المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: الغدير عيد وتاريخ ومسؤولية.. أكثر كتب الشيعة أحرقت بجريرة الغدير الثلاثاء 23 نوفمبر 2010, 01:08 | |
| تناول المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في صباح اليوم السابع عشر من شهر ذي الحجة الحرام 1426 للهجرة وخلال درسه بحث الخارج ذكرى عيد الغدير الأغر، وبين أهمية هذا العيد الأكبر وفضله العظيم، وما ينبغي أداءه من الواجب تجاه هذا الحدث الاسلامي الهام.
وجاء في كلمة سماحته:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: يا َأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ
الغدير موضع خاص وزمان خاص، وعيد إسلامي بل أعظم الأعياد في الاسلام، وهو ـ شرعاً ـ عنوان على تعبّدات خاصّة، وهو تاريخ ومسؤولية.
أما الموضع فيقع على بعد عدّة فراسخ من مكة المكرمة، وهو الموضع الذي وقف فيه رسول الله صلى الله عليه وآله بعد رجوعه من حجّة الوداع ونزول الآية الشريفة (المتقدّمة) عليه؛ فقد روى الخاصّة والعامّة أنه صلّى الله عليه وآله لم يتقدّم خطوة بعدها حتّى بلّغ الأمر الإلهي.
أما الزمان فكان في الثامن عشر من ذي الحجّة، واستمر يومين آخرين لغرض أخذ البيعة للإمام سلام الله عليه.
أما عنوان التعبد الذي أطلق عليه شرعاً، فقد وردت في فضل الغدير، وفضل ومقام من يتّخذه عيداً، والعبادات الواردة فيه، ومضاعفة أجر العمل له وفيه، روايات لا أقول إنّها ـ من حيث المجموع ـ قليلة النظير، بل يمكن القول إنها عديمة النظير.
فمن باب المثال: روي عن الإنفاق فيه أن «الدرهم فيه بمئة ألف درهم» وفي رواية «بألف ألف درهم». ولعلّ الاختلاف يعود لمراتب الإنفاق أو موارد الصرف.
وقد يثار سؤال في المقام، في كلمة «فيه» في الرواية وهو: أيشترط في الإنفاق الذي يعدل ألف ألف في غيره، أن يكون واقعاً في يوم الغدير، ولا يصدق إذا وقع في ليلة الغدير مثلاً ولو كان بعنوانه؟
استنتاجي الشخصي؛ تنظيراً للموارد المشابهة في الروايات: أنّ المقصود من كلمة «فيه» أعمّ من الظرفية الزمانية، فيكون بمعنى «في شأنه»، كما يقال إن فلاناً أنفق بعض ماله في الحج، أي لأجله، وإن وقع ذلك الإنفاق قبل زمان الحجّ. فعندما نقرأ في الرواية مثلاً أن الامام الحسن سلام الله عليه ورمت قدماه في طريق مكة فأعطى مالاً لشخص لشراء مرهم وقال له: لا تشاكس في القيمة نقول إن الامام حسن سلام الله عليه أنفق ذلك المال في الحجّ وإن لم يكن في وقت أداء أعمال ومناسك الحجّ؛ اذاً المقصود من كلمة «فيه»: من أجله وفي سبيله.
ويكفي لمعرفة فضل يوم الغدير وعظمته ما روي أن الله تعالى يعتق في يوم الغدير ضعف ما يعتقه في شهر رمضان و ليلة القدر وعيد الفطر ، علماً أن المرويّ أن الله تعالى يعتق في ليلة عيد الفطر بقدر ما يعتق في شهر رمضان كلّه . بل ورد النّص في أن عيد الغدير أعظم الأعياد .
بعض الفقهاء المتقدّمين والّذين كانوا مقيدين بنصوص الروايات أكثر لقلة الحاجة إلى الاجتهاد، وذلك لقربهم من عصر النصّ، استفادوا الحكومة من هذا التعبير، ومن ثم قالوا حتى باستحباب صلاة العيد جماعة في يوم عيد الغدير.
