| نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 21:47 | |
|
باسمه تعالى اللهم صل على محمد و آل محمد خلال هذا الشهر الفضيل ، شهر التوبة و الإنابة الى الحق ، دأبت بعض القنوات الفضائية على بث مسلسل ( الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ ) الذي سعى منتجوه لبييض وجوه بعض المجرمين الذين سعوا في تحريف الإسلامي المحمدي الأصيل على حساب أهل البيت عليهم السلام ، و لهذا رأينا أن ننقل للقارئ الكريم نقد الشيخ حسن بن فرحان المالكي حفظه الله لهذا المسلسل
عدل سابقا من قبل ABOAYA في الخميس 25 أغسطس 2011, 01:43 عدل 1 مرات | |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 21:48 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين - الحلقة (1) عندما يتحدث مسلسل تاريخي عن (آدم وإبليس) فإن المصيبة به ليس في تصوير آدم وتجسيده، فتجسيد الأنبياء والصالحين في صور محترمة ومعقولة مما لا بأس به إن شاء الله، بشرط أن يكون الهدف نبيلاً، من نقل معرفة أو دعوة لهدى.. كما قد لا ننزعج كثيراً من حرية الرأي لكاتب النص والمقرين له لو أنه اعتذروا عن إبليس في امتناعه عن السجود لآدم، بأنه أنما (اجتهد) فرأى أنه لا يجوز السجود إلا لله عز وجل، وأن إبليس بهذا الفعل موحد لا كافر ولا مستكبر، وأنه لو كان مستكبراً لما عبد الله ستة آلاف سنة ولما وصل إلى مرتبة الملائكة، وإنما قضيته التوحيد وصحة العقيدة وإن أخطأ! وأن الله قد أنظره وسيغفر له، قد لا نعاتب كاتب النص إذا فعل كل هذا محتجاً بما فهمه من عموم آيات كقوله تعالى : (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [الكهف]، و قوله ( وما كان الله ليضيع أيمانكم)، وأن كاتب النص والمقرون له رأوا أن هذه الآيات العامة كافية في الاعتذار عن إبليس وردوا بها الآيات الخاصة المصرحة بكفره وكبره وعظيم جرمه.. وقد لا تكون المشكلة الكبرى في ذلك المسلسل أنه اعتذر لإبليس بأنه (اجتهد) في الوسوسة لآدم، لأنه يعلم الإرادة الإلهية باستخلاف آدم في الأرض لا في الجنة، وأنه قد سمع الله عندما قال ( إني جاعل في الأرض خليفة) فأراد إبليس التخفيف عن الله حتى لا ينقض وعده لآدم بالسكن في الجنة والأكل منها رغداً، والبقاء فيها إن لم يأكل من الشجرة، فأجتهد إبليس وأراد رفع هذا الحرج عن الله فوسوس لإبليس مجتهداً ليتم لله ما أراده،.. كل هذا قد نتسامح فيه ونقول : هذه وجهة نظر كاتب النص والمقرين له من العلماء الأفاضل والدعاة البلابل! والشركة المنتجة والسياسة الداعمة ..الخ. لكن الذي لا يمكن السكوت عليه هو عندما يجعلون آدم هو المستكبر الموسوس .. وأن إبليس هو الوعود بخلافة الأرض! وثم يتجرؤون بتحريف الآيات فتصبح على النحو التالي : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِإبليس فَسَجَدُوا إِلَّا آدم أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا إبليس اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا آدم عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى إبليس مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) ثم ينسبون هذه الآيات إلى [البقرة : 34 - 37].. هنا نتوقف!! ولا نستطيع أن نقر حرية الرأي لفحش التحريف وقلب الحقائق وتزييف الوعي، كما لا نستطيع تبرير المواجهة المذهبية ولا الدسائس الخفية ولا تلك المزاعم الاستراتيجية التي تتحدث عن ( المواجهة) مع أناس يغلون في آدم ويجعلونه رباً، وأنهم قد أدخلوا البشر في صراع أبدي بين أتباع إبليس وأتباع آدم، وأنه آن الآن ليعيش الناس متصالحين متسامحين يعرف بعضهم لبعض حق الحياة والعيش المشترك، فالإنسان المقلد لإبليس هو كالإنسان المحب لآدم، يجب أن يتصالح الجميع وأن يعرف أتباعهم أنه لم يكن بينهما خلاف أصلاً، وإن إبليس وإن كان قد أبى واستكبر لكن الله غفور رحيم، وربهم رب كريم رحيم، وما شأننا بهم، فلن يسألنا الله لا عن حسنات إبليس ولا عن سيئات آدم...الخ. هذه الخلطة العجيبة هنا لا يمكن السكوت عنه أبداًا، لأنها تمادت في تزييف الوعي وقلب الحقائق رأساً على عقب، وليس مجرد مصالحة بين أصحاب آدم وأصحاب إبليس.. قد يقول كاتب النص وعلماؤه الأفاضل ودعاته البلابل: نحن لم نصل إلى ما تزعمه هنا من تحويل إبليس إلى آدم، وآدم إلى إبليس؟ نقول: فيه هذا وهذا، نعني فيه المصالحة وقلب الحقائق معاً، وإن كان معظم المسلسل ليس فيه هذا الأمر صريحاً لكنه مبني عليه، فهذا الأساس من قلب إبليس إلى آدم والعكس وُجد للأسف، ومن الحلقة الأولى! وسنشير إلى بعض ذلك بعد قليل، وهذا التحويل لإبليس إلى آدم هو سبب كتابة هذا النقد ولو كان الأمر مجرد مصالحة بين آدم وإبليس لتجاوزنا الأمر، لأن معظم المسلسلات التاريخية تصب في هذه المصالحة بحثاً عن تحقيق هدف وهمي لا يدرك سنة الله في خلقه، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ). نعم الأبالسة ليسوا مجانين: لا يتصور أحد أننا نريد أن تظهر المسلسلات بهذا النمط المصري القديم، من جعل الصحابة ملائكة طيارين، وجعل الكفار أصحاب عاهات عقلية، كلا.. نحن مع عرض النفس الإنسانية وما تحتويه من تناقضات، سواء كانت لمسلم أو غير مسلم، بل نحن مع أعذار بعض الكفار البعيدين عن موطن الرسالة ( مكة والمدينة) بأن الصورة قد تصلهم مشوهة، ونحن مع إدانة الفاضل في بعض التصرفات والذنوب، وليس عندنا معصوم لا نظرية ولا واقعاً، فلا يظن القاريء أن نقدي للمسلسل منطلق من تعصب أعمى أو مذهب متبوع، والتعصب للحقيقة فقط هي المطلوبة، وقد اساء لنا – كأهل سنة- هذا المسلسل عندما حشرنا في تزكية الظالمين كمروان وأبيه ومعاوية وابنه! مع أن المذهب السني غني جداً بذم الظالمين بالتعميم والتخصيص، بدءاً من كتب الحديث إلى كتب التراجم والأنساب مروراً بكتب التاريخ المعروفة بشرط الأخذ بما اجتمع عليه المؤرخون وليس بما وضعه بعض الكذابين كسيف بن عمر التميمي الذي اقتصر عليه المسلسل كمصدر وحيد! وأهمل الكتب الستة بل والصحيحين، وسأنقل لكم بعض ما أهمله المسلسل من الصحيحين، والذي يصلح لأن يكون أساساً في تفسير الفتنة الكبرى ومقتل عثمان، وليس ما وضعه سيف بن عمر ونقله ابن العربي صاحب العواصم وعلق به محب الدين الخطيب، فهؤلاء الثلاثة هم الذين قام على أكتافهم المصالحة بين إبليس وآدم، ثم قلب إبليس في لحظة إلى آدم أو جبريل، .. وهذا سنتوسع فيه أثناء الحلقات الثلاثين التي سنكتبها خلال شهر رمضان المبارك تعقباً لهذا التزييف للوعي الذي ظهر وسيظهر في مسلسل ( الحسن والحسين ومعاوية). ولابد من مقدمات سريعة : الصراع أبدي بين الحق والباطل، ولا تصالح بينهما: الصلح الذي يبشر به المسلسل بين الخير والشر، أو العدل والظلم، مازال يبشر به الأبالسة والمغفلون مع بدء البشرية إلى الآن، ولو أن تلك الجهود في المصالحة بين الحق والباطل تم توجيهها لمعرفة الحق حقاً والباطل باطلاً؛ لكان أعظم في الفائدة وأوفر في الثواب وأقصد المسالك إلى النهج المطلوب، لأن ذلك الصلح الخرافة ينقض الأساس الذي من أجله خلق الله الخلق، فلو أن الاجتماع كان هدفاً قبل أن يكون الحق هدفاً لما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب، فقد كان الناس متفقين على الشرك والجهالة، وكان بعث الأنبياء سبباً في النزاع بين الحق والباطل، بين العلم والجهل، بين الإنسانية والحيوانية: اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) [البقرة ). فقد كان الناس أمة واحدة، مغتبطين بالظلم والجهل، فلماذا لم يتركهم الله على هذا الاغتباط والوهم المريح؟ الجواب واضح: لأن الاجتماع على الجهل أسوأ بكثير من الافتراق في الحق والباطل، وتأملوا الآية الثانية فإنها تعطينا السر بأن الغاية من هذه الدنيا الابتلاء وليس العيش الأبدي؟ فكيف نبحث عن صلح أبدي مزيف في ومضة من الحياة؟ هذا جواب للمتدينين.. أما غير المتدينين: فيقال لهم إنكم لا ترضون بتزييف الحقائق كما يرضى بها المتدينون، ولا تقدسون أحداً من الصالحين ولا من الظالمين، ولكنكم تتفقون معنا على أن نقل الصدق أولى من تشييد الكذب، ومن هذا الباب يجب أن نلتقي جميعاً على وضع معايير تقربنا من الحقيقة، وأن يتم تطبيق هذه المعايير دون خضوع لسياسيات غامضة أو مصالح تجارية أو تصفية خصومات مذهبية، وأنه لا يجوز لنا أن نستسلم لمن أراد تزييف وعينا وتشكيل عقولنا، وأن السلطة التي كنا نشكو من أثرها على الدين والتراث قد عادت كهيئتها الأولى لمواصلة تزييف الوعي ووضع تراث جديد لتزييف البقية الباقية من تاريخنا، أظن الأحرار يرفضون الخضوع لهذه الشركات الإنتاجية الربحية والمؤلفين المسترزقين والإعلاميين المتزلفين والعلماء الحمقى – وكلامي هنا عام من حيث المبدأ لا أقصد مسسلسلاً بعينه- وإنما من حيث المبدأ يجب أن نتفق على أن تكون الحقيقة التاريخية هي الأصل والهدف.. ثم نستطيع تقسيم هذه الحقائق .. إلى حقائق مجمع عليها ( كتلك الحقائق الكبرى التي بلغت رواياتها العشرات وأحياناً المئات، فحادثة يروى في إثباتها عشرات الروايات لا يجوز طمسها لرواية مضادة وضعها متهم بالكذب والزندقة كسيف بن عمر التميمي).. ثم يأتي دون ذلك حقائق راجحة حفتها القرائن ( كأن يروى فيها روايات لم تبلغ حد التواتر،كالثلاث والأربع مع صلة الإسناد وقوة الرجال ووفرة القرائن).. فهذه قد تلامس اليقين وقد تبقى في دائرة الراجح.. وأحداث ثالثة تبقى محطة ظن وترجيح... ويتم التسامح في المرجوح أيضاً.. أما الكذب والباطل والمضادة للمتواتر والمعاندة للصحيح المحفوف بالقرائن فهذا هو ما ننكره هنا وندعو كل العقلاء ألا يقدموا عقولهم أكلة باردة لمن يتاجر بها ويتأكل بها، بعد أن تاجر بالحقائق والمعلومات والتاريخ كله..! هذه نصيحة فمن شاء فليقبلها ومن شاء فليرفضها.. نقد الحلقة الأولى من مسلسل الحسن والحسين ومعاوية: كنت قد اعتذرت عن المسلسل مقدماً في قناة الكوثر الفضائية يوم الأحد ( قبل يوم واحد من شهر رمضان) قبل أن أرى الحلقة الأولى، وقلت بوجوب تشجيع مثل هذه المسلسلات التاريخية لدورها الكبير في تشكيل الوعي العام.. وأن الملحوظات التي تصاحب أي عمل تاريخي لا تقاس بالفائدة التي يجلبها من نشر الوعي بالتاريخ والقضاء على تلك النظرية الباطلة التي تدعو للإمساك عما شجر بين الجيل الأول من خلاف وقتال ..الخ إلا إنني بعد أن رأيت الحلقة الأولى ( أو الجزء الأكبر منها) رأيت الهدف السياسي والتجاري والمذهبي هو الطاغي على المسلسل، وأن المعلومة هي الهدف المغيب، كما أن الوعي هو المستهدف الأول، وهنا كان لا بد من تصحيح وكلمة حق نرجو بها أن نصوب بعض هذا التزييف القوي الهائل الذي لا تقوى عليه عقول العامة ولا يكتشفه إلا الندرة من أهل الوعي، ولقلة الوعي قد يعتمد المسلسل ومؤلفوه ومقرضوه على الرضا العام من المشاهدين! ويكررون بأن المسلسل حصل على إعجاب الناس ..الخ، قد يقولون هذا وأترك للقاريء تقييم هذا النوع من الدعاية ومدى معياريتها ( علمياً).. ثم انطلق للملحوظات.. وقد قسمت الملحوظات إلى قسمين: الملحوظات الشكلية والفنية: ( يتبع)
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 21:49 | |
| أما الملحوظات الشكلية والفنية : 1- أظهر المسلسل عمرو بن العاص في الستين من العمر! بينما كان أيام فتنة عثمان قد ذرف على الثمانين على الأقل، فهو أسن من عمر بن الخطاب، بل يذكر مولد عمر بن الخطاب، وإذا كان عمر بن الخطاب قد عمّر (63) سنة ، ومقتل عثمان كان بعد (12) سنة، فلا أقل من أن يكون سن عمرو بن العاص أيام مقتل عثمان (85) عاماً.. 2- في المسلسل كثرة مناداة أصحاب الأشتر له بهذا اللقب، ( يا أشتر، يا اشتر)! ولم يكونوا يخاطبونه في وجهه بهذا اللقب لأنه لم يكن يستحسنه، ولم يكن اسمه، وإنما لقب لزمه لأنه فقد إحدى عينيه يوم اليرموك ( وكان بطل اليرموك مع خالد بن الوليد)، فلم يكن الناس ليعيروه بلقب، لا سيما وأنه فقده لعينه كان في سبيل الله، نعم الأشتر فيما بعد عرف بهذا القلب، وقد اضطر الأشتر إلى هذا قبول هذا اللقب اضطراراً مرة واحدة يوم صفين، عندما نادى ( أنا الأشتر أنا الأشتر..) بعد أن رأى أن الناس للقبه أعرف منه باسمه، فعل هذا ليحمل المنهزمين على العودة، ونجح ثم حمل بهم وصدق الحملة فكانت هزيمة أهل الشام)، وإنما كان الناس ينادونه باسمه ( مالك) فاسمه مالك بن الحارث وهو زعيم قبيلة مذحج الكهلانية، وكان باستطاعة كاتب المسلسل أن يذكر هذا اللقب بعيداً عن مجالس الأشتر نفسه، في المحاروات التي تجري خارج مجلسه، ليكون أقرب إلى حقيقة الحال. 3- يظهر المسلسل كتابة ( معسكر البغاة).. وهذا اللقب إنما اختص به أهل الشام، لحديث عمار تقتله الفئة الباغية ( وسنرى عندما تأتي حرب صفين هل يسمون معسكر معاوية معسكر البغاة أم لا؟)! وكان الأولى أن يطلق على هؤلاء الثوار على عثمان ( معسكر الثوار) فهذا الاسم هو الأقرب لواقعهم وفيه دليل على الحياد لا سيما وأن رؤوسهم صحابة كما سيأتي. 4- لم يظهر المسلسل في حلقته الأولى الصحابة الذين قادوا الثورة على عثمان! فلم أر عبد الرحمن بن عديس البلوي ولا عمرو بن الحمق الخزاعي ولا عبد الله بن بديل ولا عمار بن ياسر ولا أبي ايوب الأنصاري ولا عامر بن البكير ..الخ . 5- أظهر المسلسل جماعة من الصحابة (الثوار) وكأنهم في (صف عثمان) مثل طلحة بن عبيد الله وعائشة رضي الله عنهما، وكذا محمد بن أبي بكر وعمرو بن العاص أيضاً! وهذا من أعجب العجب! فطلحة بن عبيد الله مثلاً – ولن أفصل في غيره- كان مرجع ثوار المصريين، وكانوا يأتمرون بأمره وكان هو شخصياً من المحاصرين وهو الآمر بمنع الماء عن عثمان)، والملحوظة هنا فنية أكثر منها علمية لأنها خارجة عن مسألة تقييم الدور، إذ أن المسلسل عمل معجزة حتى جعل طلحة من أنصار عثمان! مع أن النواصب أنفسهم كالذهبي اعترف في ترجمة طلحة في سير أعلام النبلاء بأنه ( صدر من طلحة تأليب على عثمان)، وذلك بعد أن روى اعتراف طلحة نفسه وبسند صحيح كما في (سير أعلام النبلاء - (1 / 34) يحيى بن معين: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن مصعب، أخبرني موسى بن عقبة، سمعت علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة للطلب بدم عثمان، عرجوا عن منصرفهم بذات عرق، فاستصغروا عروة بن الزبير، وأبا بكر بن عبد الرحمن فردوهما، قال: ورأيت طلحة، وأحب المجالس إليه أخلاها، وهو ضارب بلحيته على زوره، فقلت: يا أبا محمد ! إني أراك وأحب المجالس إليك أخلاها، إن كنت تكره هذا الامر، فدعه، فقال: يا علقمة ! لا تلمني، كنا أمس يدا واحدة على من سوانا، فأصبحنا اليوم جبلين من حديد، يزحف أحدنا إلى صاحبه، ولكنه كان مني شئ في أمر عثمان، مما لا أرى كفارته إلا سفك دمي، وطلب دمه) فقال الذهبي معلقاً : الذي كان منه في حق عثمان تمغفل وتأليب، فعله باجتهاد، ثم تغير عند ما شاهد مصرع عثمان...الخ، وقول الذهبي مخفف جداً.. بل هو قائد محلي من قواد الثورة، اعني بمحليته ليس من الأمصار وإنما القائد المحلي المدني لثلث الثوار على الأقل واستولى على بيت المال ورمى بالنشاب بيت عثمان! ولو أن المسلسل عزل دور طلحة لكان أفضل من هذه (العطفة القوية)! التي لا يبلعها تاريخ الطبري ولا أنساب البلاذري ولا طبقات ابن سعد ولا تاريخ خليفة ولا المؤرخون والإخباريون والمحدثون والشيعة والنواصب.. كل هؤلاء يعرفون أن طلحة رضي الله عنه وسامحه كان من أكبر الثوار على عثمان إلا أنه لم يقدم من مصر من الأمصار وإنما كان المحرض والمؤلب الأقوى في المدينة، ولو اضطروا لذكر هذه المعلومة لاضطروا أن يفسروا لنا كيف وصل الأمر إلى هذا الحد ولأمكننا عندئذ أن نستفيد، لأن المعلومة الصحيحة وإن كان مرة المطعم لكنها حسنة المعتبر. 6- أظهر المسلسل مروان بن الحكم بهذا الشكل البهي الممتليء! مع أنه معروف في التاريخ بأنه كان طويلاً ضعيفاً يطلق عليه ( خيط باطل)! قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء - (3 / 477): ( كان مروان... أحمر الوجه، قصيرا، أوقص، دقيق العنق، كبير الرأس واللحية، يلقب: خيط باطل)! فأين هذه الصورة العجيبة من تلك الصورة المزينة في المسلسل؟ كما أظهر المسلسل مروان بهذه البراءة مع أنه على رأسه جرت فتنة عثمان وهو قاتل طلحة، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء - (3 / 477) وكان كاتب ابن عمه عثمان، وإليه الخاتم، فخانه، وأجلبوا بسببه على عثمان، ثم نجا هو، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، فقتل طلحة يوم الجمل، ونجا - لانجي - ثم ولي المدينة غير مرة لمعاوية،وكان أبوه قد طرده النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، ثم أقدمه عثمان إلى المدينة لأنه عمه..) هذا كلام الذهبي المتهم بالنصب من بعض العلماء والباحثين فأين وصل النصب اليوم؟ ومن أراد أن أتوسع في مسألة مما يستنكره هنا فليخبرني، وإنما أنقل من الذهبي لأنه أعقل القوم، وإلا فلي بحث في الذهبي بعد قراءة كل كتبه ثبت لي فيها أنه ينطوي على نصب بلا شك، لكنه رجل عاقل ذو علم واعتدال في الجملة، وليس نصبه كنصب ابن تيمية أو محب الدين الخطيب أو الصلابي أو سليمان العودة أو غيرهم من متقدمين ومتأخرين، وليس نصبه كنصب التجار وأصحاب الأجندات التي تستهدف غسل الأدمغة والقلوب بالمحروقات. 7- كذلك رأيت من العرض صورة معاوية بهذا الشكل الجميل ماشاء الله العظيم ( رشيد عساف)! مع أن معاوية كان يضع بطنه على فخذيه عند الأكل، كبير العجيزة، ضخم الجثة، تنقلب شفته العليا مع أدنى ابتسامة! فأين هذه الصورة من صورة رشيد عساف! ذلك الفارس الضامر! أرى أنهم يعرفون صفة معاوية وأنهم لم يختاروا رشيد عساف للقيام بدور معاوية إلا لتجميل صورة معاوية لما للمثل القدير رشيد عساف من شهرة وشعبية بين الناس، وهذا التزيين لمعاوية برشيد عساف في صورته وحيويته وفروسيته وضموره! يشبه ما يفعله الشيطان للمراهقين من تزيين معصية الزنا! فيقدّم الشيطان الزنا وغيره من المعاصي في صورة جميلة رائعة تذهل الشاب عن تذكر إثم المعصية، والشيطان لأنه ضعيف الحجة فهو يعتمد على الزيين والمشاركة لأهل التجارات خاصة! (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) [الإسراء]، وكأن الشيطان فعل مع أهل المسلسل فعله مع كفار بدر في التزيين الذي نقلوه لنا عبر رشيد عساف: ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ)! [الأنفال)، فمعهم الكثرة والمال والقرضاوي والصلابي وجمهرة واسعة من مزيفي الوعي والنائمين في الأوهام المريحة! – هذا إن أحسنا الظن- والضحية فقط هو الوعي والمعرفة والحقائق التاريخية التي تنعش الوعي الحق وتخرجنا من هذه الصحوة النائمة! بأحلامها السعيدة! 8- أظهر المسلسل بجرأة كبيرة نقل روايات تبرئة عثمان على لسان الحسن والحسين! مثل حمي الحمى ونحو ذلك، وهذه لم ترد في رواية قط! نعم هذه الرواية وردت على ألسنة آخرين، لكن تعمد المسلسل نقلها على لسان الحسن والحسين فيها تزييف واضح، كان يمكنه نقلها على لسان أحد حاشية عثمان كمروان بن الحكم وخالد بن عقبة والمغيرة بن الأخنس وأمثالهم، أما دور الحسن والحسن فهو فرع من دور أبيهما الإمام علي في محاولة رأب الصدع والضغط على الفريقين ( على عثمان ليرفع المظالم وعلى الثوار ليصبروا ويتجنبوا الدماء ومنعهم من قطع المادة عن عثمان وحاشيته وأهل بيته، وسنفصل في هذا الدور الوسطي في حلقات قادمة).. وسنتتبع الملحوظات الفنية في حلقات قادمة وهي كثيرة جداً.. ولكننا فضلنا أن نتاول في كل حلقة مجموعة منها حتى نوزع المادة في المقال الواحد بين الفنية والعلمية.. الملحوظات العلمية: ألخص الملحوظات بقوله تعالى عن بني إسرائيل (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ؟[آل عمران].. المسلسل مبني على لبس الحق بالباطل بل تجاوزه في بعض مفاصله إلى قلب الحق باطلاً والباطل حقاً.. كما سبق في بعض الملحوظات الفنية فقد تضمنت ملحوظات علمية أيضاً. ولكني هنا ألخص بعض الملحوظات العلمية على الحلقة الأولى فقط دون توسع لأن التوسع في ملحوظة واحدة يعني كتابة بحث كامل.. وكل مسائل فتنة عثمان عندي فيها أبحاث مكتملة لكني لا أرضى أن أزعج القاريء الكريم بالتطويل وكثرة الإحالات والتصحيحات والهوامش.. ومن أبرز الملحوظات العلمية: 1- المسلسل واضح في اعتماده على مصدر واحد تقريباً .. لا تستغربوا هذا الكلام فإن بقية المصادر التي يتوهما كاتب النص إنما تنقل عن ذلك المصدر، وهو سيف بن عمر التميمي ( نعم هناك إضافات يسيرة من اخترعات ابن العربي المالكي صاحب العواصم من القواصم - وهو أنجيل السلفية المعاصرة-) وربما زاد بعض قراء النص بعض الاستمزاجات والاقتراحات ليتم تحويلها إلى تاريخ! 2- ذكر المسلسل الدور الرئيس المزعوم لعبد الله بن سبأ..! وهذه إحدى أكاذيب سيف بن عمر التميمي، التي تفرد بها عن مئات المؤرخين والنسابين .. وقد أعطيت قبل عشر سنوات تحدياً للدكتور سليمان العودة قبل أكثر من خمسة عشر عاماً أن يأتي برواية واحدة ولو من طريق ضعيف تذكر دوراً – أي دور- لابن سبأ في فتنة عثمان، وأمهلته عشر سنوات فمضت ولن يجد لو أمهلته مئة سنة، إلا رواية مخترع ابن سبأ وهو سيف بن عمر التميمي، واخترعه لهدف مذهبي وعنصري معروف ليس هنا مجال بيان ذلك، 3- زعموا – أثناء سردهم الدفاع عن عثمان- أن رده للحكم بن أبي العاص كذبة! وعجتهم العظيمة في ذلك أن الحكم بن أبي العاص كان موطنه بمكة لا المدينة! وكأن هؤلاء الطلقاء كالحكم وأبي سفيان لم ينتقلوا إلى المدينة بعد فتح مكة؟ وعلى هذا كيف يدعون أن النبي (ص) استكتب معاوية؟ أليس موطن معاوية بمكة أيضاً؟ وكذا أبوه أبو سفيان وحكيم بن حزام والحكم بن أبي العاص وأبناء أبي لهب ..الخ كل هؤلاء مواطنهم بمكة لكنهم انتقلوا إلى المدينة ولم يبق في مكة من الطلقاء إلا قليل كسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل.. أما لعن النبي (ص) للحكم ونفيه إلى الطائف فمما لا يختلف فيه باحثان ولا قارئان والأسانيد في ذلك صحيحة ويمكن مراجعة ترجمته في كتب التراجم الصحابة كالإصابة لابن حجر والاستيعاب لابن عبد البر وأسد الغابة لابن الأثير وسير أعلام النبلاء للذهبي وغيرها .. فتمسك المسلسل بكذب سيف بن عمر أو اقتراح ابن العربي أو تزييفات الصلابي أو أجندات القرضاوي لن يفيد التاريخ ولا استجلاب العبر والدروس منه.. بل إن كتب الحديث ومنها مسند أحمد قد رووا هذا اللعن والنفي بسند على شرط الشيخين، اما مسألة بغض ما صدر عن النبي (ص) فهذا شيء آخر.. إنما كلامي هنا مع المؤمنين بالرسالة فقط. أما من لا يؤمن بمنهج أهل الحديث وأسانيدهم وجرحهم وتعديلهم فالحوار معهم له معايير أخرى، ولعلهم أعقل وأطلب للإنصاف. 4- إظهار الثوار على عثمان غوغائيين وسبئية ( وهي نظرة سيف بن عمر فقط) والثوار فيهم أجلة الصحابة من المهاجرين والأنصار، ومن جلة التابعين ولو استعرضت أسماءهم لطال المقام، نعم فيهم غوغاء وأعراب ومنافقون كما كان في جيش النبي (ص) أعراب ومنافقون، إلا أن عظم ذلك الجيش الثائر مع أهل المدينة كانوا يرون عزل عثمان رضي الله عنه بعد أن شاخ وعجز عن تدبير أمور الدولة وإيقاف الحاشية وولاة السوء عن ظلم الناس وانتهاك حقوقهم، فالثورة إسلامية صرفة، إلا أنها تشوهت بسبب مقتل عثمان، ولو أن الصحابة استطاعوا اختراع نظام يعزل الخليفة إذا عجز، وولوا آخر منهم لكانت هذه إضافة جميلة ومفيدة للنظام السياسي عند المسلمين، وقد رأينا في عصرنا هذا كيف أنه إن فقد أغلبية الناس الثقة في الحاكم فلا يرقعها شيء، إلا باستقالة الحاكم، ولكن المسلسل لم يستفد من الثورات العربية المعاصرة في فهم ما جرى في فتنة عثمان ( ولعلي في حلقة قادمة أستعرض أبرز الثوار على عثمان من الصحابة وجلة التابعين ممن لا يستطيع عاقل ذو علم أن يشكك في صلاحهم ولا نصيحتهم، وإثبات أن هؤلاء ليسوا ألعوبة بيد عبد الله بن سبأ كما يزعم سيف ومن أخذ عنه ومن أخذ عن الآخذ!). 5- نسبة الخلاف بين محمد بن أبي بكر والبعث الذي كان معه! وأنهم يكفرون عثمان وهو يرد عليهم، وهم يهددون باحتلال المدينة وهو يرد عليهم! وهذا لم يحدث.. نعم اختلفوا في مشاركته في دم عثمان إلا أنه لم يكن أقلهم حماساً، كان كسائر المهاجرين والأنصار في إنكارهم على عثمان، نعم كان مع عثمان أربعة أو خمسة ليس فيهم بدري وهم ابن عمر وأبو هريرة وعبد الله بن سلام وزيد بن ثابت.. وقد يزيد بعضهم ثلاثة أو اربعة.. لن يستطيع الزيادة، أما المهاجرون والأنصار الذي كانوا مع عزل عثمان ومع المعارضة بشكل عام، فكانوا كباراً من أهل بدر وأمثالهم كطلحة والزبير وعمار بن ياسر وأبو ايوب الأنصاري وخزيمة بن ثابت وعمرو بن الحمق الخزاعي ( بدري في قول وهو من المباشرين في قتل عثمان)، وعائشة وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وأبو ذر الغفاري وعبد الرحمن بن عوف وجبلة بن عمرو الساعدي والحججاج بن عمرو بن غزية الأنصاري وعامر بن البكير الأنصاري واسلم بن أوس بن بجرة الأنصاري ورفاعة بن رافع الأنصاري وقيس بن سعد الأنصاري وغيرهم كثير من اهل بدر وطبقتهم، والواحد من هؤلاء أفضل من أنصار عثمان وحاشيته، فأول الزيف – وهو زيف شائع- أن الثوار كانوا مجموعة من الغوغاء، وأن الصحابة كلهم مع عثمان! ثم لا يفسرون لنا لماذا تمكن هؤلاء الغوغاء من التغلب على شجاعة الصحابة والسيطرة على المدينة وإخضاع الصحابة لطاعتهم؟.. هذا كلام من لم يقرأ تاريخاً ولا يعرف ترتيب المصادر ولا يعتمد على تحقيق ولا يريد مجابهة الحقائق كما هي.. هذه ملحوظات منتقاة على الحلقة الأولى من مسلسل الحسن والحسين.. والملحوظات كثيرة جداً، ولا يسعني الإطالة أكثر.
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 21:52 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين(2) - موقف عائشة
لا استطيع أن أحيط بأوهام أو أخطاء المسلسل لأنها الأصل.. فالمسلسل يعتمد الخيال أو ما يسمونه ( الفنتازيا) فيما يظهر . لأن العامة يحبون ذلك.. لكن سنركز على موضوعات فقط مثل: 1- مواقف الصحابة في فتنة عثمان. 2- قضية عبد الله بن سبأ ومدى صدقها؟ 3- من هم رؤوس الثوار على عثمان؟
وهكذا... ثم في القضية الأولى ( الصحابة وعثمان) يجب تفصيلها في أبحاث مفردة مثل: كبار الصحابة وعثمان كبار التابعين وعثمان ثم نفصل كلار الصحابة إلى أبحاث مفردة مثل: 1- علي وعثمان 2- عبد الرحمن بن عوف وعثمان 3- طلحة وعثمان 4- الزبير وعثمان 5- عائشة وعثمان ( وسنستعرض موقفها من عثمان كنموذج فقط في هذه الحلقة) 6- عمار وعثمان 7- أبو ذر وعثمان 8- عبد الله بن مسعود وعثمان 9- عبادة بن الصامت وعثمان 10- ...الخ وهذا ما يسمى الاستقراء.. إذ أننا نستطيع بعد استعراضمواقف الصحابة من عثمان، ثم مواقف التابعين من عثمان .. لنخرج بنتيجة استقرائية تقول مثلاً: أن 20% من أهل بدر ممن أدرك الفتنة كانوا ضد عثمان مثلاً وأن 70% لم يتحدد موقفهم أو كانوا محايدين.. وإن 1% كانوا مع عثمان..
وأما أهل الرضوان فقد كان 70% ضد عثمان و10% مع عثمان والباقي لم يتحدد.. او محايد.. لنخرج بنتيجة تبين لنا من هم الذين كانوا مع عثمان ومن هم الذين كانوا ضده ومن هم المحايدون؟ وما منزلة هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء... ما اسباب اتخاذ كل فريق موقفه الذي اتخذه..
هذا هو البحث العلمي المنصف القائم على استقراء دقيق.. وليس تلك التعميميات الجاهلة التي يطلقها الناس يميناً أو شمالاً.. والاستقراء المنتج للمعرفة ممكن جداً.. خاصة وأن المادة كبيرة جداً بحيث تستطيع أن تصنف كتاباً في موقف كل شخصية من عثمان.. وقد بدأت شخصياً في هذه الأبحاث وهالني أن يكون اغلبية الصحابة الكبار ضد عثمان على عكس ما قرأناه في مناهج التعليم..( وقد نقدم بعض هذه الأبحاث لتعلقها بالمسلسل وبالوعي العام)
لكن كأن الناس لا يريدون الحقيقة ولا يحبونها إنهم يحبون الأوهام المريحة.. وكل شعب يبحث عن الرائحة دائماً سيكون مستهلكاً للمعرفة والحضارة كما يستهلك الآلة.. ثم بعد ذلك نتساءل عن أسباب تخلف المسلمين وضعفهم الحضاري؟
1- رواية كليب الجرمي ( صححها ابن حجر)
روى ابن أبي شيبة شيخ مسلم في كتابه المصنف (15/248) حدثنا أبو أسامة حدثني العلاء بن المنهال حدثنا عاصم بن كليب الجرمي قال حدثني أبي وهو معاصر لهم- وذكر ابنه أن رؤيا والده تأتي كفلق الصبح- فذكر له رؤيا في الفتنة ومنها (فرأى رجلاً مريضاً وكأن قوماً يتنازعون عنده...وكانت إمرأة عليها ثياب خضر جالسة كأنها لو تشاء أصلحت بينهم ...) ثم جاء في الرواية أن كليباً هذا قدم البصرة أيام الجمل وأول رؤياه في هذه المرأة على عائشة (لأنه رأى رجلاً يشبهها فأخبروه أن هذا محمد بن أبي بكر!) وقد صحح الرواية ابن حجر في الفتح (13/57). وفي الرواية ما يفيد أن عائشة كانت تستطيع أن تصلح بينهم لكنها لم تفعل والسبب أنها كانت رأس فريق وعثمان رأس فريق آخر، بل إن أول قتال بين المسلمين حدث بين أصحاب عثمان واصحاب عائشة .. كما سيأتي: 2- رواية أبي حفص في ( تعريض علي بعائشة في قتل عثمان). ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 716): حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا أسماعيل بن أبي خالد عن أبي الضحى عن أبي حفص قال : سمع علي يوم الجمل صوتا تلقاء أم المؤمنين فقال : انظروا ما يقولون؟ فرجعوا فقالوا : يهتفون بقتلة عثمان! فقال : اللهم احلل بقتلة عثمان خزيا اهـ. قلت: يقصد أن هؤلاء الهاتفين هم من القتلة ولو بالأمر والتحريض ( وهذا يعني اتهام الرؤوس كعائشة وطلحة..).. 3- رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي ( وهم يصححونها) ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 472): قال إسحاق ( يعني ابن راهويه) : أخبرنا المعتمر بن سليمان ، وسمعت أبي يقول : ثنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد : « أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة - أرى ذلك بمكة - فمر بهم عثمان قال أبو سعيد : فما بقي من القوم أحد إلا لعنه أو سبه غيري ، وكان فيمن لعنه أو سبه رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أشد منه على غيره! فقال : يا كوفي ، أسببتني ؟ كأنه يهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : يعني الكوفي : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة! قال : طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا، قال : لأحرمنك عطاءك فقال طلحة : يا كوفي ، إن الله يرزقك » والرواية في مصنف ابن أبي شيبة: ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 685) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وأرى ذلك بمكة ، قال أبو سعيد : فما بقي أحد منهم إلا بعثه أو سبه غيري ، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أجرا منه على غيره ، فقال : يا كوفي ، أتسبني ؟ أقدم المدينة ، كأنه يتهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان ، فقال عثمان : والله لاجلدنك مائة ، قال : فقال طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا ، قال لاحرمنك عطاءك ، قال : فقال طلحة : إن الله سيرزقه. مقطع آخر من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد: ( شاهد لقصة إخراج الشعر والثياب): قال الحافظ: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 474) وبهذا الإسناد- وأشار إلى صحته- قال : « كان بين عثمان وعائشة بعض الأمر فتناول كل واحد صاحبه ، فذهبت عائشة تتكلم فكبر عثمان وكبر معه الناس ، ففعل ذلك بها مرتين لكيلا يسمع كلامها ، فلما رأت ذلك سكتت »!
ويحسن أن نذكر فوائد هذه الرواية لأهميتها، ففيها:
1- طلحة يمنع عثمان من معاقبة كوفياً سبه عند فسطاط عائشة 2- فسطاط عائشة كأنه في المسجد النبوي أو بجواره لتحشيد المعارضة واللقاءات معهم، وهي تخاطبهم من الحجرة، فإن بيت عائشة لن يتسع للجماعات المعارضة، وكانت عائشة تتولى التحريض، كرموز بني تيم ( مثل طلحة)، ولا أرى ما لحق أخاها محمد بن أبي بكر إلا بتأثر منها، حتى أنهم عزله طلحة عن قيادة أهل مصر وجعلها لابن عديس، وإذا صح أن ذلك الفسطاط كان بمكة فهذا أبلغ في الخصومة وفي التحريض، لأن السنة الأخيرة لم يحج عثمان، فمعنى هذا أن القصة حصلت في إحدى السنوات الست الأخيرة من خلافته، فإذا كانت شيعة عائشة كلهم على سب عثمان من تلك السنوات، فمعنى هذا أن خصومتها مع عثمان طويلة، وأنها استمرت سنوات على هذا التشنيع والإقرار بسب عثمان. 3- شيعة أم المؤمنين عائشة كانوا يسبون عثمان عند الفسطاط (وإن كان بالمدينة فهذا الفسطاط هو الذي جرى عنده القتال بين جماعة عائشة وجماعة عثمان، و لعل هذه القصة – قصة الساب عثمان- جرت في تلك الأثناء، إما أنه من أسباب القتال أو من نتائجه، وأما إن كانت بمكة، فلم يكن عنده قتال بين شيعة عثمان وشيعة عائشة). 4- لا يصح أن القصة في مكة، والظن من أحد الرواة المتأخرين عن شاهد العيان. 5- عثمان ينتصر لنفسه بمحاولة جلد الساب مئة، وهذا فوق الحد، ولا تعزير إلا فيما دون الحد، فهذا تجاوز شرعي وفق النصوص الشرعية، وهي عقوبة يسيرة وفق الرسوم السلطانية. 6- عثمان منع الكوفي عطاءه، لأنه سبه، وهذا أيضاً تجاوز، فحقه من بيت المال يستحقه بالإسلام ولو كان منافقاً، والإمام علي لا يمنع الخوارج ولا النواصب عطاءهم، وبعضهم يكفره. 7- تعاون طلحة وعائشة، وتبادلهما الأدوار، فهذا يسمع لجلسائه بسب عثمان، وذاك يحمي الساب، وعندما حجت عائشة تولى طلحة كل مهام عائشة وأضافها إلى مهامه، واستولى على بيت المال وحصر عثمان ومنع عنه الماء ومنع من الدخول عليه وكان قتله في تلك الأيام، وكانت عائشة قد هيأت له من الجيش أصحاب الفسطاط وهم خليط من الأمصار، وجلهم من أهل مصر، وربما كانت شدة عثمان على الكوفي لكون الكوفة كانوا أميل إلى علي بن أبي طالب.
الرواية الرابعة: رواية عميرة بن سعد
مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 694) أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال : لما قدم طلحة والزبير ومن معهم ، قال : قام رجل في مجمع من الناس ، فقال : أنا فلان بن فلان ، أحد من بني جشم ، فقال : إن هؤلاء الذين قدموا عليكم ، إن كان إنما بهم الخوف فجاءوا من حيث يأمن الطير ، وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه ، وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا.
الرواية الخامسة: رواية الأحنف بن قيس قال أبو عمر صاحب الاستيعاب : (ج 1 / ص 216) وكان الأحنف عاقلاً حليماً ذا دين وذكاء وفصاحة ودهاء لما قدمت عائشة البصرة أرسلت إليه فأتاها فقالت: ويحك يا أحنف بم تعتذر إلى الله من ترك جهاد قتلة أمير المؤمنين عثمان أمن قلة عدد أو أنك لا تطاع في العشيرة؟ قال: يا أم المؤمنين ما كبرت السن ولا طال العهد وإن عهدي بك عام أول تقولين فيه وتنالين منه. قال: ويحك يا أحنف! إنهم ماصوه موص الإناء ثم قتلوه. قال: يا أم المؤمنين إني آخذ بأمرك وأنت راضية وأدعه وأنت ساخطة. ( قلت: وقد رويت مسندة لكني فضلت هنا نقل ابن عبد البر لأنه إمام من ائمة أهل السنة، فهو ينقلها ويقرها)
الرواية السادسة: رواية عمار بن ياسر.. روى البلاذري في الأنساب قال : خرجت عائشة رضي الله تعالى عنه باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله . فقال لها عمار بن ياسر : أنت بالأمس تحرضين عليه ثم أنت اليوم تبكينه.
الرواية السابعة: رواية أم سلمة..
قال أبو محنف ( فيما نقل عنه مما لم يطبع من كتبه): جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها : يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وأنت كبيرة أمهات المؤمنين ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم لنا من بيتك ، وكان جبريل أكثر ما يكون في منزلك . فقالت أم سلمة : لأمر ما قلت هذه المقالة ؟ فقالت عائشة : إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام ، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا وبنا . قالت : أنا أم سلمة ، إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول ، وما كان اسمه عندك إلا نعثلا ، وإنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول الله صلى الله عليه وآله.
الراوية الثامنة: في أول قتال بين المسلمين، بين أصحاب عائشة وأصحاب عثمان: فقد ذكر البلاذري قولاً للواقدي فيه (ويقال أن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها وقال: ما أنت وهذا ؟ إنما أمرت أن تقري في بيتك ، فقال قوم مثله وقال آخرون : من أولى بذلك منها؟ فاضطربوا بالنعال وكان ذلك أول قتال بين المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم). وفي .( أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 268) قال: ويقال إن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها وقال: وما أنتِ وهذا؟ إنما أُمرتِ أن تقري في بيتك، فقال قومٌ مثل قوله، وقال آخرون: ومن أولى بذلك منها؟ فاضطربوا بالنعال، وكان ذلك أول قتالٍ بين المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم).
الرواية التاسعة: رواية مسروق عن عائشة: وروى البلاذري ( أنساب الأشراف- بنو عبد شمس ص 597) حدثني سريج بن يونس ومحمد بن سعد قالا: حدثنا أبو معاوية عن خيثمة عن مسروق عن عائشة : - أنها قالت حين قتل عثمان - ( تركتموه كالثوب النقي من الدنس ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش فهلا كان قبل هذا؟ فقال: مسروق : هذا عملك كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه فقالت: والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم بسوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا ...). وسنده صحيح. وقد رواها ابن أبي شيبة (12/51 الطبعة السلفية) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة عن مسروق.... باللفظ نفسه . التعليق: وهذه الرواية تدل على أن عائشة لم تكن محرضة على الثورة فقط وإنما كانت ترى قتل عثمان( بدلالة قولها: فهلا كان قبل هذا؟؟)!!!! اي لكن قبل أن يصلها خبر توبته وهي في الحج، فقد بلغها أنه تاب وتخلص من المظالم ، ومذهب قتل الحاكم إن لم يعدل كان مذهباً لبعض الصحابة منهم عمر رضي الله عنه (على ما نقله عبد القادر عودة في كتابه التشريع الجنائي الإسلامي). وكأن عائشة رأت أن توبة عثمان العلنية جعلته كالثوب الدنس، بينما كان من استمر على السخط يرى أن هذا الموقف ليس جديداً من عثمان فطالما وعدهم بالتغيير ثم صرفته الحاشية برئاسة مروان عن الإستجابة مهونين له الأمر ومشككين في الآخرين فكان عثمان رضي الله عنه متردداً بين مطالب الصحابة والثوار وتحريضات الحاشية على الإستمرار في السياسة نفسها ، ومن هنا رأى من رأى أنه لابد من أن يعتزل فقد ضعف في نظرهم عن مهمة الخلافة لسنه وحسن ظنه في من حوله. ومسألة إنكارها الكتاب مشكل ، ولعلها تريد نفياً خاصاً بأنها لم تكتب لهم في قتله وإنما في إنكار المنكر والله أعلم، ويدل على ذلك روايات كثيرة وردت وسترد. الرواية العاشرة: رواية أخرى مسروق عن عائشة في موضوع مختلف : فروى البلاذري (بنو عبد شمس ص 521) من طريق ابن سعد عن الواقدي عن عيسى بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق الهمداني - في قصة شرب الوليد للخمر- وفيها: قال أبو إسحاق وأخبرني مسروق ....فذكر قصة الشهود على الوليد عند عثمان وما جرى بينهم وبينه ...ثم قال أبو إسحاق (وهو السبيعي) : فأتى الشهود عائشة فأخبروها بما جرى بينهم وبين عثمان وأن عثمان زبرهم فنادت عائشة : إن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود).!!! والخبر مرسل فأبو إسحاق لم يدرك القصة لكن الظاهر روايته ذلك عن مسروق.
(وهنا أنا أتعمد حذف تحقيق كل رواية لأن الموضوع يطول جداً.. وإنما يكفي صحة بعض الروايات لتكون البقية مقبولة في الشواهد والمتابعات).
روايات تعترف فيها عائشة بأنها حرضت على عثمان وتمنت أن يصيبه كل مكروه إلا القتل!
