لقائه العدو بصفين:
(لا تقاتلوهم حتى يبدأوكم، فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدأوكم حجة أخرى لكم عليهم، فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبراً ولا تصيبوا معوراً ولا تجهزوا على جريح ولا تهيجوا النساء بأذى وان شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم فإنهن ضعيفات القوة والأنفس والعقول، أن كنا لنؤمر بالكف عنهن وأنهن لمشركات وان كان رجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر والهراوة فيعيّر بها وعقبه من بعده)(54).
أقول: أما قوله (عليه الصلاة والسلام): (فأنهن ضعيفات القوة والأنفس والعقول) فقد ذكرنا تفصيل ذلك في بعض كتبنا(55) المرتبطة بالمرأة، وفي كتاب النكاح والطلاق بصورة خاصة، فإن المرأة خلقت لطيفة، واللطافة تستلزم الضعف في البدن والنفس والعقل، حيث أن الضعيف يستلزم شدة العاطفة حتى تكون محل أنس الرجل ومركز الولادة وحضناً لتربية الأجيال، فان الجنة تحت أقدام الأمهات(56)، فليس هذا نقصاً في المرأة بل كمال.
هذا بالإضافة الى أن الإمام (عليه السلام) أراد أن يبيّن لزوم التعامل مع النساء بلطف اكثر وعفو أعظم فاقتضى بيان ما يثبت ذلك، ومن الواضح صعوبة الجمع بين العقل في آخر درجته وبين العاطفة في آخر درجاتها.
وعلى كل حال، فما يشاهد في بعض بلاد الإسلام وغير الإسلام، حتى البلاد التي تسمّى بالمتحضَّرة، بالنسبة إلى إهانة المرأة بمختلف أنواعها، شيء يأباه الإسلام إباء شديداً كما في كتابه وسنته وسيرة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وخلفائه الأطهار (عليهم السلام).
المصدر الثقافة الاسلامية لسماحة السيد المرجع الشيرازي قدس الله سره الشريف
نسألكم الدعاء اي ولوالداي وللمؤمنين
إلهام الأحمد
1 ـ الرفع والدفع اصطلاحان علميان والمقصود بالدفع الوقاية وبالرفع العلاج، فيكون العمل بالآيات المذكورة الوقاية قبل حدوث الأزمات، فهي تدفعها قبل أن تحدث، اما الرفع فبمعنى علاجها بعد وقوعها.
2 ـ سورة البقرة: 29.
3 ـ سورة المرسلات: 25و26.
4 ـ سورة النور: 32.
5 ـ سورة الأحزاب: 53.
6 ـ سورة النور: 30-31.
7 ـ سورة النور: 33.
8 ـ سورة البقرة: 187.
9 ـ سورة النساء: 21.
10 ـ سورة النساء: 35.
11 ـ سورة التوبة: 105.
12 ـ سورة أل عمران: 139.
13 ـ سورة النور: 2.
14 ـ سورة (المؤمنون): 5و6، سورة المعارج 29و30.
15 ـ سورة النور: 30و31.
16 ـ سورة آل عمران: 130.
17 ـ سورة البقرة: 275.
18 ـ سورة البقرة: 276.
19 ـ سورة القلم: 4.
20 ـ سورة الأحزاب: 21.
21 ـ سورة آل عمران: 159.
22 ـ سورة الأعراف: 31.
23 ـ سورة الشعراء: 80.
24 ـ سورة الكهف: 89، و92.
25 ـ سورة البقرة: 228.
26 ـ سورة النساء: 3.
27 ـ سورة الأحزاب: 32و33.
28 ـ سورة الأحزاب: 34.
29 ـ سورة الأحزاب: 35.
30 ـ سورة البقرة: 279.
31 ـ كما قال تعالى: (اعدلوا هو اقرب للتقوى) سورة المائدة: 8.
32 ـ سورة الحشر: 7
33 ـ سورة البقرة: 29.
34 ـ سورة الشورى: 38.
35 ـ سورة آل عمران: 159.
36 ـ سورة البقرة: 233.
37 ـ سورة ص: 26.
38 ـ سورة البقرة: 282و283.
39 ـ راجع كتاب(انشاء الجمعيات) للامام المؤلف(دام ظله).
40 ـ الاختصاص: ص241.
41 ـ بحار الأنوار: ج71 ص412 باب30 ح27. ومستدرك الوسائل ج12 ص353 باب6 ح14271.
42 ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص353 باب16 ح14270.
43 ـ بحار الأنوار: ج71 ص412 باب30 ح25.
44 ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص341 باب1 ح14237.
45 ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص354 باب6 ح14272.
46 ـ بحار الأنوار: ج8 ص156 باب23 ح95.
47 ـ بحار الأنوار: 74 ص161 باب7 ح1.
48 ـ راجع مستدرك الوسائل: ج12 ص353 باب16 ح14270.
49 ـ سورة الممتحنة: 8.
50 ـ تحف العقول: ص126 عهده(عليه السلام) الى مالك الأشتر حين ولاه مصر.
51 ـ قال تعالى: (والى عاد أخاهم هوداً) الأعراف 65. وقال عزوجل: (والى ثمود أخاهم صالحاً) الأعراف: 73. وقوله سبحانه : (والى مدين أخاهم شعيباً) الأعراف: 85.
52 ـ سورة الأنعام: 108.
53 ـ بحار الانوار: ج33 ص489 باب29 ح694.
54 ـ بحار الانوار: ج33 ص458 باب28 ح674.
55 ـ راجع كتاب: الحجاب الدرع الواقي. وفقه الاسرة أيضاً.
56 ـ قال الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): (الجنة تحت أقدام الامهات).
اللهم صل على محمد وآل محمد