النقطة الأخرى أنّ الغدير تاريخ منقطع النظير أيضاً.. تاريخ ناصع كان ـ وما زال وسيستمر حتى ظهور بقية الله الأعظم الإمام المهدى عجّلاللهتعالىفرجه الشريف بل حتى القيامة ـ منيراً وهادياً للملايين من البشر من ظلمات الشرك والضلالة والجهل والانحراف عن الأخلاق والبعد عن أهل البيت إلى نور الهداية والإيمان والولاية والأخلاق والواقعية التكوينية والتشريعية.
ولم يقتصر دور الغدير على هداية عامّة الناس بل كثير من علماء الكفار واليهود والنصارى والمجوس إضافة إلى علماء العامة والمذاهب المختلفة أبدلهم الغدير على طول التاريخ؛ بحيث لو جمع ما يمكن جمعه في كتاب لكان موسوعة ضخمة.
في إيران مثلاً كان يعيش قبل قرن تقريباً شخص من كبار حاخامات اليهود واسمه ملا آقا بابا، حوّله الغدير وهو في سنّ الكهولة وكبر المنزلة لدى قومه وكثرة الأتباع، حتى صار واحداً من علماء الشيعة وأبدل اسمه إلى محمد رضا تيمّناً باسم النبي صلى الله عليه وآله وحفيده الإمام الرضا سلام الله عليه وألّف كتاباً بالعبرية على بطلان اليهودية بعد مجيء نبي الإسلام يسمى «المقبول الرضائي» ثم ترجم من العبرية بعد ذلك.
وهكذا رئيس الأساقفة في إحدى مناطق إيران تحول قبل زهاء مئتي سنة إلى الإسلام والتشيّع وأصبح هو الآخر من علماء الشيعة وألّف كتباً عدّة حول الاسلام بلغ بعضها عشرة أجزاء، وكان له احاديث وخطب في تلك الأيام اهتدى على أثرها كثير من النصارى في ايران، وسمّى نفسه محمد صادق تيمّناً باسم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وحفيده الامام الصادق سلام الله عليه.
وقبل ذلك، وفي عصر الشيخ الكليني (ره) وفي أيام حكومة العباسيين، حيث كان الشيعة أقلية في بغداد، اهتدى بنور الغدير أحد العلماء المنحرفين عن أهل البيت سلام الله عليهم، فحوّله إلى علم من أعلام الشيعة حتى عبّر عنه مثل الشيخ النجاشي والطوسي وأمثالهما بأنه ثقة ثقة؛ ذلكم هو الشيخ محمد بن مسعود العياشي الذي كتب التفسير المعروف بتفسير العياشي.
العياشي الذي كان عالماً نشيطاً في أوساط العامة وكتب لهم كتباً كثيرة، وكما قال الشيخ الطوسي «روى للعامّة فأكثر»؛ سطع عليه نور الغدير فجعله ينفق الثروة الكبيرة التي ورثها من أبيه مسعود الذي كان من كبار تجّار بغداد، في سبيل نشر مذهب أهل البيت سلام الله عليهم.
قالوا عن العياشي: ورث من أبيه ثروة كبيرة بلغت ثلاثمئة ألف دينار ذهب ـ أي اكثر من طن ّمن الذهب ـ أنفقها كلها في سبيل مذهب أهل البيت سلام الله عليهم.
وقالوا: إنه بنى في بغداد بيتاً كبيراً كان مرتعاً للشيعة، وكان روّاده بين راوٍ ومحدّث وكاتب ومؤلف وطالب.
فما أكثر العلماء والرواة الذين يذكرهم الشيخ الطوسي في رجاله ـ وهو واحد من عشرات الكتب الرجالية ـ بعبارة من قبيل: كان من تلاميذ العياشي أو من غلمانه أو من أصحابه. مع أنه لا يذكر عن كل عَلم الا سطراً أو سطرين، لأنّ الكتاب رغم صغر حجمه يورّخ لأصحاب المعصومين الأربعة عشر جميعاً.
وكان أحد اولئك التلامذة الذين ذكرهم الشيخ الطوسي، الكشي الرجالي المعروف الذي لو لم يكن كتابه المعروف (رجال الكشي) لما كان اعتبار لكثير من الروايات المعتبرة التي بين أيدينا اليوم ولتغيّرت صورة كثير من الأحكام الموجودة في الرسائل العملية. فالطريق الوحيد لتوثيق كثير من رواياتنا المعتبرة هو كتاب الكشي الذي اختصره الشيخ الطوسي وسمّاه «اختيار معرفة الرجال» لأن الكتاب الأصلي ضاع كآلاف الكتب الشيعية الأخرى التي طالها الحرق أو الغرق أو الضياع بأيّ نحو وآخر.