الرواية الأولى في هذا الموضوع خاصة : عروة عن عائشة: قال البلاذري (أنساب الأشراف – بنو عبد شمس – ص 595): حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب (وهو ثقة) وأحمد بن إبراهيم (وهوثقة) قالا: حدثنا وهب بن جرير (وهو ثقة) عن أبيه (وهو ثقة) عن النعمان بن راشد الجزري (وهو ثقة) عن الزهري (وهو ثقة) عن عروة (ابن الزبير وهو ثقة) عن عائشة قالت: (ليتني كنت نسياً منسياً قبل أمر عثمان فو الله ما أحببت له شيئاً إلا منيت بمثله ، حتى لو أحببت أن يقتل لقتلت). إسناد الرواية: الإسناد صحيح. متن الرواية: جميعنا يعرف ما لقيت عائشة يوم الجمل من الإحاطة بها وعقر جملها حتى كادت أن تقتل ولقيت بلاء فكانت ترى أن هذه عقوبة لما كانت أن تحب أن يحصل لعثمان من التضييق والحصار والثورة إلا أنها لا تتمنى له القتل، فظاهر الرواية أن ما دون القتل مما حصل لها كانت تتمنى أن يحصل لعثمان، وهي مجتهدة في ذلك لأن عثمان وقع في أخطاء سياسية من تولية الأقرباء وتأول واسع في بيت المال لقرابته واستغلال القرابة للين عثمان معها فوسعوا الحمى لأبلهم وظلموا الناس في الأموال والدماء وانتهاك الحقوق، فكانت ترى أن من الواجب عليها أن تنهاه وحاشيته عن المنكر وتأمره بالمعروف ولو بالتضييق الشديد، وقد شاركها في هذا الرأي أو الموقف بعض كبار الصحابة. وكان هذا المنهج هو الأصل عندالمهاجرين والأنصار لكن تطور مفهوم (الطاعة العمياء) بعد وصول بني أمية للحكم وكثرت ألأحاديث في ذلك (مع أن بني أمية أول بغاة في الإسلام).
الرواية الثانية في اعتراف عائشة: في تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234) عروة أيضاً حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب قال، أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول: يا ليتني كنت نسيا منسيا قبل الذي كان من شأن عثمان رضي الله عنه، والله ما أحببت أن ينتهك من عثمان رضي الله عنه شئ قط إلا انتهك مني مثله، حتى لو أحببت أن يقتل لقتلت، يا عبيد الله ابن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلمه، فو الله ما احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يختم القرآن القراء الذين طعنوا على عثمان رضي الله عنه، فقالوا قولا لا يحسن مثله، وقرأوا قراءة لا يقرأ مثلها، وصلوا صلاة لا يصلى مثلها، فلما تذكرت الصنيع إذا والله ما يقاربون عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، ولا يستجلبك أحد. الرواية الثالثة في اعتراف عائشة: ابن الخيار عن عائشة: ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234) * حدثنا عفان قال، حدثنا حماد بن زيد قال، حدثنا معمر، عن الزهري قال: قالت عائشة لعبيد الله بن عدي بن الخيار بمثل معناه.
الرواية الرابعة في اعتراف عائشة : في تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1234): حدثنا موسى بن إسماعيل قال، حدثنا جويرية، أنه سمع نافعا يقول: قالت عائشة رضي الله عنها: ما تمنيت لعثمان رضي الله عنه شيئا إلا وقد نزل بي، ولو تمنيت أن يقتل لقتلت.
والخلاصة : إلا القتل ... لم تعمل عائشة على قتل عثمان مع أن بعض الروايات الكثيرة تذكر عن عائشة تحريضها على قتل عثمان وقد= سبقت رواية مسروق بن الأجدع وهو من خواص تلامذة أم المؤمنين..
خلاصات ...
حاولت أن تظهر الهوامش في البحث لكن لم أستطع.. لذلك آمل أن أنقل صورة عامة في بقيىة الرويات التي أسردها.. وأن هذه الروايات الكثيفة تعطينا اطمئناناً بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مانت من أكبر المحرضين على عثمان وهذا ما اعترف به أهل السنة والشيعة والمعتزلة والزيدية والإباضية ولم يخالف في هذا إلا شرذمة من السلفية ممن لا اطلاع لهم على التاريخ ولا إنصاف لهم في النقل ولا الحكم على الرواية..
تلخيص الموضوع:
تواترت الروايات في تحريض عائشة على عثمان، وأكثر من روى تلك التحريضات هم أهل السنة كابن سعد صاحب الطبقات وشيخه الواقدي، والطبري والبلاذري .. وكل مصادر أهل السنة في التاريخ والتراجم ذكرت هذا.. ومن مصادر أهل السنة التاريخية نقل الشيعة وغيرهم إضافة إلى ما رووه في مصادرهم الخاصة. إلا أن أبلغ التحريضات هو فتواها بقتله ( سواءً بلفظ : اقتلوا نعثلاً أو بغيره) أو أمرها بالنبذ إليه على سواء أو التحريض على حصاره ونهي الناس عن الدفاع عنه، وإشهارها بأنه أبلى سنة رسول الله (ص) وأنه طاغية، و..الخ وهذا السقف الأعلى من التحريض رواه السنة والشيعة والنواصب وروته جميع الأمصار بالعراق والشام والحجاز واليمن ومصر ..الخ، وسنعرف هذا مما سبق ومما تبقى من استعراض بعض الروايات الكثيرة في هذا الباب:
1- قال البلاذري ( ص 656): عن مروان وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد: (قالوا: ولما اشتد الأمر على عثمان أمر مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فأتيا عائشة وهي تريد الحج فقالا لها: لو أقمت فلعل الله يدفع بك عن هذا الرجل ، قالت: قد قربت ركابي وأوجبت الحج على نفسي ووالله لا أفعل فنهض مروان وصاحبه ، مروان يقول: وحرق قيس على البلاد ...... حتى إذا اضطرمت أجذما . فقالت عائشة: يا مروان وددت والله إنه (أي عثمان) في غرارة من غرائزي هذه وأني طوقت حمله حتى ألقيه في البحر)! وفي الرواية نفسها أنها لقيت ابن عباس وكان عثمان قد ولاه الحج فقالت: (يا ابن عباس إن الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإياك أن ترد الناس عن هذا الطاغية).!!!
والشطر الأول رواه البلاذري بالإسناد في موضع آخر (4/1172) حدثنا زهير بن حرب حدثنا وهب بن جرير حدثنا جويرية قال حدثنا يحي بن سعيد الأنصاري حدثني عمي -أو عم لي- .....الرواية باللفظ نفسه تقريباً.
وشاركه عمر بن شبة – وهو مؤرخ سني ثقة- فروى القصة من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري ( شيخ الإمام مالك) عن عمه أيضاً:
وهذه رواية عمر بن شبة في كتابه المشهور تاريخ المدينة (4/1171) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا جويرية بن أسماء عن يحي بن سعيد (الأنصاري) عن عمه: جاءها مروان (أي عائشة) فقال : أرسلني أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول: ردي عني الناس، فأعرضت عنه مرة أو مرتين، ...ثم قالت (ارجع لوددت أنك وصاحبك الذي جئت من عنده في وعائنا وكيت عليكما ثم نبذتكما).
رواية ابن عباس: واللفظ الأخير له شاهد عند الطبري (4/407) من طريق الواقدي وفيها حث عائشة ابن عباس على عدم نصرة عثمان بقولها (أنشدك الله أن تخذل عن هذا الرجل وأن تشكك الناس فيه فقد بانت لهم بصائرهم ...) .
وفي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 685) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وقد سبقت هذه الرواية ( رواية أبي سعيد)..
ومقطع آخر من رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد: ( شاهد لقصة إخراج الشعر والثياب): قال الحافظ: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 474) وبهذا الإسناد- وأشار إلى صحته- قال : « كان بين عثمان وعائشة بعض الأمر فتناول كل واحد صاحبه ، فذهبت عائشة تتكلم فكبر عثمان وكبر معه الناس ، ففعل ذلك بها مرتين لكيلا يسمع كلامها ، فلما رأت ذلك سكتت »! وقد سبقت إلا أنها هنا معماة!
وفي الكامل في التاريخ لابن الأثير - (ج 2 / ص 28) وكان سبب اجتماعهم بمكة أن عائشة كانت خرجت إليها، وعثمان محصور، ثم خرجت من مكة تريد المدينة. فلما كانت بسرف لقيها رجلٌ من أخوالها من بني ليث يقال له عبيد بن أبي سلمة، وهو ابن أم كلاب، فقالت له: مهيم؟ قال: قتل عثمان وبقوا ثمانياً. قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: اجتمعوا على بيعة علي. فقالت: ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك! ردوني ردوني! فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبن بدمه! فقال لها: ولم؟ والله إن أول أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول.... الخبر
وفي الفخري في الآداب السلطانية - (ج 1 / ص 29) لابن الطقطقي ... سرد القصة وفيها: فقال لها الرجل: لم؟ والله إن أول من أمال حروفه لأنت، والله لقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، وكان ذلك لقباً لعثمان، فقالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول.
وفي تاريخ مختصر الدول - (ج 1 / ص 55) لابن العبري فقال لها الرجل من أخوالها: والله أول من أمال حرفه لأنت. ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر. قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه. ونعثل اسم رجل كان طويل اللحية وكان عثمان إذا نيل منه وعيب شبه به لطول لحيته اهـ
وفي تاريخ الإسلام للذهبي - (ج 1 / ص 444) قالوا لعثمان " نعثلاُ " تشبهاً له برجل مصري اسمه نعثل كان طويل اللحية.
وفي المحصول للرازي - (ج 4 / ص 343) الحكاية الثانية أن عثمان رضي الله عنه أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض أرزاقها فغضبت ثم قالت يا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل فقال عثمان رضي الله عنه ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية فكانت عائشة رضي الله عنها تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذا قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا ..اهـ
وفي تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 176) وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوماً ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم.
بل قصة عائشة مع عثمان تواترات في ثقافة المسلمين ففي المصادر اللغوية كلسان العرب - (ج 11 / ص 669) وفي حديث عائشة اقْتُلُوا نَعْثَلاً قَتَل اللهُ نَعْثَلاً تعني عثمان وكان هذا منها لما غاضَبَتْه وذهبتْ إِلى مكة...الخ
وهو في تاج العروس - (ج 1 / ص 7561) .. وفي حديث عائشة اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا يعنى عثمان
وفي النهاية في غريب الأثر - (ج 5 / ص 177) ومنه حديث عائشة [ اقتُلوا نَعْثَلا قَتَل اللَّه نَعْثَلا ] تَعْني عثمان . بل حتى الناصبي الكبير سيف بن عمر التيمي اعترف بهذا ففي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 476) كتب إلي علي بن أحمد بن الحسن العجلي) ان الحسين بن نصر العطار قال حدثنا أبي نصر بن مزاحم العطار قال حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن نويرة وطلحة بن الاعلم الحنفي قال وحدثنا عمر بن سعد عن أسد بن عبدالله عمن أدرك من أهل العلم أن عائشة رضى الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له مهيم قال قتلوا عثمان رضى الله عنه فمكثوا ثمانيا قالت ثم صنعوا ماذا قال أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الامور إلى خير مجاز اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت والله ليت ان هذه انطبقت على هذه إن تم الامر لصاحبك ردوني ردوني فانصرفت إلى مكة وهي تقول قتل والله عثمان مظلوما والله لاطلبن بدمه فقال لها ابن أم كلاب ولم فوالله إن أول من أمال حرفه لانت ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الاخير خير من قولي الاول فقال لها ابن أم كلاب: منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الامام * وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع التاس ذا تدرإ * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس فقالت يا أيها الناس إن عثمان رضى الله عنه قتل مظلوما ووالله لاطلبن بدمه
ورواية سعيد بن المسيب: وروى البلاذري ( بنو عبد شمس من الأنساب ص 556): حدثني هشام بن عمار الدمشقي حدثنا محمد بن سميع عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب – رواية طويلة وفيها - (وكانت عائشة تقرصه كثيراً....) وفيها بعد مقتله خروج عائشة باكية تقول : قتل عثمان رحمه الله فقال عمار (أنت بالأمس تحرضين عليه واليوم تبكينه). ولم يذكروا لها رداً على هذا. لكن هذه الرواية عليها إشكالات تحتاج لوقت.
رواية أبي مخنف: ولها شاهد من رواية البلاذري من طريق أبي مخنف ( ص 538): وفيها (وبلغ عائشة ما صنع بعمار – يعني ضربه- فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثوباً من ثيابه ونعلاً من نعاله ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد فغضب عثمان غضباً شديداً...).
وفي الفتوح لابن أعثم: عزمت عائشة على الحج ، وكان بينها وبين عثمان قبل ذلك كلام ؛ وذلك أنه أخر عنها بعض أرزاقها إلى وقت من الأوقات فغضبت ، ثم قالت : يا عثمان ! أكلت أمانتك ، وضيقت رعيتك ، وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك ، لا سقاك الله الماء من فوقك ، وحرمك البركة من تحتك ! أما والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك قوم ذو ثياب وبصائر ، يذبحوك كما يذبح الجمل . فقال لها عثمان : ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صلحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيا وقيل ادخلا النار مع الدخلين )|
رواية الزهري في شعر رسول الله ( وله شاهد عن أبي مخنف سيأتي): وروى الزهري – وكان إماماً في المغازي وقد أخذ بمرسلاته مجموعة كبيرة من أهل الحديث ولا نأخذ منها إلا ما يؤكد الروايات الصحيحة – ذكر: قصة اجتمع الناس في المسجد وما حصل من ضرب عمار ثم أن عائشة ( أطلعت شعراً من شعر رسول الله ونعله وثياباً من ثيابه ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم ...) وواضح من السياق أنها تقصد عثمان.
وفي الرواية نفسها قول الزهري وكانت عائشة تؤلب على عثمان...) (أنساب الأشراف ص 580).
وفي المختصر في أخبار البشر - (ج 1 / ص 118) : ثم فارقه طلحة والزبير ولحقا بمكة، واتفقا مع عائشة رضي الله عنهم وكانت قد مضت إِلى الحج وعثمان محصور، وكانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه، وكانت تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول: هذا قميصه وشعره لم يبل، وقد بلي دينه، لكنها لم تظن أن الأمر ينتهي إِلى ما انتهى إِليه.
وفي تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 176) : وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوماً ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم. ترى أن عثمان ممن يجب النبذ إليهم على سواء: ويشهد للنبذ هذا ما رواه عمر ابن شبة أن عائشة كانت ترى عثمان ممن يجب النبذ إليهم على سواء لخيانتهم! (عمر بن شبة 4/171) روى هذا عن موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الوهاب بن عكرمة عن أمه عن عائشة. رواية عائشة بنت قدامة بن مظعون:
وذكر الواقدي – فيما نقل من كتب المفقودة- ، عن عائشة بنت قدامة ، قالت : سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله يقول [ كذا ] - وعثمان محصور قد حيل بينه وبين الماء - : أحسن أبو محمد حين حال بينه وبين الماء . فقالت لها : يا أمه ! على عثمان . فقالت : إن عثمان غير سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسنة الخليفتين من قبله فحل دمه اهـ وهذا يتفق مع الروايات السابقة، منع طلحة عنه الماء ( ومبحث طلحة وعثمان يحتاج لبحث مفرد، ففيه من الكثرة والصحة ما لعائشة وأكثر).
وأخرج الطبري من طريقين : إن عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف، راجعه في طريقها إلى مكة لقيها عبد بن أم كلاب وهو عبد بن أبي سلمة ينسب إلى أمه فقالت له : مهيم ؟ قال : قتلوا عثمان رضي الله عنه فمكثوا ثمانيا . قالت : ثم صنعوا ماذا ؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب . فقالت : والله ليت إن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك ردوني ردوني . فانصرفت إلى مكة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوما ، والله لأطلبن بدمه . فقال لها ابن أم كلاب : ولم ؟ فوالله إن أول من أمال حرفه لأنت ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلا فقد كفر . قالت : إنهم استتابوه ثم قتلوه ، وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول . فقال لها ابن أم كلاب. منك البداء ومنك الغير * ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الإمام * وقلت لنا : إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله * وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا * ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع الناس ذا تدرإ * يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها * وما من وفى مثل من قد غدر فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر|فسترت واجتمع إليها الناس فقالت : يا أيها الناس ! إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما ووالله لأطلبن بدمه اهـ
و قال أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي في كتابه : إن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة أقبلت مسرعة وهي تقول : إيه ذا الإصبع لله أبوك ، أما إنهم وجدوا طلحة لها كفوا ، فلما انتهت إلى شراف استقبلها عبيد بن أبي سلمة الليثي فقالت له : ما عندك ؟ قال : قتل عثمان . قالت : ثم ماذا ؟ قال : ثم حارت بهم الأمور إلى خير محار ، بايعوا عليا . فقالت : لوددت أن السماء انطبقت على الأرض إن ثم هذا ، ويحك انظر ماذا تقول . قال : هو ما قلت لك يا أم المؤمنين ! فولولت . فقال لها : ما شأنك يا أم المؤمنين ؟ والله ما أعرف بين لابتيها أحدا أولى بها منه ولا أحق ، ولا أرى له نظيرا في جميع حالاته ، فلماذا تكرهين ولايته ؟ قال : فما ردت عليه جوابا . وهناك شواهد من روايات الحسن البصري وأبي سعيد مولى أبي أسيد والأحنف بن قيس وغيرهم كثير|
والشيعة لم يزيدوا على هذا بكثير: ففي الجزء الثامن ( من الغدير للأميني) : أن الشهود على الوليد بن عقبة بشربه الخمر استجاروا بعائشة وأصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة فقال : أما تجد مراق أهل العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة . فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت : تركت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب هذا النعل . الحديث فراجع .| وذكروا في مواقف عمار : إن عائشة لما بلغها ما صنع عثمان بعمار فغضبت وأخرجت شعرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وثوبا من ثيابه ونعلا من نعاله ثم قالت : ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله لم يبل بعد ؟ فغضب عثمان غضبا شديد حتى ما درى ما يقول . الحديث .
وكذلك أهل السنة رووا الخبر ولم يستنكروه: وممن رواه منهم الطبري والواقدي والبلاذري والرازي في المحصول وغيرهم كثير جداً.. ومن ذلك: وقال أبو الفدا : كانت عائشة تنكر على عثمان مع من ينكر عليه وكانت تخرج قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره وتقول : هذا قميصه وشعره لم يبل وقد بلي دينه .|
والخبر رواه المعتزلة: قال ابن أبي الحديد : قال كل من صنف في السير والأخبار : إن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وآله فنصبته...الخ
قال : وقد روى قيس بن أبي حازم : إنه حج في العام الذي قتل فيه عثمان وكان مع عائشة لما بلغها قتله فتحمل إلى المدينة قال : فسمعها تقول في بعض الطريق إيه ذا الإصبع . وإذا ذكرت عثمان قالت : أبعده الله . حتى أتاها خبر بيعة علي فقالت : لوددت أن هذه وقعت على هذه . ثم أمرت برد ركائبها إلى مكة فرددت معها ورأيتها في سيرها إلى مكة تخاطب نفسها كأنها تخاطب أحدا : قتلوا ابن عفان مظلوما . فقلت لها : يا أم المؤمنين ! ألم أسمعك آنفا تقولين أبعده الله ؟ وقد رأيتك قبل أشد الناس عليه وأقبحهم فيه قولا ، فقالت : لقد كان ذلك ولكني نظرت في أمره فرأيتهم استتابوه حتى إذا تركوه كالفضة البيضاء أتوه صائما محرما في شهر حرام فقتلوه اهـ
قال : وروي من طرق أخرى : أنها قالت لما بلغها قتله : أبعده الله قتله ذنبه ، وأقاده الله بعمله ، يا معشر قريش ! لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه ، إن أحق الناس بهذا الأمر ذو الإصبع . فلما جاءت الأخبار ببيعة علي عليه السلام قالت : تعسوا لا يردون الأمر في تيم أبدا اهـ
وشهرة معارضة عائشة لعثمان وتحريضه عليه أشهر من تحريض بقية الثوار! ولو جمعوا الأسانيد في تحريض كبار هؤلاء الثوار لن يجدوا صحة أو كثافة في صحة وكثافة رويات تحريض عائشة.. فلنطبق منهجاً واحداً أما الانتقاء أو الافتراء فهذا ليس تاريخاً.. ولا ريب أن جماعة المسلسل قد افتروا روايات ليس لها وجود في التاريخ وضعوها للتو وتخبرنا بأن عائشة كانت مع عثمان!! وهذا يدل على أن الوضع في التاريخ وتزييفه لم ينته بعد! وأن تلك الفرقة التي غطت على معارضة الصحابة لعثمان مازالت تضع الروايات إلى اليوم في هذا السياق!! وان الشيعة أصدق من السلفية في هذا الأمر لأننا وجدنا كلامهم تدعمه المصادر السنية التي سبقت وغيرها كثير بينما افتراء هؤلاء من خيالاتهم لا تجد لها أصلاً..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 21:58 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (3) - موقف طلحة بن عبيد الله
نواصل نقد مسلسل الحسن والحسين في حلقته الثالثة.. وسنخصص هذه الحلقة لموقف طلحة بن عبيد الله من عثمان.. فقد عجبت وضحكت من حرص المسلسل على حشره لطلحة بن عبيد الله في أنصار عثمان! فخالف المسلسل بهذا الزعم حتى الحشرات! وسبب هذه المخالفة هو الهوى والمذهب والتجارة والمكايدة المذهبية والانطلاق من رواية مفردة لإخباري كذاب اسمه سيف بن عمر التميمي الذي لم يدرك القصة وليس من شهود العيان، بل ولا أدرك شيوخه ( لا يزيد الفقعسي ولا أبو حارثة ولا أبو عثمان ولا الخرثع أخو البرثع ولا رجل من بني كنانة ولا غيرهم من شيوخ سيف الذين يرجح بعض الباحثين أنه يخترع اسماءهم أيضاً!! كما يخترع الأحداث...وكما اخترع أسطورة ابن سبأ في الفتنة وكما اخترع القعقاع بن عمرو التميمي وغير ذلك).. نعم رواية سيف بن عمر هذه رواها الطبري وابن الأثير وابن كثير وغيرهم لكنهم رووا غيرها من مئات الروايات المخالفة لها والتي تؤكد على أن أغلبية الصحابة الكبار كانوا بين ثائر ومنكر ومؤيد للثورة على عثمان..
وأنا ألآن سأنقل لكم عشرات الروايات القوية والموصولة و لشهود عيان حضروا حصار عثمان ونقلوا الأحداث كما رأوها..وليست رواية واحدة كما فعلوا .. كما أن أصحاب هذه الروايات ثقات في الجملة وليسوا متهمين بكذب ولا زندقة كسيف بن عمر..
وإنه ليؤسفني أن الهوامش لا تنتقل معي في هذه المقالات لكني سأختصر حكمي على الراوي في السند نفسه فأقول ( ثقة) ( صدوق) ( ضعيف يقبل في الشواهد.. وهكذا إن أمكن.. وأرجوا ألا تحكموا من اول ما ترون الرواية الأولى حتى ترون جميع الروايات وهي في طلحة أكثر من خمسة عشر رواية بين صحيحة وحسنة ومقبولة في الشواهد.. وبعد أن اسرد هذه الــ( 15) رواية او نحوها، حاولوا أن تتصوروا المموقف العام لطلحة بن عبيد الله.. وستجدون في رواياته أخباراً عن مواقف صحابة آخرين كعائشة والزبير وغيرهم، فيجب تكرار الروايات التي اشتركت في ذكر الجميع عند دراسة مواقفهم.. وهذه الروايات الــ (15) سأختارها من بين عشرات الروايات التي تتفق مع ما اخترناه بأن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وسامحه، كان من المحرضين بل والمحاصرين لعثمان وهو الذي منع عنه الماء بعد امره للمصريين ( وكانوا يسمعون لطلحة) بأن يمنعوا الماء عن عثمان وروى الغمام أحمد وائمة اهل السنة أنه من المحاصرين لكنهم لا يعلقون على الأحاديث والروايات التي يروونها، لكنها واضحة جداً لمن كان له قلب وتدبرها.. فلو أن شيوخ المسلسل ودعاته وبلابله أتعبوا أنفسهم بقراءة الكتب الستة، أو قرءوا طبقات ابن سعد أو تاريخ خليفة شيخ البخاري أو أنساب البلاذري .. لعرفوا حقيقة الفتنة الكبرى بسهولة، بل في الصحيحين والمصنفين ( مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق) اساس وخطوط فتنة عثمان وفيها غنى عن أكثر التاريخ فكيف باكثر الكذب والزيف الذي حشوا به عقول المسلمين ..
والآن إلى الروايات الصحيحة والحسنة التي تؤكد أن طلحة بن عبيد الله كان رأساً من رؤوس الثورة على عثمان من الجرأة على عثمان ورد أحكامه إلى التحريض إلى الاستيلاء على بيت المال إلى المشاركة في الحصار إلى الرمي بالنبال!
الرواية الأولى: رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد مالك بن ربيعة [ وهي جزء من الرواية الطويلة التي يصححها يوسف العش الذي يعتمدون عليه، لكن يوسف العش خان الأمانة فيما أرى واخفى بعض مقاطع الرواية وهذا المقطع منها، ولهذا المقطع حكم الرواية في الصحة المجملة] فوائدها: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 6 / ص 334) قال إسحاق ( بن راهويه ثقة) : أخبرنا المعتمر بن سليمان ( ثقة) ، قال : سمعت أبي (ثقة) يقول أنبأنا أبو نضرة (ثقة) ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو مالك بن ربيعة (ثقة) قال : إن عثمان بن عفان رضي الله عنه : « نهى عن العمرة في أشهر الحج أو عن التمتع بالعمرة إلى الحج » ، فأهل بها علي مكانه فنزل عثمان رضي الله عنه عن المنبر فأخذ شيئا فمشى به إلى علي رضي الله عنه ، فقام طلحة والزبير رضي الله عنهما فانتزعاه منه فمشى إلى علي رضي الله عنه فكاد أن ينخس عينه بإصبعه ويقول له : إنك لضال مضل ولا يرد علي رضي الله عنه عليه شيئا اهـ السند صحيح وفوائد الرواية هي : - طلحة والزبير أجرأ على عثمان.. - الإمام علي أحلم الناس على عثمان - عثمان وظلمه علياً.. - عثمان والأخطاء في السنن والأحكام وحرصه في هذا الأمر.
الرواية الثانية: وهو جزء من هذه الرواية التي يصححهاالسلفيون وهي صحيحة.. ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 472) قال إسحاق ( وهو ابن راهويه شيخ البخاري ومسلم): أخبرنا المعتمر بن سليمان ( ثقة) ، وسمعت أبي ( هو ليمان بن طرخان التيمي البصري ثقة) يقول : ثنا أبو نضرة ( المنذر بن مالك بن قطعة ثقة) ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد ( ثقة) : « أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة - أرى ذلك بمكة - فمر بهم عثمان قال أبو سعيد : فما بقي من القوم أحد إلا لعنه أو سبه غيري ، وكان فيمن لعنه أو سبه رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أشد منه على غيره! فقال : يا كوفي ، أسببتني ؟ كأنه يهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : يعني الكوفي : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة! قال : طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا قال : لأحرمنك عطاءك فقال طلحة : يا كوفي ، إن الله يرزقك » اهـ
السند صحيح وأما فوائدها فهي : 1- طلحة يمنع عثمان من معاقبة كوفياً سبه عند فسطاط عائشة 2- فسطاط عائشة كأنه في المسجد النبوي أو بجواره لتحشيد المعارضة واللقاءات معهم، وهي تخاطبهم من الحجرة، فإن بيت عائشة لن يتسع للجماعات المعارضة، وكانت عائشة تتولى التحريض، كرموز بني تيم ( مثل طلحة)، ولا أرى ما لحق أخاها محمد بن أبي بكر إلا بتأثر منها، حتى أنه عزله طلحة وعائشة عن قيادة أهل مصر وجعلها لابن عديس. 3- شيعة عائشة كانوا يسبون عثمان عند الفسطاط (وهذا الفسطاط هو الذي جرى عنده القتال بين جماعة عائشة وجماعة عثمان، و لعل هذه القصة – قصة الساب عثمان- جرت في تلك الأثناء، إما أنه من أسباب القتال أو من نتائجه. 4- لا يصح أن القصة في مكة، والظن من أحد الرواة المتأخرين عن شاهد العيان. 5- عثمان ينتصر لنفسه بمجاولة جلد الساب مئة، ولا تعزير إلا فيما دون الحد. 6- عثمان منع الكوفي عطاءه، لأنه سبه، وعلي لا يمنع الخوارج ولا النواصب عطاءهم، وبعضهم يكفره. 7- تعاون طلحة وعائشة، وتبادلهما الأدوار، فهذا يسمع لجلسائه بسب عثمان، وذاك يحمي الساب، وعندما حجت عائشة تولى طلحة كل مهام عائشة إلى مهامه، واستولى على بيت المال وحصر عثمان ومنع عنه الماء ومنع من الدخول عليه وكان قتله في تلك الأيام، وكانت عائشة قد هيأت له من الجيش أصحاب الفسطاط وهم خليط من الأمصار، وجلهم من أهل مصر، وربما كانت شدة عثمان على الكوفي لكون الكوفة كانوا أميل إلى علي بن أبي طالب.
هذه الروياة الأولى تتبع الروايات الصحيحة في ثورة طلحة على عثمان.
الرواية الثالثة:
رواية عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ( شاهد عيان):
وهي رواية قيمة،وخطيرة جداً، وشواهدها ستأتي، وهي تدل على عظمة الواقدي، فإن الطبري وغيره، لم يجدوا الرواية بهذا السياق الحسن إلا عند الواقدي، ففي في تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 411) (قال محمد = هو الواقدي) وحدثني ابراهيم بن سالم عن أبيه عن بسر بن سعيد قال (و) حدثني عبدالله بن عباس بن أبي ربيعة قال : دخلت على عثمان رضى الله عنه فتحدثت عنده ساعة فقال يا ابن عباس ( عياش) تعال، فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على باب عثمان ! فسمعنا كلاماً منهم من يقول ما تنتظرون به؟ ومنهم من يقول انظروا عسى أن يراجع ، فبينا أنا وهو واقفان إذ مر طلحة بن عبيد الله فوقف فقال: أين ابن عديس؟ فقيل هاهو ذا! قال: فجاءه ابن عديس فناجاه بشئ ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده! قال : فقال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة بن عبيدالله! ثم قال عثمان اللهم اكفني طلحة بن عبيدالله فانه حمل عليّ هؤلاء وألّبهم، والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يسفك دمه إنه انتهك مني ما لا يحل له! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه فيقتل، أو رجل زنى بعد إحصانه فيرجم، أو رجل قتل نفسا بغير نفس ففيم أقتل؟ قال ثم رجع عثمان قال ابن عباس (عياش) فأردت أن أخرج فمنعوني حتى مر بي محمد بن أبي بكر فقال خلوه فخلوني اهـ
التعليق على الإسناد:
أما الإسناد، فشاهد العيان عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، ثقة وله رؤية، فهو من مواليد الحبشة، - وأبوه عياش بن أبي ربيعة صحابي مشهور- مات عبد الله سنة (64هـ) وقيل ( 78هـ) ولعل الصواب الأول، وهو مدني، وأما تلميذه فهو بسر بن سعيد ( مولى ابن الحضرمي) ثقة عابد من رجال الجماعة (100هـ) صاحب التحذير من أحاديث أبي هريرة، والراوي عنه سالم أبو النضر ثقة ( 129هـ) والراوي عنه ابنه إبراهيم المشهور بلقب بردان ( 153هـ) والراوي عنه الواقدي، وهذا سند صحيح، مع كلام لهم في الواقدي ليس عليه حجة، فالصواب توثيقه، وقد أفردته ببحث مفرد، وهذا لا يعني قبول كل ما رواه، فينظر في أسانيده، وفي بعض دعاويه في الإجماع، وإنما أقل ما يمكن أن يقال إنه مقبول في الشواهد والمتابعات وهذه منها، لا سيما وأنه إمام في فنه وهو التاريخ، .
التعليق على المتن:
فيه أن طلحة هو صاحب حصار عثمان وقتله .. وأن أهل مصر – بعد اعتزال أهل الكوفة والبصرة- هم المتولون لأمر عثمان، وقائدهم العسكري عبد الرحمن بن عديس أما القائد السياسي فهو طلحة بن عبيد الله، ولذلك حاول طلحة أن يستولي على بيت المال قبل أن يقتل عثمان، وربما كان لهذا التصرف سبب في كثرة من ناصره من أهل مصر، ثم استعاده علي بتحريض من عثمان ووزعه على الناس بالتساوي.
الرواية الرابعة: رواية قيس بن أبي حازم ( 100هـ): وروى ابن شبة بسند صحيح (4/1169) ندم طلحة يوم الجمل وأنه قال (اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى) رواه عن إسحاق بن إدريس عن هشيم (بن بشير) عن إسماعيل (ابن أبي خالد) عن قيس (ابن أبي حازم) وهذا سند صحيح. شاهده من رواية حكيم بن جابر بسند صحيح = لكنها في الاعتراف ( وقد سبق في رواية قيس بن أبي حازم): روى ابن شبة (4/1169): حدثنا حيان بن بشر قال حدثنا يحي بن آدم قال حدثني سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: سمعت طلحة بن عبيد الله يقول يوم الجمل : إنا قد كنا أدهنا في أمر عثمان فلا بد من المبالغة ( المبايعة) اهـ وفي : (مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 710( : حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم ابن جابر قال : سمعت طلحة بن عبيد الله يوم الجمل يقول : إنا كنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد بدا من المبايعة. )قلت: السند صحيح، وقد فسر الذهبي كلام طلحة هذا بقوله (كان منه تمغفل وتأليب) أي على عثمان ( انظر ترجمة طلحة في سير أعلام النبلاء) ، والتأليب أقصى درجات المعارضة ليس بعده إلا القتال، ورواها ابن سعد في الطبقات (3/222) من طريق الواقدي
الرواية الخامسة : رواية حكيم بن جابر ( نحو 90 هـ) وفيها منع طلحة وعسكره الماء عن عثمان.. ورواها الطبري وغيره بسند صحيح، ففي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) : وحدثني عمر ( يعني ابن شبةوهو ثقة ) قال حدثنا علي ( هو المدائني وهو ثقة) عن عبد ربه بن نافع ( من رجال الشيخين ثقة) عن إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر ( 82هـ أو بعدها/ ثقة في التقريب) قال: قال علي لطلحة أنشدك الله إلا رددت الناس عن عثمان! قال لا والله حتى تعطى بنو أمية الحق من أنفسها اهـ قلت: وقد توبع هؤلاء كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد به..
متابعة عن إسماعيل عن حكيم بن جابر عند ابن أبي شيبة :
روى ابن شبة (4/1169) قال سفيان: وحدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن حكيم بن جابر قال: كلم علي طلحة وعثمان محصور في الدار فقال: إنهم قد حيل بينهم وبين الماء! فقال طلحة: أما حتى تعطي بنو أمية الحق من أنفسها فلا). قلت: السند صحيح وفيه طلب علي من طلحة أن ينجد عثمان وربما يساعده في صد الثوار فأبى طلحة حتى يعطي عثمان وحاشيته الحق من نفسه.
ولهذه الرواية شواهد أخرى من حيث موقف طلحة في قضية الإنجاد بالماء
الرواية السادسة: روايات عبد الرحمن بن أبي ليلى ( 83هـ):
وهي حقيقة مجموعة روايات بل حشد من الروايات رواها هذا التابعي الجليل.. وهو من رجال الجماعة وهو كبير القدر في أهل الحجاز والعراق، وهو شاهد عيان وقد تكثفت رواياته في طلحة ومباشرته حصار عثمان بنفسه وأنه كان يراميهم بالأسهم وان قاتل عثمان خرج وهو يقول ( أين طلحة فقد قتلنا ابن عفان)!! ومن ذلك وهي عدة رويات نختار منها: ما رواه عمر بن شبة (4/1169- 1170): : حدثنا إبراهيم سمعت جعفر بن زياد وأبا بكر بن عياش يحدثان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت طلحة يوم الدار يراميهم وعليه قباء فكشف الريح عنه، فرأيت بياض الدرع من تحت القباء)، والسند حسن رجاله ثقات ويزيد بن أبي زياد صدوق، ضعفه بعضهم للمذهب لأنه كان من دعاة زيد بن علي، بينما دعاة بني أمية موثقون!.
و للرواية متابعة : :
( عن محمد بن فضيل بن عزوان عن يزيد بن أبي زياد عند عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : رأيت طلحة يرامي في أهل الدار - وهو في خرفة وعليه الدرع - وقد كثر عليها نقبا فهم يرامونه فيخرجونه من الدار ثم يخرج فيراميهم حتى دخل عليه من قبل دار ابن حزم فقتل).
حديث آخر لابن أبي ليلى: أبي فزارة عنه ( في سؤال عبد الملك بن مروان لابن أبي ليلى) :
ذكره ابن شبة (4/1170) حدثنا عبد الله بن عمرو قال حدثنا عمرو بن ثابت عن أبي فزارة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى – رواية طويلة فيها سؤال عبد الملك بن مروان لابن أبي ليلى عن مواقف الصحابة يوم الدار فأجابه بأن علياً كان في داره، والزبير عند أحجار الزيت، وأما طلحة فكان في المحاصرين ! (مثل الحرة السوداء ..فإن حال حائل دون عثمان قاتله)! على حسب تعبير ابن أبيليلى وهو من اجل التابعين وأوثقهم وكان حاضراً وشاهد عيان، ثم انتقل مع الإمام عي إلى الكوفة كأبيه وجل الأنصار. : وفي تاريخ الطبري - (ج 2 / ص 669)قال محمد حدثني يعقوب بن عبدالله الأشعري عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: رأيت اليوم الذي دخل فيه على عثمان فدخلوا من دار عمرو بن حزم خوخة هناك حتى دخلوا الدار فناوشوهم شيئا من مناوشة ودخلوا فوالله ما نسينا أن خرج سودان بن حمران فأسمعه يقول أين طلحة بن عبيد الله؟ قد قتلنا ابن عفان! اهـ
استيلاؤه على الأمر : بيت المال والعساكر
من رواية ابن شبة ما يدل على أن طلحة استولى على أمر أهل مصر ففي (عمر بن شبة 4/1171): بكر بن حنيف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى: حدثنا علي بن محمد، عن أبي مخنف، عن بكر بن حنيف، عن عبد الرحمن (بن أبي ليلى: لما حاصر) المصريون (عثمان ) استولى طلحة بن عبيد الله على أمرهم، وكان محمد بن أبي بكر يأتيهم فإذا أمسى خلص هو وعلي وعمار يحتازون ( كأنه يقصد يتشارون) (فيصبح) الناس يقولون: أهل مصر يعملون بأمر علي رضي الله عنه). وفي الرواية تحريف وسقط إلا أن المفهوم من الرواية أن طلحة كان أهل مصر يستجيبون له في المبالغة في الثورة لا سيما مع اعتزال علي في بيته ودفعه عن عثمان جعلهم ينصرفون لمن يتحمس قريباً من حماسهم، وأما محمد بن أبي بكر فمبيته مع علي وعمار يتشاورون، وهذا جعل الناس يظنون أن لعلي دوراً فيما حصل، ومحمد بن أبي بكر إنماكان يأتي أمه أسماء بنت عميس وهي امرأة علي يومئذ، ومن الطبيعي أن يجد علياً وشيعته كعمار بن ياسر يتشاورون، وكلهم منكر على عثمان ولكن ليس لعلي يد في التحريض .. من هذا الخلط أراد النواصب الإيهام بأن علياً له دور في قتل عثمان حتى اختلط هذا على مثل زيد بن أرقم فسأل علياً، حتى حلف له علي.. بينما كان موقف علي، أنه ليس مع مظالم عثمان، ولا مع قتله ولا منعه من الماء. . هذا هو الموقف العادل المتوسط بين ظلمين.
وفي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 11 / ص 195) ما يؤكد حضور ابن أبي ليلى مع الأنصار وشهوده تلك الأحداث : فقال: ( أحمد بن منيع): ثنا يزيد بن هارون ، ثنا عبد الملك بن أبي سليمان ، عن أبي ليلى ، قال : « أشرف علينا عثمان يوم الدار ، فقال : يا أيها الناس ، لا تقتلوني فإنكم إن قتلتموني كنتم هكذا ، وشبك بين أصابعه » اهـ قلت: السند صحيح إلا ان فيه سقطاً، فعبد الملك بن أبي سليمان لم يدرك أبا ليلى إنما يروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى.. فسقطت كلمة (ابن ) على الراجح.. وهذا الجزء كأنه من الحديث الأول، وقد اشتهر هذا الجزء عند أهل الحديث وبتروا آخره فيما يخص طلحة اختصاراً .. وفي قوله ( أشرف علينا) نوع من قرينة على مشاركة أهل المدينة ( الأنصار) في الحصار ومساعدتهم أهل مصر. وإلا فكيف يشرف عليهم عثمان وهم في بيوتهم؟ لابد أنه اشرف عليهم وهم محاصرون له.. وهذا موضوع آخر سيأتي تفصيله في ( موقف الصحابة) فهناك روايات تذكر الأنصار، وروايات أخرى تذكر مواقف بعض القبائل كخزاعة وبني تيم ..الخ
الرواية السابعة : رواية عتبة بن الأخنس وهو من شيعة عثمان
تاريخ الرسل والملوك للطبري - (ج 3 / ص 24) : .. حدّثني عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أبو الحسن، قال: أخبرنا أبو عمرو، عن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، قال: لقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق، فقال: أين تذهبون وثأركم على أعجاز الإبل! اقتلوهم ثمّ ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم؛ قالوا: بل نسير فلعلّنا نقتل قتلة عثمان جميعاً...الخ. وتكملة الرواية: فخلا سعيد بطلحة والزبير فقال : إن ظفرتما لمن تجعلان الأمر ؟ أصدقاني . قالا : لأحدنا أينا اختاره الناس . قال : بل اجعلوه لولد عثمان فإنكم خرجتم تطلبون بدمه . قالا : ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأبنائهم ؟ قال : أفلا أراني أسعى لأخرجها من بني عبد مناف ؟ فرجع ورجع عبد الله بن خالد بن أسيد فقال المغيرة بن شعبة : الرأي ما رأى سعيد بن كان هاهنا من ثقيف فليرجع فرجع ... الحديث
وسأترك للقاراء تدبر مثل هذه الرويات.. وسيجدون أن السنة والنواصب مجمعون على أن طلحة وعائشة وغيرهم من كبار الصحابة كانوا القادة الفعليين السياسيين للثورة.. اما القادة العسكريون فبعضهم صحابة وبعضهم من أجلاء التابعين.. وسنستعرض هؤلاء الكبار واحداً بعد الآخر.. ونورد من الروايات ما لا يمكن دفعه لا صحة ولا كثرة.. ثم سنطالبهم برواياتهم لتروا الفرق الواسع بين رواياتنا الصحيحة واستمزاجاتهم المصحوبة برواية سيف بن عمر الكذاب وابن العربي الفقيه الأحمق ومحب الدين الخطيب الناصبي المشهور.. هذا زادهم مع بهارات من البكائيات السلفية العاطفية التي لا تفيد معرفة ولا تترك لأتباعها النظر للموضوع بهدوء ليفهموه.. ثم بعد الفهم ليبكوا أو يضحكوا.. لا يهم لكن لابد من فهم متا جرى اولاً.. أما استنكار مقتل عثمان فهو محل إجماع اهل السنة المتأخرين ونحن منهم... أما السنة المتقدمين بمن فيهم الصحابة والتابعين فكانوا أصنافاً في هذا.. فمنهم من ينكر ومن من يؤيد قتل عثمان.. بل بعض الصحابة كان يرى شرعية قتله! وهذا من اغرب ما وجدته.. ولولا كثافته لما قلته هنا.. وهذا إن صح يدل على أمور خطيرة فعلها عثمان وولاته أو على تعصب أؤلئك الصحابة.. لا مناص من هذا القول أو ذاك.. ولن استعجل النتائج سأعرض الروايات ثم ننظر ..
الرواية الثامنة: روايات علي بن أبي طالب..
وهي في الواقع عدة روايات... فالغمام علي كثيراً ما استغرب خروج أهل الجمل للمطالبة بدم عثمان! لأنهم هم الذين حرضوا وحااصروا وأفتوا بقتل عثمان.. فكيف يخرجون للمطالبة بدمه؟
ومن الروايات السنية في هذا الباب
ما رواه الطبريفي تاريخه (ج 3 / ص 18) في قصة مشورة المغيرة التي يثبتونها.. قال الطبري: قال محمّد: وحدّثني هشام بن سعد، عن أبي هلا، قال: قال ابن عبّاس: قدمت المدينة من مكة بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمسة أيام، فجئت عليّاً أدخل عليه، فقيل لي: عنده المغيرة بن شعبة؛ فجلست بالباب ساعة، فخرج المغيرة فسلّم عليّ فقال: متى قدمت؟ فقلت: الساعة. فدخلت على عليّ فسلّمت عليه، فقال لي: لقيت الزّبير وطلحة؟ قال: قلت: لقيتهما بالنّواصف. قال: من معهما؟ قلت: أبو سعيد بن الحارث بن هشام في فئة من قريش. فقال عليّ: أما إنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون: نطلب بدم عثمان؛ والله يعلم أنهم قتلة عثمان!! قال ابن عبّاس: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن شأن المغيرة، ولم خلا بك؟... ( ثم ذكر قصة مشورة المغيرة عن علي بإبقاء معاوية، تلك المشورة التي يقرون بها، فما بالهم لا يأخذون كلام علي هنا بأن هؤلاء قتلة عثمان بالتحريض والإفتاء والحصار وربما الأمر الأخير!) .... والرواية في مروج الذهب - (ج 1 / ص 315) قال المسعودي: ووجدت في وجه آخر من الروايات أن ابن عباس .. فذكرها كاملة.
وهناك روياة أخرى عند ابن عبد البر في الاستيعاب - (ج 1 / ص 148) قال: ومن حديث صالح بن كيسان عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق والشعبي وابن أبي ليلى وغيرهم : أن عليا رضي الله عنه قال في خطبته حين نهوضه إلى الجمل : إن الله عز و جل فرض الجهاد وجعله نصرته وناصره وما صلحت دنيا ولا دين إلا به وإني منيت بأربعة : أدهى الناس وأسخاهم طلحة وأشجع الناس الزبير وأطوع الناس في الناس عائشة وأسرع الناس فتنة يعلى بن منبه، والله ما أنكروا علي منكرا ولا استأثرت بمال ولا ملت بهوى وإنهم ليطلبون حقا تركوه ودما سفكوه... الخ
انظر قوله: دماً هم سفكوه... يعني بالأمر او التحريض أو الإفتاء أو المشاركة في الحصار.. الخ وكل هذا روي.. إلا أن بعضه اقوى من بعض.
ونصوص علي في اتهام أهل الجمل كثيرة جداً بينما اهل الجمل لا يتهمون علياً بدم عثمان وإنما يتحججون بأن في جيشه بعض قتلة عثمان!! مع أن الذين في جيشهم من قتلة عثمان غير قليل! وكذا كان عمرو بن العاص في جيش معاوية وهو من أكبر المحرضين على عثمان حتى أنه حرض عليه الرعاة باعترافه! وكان يجابهه في وجهه وفي المسجد النبوي ويقاطعه وهو يخطب ولقي منه عثمان عنتاً بسبب عزله عن مصر! ومعاوية يعرف هذا تماماً!!
نبقى في طلحة ببن عبيد الله.. ونواصل ذكر الروايات في ثورته على عثمان من مصادر أهل السنة وفي أوثق رواياتهم التاريخية... وهذه الروايات التي أسردها في موقف طلحة ليست فقط اقوى من رواية سيف الكذاب وإنما اقوى من اكثر تاريخ المسلمين... اقوى من روايات فتح الأندلس بل ومن روايات بعض الغزوات النبوية فإن معظم اسير والمغازي بأسانيد أقل صحة من هذه الاسانيد الموصولة والقوية..
