انتقلت شرارة النار التي اضرمها شاب في نفسه احتجاجا على الأوضاع في تونس ، الى جميع الشعب التونسي
الذي يظهر انه كان ينتظر تلك الشرارة ، ليخرج عن بكرة ابيه الى الشارع متظاهرا و مطالبا بسقوط الرئيــس
بن علـي و نـظـــامــــه
فلم يكن امام الرئيس من خيار غير ان يحزم حقائبه و يرحل ، أو ليفر ــ و هو الأصح ــ كجرد مخلوع اي مذعور
حقيقة سقط الرئيس ، و لكن بقي نظامه قائما ، و لا زال قائما على رجل واحدة متكئا على عصا غليظة
و مباشرة بعد فرار الرئيس و الأصح الجرد ، قامت جهات عدة و على رئسها أزلام النظام السابق بمحاولة الالـتـفـاف
على الثورة و سرقتها
فهب الوزير الأول " محمد الغنوشي " و انقض مبادرا الى تنصيب نفسه بنفسه رئيسا للجمهورية التونسية بشكــــل
مؤقت ، ضاربا عرض الحائط بالدستور ، فكان مصير هذه المحاولة الرفض القاطع و التام من طرف الشارع التونسي
ثم اعقبتها محاولة ثانية و بتواطئ مع رئيس مجلس النواب هذه المرة ، أصبح هذا المرفوض ، و بقدرة قادر رئـيـــس
وزراء الحكومة الانتقالية
المفارقة المضحكة هي ان الشخص الذي رفضه الشعب بالاجماع كرئيس انتقالي باعتباره رمزا من رموز النظام الذي
سقط رأسه (بن علي ) ، هو نفسه يكلف بتشكيل الحكومة ؟؟؟؟؟؟
و من اجل انجاح هذا السيناريو و تنفيذه كان لا بد من فرض أو استمرارية فرض حالة الطوارئ في البلاد ، ثم فتح
ابواب السجون و تكوين عصابات و ميليشيات لارهاب المواطنين و ترويعهم ، لاحداث انفلات أمني و اجبار الشعب
الثائر على التنازل عن الثورة مقابل الأمن و الهدوء و الاستقرار
و في محاولة منهم لاضفاء بعض المصداقية على مسرحيتهم تلك ، كان لزاما اضافة بعض الرتوش اليها ، كان أولها
فتح أبواب تونس في وجه بعض المعارضين اللاجئين في الخارج
لكن نفس تلك الأبواب اغلقت في وجه البعض الآخر ، و منهم على وجه الخصوص الاسلامي " راشد الغنوشي " الذي
ستبقى هذه الأبواب مغلقة في وجهه الى ان يصدر العفو عنه !!!!!!؟
من سيصد هذا العفو ؟؟؟؟ و متــى ؟؟؟؟ الله و محمد الغنوشي أعلم!!!!!!ا
و الآن ، و بعد فرض الوزير الأول " محمد الغنوشي " فرضا ، و تكليفه بتشكيل الحكومة الانتقالية التي سوف تتضمن
قطعا اكبر عدد ممكن من أزلام النظام السابق ، و بعد السماح بدخول المعارضين اللاجئين أو البعض منهم فقط ، ستتدخل
لا محالة أيدي في هذه الثورة المباركة و سيحصل بكل تأكيد انفلات فيها ، فلن تبقى ثورة شعبية عفوية تلقائية
لا شك ان الثورة قامت لاستعادة الثروة ، اذ لا كرامة مع فقر ، و كما ان الثروة تسرق و تنهب ، فكذلك الشأن بالنسبة
للثورة ، فهي ايضا تسرق و تنهب
فأزلام النظام السابق لن يتنازلوا بسهولة عن امتلاك الثروة المنهوبة ، و لكي يملكوا هذه الثروة أو يحافظوا علــــى
امتلاكهم لها لابد لهم من سرقة الثورة ، و سيبدلون قصارى جهدهم حتى لا تعود الثروة لمالكها الحقيقي الشرعي
و الوحيد و هو الشعب التونسي الأبــــي
و كذلك الشأن بالنسبة للطامعين في الثروة من المعارضين ، فلا شك انهم سيتحالفون مع مالكي الثروة ( الأزلام ) ضد
باقي المعارضين ؛ و الضحية سيكون هو الشعب التونسي ان هو تغافل أو تنازل عن ثورته
حقيقة ، لقد قدم الشعب التونسي درسا عظيما لكل الشعوب العربية
و فعلا ، لقد انكسر القيد و لكن لم ينجلي الليل ، الذي نأمل الا يكون طويــلا ، حالـكـا و دامــيــــــــا
عن شخصيات الثقلين
20/01/2011