وفي عصرنا أيضاً ما أكثر من اهتدوا بنور الغدير. شخصياً أذكر مصاديق عديدة ومنها أنني التقيت قبل زهاء ثلاثين سنة بمهندس رفيع من العامّة، اهتدى بالغدير وكان على درجة عالية من العلم بأدلّة الولاية، وعندما سألته: كيف اهتديت؟ قال: كنت ذاهباً إلى امريكا لمواصلة الدراسة، وكان لي صديق هناك من أتباع مذهب آل البيت سلام الله عليهم، فذهبت في أحد الأيام إلى بيته فرأيت في مكتبته موسوعة باسم الغدير تتألّف من أحد عشر جزءاً وكنت حتى ذلك اليوم أكره الشيعة ظناً أنهم السبب وراء اختلاف المسلمين وتفرّقهم، وعندما رأيت الكتاب دفعني الفضول لمعرفة السبب الذي دعاهم للاختلاف، فطلبت الجزء الأول من صديقي وطالعته خلال اسبوع ثم طلبت منه الجزء الثاني ثم الثالث وهكذا حتى اتيت على أجزائه الأحد عشر.
وكان هذا الرجل قد تحوّل إلى درجة بحيث بدأ يناظر علماء العامة. فكان يأتيني أحياناً وينقل لي بعض إشكالاتهم التي لا يعرف جوابها. وربّما صار سبباً لهداية كثيرين.. كل ذلك بفضل الغدير.
وكان العلامة الأميني ـ مؤلف الكتاب ـ راقداً يومذاك في المستشفى بطهران فقلت لبعض الأصدقاء: انظروا أثر الكتاب فصاحبه قد لا يقدر على الكلام وكتابه يهتدي به الناس.
فما أعظم الغدير الذي استطاع أن يهدي شعوباً وعلماء من كل الملل والنحل، رغم كثرة الحروب التي شنّت ضدّه!
إن أكثر كتب الشيعة اُحرقت بجريرة الغدير؛ فلقد نقل المرحوم السيد الأخ أعلى الله درجاته أنه قال للعلامة الأميني: لقد كانت لك جولات في الكتب والمكتبات المختلفة في أنحاء من العالم؛ برأيك كم هو حجم ما أحرق أو اُتلف من كتب الشيعة عبر التاريخ؟ فقال: تسعون بالمائة!
ولو قال أكثر ما ظننته مبالغاً، والدليل على ذلك ما نطالعه في كتب الرجال. فمثلاً يرد في بعضهم أنه روى كذا ألف رواية عن المعصوم في حين لم يصلنا منها سوى عشرات، فأين ذهبت بقية رواياته؟!
لقد كان للشريف المرتضى رضوان الله عليه مكتبة تضمّ حوالي ثمانين ألف كتاب ولم تكن هذه الكتب نسخاً لأنه لم توجد يومئذ مطابع للتكثير، ورُبّ كتاب واحد يستغرق جهد وعمر إنسان كامل. هذه المكتبة احرقت بعد الشريف المرتضى مع أنه كان نقيب الهاشميين وذي الرئاستين (الدينية والدنيوية).
هكذا الحال مع عشرات بل مئات المكتبات الأخرى ومنها مكتبة الشيخ الطوسي في بغداد فأحرقوها بل أرادوا حرقه (رضوان الله عليه) ففرّ إلى النجف الأشرف. وما اكثر العلماء الذين أُحرقوا أو خُنقوا أو بني عليهم، ومع ذلك لم يستطع الأعداء أن يطفئوا نور الغدير.
وفي عصرنا الحالي قامت الحكومة في عاصمة إحدى الدول الإسلامية بإحراق كتاب بكلّ نسخه وذكرت الوزارة المعنيّة بشؤون الكتب أنّها قامت بحرق نسخ هذا الكتاب. هذا مع أنه لم ترد فيه أية كلمة سياسية، ولكنهم فعلوا ذلك بجريرة الغدير.
أما الكلمة الأخيرة فالغدير واجب ومسؤولية.