حشد من نصوص الإمام علي في مشاركة طلحة ( ومعه عائشة والزبير) في الثورة على عثمان
وهذه الحشد في نهج البلاغة نختار منه بلا ترتيب بعض أقواله ( ولولا أن لها شواهدها في كتب السنة ما نقلتها) و منها:
1- قال الإمام علي في طلحة و قد بلغه خروجه الى البصرة مع الزبير لقتاله : (( و اللّه ما استعجل ( يقصد طلحة ) متجرّدا للطّلب بدم عثمان إلاّ خوفا من أن يطالب بدمه ،لأنّه مظنّته . و لم يكن في القوم أحرص عليه منه . فأراد أن يغالط بما أجلب فيه ، ليلبس الأمر و يقع الشّكّ . و و اللّه ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث : لئن كان ابن عفّان ظالما كما كان يزعم لقد كان ينبغي له أن يوازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه . و لئن كان مظلوما لقد كان ينبغي له أن يكون من المنهنهين عنه ( أي زاجريه عن اتيانه ) و المعذّرين فيه . و لئن كان في شكّ من الخصلتين لقد كان ينبغي له أن يعتزله و يركد جانبا ، و يدع النّاس معه . فما فعل واحدة من الثّلاث ، و جاء بأمر لم يعرف بابه ، و لم تسلم معاذيره . ( الخطبة 172 ، 309 )
2- و من كتاب له ( ع ) الى أهل الكوفة : من عبد اللّه عليّ أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة، جبهة الأنصار و سنام العرب . أمّا بعد فإنّي أخبركم عن أمر عثمان حتّى يكون سمعه كعيانه . إنّ النّاس طعنوا عليه ، فكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه و أقلّ عتابه . و كان طلحة و الزبير أهون سيرهما فيه الوجيف ( الوجيف هو السوق السريع للإبل ) و أرفق حدائهما العنيف . و كان من عائشة فيه فلتة غضب ( يقصد بذلك حين قالت : اقتلوا نعثلا ، تشبهه برجل اسكافي من اليهود ) . فأتيح له قوم ( أي قدّر له ) فقتلوه . و بايعني النّاس غير مستكرهين و لا مجبرين ، بل طائعين مخيّرين . و اعلموا أنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها و قلعوا بها ، و جاشت جيش ( أي غليان ) المرجل . و قامت الفتنة على القطب ( يقصد به الامام نفسه قامت عليه فتنة اصحاب الجمل ) . فأسرعوا إلى أميركم ، و بادروا جهاد عدوّكم . إن شاء اللّه عزّ و جلّ . ( الخطبة 240 ، 442 )
3-من خطبة للامام ( علي ) حين بلغه خبر الناكثين ببيعته و على رأسهم طلحة و الزبير و عائشة : (( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . فلئن كنت شريكهم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه ، و لئن كانوا ولوه دوني ، فما التّبعة إلاّ عندهم . و انّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم ، يرتضعون أمّا قد فطمت ، و يحيون بدعة قد أميتت . يا خيبة الدّاعي ( يقصد به رؤوس أهل الجمل الثلاثة ) ، من دعا؟ و إلام أجيب ؟ و إنّي لراض بحجة اللّه عليهم و علمه فيهم . ( الخطبة 22 ، 67 )
4- و قال ( الإمام علي ) في معنى قتل عثمان : (( لو أمرت به لكنت قاتلا ، أو نهيت عنه لكنت ناصرا ، غير أنّ من نصره لا يستطيع أن يقول : خذله من أنا خير منه . و من خذله لا يستطيع أن يقول : نصره من هو خير منّي . و أنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع . و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع . ( الخطبة 30 ، 83 ) اهـ قلت: ما أحسن هذا الكلام وأنصفه وألصقه بالواقع.
5- و من كلام له ( للإمام علي ) لما بلغه اتهام بني أمية له بالمشاركة في دم عثمان : (( أو لم ينه بني أميّة علمها بي عن قرفي ( أي عيبي ) ؟ أو ما وزع الجهّال سابقتي عن تهمتي؟ و لما وعظهم اللّه به أبلغ من لساني؟ . أنا حجيج المارقين ، و خصيم النّاكثين المرتابين، و على كتاب اللّه تعرض الأمثال ، و بما في الصّدور تجازى العباد . ( الخطبة 73 ، 130 )
6- و من كلام له في شأن طلحة و الزبير : (( و إنّهم ليطلبون حقّا هم تركوه ، و دما هم سفكوه . ( الخطبة 135 ، 248 )
وكان الإمام علي يناصح عثمان إلا أن حاشية عثمان استطاعت أن تنفي علياً إلا ينبع! ثم طلبه عثمان... ثم عملت الحاشية على نفيه مجدداً.. فهي تخشى أن يؤثر على عثمان .. ولذلك نجد الإمام علي يشتكي بحرقة لابن عباس قائلاً: ( « يا ابن عبّاس ما يريد عثمان إلاّ أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب . أقبل و أدبر بعث إليّ أن أخرج ، ثمّ بعث إليّ أن أقدم ، ثمّ هو الآن يبعث إليّ أن أخرج! و اللّه لقد دفعت عنه حتّى خشيت أن أكون آثما » .)!!
هذا هو موقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فانظروا الفرق بين موقفه وموقف من ثار على عثمان وحرض عليه حتى قتل ثم ثار على علي مطالباً بأخذ الثأر ممن قتل وحرض!! إنها الدنيا...
الرواية التاسعة: رواية ابن عباس وهي طويلة سنقتصر على ما يخص طلحة: وفيها يبدو بوضوح تنسيق طلحة مع عائشة.. على الثورة على عثمان وتولي طلحة السلطة.. فعلى عائشة الفتوى والتحريض.. وعلى طلحة قيادةالثورة والاستيلاء على بيت المال وتجريد عثمان من صلاحياته.. فالاستيلاء على بيت المال يومئذ هو استيلاء على الدولة تقريباً! .. فكيف ومعه العسكر المصري وبعض البصري؟
ففي تاريخ الرسل والملوك - (ج 3 / ص 3): قال محمد ( هو الواقدي، وهو ثقة عند التحقيق وليس كما يشيع هؤلاء) قال: فحدّثني ابن أبي سبرة، ( وهو ثقة عند التحقيق) عن عبد المجيد بن سهيل ( صدوق)، عن عكرمة ( فيه خلاف إلا انه لم يكون علوياً بل فيه نصب وهو من رجال البخاري) ، قال: قال ابن عباس: قال لي عثمان رضي الله عنه: إني قد استعملت خالد بن العاص بن هشام على مكة؛ وقد بلغ أهل مكة ما صنع الناس؛ فأنا خائف أن يمنعوه الموقف فيأبى، فيقاتلهم في حرم الله جلّ وعزّ وأمنه. وإن قوماً جاءوا من كلّ فجّ عميق، ليشهدوا منافع لهم؛ فرأيت أن أولّيك أمر الموسم. وكتب معه إلى أهل الموسم بكتاب يسألهم أن يأخذوا له بالحقّ ممن حصره. فخرج ابن عباس، فمرّ بعائشة في الصّلصل؛ فقالت: يا بن عباس؛ أنشدك الله - فإنك قد أعطيت لساناً إزعيلا - أن تخذّل عن هذا الرجل (وفي لفظ: عن هذا الطاغية)، وأن تشكّك فيه الناس؛ فقد بانت لهم بصائرهم وأنهجت، ورفعت لهم المنار، وتحلّبوا من البلدان لأمر قد حمّ؛ وقد رأيت طلحة بن عبيد الله قد اتّخذ على بيوت الأموال والخزائن مفاتيح، فإن يل يسر بسيرة ابن عمه أبي بكر! قال: قلت يا أمّه لو حدث بالرّجل حدث ما فزع الناس إلاّ إلى صاحبنا. فقالت: إيهاً عنك! إني لست أريد مكابرتك ولا مجادلتك. قال ابن أبي سبرة: فأخبرني عبد المجيد بن سهيل؛ أنه انتسخ رسالة عثمان التي كتب بها من عكرمة، ... (وذكر نص رسالة عثمان إلى أهل مكة وهي بليغة وتعبر عن أزمة حقيقية)..
قلت: السند قوي.. - رغم الاختلاف في عكرمة وغيره- وشواهده صحيحة.. سواء في استيلاء طلحة على بيت المال أو تحريض عائشة.. أو تولية ابن عباس على الحج.. وقد سبق موقف عائشة.. وهو مجل إجماع.. وسبق مسألة استيلاء طلحة على بيت المال.. وهو صحيح.. وإمارة ابن عباس على الحج محل إجماع.. فأركان الرواية قائمة بهذه الرواية وبدونها.. وهؤلاء الغلاة في عثمان رضي الله عنه لهم سياسة عجيبة وهي أنهم يقفون عند راوٍ واحد أو اثنين قد صحت الرواية من غير طريقهم، لكنهم يضربون عند هذا الراوي أو ذاك الخيام ويعتكفون ويرددون كالببغاوات.. ( هذا الرجل ضعفه فلان وفلان.. ولا يذكرون التوثيق ولا أن لروايته شواهد ولا أنه اتفق مع غيره ولا إلى قيام اركان الرواية ولا إلى شيء من هذا .. فيتبعهم الغوغاء.. والشبيه يألف الشبيه.. فتضيع الحقيقة ويبقى التخلف). فلا تلتفتوا لدقائقهم الفقيرة.. وانظروا إلى أصل القصة وعنوان القضية.. وسيأتي المزيد..
الرواية العاشرة: رواية اسلم مولى عمر ( رواها الإمام احمد)
ففي مسند أحمد بن حنبل - (ج 1 / ص 74) حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثني القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري حدثني أبو عبادة الزرقي الأنصاري من أهل المدينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز ولو ألقى حجر لم يقع الا على رأس رجل فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه السلام فقال أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فسكتوا ثم قال أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فسكتوا ثم قال يا أيها الناس أفيكم طلحة؟!! فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان الا أراك ههنا؟! ما كنت أرى أنك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني؟ .. الخ.
التعليق: والسند ليس بذاك.. لكن يكفينا أنه روى ما يفيد أن طلحة كان من المحاصرين لعثمان.. فالإمام أحمد هنا شبه معترف بأن طلحة من محاصري عثمان.. لكن أهل الحديث يكتمون كثيراً من الأخبار ويقطعونها.. وخاصة أحمد والبخاري فهم يبترون ما لا يعجبهم من الحديث في الغالب.. غفر الله لهما... نعم الباحث في موضوع معين من حقه أن يأخذ الشاهد فقط.. أما اصحاب المسانيد خاصة كاحمد فلا يحق له حذف شيء من الحديث إلا غذا ذكره مطولاً في مكان آخر عن طريق شيخ آخر فيحيل إليه.. كما يفعل الحاكم وغيره عندكا يشيرون أنه ( سبق مطولاًن او سيأتي مطولا).. أما نحن فيحق لنا أن نقتصر على الشاهد ولذلك تجدون رواياتي هنا مقتصرة على محل الشاهد..
الرواية الحادية عشرة: روايةالحسن البصري التابعي المشهور..
وهو شاهد عيان أيضاً.. فقد كان يوم مقتل عثمان مراهقاً وكان في المدينة ثم انتقل إلى البصرة ثم أصبح من موالي عبد الرحمن بن سمرة الأموي والي معاوية على خراسان وله أحوال عجيبة، إلا انه ضعيف أمام السلطة لكونه مولى، وقد عمر إلى عام 110هـ وهو مشهور، وهو مستقل ليس علوياً ولا أموياً ، إلا أن مقتل عثمان أثر فيه كثيراً، فكان عثماني الهوى.. رحمه الله .. وكان يتهم طلحة والزبير وعائشة بقتل عثمان، ولا أدري هل يشك في أن لعلي بن أبي طالب بعض الدور أم لا، ولعله لا يعلم معاناة علي من الجميع ، من الثوار ومن عثمان واصحابه،..
ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 10 / ص 413) 4583 - فحدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، وعلي بن حمشاذ ، قالا : ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ( ثقة) ، ثنا سفيان ( هو ابن عيينة ثقة) ، ثنا أبو موسى يعني إسرائيل بن موسى ( ثقة ) قال : سمعت الحسن يقول : « جاء طلحة والزبير إلى البصرة فقال لهم الناس : ما جاءكم ؟ قالوا : نطلب دم عثمان قال الحسن : أيا سبحان الله ، أفما كان للقوم عقول فيقولون : والله ما قتل عثمان غيركم ؟ قال : فلما جاء علي إلى الكوفة ، وما كان للقوم عقول فيقولون : أيها الرجل إنا والله ما ضمناك ».
والسند صحيح إلى الحسن!! فكبار التابعين يشهدون أن رؤوس أهل الجمل هم قتلة عثمان ليس بالمباشرة في القتل، ,إنما بالتحريض والحصار والفتوى والاستيلاء على بيت المال وقيادة العساكر الواردة من الأمصار وتوجيهها ( وربما وأكرر ربما كان قتل عثمان بأمر من طلحة.. والله أعلم، وغن حصل هذا فنترضى عن الاثنين وندعو لهما، لكن بلا إخفاء للحقائق، فمرحلة التحليل لا تقوم إلا على حقائق ثابتة ولاتقوم على إخفاء أو تزييف، وإنما تنظر في مدى استحقاق عثمان عند هؤلاء للقتل أم لا، فإن كان عندهم مستحق للقتل فهم متأولون فننظر ما هي أدلتهم؟ هل هي وصية عمر بأن يقوموا من يعوج بعده من الخلفاء بالسيف؟ أم لأن عثمان سبق أن حمى قتلة الصحابي الكبير نيار بن عياض الأسلمي الذي قتلته حاشية عثمان؟ أم لأن الوليد بن عقبة قتل بعض الناس بالكوفة؟ أم لأن ابن أبي السرح قتل بعض المتظلمين وسجن آخرين؟ أم لأن عبد الله بن مسعود مات مقتولاً بعد أن ضربته حاشية عثمان حتى تكسرت أضلاعه ومات من اثر ذلك الضرب المبرح فرأوا ان عثمان كان الآمر مثلاً أو وجدوا ما يؤكد ذلك؟ أم لأنه صح عندهم أنه تسبب في قتل معصومي الدم أو لم يحاسب ولاته في قتلهم لهؤلاء وخاصة بالعراق ومصر، او لأنهم يرون أنه قد غير حكم الشريعة في الأموال وفي الحج والصلاة وغيرها من الأحكام التي يرون أن عثمان قد أخل بها وغير فيها، أم ماذا؟ وإن كان عندهم غير مستحق للقتل ثم قتلوه فقد ارتكبوا الجرم عن سابق إصرار وترصد وتعمد.. وبغض النظر عن أي نتيجة فهذا لا يمنع بل هو محفز لنا أن نستغفر للجميع وندعو لهم..
شاهد عن الحسن في نقد طلحة: وفي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) : وحدثني عمر قال حدثنا علي قال حدثنا أبو بكر البكري عن هشام بن حسان عن الحسن: أن طلحة بن عبيدالله باع أرضا له من عثمان بسبعمائة ألف فحملها إليه فقال طلحة إن رجلا تتسق هذه عنه وفي بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله عزوجل لغرير بالله سبحانه فبات ورسوله يختلف بها في سكك المدينة يقسمها حتى أصبح فأصبح وما عنده منها درهم قال الحسن وجاءها هنا يطلب الدينار والدرهم أو قال الصفراء والبيضاء اهـ
السند قوي والحسن يتهم طلحة أنه ما أخرجه إلى البصرة مع أهل الجمل إلا المال اهـ والغريب أن هذا الذي قاله الحسن قد ااعترف به بعض أهل الجمل.. باسانيد صحيحة كقول بعضهم ( علمنا أن بالبصرة دراهم)! ولكن لا يسعنا هنا التوسع، وأنما نمشي مع المسلسل خطوة خطوة... لنكشفه في كل منعطف وأنه مسلسل زيف لا يمت للتاريخ بصلة..
الرواية الثانية عشرة: رواية مروان بن الحكم:
وهو عثماني ناصبي مشهور، وقد وافق السنة والشيعة بأن طلحة كان على الأقل من كبار المحرضين على عثمان.. بل زعم مروان أنه أحد قتلة عثمان.. وقد قام مروان بقتله رغم أنهما في جيش واحد! وتذكروا رواية ابن الأخنس ( في نية مروان وأمثاله من الحريصين على ضرب الناس بعضهم ببعض) فهو وأمثاله هم من قام بدور ابن سبأ وليس ابن سبأ والأسانيد في اتهام مروان لطلحة رغم صحتها وكثرتها لم نكن لنأخذ بها لولا أنها صحت من غير طريقه لأن مروان فاسق ولا نصدق أخباره ولا أحاديثه إلا ما دلت القرائن على صحتهامن غير طريقه..
وقد توسع الإمام ابن عبد البر في الإستيعاب في معرفة الأصحاب - (ج 1 / ص 232) أثناء ترجمته لطلحة في سرد الروايات الصحيحة والحسنة في قتل مروان لطلحة واعتذاره عن ذلك بأن سببه كون طلحة من قتلة عثمان فقال ابن عبد البر في ترجمة طلحة في الاستيعاب:
(( وروى معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الجارود بن أبي سبرة قال: نظر مروان بن الحكم إلى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فقتله. وروى حصين عن عمرو بن جاوان قال: سمعت الأحنف يقول لما التقوا كان أول قتيل طلحة بن عبيد الله. وروى حماد بن زيد عن قرة بن خالد عن ابن سيرين قال: رمي طلحة بن عبيد الله بسهم فأصاب ثغرة نحره قال: فأقر مروان أنه رماه. وروى جويرية عن يحيى بن سعيد عن عمه قال: رمى مروان طلحة بسهم ثم التفت إلى أبان بن عثمان فقال: قد كفيناك بعض قتلة أبيك.
وذكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أسامة قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: حدثنا قيس قال: رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته. ...الخ . قال: وأخبرنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال: كان مروان مع طلحة يوم الجمل فلما اشتبكت الحرب قال مروان: لا أطلب بثأري بعد اليوم. قال: ثم رماه بسهم فأصاب ركبته فما رقأ الدم حتى مات وقالك دعوه فإنما هو سهم أرسله الله. حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد السلام بن صالح حدثنا علي بن مسهر حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم : أن مروان أبصر طلحة بن عبيد الله واقفاً يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم فرماه بسهم فأصاب فخذه فشكها بسرجه فانتزع السهم عنه فكانوا إذا أمسكوا الجرح انتفخت الفخذ فإذا أرسلوه سال فقال: طلحة دعوه فإنه سهم من سهام الله تعالى أرسله فمات .. الخ
وكذلك ابن حجر صحح قتل طلحة بيد مروان واتهام مروان لطلحة بقتل عثمان فقال في الإصابة في معرفة الصحابة - (ج 2 / ص 70)
(( وروى بن عساكر من طريق متعددة أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله منها. وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة فقال لا أطلب ثأري بعد اليوم فنزع له بسهم فقتله. وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل فقال هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته فما زال الدم يسيح حتى مات أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس وأخرج الطبراني من طريق يحيى بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند قال رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته فما زوال الدم يسيح إلى أن مات وكان ذلك في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين من الهجرة وروى بن سعد أن ذلك كان في يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة وله أربع وستون سنة)) انتهى كلام ابن حجر .. والأسانيد في هذا الموضوع كثيرة جداً.. وهو محل إجماع الطوائف الإسلامية كافة شيعة وسنة ونواصب ومعتزلة، وعند جميع أهل الفنون، من محدثين ومترجمين وشعراء ونسابين ومؤرخين..الخ، وأنا اقطع من الآن بأن المسلسل سيقترح قاتلاً يستمزجه ولم يذكره قبله أحد ! فانتظروا ماذا سيفعل المسلسل...! وانظروا الفرق بينه وبين التاريخ وحقائقه..
الرواية الثالثة عشرة : رواية عميرة بن سعد الهمداني ( نحو 80هـ):
ففي مصنف ابن أبي شيبة [ جزء 7 - صفحة 525 ] حدثنا أبو المورع قال أخبرنا العلاء بن عبد الكريم عن عميرة بن سعد قال : لما قدم طلحة والزبير ومن معهم قال قام رجل في مجمع من الناس فقال : أنا فلان بن فلان أحد بني جشم فقال : إن هؤلاء الذين قدموا عليكم إن كان إنما بهم الخوف فجاؤوا من حيث يأمن الطير وإن كان إنما بهم قتل عثمان فهم قتلوه وإن الرأي فيهم أن تنخسف بهم دوابهم حتى يخرجوا اهـ..
والسند شاهد... ويشهد له أن اهل البصرة رددوا هذه التهمة كثيراً في حوارهم مع عائشة وطلحة فكانوا يجابهونهم بالاستغراب من تحريضهم على عثمان حتى قتل ثم طلبهم بدمه؟ كان خروجهم محل غرابة الناس بعكس خروج معاوية .. فكان أهل العصبية يعقلون خروجه، وأهل الدين يعرفون نفاقه. لكن أهل الجمل كان خروجهم محل دهشة الجميع إلى اليوم!
الرواية الرابعة عشرة: رواية عبد الله بن الزبير ( 73هـ):
وهي من أعجب الروايات.. اما العجب فيأتي من ان ابن الزبير كان من أهل الجمل وكان من المدافعين عن عثمان وكان أعلم الناس بأعداء عثمان والمحرضين عليه والمحاصرين له.... تعالوا إلى الرواية. يقول عمر بن شبة ( 262هـ) في كتابه تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1197): حدثنا علي بن محمد ( هو المدائني ثقة) ، عن أبي عمرو ( عن) الزهري، عن محمد ابن كعب القرظي، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: كنت مع أبي فتلقانا علي في بني غنم فقال لأبي: إني أستشيرك في أمرنا هذا ؟ فقلت له: أنا أشير عليك، أن تطيع إمامك، فقال أبي: بني خل عن خالك يقض حاجته، ودعني وجوابه، فقال علي رضي الله عنه: إن ابن الحضرمية ( يعني طلحة) قد قبض المفاتيح واستولى على الامر. فقال أبي: دع ابن الحضرمية فإنه لو قد فرغ من الأمر لم تكن منه بسبيل، الزم بيتك، قال: قد قبلت، وانصرف وأتى أبي منزله، فلم ألبث أن جاءني رسوله فأتيته، فإذا وسادة ملقاة، فقال: أتدري من كان على الوسادة ؟ قلت: لا، قال: علي أتاني فقال: قد بدا لك أني لا أدع ابن الحضرمية وما يريد، فلما كان يوم العيد صلى علي رضي الله عنه بالناس، فمال الناس إليه وتركوا طلحة، فجاء طلحة إلى عثمان رضي الله عنه يعتذر، فقال عثمان: الآن يا ابن الحضرمية! ألبت الناس علي حتى إذا غلبك علي على الامر، وفاتك ما أردت جئت تعتذر؟ ، لا قبل الله منك) اهـ..
قلت: وللحديث شاهد من طريق ابن سيرين في استيلاء طلحة على بيت المال..وسبقت رواية ابن عباس في المعنى أيضاً.. ومراسيل ابن سيرين في مثالب بني أمية من اصح المراسيل على وجه الأرض لأنه بصري أموي الهوى.. وروايةابن الزبير هذه قوية.. فالروايات كما ترون يدل بعضها على بعض ... ويقوي بعضها بعضاً.. وتسير في نهر واحد..
الرواية الخامسة عشرة: رواية أم عبد الله بن رافع:
ففي التاريخ الصغير للإمام البخاري - (ج 1 / ص 108) قال: حدثني إبراهيم بن المنذر حدثني عياش حدثني موسى عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت: خرجت الصعبة بنت الحضرمي قالت فسمعتها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرد عنه.
قلت: الصعبة هي أم طلحة..
وفي المعجم الكبير للطبراني الحنبلي - (ج 1 / ص 85): حدثنا أحمد بن يزيد بن هارون المكي القزاز ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قالت : خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لابنها طلحة بن عبيد الله : إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه قالت : و طلحة رضي الله عنه يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت : أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول ثم خرج حتى أتى عليا رضي الله عنه وهو جالس في جنب داره فقال طلحة رضي الله عنه ومعه أمه و أم عبد الله بن رافع : لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره قال : فنقر بقدح في يده ثلاث مرات ثم رفع رأسه فقال : والله ما أحب من هذا شيئا تكرهه ..اهـ
والخبر في تاريخ دمشق - (ج 39 / ص 367):
إبراهيم بن المنذر الحزامي نا عباس بن أبي شملة عن موسى بن يعقوب الزمعي عن أخيه محمد بن يعقوب عن عبد الله بن رافع عن أمه قال : خرجت الصعبة بنت الحضرمي فسمعناها تقول لإبنها طلحة بن عبيدالله إن عثمان قد اشتد حصره فلو كلمت فيه حتى يرفه عنه قالت وطلحة يغسل أحد شقي رأسه فلم يجبها فأدخلت يديها في كم درعها فأخرجت ثدييها وقالت أسألك بما حملتك وأرضعتك إلا فعلت فقام ولوى شق شعر رأسه حتى عقده وهو مغسول ثم خرج حتى أتى عليا وهو جالس في جنب داره فقال طلحة ومعه أمه وأم عبد الله بن رفع لو رفهت عن هذا فقد اشتد حصره قال فنقر بقدح في يده ثلاث مرات ثم رفع رأسه فقال والله ما أحب من هذا شيئا يكرهه اهـ
التعليق: هذه أم طلحة نفسه ... كانت تتشفع به ليفك الحصار عن عثمان!
ويظهر أنه لم يطعها ... فليس في الرواية أنه نفذ رغبتها ولا في الروايات الأخرى الأقوى والأكثر..
الرواية السادسة عشرة : رواية سعيد بن المسيب
وفيها خلاف.. نأخذ منها الشاهد..
ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1304) بإسناده عن سعيد بن المسيب قال:
(( ... وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كره منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان))،
التعليق: السند مختلف فيه... رجاله ثقات إلا أن فيه رجل يشتبه في تدليسه شيخه.. وعلى كل حال فطلب تسليم مروان ( الذي كتب الكتاب المشئوم) كان مطلباًجماهرياً طاغياً.. ليس لكتابته ذلك الكتاب فقط وإنما لإبعاده عن عثمان حتى لا يكتب للولاة بقتل فلان وفلان ويخون عثمان ويفتئت عليه.. فمن يضمن لهم لو أنهم رجعوا ألا يأتي كتاب آخر من مروان يأمر والي مصر بقطع أيديهم وأـرجلهم من خلاف ؟ وتمسك عثمان بمروان بعد ثبوت خيانته من أسباب فقدان الثقة بين عثمان والثوار من صحابة وأجناد.. وهو من أسباب بقاء الثوار في المدينة وإصراراهم على عزل عثمان بعد أن ثبت لهم فشله في إدارة الدولة حسب وجهة نظرهم على الأقل.. وعثمان خشي إن سلمهم مروان أن يقتلوه... وهو لا يستحق القتل وإنما التعزير ونحوه.. لكن عثمان هو الخليفة وهو صاحب الحق العرفي في معاقبة مروان أو العفو
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:07 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (4) موقف الزبير بن العوام
موقف الزبير بن العوام من عثمان بن عفان وسياسته في المال والإدارة والآن نأتي إلى دور الزبير بن العوام وموقفه من عثمان رضي الله عنهما وسامحهما وحقيقة لا بد هنا من القول: أن موقف الزبير كان عاقلاً إلى حد بعيد.. وليس له حماس أم المؤمنين عائشة ولا طلحة بن عبيد الله... فلم يشارك في فتوى ولا محاصرة ولا تحريض.. ( وكان عثمان قد أحسن إليه واجازه بستمائة الف درهم وقد بها العراق واصبح تاجراً، إلا أن موقف عثمان من ابن مسعود وما جرى له من ضرب على يد موالي عثمان وحاشيته، ووصية ابن مسعود إلى الزبير بأيتامه، ووصية ابن مسعود للزبير إلا يصلي عليه عثمان، وما جرى بين الزبير وبين عثمان في هذا الشأن بما يخص عطاء أيتام ابن مسعود، ربما أسهم هذا أو أفسد إحسان عثمان إليه) إلا أن معارضته لم تبلغ معارضة عائشة وطلحة بل لا تبلغ معارضته كمعارضة عمار أوأبي ذر أوابن مسعود.. فهؤلاء الثلاثة أكثر حماساً من الزبير في الإنكار على عثمان .. ولكن بما أن طلحة والزبير يذكران معاً ، وشهد الجمل معاً، فقد ظن الناس أن نسبة معارضة الزبير لعثمان أو حتى خصومته للإمام علي هي كطلحة وعائشة... وهذا غير صحيح.. لذلك لا أستطيع أن أسمي معارضته ( تحريضاً) كما يقال في تحريض أم المؤمنين عائشة وطلحة بن عبيد الله إلا أنه معارض لسياسة عثمان وكفى.. وهذا يجعله في الصف الآخر المعارض لعثمان.. وكذلك علي بن أبي طالب .. معارض لسياسة عثمان لكنه ليس محرضاً عليه.. وهذا القسم الثاني من الصحابة ليسوا محايدين بين عثمان والثوار كلا.. هم يرون أن الثوار على حق في مطالبهم، وان مطالبهم شرعية وأن سبب الفساد هم ولاة عثمان وحاشيته وتصرفاته في الأموال والإدارة (وهذا معنى الحديث: فساد أمتي على أيدي أغليلمة سفهاء من قريش) فهؤلاء الولاة هم سبب مقتل عثمان، وسبب الفتنة، وسبب التحريف الثقافي والعلمي والروائي.. إلا ان هؤلاء الصحابة المعتدلين في معارضة عثمان لم يحاصروا ولم يحرضوا ولم يرموا بسهم ولم يمنعوا ماء ولم يفتوا بقتوى ضد عثمان..الخ
وعلى كل حال سنعرض - بعد قليل- الروايات في معارضة الزبير لعثمان ثم أنتم تحكمون هل الحق معي في فصله عنهما أم أنه تخطى مرحلة المعارضة والإنكار إلى التحريض والحصار... وهذا التفصيل واجب عند من يقتنع به.. أعني ليس من شأن أهل العلم - والمتشبهين بهم أمثالنا- خلط الأوراق..وحشر الناس في قالب واحد دون تفصيل، كلا.. وانا احاول ان أكون دقيق الالفاظ، وقد أفشل أحيايناً، لكن لعل أكثركم تابعني في موضوعات كثيرة ومنها موضوع النصب مثلاً، فتلحظون أنني أقول : وفلان فيه نصب، وكلمة فيه نصب ليست ككلمة ناصبي، وغذا قلت فلان ناصبي فغالباً أعقب بقولي: ولكن نصبه من النصب الخفيف بجهل وتقليد وليس كنصب فلان عن تعمد وعلم.. بينما هؤلاء إذا أطلقوا كلمة ( رافضي) أو ( علماني) فحدث ولاحرج! والدقة أراها من امانة العلم وأمانة الكلمة وغفر الله لنا تقصيرنا في ذلك..
الرواية الأولى : رواية أبي سعيد مولى أبي اسيد الساعدي
وهي تتعلق بموقف الزبير من الاحتكار وإنكاره على عثمان:
ففي المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 9 / ص 359) قال إسحاق ( ابن راهويه ثقة) : أنا معتمر بن سليمان ( ثقة) ، سمعت أبي (ثقة) يقول : أنبأنا أبو نضرة (ثقة) ، عن أبي سعيد يعني مولى بني أسيد (ثقة وهو شاهد عيان) : أن عثمان ، نهى عن الحكرة ، فلم يزل الرجل يستشفع حتى يترك مولاه ، فدخل الزبير بن العوام السوق فإذا هو بموالي بني أمية يحتكرون ، فأقبل عليهم ضربا ، فبينا هو كذلك ، إذ بعثمان مقبلا على بغلة أو على دابة فمشى إليه فأخذ بلجام البغلة فهزه هزا شديدا وأراه قال له : إنك وإنك ، غير أنه اشتد عليه في القول ، ثم تركه فلما نزل ألقيت له وسادة فجلس عليها ، وجاء الزبير فسلم عليه ، وقال : والله يا أمير المؤمنين ، إني لأعلم أن لك علي حقا ، ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر . فقال له عثمان : اجلس ، فأجلسه على الوسادة إلى جنبه
التعليق: السند صحيح.. ومعارضة الزبير هنا عاقلة.. كما ترون.. وهي تبين شخصية الزبير .. أنه شريع الغضب مع طيبة قلب .. وسنرى في موقعة الجمل كيف ذكره الإمام علي بحديث فرجع ولم يقاتل ..
وهذه الرواية لا تصلح وحده في معارضة الزبير لعثمان، بل إنما اوردتها لبيان شخصية الزبير وأنها تختلف عن شخصية طلحة وعائشة... فهذان الاثنان كانت فيهما حدة شديدة وغضب سريع ولا ينسيان .. غفر الله للجميع.. والرواية أيضاً تبين أن بني أمية كانوا يتصرفون بما يستفز الناس محتمين بعثمان وخلافته..حتى وغن لم يقرهم ولا يرضى أفعالهم لكنهم يفعلون في المدينة ما لا يرضاه عثمان اعتماداً منهم على رقة عثمان معهم وحبه لهم وتركه معاقبتهم... وإذا كان هؤلاء يفعلون في المدينة ما لا يرضي عثمان حتى أنهم كتبوا على لسانه وختموا بختمه وبعثوا بغلامه في قتل زعماء الثورة فكيف سيكون تصرف ولاة عثمان؟ اعني إذا كانت موالي بني أمية لا تخشى عقوبة عثمان فكيف بالأمراء الكبار والحاشية المتنفذة؟ لابد أن يستحكم الفساد ويستطيلون على عباد الله ويكثرون من كنز الأموال ويعاقبون بغير الشريعة وكل هذا قد حصل وستلاحظونه في استعراض الروايات... كان الأولى بالمسلسل والقائمين عليه أن يغوص في هذه الأمور ويكشفها وسيجد فيها كثيراً من أعذار عثمان قد تكون أكثر أعذار عثمان هي في حبه لقرابته وستامحه معهم وأمنهم عقوبته.. وهذا بخلاف عمر وعلي فقد كانا شديدين على قرابتهما إن اساء أحد منهم استخدام القرب من الخليفة..
تنبيه: لن نكرر ما اشترك فيه مع طلحة من الروايات التي سبقت في موقف طلحة كرواية ابن الأخنس وابن عباس وأقوال علي بن أبي طالب..
الروايةالثانية : رواية البلاذري
زهي تبين شدة الزبير على عثمان فقط... وقد أقدم بعض الروايات الضعيفة الإسناد كهذه على الروايات القوية لجاهزيتها الآن..
ففي أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 258) وجدت في كتاب لعبد الله بن صالح العجلي: ذكروا أن عثمان نازع الزبير، فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا فقال عثمان: بماذا؟ بالبعر يا أبا عبد الله؟ قال: لا والله ولكن بطبع خبابٍ وريش المقعد، وكان خباب يطبع السيوف وكان المقعد يريش النبل. زهر الأكم في الأمثال و الحكم لليوسي - (ج 1 / ص 77) فتكالم الزبير وعثمان فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا قال ( عثمان): أبالبعر، يا أبا عبد الله؟ فقال الزبير: بل بضرب خباب وريش المقعد أي نتقاذف بالسيف والسهام. القاموس المحيط - (ج 1 / ص 53) فقال الزُّبَيْرُ: إن شِئْتَ تَقاذَفْنا، فقال: أَبِالبَعَرِ يا أبا عبدِ الله؟ قال: بل بِضْرَبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ، والمُقْعَدُ: كانَ يَرِيشُ السِّهَامَ. تاج العروس - (ج 1 / ص 442) وخَبَّابٌ كشَدَّادٍ اسمُ قَيْنٍ بِمَكَّةَ زِيدَتْ شَرَفاً كانَ يَضْرِبُ السُّيوفَ الجِيَادَ ويَدُقُّهَا حتى ضُرِبَ به المَثَلُ ونُسِبَتْ إليه السُّيُوفُ ومِمَّا ذَكَرَ أَهْلُ التَّوَارِيخِ أَنْ تَكَالَمَ الزُّبَيْرُ وعُثْمَانُ رَضِيَ الله عنهما في أَمْرٍ منَ الأُمُورِ فقالَ الزُّبَيْرُ : إنْ شِئتَ تَقَاذَفْنَا مِنَ القَذْفِ وهو الرَّمْيُ فَقَالَ عُثْمَانُ : أَبِالْبَعَرِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ؟ كأَنَّهُ اسْتَهْزَأَ بِهِ! قَالَ : بَلْ " بِضَرْبِ خَبَّابٍ ورِيشِ المُقْعَدِ يَعْنِي بضَرْبِ خَبَّابٍ السَّيْفَ وبرِيشِ المُقْعَدِ النَّبْلَ والمُقْعَدُ على صِيغَةِ المَفْعُولِ : اسمُ رَجُلٍ كَانَ يَرِيشُ السِّهَام اهـ
الرواية الثالثة: رواية ابن جعدبة:
قال البلاذري : حدثني المدائني عن ابن الجعدبة قال : مر علي بدار بعض آل أبي سفيان فسمع بعض بناته تضرب بدف وتقول : ظلامة عثمان عند الزبير * وأوتر منه لنا طلحه هما سعراها بأجذالها * وكانا حقيقين بالفضحه فقال علي : قاتلها الله ، ما أعلمها بموضع ثأرها؟ اهـ
قلت: السند ضعيف ومرسل.. ولكن مع كثرة الروايات هل تدل على معارضة؟
يجب متابعة هذه الأبواب لأننا سنضيف إليها باستمرار.. فمثلاً هنا: كان الزبير من الذين اشتركوا في الإنكار على عثمان تولية الوليد بن عقبة وعزل سعد بن أبي وقاص.. فالوليد بن عقبة أموي فاسق وسعد بن أبي وقاص مهاجري بدري صالح.. فأنكر الزبير مع آخرين كسعد نفسه وعلي وطلحة على عثمان تولية هذا الفاسق والرويات كثيرة وأحسنها سياقاً ما رواه البلارذي في أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 265) قال : حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف / ومحمد بن سعد عن محمد ابن عمر الواقدي: أن عمر بن الخطاب أوصى أن يقر عُماله من ولي الأمر بعده سنة وأن يولي سعد بن أبي وقاص الكوفة، ويقر أبا موسى الأشعري على البصرة، فلما ولي عثمان عزل المغيرة بن شعبة وولى سعداً الكوفة سنةً ثم عزله وولى أخاه لأمه الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية، فلما دخل الكوفة قال له سعد: يا أبا وهب، أأمير أم زائر؟ قال: لا بل أمير! فقال سعد ما أدري ( أكست بعدنا أم) أحمقت بعدك؟ قال: ما حمقت بعدي ولا كست بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا! فقال سعد: ما أراك إلا صادقاً! وقال الناس: بئسما ابتدلنا به عثمان، عزل أبا إسحاق الهين اللين الحبر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولى أخاه الفاسق الفاجر الأحمق الماجن، فأعظم الناسُ ذلك! وكان الوليد يُدعى الأشعر بركأ، والبرك الصدر. وعزل أبا موسى عن البصرة وأعمالها وولى عبد الله بن عامر بن كريز، وهو ابن خاله فقال له عليّ بن أبي طالب وطلحة والزبير: ألم يوصيك عمر ألا تحمل آل مُعيط وبني أمية على رقاب الناس؟ فلم يُجبهم بشيْ. اهـ
التعليق ولا تصدقون هؤلاء في تضعيفهم المؤرخين الأحرار كالواقدي والمسعودي والكلبي وأبي مخنف وغيرهم.. نعم هؤلاء ق يروون الضعيف والصحيح لكنهم ثقات فيما ينقلونه وإذا أتى ضعف فإنما هو ممن رووا عنه او من انقطاع في الرواية أو قلة حفظ أو اختلاط الخ.. مثلما نحن يكذبوننا ونحن صادقون ولكننا قد نروي ما لا يصح ليس لأننا افتريناه ولكن لأننا وثقنا في مصدر لم يكن موثوقاً.. وعملهم وعملنا يشبه عمل المراسلين الصحفيين فالمراسل قد يوروي خبراً عن مواطن في مظلمة أو عن مسئول في مكرمة ثم قد يكذب ذلك المواطن أو يزيد في الخبر... وقد يكذب ذلك المسئول أو ينقص في الخبر.. فما ذنب المراسل إذا كان قد وثق الخبر في تسجيل صوتي.. أما الحمقى فسيعاقبونه وأما العقلاء فسيبرؤونه..
وغلاة السلفية يذمون الواقدي وأبي مخنف والكلبي وأمثالهم لأنهم صادقون وينقلون الأخبار كلها ما نحب منها وما نكره.. وأما الذين يكتمون بعض التاريخ ويبيحون ببعض فهذا يوثقونه ويوصون به.. بمعنى يكذب الصادق ويؤتمن الخائن.. وهذه من علامات القرن الثالث ومن بعدهم كما قال حذيفة بن اليمان ( خذو الحديث حلوه بمره، ولا يصلح حلوه إلا بمره، فسيأتي بعدكم قوم يأخذون حلو الحديث ويدعون مره)!
وترك الأخبار المؤسفة ونشر المفرحة هي من عادات الأطفال فالطفل يحب مثل هذه الأخبار المثالية.. وكذلك العامة يتألمون جداً إذا قام بطل المسلسل بعمل مشين.. والباحثون في الأمة قليل.. اعني الذين يريدون الحقيقة مهما كانت .. حتى يبنون عليها فهم كل شيء.. .. ومن خلال بحثي الطويل الهاديء وجدت أن كثيراً مما يضعفهم هؤلاء إنما ضعفوهم لحريتهم وأمانتهم وأن كثيراً ممن وثقهم هؤلاء إنما وثقوهم لخيانتهم .. خذوا هذا القول مني الآن وقولوا مجنون! لكن إن وجدتم حقيقته ولو بعد دهر فادعو لي ولو بعد موتي..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:08 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (5) الموقف العام للصحابة
الروايات العامة : هذه الروايات تكشف أن كبار الصحابة كانوا أكثر حماساً من الثوار في الثورة قيادات الرأي العام من كبار الصحابة وأمهات المؤمنين كاتنوا يحرضون الثوار على القدوم إلى المدينة بعد أن توقفوا خارج المدينة.. للضغط على عثمان.. منها:
الرواية الأولى:
روى البلاذري (أنساب الأشراف – بنو عبد شمس ص 560): حدثني عمرو بن محمد عن قبيصة بن عقبة .... وقبله ابن سعد في الطبقات (3/ 65) أخبرنا قبيصة بن عقبة (هو السوائي ثقة من رجال الجماعة) عن سفيان (هو الثوري ثقة إمام من رجال الجماعة) عن أبي إسحاق (وهو السبيعي ثقة من رجال الجماعة) عن عمرو بن الأصم قال: (كنت فيمن أرسلوا من (جيش) ذي خشب، فقالوا لنا : سلوا أصحاب رسول الله واجعلوا علياً آخر من تسألونه أنقدم؟، قال: فسألناهم، فقالوا: أقدموا إلا علياً فإنه قال: لا آمركم فإن أبيتم فبيض سيفرخ).
ورواه البلاذري (ص 560) بسند آخر (حدثني أحمد بن هشام بن بهرام حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبيد بن عمير ..) مختصراً ومقتصراً على قول علي (لا آمركم بالإقدام على عثمان فإن أبيتم فبيض سيفرخ)..
ورواه أبو بكر ابن أبي شيبة (15/225) - بلفظ أطول من هذا قليلاً - عن وكيع حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن عمرو بن عبيد الخارفي قال : (كنت أحد النفر الذين قدموا فنزلوا بذي المروة فأرسلونا إلى نفر من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأزواجه نسألهم : أنقدم أو نرجع؟ وقيل لنا: اجعلوا علياً آخر من تسألون، قال: فسألناهم فكلهم أمر بالقدوم ، فأتينا علياً فسألناه، فقال: سألتم أحداً قبلي؟ قلنا نعم: قال فما أمروكم به؟ قلنا: أمرونا بالقدوم، قال : لكني لا آمركم بيض فليفرخ)..
ورواه عمر بن شبة (3/1126) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير (الحميدي) حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصم ..باللفظ نفسه.
ورواها عمر بن شبة (3/1126) حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن عبد الله لفظ آخر طويل فيها زيادات مهمة ولفظ الرواية: (أنه وزياداً مرا على أهل مصر بذي خشب- وهذا يعني أنه لم يكن منهم- فقال: أتريدون أن أبلغ عنكم أصحاب رسول الله وأزواجه؟ فأرسلوهما إلى المدينة إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه واستشاروهم في القدوم على عثمان وأمروهما أن يجعلا علياً من آخر من يأتيانه......فأما علي فقال لهما: هل أتيتما أحداً قبلي؟ قالا: نعم أزواج رسول الله وأصحابك ، قال: فما أمروهم؟ قالا: أمروهم بالقدوم، قال علي: لكني لا آمرهم بالقدوم ، ولكن ليبعثوا إليه من مكانهم فليستعتبوه، فإن أعتبهم فهو الذي يريدون وإن أبوا إلا أن يقدموا فبيض فليفرخوه ...) اهـ.
إسناد الرواية:
الرواية صحيحة الإسناد (بالمعنى العام أي قوية موثقة) كلهم ثقات وأما التابعي عمرو بن عبيد الخارفي فهو تابعي شاهد عيان وقد ذكره ابن حبان في الثقات وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل والبخاري في التاريخ الكبير ولم يذكروه بجرح وهو شاهد عيان وقد توبع من أحد رفاقه (عمرو بن عبد الله بن الأصم) وقد ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/242) ولم يذكر فيه جرحاً وهو من الرواة عن ابن مسعود في ذلك الوفد الذي أرسله الثوار من ذي خشب. ويبقى هناك شك في أن عمرو بن عبيد هو عمرو بن الأصم لكن والد الأصم اسمه عبد الله ثم لو كانا واحداً فهو تابعي شاهد عيان لم يذكر بجرح وسكت عليه البخاري وابن أبي حاتم ومثل هذا يقبل حديثه لا سيما في الأخبار وإذا كان له شواهد (وستأتي).
متن الرواية: 1- وهؤلاء المرسلون (بفتح السين) أرسلهم الثوار من ذي خشب شمال المدينة ليسألوا رؤوس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أمهات المؤمنين (على الأقل) ولابد أن يكون في مقدمة هؤلاء علي وطلحة والزبير وعائشة وأمثالهم لأنهم قيادات الرأي في تلك الأيام. 2- فكلهم طلب من الثوار القدوم إلى المدينة للإنكار على عثمان إلا علياً لم يأمرهم بذلك. 3- وطلبهم قدوم الثوار دليل على أن الثوار في الجملة يقصدون الخير وأن رؤوسهم معروفة عند الصحابة وأن الصحابة يرون في قدومهم تحفيزاً لعثمان على تغيير سياساته المالية والسياسية فيما يخص الولاة وبيت المال والظلم الذي يجده الناس من مروان وابن أبي السرح وغيرهم من ولاة عثمان .
4- ويظهر أن هذه في القدمة الأولى لأن عثمان لما علم بهم أرسل إليهم علياً في جماعة من الصحابة ليعرف مطالبهم ويكونوا واسطة بينهم وبينه، فعرفوا مطالبهم وقدموها لعثمان ووعدهم عثمان ثم أثناء عودتهم إلى مصر جاء الكتاب المشئوم من مروان (كبير حاشية عثمان) يأمر والي مصر بقتل بعض رؤوس الوفد فعادوا وعرضوا الكتاب على الصحابة وهنا اكتمل السخط وتم حصار عثمان ومطالبته بالإعتزال أو تسليم مروان فكان الحصار إلى أن وقع قتل عثمان رضي الله عنه (من بعض الأعراب الذين أفسدوا جمال هذه المظاهرة التي تظهر كيفية المعارضة وأن الصحابة كانوا على تأييد إنكار المنكر ومحاسبة الحاكم وشدة مراقبة الأموال والولاة ) .
الرواية الثانية:
مارواه عمر بن شبة (..أنهم خرجوا غضباً لعثمان وتوبة مما صنعوا من خذلانه) (فتح الباري4/490 وقد ذكر الحافظ أنه سينقل من تاريخ البصرة لعمر بن شبة ما كان صحيحاً أو حسناً والكتاب مفقود واعتمادنا هنا على تصحيح ابن حجر).
