باسمه تعالى
اللهم صل على محمد و آل محمد
مرّت قبل أيام ذكرى فاجعة عاشوراء التي أستشهد فيها
سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته الميامين دفاعاً
عن الدين القويم بسيوف البغي والظلم الأموي الحاقد على
الإسلام والمسلمين عامة وأهل البيت خاصة.
وقد يثار سؤال هنا وهناك:لماذا كل هذا الاهتمام بعاشوراء؟
ولماذا تقام مظاهر العزاء بمناسبة هذه الذكرى؟
يمكن الإجابة على ذلك بنقطتين:
أولاًً: تأسياً برسول الله(صل الله عليه وآله وسلم ) وإذا كنا نحيي الذكرى بعد
وقوعها فيتعجب البعض، فإن الرسول(صل الله عليه وآله وسلم ) قد أحيا الذكرى
قبل وقوعها وهذا مايعني أن لقضية الحسين(عليه السلام) حالة استثنائية.
ففي مستدرك الصحيحين(ج3 ص176 ) عن أم الفضل أنها
دخلت على رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم ) فقالت: يارسول الله إني رأيت
حلماً منكراً الليلة. قال وما هو؟ قالت:انه شديد.قال وماهو؟
قالت:رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله(ص) رأيت خيراً تلد فاطمة إن
شاء الله غلاما فيكون في حجرك.
فولدت فاطمة(عليها السلام) الحسين(عليه السلام) فكان في حجري كما قال رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم ) . فدخلت يوما على رسول الله (صل الله عليه وآله وسلم )
فوضعته في حجري ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله(صل الله عليه وآله وسلم ) تهريقان من الدموع .قالت:فقلت: يانبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي
ستقتل أبني هذا.فقلت:هذا؟ فقال :نعم ، وأتاني بتربة من
تربته حمراء.
والأحاديث في ذلك متواترة في مصادر الشيعة والسنة.
وإذا كان الرسول(صل الله عليه وآله وسلم ) يهتم بهذه القضية فكيف لانهتم
بها نحن أيضا ؟
ثانياً:إحياأً للقيم النبيلة.
إن الحسين(عليه السلام) مثال للقيم الإنسانية النبيلة كقيمة العدل
والحرية والحق والجهاد والتضحية... فإحياء ذكراه
إنما هو إحياء لجميع هذه القيم.
إن القيم لايمكن أن تحيى في قلوب الناس بشكل مجرد
بل تحتاج إلى تجسيد حي ..ولذا نجد أن الله سبحانه يحيي
في القرآن الكريم ذكرى الأنبياء والصالحين.
مثل هابيل ونوح وإبراهيم ولقمان وأيوب (عليهم السلام) كي تحيى
ـ باحيائهم ـ القيم التي جسدوها في حياتهم..فإحياؤنا لذكرى
سيد الشهداء..الحسين بن علي(عليهما السلام) إحياء لكل تلك القيم
النبيلة التي تمثلت في شخصه الكريم وفي أهل بيته
صلوات الله عليهم أجمعين.