بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
السلام عليكم ورحمة الله
وعظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الجواد عليه السلام
* * * * * * * * *
إشخاص الإمام عليه السلام إلى بغدادأشخص المعتصم الإمام الجواد إلى بغداد فورد إليها لليلتين بقيتا من المحرم سنة 220 هـ. وقد فرض عليه الإقامة الجبرية فيها ليكون على علم بجميع شؤونه وأحواله كما فرض عليه في نفس الوقت الرقابة الشديدة، وحجبه من الاتصال بشيعته، والقائلين بإمامته.
تنبّأ الإمام عليه السلام بوفاتهاستشفّ الإمام الجواد عليه السلام من وراء الغيب أنّ الأجل المحتوم سيوافيه وأنّ عمره كعمر الزهور، وقد أعلن ذلك لشيعته في كثير من المواطن وهذه بعضها:
1- روى محمد بن الفرج قال: كتب إليّ أبو جعفر عليه السلام:
"احملوا إليّ الخمس، لست آخذ منكم سوى عامي هذا، ولم يلبث عليه السلام إلاّ قليلاً حتى قبض واختاره الله إلى جواره".2- روى أبو طالب القمّي، قال:
"كتبت إلى أبي جعفر بن الرضا عليه السلام أن يأذن لي أن أندب أبا الحسن - يعني أباه - قال: "فكتب أن اندبني واندب أبي".3 - وأخبر عليه السلام عن وفاته في أيام المأمون، فقد قال:
"الفرج بعد المأمون بثلاثين شهراً ولم يلبث بعد المأمون بثلاثين شهراً حتى قبض واختاره الله إلى جواره".4 - روى إسماعيل بن مهران أنّ المعتصم العباسي لمّا أشخص الإمام أبا جعفر عليه السلام إلى بغداد قال:
"قلت له: جعلت فداك أنت خارج فإلى مَن هذا الأمر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلّت لحيته، ثمّ التفت إليّ فقال: عند هذه يخاف عليّ، الأمر من بعدي إلى ابني عليّ".لقد كان الإمام عالماً بأحقاد المعتصم عليه، وأنّه لا يتورّع من اغتياله والإجهاز عليه، فلذا أحاط أصحابه وشيعته علماً بمفارقته للحياة في عهد هذا الطاغية الجبّار.
تعيينه عليه السلام لولده الهاديونصّ الإمام الجواد عليه السلام على إمامة ولده عليّ الهادي، ونصبه علماً ومرجعاً للأمّة من بعده.
فقد روى الصقر قال: "سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول:
إنّ الإمام بعدي ابني عليّ، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي...".
وروى الخيراني عن أبيه أنّ الإمام أبا جعفر عليه السلام بعث إليه رسولاً فقال له:
"إنّ مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّي ماضي، والأمر صائر إلى ابني عليّ، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي" وكثير من أمثال هذه الروايات نصّت على أنّ الإمام أبا جعفر عليه السلام أقام ولده الإمام الهادي إماماً من بعده وأوجب على شيعته طاعته.
مُثلّث الاغتيال على الرغم من تعدّد الروايات في كيفية شهادة الإمام الجواد(عليه السلام)، إلّا أنّ أغلبها تُجمع على أنّ الإمام(عليه السلام) اُغتيل مسموماً.
وأنّ مثلّث الاغتيال قد تمثّل في زوجته أُمّ الفضل وهي بنت المأمون، وهي المباشر الأوّل، قدّمت للإمام عنباً مسموماً، وتمثّل أيضاً في أخيها جعفر، والمدبّر والمساعد لهم على هذا الأمر هو المعتصم ابن هارون.
فقد ذكر ذلك غير واحد من المؤرّخين، ومنهم المؤرّخ الشهير المسعودي حيث قال: «لمّا انصرف أبو جعفر(عليه السلام) إلى العراق، لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يُدبِّران ويعملان على قتله(عليه السلام).
فقال جعفر لأُخته أُمّ الفضل في ذلك؛ لأنّه وقف على انحرافها عنه وغِيرتها عليه؛ لتفضيله أُمّ أبي الحسن ابنه عليها، مع شدّة محبّتها له؛ ولأنّها لم تُرزق منه ولداً، فأجابت أخاها جعفراً، وجعلوا سمّاً في شيءٍ من عنب رازقيٍ... ».
إلى جنّة المأوىوأثّر السمّ في الإمام تأثيراً شديداً، فقد تفاعل مع جميع أجزاء بدنه وأخذ يعاني منه آلاماً مرهقة، فقد تقطّعت أمعاؤه من شدّة الألم، وقد عهدت الحكومة العباسية إلى أحمد بن عيسى أن يأتيه في السحر ليتعرّف خبر علّته وقد أخبر الإمام عليه السلام بوفاته من كان عنده في الليلة التي توفّي فيها فقال لهم:
"نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نقلنا إليه". وأخذت الآلام من الإمام مأخذاً عظيماً.
فقد كان في ريعان الشباب وغضارة العمر. ولمّا أحسّ بدنو الأجل المحتوم منه، أخذ يقرأ سوراً من القرآن الكريم، وقد لفظ أنفاسه الأخيرة ولسانه يلهج بذكر الله تعالى وتوحيده، وقد انطفت بموته شعلة مشرقة من الإمامة والقيادة الواعية المفكّرة في الإسلام.
لقد استشهد الإمام عليه السلام على يد طاغية زمانه المعتصم العباسي وقد انطوت بموته صفحة من صفات الرسالة الإسلامية التي أضاءت الفكر ورفعت منار العلم والفضيلة في الأرض.
تجهيزه ودفنهوجُهِّز بدن الإمام عليه السلام فغسُّل وأدرج في أكفانه، وقد احتفّت به الجماهير الحاشدة، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله، فقد ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردّد فضل الإمام وتندبه، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للإمام عليه السلام.
وحفر للجثمان الطاهر قبر ملاصق لقبر جدّه العظيم الإمام موسى بن جعفر عليه السلام فواروه فيه وقد واروا معه القيم الإنسانية، وكلّ ما يعتزّ به الإنسان من المثل الكريمة.
عمره الشريفأمّا عمره الشريف فكان
خمساً وعشرين عاماً وهو أصغر الأئمة الطاهرين عليهم السلام سناً، وقد قضى معظم حياته في نشر العلم، وإذاعة الفضيلة بين الناس فكانت حياته الغالية مدرسة للفكر والوعي ومعهداً للإيمان والتقوى.
سنة شهادته عليه السلامآخر ذي القعدة 220ﻫ
* * * * * * * * *
السلام عليك يا سيدي و يا مولاي يا محمد بن علي أيها التقي الجواد
السلام عليك يوم ولدت و يوم استشهدت مسموما مظلوما و يوم تبعث حيا
عظم الله أجوركم