الرواية الثالثة:ر وى ابن عساكر ( ص220 من ترجمة عثمان) من طريق محمد بن إسماعيل (أظنه البخاري) عن سليمان بن حرب عن أبي هلال عن الحسن البصري قال: (عمل أمير المؤمنين عثمان ثنتي عشرة سنة لا ينكرون عليه من إمارته شيئاً حتى جاء فسقة فداهن والله في أمره أهل المدينة).
إسناد الرواية: قوي إلى الحسن وهو شاهد عيان لكنه كان صغيراً. متن الرواية:
قول الحسن السابق غير صحيح من حيث أنهم لم ينكروا على عثمان شيئاً طيلة خلافته فهذا يخالف ما تواتر في التواريخ وصحاح الأخبار، ولعل تصرف بعض الرواة في اللفظ فالرواة بصريون والبصرة كانت عثمانية، وهذه الرواية نموذج من الروايات العثمانية التي بقي التيار السلفي على حبها وتفضيلها ونشرها ، ولكن هذا لا يخدم الحقيقة، لأن التاريخ يحتاج بيان الخلل ولولا ذلك لما قال الله عز وجل عن الصحابة يوم أحد (قل هو من عند أنفسكم)، فالوقوف على الأخطاء منهج علمي بغض النظر عن مرتكب الخطأ وعذره. لكن في متن الرواية (مداهنة أهل المدينة - وهم المهاجرون والأنصار- في أمر عثمان ) وهذا له شواهده من حيث وقوفهم في الجملة مع مطالب الثوار وإنكار بعض سياسيات عثمان.
الرواية الرابعة:
معاتبة عثمان للصحابة لأنهم في نظره (أذاعوا السيئة وكتموا الحسنة ) تاريخ دمشق ص 243. والرواية مرسلة وأما متنها فهي واضحة أن الصحابة (يعني رؤوسهم ) كانوا يذيعون بعض أخطاء عثمان ليس من باب نشر السيئات لكنهم يتذاكرون أخطاء عثمان وفشت في المدينة والأمصار.
وهذا يعني أن الصحابة وخاصة كبارهم هم أقرب لمطالب الثوار من عثمان وإلا لما عاتبهم، كما أن في الرواية أن عثمان يعترف بأنها صدرت منه أخطاء سمها (سيئات) واعتمد على أنه له سابقة وفضل وله سياسات وأعمال يجب ألا يغفلوها (مثل جمع الناس على المصحف الإمام وتوسعة المسجد وإقامة الحد على الوليد...) وكأن الصحابة يرون أن هذه السوابق والأعمال الحسنة لا تسوغ السكوت عن بعض السياسات الرئيسة من تخصيص القرابة الأموية بالولايات والأموال واللين في محاسبتهم على ما يرتكبونه من مظالم في حق الناس.
فعثمان والصحابة المخالفون له (وهم قيادات الرأي منهم) كل حسن النية فيما يفعل وعثمان تأول فأخطأ وهم أنكروا هذا التأويل ورأوه منكرا.
الرواية الخامسة:
رواية الأحنف المشهورة فإن فيها لفظاً أخفاه بعض المؤلفين وأظهره ابن شبة في تاريخ المدينة (3/1112) في قصة مساءلة عثمان للصحابة عن فضائله وقولهم (نعم ولكنك بدلت) وكرروها عند كل فضيلة يذكرها له، وكان الصحابة الذين سألهم عثمان الثلاثة علي وطلحة والزبير ومعهم سعد بن أبي وقاص. قال الذهبي (فرؤوا أنهم لا يخلصهم مما وقعوا فيه من توانيهم في نصرة عثمان إلا أن يقوموا في الطلب بدمه والأخذ بثأره ممن قتله). (تاريخ الإسلام 3/483) .
الرواية السادسة:
رواية طويلة روها ابن شبة في تاريخ المدينة (4/1149): حدثنا سليمان بن أيوب (صدوق) حدثنا أبو عوانة (ثقة) عن المغيرة بن زياد الموصلي (صدوق) عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري:
وغيرها من الروايات التي تفيد معارضة كبار أهل الرأي من الصحابة ونقدهم لسياسة عثمان بل استقدانهم للثوار.
الخلاصة: عثمان بن عفان صحابي جليل من المهاجرين والمنفقين في سبيل الله وصهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصاحب بئر رومة وصاحب جيش العسرة وو....الخ لكنه أخطأ في بعض السياسات من تولية الأقرباء من بني أمية الذين كانوا سبب رئيس من أسباب الفتنة. والله يغفر لعثمان بسابقته وإنفاقه وفضله. هذا رأي أكثر أهل السنة أما الغلاة من الشيعة الذين لا يعترفون لعثمان بفضيلة وغلاة السلفية الذين لا يقرون لعثمان بخطيئة فليسوا بشيء.
الرواية السابعة : من الروايات العامة في معارضة مجاميع من الصحابة .. وهذه فيها [اعتزال محمد بن مسلمة وخمسين من الأنصار] وكشف لعمق المشكلة... وليست بهذه السباطة التي يصورها لنا البسطاء..
الرواية هي : رواية سفيان بن ابي العوجاء: وهي من أهم الروايات.. هذه الرواية تبين لنا عبقرية الواقدي ، هذا المؤرخ المظلوم... ولي بحث فيه وقد وثقه عشرة من كبار أهل الحديث.. وهو عندي أوثق من البخاري وأحمد اقول هذا بعد أن علمت أن البخاري وأحمد رحمهما الله وسامحهما يتصرفان في الحديث ويغيران ويحذفان اشياء بخلاف الواقدي... وهو استاذ اساتذتهما! وعلى كل حال ... نعم تعصب عليه بعض أهل الحديث كما تعصبوا على أبي حنيفة.. نذهب للرواية... هذه الرواية أرجو أن تقرءؤوها بهدوء لأنها تكشف اصل المشكلةوملابساتها.. وهي صحيحة الإسناد.. وراويها شاهد عيان بل هو صحابي في قول.. وشواهدها ستأتي فقرة فقرة.. فلا يستعجل المستعجلون في الاستنكار كعادتهم حتى لا يتورطوا..
وهي رواية طويلة ولذلك سأجعلها في فقرات لأن كل فقرة لها معنى ثمين يجب التوقف عنده..
والرواية رواها الطبري [ جزء 2 - صفحة 666- 667 ] قال محمد بن عمر ( وهو الواقدي) : حدثني عبدالله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه عن سفيان بن أبي العوجاء قال: 1- قدم المصريون القدمة الأولى 2- فكلم عثمان محمد بن مسلمة فخرج في خمسين راكبا من الأنصار فأتوهم بذي خشب 3- فردهم ورجع القوم 4- حتى إذا كانوا بالبويب ( على حدود الأردن والسعودية حالياً) وجدوا غلاما لعثمان معه كتاب إلى عبدالله بن سعد ( وهذا الكتاب فيه الأمر بقتل رؤوس القوم كما هو متفق عليه)! 5- فكروا فانتهوا إلى المدينة 6- وقد تخلف بها من الناس الأشتر وحكيم بن جبلة 7- فأتوا بالكتاب فأنكر عثمان أن يكون كتبه وقال هذا مفتعل! 8- قالوا فالكتاب كتاب كاتبك ( يعني مروان)؟ 9- قال أجل! ولكنه كتبه بغير أمري! 10- قالوا فإن الرسول الذي وجدنا معه الكتاب غلامك؟ 11- قال أجل ولكنه خرج بغير إذني !! 12- قالوا فالجمل جملك؟ 13- قال أجل ولكنه أخذ بغير علمي! 14- قالوا ما أنت إلا صادق أو كاذب 15- فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من سفك دمائنا بغير حقها 16- وإن كنت صادقا فقد استحققت أن تخلع لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك لأنه لا ينبغي لنا أن نترك على رقابنا من يقتطع مثل هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته 17- (وزادوا) فقالوا له إنك ضربت رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحق عندما يستنكرون من أعمالك فأقد من نفسك من ضربته وأنت له ظالم 18- فقال الإمام يخطئ ويصيب فلا أقيد من نفسي لأني لو أقدت كل من أصبته بخطإ آتي على نفسي 19- قالوا إنك قد أحدثت أحداثا عظاما فاستحققت بها الخلع 20- فإذا كُلمت فيها أعطيتَ التوبة ثم عدتَ إليها وإلى مثلها! 21- ثم قدمنا عليك فأعطيتنا التوبة والرجوع إلى الحق ولامنا فيك محمد بن مسلمة وضمن لنا ما حدث من أمر فأخفرته فتبرأ منك وقال لا أدخل في أمره 22- فرجعنا أول مرة لنقطع حجتك ونبلغ أقصى الإعذار إليك نستظهر بالله عز وجل عليك 23- فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب 24- وزعمت أنه كتب بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخط كاتبك وعليه خاتمك!! 25- فقد وقعت عليك بذلك التهمة القبيحة مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم والأثرة في القسم والعقوبة للأمر بالتبسط من الناس والإظهار للتوبة ثم الرجوع إلى الخطيئة 26- ولقد رجعنا عنك وما كان لنا أن نرجع حتى نخلعك ونستبدل بك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يحدث مثل ما جربنا منك ولم يقع عليه من التهمة ما وقع عليك 27- فاردد خلافتنا واعتزل أمرنا فإن ذلك أسلم لنا منك وأسلم لك منا 28- فقال عثمان فرغتم من جميع ما تريدون 29- قالوا نعم 30- قال الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون 31- أما بعد فإنكم لم تعدلوا في المنطق ولم تنصفوا في القضاء 32- أما قولكم تخلع نفسك فلا أنزع قميصا قمصنيه الله عز وجل وأكرمني به وخصني به على غيري! 33- ولكني أتوب وأنزع ولا أعود لشيء عابه المسلمون فإني والله الفقير إلى الله الخائف منه 34- قالوا إن هذا لو كان أول حدث أحدثته ثم تبت منه ولم تقم عليه لكان علينا أن نقبل منك وأن ننصرف عنك 35- ولكنه قد كان منك من الإحداث قبل هذا ما قد علمت ولقد انصرفنا عنك في المرة الأولى وما نخشى أن تكتب فينا ولا من اعتللت به بما وجدنا في كتابك مع غلامك وكيف نقبل توبتك وقد بلونا منك أنك لا تعطي من نفسك التوبة من ذنب إلا عدت إليه؟؟ 36- فلسنا منصرفين حتى نعزلك ونستبدل بك 37- فإن حال من معك من قومك وذوي رحمك وأهل الانقطاع إليك دونك بقتال قاتلناهم حتى نخلص إليك فنقتلك أو تلحق أرواحنا بالله 38- فقال عثمان أما أن أتبرأ من الإمارة فإن تصلبوني أحب إلي من أن أتبرأ من أمر الله عز وجل وخلافته! 39- وأما قولكم تقاتلون من قاتل دوني فإني لا آمر أحدا بقتالكم فمن قاتل دوني فإنما قاتل بغير أمري 40- ولعمري لو كنت أريد قتالكم لقد كنت كتبت إلى الأجناد فقادوا الجنود وبعثوا الرجال أو لحقت ببعض أطرافي بمصر أو عراق 41- فالله الله في أنفسكم أبقوا عليها إن لم تبقوا علي فإنكم مجتلبون بهذا الأمر إن قتلتموني دم 42- قال ثم انصرفوا عنه وآذنوه بالحرب 43- وأرسل (عثمان) إلى محمد بن مسلمة (مرة أخرى) فكلمه أن يردهم 44- فقال ( محمد بن مسلمة): والله لا أكذب الله في سنة مرتين اهـ
التعليق: السند صحيح والرواية لا تحتاج إلى تعليق بل إلى قراءة متأنية والإحساس بالمشكلة كما هي.. وأذا فهمتموها فقد فهمتم فتنة عثمان.. فإن كل الروايات تدور حول ههذ الرواية .. ستفهمون فتنة عثمان من أولها إلى أخرها.. أفضل مما فهمها كل هؤلاء الوعاظ ... وكتبة المسلسل.. ولو كتبها المسلسل بهذه الإشكاليات الحقيقية لفهم الناس كيف حدث الموضوع كله... وللرواية شواهد كثيرة جداً سنوردها في هذا العنوان مع الأيام.. لكن بعض الأخوة يزعمون أن كتابة القليل أفضل للتامل.. ومن كابر في القليل كابر في الكثير..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:20 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (6) سياقات المؤرخين
حتى يتماسك الموضوع في عقول عامة القراء ممن ليس من اهتمامهم التاريخ وقراءة الفتنة وأحداثها فإنه يحسن لي أن أختار للقراء نماذج من سياقات المؤرخين الأحرار، ممن لا يرتضون إخفاء الحقائق، ولا يعني هذا أن كلامهم فوق النقد، وإنما هذه السياقات هي الأقرب غلى الحقيقة، وهي أولى من سياقات المتمذهبين الخداعين الملبسين كابن تيمية ومدرسته التي اختطفت أكثر عقول المسلمين، ولقنتهم السذاجة والخلط بين التاريخ والوعظ.. وكل الذين أختارهم سترون عقولهم في سياقاتهم، وهم مؤرخون مظلومون من التيار السلفين وطالما وصفوهم بأبشع الأوصاف، وكنت اصدقهم حتى وصلتني الاتهامات نفسها، فعرفت أن الصادق والمتفلت من التبعية هو الذي يحذرون منه غاية التحذير، لأنه أقرب غلى الحقيقة وهم يريدون التلبيس على الناس، وبما أن الله قد قال ( وكونوا مع الصادقين) فيجب أن نرفض تلك المظالم التي وصلت إلى هؤلاء المؤرخين، ونقبل على سياقاتهم اكثر من إقبالنا على أكاذيب سيف بن عمر وابن العربي ومحب الدين الخطيب وسائر السلفية المعاصرة.. اقرؤوا لتحفظوا أركان القصة وظروفها في السياقات هذه، وستجدونها أقرب غلى العقل والمنطق والدين.. لأن الدين لا يجعل الصحابة ملائكة، لا عثمان ولا الصحابة الثائرين عليه، مع شرعية المطالب في الجملة، واستيلاء الحاشية في الجملة ايضا.. ولا يستعجل المنكرون فإن كل فقرة من فقرات هذه الساياقات لها ما يدل عليها بأسانيد صحيحة كما ثبت من خلال استعراض مواقف طلحة وعائشة ..
السياق ألأول : سياق اليعقوبي ( 290هـ)
وهو مؤرخ مظلوم كالواقدي فماذا قال:
يقول في تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 170)
وكان عمال عمر، وقت وفاته: 1- سعد بن أبي وقاص على الكوفة، وقيل المغيرة، 2- وأبو موسى الأشعري على البصرة، 3- وعمير بن سعد الأنصاري على حمص، 4- ومعاوية بن أبي سفيان على بعض الشام، 5- وعمرو بن العاص على مصر، 6- وزياد بن لبيد البياضي على بعض اليمن، 7- وأبو هريرة على عمان، 8- ونافع بن الحارث على مكة، 9- ويعلى بن منية التميمي على صنعاء، 10- والحارث بن أبي العاص الثقفي على البحرين، 11- وعبد الله بن أبي ربيعة على الجند.
أيام عثمان بن عفان
[ الشورى وبيعة عثمان]
ثم استخلف عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وكان عبد الرحمن بن عوف الزهري، لما توفي عمر، واجتمعوا للشورى، سألهم أن يخرج نفسه منها على أن يختار منهم رجلاً، ففعلوا ذلك، فأقام ثلاثة أيام، وخلا بعلي بن أبي طالب، فقال: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر، أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت. فخلا بعثمان فقال له: لنا الله عليك، إن وليت هذا الأمر، أن تسير فينا بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر. فقال: لكم أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة أبي بكر وعمر، ثم خلا بعلي فقال له مثل مقالته الأولى، فأجابه مثل الجواب الأول، ثم خلا بعثمان فقال له مثل المقالة الأولى، فأجابه مثل ما كان أجابه، ثم خلا بعلي فقال له مثل المقالة الأولى، فقال: إن كتاب الله وسنة نبيه لا يحتاج معهما إلى أجيري أحد. أنت مجتهد أن تزوي هذا الأمر عني. فخلا بعثمان فأعاد عليه القول، فأجابه بذلك الجواب، وصفق على يده. وخرج عثمان، والناس يهنئونه، وكان ذلك يوم الإثنين، مستهل المحرم، سنة أربع وعشرون، ومن شهور العجم في تشرين الآخر، وكانت الشمس يومئذ في العقرب ثلاث عشرة درجة، وزحل في الحمل إحدى وعشرين درجة وثلاثين دقيقة راجعا، والمشتري في الجدي أربع درجات وأربعين دقيقة، والمريخ في الميزان خمسين دقيقة، والزهرة في العقرب إحدى عشرة درجة راجعا، والرأس في الثور أربعا وعشرين درجة،
[ صعوده أعلى المنبر]
فصعد عثمان المنبر، فجلس في الموضع الذي كان يجلس فيه رسول الله، ولم يجلس أبو بكر ولا عمر فيه، جلس أبو بكر دونه بمرقاة، وجلس عمر دون أبي بكر بمرقاة، فتكلم الناس في ذلك، فقال بعضهم: اليوم ولد الشر، وكان عثمان رجلاً حيياً فارتج عليه. فقام مليا لا يتكلم، ثم قال: إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا، وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام يشقق الخطب، وإن تعيشوا فسيأتيكم الخطبة. ثم نزل.
[ أول إنكار للصحابة في الليلة التي بويع فيها عثمان]
وروى بعضهم أن عثمان خرج من الليلة التي بويع له في يومها لصلاة العشاء الآخرة، وبين يديه شمعة، فلقيه المقداد بن عمرو، فقال: ما هذا البدعة! ومال قوم مع علي بن أبي طالب، وتحاملوا في القول على عثمان.
[ إنكار المقداد : من كبار أهل بدر ومن السابقين إلى لإسلام ]
فروى بعضهم قال: دخلت مسجد رسول الله، فرأيت رجلاً جاثياً على ركبتيه يتلهف تلهف من كان الدنيا كانت له فسلبها، وهو يقول: واعجباً لقريش، ودفعهم هذا الأمر على أهل بيت نبيهم، وفيهم أول المؤمنين، وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأفقههم في دين الله، وأعظمهم غناء في الإسلام، وأبصرهم بالطريق، وأهداهم للصراط المستقيم، والله لقد زووها عن الهادي المهتدي الطاهر النقي، وما أرادوا إصلاحاً للأمة ولا صواباً في المذهب، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة، فبعدا وسحقا للقوم الظالمين. فدنوت منه فقلت: من أنت يرحمك الله، ومن هذا الرجل؟ فقال: أنا المقداد بن عمرو، وهذا الرجل علي بن أبي طالب. قال فقلت: ألا تقوم بهذا الأمر فأعينك عليه؟ فقال: يا ابن أخي! إن هذا الأمر لا يجري فيه الرجل ولا الرجلان. ثم خرجت
[ تصديق أبي ذر للمقداد، وتوقف ابن مسعود] فلقيت أبا ذر، فذكرت له ذلك، فقال: صدق أخي المقداد، ثم أتيت عبد الله بن مسعود، فذكرت ذلك له فقال: لقد أخبرنا فلم نال.
[ الهرمزان والإنكار الثاني للصحابة]
وأكثر الناس في دم الهرمزان وإمساك عثمان عبيد الله بن عمر، فصعد عثمان المنبر، فخطب الناس، ثم قال: ألا إني ولي دم الهرمزان، وقد وهبته لله ولعمر، وتركته لدم عمر. فقام المقداد بن عمرو فقال: إن الهرمزان مولى لله ولرسوله، وليس لك أن تهب ما كان لله ولرسوله. قال: فننظر وتنظرون. ثم أخرج عثمان عبيد الله بن عمر من المدينة إلى الكوفة، وأنزله دارا، فنسب الموضع إليه، كويفة ابن عمر، فقال بعضهم: أبا عمرو عبيد الله رهن ... فلا تشكك بقتل الهرمزان وافتتح المغيرة بن شعبة همذان، وكتب إلى عثمان أنه قد دخل الري وأنزلها المسلمين. وكانت الري قد افتتحت في حياة عمر، وقيل لم تفتح، ولكنها محاصرة، وافتتحت سنة أربع وعشرون.
[ رد الحكم بن أبي العاص]
وكتب عثمان إلى الحكم بن أبي العاص أن يقدم عليه، وكان طريد رسول الله، وقد كان عثمان لما ولي أبو بكر اجتمع هو وقوم من بني أمية إلى أبي بكر، فسألوه في الحكم، فلم يأذن له، فلما ولي عمر فعلوا ذلك، فلم يأذن له، فأنكر الناس إذنه له وقال بعضهم: رأيت الحكم بن أبي العاص يوم قدم المدينة عليه فزر خلق، وهو يسوق تيسا، حتى دخل دار عثمان، والناس ينظرون إلى سوء حاله وحال من معه، ثم خرج وعليه جبة خز وطيلسان. [ خلافه مع عمرو بن العاص] وانتقضت الإسكندرية سنة خمس وعشرون، وحاربهم عمرو بن العاص، حتى فتحها وسبى الذراري، ووجه بهم إلى المدينة، فردهم عثمان إلى ذمتهم الأولى، وعزل عمرو بن العاص، وولى عبد الله بن أبي سرح، فكان ذلك سبب العداوة بين عثمان وعمرو. وقال عثمان لعمرو لما قدم: كيف تركت عبد الله بن سعد؟ قال: كما أحببت! قال: وما ذاك؟ قال: قوي في ذات نفسه، ضعيف في ذات الله. قال: لقد أمرته أن يتبع أثرك. قال: لقد كلفته شططا. واجتبى عبد الله مصر اثني عشر ألف ألف دينار، فقال عثمان لعمرو: درت اللقاح! قال: ذاك إن يتم يضر بالفصلان.
[ توسيع الحرم وسجن الصحابة]
ووسع عثمان في المسجد الحرام، وزاد فيه سنة ست وعشرون، وابتاع من قوم منازلهم، وأبى آخرون، فهدم عليهم، ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا بعثمان، فأمر بهم للحبس. وقال: ما جراكم علي إلا حلمي، وقد فعل هذا عمر، فلم تصيحوا، وجدد أنصاب الحرم.
(قصة الوليد بن عقبة)
وفي هذه السنة افتتح عثمان بن أبي العاص الثقفي سابور. وفيها ولي الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة مكان سعد، وصلى بالناس الغداة، وهو سكران، أربع ركعات، ثم تهوع في المحراب، والتفت إلى من كان خلفه، فقال: أزيدكم؟ ثم جلس في صحن المسجد، وأتي بساحر يدعى بطروي من الكوفة، فاجتمع الناس عليه، فجعل يدخل من دبر الناقة ويخرج من فيها، ويعمل أعاجيب، فرآه جندب بن كعب الأزدي، فخرج إلى بعض الصياقلة، فأخذ منه سيفا ثم أقبل في الزحام وقد ستر السيف حتى ضرب عنقه، ثم قال له: أحي نفسك، إن كنت صادقا! فأخذه الوليد، فأراد أن يضرب عنقه، فقام قوم من الأزد، فقالوا: لا تقتل والله صاحبنا، فصيره في الحبس. وكان يصلي الليل كله، فنظر إليه السجان، وكان يكنى أبا سنان، فقال: ما عذري عند الله إن حبستك على الوليد يقتلك؟ فأطلقه، فصار جندب إلى المدينة، وأخذ الوليد أبا سنان فضربه مائتي سوط فوثب عليه جرير بن عبد الله، وعدي بن حاتم، وحذيفة بن اليمان، والأشعث بن قيس، وكتبوا إلى عثمان مع رسلهم، فعزله وولى سعيد بن العاص مكانه. فلما قدم الوليد قال عثمان: من يضربه؟ فأحجم الناس لقرابته، وكان أخا عثمان لأمه، فقام علي فضربه، ثم بعث به عثمان على صدقات كلب وبلقين.
[ فتح أفريقية وثروتها]
وأغزى عثمان الناس إفريقية سنة سبع وعشرون، وعليهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فلقي جرجيس ودعاه إلى الإسلام، أو أداء الجزية، فامتنع، وكان جرجيس في جمع عظيم، ففض الله ذلك الجمع، فطلب جرجيس الصلح، فأبى عليه، وهزموه حتى صار إلى مدينة سبيطلة، والتحمت الحرب حتى قتل جرجيس، وكثرت الغنائم، وبلغت ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار. وروى بعضهم أن عثمان زوج ابنته من مروان بن الحكم، وأمر له بخمس هذا المال. ووجه عبد الله بن سعد بن أبي سرح عبد الله بن الزبير إلى عثمان بالبشارة، فسار عشرين ليلة، حتى قدم المدينة، وأخبر عثمان، فصعد عثمان المنبر، فخبر به الناس.
[ النوبة]
ووجه عبد الله بن سعد جيشاً إلى أرض النوبة، فسألوا الموادعة والصلح على أن عليهم في كل سنة ثلاثمائة رأس، ويبعث إليهم مثل ذلك من الطعام والشراب، فكتب إلى عثمان بذلك، فأجابهم إلى ذلك. وافتتح معاوية بن أبي سفيان قبرس.
وفي هذه السنة بني عثمان داره، وبني الزوراء، ووسع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة تسع وعشرون، وحملت له الحجارة من بطن نخل، وجعل في عمدة الرصاص، وجعل طوله مائة وستين ذراعاً وعرضه مائة ذراع وخمسين ذراعا، وأبوابه ستة على ما كانت عليه على عهد عمر.
[ عزل أبي موسى عن البصرة وتولية ابن عامر ]
وعزل أبا موسى الأشعري، وولى مكانه عبد الله بن عامر بن كريز، وهو يومئذ ابن خمس وعشرين سنة، فلما بلغ أبا موسى ولاية عبد الله بن عامر قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم قال: قد جاءكم غلام كثير العمات والخالات والجدات في قريش، يفيض عليكم المال فيضاً.
[ فتوح ابن عامر]
فلما قدم ابن عامر البصرة وجه الجنود لفتح سابور وفسا ودارابجرد وإصطخر من أرض فارس، وعلى ذلك الجند الذي فتح إصطخر عبيد الله بن معمر التيمي، فقتل عبيد الله بن معمر في أصل مدينة إصطخر، فقام مكانه عمر بن عبيد الله حتى فتح المدينة، ثم سار عبد الله بن عامر بنفسه إلى إصطخر ووجه عبد الرحمن بن سمرة، وكانت له صحبة، إلى سجستان، فافتتح زرنج بعد نكبة شديدة.
[ ينافس في الدنيا بين ابن عامر وسعيد بن العاص]
ولما ولي عثمان عبد الله بن عامر البصرة وولي سعيد بن العاص الكوفة كتب إليهما: أيكما سبق إلى خراسان، فهو أمير عليها. فخرج عبد الله بن عامر وسعيد بن العاص، فأتى دهقان من دهاقين خراسان إلى عبد الله بن عامر، فقال: ما تجعل لي إن سبقت بك؟ قال: لك خراجك وخراج أهل بيتك إلى يوم القيامة. فأخذ به على طريق مختصر إلى قومس، وعبد الله بن خازم السلمي على مقدمته، فسار إلى نيسابور. وأقام على المدينة، ولقيه عبد الله بن عامر، فافتتح نيسابور عنوة في سنة ثلاثون، وصالح أهل الطبسين على خمسة وسبعين ألفاً، ثم سار حتى صار إلى مدينة أبر شهر، فحاصرهم شهوراً، ثم فتحها وصالحهم، وكتب إلى أهل هراة، فكتبوا إليه: إن فتحت أبرشهر أجبناك إلى ما سألت، وبوشنج وبادغيس يومئذ إلى هراة، وكانت طوس ونيسابور إلى أبر شهر، ثم فتحها وصالحهم على ألف ألف درهم. وبعث الأحنف بن قيس إلى هراة ومرو الروذ، فسار إلى هراة، فلقيه صاحبها بالميرة والطاعة، ثم سار إلى مرو الروذ، ففتحها عنوة، وفتح الطالقان والفارياب، وطخارستان، ولم يرجع إلى عبد الله بن عامر، حتى شرب من نهر بلخ. وقال بعض أهل خراسان: وجه عبد الله بن عامر حين افتتح نيسابور بالجيوش فبعث الأحنف بن قيس إلى مرو الروذ، وبعث أوس بن ثعلبة التميمي إلى هراة، وبعث حاتم بن النعمان الباهلي إلى مرو، وعبد الله بن خازم السلمي إلى سرخس. ففتح القوم جميعاً ما بعثوا له خلا مرو، فإنها صالحت حاتماً على ألفي ألف ومائتي ألف أوقية وعلى أن يوسعوا للمسلمين في منازلهم. ولما فتح عبد الله بن عامر هذه الكور انصرف إلى عثمان، وخالف بين الترك والديلم، وكان قد صير خراسان أرباعاً، وولي قيس بن الهيثم السلمي على ربع، وراشد بن عمرو الجديدي على ربع، وعمران بن الفصيل البرجمي على ربع، وعمرو بن مالك الخزاعي على ربع، فلما رده عثمان وجه أمير ابن أحمد اليشكري إلى خراسان، فصار إلى مرو، فأناخ بها، ثم أدركه الشتاء وأدخله أهل مرو، وبلغه انهم يريدون الوثوب به، فجرد فيهم السيف حتى أفناهم، ثم قفل إلى عثمان، فلما رآه عثمان خوفه، فانصرف عنه مغضباً، وكان عثمان أنكر عليه قتل أهل مرو، ورجع عبد الله بن عامر إلى البصرة، ثم صار إلى كرمان، فأناخ بها فنالهم مجاعة شديدة، حتى كان الرغيف بدينار، ثم أتاه الخبر بأن عثمان قد حوصر، فانصرف، وخلف بخراسان قيس بن الهيثم ابن الصلت، فافتتح قيس طخارستان، وكان عثمان قد وجه حبيب بن مسلمة الفهري إلى أرمينية، ثم أردفه سلمان بن ربيعة الباهلي مدداً له، فلما قدم عليه تنافراً، وقتل عثمان وهم على تلك المنافرة. وقد كان حبيب بن مسلمة فتح بعض أرمينية، وكتب عثمان إلى سلمان بإمرته على أرمينية، فسار حتى أتى البيلقان، فخرج إليه أهلها، فصالحوه ومضى حتى أتى برذعة، فصالحه أهلها على شيء معلوم. وقيل إن حبيب بن مسلمة افتتح جرزان. ثم نفذ سلمان إلى شروان، فصالحه ملكها، ثم سار حتى أتى أرض مسقط، فصالح أهلها، وفعل مثل ذلك ملك اللكز وأهل الشابران وأهل فيلان، ولقيه خاقان ملك الخزر في جيشه، خلف نهر البلنجر، في خلق عظيم، فقتل سلمان ومن معه، وهم أربعة آلاف،
[ عزل حذيفة بن اليمان وتولية المغيرة]
فولى عثمان حذيفة بن اليمان العبسي، ثم صرفه، وولي المغيرة بن شعبة.
[ مهر ابنته من بيت المال]
وزوج عثمان ابنته من عبد الله بن خالد بن أسيد، وأمر له بستمائة ألف درهم، وكتب إلى عبد الله بن عامر أن يدفعها إليه من بيت مال البصرة.
[ دفع الصدقات إلى الحكم بن أبي العاص]
وحدث أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يسار قال: رأيت عامل صدقات المسلمين على سوق المدينة إذا أمسى آتاها عثمان، فقال له: ادفعها إلى الحكم ابن أبي العاص.
[ جوائز أهل بيته من بيت المال، وعزل عبد الله بن الأرقم عن بيت المال ]
وكان عثمان إذا أجاز أحداً من أهل بيته بجائزة جعلها فرضا من بيت المال، فجعل يدافعه ويقول له: يكون فنعطيك إن شاء الله، فألح عليه، فقال: إنما أنت خازن لنا، فإذا أعطيناك فخذ، وإذا سكتنا عنك فاسكت. فقال وجاء بالمفتاح يوم الجمعة وعثمان يخطب، فقال: أيها الناس زعم عثمان أني خازن له ولأهل بيته، وإنما كنت خازناً للمسلمين، وهذه مفاتيح بيت مالكم. ورمى بها، فأخذها عثمان، ودفعها إلى زيد بن ثابت.
وفي هذه السنة توفي أبو سفيان بن حرب، وصلى عليه عثمان وهي سنة إحدى وثلاثون. وأغزى عثمان جيشاً، أميرهم معاوية، على الصائفة سنة إثنان وثلاثون، فبلغوا إلى مضيق القسطنطينية، وفتحوا فتوحا كثيرة، وصير عثمان إلى معاوية غزو الروم على أن يوجه من رأى على الصائفة، فولى معاوية سفيان بن عوف الغامدي فلم يزل عليها أيام عثمان... لشيء شجر بينهما في خلافة عثمان.
[ خلافه مع عبد الرحمن بن عوف وهو الذي عقد له البيعة ]
وروي أن عثمان اعتل علة اشتدت به، فدعا حمران بن أبان، وكتب عهدا لمن بعده، وترك موضع الاسم، ثم كتب بيده: عبد الرحمن بن عوف، وربطه وبعث به إلى أم حبيبة بنت أبي سفيان، فقرأه حمران في الطريق فأتى عبد الرحمن فأخبره، فقال عبد الرحمن، وغضب غضباً شديداً: استعمله علانية، ويستعملني سراً. ونمى الخبر وانتشر بذلك في المدينة. وغضب بنو أمية، فدعا عثمان بحمران مولاه، فضربه مائة سوط، وسيره إلى البصرة. فكان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف. ووجه إليه عبد الرحمن بن عوف بابنه، فقال له قل له: والله لقد بايعتك، وإن في ثلاث خصال أفضلك بهن: إني حضرت بدراً، ولم تحضرها، وحضرت بيعة الرضوان، ولم تحضرها، وثبت يوم أحد وانهزمت. فلما أدى ابنه الرسالة إلى عثمان قال له قل له: أما غيبتي عن بدر، فإني أقمت على بيت رسول الله، فضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمي وأجري، وأما بيعة الرضوان، فقد صفق لي رسول الله بيمينه على شماله، فشمال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من أيمانكم، وأما يوم أحد فقد كان ما ذكرت إلا أن الله قد عفا عني. ولقد فعلنا أفعالا لا ندري أغفرها الله أم لا. [ عثمان والمبتوتة] وكان عبد الرحمن قد أطلق امرأته تماضر بنت الأصبغ الكلبية لما اشتدت علته، فورثها عثمان، فصولحت عن ربع الثمن على مائة ألف دينار، وقيل ثمانين ألف دينار.
[ جمع القرآن]
وجمع عثمان القرآن وألفه، وصير الطوال مع الطوال، والقصار مع القصار من السور، وكتب في جمع المصاحف من الآفاق حتى جمعت، ثم سلقها بالماء الحار والخل، وقيل أحرقها، فلم يبق مصحف إلا فعل به ذلك خلا مصحف ابن مسعود. [ خلافه مع ابن مسعود، وقدومه المدينة مسيراً، وضربه ومنعه العطاء..الخ] وكان ابن مسعود بالكوفة، فامتنع أن يدفع مصحفة إلى عبد الله بن عامر، وكتب إليه عثمان: أن أشخصه، إنه لم يكن هذا الدين خبالاً وهذه الأمة فساداً. فدخل المسجد وعثمان يخطب، فقال عثمان: إنه قد قدمت عليكم دابة سوء، فكلمه ابن مسعود بكلام غليظ فأمر به عثمان، فجز برجله حتى كسر له ضلعان، فتكلمت عائشة، وقالت قولاً كثيراً، وبعث بها إلى الأمصار، وبعث بمصحف إلى الكوفة، ومصحف إلى البصرة، ومصحف إلى المدينة، ومصحف إلى مكة، ومصحف إلى مصر، ومصحف إلى الشام، ومصحف إلى البحرين، ومصحف إلى اليمن، ومصحف إلى الجزيرة، وأمر الناس أن يقرأوا على نسخة واحدة. وكان سبب ذلك أنه بلغه أن الناس يقولون قرآن آل فلان، فأراد أن يكون نسخة واحدة، وقيل: إن ابن مسعود كان كتب بذلك إليه، فلما بلغه أنه يحرق المصاحف قال: لم أرد هذا. وقيل: كتب إليه بذلك حذيفة بن اليمان، واعتل ابن مسعود، فأتاه عثمان يعوده، فقال له: ما كلام بلغني عنك؟ قال: ذكرت الذي فعلته بي، أنك أمرت بي فوطئ جوفي، فلم أعقل صلاة الظهر، ولا العصر، ومنعتني عطائي. قال: فإني أقيدك من نفسي فافعل بي مثل الذي فعل بك! قال: ما كنت بالذي أفتح القصاص على الخلفاء. قال: فهذا عطاؤك، فخذه. قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا غني عنه؟ لا حاجة لي به، فانصرف. فأقام ابن مسعود مغاضباً لعثمان حتى توفي، وصلى عليه عمار بن ياسر، وكان عثمان غائباً فستر أمره. فلما انصرف رأى عثمان القبر، فقال: قبر من هذا؟ فقيل: قبر عبد الله بن مسعود. قال: فكيف دفن قبل أن أعلم؟ فقالوا: ولى أمره عمار بن ياسر، وذكر أنه أوصى ألا يخبر به، ولم يلبث إلا يسيرا حتى مات المقداد، فصلى عليه عمار، وكان أوصى إليه، ولم يؤذن عثمان به، فاشتد غضب عثمان على عمار، وقال: ويلي على ابن السوداء! أما لقد كنت به عليماً.
[ خلافه مع أبي ذر وتسييره، وسبب ذلك]
وبلغ عثمان أن أبا ذر يقعد في مسجد رسول الله، ويجتمع إليه الناس، فيحدث بما فيه الطعن عليه، وأنه وقف بباب المسجد فقال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري، أنا جندب بن جنادة الربذي، إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم، محمد الصفوة من نوح، فالأول من إبراهيم، والسلالة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد. إنه شرف شريفهم، واستحقوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة وكالكعبة المستورة، أو كالقبلة المنصوبة، أو كالشمس الضاحية، أو كالقمر الساري، أو كالنجوم الهادية، أو كالشجر الزيتونية أضاء زيتها، وبورك زبدها، ومحمد وارث علم آدم وما فضل به النبيون، وعلي بن أبي طالب وصي محمد، ووارث علمه. أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها! أما لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وأقررتم الولاية والوراثة في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوق رؤوسكم ومن تحت أقدامكم، ولما عال ولي الله، ولا طاش سهم من فرائض الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، إلا وجدتم علم ذلك عندهم من كتاب الله وسنة نبيه، فأما إذ فعلتم ما فعلتم، فذوقوا وبال أمركم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. وبلغ عثمان أيضاً أن أبا ذر يقع فيه، ويذكر ما غير وبدل من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أبي بكر وعمر، فسيره إلى الشام إلى معاوية، وكان يجلس في المسجد، فيقول كما كان يقول، ويجتمع إليه الناس، حتى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه. وكان يقف على باب دمشق، إذا صلى صلاة الصبح، فيقول: جاءت القطار تحمل النار، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له، ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له. وكتب معاوية إلى عثمان: إنك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر، فكتب إليه: أن احمله على قتب بغير وطاء، فقدم به إلى المدينة، وقد ذهب لحم فخذيه، فلما دخل إليه وعنده جماعة قال: بلغني أنك تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كملت بنو أمية ثلاثين رجلاً اتخذوا بلاد الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا. فقال: نعم! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك. فقال لهم: أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك؟ فبعث إلى علي بن أبي طالب، فأتاه، فقال: يا أبا الحسن أسمعت رسول الله يقول ما حكاه أبو ذر؟ وقص عليه الخبر. فقال علي: نعم! قال: وكيف تشهد ؟ قال: لقول رسول الله: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر. فلم يقم بالمدينة إلا أياماً حتى أرسل إليه عثمان: والله لتخرجن عنها! قال: أ تخرجني من حرم رسول الله؟ قال: نعم، وأنفك راغم. قال: فإلى مكة؟ قال: لا! قال: فإلى البصرة؟ قال: لا! قال: فإلى الكوفة؟ قال: لا! ولكن إلى الربذة التي خرجت منها حتى تموت بها. يا مروان! أخرجه، ولا تدع أحداً يكلمه، حتى يخرج. فأخرجه على جمل ومعه امرأته وابنته، فخرج وعلي والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر ينظرون، فلما رأى أبو ذر علياً قام إليه فقبل يده ثم بكى وقال: إني إذا رأيتك ورأيت ولدك ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أصبر حتى أبكي! فذهب علي يكلمه فقال له مروان: إن أمير المؤمنين قد نهى أن يكلمه أحد. فرفع علي السوط فضرب وجه ناقة مروان، وقال: تنح، نحاك الله إلى النار! ثم شيعة، فكلمه بكلام يطول شرحه، وتكلم كل رجل من القوم وانصرفوا، وانصرف مروان إلى عثمان، فجرى بينه وبين علي في هذا بعض الوحشة، وتلاحيا كلاماً، فلم يزل أبو ذر بالربذة حتى توفي.
سياق اليعقوبي (2)
دفن أبي ذر] ولما حضرته الوفاة قالت له ابنته: إني وحدي في هذا الموضع، وأخاف أن تغلبني عليك السباع. فقال: كلا إنه سيحضرني نفر مؤمنون، فانظري أترين أحداً؟ فقالت: ما أرى أحداً! قال: ما حضر الوقت، ثم قال: انظري، هل ترين أحداً؟ قالت: نعم أرى ركباً مقبلين، فقال: الله أكبر، صدق الله ورسوله، حولي وجهي إلى القبلة، فإذا حضر القوم فأقرئيهم مني السلام، فإذا فرغوا من أمري، فاذبحي لهم هذه الشاة، وقولي لهم: أقسمت عليكم أن برحتم حتى تأكلوا، ثم قضى عليه، فأتى القوم، فقالت لهم الجارية: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي، فنزلوا، وكانوا سبعة نفر، فيهم حذيفة بن اليمان، والأشتر، فبكوا بكاءً شديداً، وغسلوه، وكفنوه، وصلوا عليه، ودفنوه. ثم قالت لهم: إنه يقسم عليكم ألا تبرحوا حتى تأكلوا! فذبحوا الشاة، وأكلوا، ثم حملوا ابنته، حتى صاروا بها إلى المدينة.
[ خلافه مع عمار، وهمه بتسييره] فلما بلغ عثمان وفاة أبي ذر قال: رحم الله أبا ذر! قال عمار: نعم! رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا، فغلظ ذلك على عثمان. وبلغ عثمان. عن عمار كلام، فأراد أن يسيره أيضاً، فاجتمعت بنو مخزوم إلى علي بن أبي طالب، وسألوه إعانتهم، فقال علي: لا ندع عثمان ورأيه. فجلس عمار في بيته، وبلغ عثمان ما تكلمت به بنو مخزوم، فأمسك عنه، [ تسيير عبد الرحمن بن الحنبل] وسير عبد الرحمن بن حنبل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القموس من خيبر، وكان سبب تسييره إياه أنه بلغه كرهه مساوئ ابنه وخاله، وأنه هجاه.
[ صفة عثمان]
وكان عثمان جواداً وصولاً بالأموال، وقدم أقاربه وذوي أرحامه، فسوى بين الناس في الأعطيه وكان الغالب عليه مروان بن الحكم بن أبي العاص، وأبو سفيان بن حرب، وعلى شرطة عبد الله بن قنفذ التيمي، وحاجبه حمران ابن أبان مولاه.
[ مجموع أخطاء عثمان]
ونقم الناس على عثمان بعد ولايته بست سنين، وتكلم فيه من تكلم، وقالوا: 1- آثر القرباء، 2- وحمى الحمى، 3- وبنى الدار، 4- واتخذ الضياع والأموال بمال الله والمسلمين، 5- ونفى أبا ذر صاحب رسول الله، وعبد الرحمن بن حنبل، 6- وآوى الحكم بن أبي العاص، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح طريدي رسول الله، 7- وأهدر دم الهرمزان، ولم يقتل عبيد الله بن عمر به، 8- وولي الوليد بن عقبة الكوفة، فأحدث في الصلاة ما أحدث، فلم يمنعه ذلك من إعاذته إياه، 9- وأجاز الرجم، وذلك أنه كان رجم امرأة من جهينة دخلت على زوجها، فولدت لستة أشهر، فأمر عثمان برجمها، فلما أخرجت دخل إليه علي بن أبي طالب فقال: إن الله عز وجل يقول: وحمله وفصاله ثلاثون شهراً، وقال في رضاعه حولين كاملين، فأرسل عثمان في أثر المرأة، فوجدت قد رجمت وماتت. واعترف الرجل بالولد.
[ بداية الثورة]
وقدم عليه أهل البلدان فتكلموا، وبلغ عثمان أن أهل مصر قدموا عليهم السلاح، فوجه إليهم عمرو بن العاص وكلمهم، فقال لهم: إنه يرجع إلى ما تحبون، ثم كتب لهم بذلك وانصرفوا، فقال لعمرو بن العاص: اخرج فأعذرنى عند الناس، فخرج عمرو، [ خطبة عمرو بن العاص : في الدفع عن عثمان.. ووصفه لعمر : بالأحول الأعسر] فصعد المنبر، ونادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس حمد الله وأثنى عليه، ثم ذكر محمداً بما هو أهله، وقال: بعثه الله رأفة ورحمة، فبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، أفليس ذلك كذلك؟ قالوا: بلى. فجزاه الله خير ما جزى نبيا عن أمته، ثم قال: وولي من بعده رجل عدل في الرعية، وحكم بالحق، أفليس ذلك كذلك؟ قالوا: بلى! فجزاه الله خيراً. قال: ثم ولي الأعسر الأحول ابن حنتمة، فابدت له الأرض أفلاذ كبدها، وأظهرت له مكنون كنوزها، فخرج من الدنيا، وما أنبل عصاه، أفليس ذلك كذلك؟ قالوا: بلى! فجزاه الله خيراً. قال: ثم ولي عثمان، فقلتم، وقال، تلومونه ويعذر نفسه، أفليس ذلك كذلك؟ قالوا: بلى! قال: فاصبروا له، فإن الصغير يكبر والهزيل يسمن، ولعل تأخير أمر خير من تقديمه. ثم نزل، فدخل أهل عثمان عليه فقالوا له: هل عابك أحد بمثل ما عابك به عمرو؟ فلما دخل عليه عمرو قال: يا ابن النابغة! والله ما زدت إن حرضت الناس علي. قال: والله لقد قلت فيك أحسن ما علمت، ولقد ركبت من الناس، وركبوها منك، فاعتزل إن لم تعتدل! فقال: يا ابن النابغة قمل درعك مذ عزلتك عن مصر. [ قصة وفد مصر وظفرهم بالكتاب] وسار الركب الذين قدموا من مصر، فلما صاروا في بعض الطريق، إذا براكب على جمل، فأنكروه، ففتشوه، فوجدوا معه صحيفة من عثمان إلى خليفته عبد الله بن سعد: إذا قدم عليك النفر، فاقطع أيديهم وأرجلهم، فقدموا واتفقوا على الخروج، وكان من يأخذون عنه محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، وكنانة بن بشر، وابن عديس البلوي، فرجعوا إلى المدينة
[ خلافه مع عائشة]
وكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك أنه نقصها مما كان يعطيها عمر ابن الخطاب، وصيرها أسوة غيرها من نساء رسول الله، فإن عثمان يوماً ليخطب إذ دلت عائشة قميص رسول الله، ونادت: يا معشر المسلمين! هذا جلباب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبل، وقد أبلى عثمان سنته! فقال عثمان: رب اصرف عني كيدهن إن كيدهن عظيم.