لقد أدّى السلف الصالح واجبهم تجاه الغدير في هداية العلماء كالعياشي وملا آقا بابا ومحمد صادق ومن صار واهم ـ ايضاًـ سبباً في هدايتهم نحو، الغدير، وهكذا علماء الشيعة ومؤلفوهم الذين قُتلوا أو سجنوا او... أدّوا واجبهم؛ فما واجبنا نحن؟
لا شك أن واجبنا اليوم أسهل، فقلما يُقتل المرء في عصرنا بسبب تشيّعه؛ أجل نشهد اليوم ذبح الشيعة في العراق لا لجرم اقترفوه إلاّ لاتباعهم أهل البيت سلام الله عليهم، ولكن هذا واقع طارئ واستثنائي ساهمت فيه بعض العوامل السياسية وسيزول قريباً بإذن الله تعالى، ولكن حال الشيعة في السابق كان هكذا دائماً وفي كلّ مكان.
لقد تغيّر العالم اليوم وشهد انفتاحاً لم يشهده من قبل، مع تفاوت بين الدول في مقدار الحرية والانفتاح، ولم تعد تلك المخاوف السابقة موجودة.
فمثلاً لم نعد نشهد احراق الكتب كما كان في السابق. لقد كتب العياشي اكثر من 200 كتاباً وقد وردت أسماؤها في الكتب الرجالية، لكنا لا نرى سوى تفسيره بل قطعة منه هو المسمى بتفسير العياشي. أما الباقي فقد أحرق، وهكذا الشيخ الصدوق (ره) له مآت الكتب، وكذا الشيخ الطوسي (ره) كان له حوالي 300 كتاب والعلامة الحلّي حوالي 1000 كتاب واكثرها ابيدت.
أما نحن ـ في هذا العصر ـ فنعيش في فرصة استثنائية عالمياً لم يمر مثلها سوى في فترات قصيرة ومناطق محدودة كفترة البويهين في العراق والحمدانيين في سورية والفاطميين في مصر والأدارسة في المغرب.
اذاً علينا أن نشمّر عن ساعد الجدّ لهداية الناس نحو الغدير، ليس من أجل الثواب فقط ـ وإن كان عظيماً ومطلوباً ـ وليس من أجل التعبد وحده ـ وإن كان كبيراً أيضاً ـ بل من باب الوجوب لأنّه مقدّمة وجود الواجب المطلق الذي اتفق العلماء والعقلاء على وجوبها. فالمسألة عقلية وغير قابلة للتشكيك والترديد.
إن الهداية واجب مطلق، وكل مقدمة تنتهي لوجود هذه الهداية أو احتمال وجودها ـ لأن الاحتمال في باب الأمر بالمعروف كاف ـ فهو واجب.
فمهما تصنعون ومهما تكتبون من كتب وتبنون من مؤسسّات وتشكّلون من هيئات وتقومون بخدمات في طريق الخدمة للغدير فهو واجب عيني لأنه لا يوجد من فيه الكفاية. أجل لا يوجد الكفاية في حدّ هداية جميع الضلاّل والكفّار، بدليل وجود الملايين منهم. فقد كتبوا أن عبدة الأوثان في الارض يزيدون على ألف مليون، أفلا يجب العمل من أجل هدايتهم وجوباً مطلقاً ضمن القدرة طبعاً.
أسأل الله تعالى ببركة صاحب الغدير ومحوره، وقبله ببركة أستاذه ومربّيه ومعلّمه رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أنشأ الغدير وأوجده بأمر الله تعالى أن يوفّقنا جميعاً لهذه المهمّة وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
1. تهذيب الأحكام، ج 6، ص 24، ح9
2. الوسائل، ج 10 ، ص 317 ، ح 2
2. أمالي الصدوق ص 125، ح [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | |
|
مصطفى قريقز الأعضاء المميزين
تاريخ التسجيل : 01/06/2010 عدد المساهمات : 295 العمر : 65
| موضوع: رد: الغدير عيد وتاريخ ومسؤولية.. أكثر كتب الشيعة أحرقت بجريرة الغدير الثلاثاء 23 نوفمبر 2010, 04:38 | |
| السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشكــور اخي الفاضل ابو آية
اللهم صل على محمد و آله الأطهار
| |
|