حيدر محمد الوائلي
القصد من فتح هكذا مواضيع هو التربية والتعليم ولفت الانتباه للسلبيات ليتسنى معالجتها ما دام هنالك فرصة سانحة.
واغتنموا الفرص فأنها تمر مرور السحاب...
وكم ضاعت علينا فرص لا ينفع الندم على ضياعها أبداً... ولكن عزائنا أن هنالك فرصة لإصلاح ما أفسدناه جميعاً بتصرفاتنا حتى ساء زماننا، ورغم ذلك:
نعيب زماننا والعيب فينا... وما لزماننا عيب سوانا
قد أفسد الشعب كثيراً، وأفسد المسئولين والسياسيين ورجال الدين والأحزاب أكثر وأكثر...
أفسدوا أما جهلاً أو بتصرف غير مدروس أو بسكوت أو بتقاعس أو بفساد صريح...
وبمجموعهم وهم جمع كثير، فقد أفسدوا أكثر مما أصلحوا فيه، بل كثير منهم ممن أفسد ولم يصلح شيئاً...
لماذا حينما يؤدي الكثير من الموظفين الحكوميين وخصوصاً في الدوائر الخدمية الواجب المناط بهم إنجازه، والعمل الذي يقبض عليه راتباً ورغم ذلك تحس به أو هو يجعلك تحس بذلك بأنه يمنن بعمله عليك، ومنهم من يتذمر أو يتثاقل أو يتعجرف أو يطرد أو يصرخ بالمراجعين وكأن مكان عمله ملك له ولمعارفه، ولمن يعجبه !!
ملك له ولأهله ولأصدقائه... ولمن لديه واسطة !!
فمن لديه واسطة فستكتمل مراجعته ومعاملته بشكل ناعم كالحرير، ومن ليس لديه واسطة فتمشي معاملته كحركة المشط الصغير كومة صوف كبيرة...
قال من جعله الله قدوة للناس أجمعين فما جعله الناس قدوة بل مجرد شعار لا يقتفى أثره في أخلاقه الحسنة في كثير من الأحيان، ذاك هو الأسوة الحسنة والقدوة الرسول الأكرم محمد (ص) القائل:
(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)...
أي عمل وأي وظيفة فأن الله يحب أن يتم إتقانها وتأديتها على أحسن وجه وسيجلب لك ذلك حب الله، وأكيداً فسيجلب لك حب الناس أيضاً...
عكس من لم يتقن عمله بأي وجه من الوجوه أو أي تقاعس أو تثاقل فستكون دلالة الحديث: (إن الله يكره إذا عمل أحدكم عملا ولم يتقنه)...
وشتان بين الحب والكراهية، فهذي جنة وتلك نار...
أيها القراء الكرام...
نحن ينبغي علينا جميعاً أن نؤسس لثقافة جديدة مثمرة وتخلصنا من الواقع المرير، ونريد أن نتخلص من تلك الثقافة الظالمة الفاسدة التي ترعرعت –رسمياً- في دوائر الدولة.
وكلنا مسئولين عن ذلك... ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مسئُولونَ * مَا لكمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ * قَالُوا بَل لَّمْ تَكونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كانَ لَنَا عَلَيكُم مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كنتُمْ قَومًا طَاغِينَ ) 24-30 الصافات
ليس الفساد بأن تأخذ رشوة أو هدية مقابل أداء عمل أو غض النظر عن الفساد فحسب، بل الفساد أيضاً هو أن يتقاعس الموظف عن أداء وظيفته أو يتثاقل أو يتهرب منها بحجج واهية وكاذبة...
متى نتخلص من فكرة مكرمة فلان ومنحة فلان...!!
متى نتخلص من تراكض الأقدام لدى زيارة مسؤول ووزير أو قيادي، تتراكض له الأقدام تملقاً ومدحاً وتقبيلاً، وينسون هموم الناس ومشاكلهم ولا يفصحون عن الحقيقة...
أليس هو موظفاً ايضاً يؤدي عمله ويتقاضى أجراً عليه...
يجب أن تؤدي عملك على أكمل وجه... إن كنت مسلماً متديناً أو مؤمناً ولم تؤدي عملك ووظيفتك على أكمل وجه، فهو حرام ومنكر وكل حرام ومنكر في النار، ولا خير في صلاة لا تنهى عن حرام ومنكر...
و(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) كما قال الرسول (ص)... وهو خلاف الذوق والأخلاق والتعامل الحضاري المثقف والإنساني بين الناس...
وإن كنت علمانياً أو غير ملتزم دنياً ولم تؤدي عملك ووظيفتك على أكمل وجه فهو خلاف الذوق والأخلاق والتعامل الحضاري المثقف والإنساني بين الناس...
العزة والكرامة أن تؤدي عملك يا موظف كائناً من كنت عامل بلدية.. مدرس.. مهندس.. طبيب.. مدير.. وزير.. رئيس وزراء.. أن تقوموا بعملكم الذين تتقاضون لأجله رواتب خيالية...
اما خيالية لكثرتها أو خيالية لقلتها !! أو التفاوت بينهما، وهذا داء آخر في مؤسسات الدولة أن تشاع هكذا فوارق طبقية، ومميزات اجتماعية...
وأن نلفت لها نظر من ليس لديه نظر...
العزة والكرامة أن تفكروا أنكم موظفين تؤدون عملاً تتشرفون أن تقوموا به، ولا تمنن وتتثاقل وتتكبر وتتشدق وتتعجرف، وتعطل عمل الناس بمزاجك، لأن هذا يشعر المراجعين من الناس بالذلة...
وهيهات منا الذلة...