[ الحصار، وتأليب الثلاثة]
وحصر ابن عديس البلوي عثمان في داره، فناشدهم الله، ثم نشد مفاتيح الخزائن، فأتوا بها إلى طلحة بن عبيد الله، وعثمان محصور في داره، وكان أكثر من يؤلب عليه طلحة والزبير وعائشة ، [ عثمان يتهم معاوية ]
فكتب إلى معاوية يسأل تعجيل القدوم عليه، فتوجه إليه في اثني عشر ألفاً، ثم قال: كونوا بمكانكم في أوائل الشام، حتى آتي أمير المؤمنين لأعرف صحة أمره، فأتى عثمان، فسأله عن المدة، فقال: قد قدمت لأعرف رأيك وأعود إليهم فأجيئك بهم. قال: لا والله، ولكنك أردت أن أقتل فتقول: أنا ولي الثأر. ارجع، فجئني بالناس! فرجع، فلم يعد إليه حتى قتل.
[ ذم عائشة لعثمان]
وصار مروان إلى عائشة، فقال: يا أم المؤمنين! لو قمت فأصلحت بين هذا الرجل وبين الناس، قالت قد فرغت من جهازي، وأنا أريد الحج. قال: فيدفع إليك بكل درهم أنفقته درهمين، قالت: لعلك ترى أني في شك من صاحبك؟ أما والله لوددت أنه مقطع في غرارة من غرائري، وإني أطيق حمله، فأطرحه في البحر.
[ مقتل عثمان]
وأقام عثمان محاصراً أربعين يوماً. وقتل لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثون، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، وقيل ست وثمانين سنة، وكان الذين تولوا قتله: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن أبي حذيفة، وابن حزم، وقيل كنانة بن بشر التجيبي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وعبد الرحمن ابن عديس البلوي، وسودان بن حمران، وأقام ثلاثاً لم يدفن، وحضر دفنه حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، وحويطب بن عبد العزى، وعمرو بن عثمان ابنه. ودفن بالمدينة ليلاً في موضع يعرف بحش كوكب، وصلى عليه هؤلاء الأربعة. وقيل لم يصل عليه، وقيل أحد الأربعة قد صلى عليه، فدفن بغير صلاة. وكانت أيامه اثنتي عشرة سنة، وحج عثمان بالناس أيامه كلها إلا السنة الأولى، وهي سنة أربع وعشرون، فإنه حج بالناس عبد الرحمن بن عوف، والسنة التي قتل فيها، فإنه حج بالناس عبد الله بن عباس، وهي سنة خمس وثلاثون، وكان له من الولد الذكور سبعة: عمرو وعمر وخالد وأبان والوليد وسعيد وعبد الملك. صفة عثمان بن عفان: وكان عثمان بن عفان مربوعاً، حسن الوجه، رقيق البشرة، كثير اللحية، عظيمها، أسمر، عظيم الكرادس، بعيد ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، أسنانه مشدودة بالذهب، يصفر لحيته. وكان عمال عثمان: 1- على اليمن يعلى بن منية التميمي. 2- وعلى مكة عبد الله بن عمرو الحضرمي، 3- وعلى همذان جرير بن عبد الله البجلي. 4- وعلى الطائف القاسم بن ربيعة الثقفي، 5- وعلى الكوفة أبا موسى الأشعري، 6- وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز، 7- وعلى مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح. 8- وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان بن حرب. وكان الفقهاء في أيام عثمان أمير المؤمنين: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبا موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس، وأبا الدرداء، وأبا سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، وسلمان بن ربيعة الباهلي
وهذا سياق ابن الأثير في كتابه المشهور الكامل في التاريخ - (ج 2 / ص 14) وابن الأثير من كبار مؤرخي أهل السنة، وهو اقدم من ابن كثير والذهبي ونحوهم ممن غسلوا أدمعة الناس بالتغطية على الحقائق... وسياق ابن الأثير وإن كان فيه بعض التعصب السني إلا أنه خفيف جداً.. فقد روى ما صرحت به الروايات الصحيحة في الجملة... يقول ابن الأثير:
ذكر مقتل عثمان وقد ذكرنا سبب مسير الناس إلى قتل عثمان، وقد تركنا كثيراً من الأسباب التي جعلها الناس ذريعة إلى قتله لعلل دعت إلى ذلك، ونذكر الآن كيف قتل وما كان بدء ذلك وابتداء الجرأة عليه قبل قتله. فكان من ذلك: 1- أن إبلاً من إبل الصدقة قدم بها على عثمان فوهبها لبعض بني الحكم، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فأخذها وقسمها بين الناس وعثمان في الدار. 2- قيل: وكان أول من اجترأ على عثمان بالمنطق جبلة بن عمرو الساعدي، مر به عثمان وهو في نادي قومه وبيده جامعة، فسلم فرد القوم، فقال جبلة: لم تردون على رجل فعل كذا وكذا؟ ثم قال لعثمان: والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة: مروان وابن عامر وابن سعد، منهم من نزل القرآن بذمه وأباح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دمه، فاجترأ الناس عليه، وقد تقدم قول عمرو بن العاص له في خطبته. 3- قيل: وخطب يوماً وبيده عصا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر يخطبون عليها، فأخذه جهجاه الغفاري من يده وكسرها على ركبته اليمنى فرمي في ذلك المكان بأكلة. 4- وقيل: كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة وغيرهم إلى من بالآفاق منهم: إن أردتم الجهاد فهلموا إليه فإن دين محمد، صلى الله عليه وسلم، قد أفسده خليفتكم فأقيموه. فاختلفت قلوب الناس على ما تقدم ذكره، وجاء المصريون، كما ذكرنا، إلى المدينة، فخرج إليهم علي ومحمد بن مسلمة، كما تقدم، فكلماهم فعادوا ثم رجعوا، فلما رجعوا انطلق إليهم محمد بن مسلمة فسألهم عن سبب عودهم، فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص وقالوا: وجدنا غلام عثمان بالبويب على بعير من إبل الصدقة، ففتشنا متاعه فوجدنا فيه هذه الصحيفة يأمر فيها بجلد عبد الرحمن بن عديس وعمرو بن الحمق وعروة بن البياع وحبسهم وحلق رؤوسهم ولحاهم وصلب بعضهم. 5- وقيل: إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي، فلما رأوه سألوه عن مسيرة وهل معه كتاب فقال: لا. فسألوه في أي شيء هو، فتغير كلامه، فأنكروه وفتشوه وأخذوا الكتاب منه وعادوا وعاد الكوفيون والبصريون. فلما عاد أهل مصر أخبروا بذلك محمد بن مسلمة وقالوا له: قد كلمنا علياً ووعدنا أن يكلمه، وكلمنا سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد فقالا: لا ندخل في أمركم. وقالوا لمحمد ابن مسلمة ليحضر مع علي عند عثمان بعد الظهر، فوعدهم بذلك، فدخل علي ومحمد بن مسلمة على عثمان فاستأذنا للمصريين عليه، وعنده مروان، فقال: دعني أكلمهم. فقال عثمان: اسكت فض الله فاك! ما أنت وهذا الأمر؟ اخرج عني! فخرج مروان: وقال علي ومحمد لعثمان ما قال المصريون، فأقسم بالله: ما كتبته ولا علم لي به. فقال محمد: صدق، هذا من عمل مروان، ودخل عليه المصريون فلم يسلموا عليه بالخلافة، فعرفوا الشر فيهم، وتكلموا فذكر ابن عديس ما فعل عبد الله بن سعد بالمسلمين وأهل الذمة والاستئثار في الغنائم، فإذا قيل له في ذلك قال: هذا كتاب أمير المؤمنين. وذكروا شيئاً مما أحدث بالمدينة، وقالوا له: وخرجنا من مصر ونحن نريد قتلك فردنا علي ومحمد ابن مسلمة وضمنا لنا النزوع عن كل ما تكلمنا فيه، فرجعنا إلى بلادنا فرأينا غلامك وكتابك وعليه خاتمك تأمر عبد الله بجلدنا والمثلة بنا وطول الحبس. 6- فحلف عثمان أنه ما كتب ولا أمر ولا علم. فقال علي ومحمد: صدق عثمان. قال المصريون:فمن كتبه؟ قال: لا أدري. قالوا: فيجترأ عليك ويبعث غلامك وجملاً من الصدقة وينقش على خاتمك ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة وأنت لا تعلم؟ قال: نعم. قالوا: ما أنت إلا صادق أو كاذب، فإن كنت كاذباً فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا بغير حق، وإن كنت صادقاً فقد استحققت أن تخلع نفسك لضعفك عن هذا الأمر وغفلتك وخبث بطانتك، ولا ينبغي لنا أن نترك هذا الأمر بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه وغفلته، فاخلع نفسك منه كما خلعك الله! فقال: لا أنزع قميصاً ألسنيه الله، ولكني أتوب وأنزع. قالوا: لو كان هذا أول ذنب تبت منه قبلنا، ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود ولسنا منصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله تعالى، وإن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك. فقال: أما إن أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك، وأما قولكم تقاتلون من منعني فإني لا آمر أحداً بقتالكم، فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل، ولو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد فقدموا علي أو لحقت ببعض أطرافي. وكثرت الأصوات واللغط. 7- فقام علي فخرج وأخرج المصريين ومضى علي إلى منزله، وحصر المصريون عثمان، وكتب إلى معاوية وابن عامر وأمراء الأجناد يستنجدهم ويأمرهم بالعجل وإرسال الجنود إليه. فتربص به معاوية، فقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري جد خالج بن عبد الله القسري فتبعه خلق كثير، فسار بهم إلى عثمان، فلما كانوا بوادي القرى بلغهم قتل عثمان فرجعوا. وقيل: بل سار من الشام حبيب بن مسلمة الفهري، وسار من البصرة مجاشع بن مسعود السلمي، فلما وصلوا الربذة ونزلت مقدمتهم صراراً بناحية المدينة أتاهم قتل عثمان فرجعوا، وكان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره، فأشاروا عليه أن يرسل إلى علي يطلب إليه أن يردهم ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه إمداده. فقال: إنهم لا يقبلون التعلل، وقد كان مني في المرة الأولى ما كان. فقال مروان: أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك، فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم. فدعا علياً فقال له: قد ترى ما كان من لناس ولست آمنهم على دمي، فارددهم عني فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي وغيري. فقال علي: الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، ولا يرضون إلا بالرضا، وقد كنت أعطيتهم أولاً عهداً فلم تف به فلا تغرني هذه المرة فإني معطيهم علك الحق. فقال: أعطهم فوالله لأفين لهم. فخرج علي إلى الناس فقال لهم: أيها الناس إنكم إنما طلبتم الحق وقد أعطيتموه وقد زعم أنه منصفكم من نفسه. فقال الناس: قبلنا فاستوثق منه لنا فإنا لا نرضى بقول دون فعل. فدخل عليه علي فأعلمه فقال: اضرب بيني وبينهم أجلاً فإني لا أقدر على أن أرد ما كرهوا في يوم واحد. فقال علي: أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجله وصول أمرك. قال: نعم، فأجلني فيما في المدينة ثلاثة أيام، فأجابه إلى ذلك، وكتب بينهم كتاباً على رد كل مظلمة وعزل كل عامل كرهوه، فكف الناس عنه، فجعل يتأهل للقتال ويستعد بالسلاح واتخذ جنداً، فلما مضت الأيام الثلاثة ولم يغير شيئاً ثار به الناس، وخرج عمرو بن حزم الأنصاري إلى المصريين فأعلمهم الحال، وهم بذي خشب، فقدموا المدينة وطلبوا منه عزل عماله ورد مظالمهم. فقال: والله لتفعلن أو لتخلعن أو لتقتلن. فأبى عليهم وقال: لا أنزع سربالاً سربلنيه الله. فحصروه واشتد الحصار عليه، فأرسل إلى علي وطلحة والزبير فحضروا، فأشرف عليهم فقال: يا أيها الناس اجلسوا. فجلسوا المحارب والمسالم. فقال لهم: يا أهل المدينة أستودعكم الله وأسأله أن يحسن عليكم الخلافة من بعدي، ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أن يختار لكم ويجمعكم على خيركم؟ أتقولون إن الله لم يستجب لكم وهنتم عليه وأنتم أهل حقه؟ أم تقولون: هان على الله دينه فلم يبال من ولي الدين لم يتفرق أهله يومئذ؟ أم تقولون: لم يكن أخذٌ عن مشورة إنما كان مكابرة فوكل الله الأمة إذا عصته ولم يشاوروا في الإمامة؟ أم تقولون: إن الله لم يعلم عاقبة أمري! وأنشدكم بالله أتعلمون لي من سابقة خير وقدم خير قدمه الله لي ما يوجب على كل من جاء بعدي أن يعرفوا لي فضلها! فمهلاً لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة: رجل زنى بعد إحصانه، أو كفر بعد إيمانه، أو قتل نفساً بغير حق، فإنكم إذا قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يرفع الله عنكم الاختلاف أبداً. [ ردهم عليه/ المسالم والمحارب: وهو في الكامل وفي جمهرة خطب العرب أيضاً] قالوا: أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر ثم ولوك فإن كل ما صنع الله خيرة، ولكن الله جعلك بلية ابتلى بها عباده، وأما ما ذكرت من قدمك وسلفك مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقد كنت كذلك وكنت أهلاً للولاية، ولكن أحدثت ما علمته ولا نترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاماً قابلاً، وأما قولك: إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة، فإنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت، قتل من سعى في الأرض فساداً، وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه، وقتل من حال دون شيء من الحق ومنعه وقاتل دونه، وقد بغيت ومنعت وحلت دونه وكابرت عليه ولم تقد من نفسك من ظلمت، وقد تمسكت بالإمارة علينا، فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليه فإن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة، فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك! فسكت عثمان ولزم الدار وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم، فرجعوا إلا الحسن بن علي وابن عباس ومحمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وأشباهاً لهم، واجتمع إليه ناس كثير، فكانت مدة الحصار أربعين يوماً، فلما مضت ثماني عشرة ليلة قدم ركبان من الأمصار فأخبروا بخبر من تهيأ إليهم من الجنود وشجعوا الناس فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شيء حتى الماء. فأرسل عثمان إلى علي سراً وإلى طلحة والزبير وأزواج النبي، صلى الله عليه وسلم، إنهم قد منعوني الماء فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا ماء فافعلوا. فكان أولهم إجابة علي، وأم حبيبة زوج النبي، صلى الله عليه وسلم، فجاء علي في الغلس فقال: يا أيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، فلا تقطعوا عن هذا الرجل الماء ولا المادة، فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي! فقالوا: لا والله ولا نعمة عين! فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت ورجعت، وجاءت أم حبيبة على بغلةٍ لها مشتملة على إداوة فضربوا وجه بغلتها فقالت: إن وصايا بني أمية عند هذا الرجل، فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال الأيتام والأرامل. فقالوا: كاذبة، وقطعوا حبل البغلة بالسيف، فنفرت وكادت تسقط عنها، فتلقاها الناس فأخذوها وذهبوا بها إلى بيتها. فأشرف عثمان يوماً فسلم عليهم ثم قال: أنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت بئر رومة بمالي ليستعذب بها فجعلت رشائي فيها كرجل من المسلمين؟ قالوا: نعم. قال: فلم تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر؟ ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أني اشتريت أرض كذا فزدتها في المسجد؟ قيل: نعم. قال: فهل علمتم أن أحداً منع أن يصلي فيه قبلي؟ ثم قال: أنشدكم بالله أتعلمون أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال عني كذا وكذا؟ أشياء في شأنه. ففشا النهي في الناس يقولون: مهلاً عن أمير المؤمنين. فقام الأشتر فقال: لعله مكر به وبكم. وخرجت عائشة إلى الحج واستتبعت أخاها محمداً فأبى فقالت: والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلن. فقال له حنظلة الكاتب: تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها وتتبع ذؤبان العرب إلى ما لا يحل؟ وإن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبك عليه بنو عبد مناف. ثم رجع حنظلة إلى الكوفة وهو يقول: عجبت لما يخوض الناس فيه ... يرومون الخلافة أن تزولا ولو زالت لزال الخير عنهم ... ولاقوا بعدها ذلاً ذليلا وكانوا كاليهود وكالنصارى ... سواء كلهم ضلوا السبيلا وبلغ طلحة والزبير ما لقي علي وأم حبيبة فلزموا بيوتهم وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات. فأشرف عثمان على الناس فاستدعى ابن عباس فأمره أن يحج بالناس، وكان ممن لزم الباب، فقال: جهاد هؤلاء أحب إلي من الحج. فأقسم عليه فانطلق. قال عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة: دخلت على عثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه، فمنهم من يقول: ما تنتظرون به؟ ومنهم من يقول: انظروا عسى أن يراجع. قال: فبينما نحن واقفون إذ مر طلحة فقال: أين ابن عديس؟ فقام إليه فناجاه ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه: لا تتركوا أحداً يدخل على عثمان ولا يخرج من عنده. فقال لي عثمان: هذا ما أمر به طلحة، اللهم اكفني طلحة فإنه حمل علي هؤلاء وألبهم علي! والله إني لأرجو أن يكون منها صفراً وأن يسفك دمه! قال: فأردت أن أخرج فمنعوني حتى أمرهم محمد بن أبي بكر فتركوني أخرج. 8- وقيل: إن الزبير خرج من المدينة قبل أن يقتل عثمان، وقيل: أدرك قتله. 9- ولما رأى المصريون أن أهل الموسم يريدون قصدهم وأن يجمعوا ذلك إلى حجهم مع ما بلغهم من مسير أهل الأمصار قالوا: لا يخرجنا من هذا الأمر الذي وقعنا فيه إلا قتل هذا الرجل فيشتغل الناس عنا بذلك. فراموا الباب فمنعهم الحسن وابن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان وسعيد بن العاص ومن معهم من أبناء الصحابة واجتلدوا، فزجرهم عثمان وقال: أنتم في حلٍ من نصرتي، فأبوا، ففتح الباب لمنعهم، فلما خرج ورآه المصريون رجعوا فركبهم هؤلاء وأقسم عثمان على أصحابه ليدخلن فدخلوا فأغلق الباب دون المصريين، فقام رجل من أسلم يقال له نيار بن عياض، وكان من الصحابة، فنادى عثمان، فبينا هو يناشده أن يعتزلهم إذ رماه كثير بن الصلت الكندي بسهم فقتله. فقالوا لعثمان عند ذلك: ادفع إلينا قاتله لنقتله به. قال: لم أكن لأقتل رجلاً نصرني وأنتم تريدون قتلي. فلما رأوا ذلك ثاروا إلى الباب، فلم يمنعهم أحد منه، والباب مغلق لا يقدرو
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:20 | |
| - مروج الذهب - (ج 1 / ص 304) سياق المسعودي عن عثمان وأخباره باستثناء ما أفردناه مثل : عثمان وأبي ذر .. فقد أفرد في ( بحث الكبار وعثمان وسنذكره منفرداً لطوله) عثمان وعمار.. وقد أفرد في ( بحث الكبار وعثمان وسنذكره منفرداً لطوله)
ذكر نسبه ولمع من أخباره وسيره نسبه وأولاده هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ويكنى بأبي عبد اللهّ وأبي عمرو، والأغلب منهما أبو عبد اللهّ، و أمه أرْوَى بنت كريز بن جابر بن حبيب بن عبد شمس، وكان له من الولد: عبد اللهّ الأكبر، وعبد اللهّ الأصغر، أمه ما رقية بنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأبان، وخالد، وسعيد، والوليد، والمغيرة، وعبد الملك، وأم أبان، وأم سعيد، وأم عمرو، وعائشة، وكان عبد اللهّ الأكبر يلقب بالمطرف لجماله وحسنه. وكان كثير التزوج، كثير الطلاق، وكان أبان أبْرَصَ أحْوَلَ، قد حمل عنه أصحابُ الحديث عدة من السنن، وولي لبني مروان مكة وغيرها. وكان سعيد أحْوَلَ بخيلاً. وقتل في زمن معاوية وكان الوليد صاحب شراب وفتوة ومُجُون. وقتل أبوه وهو مخلَّقُ الوجه سكران عليه مُصَبَّغات واسعة. وبلغ عبد اللّه الأصغر من السن ستاً وسبعين عاماً (! كذا وهو خطأ والصواب ستاً أو سبعة أعوام). فنقره ديك في عينه، فكان ذلك سبب موته، وعبد الملك مات صغيراً ولا عقب له. صفاته وكان عثمان في نهاية الجود والكرم والسماحة والبذل في القريب والبعيد. فسلك عمالُه وكثير من أهل عصره طريقته، وتأسَّوْا به في فعله. وبنى فيداره في المدينة وشيدها بالحجر والكِلْس، وجعل أبوابها من الساج والعَرْعَر واقتنى أموالاً وجناناً وعيوناً بالمدينة.
الثروة في عهد عثمان: ثروته (ثروة عثمان)
وذكر عبد الله بن عتبة : أن عثمان يوم قتل كان له عند خازنه من المال 1- خمسون ومائة ألف دينار 2- وألف ألف درهم، 3- وقيمة ضياعه بوادي القُرَى وحُنَيْن وغيرهما مائة ألف دينار، 4- وخلف خَيْلاً كثيراً وإبلاً. ثروة الزبير بن العوام وفي أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضِّيَاعَ والحور: منهم الزبير بن العوام، بنى داره بالبصرة، وهي الكوفة في هذا الوقت - وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة - نزلها التجار وأرباب الأموال وأصحاب الجهاز من البحريين وغيرهم، وابتنى أيضاً دوراًً بمصر والكوفة والإسكندرية، وما ذكرنا من دوره وضياعه فمعلوم غير مجهول إلى هذه الغاية(!!!). وبلغ مال الزبير بعد وفاته خمسين ألف دينار، وخلف الزبير ألف فرس، وألف عبد وأمة، وخططاً بحيث ذكرنا من الأمصار. ثروة طلحة بن عبيد اللّه وكذلك طلحة بن عبيد اللّه التيمي: ابتنى داره بالكوفة المشهورة به هذا الوقت، المعروفة بالكُنَاسة بدار الطلحيين، وكان غلته من العراق كل يوم ألف دينار، وقيل أكثر من ذلك، وبناحية الشراة أكثر مما ذكرنا، وشيد داره بالمدينة وبناها بالآجرِّ والجِصِّ والساج. ثروة عبد الرحمن بن عوف وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري: ابتنى داره ووسعها، وكان على مربطه مائة فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف شاة من الغنم، وبلغ بعد وفاته رُبُعُ ثمنِ مالِهِ أربعةً وثمانين ألفاً. ثروة قوم من الصحابة وابتنى سعد بن أبي وقاص داره بالعقيق، فرفع سمكها، ووسع فضاءها، وجعل أعلاها شُرُفَاتِ. وقد ذكر سعيد بن المسيب أن زيد بن ثابت حين مات خلف الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس، غير ما خلف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف دينار. وابتنى المقداد داره بالمدينة في الموضع المعروف بالجرف على أميال من المدينة وجعل أعلاها شرفات، وجعلها مجصَّصة الظاهر والباطن. ومات يعلى بن منية، وخلف خمسمائة ألف دينار، وديوناً علم الناس، وعقارات، وغير ذلك من التركة ما قيمته ثلاثمائة ألف دينار. وهذا باب يتسع ذكره ويكثر وصفه، فيمن تملك من الأموال في أيامه ، ولم يكن مثل ذلك في عصر عمر بن الخطاب، بل كانت جادة واضحة وطريقة بينة. وحج عمر فأنفق في ذهابه ومجيئه إلى المدينة ستة عشر ديناراً، وقال لولده عبد اللّه: لقد أسرفنا في نفقتنا في سفرنا هذا. ولقد شكا الناس أميرهم بالكوفة سعد بن أبي وقاص - وذلك في سنة إحدى وعشرين - فبعث عمر محمد بن مسلمة الأنصاري حليف بني عبد الأشهل، فحرق عليه باب قصر الكوفة، وعرضه في مساجد الكوفة يسألهم عنه؛فحمده بعضهم، وشكاه بعض، فعزله وبعث إلى الكوفة : عمار بن ياسر على الثغر، وعثمان بن حُنَيْف على الخراج، وعبد اللّه بن مسعود على بيت المال، - قلت: دلائل توبة عمر، فكل الثلاثة من هؤلاء- وأمره أن يعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين وفرض لهم في كل يوم شاة، فجعل شطرها وسواقطها لعمار بن ياسر والشطر الأخر بين عبد اللّه بن مسعود وعثمان بن حنيف، فأين عُمر ممم ذكرنا؛ وأين هو عما وصفنا؟. عمال عثمان وقدم على عثمان عمه الحكم بن أبي العاص وابنه مروان وغيرهما من بني أمية - والحكم هو طريد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الذي غَرَّبه عن المدينة، ونفاه عن جواره - وكان عماله جماعة منهم الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط على الكوفة، وهو ممن أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، وعبد اللهّ بن أبي سَرْح على مصر، ومعاوية بن أبي سفيان على الشام، وعبد اللهّ بن عامر على البصرة، وصَرَفَ عن الكوفة الوليد بن عُقْبة، وولاها سعيد بن العاص. مروج الذهب - (ج 1 / ص 306) الوليد بن عقبة.. الوليد بن عقبة وكان السبب في صرف الوليد بن عقبة وولاية سعيد - على ما روي - أن الوليد بن عقبة كان يشرب مع ندمائه ومغنيه من أول الليل إلى الصباح، فلما آذنه المؤذنون بالصلاة خرج متفضِّلا في غَلائله، فتقدَّمَ إلى المحراب في صلاة الصبح، فصلى بهم أربعاً، وقال: أتريحون أن أزيدكم؟ وقيل: إنه قال في سجوده وقد أطال: أشرب واسقني، فقال له بعض من كان خلفه في الصف الأول: ما تزيد لازادك اللّه من الخير. واللهّ لا اعجب إلا ممن بعثك إلينا والياً وعلينا أميراً، وكان هذا القائل عتاب بن غيلان الثقفي. وخطب الناس الوليد فحصبه الناس بحصباء المسجد، فدخل قصره يترنح، ويتمثل بأبيات لتأبط شَرّاً: ولست بعيداً عن مدام وقَيْنة ... ولا بصفا صلد عن الخير معزل ولكنني أروي من الخمر هامتي ... وأمشي المَلاَ بالساحب المتسلسل وفي ذلك يقول الحطيئة: شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ... أن الوليد أحَقُّ بالعذر نادى وقد تَفَتْ صلاتهم ... أ أزيدكم؟ ثَمِلاً وما يدريً ليزيدهم أخرى، ولو قبلوا ... لقرنت بين الشفع والوتر حبسوا عنانك في الصلاة، ولو ... خَلَّوْا عنانك لم تزل تجري وأشاعوا بالكوفة فعله، وظهر فسقه ومداومته على شرب الخمر، فهجم عليه جماعة من المسجد منهم أبو زينب بن عوف الأزدى وجندب زهير الأزدي وغيرهما، فوجدوه سكران مضطجعاً على سريره لا يعقل، فأيقظوه من رقدته، فلم يستيقظ، ثم تقايأ عليهم ما شرب من الخمر، فانتزعوا خاتمه من يده وخرجوا من فوْرِهم إلى المدينة، فأتوا عثمان بن عفان، فشهدوا عنده على الوليد أنه شرب الخمر، فاقال عثمان: وما يريكما أنه شرب خمرا؟ فقالا: هي الخمر التي كنا نشربها في الجاهلية، وأخرجا خاتمه فدفعاه إليه، فزجَرَهما ودفع في صدروهما، وقال: تنحَّيَا عني، فخرجا من عنده وأتيا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وأخبراه بالقصة، فأتى عثمان وهو يقول: دفعت الشهود، وأبطلت الحدود، فقال له عثمان: فما ترى؟ قال: أرى أن تبعث إلى صاحبك فتحضره فإن أقاما الشهادة عليه في وجهه ولم يدْرَأ عن نفسا بحجة أقمت عليه الحد، فلما حضر الوليد دعاهما عثمان: فأقاما الشهادة عليه ولم يُدل بحجة فألقى عثمان السوط إلى علي، فقال علي لابنه الحسن: قم يا بني فأقم عليه ما أوجب الله عليه، فقال: يكفينيه بعض من ترى، فلما نظر إلى امتناع الجماعة عن إقامة الحد عليه تَوَقِّياً لغضب عثمان لقرابته منه أخذ علي السوط ودنا منه، فلما أقبل نحوه سبه الوليد، وقال: يا صاحب مكس، فقال عقيل بن أبي طالب وكان ممن حضر: إنك لتتكلم يا ابن أبي مُعَيْط كأنك لا تحري من أنت، وأنت علج من أهل صَفّورية - وهي قرية بين عكاء واللَّجُون، من أعمال الأردن، من بلاد طبرية، وكان ذكر أن أباه كان يهوديَاَ منها - فأقبل الوليد يَروغُ من علي، فاجتذبه علي فضرب به الأرض، وعلاه بالسوط، فقال عثمان: ليس لك أن تفعل به هذا، قال: بل وشراً من هذا إذا فسق ومنع حق الله تعالى أن يؤخذ منه. سعيد بن العاص مروج الذهب - (ج 1 / ص 307) سعيد بن العاص.. سعيد بن العاص: وولي الكوفة بعده سعيد بن العاص، فلما دخل سعيد الكوفة واليَاَ أبى أن يصعد المنبر حتى يُغْسَل، وأمر بغَسْلِهِ، وقال: إن الوليد كان نجسأ رجساً، فلما أتصلت أيام سعيد بالكوفة ظهرت منه أمور منكرة، فاستبد بالأموال، وقال في بعض الأيام أو كتب به عثمان: إنما هذا السواد قطين لقريش، فقال له الأشتر، وهو مالك بن الحارث النخعي: أتجعل ما أفاء اللّه علينا بظلال سيوفنا ومراكز رماحنا بستاناً لك ولقومك؟ ثم خرج إلى عثمان في سبعين راكباً من أهل الكوفة فذكروا سوء سيرة سعيد بن العاص، وسألوا عَزْلَه عنهم، فمكث الأشتر وأصحابه أياماً لا يخرج لهم من عثمان في سعيد شيء، وامتدت أيامه بالمدينة، وقدم عَلَى عثمان أمراؤه من الأمصار منهم عبد اللهّ بن سعد بن أبي سَرْح من مصر ومعاوية من الشام وعبد اللّه بن عامر من البصرة وسعيد بن العاص من الكوفة، فأقاموا بالمدينة أياماً لا يردهم إلى أمصارهم، وكراهة أن يرد سعيداً إلى الكوفة، وكره أن يعزله، حتى كتب إليه مَنْ بأمصارهم يَشكون كرة الخراج وتعطيل الثغور، فجمعهم عثمان وقال: ما ترون؟ فقال معاوية: أما أنا فراض بي جندي، وقال عبد اللّه بن عامر بن كريز: ليكفك امرؤ ما قبله أكْفِكَ ما قبلي، وقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح: ليس بكثير عزل عامل للعامة وتولية غيره، وقال سعيد بن العاص: إنك إن فعلت هذا كان أهل الكوفة هم الذين يولون ويعزلون، وقد صاروا حلقاً في المسجد ليس لهم غير الأحاديث والخوض، فجهزهم في البعوث حتى يكون هَمُّ أحدهم أن يموت على ظهر دابته، قال: فسمع مقالته عمرو بن العاص فخرج إلى المسجد، فإذا طلحة والزبير جالسان في ناحية منه، فقالا له: تعالى إلينا، فصار إليهما، فقالا: ما وراءك؟ قال: الشر، ما ترك شيئاً من المنكر إلا أتى به وأمره به، وجاء الأشتر فقالا له: إن عاملكم الذي قمتم فيه خطباء قد رد عليكم وأمر بتجهيزكم في البعوث وبكذا وبكذا ، فقال الأشتر: واللهّ لقد كنا نشكو سوء سيرته وما قمنا فيه خطباء، فكيف وقد قمنا؟! وايْمُ اللّه على ذلك لولا أني أنفدْتُ النفقة وأنضيت الظهر لسبقته إلى الكوفة حتى أمنعه دخولها، فقالا له: فعندنا حاجتك التي تقوم بك في سفرك قال: فأسلفاني إذاً مائة ألف درهم، قال: فأسلفه كل واحد منهما خمسين ألف درهم، فقسمها بين أصحابه، وخرج إلى الكوفة فسبق سعيداً، وصعد المنبر وسَيفه في عنقه ما وضعه بعد، ثم قال: أما بعد، فإن عاملكم الذي أنكرتم تعدية وسوء سيرته قد رد عليكم، وأمر بتجهيزكم في البعوث، فبايعوني على أن لا يدخلهاَ، فبايعه عشرة آلاف من أهل الكوفة وخرج راكباً متخفياً يريد المدينة أو مكة، فلقي سعيداً بواقصة فأخبره بالخبر، فانصرف إلى المدينة، وكتب الأشتر إلى عثمان: أنا والله ما منعنا عاملك الدخول لنفسد عليك عملك، ولكن لسوء سيرته فينا وشدة عذابه، فابعث إلى عملك مَنْ أحببت، فكتب إليهم: انظروا من كان عاملكم أيام عمر بن الخطاب فولوه، فنظروا فإذا هو أبو موسى الأشعري، فولَوْهُ. بدء الطعن على عثمان وسببه وفي سنة خمس وثلاثين كثر الطعن على عثمان رضي الله عنه، وظهر عليه التنكير لأشياء ذكروها من فعله: منها: 1- ما كان بينه وبين عبد الله بن مسعود، وانحراف هُذَيْل عن عثمان من أجله 2- ومن ذلك ما نال عمار بن ياسر من الفتن والضرب، وانحراف بني مخزوم عن عثمان من أجله. 3- ثم ذكر قصة الوليد بن عقبة.. 4- وقصة أبي ذر.. 5- وقصة عمار .. ثم قال مروج الذهب - (ج 1 / ص 311) ولما كان سنة خمس وثلانين : سار مالك بن الحارث النخعي من الكوفة في مائتي رجل وحكيم بن جبلة العبدي في مائة رجل من أهل البصرة ومن أهل مصر ستمائة رجل عليهم عبد الرحمن بن عديس البَلَويً، وقد ذكر الواقدي وغيره من أصحاب السير أنه ممن بايع تحت الشجرة، إلى آخرين ممن كان بمصر مثل عمرو بن الحمق الخزاعي وسعد بن حُمْرَان التُّجِيبي، ( قلت: إنما هو سودان بن حمران ) ومعهم محمد أبي بكر الصديق، - وقد كان تكلم بمصر، وَحرضَ الناس على عثمان لأمر يطول ذكره كان السبب فيه مروان بن الحكم-!!! فنزلوا في الموضع المعروف بذي الخشب فلما علم عثمان بنزولهم بعث إلى علي بن أبي طالب فأحضره، وسأله أن يخرج إليهم ويضمن لهم عنه كل ما يريدون من العدل وحسن السيرة، فسار علي إليهم، فكان بينهم خطب طويل، فأجابوه إلى ما أراد وانصرفوا، فلما صاروا إلى الموضع المعروف بحسمى إذا هم بغلامِ على بعير وهو مُقْبِل من المدينة، فتأمًلُوه فماذا هو ورش غلام عثمان، فقرَرُوه، (قلت: لعثمان نحو ألف عبد، لم أجد اسمه .. ولم يستقصهم أحد.. واقرب الناس لاسمه راشد مولى عثمان محدث).. فأقَرً وأظهر كتابأ إلى ابن أبي سَرْح صاحب مصر وفيه إذا قدم عليك الجيشُ فاقطع يد فلان، واقتل فلاناً، وافعل بفلان كذا، واحْصَى كثر مَنْ في الجيش، وأمر فيهم بما أمر وعلم القوم أن الكتاب بخط مروان، فرجعوا إلى المدينة، واتفق رأيهم ورأي مَنْ قدم من العراق، ونزلوا المسجد وتكلموا، وذكروا ما نزل بهم من عُمّالهم، ورجعوا إلى عثمان فحاصروه في داره، ومنعوه الماء، فأشرف على الناس وقال: ألا أحد يسقينا؟ وقال: بم تستحلُّون قتلي وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحلُّ دم آمري مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس " ؟ والله ما فعلت ذلك في جاهلية أو إسلام، فبلغ عليّاً طلبه للماء، فبعث إليه بثلاث قِرَبٍ ماء، فما وصل إليه ذلك حتى خرج جماعة من موالي بني هاشم وبني أمية، وارتفع الصوت، وكثر الضجيج، وأحْدَقُوا بداره بالسلاح وطالبوه بمروان، فأبى أن يخلِّيَ عنه، وفي الناس بنو زُهْرة لأجل عبد اللّه بن مسعود لأنه كان من أحلافها، وهذيل لأنه كان منها، وبنو مخزوم وأحلافها لعمار، وغِفَار وأحلافها لأجل أبي ذر، وتَيْم بن مرة مع محمد بن أبي بكر، وغير هؤلاء ممن لا يحمل كتابنا ذكره، فلما بلغ عليَاَ أنهم يريدون قتله بعث بابنيه الحسن والحسين مع مواليه بالسلاح إلى بابه لنصرته، وأمرهم أن يمنعوه منهم، وبعث الزبير ابنه عبد الله، وبعث طلحة ابنه محمداً، وأكثر أبناء الصحابة أرسلهم آباؤهم إقتداء بمن ذكرنا، فصدُوهم عن الدار، فرمى من وصفنا بالسهام، واشتبك القوم، وجُرح الحسن، وشُبئَ قنبر، وجرح محمد بن طلحة، فخشي القوم أن يتعصب بنو هاشم وبنو أمية، فتركوا القوم في القتال على الباب، ومضى نفر منهم إلى دار قوم من الأنصار فتسوَّرُوا عليها، وكان ممن وصل إليه محمد بن أبي بكر ورجلان آخران، وعند عثمان زوجته، وأهُله؛ ومواليه مشاغيل بالقتال، فأخذ محمد بن أبي بكر بلحيته، فقال: يا محمد، واللّه لو رآك أبوك لساءه مكانك فتراخت يده، وخرج عنه إلى الدار، ودخل رجلان فوجداه فقتلاه، وكان المصحف بين يديه يقرأ فيه، فصعدت امرأته فصرخت وقالت: قد قتل أمير المؤمنين، فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما من بني أمية، فوجده قد فاضت نفسه رضي الله عنه، فبكوا، فبلغ ذلك علياً وطلحة والزبير وسعداً وغيرهم من المهاجرين والأنصار، فاسترجع القوم، ودخل عليّ الدار، وهو كالواله الحزين، وقال لابنيه: كيف قتل أمير المؤمنين وأنتما على الباب؟ ولَطَم الحسن وضرب صدر الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد اللّه بن الزبير، فقال له طلحة: لا تضرب أبا الحسن، ولا تشتم، ولا تلعن، لو دَفَعَ إليهم مروان ما قتل، وهرب مروان وغيره من بني أمية، وطُلِبُوا ليقتلوا فلم يوجدوا، وقال علىِ لزوجته نائلة بنت الفراقصة: مَنْ قتله وأنتِ كنت معه؟ قالت: دخل إليه رجلان وقصت خبر محمد بن أبي بكر، فلم ينكر ما قالت، وقال: واللهّ لقد دخلت عليه وأنا أريد قتله، فلما خاطبني بما قال خرجْت، ولا أعلم بتخلف الرجلين عني، واللّه ما كان لي في قتله من سبب، ولقد قتل وأنا لا أعلم بقتله. وكانت مدة ما حوصر عثمان في داره تسعاً وأربعين يوماً، وقيل: أكثر من ذلك. مروج الذهب - (ج 1 / ص 312) وقتل في ليلة الجمعة لثلاث بقين من في الحجة، وذكر أن أحد الرجلين كنانة بن بشر التجيبي، ضربه بعمود على جبهته، والأخر منهما سعد بن حُمْرَان المرادى، ضربه بالسيف على حبل عاتقه فَحلَّه. وقد قيل: إن عمرو بن الحمق طعنه بسهام تسع طعنات، وكان فيمن مال عليه عمير بن ضابىء البرجمي التميمي، وخضخض سيفه في يطنه. مدفنه ودفن على ما وصفنا في الموضع المعروف بحش كوكب، وهذا الموضع فيه مقابر بني أمية، ويعرف أيضاً بحلة، وصلى عليه جُبَير بن مطعم وحكيم بن حزام وأبو جَهْم بن حذيفة. ولما حوصر عثمان كان أبو أيوب الأنصاري رضي اللّه عنه يصلّي بالناس، ثم امتنع، فصلى بهم سهل بن حُنَيْف، فلما كان يوم النحر صلّى بهم علي، وقيل: إن عثمان قتل ومعه في الدار من بني أمية ثمانية عشر رجلا منهم مروان بن الحكيم. ما قيل فيه من الرثاء وفي مقتله تقول زوجته نائلة بنت الفرافصة: ألا إنَ خير الناس بعد ثلاثة ... قتيلُ التجيبيِّ الذي جاء من مصر ومالِيَ لا أبكي وتبكي قرابتي ... وقد غيبوا عني فضول أبي عمرو وقال حسان بن ثابت - فيمن تخلف عنه وخَذَله من الأنصار وغيرهم، وأعان عليه وعلى قتله، واللّه أعلم بما قاله، من أبيات: خذلَتْهُ الأنصار إذ حضر المو ... تَ وكانت ولاية الأنصار مَن عَذِيري من الزبير ومن طلـــــــحة إذ جاء أمر له مقدار فتولى محمد بن أبي بكر............... عياناً، وخلفه عمارأ في شعر له طويل يذكر فيه غير من ذكرنا، وينسبهم إلى التمالؤ على قتله، والرضا بما فُعل به، واللّه أعلم، وكان حسان عثمانياً منحرفاً عن غيره، وكان عثمان إليه محسناً، وهو المتوعد للأنصار في قوله في شعره: يا ليْتَ شعري وليت الطير تخبرني ... ما كان شأن علي وابن عفانا لَتَسْمَعُنّ وشيكا في ديارهمُ ... اللّه أكبر، يا ثارات عثمانا وكان عثمان رضي اللهّ عنه كثيراً ما ينشد أبياتاً قالها ويطيل ذكرها لا تعْرف لغيره، منها: تفنى اللذافة مِمَّنْ نال صفوتها ... من الحرام ويبقى الإثم والعار يلقى عواقب سوء من مغبتها ... لاخير في لذة من بعدها النار وكان الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط أخا عثمان لأمه ، فسمع في الليلة الثانية من مقتل عثمان يندبه، وهو يقول: بني هاشم، إنا وما كان بيننا ... كصَدْع الصفا ما يومِضُ الدهْر َشاعِبُه بني هاشم، كيف الهَوَادة بيننا ... وسيف ابن أرْوَى عندكم وحرائبه بني هاشم، ردوا سلاح ابن أختكم ... ولاتنهبوه، لاتحلّ مناهبهْ غدرتم به كيما تكونوا مكانه ... كما غدرت يوماً بكسرى مَرَازبُه وهي أبيات: فأجابه عن هذا الشعر، وفيما رَمَى به بني هاشم ونسبه إليهم، الفضلُ بن العباس بن عتبة بن أبي لهب فقال: فلا تسألونا سيفكم؛ إن سيفكم ... أضِيعَ، وألقاه لَوَر الرَّوْع صاحبه سلوا أهل مصر عن سلاح ابن أختنا ... فهم سلبوه سيفه وحرائبه وكان وليَّ الأمر بعد محمد ... علي، وفي كل المواطن صاحبه علي ولي اللّه أظهر دينه ... وأنت مع الأشْقَيْنَ فيما تحاربه وأنت امرؤ من أهل صفواء نازح ... فمالك فينا ممت حميم تعاتبه وقد أنزل الرحْمت أنك فاسق ... فمالك في الإسلام سهم تطالبه قال المسعودي رحمه اللهّ: ولعثمان أخبار وسير ومآثر حسان، قد أتينا على ذكرها في كتابنا أخبار الزمان والكتاب الأوسط، وكذلك ما كان في أي أمه من الكوائن والأحداث والفتوح والحروب مثل الروم وغيرهم واللهّ ولي التوفيق، وصلى اللّه علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم. العثمانية عند المسعودي: مروج الذهب - (ج 1 / ص 314) وقعد عن بيعته جماعة عثمانية لم يروا إلا الخروج عن الأمر: منهم سعد بن أبي وقاص، (قلت: الراجح أنه بايع، ولكن اعتزل القتال من عهد عثمان) وعبد اللّه بن عمر، وبايع يزيد بعد ذلك والحجاج لعبد الملك بن مروان، ومنهم قُدَامَةُ بن مظعون، (؟ المجلود في الخمر، صهر عمر، هل كان حياً؟) وأهبان بن صيفي، (هذا في البصرة.. مغمور).. ليست له صحبة شرعية وعبد الله بن سلام، (لا يعرف ببيعة ولا غيرها) والمغيرة بن شعبة الثقفي، (نعم بايع ثم غدر) وممن اعتزل من الأنصار: كعب بن مالك،( اعتزل) وحسان بن ثابت، وكانا شاعرين، (والشاعر شاعر وكان عثمانيين) وأبو سعيد الخُدْرِي، (الراجح أنه بايع وحضر النهروان على الأقل) ومحمد بن مسلمة حليف بني عبد الأشْهَل، (هذا صحيح اعتزل ) ويزيد بن ثابت – زيد- ، (اعتزل) ورافع بن خديج، (الراجح أنه مع علي) ونعمإن بن بشير (هذا كان مع معاوية) .. ليست له صحبة شرعية و فضالة بن عبيد، (كان في الشام) كيف يغفل المسعودي عن مثل هذا.. وكعب بن عجرة (يظهر أنه كان مع علي) ثم هل هو أنصاري؟ ومَسْلَمة " بن خالد (مخلد)، هذا من أصحاب معاوية .. مغمور ليست له صحبة.. في آخرين ممن لم نذكرهم من العثمانية من الأنصار وغيرهم من بني أمية وسواهم. وانتزع علي أملاكاً كان عثمان أقطعها جماعةً من لمسلمين، وقَسَّم ما في بيت المال على الناس، ولم يُفَضِّلْ أحداً على أحد، وبعثت أم حبيبة بنت أبي سفيان إلى أخيها معاوية بقميص عثمان مخضَّباً بدمائه مع النعمان بن بشير الأنصاري، واتصلت بيعة علي بالكوفة وغيرها من الأمصار، وكان أهل الكوفة أسرع إجابة إلى بيعته، وأخذ له البيعة علىِ أهلها أبو موسى الأشعري، حتى تكاثر الناس عليه، وكان عليها عاملاَ لعثمان. بنو أمية عند علي وأتاه جماعة ممن تخلف عن بيعته من بني أمية: منهم سعيد بن العاص، ومروان بن الحكم، والوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيْط، فجرى بينه وبينهم خطب طويل، وقال له الوليد: أنا لم نتخلف عنك رغبة عن بيعتك، ولكنا قوم وَتَرَنَا الناسُ، وخفنا على نفوسنا، فعذرنا فيما نقول واضح، أما أنا فقتلتَ أبي صبراً، وَضربتني حداً، وقال سعيد بن العاص كلاماً كثيراً، وقال له الًوليد: أما سعيد فقتلت أباه، وأهنت مَثْو وأمَّا مروان فإنك شتمت أباه، وعبت عثمان في ضَمِّه إياه. وقد ذكر أبو مخنف لوط بن يحيى : أن حسان بن ثابت وكعب بن مالك والنعمان بن بشير - قبل نفوذه بالقميص - أتوا عليا ًفي آخرين من العثمانية فقال كعب بن مالك: يا أمير المؤمنين (!! هذه بيعة) ، ليس مسيئَاَ مَنْ عتب، وخير كفر ما محاهُ عذر، في كلام كثير، ثم بايع وبايع من ذكرنا جميعاً. عمرو بن العاص وقد كان عمرو بن العاص انحرف عن عثمان لانحرافه عنه وتوليته مصر غيره، فنزل الشام، فلما اتصل به أمر عثمان وما كان من بيعة علي، كتب إلى معاوية يهزُّه ويشير عليه بالمطالبة بدم عثمان، وكان فيما كتب به إليه: ما كنت صانعاً إذا قشرت من كل شيء تملكه فاصنع ما أنت صانع، فبعث إليه معاوية، فسار إليه، فقال له معاوية: بايعني، قال: لا واللهّ لا أعطيك من ديني حتى أنال من دنياك، قال: سَلْ، قال: مصر طُعْمَة. فأجابه إلى ذلك، وكتب له به كتاباً؛ وقال عمرو بن العاص في ذلك: مُعَاويَ لا أعطيك ديني ولم أنَل ... به منك دنيا؛ فانْظُرَنْ كيف تصنع فإن تعطني مصر افأرْبِحْ بصفقة ... أخذتَ بها شيخاً يضر و ينفع .... وقال: مروج الذهب - (ج 1 / ص 322) جرير والأشعث واليان لعثمان عزلهما علي.. وبعث إلى الأشعث بن قيس يعزله عن أذربيجان وأرمينية، وكان عاملاً لعثمان عليها، وصرف عن همدان جرير بن عبد اللّه البجلي، وكان عاملاً لعثمان، فكان في نفس الأشعث على عليّ ما ذكرنا من العزل.
سياق المسعودي لقصة أبي ذر مع عثمان
مروج الذهب - (ج 1 / ص 309) ومن ذلك ما فعل بأبي ذر ، وهو أنه حضر مجلسه ذات يوم فقال عثمان: رأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره؟ فقال كعب: لا يا أمير المؤمنين، فدفع أبو ذر في صد كعب، وقال له: كذبت يا ابن اليهودي، ثم تلا: " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " الآية - فقال عثمان: أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينو بنا من أمورنا ونعطيكموه؟ فقال كعب: لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب وقال: يا ابن اليهودي ما أجراك على القول في ديننا! فقال له عثمان: ما أكثر أذاك لي! غَيبْ وجهك عني فقد آذيتنا، فخرج أبو ذر إلى الشام، فكتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع، ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك، فكتب إليه عثمان بحمله، فحملَه على بعير عليه قَتَب يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون به، حتى أتوا به المدينة وقد تسلّخت بواطن أفخاذه وكاد أن يتلف، فقيل له: إنك تموت من ذلك، فقال: هيهات لن أموت حتى أنفى، وذكر جوامع ما ينزل به بعد، ومن يتولى دفنه، فأحسن إليه عثمان في داره أياماً، ثم دخل إليه فجلس علىِ ركبتيه وتكلم بأشياء، وذكر الخبر في ولد أبي العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلاَ اتخذوا عباد اللهّ خَوَلاً، ومًر في الخبر بطوله وتكلم بكلام كثير، وكان في ذلك اليوم قد أتى عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنثرت البِدر حتى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيراً؛ لأنه كان يتصدق، ويَقْرِي الضيف، وترك ما ترون، فقال كعب الأحبار، صدقت يا أمير المؤمنين، فشال أبوذر العصا، فضرب بها رأس كعب، ولم يشغله ما كان فيه الألم وقال: يا ابن اليهودي تقول لرجل مات وترك هذا المال: إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الأخرة، وتقطع على اللهّ بذلك، وأنا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطا " فقال له عثمان: وَارِعنِّي وجهك، فقال: أسير إلى مكة، قال: لا واللّه، قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى أموت؟ قال: أي واللّه، قال: فإلى الشام، قال: لا واللهّ قال البصرة؟ قال: لا واللهّ، فاختر غير هذه البلدان، قال: لا واللهّ ما أختار غير ما ذكرت لك، ولو تركتني في دار هجرتي ما أردتُ شيئاً من البلدان، فَسَيِّرْنِي حيث شئت من البلاد، قال: فإني مسيرك إلى الرَبَذَةِ، قال: الله كبر، صدق رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم قد أخبرني بكل ما أنا لاقٍ، قال! عثمان: وما قال لك. قال: أخبرني بأني أمنِع عن مكة والمدينة وأموت بالرَبَذَةِ، ويتولى مواراتي نفر ممن يَردُون من العراق نحو الحجاز، وبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته - وقيل: ابنته - وآمر عثمان أن يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة، فلما طلع عن المدينة ومروان يسير عنها طلع عليه علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه ومعه ابناهُ الحسن والحسين وعقيل أخوه وعبد اللّه بن جعفر وعمار بن ياسر، فاعترض مروان فقال: يا على إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أبا ذر في مسيره ويشيعوه، فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك، فحمل عليه علي بن أبي طالب بالسوط وضرب بين أذني راحلته، وقال: تَنَحَّ نحاك اللّه إلى النار، ومضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودَّعه وانصرف، فلما أراد علي الانصراف بكى أبو ذر، وقال: رحمكم اللّه أهل البيت، إذا رأيتك يا أبا الحسن وولدك ذكرت بكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به علي بن أبي طالب، فقال عثمان: يا معشر المسلمين من يعذرني من علي؟: رد َّرسولي عما وجَّهته له، وفعل كذا، واللهّ لنعطينه حقه، فلما رجع علي استقبله الناس، فقالوا له: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أبا ذر، فقال علي: غَضَبَ الخيل على اللُّجُم. فلما كان بالعشي جاء إلى عثمان، فقال له: ما حملك على ما صنعت بمروأن ولم اجترأت عليً ورددت رسولي وأمري؟ قال: أما مروان فإنه استقبلني يردني فرددته عن ردي، وأما أمرك فلم أردَّهُ، قال عثمان: ألم يبلغك أني قد نهيت الناس من أبي نر وعن تشييعه؟ فقال علي: أوكل ما أمرتنا به من شيء نرى طاعة اللهّ والحق في خلافه أتبعنا فيه أمرك؟ باللّه لا نفعل، قال عثمان: أقِدْ مروان، قال: ومم أقيده؟ قال: ضربت بين أذني راحلته وشتمته، فهو شاتمك وضارب بين أذني راحلتك قال علي: أما راحلتي فهي تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل. وأما أنا فواللّه لئن شتمني لاشتمنَّكَ أنت مثلها بما لا أكذب فيه ولا أقول إلا حقاً. قال عثمان: ولم لا يشتمك إذا شتمته، لله ما أنت عندى بأفضل منه؛! فغضب علي بن أبي طالب وقال: ألي تقول هذا القول؟ وبمروان تعدلني؟ فأنا والله أفضل منك، وأبى أفضل من أبيك، وامي أفضل من أمك، وهذه نَبْلِي قد نَثَلْتُهَا، وهلَم فانثل بنبلك، فغضب عثمان واحمر وجهه، فقام ودخل داره، وانصرف علي، فاجتمع إليه أهل بيته،ورجال من المهاجرين والأنصار. فلما كان من الغد واجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم علياً وقال: إنه يعيبني ويُظَاهر من يعيبني، يريد بذلك أبا ذر وعمار بن ياسر وغيرهما، فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا وقال له علي: والله ما أردت بتشييع أبي ذر إلا الله تعالى.
سياق المسعودي في مروج الذهب - (ج 1 / ص 310)
[عمار بن ياسر وعثمان] وقد كان عمار حين بويع عثمان بلغه قول أبي سفيان صخر بن حرب في دار عثمان عقيب الوقت الذي بويع فيه عثمان ودخل داره ومعه بنو أمية فقال أبى سفيان: أفيكم أحد من غيركم؟ وقد كان عدي، قالوا: لا، قال يا بني أمية، تَلَقَفُوِهَا تلقُفَ الكرة، فوا لذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرَنَ إلى صبيانكم وراثة، فانتهره عثمان، وساءه ما قال، ونمي هذا القول إلى المهاجرين والأنصار وغير ذلك الكلام فقام عمار في المسجد فقال: يا معشر قريش، أما إذ صرفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ههنا مرة وهنا مرة فما أنا بآمِنٍ من أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله وقام المقداد فقال: ما رأيت مثل ما أودى به أهل هذا البيت بعد نبيهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وما أنت وذاك يا مقداد بن عمرو؟ فقال: إني واللّه لأحبهم لحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم، وإن الحق معهم وفيهم، يا عبد الرحمن أعجب من قريش - وإنما تطوُلُهم على الناس بفضل أهل هذا البيت - قد اجتمعوا على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده من أيديهم أما ولايم الله يا عبد الرحمن لو أجد على قريش أنصاراً لقاتلتهم كقتالي إياهم مع النبي عليه الصلاة والسلام يوم بدر، وجرى بينهم من الكلام خطب طويل قد أتينا على ذكره في كتابنا أخبار الزمان في أخبار الشوَرَى والدار.
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:26 | |
| نقد مسلسل الحسن واحسين (7) جواب الثوار على احتجاج عثمان
كثيراً ما يعرض لنا السلفيون والنواصب والعثمانية حجج عثمان على الثوار وأنه ينشدهم الله أليس كذا وكذا ... فيقولون : اللهم نعم.. ثم يواصلون الثورة! ونحن نجلس مدهوشين..! فإذا كانوا قد اعترفوا بكل ما قال فلماذا يستمرون في الثورة؟ إلا أنه مع التدقيق في التاريخ سنجد للثوار إجابات على عثمان.. ولكن التاريخ لأن معظمه أموي الهوى فإنه يقطع الروايات ويبترها ولا يعطي رأي الطرف الآخر.. ومن اكبر الظلم زعم التاريخ الأموي أن الثوار على عثمان من الغوغاء.. واكثر ظلماً منه الزعم بأنهم أتباع لرجل يهودي نكرة! لا يعرف له حسب ولا نسب ولا علم ولا فضيلة..
أما الإنصاف فيقول إن الثورة عامة ، ليس التابعي أسرع فيها من الصحابي ولا المتدين من الأعرابي ولا السابقين من اللاحقين.. ثورة عارمة عامة لم يخالف فيها إلا بنو أمية والمستفيدون من ولايات عثمان وأعطياته غفر الله له ورحمه.. إنها ثورة حقوقية لم يعكر صفوها إلا تلك النهاية المأساوية لعثمان هذه النهاية شوهت كل شيء.. ولو أن الصحابة أوجدوا لهم نظاماً سياسياً لما كان الحل في قتل عثمان لكن النقص من طبيعة البشر.. وعلى كل الأحوال: فهذه بعض إجابات الثوار التي يهملها غلاة السلفية والنواصب من قديم.. فلا يعرضون إلا حجج عثمان ومروان ومعاوية والوليد وسعيد وابن عامر وابن أبي السرح أما حجج المهاجرين والأنصار وأهل بدر وصلحاء التابعين وأشراف الأمصار.. فلا تجدها إلا بعد البحث.. وهذه منها:
الرواية الأولى: رواية يوسف بن عبد الله بن سلام..
وهو من الموالين لعثمان نسبياً لأن أباه عبد الله بن سلام كان موالياً.. ومع ذلك فروايته قوية المعنى، معقولة متكاملة لا تشعر بشيء محذوف.. وهو شاهد عيان إذ كان عمره يومئذ نحو ثلاثين سنة. ففي تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 424) قال محمد: وحدثني الزبير بن عبدالله عن يوسف بن عبدالله بن سلام قال: أشرف عثمان عليهم وهو محصور وقد أحاطوا بالدار من كل ناحية فقال : أنشدكم بالله عزوجل هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن يخير لكم وأن يجمعكم على خيركم؟ فما ظنكم بالله؟ أتقولون لم يستجب لكم وهنتم على الله سبحانه وأنتم يومئذ أهل حقه من خلقه وجميع أموركم لم تتفرق؟ أم تقولون هان على الله دينه فلم يبال من ولاه والدين يومئذ يعبد به الله ولم يتفرق أهله فتوكلوا أو تخذلوا وتعاقبوا؟ أم تقولون لم يكن أخذ عن مشورة وانما كابرتم مكابرة فوكل الله الامة إذا عصته، لم تشاوروا في الامام ولم تجتهدوا في موضع كراهته؟ أم تقولون لم يدر الله ما عاقبة أمري فكنت في بعض امري محسنا ولأهل الدين رضى فما أحدثت بعد في أمري ما يسخط الله وتسخطون مما لم يعلم الله سبحانه يوم اختارني وسربلني سربال كرامته؟ وأنشدكم بالله هل تعلمون لي من سابقة خير وسلف خير قدمه الله لي وأشهدنيه من حقه وجهاد عدوه حق على كل من جاء من بعدي أن يعرفوا لي فضلها فهلا لا تقتلوني فانه لا يحل إلا قتل ثلاثة رجل زنى بعد إحصانه أو كفر بعد إسلامه أو قتل نفسا بغير نفس فيقتل بها فانكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يرفعه الله عزوجل عنكم إلى يوم القيامة ولا تقتلوني فانكم إن قتلتموني لم تصلوا من بعدي جميعا أبدا ولم تقتسموا بعدي فيئا جميعا أبدا ولن يرفع الله عنكم الاختلاف أبدا
[ جواب الثوار] قالوا:
أما ما ذكرت من استخارة الله عز وجل الناس بعد عمر رضى الله عنه فيمن يولون عليهم ثم ولوك بعد استخارة الله فان كل ما صنع الله الخيرة ولكن الله سبحانه جعل أمرك بلية ابتلى بها عباده
وأما ما ذكرت من قدمك وسبقك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانك قد كنت ذا قدم وسلف وكنت أهلا للولاية ولكن بدلت بعد ذلك وأحدثت ما قد علمت
وأما ما ذكرت مما يصيبنا إن نحن قتلناك من البلاء فانه لا ينبغي ترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا
وأما قولك إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة فإنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت قتلُ من سعى في الارض فسادا وقتل من بغى ثم قاتل على بغيه وقتل من حال دون شئ من الحق ومنعه ثم قاتل دونه وكابر عليه وقد بغيت ومنعت الحق وحلت دونه وكابرت عليه أن تقيد من نفسك من ظلمتهم عمدا وتمسكت بالامارة علينا وقد جرت في حكمك وقسمك
فان زعمت أنك لم تكابرنا عليه وأن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون بغير أمرك فانما يقاتلون لتمسكك بالامارة فلو أنك خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال دونك اهـ
تأملواها وستجدون فيها من المعاني والمعلومات ما لا تحتاجون إلى التنبيه عليه..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| |
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:31 | |
|
الرواية الرابعة: رواية محمد بن مسلمة وهو صحابي مشهور:
ففي تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 665 ] قال: وذكر الواقدي أن يحيى بن عبدالعزيز حدثه عن جعفر بن محمود عن محمد بن مسلمة قال: خرجت في نفر من قومي إلى المصريين وكان رؤساؤهم أربعة: - عبدالرحمن بن عديس البلوي - وسودان بن حمران المرادي - وعمرو بن الحمق الخزاعي وقد كان هذا الاسم غلب حتى كان يقال حبيس (جيش) ابن الحمق - وابن النباع قال فدخلت عليهم وهم في خباء لهم أربعتهم ورأيت الناس لهم تبعا قال فعظمت حق عثمان وما في رقابهم من البيعة وخوفتهم بالفتنة وأعلمتهم أن في قتله اختلافا وأمرا عظيما فلا تكونوا أول من فتحه وأنه ينزع عن هذه الخصال التي نقمتم منها عليه وأنا ضامن لذلك قال القوم: فإن لم ينزع؟ قال قلت فأمركم إليكم، قال فانصرف القوم وهم راضون، فرجعت إلى عثمان ، فقلت أخلني فأخلاني، فقلت الله الله يا عثمان في نفسك إن هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دمك وأنت ترى خذلان أصحابك لك لا بل هم يقوون عدوك عليك قال فأعطاني الرضا وجزاني خيرا، قال ثم خرجت من عنده فأقمت ما شاء الله أن أقيم قال وقد تكلم عثمان برجوع المصريين، وذكر أنهم جاؤوا لأمر فبلغهم غيره فانصرفوا! فأردت أن آتيه فأعنفه بهما ثم سكت فإذا قائل يقول قد قدم المصريون وهم بالسويداء، قال قلت أحق ما تقول؟ قال نعم قال فأرسل إلي عثمان، قال وإذا الخبر قد جاءه وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب فقال يا أبا عبدالرحمن هؤلاء القوم قد رجعوا فما الرأي فيهم؟ قال قلت والله ما أدري إلا أني أظن أنهم لم يرجعوا لخير ، قال فارجع إليهم فارددهم، قال قلت لا والله ما أنا بفاعل! قال ولم؟ قال لأني ضمنت لهم أمورا تنزع عنها فلم تنزع عن حرف واحد منها!! قال فقال الله المستعان ، قال وخرجت وقدم القوم وحلوا بالأسواف وحصروا عثمان قال وجاءني عبدالرحمن بن عديس ومعه سودان بن حمران وصاحباه، فقالوا يا أبا عبدالرحمن ألم تعلم أنك كلمتنا ورددتنا وزعمت أن صاحبنا نازع عما نكره؟؟ فقلت بلى قال فإذا هم يخرجون إلي صحيفة صغيرة قال وإذا قصبة من رصاص فإذا هم يقولون وجدنا جملا من إبل الصدقة عليه غلام عثمان فأخذنا متاعه ففتشناه فوجدنا فيه هذا الكتاب فإذا فيه: ( بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإذا قدم عليك عبدالرحمن بن عديس فاجلده مائة جلدة واحلق رأسه ولحيته وأطل حبسه حتى يأتيك أمري وعمرو بن الحمق فافعل به مثل ذلك وسودان بن حمران مثل ذلك وعروة بن النباع الليثي مثل ذلك) قال فقلت وما يدريكم أن عثمان كتب بهذا؟ قالوا فيفتات مروان على عثمان بهذا؟ فهذا شر فيخرج نفسه من هذا الأمر – ثم قالوا انطلق معنا إليه، فقد كلمنا عليا ووعدنا أن يكلمه إذا صلى الظهر، وجئنا سعد بن أبي وقاص فقال لا أدخل في أمركم ، وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال مثل هذا فقال محمد فأين وعدكم علي؟ قالوا وعدنا إذا صلى الظهر أن يدخل عليه، قال محمد فصليت مع علي ، قال ثم دخلت أنا وعلي عليه فقلنا: إن هؤلاء المصريين بالباب فأذن لهم قال ومروان عنده جالس قال، فقال مروان دعني جعلت فداك أكلمهم قال، فقال عثمان فض الله فاك اخرج عني وما كلامك في هذا الأمر! قال فخرج مروان ، قال وأقبل علي عليه قال وقد أنهى المصريون إليه مثل الذي أنهوا إلي قال فجعل علي يخبره ما وجدوا في كتابهم قال فجعل يقسم بالله ما كتب ولا علم ولا شوور فيه قال فقال محمد بن مسلمة والله إنه لصادق ولكن هذا عمل مروان فقال علي فأدخلهم عليك فليسمعوا عذرك قال ثم أقبل عثمان على علي فقال: إن لي قرابة ورحما والله لو كنت في هذه الحلقة لحللتها عنك فاخرج إليهم فكلمهم فإنهم يسمعون منك، قال علي والله ما أنا بفاعل ولكن أدخلهم حتى تعتذر إليهم، قال فادخلوا، قال محمد بن مسلمة فدخلوا يومئذ فما سلموا عليه بالخلافة فعرفت أنه الشر بعينه قالوا سلام عليكم ، فقلنا وعليكم السلام ، قال فتكلم القوم وقد قدموا في كلامهم ابن عديس فذكر ما صنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملا منه على المسلمين وأهل الذمة وذكر استئثارا منه في غنائم المسلمين فإذا قيل له في ذلك قال هذا كتاب أمير المؤمنين إلي ثم ذكروا أشياء ما أحدث بالمدينة وما خالف به صاحبيه، قال فرحلنا من مصر ونحن لا نريد إلا دمك أو تنزع فردنا علي ومحمد بن مسلمة وضمن لنا محمد النزوع عن كل ما تكلمنا فيه ثم أقبلوا على محمد بن مسلمة فقالوا هل قلت ذاك لنا ؟ قال محمد فقلت نعم ثم رجعنا إلى بلادنا نستظهر بالله عز وجل عليك ويكون حجة لنا بعد حجة حتى إذا كنا بالبويب أخذنا غلامك فأخذنا كتابك وخاتمك إلى عبدالله بن سعد تأمره فيه بجلد ظهورنا والمثل بنا في أشعارنا وطول الحبس لنا وهذا كتابك قال فحمد الله عثمان وأثنى عليه ثم قال: والله ما كتبت ولا أمرت ولا شوورت ولا علمت قال فقلت وعلي جميعا قد صدق. قال فاستراح إليها عثمان فقال المصريون فمن كتبه؟ قال لا أدري قال أفيُجترأ عليك فيُبعث غلامُك وجملٌ من صدقات المسلمين ويُنقش على خاتمك ويُكتب إلى عاملك بهذه الأمور العظام وأنت لا تعلم؟ قال نعم ! قالوا فليس مثلك يلي، اخلع نفسك من هذا الأمر كما خلعك الله منه، قال لا أنزع قميصا ألبسنيه الله عز وجل! قال وكثرت الأصوات واللغط فما كنت أظن أنهم يخرجون حتى يواثبوه، قال وقام علي فخرج قال فلما قام علي قمت! قال وقال للمصريين اخرجوا فخرجوا، قال ورجعت إلى منزلي ورجع علي إلى منزله فما برحوا محاصريه حتى قتلوه اهـ
الرواية الخامسة: رواية ابن دأب ولولا اتفاقها مع ما سبق في الجملة ما أوردتها .. لأن ابن عبد ربه ساقها بلا إسناد.. العقد الفريد - (ج 2 / ص 99) ابن دأب قال: لما أنكر الناسُ على عثمان ما أنكروا واجتمعوا إلى علي وسَألوه أن يَلقى لهم عُثمانَ. فأقبلَ حتى دَخل عليه فقال: إنَ الناسَ ورائي قد كلَّموني أنْ أكلمك، واللهّ ما أدرى ما أقولُ لك، ما أعرف شيئاً تًنكره، ولا أعلمك شيئاً تَجهله، وما ابن الخطّاب أولى بشيء من الخير منك، وما نُبصرك من عَمى، وما نَعْلمك مَن جهل، وإن الطريق لبيِن واضح. تَعلم يا عثمان أن أفضل الناس عند اللهّ إمامٌ عَدْل، هُدِي وهَدى، فأحيا سُنة مَعلومة، وأمات بدعة مَجهولة؛ وأن شر الناس عند الله إمامُ ضَلالة، ضَل وأضل، فأحيا بدْعة مجهولة، وأمات سنة معلومة. وإني سمعت رسولَ اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: يُؤتى بالإمام الجائر يومَ القيامة ليس معه ناصرٌ ولا له عاذر فيُلْقى في جَهنم فيَدُور دَوْرَ الرحى يَرْتطم بجَمْرة النار إلى آخر الأبد. وأنا أحذَرك أن تكون إمامَ هذه الأمة المقتول، يُفتح به بابُ القَتل والقتال إلى يوم القيامة، يَمْرَج به أمرُهم وَيمرَجون. فخرج عثمان، ثم خطب خُطبته التي أظهر فيها التوبة. وكان عليّ كلما اشتكى الناسُ إليه أمرَ عثمان أرسل ابنه الحسن إليه، فلما أكثر عليه قال له: إن أباك يرى أن أحداً لا يَعلم ما يَعلم، ونحن أعلم بما نَفعل، فكُفّ عنَا. فلم يَبعث علي ابنه في شيء بعد ذلك اهـ
الرواية السادسة: رواية إسماعيل بن محمد
في تاريخ الطبري (2/660): قال محمد بن عمر ( هو الواقدي، إمام في المغازي مشهور) وحدثني عبدالله بن جعفر ( صدوق من رجال مسلم)، عن إسماعيل بن محمد : أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقام رجل فقال أقم كتاب الله فقال عثمان اجلس فجلس حتى قام ثلاثا فأمر به عثمان فجلس فتحاثوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فأدخل داره مغشيا عليه فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله
ودخل علي بن أبي طالب على عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه وبنو أمية حوله فقال مالك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد فقالوا يا علي أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا فقام علي مغضبا اهـ التعليق: الأثر مرسل، ولكن له شواهد كثيرة جداً، وهو يبين عمل الحاشية على التفريق بين عثمان وكبار الصحابة الناصحين كعلي..
الرواية السابعة : رواية ابن عباس..
في تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) ذكر محمد بن عمر الواقدي أن أسامة بن زيد حدثه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما حصر عثمان الحصر الآخر - قال عكرمة فقلت لابن عباس أو كانا حصرين؟!- فقال ابن عباس نعم الحصر الاول حصر اثنتي عشرة وقدم المصريون فلقيهم علي بذي خشب فردهم عنه
وقد كان - والله- عليٌ له صاحب صدق حتى أوغر نفس علي عليه ( كذا! والصواب : نفس عثمان) جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على علي فيتحمل ويقولون لو شاء ما كلمك أحد! وذلك أن عليا كان يكلمه وينصحه ويغلظ عليه في المنطق في مروان وذويه فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمه وابن عمته؟ فما ظنك بما غاب عنك منه؟ فلم يزالوا بعلي حتى أجمع ألا يقوم دونه
فدخلت عليه اليوم الذي خرجت فيه إلى مكة فذكرت له أن عثمان دعاني إلى الخروج فقال لي ما يريد عثمان أن ينصحه أحد، اتخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلا قد تسبب بطائفة من الارض يأكل خراجها ويستذل أهلها
فقلت له إن له رحما وحقا فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت فإنك لا تعذر إلا بذلك قال ابن عباس فالله يعلم أني رأيت فيه الانكسار والرقة لعثمان ثم إني لأراه يؤتي إليه عظيم
ثم قال عكرمة وسمعت ابن عباس يقول: قال لي عثمان يا ابن عباس اذهب إلى خالد بن العاص وهو بمكة فقل له يقرأ عليك أمير المؤمنين السلام ويقول لك إني محصور منذ كذا وكذا يوما لا أشرب إلا من الاجاج من داري وقد منعت بئرا اشتريتها من صلب مالي رومة فانما يشربها الناس ولا أشرب منها شيئا ولا آكل إلا مما في بيتي منعت أن آكل مما في السوق شيئا وأنا محصور كما ترى فأمره وقل له فليحج بالناس وليس بفان فإن أبى فاحجج أنت بالناس فقدمت الحج في العشر فجئت خالد بن العاص فقلت له ما قال لي عثمان فقال لي هل طاقة بعداوة من ترى؟ فأبى أن يحج! وقال فحج أنت بالناس فأنت ابن عم الرجل وهذا الأمر لا يفضى إلا إليه يعني عليا وأنت أحق أن تحمل له ذلك فحججت بالناس ثم قفلت في آخر الشهر فقدمت المدينة وإذا عثمان قد قتل وإذا الناس يتواثبون على رقبة علي بن أبي طالب فلما رآني علي ترك الناس وأقبل علي فانتجاني فقال ما ترى فيما وقع؟ فانه قد وقع أمر عظيم كما ترى لا طاقة لأحد به ؟ فقلت أرى أنه لابد للناس منك اليوم فأرى أنه لا يبايع اليوم أحد إلا اتهم بدم هذا الرجل فأبى إلا أن يبايع فاتهم بدمه اهـ
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:32 | |
| الرواية الثامنة: رواية عبد الله بن أبي بكر بن حزم
في تاريخ المدينة لعمر بن شبة - (ج 4 / ص 1205) حدثنا علي، عن أبي جعدبة، عن عبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم قال: رجع أهل مصر فنزلوا بذي خشب ليلة الاربعاء في هلال ذي القعدة فأتوا عليا رضي الله عنه فقالوا: كلمتنا فرجعنا نريد بلادنا، فبينا نحن نسير إذ جاء رجلان منا غير الطريق. فلحقا راكبا فاستنكراه لجوره عن الطريق، فأتيانا به، فعرفه بعضنا وقالوا: هذا أريس غلام عثمان، وهذا جمل عثمان البختري، فسألناه فخلط، ففتشنا إداوته فإذا فيه قصبة صفر في منحر فوة الاداوة فيها صحيفة، فإذا كتاب إلى ابن أبي سرح: إذا قدم عليك أهل مصر فاقتل فلانا وفلانا - لتسعة منا - فدخل علي على عثمان رضي الله عنه فقال: رددتهم عنك ثم أتبعتهم بهذا الكتاب؟! فقال: ما كتبت ولا علمت، ولا أنت عندي ببرئ من هذا الامر! فخرج علي رضي الله عنه فقال: قد اتهمني، فأنتم وهو أعلم. فحاصروه فأدخل معه جرار الماء والطعام إلى داره ومعه فتيان من فتيان قريش فيهم الحسن بن علي، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن زمعة، وولي سعيد بن أبي البختري، ومروان، والحارث، وعبد الرحمن بنو الحكم وعبد الله بن دأد بن أسيد، وعتبة بن أبي سفيان، ومعهم في الدار بشر كثير وأرسل عثمان إلى سعد أن الق عليا فذكره رحمي وسني، وأنشده الله في أمري. قال سعد فلقيته فكلمته فلم يجبني، فقلت: مالك لا تجيبني، إن ابن عمك مقتول! قال: ما أنا من هذا في شئ اهـ
واعتزال علي فيه روايات كثيرة جداً فقد نجحت حاشية عثمان في عزل علي عن عثمان وعزل كل الصحابة الذين كانوا محايدين..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:38 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (9) موقف أسامة بن زيد
أسامة بن زيد يناصح عثمان ولكن لا يستجيب..
تمهيد: طلب الناس من أسامة بم زيد حب رسول الله وابن حبه وصاحب جيش اسامة وابن زيد بن حارثة مولى النبي (ص)، طلبوا منه لمكانته من رسول الله أن ينصح عثمان، فأخبرهم أنه ينصحه سراً، وهذا يفيد أنه حتى أسامة الرجل الوديع المحبوب عند السلفية لاعتزاله علياً ( بعذر رآه) كان ينكر على عثمان، وعلى هذا فلا حجة لمن قال إن الذين أنكروا على عثمان إنما هم مجموعة من الغوغاء والمنافقين، وأن عثمان كان سليماً من الأخطاء الكبار، لأنه لو كان الخطأ يسيراً لقال لهم اسامة ذلك، ولقال: الخطأ يسير وقد كفاني فلان وفلان؟ أو لاستغرب منهم الطلب، ولطلب منهم أن يسمع تلك الأخطاء التي يرونها ما هي؟ فإنه لا يرها ولم يسمع بها؟ ، مما يدل على أن أخطاء عثمان ومخالفاته أصبحت مشهورة عند الخاص والعام وأن تخطئة عثمان فيها أصبحت إجماعاً وإنما الخلاف في كيفية إنكارها، وكيفية نصيحة عثمان، والقصة قد رواها البخار يفي صحيحه، ولكن البخاري خان وأخفى اسم عثمان،كعادته في مثل هذه الموضوعات، وقد صرح باسم عثمان شيوخ البخاري وزملاؤه وتلامذته ممن ر وى الحديث فانحصرت هذه الخيانة في البخاري إمام الفئة! وسنذكر منهم ممن صرح باسم عثمان مسلم في صحيحه والحميدي شيخ البخاري في مسنده وأحمد بن حنبل في مسنده - رغم تعصبه - وغيرهم...
المصادر لإنكار أسامة بن زيد على عثمان:
1- صحيح البخاري - (ج 3 / ص 1191): حدثنا علي ( هو ابن المديني) حدثنا سفيان ( هو ابن عيينة) عن الأعمش عن أبي وائل قال : قيل لأسامة لو أتيتَ فلانا ( يعني عثمان، أخفاه البخاري) فكلمتَه؟! قال إنكم لترون أني لا أكلمه؟! إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون (أول) من فتحه؟ ولا أقول لرجل إن كان علي أميرا إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا وما سمعته يقول؟ قال سمعته يقول : ( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلانا ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟ قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ) اهـ رواه غندر عن شعبة عن الأعمش.
2- المتابعة في : صحيح البخارى - (ج 23 / ص 298): حدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا ( أيضاً أخفاه البخاري)! قَالَ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا ، أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ ، وَمَا أَنَا بِالَّذِى أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ . بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِى النَّارِ ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ إِنِّى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ » وهو صريح في مسلم وأحمد وغيرهم..
3- صحيح مسلم - (ج 4 / ص 2290)
حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير و إسحاق بن إبراهيم وأبو كريب - واللفظ لأبي كريب - ( قال يحيى وإسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا ) أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن أسامة بن زيد قال : قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه ... الحديث.
والحديث في مسند أحمد - (ج 47 / ص 345) بالتصريح باسم عثمان:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ : أَلاَ تُكَلِّمُ عُثْمَانَ ؟...الحديث ـ
وهو عند الحميدي شيخ البخاري مصرحاً باسم عثمان:
والحديث في مسند الحميدى - (ج 2 / ص 146):قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ( ابن عيينة) قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ قِيلَ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : أَلاَ تُكَلِّمُ عُثْمَانَ؟ .. الحديث».
التعليق:
وهنا كل هؤلاء المحدثين من شيوخ البخاري وزملائه صرحوا باسم عثمان! مما يدل على أن أهل الحديث مذاهب في ذلك وليسوا مذهباً واحداً، فبعضهم كالبخاري يستجيب للعقيدة في الصحابة فيخفي اسم عثمان ويقول ( فلان)! ولكن أهل الحديث الأكثر والأعلم والأغلب يصرحون ويلتزمون الأمانة فيذكرون عثمان بالاسم الصريح، إلا أن منهج البخاري ( الإخفائي) غلب عند السلفية المتأخرة وأحبوا منهجه في الإخفاء والخيانة على منهج أهل الحديث الآخر الذي يتسم بالجرأة والشجاعة والأمانة، وهذه المقارنات لا يطرقها أهل الحديث المعارصون، ولو طرقوها في رسائلهم الجامعية وبحوثهم الفردية لاكتشفوا أهل الحديث هؤلاء، وانهم مذاهب وليسوا مذهباً واحداً، سواء في طريقة رواية الحديث أو في ما فوق ذلك من عقائد، وإنما يكتفي أهل الحديث بقولهم( ورد الحديث بلفظ كذا عند فلان، وبلفظ كذا عند فلان..) ولا يسألون أنفسهم لماذا؟ أي لما اختلفت رواية الحديث بين محدث وآخر؟ هل هذا نتيجة جهل أو علم؟ هل صدر الاختلاف في اللفظ عن عقيدة وهوى أم كان اختلافاً طبيعياً لا يضر بالمعنى ولا ينقص فائدة؟ وهل تكرر مثل هذا العمل ( الإخفائي) من هذا المحدث، وذاك العمل ( التحريفي) من هذا المحدث،...الخ، والغريب أن وعاظ المؤرخين اليوم ممن يسمون ( دراسي التاريخ من المدرسة السلفية الغريب أنهم قد يضعفون مؤرخاً كبيراً كالواقدي لعمل أقل مما يفعله البخاري، فقد ترد الرواية عند الواقدي مزيدة فيجعلون هذا من زيادة الواقدي وضعفه، لأن البخاري أو أحمد روى هذه القصة أو تلك بغير هذه الزيادة) ولا يعلمون أن الخيانة لم تصدر من الواقدي وإنما منهما، لأن هناك من تابع الواقدي على التتمة أو الزيادة، لأن منهج البخاري أو أحمد قائم على إخفاء ما لا يعجبهم من الأحاديث فضلاً عن التاريخ، فالمؤرخون أمثال الواقدي وأبي مخنف مظلومون من أهل الجهل الذين لا يعرفون كيف يقارنون بين اهل الحديث أنفسهم ليستخرجوا الأمين منهم والخائن، ثم بعد ذلك ليجعلوا الأمناء من أهل الحديث حكماً بين المؤرخين وبقية المحدثين الذين ثبتت خياناتهم وإخفاءاتهم وسيطرة العقيدة المذهبية عليهم انتقاء وبتراً وتحريفاً، وهذا موضوع طويل وله صلة بتحريف الروايات التاريخية إلى اليوم، فإن منهج الزيادة والنقصان والبتر والتقطيع والإخفاء والتحريف هو منهج أصيل من مناهج أهل الحديث وليس من مناهج أهل الأهواء فقط، هاهو البخاري إمام الفئة يحذف اسم عثمان مرتين من إسنادين مختلفين، مع أن التصريح باسم عثمان موجود عند زملائه وممن هم أوثق منه وأقدم وأعلم، وعندي بحث اسميته: غش أهل الحديث، وجدت أن بعض القامات الحديثية الكبرى لا تستحق من المسلمين أن يثقوا بها أبداً، وإنما يجوز أن يستأنسوا بها في الموضوعات المحايدة ويثقوا بهم إذا رووا ما يخالف مذهبم، ولا يثقوا بهم إذا رووا ما يدعم مذهبهم). تصرف البخاري ( في إخفاء اسم عثمان): إذن فقد اكتشفنا من صحيح مسلم ( زميل البخاري) ومن مسند أحمد ( إمام أهل الحديث في عصر البخاري) ومسند الحميدي ( شيخ البخاري) من هؤلاء جميعاً، اكتشفنا إحدى خيانات البخاري في الحديث، وهو إخفاؤه اسم عثمان عمداً هنا، خيانة البخاري هنا لأنه بالسند نفسه، أو لنقل حرصه على حذف أي شيء فيه ذم لعثمان، لأنه يفهم من الحديث أنه يتناول عثمان، لأن الحديث يجعله وكأنه من أئمة الجور، بل في المتصدرين من أئمة الجور الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، وإخفاء أسماء الصحابة الذين يعظمهم أهل الحديث هو منهج لغلاة أهل الحديث، كالبخاري وأحمد، إلا أنه قد يفلت منهم الحديث والحديثان، فهم يخفون الأسماء مع علمهم بهم، وليس جهلاً، ولا أن الحديث وصلهم هكذا فنقلوه كما هو! ومن هنا نقول إن الواقدي وأبي مخنف وأمثالهم من أحرار التاريخ يكونون في فنهم أوثق من البخاري وأحمد، لأنهم لا يخفون اسماً ولا حدثاً إلا ما لا بد منه وفي ظروف الخوف خاصة.. لكن المؤرخين من حيث الجملة أوثق في الفتنة من أهل الحديث، فأهل الحديث قد يفرطون في أحاديث كثيرة إذا تضمنت إساءة إلى صحابي ممن يعظمونهم، وهذا داء العقيدة، وأتباعهم إلى اليوم يجتنبون ألأحاديث التي فيها طعن على بعض الصحابة وكأن النبي (ص) ليس أهلاً أن يتكلم في أخطاء الصحابة.
شرح الحديث ودلالته باختصار:هذا أسامة بن زيد الذي لم تشتهر معارضته لعثمان ولا إنكاره عليه، يكتشف الناس أنه من المنكرين على عثمان! فهذا يدل على أن الثورة أو الإنكار عام في الصحابة، فقد أنكروا على عثمان ما هو معروف مما اشتهر عنه من تولية أقاربه ومنح الأموال العظيمة للقرابة وما أشبه ذلك مما أنكره عليه الناس خاصهم وعامهم، وهذا يدل على تمنع عثمان وتصلبه وعدم استجابته للناصحين، فأسامة يكشف أنه قد نصح عثمان عدة مرات سراً، وسؤالهم أسامة أن ينصح عثمان كان بعد نصائح كثيرة نصحها لعثمان لا قبلها..
وماذا يقول أهل الحديث في شرح الحديث:
يقول ابن حجر العسقلاني شارح البخاري في كتابه فتح الباري- (ج 20 / ص 106) – مع اختصار-
قَوْله ( قَدْ كَلَّمْته مَا دُونَ أَنْ أَفْتَح بَابًا ) أَيْ كَلَّمْته فِيمَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ ، لَكِنْ عَلَى سَبِيل الْمَصْلَحَة وَالْأَدَب فِي السِّرّ بِغَيْرِ أَنْ يَكُون فِي كَلَامِي مَا يُثِير فِتْنَة أَوْ نَحْوهَا . وَمَا مَوْصُوفَة وَيَجُوز أَنْ تَكُون مَوْصُولَة . قَوْله ( أَكُون أَوَّل مَنْ يَفْتَحهُ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " فَتَحَهُ " بِصِيغَةِ الْفِعْل الْمَاضِي وَكَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ ؛ وَفِي رِوَايَة سُفْيَان " قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ - أَيْ تَظُنُّونَ - أَنِّي لَا أُكَلِّمهُ إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ " أَيْ إِلَّا بِحُضُورِكُمْ ، وَسَقَطَتْ الْأَلِف مِنْ بَعْض النُّسَخ فَصَارَ بِلَفْظِ الْمَصْدَر أَيْ إِلَّا وَقْت حُضُوركُمْ حَيْثُ تَسْمَعُونَ وَهِيَ رِوَايَة يَعْلَى بْن عُبَيْد الْمَذْكُورَة ، وَقَوْله فِي رِوَايَة سُفْيَان " إِنِّي أُكَلِّمهُ فِي السِّرّ دُونَ أَنْ أَفْتَح بَابًا لَا أَكُون أَوَّل مَنْ فَتَحَهُ " عِنْدَ مُسْلِم مِثْله لَكِنْ قَالَ بَعْدَ قَوْله إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ " وَاَللَّه لَقَدْ كَلَّمْته فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَح أَمْرًا لَا أُحِبّ أَنْ أَكُون أَوَّل مَنْ فَتَحَهُ " يَعْنِي لَا أُكَلِّمهُ إِلَّا مَعَ مُرَاعَاة الْمَصْلَحَة بِكَلَامٍ لَا يَهِيج بِهِ فِتْنَة . .. - ثم يقول- وَسِيَاق مُسْلِم مِنْ طَرِيق جَرِير عَنْ الْأَعْمَش يَدْفَعُهُ ، وَلَفْظه عَنْ أَبِي وَائِل " كُنَّا عِنْدَ أُسَامَة بْن زَيْد فَقَالَ لَهُ رَجُل : مَا يَمْنَعك أَنْ تَدْخُل عَلَى عُثْمَان فَتُكَلِّمهُ فِيمَا يَصْنَع " قَالَ وَسَاقَ الْحَدِيث بِمِثْلِهِ ، وَجَزَمَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد أَنْ يُكَلِّمَهُ فِيمَا أَنْكَرَهُ النَّاس عَلَى عُثْمَان مِنْ تَوْلِيَة أَقَارِبه وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا اُشْتُهِرَ ، وَقَوْله إِنَّ السَّبَب فِي تَحْدِيث أُسَامَة بِذَلِكَ لِيَتَبَرَّأَ مِمَّا ظَنُّوهُ بِهِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ ،
بَلْ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ أُسَامَة كَانَ يَخْشَى عَلَى مَنْ وُلِّيَ وِلَايَة وَلَوْ صَغُرَتْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْمُر الرَّعِيَّة بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَر ثُمَّ لَا يَأْمَن مِنْ أَنْ يَقَع مِنْهُ تَقْصِير ، فَكَانَ أُسَامَة يَرَى أَنَّهُ لَا يَتَأَمَّر عَلَى أَحَد ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " لَا أَقُول لِلْأَمِيرِ إِنَّهُ خَيْر النَّاس " أَيْ بَلْ غَايَته أَنْ يَنْجُوَ كَفَافًا .
وَقَالَ عِيَاض : مُرَاد أُسَامَة أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَاب الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ ، بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَنْصَحهُ سِرًّا فَذَلِكَ أَجْدَر بِالْقَبُولِ . وَقَوْله " لَا أَقُول لِأَحَدٍ يَكُون عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْر النَّاس " فِيهِ ذَمّ مُدَاهَنَة الْأُمَرَاء فِي الْحَقّ وَإِظْهَار مَا يُبْطِن خِلَافه كَالْمُتَمَلِّقِ بِالْبَاطِلِ ، فَأَشَارَ أُسَامَة إِلَى الْمُدَارَاة الْمَحْمُودَة وَالْمُدَاهَنَة الْمَذْمُومَة ، وَضَابِط الْمُدَارَاة أَنْ لَا يَكُون فِيهَا قَدْح فِي الدِّين ، وَالْمُدَاهَنَة الْمَذْمُومَة أَنْ يَكُون فِيهَا تَزْيِين الْقَبِيح وَتَصْوِيب الْبَاطِل وَنَحْو ذَلِكَ . وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ ، فَقَالَتْ طَائِفَة يَجِب مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ طَارِق بْن شِهَاب رَفَعَهُ " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْدَ سُلْطَان جَائِر " وَبِعُمُومِ قَوْله " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ " الْحَدِيث . وَقَالَ بَعْضهمْ : يَجِب إِنْكَار الْمُنْكَر ، لَكِنَّ شَرْطه أَنْ لَا يَلْحَق الْمُنْكِر بَلَاء لَا قِبَلَ لَهُ بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَنَحْوه . وَقَالَ آخَرُونَ : يُنْكِر بِقَلْبِهِ لِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة مَرْفُوعًا " يُسْتَعْمَل عَلَيْكُمْ أُمَرَاء بَعْدِي ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ " الْحَدِيث قَالَ : وَالصَّوَاب اِعْتِبَار الشَّرْط الْمَذْكُور وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث " لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسه " ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنْ يَتَعَرَّض مِنْ الْبَلَاء لِمَا لَا يُطِيق اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . وَقَالَ غَيْره : يَجِب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسه مِنْهُ ضَرَرًا وَلَوْ كَانَ الْآمِر مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْصِيَةِ ، لِأَنَّهُ فِي الْجُمْلَة يُؤْجَر عَلَى الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مُطَاعًا ، وَأَمَّا إِثْمه الْخَاصّ بِهِ فَقَدْ يَغْفِرهُ اللَّه لَهُ وَقَدْ يُؤَاخِذهُ بِهِ ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ : لَا يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ إِلَّا مَنْ لَيْسَتْ فِيهِ وَصْمَة ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ الْأَوْلَى فَجَيِّد وَإلَّا فَيَسْتَلْزِم سَدّ بَاب الْأَمْر إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْره . ثُمَّ قَالَ الطَّبَرِيُّ : فَإِنْ قِيلَ كَيْف صَارَ الْمَأْمُورُونَ بِالْمَعْرُوفِ فِي حَدِيث أُسَامَة الْمَذْكُور فِي النَّار ؟ وَالْجَوَاب أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَثِلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَعُذِّبُوا بِمَعْصِيَتِهِمْ وَعُذِّبَ أَمِيرهمْ بِكَوْنِهِ كَانَ يَفْعَل مَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ ، وَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم الْأُمَرَاء وَالْأَدَب مَعَهُمْ وَتَبْلِيغهمْ مَا يَقُول النَّاس فِيهِمْ لِيَكُفُّوا وَيَأْخُذُوا حِذْرهمْ بِلُطْفٍ وَحُسْن تَأْدِيَة بِحَيْثُ يَبْلُغ الْمَقْصُود مِنْ غَيْر أَذِيَّة لِلْغَيْرِ. . فائدة في بطلان حديث العشرة المبشرين بالجنة وتعليق أخير:
أسامة في هذا الحديث إما أن يريد نفسه أو عثمان، وهو يويد عثمان على الظاهلر كما ذكر ابن حجر - ولكن بعبارة غامضة هادئة!- فهذا يدل على ماذا؟ لا ريب أن اسامة بن زيد إذا كان يريد من إيراد هذا الحديث عثمان لا نفسه، فمعنى هذا أنه لا يرى عثمان من المبشرين بالجنة ( كما اشتهر عند أهل السنة) وأن حديث التبشير بالجنة وإنما تم وضعه فيما بعد بأثر رجعي! ليغطي على حقائق التاريخ ويصلح بين المتقاتلين! وليقول الناس ( خلاص مادام أنه في الجنة فلا يضره شيء)! بينما التبشير بالجنة كانت عقيدة متأخرة لم يعرفها الصحابة، بل إن عثمان مع المناشدات التي ناشدها ومع الفضائل التي احتج بها على الثوار - وأكثرها ضعيف – إلا أنه لم يحتج عليهم يوماً بأنه من ( العشرة المبشرة بالجنة) فلم يقل يوماً : ألا تعلمون بأني من العشرة المبشرين بالجنة؟ وإذا كنتُ كذلك فلا بد أن يكون قاتلي مخطئاً آثماً؟ ؟.. أبداً لم يقل هذا .. وحديث العشرة المبشرين بالجنة حديث فرد مضطرب لا يقوى لما يعارضه من نقل أو عقل أو عمل العشرة أنفسهم، أعني أن العشرة أنفسهم الذين زعم الناس إنهم مبشرون بالجنة لم يكونوا يحتجون بهذا الحديث، وهاهو الإمام علي احتج على فضله بكل شيء علمناه من فضائله إلا هذا الحديث،
فناشد أهل السقيفة بعد السقيفة وناشد اهل الشورى يوم الشورى وناشد طلحة والزبير بالبصرة وناشد أهل الكوفة بالكوفة ولم يأت على ذكر حديث العشرة بشيء، ولم يرو عنه بداً، وكذا عثمان لم يرو عنه أبداً.. وهذا يدل على أن عقول المسلمين قد امتلأت بأفلام ومسلسلات كثيرة سبقت مسلسل الحسن والحسين.
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:40 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (10) دور مروان بن الحكم والحاشية
تمهيد: في دور حاشية عثمان وخاصة مروان: لا ريب أن كل من عنده اطلاع على مصادر التاريخ الأولى يعلم تماماًأن دور مروان بن الحكم ووالحاشية ( البطانة) المحطية بعثمان بن عفان، كان لهؤلاء أبلغ الأثر في مقتل عثمان، لدورهم السلبي في منع الإصلاح وفصل عثمان عن كبار الصحابة، وإظهارهم للناس بأن الأمر ملكهم، وأن الناس لا دخل لهم في ملكهم، وما فعله مروان تلك الحاشية في الإساءة إلى كبار الصحابة من نفي أبي ذر وإهانته، وضرب عمار ، وضرب ابن مسعود، ولسع علي بالكلام بعد الكلام، كلما خشوا أن يتأثر به عثمان، وتصرفهم بدون أمر عثمان، أو اقتطاع للمال، او تعامل بالربا، أو كتابة الكتاب والأمر على لسان عثمان والختم بخاتمه والتصرف دونه بما لم يرض ولم يعلم... حتى خشي الناس أنه باستطاعة مروان في أي وقت أن يأمر بقتل أي صحابي أو تابعي بأن يكتب على لسان عثمان ما شاء ثم لا يلحقه بذلك من عثمان عقوبة ولا عزل... وقد اعترف بعض المؤرخين النواصب ( من اصحاب النصب الخفيف) كالذهبي وابن كثير بأن مروان خان عثمان وأنه صاحب ذلك الكتاب المشئوم الذي أفقد ثقة الناس تماماً بعثمان.. وأصبح ثوار مصر في ورطة.. فإن عادوا إلى مصر لن يأمنوا أن يصل كتاب مماثل من مروان يأمر بقتلهم وإن طلبوا عقوبة مروان أبى عثمان وإن طلبوا عزله أبى عثمان يضاً .. وكان النظام السياسي مهترئاً فلم يوجد الصحابة لأنفسهم نظاماً صارماً يوجب على الخليفة تحكيم جماعة ممن يختارهم الشعب مثلاً، ولا العرض على القضاء، ولا اي شيء من هذا القبيل.. كان نظاماً فردياً متخلفاً.. يأبى إسلام محمد (ص) أن يوصل الناس إلى مثل هذا التخلف القانوني.. نعم عثمان صحابي والصحابة صحابة .. لمن هذا لا يوجب علينا لا ديناً ولا عقلاً ألا نبدي رأينا في النظام القانوني الذي قام عليه النظام.. كان نظاماً بلا قانون! لا تستطيع شريعة أن تقرب مروان إلى العدالة إذا كان عثمان لا يضرى بذلك.. ولذلك لا يجوز أن نخضع الإسلام لنظام الخلفاء الراشدين مع فضلهم وتقدمهم وإنما لنظام الشريعة - إن وجدناه-.. لأن نظام الشريعة لا يمكن أخذه لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من هؤلاء العلماء المتعصبين الخونة الظلمة ... وإنما تؤخذ شريعة الله من دين الله من القرآن الكريم أولاً ثم مما فسرته السنة وشرحته.. ويمكن الاستئناس بأعمال وفتاوى أهل العلم الحق، وأهل العقل والعدل، ممن يمكن اختيارهم بعناية فائقة.. لا يجوز أن نهمل إسلامنا لمجاملة عثمان أو حماية مروان.. كان يجب تعيين لجنة قضائية تحاكم مروان بن الحكم على كتابة ذلك الكتاب المشئوم.. وما فيه من الإفتئات على الخليفة بل على الأمة.. كان يجب أن يكون جواب عثمان غير ما قرأناه.. إلا أن التصلب في الخليفة - على كبر سنه وسيطرة الحاشية عليه- كان من أكبر الأسباب لقتل عثمان.
والروايات في دور مروان والحاشية في قتل عثمان كثيرة جداً.. وصحيحة بل متواترة.. ولا أدري ماذا كان دور هؤلاء العلماء كالقرضاوي وغيره ممن أجاز المسلسل.. هل هم جهلة - وهذا ممكن ونعني الجهل الجزئي اي الجهل بالتاريخ- أم ارتضوا أن يلعبوها مع التجار! فاصبح لهم ثمناً كثمن رشيد عساف وغيره من الممثلين! أم أعمتهم المذهبية والخصومة مع الشيعة فرضوا بتزييف التاريخ ليصبح أهل الفتنة اهل أصلاح، والصحابة أهل فتنة!
على كل حال هذه الروايات في دور حاشية عثمان وبطانته ورأسها مروان بن الحكم.. - وقد سبقت كثير من الروايات في دور مروان والحاشية وسنحرص على ألا نكرر-
1- رواية إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص:
في تاريخ الطبري (2/660): قال محمد بن عمر ( هو الواقدي، إمام في المغازي مشهور) وحدثني عبدالله بن جعفر ( صدوق من رجال مسلم)، عن إسماعيل بن محمد : أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقام رجل فقال أقم كتاب الله فقال عثمان اجلس فجلس حتى قام ثلاثا فأمر به عثمان فجلس فتحاثوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل ( عثمان) فأدخل داره مغشيا عليه فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي: ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله) ودخل علي بن أبي طالب على عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه وبنو أمية حوله فقال مالك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد! فقالوا يا علي أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين! أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا فقام علي مغضبا اهـ التعليق:
الأثر مرسل قوي الإسناد، وله شواهد كثيرة جداً، وهو يبين عمل الحاشية على التفريق بين عثمان وكبار الصحابة الناصحين كعلي.. فانظر هنا كيف نطقت بكلمة واحدة! وتسببت في اعتزال علي في نهاية الأمر، بل تسببت في تفيه إلى ينبع ثم إرجاعه عند الحاجة إليه ثم نفيه ثم إرجاعه! حتى اشتكى الإمام علي إلى اب عباس وغيره بأن عثمان اتخذه كالجمل ينزع الماء رائحاً وجائياً.. والرواية هنا واضحة بأن الحاشية كان لها قوة بحيث تهين أحد زوار عثمان من الصحابة وتهدده وعثمان لا يستطيع أن يعمل لها شيئاً.. بل سنرىأ ن مروان تبلغ به الجرأة أن يتكلم بما لا يليق على امرأة عثمان نائلة بنت الفرافصة في وجود عثمان! عندما نصحته نائلة بالسماع من علي وأمثاله من الناصحين له..
الرواية الثانية: رواية علي بن عمر بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه:
والغريب أن أصحاب المسلسل أخذوا رواية إخباري كذاب ومتهم بالزندقة وهو سيف بن عمر ويترك روايات الصحابة وأبناء الصحابة وأحفاد الصحابة ممن ليسوا متهمين بضعف ولا زندقة..
وقد حاولت أن أجد سبباً لذلك فلم أجد إلا سبباً واحداً وهو أن الصدق مر المذاق.. والكذب حلو ! !
ورواية محمد بن عمر بن علي في الطبري (2/658) من طريق الواقدي ذلك المؤرخ المظلوم، ونصها: قال محمد بن عمر فحدثني علي بن عمر عن أبيه قال: ثم إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين - وقد رويت وساطته مع محمد بن مسلمة معاً- فقال له تكلم كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة فإن البلاد قد تمخضت عليك فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول يا علي: اركب إليهم ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول يا علي اركب إليهم فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك واستخففت بحقك - قال فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها وأعطى الناس من نفسه التوبة فقام فحمد الله وأنثى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه ولكني منتني نفسي وكذبتني وضل عني رشدي ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من زل فليتب ومن أخطأ فليتب ولا يتماد في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق) فأنا أول من اتعظ أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه فمثلي نزع وتاب فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم فوالله لئن ردني الحق عبدا لأستن بسنة العبد ولأذلن ذل العبد ولأكونن كالمرقوق إن ملك صبر وإن عتق شكر وما عن الله مذهب إلا إليه فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي لئن أبت يميني لتتابعني شمالي قال فرق الناس له يومئذ وبكى من بكى منهم وقام إليه سعيد بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك الله الله في نفسك فأتمم على ما قلت فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا ( هو سعيد بن العاص) ونفرا من بني أمية ولم يكونوا شهدوا الخطبة فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت فقالت نائلة ابنة الفرافصة امرأة عثمان الكلبية لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها فأقبل عليها مروان فقال: ما أنت وذاك فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ! فقالت له مهلا يا مروان عن ذكر الآباء تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه قال فأعرض عنها مروان ثم قال: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت قال بل تكلم فقال مروان بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين وخلف السيل الزبى وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها وإنك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس فقال عثمان فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم قال فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال ما شأنكم ؟ قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب؟ شاهت الوجوه كل إنسان آخذ بأذن صاحبه ألا من أريد جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا؟ اخرجوا عنا أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم ارجعوا إلى منازلكم فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا قال فرجع الناس وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر فجاء علي عليه السلام مغضبا حتى دخل على عثمان فقال: أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك أذهبت شرفك وغلبت على أمرك
فلما خرج علي دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته فقالت: أتكلم أو أسكت فقال تكلمي فقالت قد سمعت قول علي لك وإنه ليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء قال فما أصنع؟ قالت تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك فإنك متى أطعت مروان قتلك ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة وإنما تركك الناس لمكان مروان فأرسل إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة منك وهو لا يعصى قال فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه وقال قد أعلمته أني لست بعائد - قال فبلغ مروان مقالة نائلة فيه قال فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه فقال أتكلم أو أسكت فقال تكلم فقال إن بنت الفرافصة فقال عثمان لا تذكرنها بحرف فأسوئ لك وجهك فهي والله أنصح لي منك قال فكف مروان اهـ
التعليق:
هذه الرواية وأمثالها تبين بوضوح أن عثمان بن عفان كان حسن النية وأنه يستجيب غذا أكثر السماه من الناصحين وأن الثوار من الصحابة وغيرهم يرقون له ويبكون إذا سمعوات منه نزوعاً أو توبة ويقدرون صحبته وسنه وشيخوخته وانكساره للحق .. وأن مروان والحاشية كانوا يفسدون هذا التقارب و يحيكون مؤامرة .. والعجب في استجابة عثمان لهم.. ولكن هل يدير مروان والحاشية هذه المؤامرة مخدوعين أم عارفين؟ أعني هل هم مخدوعون من معاوية؟ أم يفعلون هذا من تلقاء أنفسهم؟ ام يخافون استرجاع ما أخذوه من المال بغير حق؟
.. فإن مروان هنا يتحدث حديث من يريد إفساد كل إصلاح.. إنه يدفع الناس دفعاً لمعارضة عثمان. حتى نائلة بنت الفرافصة تنكر على عثمان ترك سنة صاحبيه والانقياد لمروان..!
هل رأينا في حاشية حسني مبارك وابن علي من كان يدفعهما للتصلب أم لا؟ وإذا وجد هؤلاء، فلماذا يدفعون رؤساؤهم للتصلب؟ هل كانوا يسمعون صوت الثورة أنم لا يسمعون إلا أنفسهم؟ وهل يصاب الفاسدون من البطانات بالصمم والعمى؟ فلا يرون الثورة ولا يسمعون صوتها؟ ..الخ
وأبرز رجال حاشية عثمان:
( أو البطانة التي أفسدته - حسب تعبير التابعي عوف الأعرابي):
1- مروان بن الحكم بن أبي العاص:رأس الحاشية وقائدها ومدبرها والمستولي على عثمان وصاحب سره وأمين خاتمهوخائنه والمجلب عليه بسوء سيرته ..الخ ( ووالده الحكم بن أبي العاص عم عثمان، فعثمان هو ابن عفان بن أبي العاص بن أمية)، ومروان هو رأس الحاشية ، وهو الذي ساق عثمان إلى الانتحار السياسي، وهو الذي اسهم في كل أخطاء عثمان تقريباً، وكان والده الحكم بن أبي العاص من الذين يؤذون النبي (ص) بمكة، ثم تظاهر بالإسلام وقدم مع الطلقاء وكان جاسوس قريش على النبي (ص) فنفاه النبي (ص) إلى الطائف ولعنه، وهناك ولد مروان، في السنة في أواخر عهد النبوة، ثم رفض أبو بكر وعمر أن يعيداه إلى المدينة، فرده عثمان مع أولاده، فدخل على عثمان وهو بأفحش هيئة، وخرج لابساً الخز والطيلسان، محملاً هو وأبناؤه - كمروان والحارث - بالذهب والفضة! وقصىة الحكم بن أبي العاص وإرجاعه وتقريبه هو وأبناؤه ورفعهم فوق الصحابة من اهل بدر والرضوان كان من أوائل المؤاخذات على عثمان، وق كان الصحابة على حق، لأن هذه الحاشية قادت الأمة كلها إلى فتنة إلى يوم القيامة، فأدت بسوء تصرفها إلى تشويه صورة هذا الصحابي الكبير ( عثمان بن عفان) ونهايته المأسوية، وذمه،ةواتهامه...الخ.
وقد صحح الالباني حديث ( إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دخلاً وعباد الله خولاً ومال الله دولاً) ولذلك بلغوا هذا العدد في عهد عثمان، وقد حسدهم معاوية الذي هو رأس العنابس، فخدعهم وأوحى إليهم بالتشدد وحث عثمان على التصلب ووعدهم النصر، ثم حبس البعوث ليتخلص من الأعياص ( وكان بين الأعياص والعنابس منافسة، وهم بيتا أمية، وغيرهم من آل الربيعة والعبلات لا شأن لهم ولا قوة)
2- أخوه الحارث بن الحكم .. الأموي..3- 3-
3- الوليد بن عقبة بن أبي معيط ( والي الكوفة الأسبق، بعد عزله، ولكن لم يكن دائماً في الحاشية، فليس له ذكر إلا لمماً)
4- أخوه عمارة بن عقبة ( كان من الحاشية، وهو رجل غامض وكان له دور كبير في الجاسوسية لمعاوية على عثمان وعلى علي فيما بعد، وهو من المتسببين بقتل حجر بن عدي فيما بعد، ولي بحث فيه).
5- أخوهما الثالث : خالد بن عقبة ( وكان عمارة وخالد ألصق بالحاشية)
6- سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص ... ألأموي ( والي الكوفة السابق الذي عزله الأشتر بالقوة، وأرسل إلى عثمان: لا نريد سعيدك ولا وليدك! ) ولكن سعيد بن العاص رغم فسقه واستهتاره إلا أنه كان أعقل من مروان، وهو الذي اعتزل أهل الجمل بذات عرق وقال ( ثأركم على أعجاز هذه الإبل) يقصد طلحة والزبير وعائشة..
7- المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي ( حليف بني أمية).. وقد قتل يوم الدار، وابنه عتبة ههو من روى قصة أصحاب الجمل بذات عرق.. وفيها اتهام طلحة والزبير وعائشة بأنهم قتلة عثمان ( بالتحريض وليس بالمباشرة)
8- ناتل مولى عثمان : وكان قوياً جلداً، ينفذ أمر مروان بأذية الصحابة والمتظلمين،( وهو الذي حمل ابن مسعود وضر ب به الأرض فاندقت أضلاعه ومات متأثراً بجراحه، وكان ابن مسعود صغير القامة ضعيف الجسم، وأما ذاك البغل فكان ضخماً قوياً..) وقد قتل ناتل يوم مقتل عثمان، وكان معاوية يعظم هذا العبد حتى أنه هدد بقتل عمار بن ياسر به! .
9- كثير بن الصلت الكندي ( من حلفاء بني أمية) . 10- أخوه زبيد بن الصلت.
11- عبد الله ( بن وهب) بن زمعة ( شارك في ضرب ابن مسعود) وأمه زوج عثمان، وهي ابنة شيبة بن ربيعة الذي قتله حمزة يوم بدر، وشيبة بن ربيعة أخو عتبة بن ربيعة والد هند بنت عتبة أم معاوية. 12- عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بلتعة ( والده مشهور، وهم من حلفاء بني عبد شمسن اي بني أمية)، ولأجل هذا أتى ذلك الحديث المنكر ( اعملوا يا أهل بدر ما شئتم فقد غفرت لكم)! وهذا حديث منكر المتن، نسبوه للنبي (ص) ومن طريق صحابة فضلاء! ولكنه منكر لا يمكن أن يصح عن النبي (ص) بهذا اللفظ، ولم يكن عليه العمل، ولا يباح للبدري الزنا ولا السرقة ولا القتل بالإجماع.. ولكن المذهب يسكر أكثر مما تسكر الخمرة، فلا يرى الناس القطعياتإذا دهمهم المذهب . 13- يحيى بن الحكم بن أبي العاص أخو مروان..
14- عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص أخو مروان أيضاً...
15- أبو حفصة ( مولى مروان وهو الذي قتل الصجابي الجليل نيار بن عياض الأسلمي، وابى عثمان أن يسلمهم قاتله، فزادهم هذا شراً وصمموا بعدها على قتل عثمان وكانت المعركة التي قتل فيها عثمان وهرب أبو حفصة ونجا وهو جد الشاعر الناصبي المشهور مروان بن أبي حفصة ) وغيرهم نحو العشرين من حاشية عثمان .. ولكن هؤلاء هم المشهورون... لكن مروان أقواهم وأمكنهم وأمكرهم وأجرؤهم .. وأخوته وعائلته له
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:41 | |
|
رواية عبد الرحمن بن الأسود:
الطبري (2/660) قال محمد بن عمر وحدثني شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: سمعت عبدالرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم قال: قبح الله مروان خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلة من الدموع وهو يقول: اللهم إني أتوب إليك اللهم إني أتوب إليك اللهم إني أتوب إليك والله لئن ردني الحق إلى أن أكون عبدا قنا لأرضين به إذا دخلت منزلي فادخلوا علي فوالله لا أحتجب عنكم ولأعطينكم الرضا ولأزيدنكم على الرضا ولأنحين مروان وذويه قال فلما دخل أمر بالباب ففتح ودخل بيته
ودخل عليه مروان فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عما كان يريد فلقد مكث عثمان ثلاثة أيام ما خرج استحياء من الناس وخرج مروان إلى الناس فقال شاهت الوجوه ألا من أريد ارجعوا إلى منازلكم فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه وإلا قر في بيته قال عبدالرحمن : فجئت إلى علي فأجده بين القبر والمنبر وأجد عنده عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وهما يقولان صنع مروان بالناس وصنع قال فأقبل عليَّ عليٌّ فقال: أحضرت خطبة عثمان قلت نعم قال : أفحضرت مقالة مروان للناس؟ قلت نعم قال علي : عياذ الله يا للمسلمين إني إن قعدت في بيتي قال لي – يعني عثمان- تركتني وقرابتي وحقي وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان، فصار سيقة له يسوقه حيث شاء، بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبدالرحمن بن الأسود فلم يزل حتى جاء رسول عثمان ( أي إلى علي): ائتني فقال علي بصوت مرتفع عال مغضب : قل له ما أنا بداخل عليك ولا عائد قال فانصرف الرسول قال فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين خائبا فسألت ناتلا غلامه من أين جاء أمير المؤمنين؟ فقال كان عند علي فقال عبدالرحمن بن الأسود فغدوت فجلست مع علي عليه السلام فقال لي جاءني عثمان البارحة فجعل يقول : إني غير عائد وإني فاعل ( يعني غير عائد إلى مطاوعة مروان وسأفعل ما يرضي الناس) قال فقلت له ( يعني علي قال لعثمان) : أبعد ما تكلمت به على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيت من نفسك ثم دخلت بيتك وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم؟ قال فرجع (عثمان) وهو يقول : قطعت رحمي وخذلتني وجرأت الناس علي! فقلت ( القائل علي): والله إني لأذب الناس عنك ولكني كلما جئتك بهنة أظنها لك رضا جاء ( مروان) بأخرى فسمعتَ قول مروان عليّ واستدخلت مروان قال ثم انصرف إلى بيته قال عبدالرحمن بن الأسود: فلم أزل أرى عليا منكبا عنه لا يفعل ما كان يفعل إلا أني أعلم أنه قد كلم طلحة حين حصر في أن يدخل عليه الروايا وغضب في ذلك غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على عثمان اهـ ..
تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 433) ذكر محمد بن عمر الواقدي أن أسامة بن زيد حدثه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما حصر عثمان الحصر الآخر - قال عكرمة فقلت لابن عباس أو كانا حصرين؟!- فقال ابن عباس نعم الحصر الاول حصر اثنتي عشرة وقدم المصريون فلقيهم علي بذي خشب فردهم عنه وقد كان والله علي له صاحب صدق حتى أوغر نفس علي عليه ( كذا! والصواب : نفس عثمان) جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على علي فيتحمل ويقولون لو شاء ما كلمك أحد! وذلك أن عليا كان يكلمه وينصحه ويغلظ عليه في المنطق في مروان وذويه فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمه وابن عمته؟ فما ظنك بما غاب عنك منه؟ فلم يزالوا بعلي حتى أجمع ألا يقوم دونه فدخلت عليه اليوم الذي خرجت فيه إلى مكة فذكرت له أن عثمان دعاني إلى الخروج فقال لي ما يريد عثمان أن ينصحه أحد، اتخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلا قد تسبب بطائفة من الارض يأكل خراجها ويستذل أهلها فقلت له إن له رحما وحقا فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت فإنك لا تعذر إلا بذلك قال ابن عباس فالله يعلم أني رأيت فيه الانكسار والرقة لعثمان ثم إني لأراه يؤتي إليه عظيم ثم قال عكرمة وسمعت ابن عباس يقول: قال لي عثمان يا ابن عباس اذهب إلى خالد بن العاص وهو بمكة فقل له يقرأ عليك أمير المؤمنين السلام ويقول لك إني محصور منذ كذا وكذا يوما لا أشرب إلا من الاجاج من داري وقد منعت بئرا اشتريتها من صلب مالي رومة فانما يشربها الناس ولا أشرب منها شيئا ولا آكل إلا مما في بيتي منعت أن آكل مما في السوق شيئا وأنا محصور كما ترى فأمره وقل له فليحج بالناس وليس بفان فإن أبى فاحجج أنت بالناس فقدمت الحج في العشر فجئت خالد بن العاص فقلت له ما قال لي عثمان فقال لي هل طاقة بعداوة من ترى؟ فأبى أن يحج! وقال فحج أنت بالناس فأنت ابن عم الرجل وهذا الأمر لا يفضى إلا إليه يعني عليا وأنت أحق أن تحمل له ذلك فحججت بالناس ثم قفلت في آخر الشهر فقدمت المدينة وإذا عثمان قد قتل وإذا الناس يتواثبون على رقبة علي بن أبي طالب فلما رآني علي ترك الناس وأقبل علي فانتجاني فقال ما ترى فيما وقع فانه قد وقع أمر عظيم كما ترى لا طاقة لأحد به ؟ فقلت أرى أنه لابد للناس منك اليوم فأرى أنه لا يبايع اليوم أحد إلا اتهم بدم هذا الرجل فأبى إلا أن يبايع فاتهم بدمه اهـ
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:44 | |
|
نقد مسلسل الحسن والحسين (11) دور معاوية في مقتل عثمان
تمهيد: لأن معاوية رجل داهية... ولأن اهل الحديث من حيث الجملة هم متعصبون له وهم نتيجة من نتائج دولته ولأن أهل الحديث هم الذين وضعوا العقائد والتفسير والفقه وكثيراً من التاريخ ولأن معاوية تبنى الطلب بم عثمان ( مع أنه ليس وليه لا شرعاً ولا واقهاً إلا على الطريقة الجاهلية) ولأن مصالح بني أمية كانت في تحميل بني هاشم المسئولية عن قتل عثمان لا بني أمية لهذا كله .. لم يدقق المؤرخون والمحدثون في دور معاوية بن أبي سفيان في مقتل عثمان مع أن معاوية من أكبر أسباب الثورة على عثمان.. ولذلك قالوا لعثمان عند قتله ( ما أغنى عنك معاوية)! فهذا من الأدلة على أن معاوية قد حرض قلوب الناس على عثمان بسوء سيرته وإهانته أبا ذر وطرده له من الشام وكنز الذهب والفضة واشتراء الذمم وإهانته لعبادة بن الصامت وتسبب بعزله عن الحياة العلمية في الشام، وربما قتله ( مات عبادة سنة 34هـ) وكذلك فعل مع بعض الصحابة بالشام غير أبي ذر وعبادة، .. ونحن نلحظ في عصرنا هذا، أن الوزير الفاسد أو ألوالي الفاسد قد يستطيع تشويه صورة الرئيس والشعور العام بأنه هو الحاكم لا الرئيسن وأن الرئيس لا يستطيع عزله ولا إيقاف مظالمه..الخ فإذا جرى للرئيس شيء فلا بد أن يكون لذلك الوزير أو الوالي..
إذن فليس دور معاوية هو ذلك الدور المباشر في قتل عثمان فهو أدهى واذكى من أن يفعلها.. وإنما الدور غير المباشر كان واضحاً سواء بما سبق ذكره أو في عدة مفاصل أخرى منها:
1- تأخر معاوية في نجدة عثمان... 2- ثم لما تربص وامتنع أخذ عثمان يراسل كبراء أهل الشام ويترك معاوية! 3- معاوية يرسل جيشاً ويأمره بالتوقف في وادي القرى.. ويقول له أنا الشاهد وانت الغائب! 4- يرسل الأخبار التهويلية للمدينة بأن الأمداد ستصل من الشام والبصرة.. 5- اعتراف بعض المقربين من عثمان ( كعب الله بن أبي الرسح) بأن معاوية كان يهوى قتل عثمان ( فشهد شاهد من أهلها) .. 6- كل الصحابة والتابعين الأذكياء الذين تحاوروا مع معاوية في عثمان كانوا يجابهونه بذلك، اي بأنه تربص وأنه كان يريد ن يقتل عثمان حتى يستطيع أن يطالب بدمه، ولم يكن يتوقع أن الأمر يصل إلى علي، كان يطن أن المر سيصل إلى طلحة ونحوه من الضعفاء الذين لن يجدوا نعاطفاً من الأنصار وأنه يمكنه ابتلاع طلحة بسهولة، لكنه تفاجأ بأن الأمر فعلاً وصل إلى علي بن أبي طالب وكبار الصحابة معه.. وخاصة المهاجرين والأنصار.. 7- اصبحت كلمة ( قميص عثمان) مثلاً يضرب عبر التاريخ، لمن يرفع شعاراً لا يؤمن به... وهذا من أوضح الواضحات، ومع ذلك لم يستفد المسلسل من هذا المثل السائر في إبراو الدور المعقول لمعاوية.. 7- سكوته عن قتلة عثمان بعد وصوله إلى الحكم .. حتى أنه جابه عائشة بنت عثمان بما يفيد بأن عليها أن تسكت عن طلب قاتل عثمان.. وأنه لن ينفذ ذلك.. ....الخ 8- كان أبو الأعور السلمي هو حامل الكتاب الذي بعثه مروان إلى والي مصر بلا إذن عثمان ليعاقب رؤوس الثوار، وأبو العور السلمي من كبار قواد معاوية... 9- كما أن عمرو بن العاص وهو من أكبر المحرضين على عثمان كان في صفوف معاوية أيضاً..
10- إقامته لشهود الزور على ن علياً قتل عثمان ( كما في ترجمة شرحبيل بن السمط في الاستيعاب لابن عبد البر) دليل على أنه يريد الملك لا دم عثمان ..
وهذا أيضاً من اوضح الواضحات وهذه القضايا بينها ترابط بينهما ترابط، أعني هواه مقتل عثمان، والتربص به، والتحريض السلبي عليه بزيادة الأخطاء والمخالفات حتى يثور الناس، وغشعاره الثوار بأنه قادم للنجدة ليستعجلوا في قتله، واتهام عثمان به ( عندما أتاه ليلاً وطلب منه الرحلة إلى الشام)! إلى كثير من الدلالات والقرائن التي تبين أن لمعاوية أكبر الأثر في مقتل عثمان..
وحتى لا أطيل أكثر من هذا سأتستعرض بعض الروايات في دور معاوية والتي كان يجب على المسلسل إلقاء الضوء عليها ولو من طرف بعيد..
إضافة إلى أن أحد قتلة عثمان وهو رومان الأصبحي الشامي بقي مكرماً في عهد معاوية! وكان كاتب معاوية يعلم أنه ( رومان) قاتل عثمان! فهل كان مأموراً بقتل عثمان مع القاتلين؟ والسند في ذلك صحيح... وسيأتي. في بحث ( من قتل عثمان)؟؟ فنستعرض القتلة ومن اتهم بأنه منهم ثم نفصل ما صح بأنه منهم وما لم يصح وما بين بين.. من حيث الظن والترجيح لا الجزم واليقين..
لكن لنبدأ بالروايات العامة في دور معاوية:
تاريخ المدينة لعمر بن شبة - (ج 4 / ص 1288) - ولها شواهد تصل للتواتر- ..
قال : حدثنا محمد بن منصور قال، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال، حدثنا جويرية قال: أرسل عثمان رضي الله عنه إلى معاوية رضي الله عنه يستمده، فبعث معاوية رضي الله عنه يزيد ابن أسد جد خالد القسري ، وقال له: إذا أتيت ذا خشب فأقم بها ولا تتجاوزها، ولا تقل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب! قال: أنا الشاهد وأنت الغائب، فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان رضي الله عنه. فقلت لجويرية: لم صنع هذا ؟ قال: صنعه عمدا ليقتل عثمان رضي الله عنه فيدعو إلى نفسه اهـ ..
التعليق: هذا فهم السلف الصالح لمعاوية.. هذه السلف الصالح الذكي.. وليس ذلك السلف الأحمق المستسلم لمكر الدهاة.. ولا ذلك السلف المنافق المتفق مع الظلكمة على خديعة الأمة برمتها.. فالسلف فيهم الصالح والطالح.. وعلينا أن نأخذ من أهل الأمانة والعقل فإنهم يعرفون معاوية تماماً.. وعوف الأعرابي من تابعي البصرة الأجلاء.. وهو من رجال الصحيحين..
تاريخ الطبري - (ج 3 / ص 424) قال محمد بن عمرو وحدثني الحكم بن القاسم عن أبي عون مولى المسور بن مخرمة قال : ما زال المصريون كافين عن دمه وعن القتال حتى قدمت أمداد العراق من البصرة ومن الكوفة ومن الشأم فلما جاؤا شجعوا القوم وبلغهم أن البعوث قد فصلت من العراق ومن مصر من عند ابن سعد ولم يكن ابن سعد بمصر قبل ذلك كان هاربا قد خرج إلى الشأم فقالوا نعالجه قبل أن تقدم الامداد اهـ
التعليق: وهل تظنون أن معاوية الداهية لم يكن يعرف أن النتيجحة ستكون هكذا؟؟؟ أنتم لا تعرفون معاوية ...
رواية موسى بن طلحة بن عبيد الله (106هـ): في خطاب معاوية لكبار الصحابة
تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 649 - 650]
حدثني عبدالله بن أحمد بن شبويه قال حدثني أبي قال حدثني عبدالله عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة قال:
أرسل عثمان إلى طلحة يدعوه فخرجت معه حتى دخل علي عثمان وإذ علي وسعد والزبير وعثمان ومعاوية .. فحمد الله معاوية وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخيرته في الأرض وولاة أمر هذه الأمة لا يطمع في ذلك أحد غيركم اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع وقد كبرت سنه وولى عمره ولو انتظرتم به الهرم كان قريبا مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغ به ذلك وقد فشت قالة خفتها عليكم فما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به ولا تطمعوا الناس في أمركم فوالله لئن طمعوا في ذلك لا رأيتم فيها أبدا إلا إدبارا.. قال علي ومالك وذلك وما أدراك لا أم لك.. قال دع أمي مكانها ليست بشر امهاتكم قد أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وأجبني فيما أقول لك..
فقال عثمان صدق ابن أخي! إني أخبركم عني وعما وليت إن صاحبي اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل احتسابا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي قرابته وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش فبسطت يدي في شيء من ذلك المال لمكان ما أقوم به فيه ورأيت أن ذلك لي فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه فأمري لأمركم تبع... قالوا أصبت وأحسنت، قالوا أعطيت عبداله بن خالد بن أسيد ومروان وكانوا يزعمون أنه أعطي مروان خمسة عشر ألفا وابن أسيد خمسين ألفا فردوا منهما ذلك فرضوا وقبلوا وخرجوا راضين.. اهـ
قلت: الروياة في سندها موسى بن طلحة ( وكان مائلاً لبني أمية ولمعاوية وهو من الشهود زوراً على حجر بن عدي، ولذلك سنجد في الرواية أموراً منكرة لم تصح، من إرجاع اموال ونحو ذلك، فالأموال لم ترجع إلا في عهد علي في رده القطائع ونحوها، إلا أنه يمكن الاستفادة من ههذ الرواية من باب ( شهد شاهد من اهلها) في دور معاوية ..فهو هنا:
1- معاوية أراد أن يكون وكيل عثمان! فإذا اعترض الصحابة على أمر طلبوه من معاوية! (ولما لم تفلح هذه كان معاوية يهوى نقل عثمان إلى الشام حتى إذا مات أوصى إلى معاوية! فلما لم يفلح أحب معاوية قتل عثمان، كما في شهادة عبدالله ابن أبي السرح وأبو الطفيل وابن عباس وغيرهم.. )..
2- أن معاوية يقرر أن السخط كان من أصحاب رسول الله (وهذا ظاهر الرواية وليس السخط من ابن سبأ! فهذه الرواية رغم ميول راويها لمعاوية إلا أنه كشف ما يدين معاوية من حيث لا يشعر، وهذا لا يستطيع إنكاره لأن والده طلحة كان من الثوار، بل هو قائد الثورة)..
3- أن عثمان بتصديقه معاوية وجعله محامياً عنه – وهو محل تهمة- من أخطاء عثمان التي بعثت على اليأس من عثمان، وهذه الرواية تبين أن عثمان كان شديد التأثر بقرابته والسماع لهم وتصديقهم وحسن الظن فيهم وقصوره عن إدارك مكائدهم ودهائهم...
4- أن عثمان اعترف بترك سنة الشيخين... وأنه بسط يده في المال لقرابته!... وهذا محل إجماع..
5- أن أثر معاوية ليس على الحاشية فحسب! وإنما على عثمان نفسه.. لدرجة أن عثمان قدمه ليتكلم عنه ويقطع عنه..
6- أإن صح ن عثمان رد بعض ما أعطاه لبني أمية إلا أنه لم يرد جميع ما أعطى وأكبرها الولايات وأموالها فقد كان ولاته يتصرفون في المال العام، وقد تكررت هذه الأخطاء من عثمان رضي الله عنه – كما سنرى- ولا ندري في أي عام كانت هذه القصة .. (وتحتاج بحثاً)..
رواية الكلبي: تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 661 ] حدثني جعفر قال حدثنا عمرو وعلي قالا حدثنا حسين عن أبيه عن محمد بن السائب الكلبي قال: قال إنما رد أهل مصر إلى عثمان بعد انصرافهم عنه أنه أدركهم غلام لعثمان على جمل له بصحيفة إلى أمير مصر أن يقتل بعضهم وأن يصلب بعضهم فلما أتوا عثمان قالوا هذا غلامك؟ قال غلامي انطلق بغير علمي قالوا جملك قال أخذه من الدار بغير أمري قلت خاتمك قال نقش عليه فقال عبدالرحمن بن عديس التجيبي حين أقبل أهل مصر : أقبلن من بلبيس والصعيد ... خوصا كأمثال القسي قود مستحقبات حلق الحديد ... يطلبن حق الله في الوليد وعند عثمان وفي سعيد ... يا رب فارجعنا بما نريد فلما رأى عثمان ما قد نزل به وما قد انبعث عليه من الناس كتب إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بالشام بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن أهل المدينة قد كفروا وأخلفوا الطاعة ونكثوا البيعة فابعث إلي من قبلك من مقاتلة أهل الشام على كل صعب وذلول فلما جاء معاوية الكتاب تربص به وكره إظهار مخالفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد علم اجتماعهم!! فلما أبطأ أمره على عثمان كتب إلى يزيد بن أسد بن كرز وإلى أهل الشام يستنفرهم ويعظم حقه عليهم ويذكر الخلفاء وما أمر الله عز وجل به من طاعتهم ومناصحتهم ووعدهم أن ينجدهم جند أو بطانة دون الناس وذكرهم بلاءه عندهم وصنيعه إليهم فإن كان عندكم غياث فالعجل العجل فإن القوم معاجلي فلما قرئ كتابه عليهم قام يزيد بن أسد بن كرز البجلي ثم القسري فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر عثمان فعظم حقه وحضهم على نصره وأمرهم بالمسير إليه فتابعه ناس كثير وساروا معه حتى إذا كانوا بوادي القرى بلغهم قتل عثمان رضي الله عنه فرجعوا وكتب عثمان إلى عبدالله بن عامر أن اندب إلي أهل البصرة نسخة كتابه إلى أهل الشام فجمع عبدالله بن عامر الناس فقرأ كتابه عليهم فقامت خطباء من أهل البصرة يحضونه على نصر عثمان والمسير إليه فيهم مجاشع بن مسعود السلمي وكان أول من تكلم وهو يومئذ سيد قيس بالبصرة وقام أيضا قيس بن الهيثم السلمي فخطب وحض الناس على نصر عثمان فسارع الناس إلى ذلك فاستعمل عليهم عبدالله بن عامر مجاشع بن مسعود فسار بهم حتى إذا نزل الناس الربذة ونزلت مقدمته عند صرار ناحية من المدينة أتاهم قتل عثمان اهـ.
التعليق: معاوية لا يريد أن يهاجم المدينة.. لعلمه بإجماع الصحابة ضد عثمان ولا يريد أن يعين عثمان على التراجع عن أخطائه فماذا بقي؟ يريد أن يقتلوا عثمان ليكون بأسهم بينهم وليتخذ هذا حجة في قتالهم..
وكان معاوية قد جهز حجته وهي أن أهل المدينة قتلوا عثمان فلا تكون الخلافة فيهم!
هكذا .. عمم على كل أهل المدينة وهم المهاجرون والأنصار..
ففي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد . محقق - (ج 5 / ص 222) وعن أبي ميمونة قال: قال معاوية بن أبي سفيان: إن أهل مكة أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تكون الخلافة فيهم، وإن أهل المدينة قتلوا عثمان فلا تعود الخلافة فيهم أبداً. رواه الطبراني ورجاله ثقات
قلت:
وهنا سيكون القرضاوي وأشباهه في ورطة كبيرة.. فإن كذب معاوية فهذه مشكلة.. وإن صدقه فهي مشكلة أكبر! ولا يخلو معاوية من أن يكون صادقاً أو كاذباً...
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:46 | |
|
وهذه الحجة لقنها معاوية لولاته .. ومنهم سمرة بن جندب ذلك القاتل المبشر بالنار!
ففي تاريخ الخلفاء للسيوطي - (ج 1 / ص 66) عن سمرة قال إن الإسلام كان في حصن حصين وإنهم ثلموا في الإسلام ثلمة بقتلهم عثمان لا تسد إلى يوم القيامة وإن أهل المدينة كانت فيهم الخلافة فأخرجوها ولم تعد فيهم.
فالحملة على أهل المدينة ظالمة وأما كونهم قتلوا عثمان.. فهذا فيه تعميم.. ويحتاج إلى تفصيل.. لكن بني أمية يغشمون الأمور.. وإذا كان معاوية وولاته صادقين في الطلب بدم عثمان فهل يريد قتل كل أهل المدينة ( وهم المهاجرون ةالأنصار)؟ أترى لو أن علياً استجاب له وقال سأسلمك قتلة عثمان فحددهم ألا يقول معاوية؟ هم المهاجرون والأنصار؟
رحم الله علياً لقد كان أعلم بمعاوية منا.. ولذلك قال ( بايع أحملك أنت وإياهم على كتاب الله)..
هذا الحديث سيكشف لنا لماذا كان معاوية يهوى قتل عثمان؟ وهو يفسر لنا تربصه، ويفسر كلمة ابن أبي السرح بأن معاوية ( كان يهوى قتل عثمان) وهو سر اعتزال ابن أبي السرح عنه .. وبفسر لنا كلمة علي في رسالته إلى معاوية ( نصرت عثمان حين كان النصر له وخذلته حين كان النصر لك).. أو بمعناه.. ويفسر كلمة ابن عباس وأبي الطفيل في اتهامهم معاوية .. ويفسر قول معاوية لابنة عثمان في تركه المطالبة بدم عثمان ويفسر لماذا كان صاحبه أبو الأعور السلمي هو صاحب كتاب مروان.. ولماذا كان يتعرض للثوار في الطريق ويسبهم حتى أمسكوه وسالوه.. فباشر الجواب بأنه رسول عثمان إلى والي مصر!! ويفسر قول معاوية للجيش الذي نزل وادي القرى او ذي الخشب ( أنا الشاهد وأنت الغائب) فما هي هذه الزيادة هنا؟ نستفيد من الرواية الآتية أن معاوية كان يخشى أن عثمان كان يعمل على تهيئة ابنه للخلافة والوصية إليه. فإن عمرو بن عثمان كان قد بلغ عشرين سنة أو أكثر .. وكان عثمان يرشحه ويؤهله... فهذا من أكبر أسباب بغض معاوية لعثمان وهواه مقتل عثمان، وعمله على تصلب عثمان وإيعاده بالنصر، والضغط عليه عبر الحاشية والمكر.. الخ
والحديث في مسند أحمد - (ج 1 / ص 475) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ التَّيْمِىُّ قَالَ سَمِعْتُ أَبِى يَقُولُ سَمِعْتُ عَمِّى عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ مُوسَى يَقُولُ كُنْتُ عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِىٍّ فَدَخَلَ شَيْخٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ سُلَيْمَانُ انْظُرْ إِلَى الشَّيْخِ فَأَقْعِدْهُ مَقْعَداً صَالِحاً فَإِنَّ لِقُرَيْشٍ حَقًّا، فَقُلْتُ أَيُّهَا الأَمِيرُ أَلاَ أُحَدِّثُكَ حَدِيثاً بَلَغَنِى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ بَلَى. قَالَ قُلْتُ لَهُ بَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَهَانَ قُرَيْشاً أَهَانَهُ اللَّهُ ». قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا مَنْ حَدَّثَكَ هَذَا؟ قَالَ قُلْتُ حَدَّثَنِيهِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ لِى أَبِى يَا بُنَىَّ إِنْ وَلِيتَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئاً فَأَكْرِمْ قُرَيْشاً فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ أَهَانَ قُرَيْشاً أَهَانَهُ اللَّهُ » اهـ
التعليق:
كأن عثمان كان يهيئ ابنه لتولي الخلافة فقد كان مراهقاً، ولعل هذا ما منعه من الاستجابة للمغيرة في الهرب إلى الشام! ولعل هذا من أسباب خلافه مع معاوية، ولعل هذا ما جعل معاوية يستعجل بموته ويتمناه! بل لا أستبعد أن عثمان قتل بتحريض معاوية الحاشية تحريضاً ليس بعده إلا القتل أو العزل، علماً بأن من المشاركين في قتل عثمان ذلك الرجل الشامي الذي كان يأخذ العطاء وكان مقيماً بالمدينة فقد ذكره بعضهم في قتلة عثمان،بسند صحيح واسمه رومان الشامي.. ولا أستبعد أن يكون بعض القتلة قدم في الجيش الذي بعثه معاوية إلى ذي خشب ثم بقي هناك وقدم القاتل إلى المدينة متظاهرين بأنهم قدموا من مصر أو غيرها وساعدوا بقية المحاصرين ثم اقتحموا مع المقتحمين ثم شاركوا في القتل ثم عادوا إلى الجيش وأخبروه بمقتله فعاد إلى الشام، فلعل هؤلاء من شهود الزور لمعاوية، الذين يشيعون أنهم كانوا في المدينة وأن علياً قتل عثمان! وقد اعترف ابن تيمية بشهادة الزور هذه وذكرها ابن عبد البر في ترجمة شرحبيل بن السمط ! فرجل كمعاوية كان غاية في الدهاء والمكر، ولا يمكن لأحمق أن يكتشف مكر الداهية، ولأن أكثر أهل الحديث والسلفية تجوز عليهم الغفلةوالفهاهة ونشافة الدماغ فقد صدقوا أن معاوية جاد في طلب دم عثمان!
وهذا عمرو بن عثمان الذي خشي معاوية أن يوصي إليه عثمان!!!!
مع شيء من تخريج الحديث..
فعمرو بن عثمان بن عفان، كان أكبر ولد عثمان، روايته في الكتب الستة، زوجه معاوية من ابنته رملة للتجسس عليه ففعلت، وله قصص يوم الحرة، نتف مسرف بن عقبة لحيته وذمه وذم أمه، وهي دوسية، كأنه مات في عهد عبد الملك.
وله قصص يوم الحرة، نتف مسرف بن عقبة لحيته وذمه وسماه ( الخبيث ابن الطيب) وهذا يعكس الدعاية السفيانية ضده، وذم أمه، وهي دوسية، كأنه مات في عهد عبد الملك وفي مشاهير علماء الأمصار - (ج 1 / ص 109)عمرو بن عثمان بن عفان أخو عمر وخالد وأبان بنى عثمان امهم أسماء بنت عمرو الدوسية، وفي تاريخ الطبري - (ج 4 / ص 379): (قال هشام) وذكر عوانة أن عمرو بن عثمان لم يكن فيمن خرج من بنى أمية وأنه أتى به يومئذ إلى مسلم بن عقبة فقال يا أهل الشام تعرفون هذا قالوا لا قال هذا الخبيث ابن الطيب هذا عمرو بن عثمان بن عفان أمير المؤمنين هي يا عمرو إذا ظهر أهل المدينة قلت أنا رجل منكم وإن ظهر أهل الشام قلت أنا ابن أمير المؤمنين عثمان ابن عفان فأمر به فنتفت لحيته ثم قال يا أهل الشام إن أم هذا كانت تدخل الجعل في فيها تقول يا أمير المؤمنين حاجيتك ما في فمى وفى فمها ما ساءها وناءها فخلى سبيله وكانت أمه من دوس اهـ. وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق وذكر أنه وفد على معاوية فأغزاه الروم ( وفي هذا دليل على أنه لم يكن يثق بمعاوية، فإنه لم يقاتل معه، وإنما وفد إليه بعد وصوله للسلطة، وله عن أبيه أحاديث غير هذا منها ( لا يرث المسلم الكافر)، وحديث ( هل ترك لنا عقيل من دار)..الخ. وقصة تجسس رملة عليه في تاريخ دمشق - (ج 46 / ص 297) اشتكى عمرو بن عثمان فكان العواد يدخلون عليه فيخرجون ويتخلف عنده يعني مروان فيطيل فأنكرت ذلك رملة بنت معاوية فخرقت كوة فاستمعت على مروان فإذا هو يقول لعمرو ما أخذ هؤلاء يعني بني حرب بن أمية الخلافة إلا باسم أبيك فما يمنعك أن تنهض بحقك فلنحن أكثر منهم رجالا ( 4 ) منا فلان ومنهم فلان ومنا فلان ومنهم فلان حتى عد رجالا ثم قال منا فلان وهو فضل وفلان وهو فضل يعدد فضول رجال بني أبي العاص على رجال بني حرب فلما برأ عمرو بن عثمان تجهز للحج وتجهزت رملة في جهازه فلما خرج عمرو إلى الحج خرجت رملة إلى أبيها فقدمت عليه الشام فأخبرته وقالت ( 5 ) ما زال يعد فضل رجال بني أبي العاص على بني حرب حتى عد ابني عثمان وخالدا فتمنيت أنهما ماتا ..الخ.
والخلاصة: أن كثيراً من الناس الذين يجعلون معاوية هو ولي دم عثمان إنما يخدعون الناس فهذا ابنه همرو بن عثمان وكذا سعيد بن عثمان كانوا كباراً وقد شهدوا الجمل مع عائشة ولن يشهدها إلا كامل الأهلية لأن يكون ولي دم! ثم معاوية من العنابس.. وعثمان من الأعياص.. فلم ينته الأعياص حتى تنتقل الولاية للعنابس.. كان الأعياص نحو الستين يوم قتل عثمان! وأكبر من ذلك في الخديعة ظنهم أن معاوية كان يحب عثمان! وأنه لم يعمل على التخلص منه قبل أن يوصي لابنه عمرو!
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:52 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (12) دور عمرو بن العاص في قتل عثمان
وعمرو بن العاص ... كان بالإجماع من أشد الناس على عثمان.. كان يحرض عليه حتى الرعاة.. وهو الذي قاطع عثمان ونصح عمرو بن بديل الخزاعي بزيادة عدد الجيش.. وقاطع عثمان وهو يخطب وطالبه بالتوبة.. وحرك عليه الجميع... من استطاع منهم ومن لم يستطع.. فحرض طلحة والزبير وعلياً وابن عمر وغيرهم.. ثم ذهب إلى فلسطين عندما علم أنة عثمان سيقتل لا محالة! ولا أستبعد أنه فعل هذا بأمر معاوية وخطة بينهما.. فقتل عثمان والتحق بمعاوية فأشركه معاوية في أمره كله.. حتى قال أبو جعفر المنصور : معاوية بعمره، وعبد الملك بحجاجه وأنا بنفسي..
وسبب تحريض عمرو بن العاص على عثمان هو عزله له عن مصر... والروايات في خلافهما متواترة إلا أن هؤلاء صم بكم... أعمتهم المذهبية والأموال عن رؤية التاريخ .
الرواية الأولى: رواية أبي عون مولى المسور
الطبري (2/656) وأما الواقدي فإنه ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب أمورا كثيرة منها ما قد تقدم ذكريه ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته ومنها ما ذكر أن عبدالله بن جعفر حدثه عن أبي عون مولى المسور قال: كان عمرو بن العاص على مصر عاملا لعثمان فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة واستعمل عبدالله بن سعد على الخراج ثم جمعهما لعبدالله بن سعد فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان فأرسل إليه يوما عثمان خاليا به فقال يا ابن النابغة : ما أسرع ما قمل جربان جبتك إنما عهدك بالعمل عاما أول أتطعن علي وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر والله لولا أكلة ما فعلت ذلك قال فقال عمرو إن كثيرا مما يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل فاتق الله يا أمير المؤمنين في رعيتك فقال عثمان والله لقد استعملتك على ظلعك وكثرة القالة فيك فقال عمرو قد كنت عاملا لعمر بن الخطاب ففارقني وهو عني راض قال فقال عثمان وأنا والله لو آخذتك بما آخذك به عمر لاستقمت ولكني لنت عليك فاجترأت علي أما والله لأنا أعز منك نفرا في الجاهلية وقبل أن ألي هذا السلطان فقال عمرو دع عنك هذا فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وهدانا به قد رأيت العاصي بن وائل ورأيت أباك عفان فو الله للعاص كان أشرف من أبيك قال فانكسر عثمان وقال ما لنا ولذكر الجاهلية قال وخرج عمرو ودخل مروان فقال يا أمير المؤمنين وقد بلغت مبلغا يذكر عمرو بن العاص أباك؟ فقال عثمان دع هذا عنك، من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه قال فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه يأتي عليا مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي الزبير مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان ويعترض الحاج فيخبرهم بما أحدث عثمان فلما كان حصر عثمان الأول خرج من المدينة حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع فنزل في قصر له يقال له العجلان وهو يقول العجب ما يأتينا عن ابن عفان قال فبيا هو جالس في قصره ذلك ومعه ابناه محمد وعبدالله وسلامة بن روح الجذامي إذ مر بهم راكب فناداه عمرو من أين قدم الرجل فقال من المدينة قال ما فعل الرجل يعني عثمان قال تركته محصورا شديد الحصار قال عمرو أنا أبو عبدالله قد يضرط العير والمكواة في النار فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مر به راكب آخر فناداه عمرو ما فعل الرجل يعني عثمان قال قتل قال أنا أبو عبدالله إذا حككت قرحة نكأتها إن كنت لأحرض عليه حتى إني لأحرض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل فقال له روح بن سلامة الجذامي - يا معشر قريش إنه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسرتموه فما حملكم على ذلك ؟ فقال أردنا أن نخرج الحق من حافرة الباطل وأن يكون الناس في الحق شرعا سواء! - وكانت عند عمرو أخت عثمان لأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ففارقها حين عزله ! اهـ
الرواية لا تحتاج إلى تعليق...!! والسند قوي .. وليس كأسانيد أبي حارثة والخرثع أخو القرثع وغريهم من شيوخ سيف المخترعين!
رواية يزيد بن ابي حبيب (1)
(في تولية ابن أبي السرح وسخط عمرو بن العاص على عثمان) ... تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 599 ] قال ابن عمر (يعني الواقدي) وحدثني أسامة بن زيد عن يزيد بن أبي حبيب قال: نزع عثمان عمرو بن العاص عن خراج مصر واستعمل عبدالله بن سعد على الخراج فتباغيا ... فكتب عبدالله بن سعد إلى عثمان يقول إن عمرا كسر الخراج ... وكتب عمرو: إن عبدالله كسر علي حيلة الحرب .. فكتب عثمان إلى عمرو انصرف ... وولى عبدالله بن سعد الخراج والجند .. فقدم عمرو مغضبا فدخل على عثمان وعليه جبة يمانية محشوة قطنا ... فقال له عثمان: ما حشو جبتك؟ قال: عمرو ! قال عثمان: قد علمت أن حشوها عمرو ولم أرد هذا إنما سألت أقطن هو أم غيره..
2- رواية يزيد بن أبي حبيب (2)
(وفيها إضرار ابن أبي السرح بأهل مصر) تاريخ الطبري [ جزء 2 - صفحة 599 ] قال الواقدي وحدثني أسامة بن زيد عن يزيد بن أبي حبيب : قال بعث عبدالله بن سعد إلى عثمان بمال من مصر قد حشد فيه.. فدخل عمرو على عثمان.. فقال عثمان: يا عمرو هل تعلم أن تلك اللقاح درت بعدك؟ فقال عمرو إن فصالها هلكت اهـ
.. قلت: والروايات فيها خلاف عمرو بن العاص مع عثمان وهي تشهد لما سبق.. وفيها أيضاً أن ابن أبي السرح أضر بأهل مصر، يدل على ذلك قوله (حشد فيه)... وهذا له وشواهد جمة .. ويضاف إليها رواية أبي ثور الفهمي ( في ترجمة ابن عديس) فهذه الرواية المصرية..
رواية عبد الله بن محمد عن أبيه (3):
الطبري (2/659) قال محمد بن عمر فحدثني عبدالله بن محمد عن أبيه قال : لما رجع عليه عليه السلام إلى عثمان رضي الله عنه أخبره أنهم قد رجعوا وكلمه علي كلاما في نفسه قال له اعلم أني قائل فيك أكثر مما قلت قال ثم خرج إلى بيته قال فمكث عثمان ذلك اليوم حتى إذا كان الغد جاءه مروان فقال له تكلم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلا فإن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه قال فأبى عثمان أن يخرج قال فلم يزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم قال فناداه عمرو بن العاص من ناحية المسجد: اتق الله يا عثمان فإنك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب إلى الله نتب قال فناداه عثمان وإنك هناك يا بن النابغة؟ قملت والله جبتك منذ تركتك ( نزعتك) من العمل
قال فنودي من ناحية أخرى تب إلى الله وأظهر التوبة يكف الناس عنك قال فرفع عثمان يديه مدا واستقبل القبلة فقال اللهم إني أول تائب تاب إليك ورجع إلى منزله
وخرج عمرو بن العاص حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول والله إن كنت لألقى الراعي فأحرضه عليه اهـ
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 22:58 | |
|
نقد مسلسل الحسن والحسين (13) موقف عمار بن ياسر
عمار بن ياسر من كبار الصحابة ومن السابقين إلى الإسلام وقد استشهد أبواه تحت التهذيب بمكة.. وكان مخزومياً بالولاء وعنسياً نسباً.. وعنس من مذحج ..
لا أطيل الروايات في معارضة عمار بن ياسر لعثمان أشهر من أن تذكر وقد وجد من حاشية عثمان عنتاً فضربوه حتى اصبح لا يستمسك بوله.. وقد روى أهل الحديث هذه القصة لكن بإخفاء التفاصيل وإنما ذكروا أنه اصابته إغماءه..
ومن الروايات - وبعضها سبق- 1-
روايات سعيد بن المسيب أولا: الرواية الطويلة: تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1157) : حدثنا محمد بن سليمان وأحمد بن منصور الرمادي قالا، حدثنا هشام بن عمار قال، حدثنا محمد بن عيسى بن سميع القرشي، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، عن الزهري قال: قلت لسعيد بن المسيب: هل أنت مخبري كيف كان قتل عثمان رضي الله عنه ؟ وما كان شأن الناس وشأنه ؟ ولم خذله أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال: قتل عثمان رضي الله عنه مظلوما، ومن قتله كان ظالما، ومن خذله كان معذورا. قال قلت: وكيف كان ذلك ؟ قال: إن عثمان رضي الله عنه لما ولي كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لان عثمان رضي الله عنه كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة، وكان كثيرا مما يولي بني أمية ممن لم يكن له مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة، فكان يجئ من أمرائه ما يكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يستعتب منهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست حجج الأواخر استأثر بني عمه فولاهم، وأشرك معهم، وأمرهم بتقوى الله، ولى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه. وقد كان قبل ذلك من عثمان رضي الله عنه هنات إلى عبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعمار بن ياسر، فكانت هذيل وبنو زهرة في قلوبهم ما فيها لمكان عبد الله بن مسعود، وكانت (بنو غفار! وأحلافها ومن غضب لابي ذر في قلوبهم ما فيها، وكانت بنو مخزوم قد حنقت على عثمان رضي الله عنه لمكان عمار بن ياسر. وجاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح، فكتب إليه عثمان رضي الله عنه كتابا يتهدده فيه، فأبى أن يقبل ما نهاه عنه عثمان رضي الله عنه وضرب بعض من أتاه من قبل عثمان من أهل مصر يتظلم منه فقتله!!، فخرج من أهل مصر سبعمائة إلى المدينة فنزلوا المسجد، وشكوا إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مواقيت الصلاة ما صنع ابن سرح بهم فقام طلحة بن عبيد الله فكلم عثمان رضي الله عنه بكلام شديد! وأرسلت إليه عائشة فقالت: قد تقدم إليك أصحاب محمد وسألوك عزل هذا الرجل، فأبيت إلا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلا فاقضهم من عاملك. ودخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وكان متكلم القوم - فقال: إنما سألوك رجلا مكان رجل، وقد أدعوا قبله دما، فاعزله عنهم واقض بينهم، وإن وجب عليه حق فأنصفهم منه. فقال لهم: اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه. فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بكر، فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر. فكتب عهده وولاه، وخرج معه عدة من المهاجرين والانصار ينظرون فيما بين أهل مصر وبين ابن أبي سرح، فخرج محمد ومن كان معه، فلما كانوا على مسيرة ثلاث ليال من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط خبطا كأنه رجل يطلب أو يطلب فقال له أصحاب محمد: ما قصتك وما شأنك، كأنك هارب أو طالب؟ فقال: أنا غلام أمير المؤمنين، وجهني إلى عامل مصر. قال له رجل: هذا عامل مصر معنا. قال: ليس هذا أريد. وأخبروا بأمره محمد بن أبي بكر، فبعث في طلبه رجالا، فأخذوه فجاءوا به إليه فقال له: يا غلام من أنت ؟ فأقبل مرة يقول غلام أمير المؤمينن، ومرة يقول غلام مروان، حتى عرفه رجل أنه لعثمان، فقال له محمد: إلى من أرسلت ؟ قال: إلى عامل مصر. قال: بماذا ؟ قال: برسالة. قال: أمعك كتاب ؟ قال: لا، ففتشوه فلم يجدوا معه كتابا، وكانت معه إداوة قد يبست، فيها شئ يتقلقل، فحركوه ليخرج فلم يخرج، فشقوا الاداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبي سرح، فجمع محمد من كان معه من المهاجرين والانصار وغيرهم، ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم، وأبطل كتابه، وقر على عملك حتى يأتيك رأي في ذلك، واحبس من يجئ إلي يتظلم منك، ليأتيك رأي في ذلك إن شاء الله تعالى. قال: فلما قرأوا الكتاب فزعوا ورجعوا إلى المدينة، وختم محمد الكتاب بخواتيم نفر كانوا معه، ودفع الكتاب إلى رجل منهم، فقدم المدينة فجمعوا طلحة والزبير وعليا وسعدا ومن كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم، وأخبروهم بقصة الغلام، وأقرأوهم الكتاب، فلم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق على عثمان، وزاد ذلك من كان غضب لابن مسعود وأبي ذر وعمار حنقا وغيظا، وقام أصحاب محمد فلحقوا بمنازلهم، وحاصر الناس عثمان وأجلب عليه محمد بن أبي بكر ببني تيم وغيرهم، وأعانه على ذلك طلحة بن عبيد الله، وكانت عائشة رضي الله عنها تقبحه كثيرا. فلما رأى ذلك علي بعث إلى طلحة والزبير وسعد وعمار ونفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم بدري، ثم دخل على عثمان رضي الله عنه ومعه الكتاب والبعير والغلام فقال له علي: هذا الغلام غلامك ؟ قال: نعم. قال: فالبعير بعيرك ؟ قال: نعم. قال: وأنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال: لا، وحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب ولا أمرت به. قال له علي رضي الله عنه: فالخاتم خاتمك ؟ ! قال: نعم. فقال له علي رضي الله عنه: كيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك لا تعلمه ؟ ! فحلف بالله ما كتبت هذا الكتاب، ولا أمرت به، ولا وجهت هذا الغلام إلى مصر. فأما الخط فعرفوا أنه خط مروان، وشكوا في أمر عثمان رضي الله عنه، وسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى - وكان مروان عنده في الدار - فخرج أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) من عنده غضابا، وشكوا في أمره، وعلموا أنه لا يحلف بباطل إلا أن قوما قالوا: لا يبرأ عثمان من قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتى نثخنه، ونعرف حال الكتاب، فكيف يؤمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بغير حق ؟ ! فإن يكن عثمان كتبه عزلناه، وإن يكن مروان كتبه على لسان عثمان نظرنا ما يكون منا في أمر مروان، ولزموا بيوتهم، وأبى عثمان أن يخرج إليهم مروان، وخشى عليه القتل، وحاصر الناس عثمان ومنعوه الماء. ثم أكمل ابن شبة الرواية في : بالإسناد نفسه وفيه السماع: ففي تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1303 - 1305) حدثنا محمد بن يوسف بن سليمان، وأحمد بن منصور الرمادي قالا: حدثنا هشام بن عمار بن نصير السلمي قال، حدثنا محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع القرشي قال، حدثني ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: أشرف عثمان رضي الله عنه على الناس وهو محصور فقال: أفيكم علي ؟ قالوا: لا. قال: أفيكم سعد ؟ قالوا: لا. فسكت ثم قال: ألا أحد يبلغ فيسقينا ماء ؟ فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فبعث إليه بثلاث قرب مملوءة، فما كادت تصل إليه حتى جرح في سببها عدة من موالي بني هاشم وموالي بني أمية حتى وصلت إليه، وبلغ عليا رضي الله عنه أن عثمان يراد قتله فقال: إنما أردنا منه مروان، فأما قتله فلا وقال للحسن والحسين: اذهبا بنفسيكما حتى تقوما على باب دار عثمان، فلا تدعا واحدا يصل إليه. وبعث الزبير ابنه وبعث طلحة ابنه على كره منه، وبعث عدة من أصحاب محمد أبناءهم يمنعون الناس أن يدخلوا على عثمان، ويسألونه إخراج مروان، فلما رأى ذلك محمد بن أبي بكر ورمى الناس فيهم بالسهم حتى خضب الحسن بالدماء على بابه، وأصاب مروان سهم وهو في الدار، وخضب محمد بن طلحة وشج قنبر وخشي محمد بن أبي بكر أن يغضب بنو هاشم لحال الحسن والحسين فأخذ بيد رجلين وقال لهما: إن جاءت بنو هاشم فرأوا الدماء على وجه الحسن كشفوا الناس عن عثمان، وبطل ما تريدان، ولكن مرا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم بنا أحد، فتسور محمد بن أبي بكر وصاحباه من دار رجل من الانصار حتى دخلوا على عثمان رضي الله عنه، وما يعلم أحد ممن كان معه، لان كل من كان معه كان فوق البيوت، فلم يكن معه إلا امرأته. فقال لهما محمد بن أبي بكر: مكانكما حتى أبدأ بالدخول، فإذا أنا خبطته فادخلا فتوجئاه حتى تقتلاه. فدخل محمد فأخذ بلحيته، فقال له عثمان رضي الله عنه: أما والله لو رآك أبوك لساءه مكانك مني. فتراخت يده، وحمل الرجلان عليه فوجآه حتى قتلاه، وخرجوا هاربين من حيث دخلوا، وصرخت امرأته فلم يسمع صراخها لما في الدار من الجلبة فصعدت امرأته إلى الناس فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل. فدخل الحسن والحسين ومن كان معهما فوجدوا عثمان رضي الله عنه مذبوحا فانكبوا عليه يبكون، وخرجوا، ودخل الناس فوجدوه مقتولا، وبلغ عليا الخبر وطلحة والزبير وسعدا ومن كان بالمدينة، فخرجوا، وقد ذهبت عقولهم للخبر الذي أتاهم، حتى دخلوا عليه فوجدوه مذبوحا، فاسترجعوا. وقال علي رضي الله عنه لابنيه: كيف قتل وأنتما على الباب ؟ ولطم الحسن وضرب الحسين، وشتم محمد بن طلحة، ولعن عبد الله بن الزبير، وخرج وهو غضبان يرى أن طلحة أعان على ما كان من أمر عثمان فلقيه طلحة فقال: ما لك يا أبا الحسن ضربت الحسن والحسين ؟ فقال عليك لعنة الله أبيت إلا أن يسوءني ذاك؟، يقتل أمير المؤمنين، رجل من أصحاب محمد، بدري لم تقم عليه بينة ولا حجة؟ ! ! فقال طلحة: لو دفع إلينا مروان لم يقتل. فقال علي رضي الله عنه: لو أخرج إليكم مروان لقتل قبل أن تثبت عليه حكومة. ودخل منزله اهـ. ثم قال ابن شبة: هذا حديث كثير التخليط، منكر الاسناد، لا يعرف صاحبه الذي رواه عن ابن أبي ذئب، وأما ابن أبي ذئب ومن فوقه فأقوياء اهـ ومن شواهده: * حدثنا حيان بن بشر قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن المغيرة قال: لما رجع أهل مصر عن عثمان رضي الله عنه رأوا راكبا يعارض الطريق فارتابوا، فأخذوه ففتشوه فلم يجدوا شيئا، فقال رجل منهم: لعل حاجتكم في الشنة، فنظروا فإذا كتاب إلى ابن أبي سرح فيه: إذا قدم عليك فلان وفلان فاضرب أعناقهم، فرجعوا فقالوا: هذا خاتمك على هذا الكتاب، أفهذا من التوبة ؟! قال: ما كتبته ولا أمرت به، وحلف، قالوا: خاتمك عليه! قال: خاتمي مع فلان - مروان أو حمران – قالوا: فإنا نتهمك فاخرج عن الولاية حتى نولي غيرك، قال: أما المال فولوه من شئتم، وأما الصلاة فما كنت لأخلع سربالاً ألبسنيه الله. قالوا: لا يستقيم أن يكون رجل على الصلاة وآخر على المال، فحصروه حتى قتلوه. أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 264) وحدثنا هشام بن عمار الدمشقي حدثنا محمد بن عيسى بن سميعٍ عن محمد بن أبي ذئب عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: لما ولي عثمان كره ولايته نفرٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عثمان كان يحب قومه، فولي الناس اثنتي عشرة حجة وكان كثيراً ما يولي من بني أمية من لم يكن له مع النبي صلى الله عليه وسلم صحبه، فكان يجيء من أمرائه ما ينكره، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم، فلما كان في الست الأواخر استأثر ببني عمه فولاهم وولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر فمكث عليهم سنين فجاء أهل مصر يشكونه ويتظلمون منه، وقد كانت من عثمان قبل هنات إلى عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمار بن ياسر، فكان في قلوب هذيل وبني زهرة وبني غفار وأحلافها من غضب لأبي ذر ما فيها، وحنقت بنو مخزوم لحال عمار بن ياسر، فلما جاء أهل مصر يشكون ابن أبي سرح كتب إليه كتاباً يتهدده فيه، فأبى أن ينزع عما نهاه عثمان عنه وضرب بعض من كان شكاه إلى عثمان من أهل مصر حتى قتله، فخرج من أهل مصر سبعمائة إلى المدينة فنزلوا المسجد وشكوا ما صنع بهم ابن أبي سرح في مواقيت الصلاة إلى أصحاب محمد، فقام طلحة إلى عثمان فكلمه بكلام شديد، وأرسلت إليه عائشة رضي الله تعالى عنها تسأله أن ينصفهم من عامله، ودخل عليه عليّ بن أبي طالب - وكان متكلم القوم - وقال له: إنما يسألك القوم رجلاً مكان رجل وقد ادعوا قبله دماً فاعزله عنهم وأقضِ بينهم فإن وجب عليه حق فانصفهم منه، فقال لهم: اختاروا رجلاً أوليه عليكم مكانه، فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بكر الصديق، فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر، فكتب عهده على مصر ووجه معهم عدةً من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي سرح. (قلت: لم يذكرها كاملة وسنذكرها مع الكلام على إسنادها). أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 264) في إنكار إيواء الحكم وقتل الحمام.. حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: خطب عثمان فأمر بذبح الحمام وقال: إن الحمام قد كثر في بيوتكم حتى كثر الرَمُي ونالنا بعضه، فقال الناس: يأمر بذبح الحمام، وقد آوى طرداء رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن شهد رواية ابن المسيب ما رواه ابن شبة في تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1274). حدثنا القعنبي قال، حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى ابن سعيد قال، سمعت سعيد بن المسيب يقول: وقعت الفتنة الاولى - يعني فتنة عثمان - فلم يبق من أصحاب بدر أحد، ثم وقعت الفتنة الثانية - يعني فتنة الحرة - فلم يبق من أصحاب الحديبية أحد، وأنى وقعت الثالثة لم ترتفع وبالناس طباخ اهـ تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1274) دثنا القعنبي قال، حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى ابن سعيد قال، سمعت سعيد بن المسيب يقول: وقعت الفتنة الاولى - يعني فتنة عثمان - فلم يبق من أصحاب بدر أحد، ثم وقعت الفتنة الثانية - يعني فتنة الحيرة - فلم يبق من أصحاب الحديبية أحد، وأنى وقعت الثالثة لم ترتفع وبالناس طباخ اهـ تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1274) دثنا زهير بن حرب قال، حدثنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: وقعت فتنة الدار بمثله
التعليق: تتبعوا أخبار عمار في هذه الرواية.. وانتظروا ما بعدها..
العقد الفريد - (ج 2 / ص 98) ومن حديث الأعمش يَرويه أبو بكر بن أبي شيبة قال: كَتب أصحابُ عُثمان عَيْبه وما يَنْقم الناسُ عليه في صحيفة، ثم قالوا: مَن يذهب بها إليه؟ قال عمٌار: أنا. فذهب بها إليه. فلما قرأها قال: أرغمِ اللّهُ أنفك. قال: وأنف أبي بكر وعمر. قال: فقام إليه فوَطئه حتى غُشى عليه. ثم ندم عثمان وبعث إليه طلحة والزُّبير يقولان له: اختر إحدى ثلاث: إما أن تَعْفو، هاما أن تأخذ الأرْش، وإما أن تَقْتَص. فقال: واللّه لا قبلتُ واحدة منها حتى ألقى الله. قال أبو بكر: فذكرتُ هذا الحديث للحَسن بن صالح، فقال: ما كان على عُثمان أكثرُ مما صنع
التعليق: في أمر عمار يصح قول الحسن بن صالح بن حي.. لكن في تلك المعايب وألأخطاء أين ذهبت؟
وابن عبد ربه كان في الأدنلس ولا يستطيع أن يقول كل التفاصيل في دولة الأمويين..
ومنها ما رواه البلاذري في أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 275).. ويقال إن المقداد بن عمرو وعمار بن ياسر وطلحة والزبير في عدة من أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم كتبوا كتاباً عددوا فيه أحداث عثمان وخوفوه ربه وأعلموه انهم مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب وأتاه به، فقرأ صدراً منه فقال له عثمان: أعلي تقدم من بينهم؟ فقال عمار: لأني أنصحهم لك، فقال: كذبت يابن سمية، فقال: وأنا والله ابن سمية وابن ياسر، فأمر غلماناً له فمدوا بيديه ورجليه ثم ضربه عثمان برجليه وهي في الخفين على مذاكيره فأصابه الفتق، وكان ضعيفاً فغشي عليه.
وفي أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 275) وقد قيل أيضاً إن عثمان مر بقبر جديد فسأل عنه فقيل قبر عبد الله بن مسعود، فغضب على عمار لكتمانه إياه موته إذ كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه، فعندها وطىء عماراً حتى أصابه الفتق وفي تاريخ ابن شبة: ضرب عمار بن ياسر حتى أغمي عليه وأصبح لا يستمسك بوله (تاريخ عمر بن شبة 3/1101، 1100 ، 1099) وكان الذي تولى ضربه حاشية عثمان ورأسهم مروان بن الحكم فرأى الثوار أن عثمان كان عاجزاً عن كبح جماح ومظالم الطلقاء وأبنائهم، بل في الرواية الأخيرة أن الذي تولى ضربه عثماننفسه لأنه أنكر عليه تولية بني أمية. عثمان يقول لعمار (وليتهم على رغم أنف من رغم) (تاريخ ابن شبة 3/1099)
رواية سالم بن ابي الجعد: مسند أحمد - (ج 1 / ص 452)
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ - يَعْنِى ابْنَ الْفَضْلِ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِى الْجَعْدِ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِمْ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَقَالَ إِنِّى سَائِلُكُمْ وَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ تَصْدُقُونِى نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشاً عَلَى سَائِرِ النَّاسِ وَيُؤْثِرُ بَنِى هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ! فَقَالَ عُثْمَانُ لَوْ أَنَّ بِيَدِى مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ لأَعْطَيْتُهَا بَنِى أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ؟ فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَقَالَ عُثْمَانُ أَلاَ أُحَدِّثُكُمَا عَنْهُ - يَعْنِى عَمَّاراً - أَقْبَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- آخِذاً بِيَدِى نَتَمَشَّى فِى الْبَطْحَاءِ حَتَّى أَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ يُعَذَّبُونَ فَقَالَ أَبُو عَمَّارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ الدَّهْرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « اصْبِرْ » ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآلِ يَاسِرٍ وَقَدْ فَعَلْتَ »
التعليق: هذا عثمان يفصح أنه يؤثر بني أمية بألأموال.. ولم يكن النبي (ص) يؤثر بني هاشم وإنما هناك الخمس ... وهذا موضوع منفصل..
الطبري: رواية عبد الله بن محمد عن أبيه (2): قال محمد بن عمر وحدثني عبدالله بن محمد عن أبيه قال: كان محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة بمصر يحرضان على عثمان فقدم محمد بن أبي بكر وأقام محمد بن أبي حذيفة بمصر فلما خرج المصريون خرج عبدالرحمن بن عديس البلوي في خمسمائة وأظهروا أنهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب وبعث عبدالله بن سعد رسولا سار إحدى عشرة ليلة يخبر عثمان أن ابن عديس وأصحابه قد وجهوا نحوه وأن محمد بن أبي حذيفة شيعهم إلى عجرود ثم رجع وأظهر محمد أن قال خرج القوم عمارا وقال في السر خرج القوم إلى إمامهم فإن نزع وإلا قتلوه وسار القوم المنازل لم يعدوها حتى نزلوا ذا خشب وقال عثمان قبل قدومهم حين جاءه رسول عبدالله بن سعد هؤلاء قوم من أهل مصر يريدون بزعمهم العمرة والله ما أراهم يريدونها ولكن الناس قد دخل بهم وأسرعوا إلى الفتنة وطال عليهم عمري أما والله لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم بسنة مما يرون من الدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة قال فلما نزل القوم ذا خشب جاء الخبر أن القوم يريدون قتل عثمان إن لم ينزع وأتى رسولهم إلى علي ليلا وإلى طلحة وإلى عمار بن ياسر وكتب محمد بن أبي حذيفة معهم إلى علي كتابا فجاؤوا بالكتاب إلى علي فلم يظهر على ما فيه فلما رأى عثمان ما رأى جاء عليا فدخل عليه بيته فقال: يابن عم إنه ليس لي مترك وإن قرابتي قريبة ولي حق عظيم عليك وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي وأنا أعلم أن لك عند الناس قدرا وأنهم يسمعون منك فأنا أحب أن تركب إليهم فتردهم عني فإني لا أحب أن يدخلوا علي فإن ذلك جرأة منهم علي وليسمع بذلك غيرهم فقال علي علام أردهم؟ قال على أن أصير إلى ما أشرت به علي ورأيته لي ولست أخرج من يديك فقال علي إني قد كنت كلمتك مرة بعد مرة فكل ذلك نخرج فتكلم ونقول وتقول وذلك كله فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وابن عامر ومعاوية أطعتهم وعصيتني قال عثمان فإني أعصيهم وأطيعك قال فأمر الناس فركبوا معه المهاجرون والأنصار قال وأرسل عثمان إلى عمار بن ياسر يكلمه أن يركب مع علي فأبى فأرسل عثمان إلى سعد بن أبي وقاص فكلمه أن يأتي عمارا فيكلمه أن يركب مع علي قال فخرج سعد حتى دخل على عمار، فقال يا أبا اليقظان ألا تخرج فيمن يخرج ؟وهذا علي يخرج فاخرج معه واردد هؤلاء القوم عن إمامك فإني لأحسب أنك لم تركب مركبا هو خير لك منه - قال وأرسل عثمان إلى كثير بن الصلت الكندي - وكان من أعوان عثمان- فقال انطلق في إثر سعد فاسمع ما يقول سعد لعمار وما يرد عمار على سعد ثم ائتني سريعا – قال فخرج كثير حتى يجد سعدا عند عمار مخليا به فألقم عينه جحر الباب فقام إليه عمار ولا يعرفه وفي يده قضيب فأدخل القضيب الجحر الذي ألقمه كثير عينه فأخرج كثير عينه من الجحر وولى مدبرا متقنعا فخرج عمار فعرف أثره ونادى يا قليل ابن أم قليل أعلي تطلع؟ وتستمع حديثي؟ والله لو دريت أنك هو لفقأت عينك بالقضيب فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أحل ذلك ثم رجع عمار إلى سعد، فكلمه سعد وجعل يفتله بكل وجه، فكان آخر ذلك أن قال عمار والله لا أردهم عنه أبدا ، فرجع سعد إلى عثمان فأخبره بقول عمار فاتهم عثمان سعدا أن يكون لم يناصحه فأقسم له سعد بالله لقد حرض، فقبل منه عثمان قال وركب علي عليه السلام إلى أهل مصر فردهم عنه فانصرفوا راجعين.
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 23:02 | |
| هل كان عمار يرى قتل عثمان؟؟:
في المعجم الكبير للطبراني - (1 / 47) حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ ، حَفْصُ بن عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن أَبِي جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : لَقِيَ مَسْرُوقٌ الأَشْتَرَ ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ للأَشْتَرِ : قَتَلْتُمْ عُثْمَانَ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ صَوَّامًا قَوَّامًا ، قَالَ : فَانْطَلَقَ الأَشْتَرُ فَأَخْبَرَ عَمَّارًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَأَتَى عَمَّارٌ مَسْرُوقًا ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَيُجْلَدَنَّ عَمَّارٌ ، وَلَيُسَيِّرَنَّ أَبَا ذَرٍّ ، وَلَيَحْمِيَنَّ الْحِمَى ، وَتَقُولُ : قَتَلْتُمُوهُ صَوَّامًا قَوَّامًا ، فَقَالَ لَهُ مَسْرُوقٌ : فَوَاللَّهِ مَا فَعَلْتُمْ وَاحِدًا مِنْ ثِنْتَيْنِ ، مَا عَاقَبْتُمْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ، وَمَا صَبَرْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا ألْقَمَهُ حَجَرًا ، قَالَ : وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : وَمَا وَلَدَتْ هَمْدَانِيَّةٌ مِثْلَ مَسْرُوقٍ.اهـ التعليق: لكن هذه من منكرات مجالد.. والشعبي ناصبي يمدح ناصبياً – قبل توبته- ..- والنصب هنا ذلك الخفيف- وإن صحت الرواية فهذا يدل على أن عمار يرى قتل عثمان، وأن الرواة النواصب أخفوا حجة عمار... وأن الأشتر - لو صح أنه اعترف بقتل عثمان - فإنما يتصرف بأمر عمار بن ياسر للأحاديث التي تؤكد بأنه في الفتنة على حق ولحديث ( اهتدوا بهدي عمار).. فإن كان عمار قد قتل عثمان أو شارك في قتله فهذه إدانة لعثمان أكثر منها إدانة لعمار.. لأن حديث ( اهتدوا بهدي عمار) وحديث ( إذا اختلف الناس فابن سمية مع الحق) أقوى من ذلك الحديث الموضوع ( حديث القميص) الذي وضعه أهل الجبر النواصب، مع أنه لم يصح عندي أن عماراً شارك في قتل عثمان، إنما الآمرون بقتله آخرون كطلحة وعائشة وعبد الرحمن بن عوف، وهذه الرواية تجعل عماراً ممن يرى قتل عثمان وهذا محتمل لولا ضعف مجالد.
وأما مسروق بن الأجدع فلا ياسوي عماراً ولا الأشتر.. كان من عمال معاوية على السلسلة.. وخذل الحسين... وخذل علياً من قبل.. وروي عنه التوبة من التخلف عن علي، غفر الله له. .
عمار لا يرى القود من دم عثمان:
المعجم الكبير للطبراني - (1 / 47) حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن يَحْيَى بن حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سَلَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بن عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ عَلْقَمَةَ بن وَقَّاصٍ ، قَالَ : اجْتَمَعْنَا فِي دَارِ مَخْرَمَةَ بَعْدَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نُرِيدُ الْبَيْعَةَ ، فَقَالَ أَبُو جَهْمِ بن حُذَيْفَةَ : إِنَّا مَنْ بَايَعَنَا مِنْكُمْ فَإِنَّا لا نَحُولُ دُونَ قِصَاصٍ ، فَقَالَ عَمَّارُ بن يَاسِرٍ : أَمَّا مِنْ دَمِ عُثْمَانَ فَلا ، فَقَالَ أَبُو جَهْمٍ : يَا ابْنَ سُمَيَّةَ وَاللَّهِ لَتُقَادَنَّهُ مِنْ جَلَدَاتٍ جُلِدْتَهَا ، وَلا يُقَادُ لِدَمِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَانْصَرَفُوا يَوْمَئِذٍ عَنْ غَيْرِ بَيْعَةٍ.
التعليق: أبو الجهم هذا من الطلقاء لا علم له بالفقه إنما يتكلم عصبية وجاهلية.. أما عمار بن ياسر فصحابي فقيه.. وعمار - إن صح الخبر - فيحتمل أنه يرى دم عثمان وسائر من قتل في تلك الفتنة هدر، وهذا رأي أهل بدر كما ذكر الشافعي في ( باب قتال أهل البغي من كمتابه الأم).. وهناك تفسير ضعيف وهو أن عمار بن ياسر يرى أنه صدرت من عثمان مظالم يستحق بها القتل لأن من تلك المظالم قتل نيار بن عياض الأسلمي وحماية القتلة ..الخ
وفي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 689): قال وحدثنا أبو بكر قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو محصن أخو حماد بن نمير رجل من أهل واسط ، قال : حدثنا حصين بن عبد الرحمن قال حدثني جهم رجل من بني فهر ، قال : أنا شاهد هذا الامر ، قال : جاء سعد وعمار فأرسلوا إلى عثمان إن أتينا ، فإنا نريد أن نذكر لك أشياء أحدثتها أو أشياء فعلتها ، قال : فأرسل إليهم أن انصرفوا اليوم ، فإني مشتغل وميعادكم يوم كذا وكذا حتى أشرن ، قال أبو محصن : أشرن : أستعد لخصومتكم قال : فانصرف سعد وأبي عمار أن ينصرف ، قالها أبو محصن مرتين ، قال : فتناوله رسول عثمان فضربه ، قال : فلما اجتمعوا للميعاد ومن معهم قال لهم عثمان ما تنقمون مني ؟ قالوا : ننقم عليك ضربك عمارا ، قال : قال عثمان : جاء عثمان : جاء سعد وعمار فأرسلت إليهما ، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف ، فتناوله رسول من غير أمري ، فو الله ما أمرت ولا رضيت ، فهذه يدي لعمار فيصطبر ، قال أبو محصن : يعني : يقتص ... الخ
والرواية فيها ما ينكر .. لكن قصة عثمان وعمار مما صح من غير هذا الطريق..
أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 276) حدثني روح بن عبد المؤمن المقرىء وأحمد بن إبراهيم الدورقي قالا: حدثنا بهز بن أسد حدثنا حُصين بن نمير عن جهيم الفهري قال: أنا حاضر أمر عثمان، قال: فجاء سعد وعمار ومعهما إلى باب عثمان فأرسلوا إلى عثمان: إنا نريد أن نذاكرك أشياء أحدثتها فأرسل إليهم: إني مشغول عنكم اليوم فانصرفوا يومكم وعودوا يوم كذا فانصرف سعد ولم ينصرف عمار، وأعاد الرسول إلى عثمان، فرد عليه مثل القول الأول، فأبى أن ينصرف فتناوله رسول عثمان، فلما اجتمعوا للميعاد قال لهم عثمان: ما تنقمون عليّ؟ قالوا: أول ذلك ضربك عماراً، فقال: تناوله رسولي بغير رضائي وأمري، وذكر كلاماً بعد ذلك اهـ.
أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 275) حدثنا عباس بن هشام بن محمد عن أبي مخنف في إسناده قال: كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله، فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكلام شديد حتى أغضبوه، فخطب فقال: لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أنوف أقوام، فقال له علي: إذاً تمنع من ذلك ويحال بينك وبينه، وقال عمار بن ياسر: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك، فقال عثمان: أعلي يا بن المتكاء تجترئ؟ خذوه، فأخذ ودخل عثمان فدعا به فضربه حتى غشي عليه ثم أخرج فحمل حتى أتي به منزل أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصل الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق توضأ وصلىّ وقال: الحمد لله ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في الله؛ وقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي وكان عمار حليفاً لبني مخزوم فقال: يا عثمان أما عليّ فاتقيته وبني أبيه، وأما نحن فاجترأت علينا وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلاً من بني أمية عظيم السرة، فقال عثمان: وإنك لها هنا يا بن القسرية، قال فأنهما قسريتان، وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة، فشتمه عثمان وأمر به فأخرج، فأتى أم سلمة وإذا هي غضبت لعمار، وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت وأخرجت شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثوباً من ثيابه ونعلاً من نعاله ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم وهذا شعره وثوبه ونعله ولم يبل بعد، فغضب عثمان غضباً شديداً حتى ما درى ما يقول، فالتج المسجد وقال الناس سبحان الله سبحان الله؛ وكان عمرو بن العاص واجداً على عثمان لعزله إياه عن مصر وتوليته إياها عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فجعل يكثر التعجب والتسبيح، وبلغ عثمان مصير هشام بن الوليد ومن مشى معه من بني مخزوم إلى أم سلمة وغضبها لعمار فأرسل إليها: ما هذا الجمع؟ فأرسلت إليه: دع ذا عنك يا عثمان ولا تحمل الناس في أمرك على ما يكرهون. واستقبح الناس فعله بعمار، وشاع فيهم، فاشتد إنكارهم له.اهـ
التعليق: أترون الآن لماذا يضعفون أبا مخنف لوط بن يحيى رحمه الله؟ لأنه يجعل الجميع يفهمون التاريخ!
انظروا كيف روى لكم القصة جميعاً في مكان واحد.. فأصبحت تاريخاً مفهوماً.. بعد أن قطعها أهل الحديث والتاريخ عشرين مقطعاً..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 23:06 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (14) موقف حذيفة بن اليمان
حذيفة وعثمان:
حذيفة هو صاحب سر رسول الله (ص).. ومن خواص أصحابه.. وكان حذيفة من معارضي عثمان، وكان يسر آراءه الحادة في عثمان، ويرى أنه يشتري دينه ببعضه حتى لا يذهب كله! – حماية له من عثمان- ومن دلائل معارضته السرية الشديدة أنه كان ينتهر جواسيس عثمان، ويرى أن من يرفع الحديث لعثمان فهو قتات لا يدخل الجنة، ولو كان عثمان عند حذيفة عادلاً عنده لما خشي رفع كلامه إلى عثمان، وإنما لأنه يعرف أن هذا الكلام المرفوع لعثمان غالباً يكون سبباً في مظالم كبيرة تقع على الناس، من قتل أو حبس أو نفي أو تسيير أو حرمان العطاء .. وكل هذا حصل لمعارضي عثمان، وإذا رأى أن ناقل الحديث لعثمان ممن لا يستحقون الجنة، فكيف بعثمان نفسه؟! هذا رأي شديد من حذيفة.. وكان لا يرى الصلاة خلف ولاة عثمان على الأقل، ويصلي سراً خائفاً على دينه وكأنه في بداية العهد المكي، وهذا ذم شديد لعهد عثمان، وكان يحدث من أخبار الفتن بأن الدجال يتبعه كل من يحب عثمان، وأنهم يؤمنون بالدجال في قبورهم، ويقصد النواصب، وقد حرف الحديث شبابة بن سوار لنصبه فجعله في حق من رضي بقتل عثمان، أعني إيمانهم بالدجال في قبورهم، وبعضهم طعن في راويه عن حذيفة ( وهو زيد بن وهب) لكن زيد بن وهب ثقة ومن رجال الصحيح ودافع عنه الذهبي، ولم يضعف الحديث.. كما أن العثمانية رووا ما يفيد أن حذيفة كان راضياً عن عثمان، ومستنكراً على الثوار ومبشراً لهم بالنار ..الخ والأصح هو ما ذكرناه من نقده له، وقد يكون قال بعض ما يوهم الرضا عن عثمان خشية أن يذهب دينه كله! كما صرح حذيفة نفسه.. وقد روي عن حذيفة أنه يرى كفر عثمان حتى بعد مقتله، ولكنهم تكتموا على حديثه هذا حتى وجدته في بعض المصادر القديمة الغريبة على أكثر طلبة العلم ككتاب المعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان كما سيأتي.
تفصيل الروايات:
الرواية الأولى: صحيح البخاري - (ج 5 / ص 2250) عيون عثمان في النار! حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام قال: كنا مع حذيفة فقيل له إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان فقال حذيفة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يدخل الجنة قتات ) ! اهـ التعليق: قلت: هذا الذم الشديد من حذيفة لهذه النميمة لعثمان دليل على أنه يرى أن عثمان بن عفان من سلاطين الجور عنده وليس من سلاطين العدل، وهذا على الأقل بسبب استيلاء الحاشية عليه، وتصرفها مستقلة، وقطعها الأمور دونه، وتسببها في عدة مظالم من قتل ونفي وتسيير وحرمان للعطاء ..الخ، فهذا واقع ومحل إجماع، وهو ظلم بلا شك.. وإلا فما ذنب مثل علقمة بن قيس وزيد بن صوحان وكعب بن عبدة وأبي ذر وعبادة بن الصامت وجندب الخير ..الخ وغيرهم ممن سيرهم عثمان من بلد إلى بلد لأنهم صلحاء مصرهم وممن أنكر على عثمان وولاته تلك الأمور. إذن فهذا أصح رواية في علاقة حذيفة وعثمان، ولها قرائن وشواهد كثيرة، كما أن لها روايات تخالفها، لكن لو أسقطنها الشواهد وأمثالها في الصحة مما يضاد هذه الرواية، لبقيت أصح رواية في تحديد رؤية وموقف حذيفة من عثمان هي هذه الرواية. إذن فلا يأت أحد ليقول ولكن جاء عن حذيفة أنه أثنى على عثمان في كذا وكذا رواية، وحكم على قتلته بالنار.. لأنه سيقال له وقد جاء عن حذيفة أنه ذم عثمان وكفره وحكم عليه بالنار.. فلنسقط المتدافع الضعيف وليبقى الصحيح المفيد، بل إن ترجيح الرواية الذامة المندرجة تحت هذه الرواية الصحيحة أولى من مصادمتها بالضعيف والمنكر من الروايات. وأساس انحراف المتعصبين هو تقديمهم الضعيف على الصحيح، فهذا الخلاف إن نشأ لا ينتهي أبداً، وإنما قد يخف مع العلم ويزداد مع الجهل والتسييس. وهذه الرواية الصحيحة ليست الوحيدة التي تؤكد على موقف حذيفة في معارضة عثمان وولاته، بل والمبالغة في ذلك وإنما هناك روايات أخرى في الصحيحين وغيرهما تسير في هذا الاتجاه، وستأتي
الرواية الثانية: صحيح البخارى - (ج 11 / ص 134) ( حذيفة وترك الصلاة خلف ولاة عثمان)!
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اكْتُبُوا لِى مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ » . فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ ، فَقُلْنَا نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى وَحْدَهُ وَهْوَ خَائِفٌ اهـ التعليق: هذه الرواية تؤكد ما سبق من معارضة حذيفة لعثمان وربما تزعمه للمعارضة العراقية مع ابن مسعود، ونحن نرى بوضوح أن هذه الرواية تعكس التغير الكبير الذي حصل في عهد عثمان، لدرجة أن وصل هذا التغيير وصل إلى الصلاة من تأخير عن وقتها مثلاً ( كما في قصة الوليد بن عقبة)، وكذلك التغيير في صفة الصلاة وهيئتها، ويدل على هذا الأخير حديث مطرف بن الشخير وغيره عن عمران بن حصين في الصحيح ( لقد ذكرنا هذا الرجل – يعني علياً- صلاة كنا نصليها مع رسول الله (ص)- وغير ذلك.. فهذا يدل على أن الصلاة في عهد عثمان ( في الولايات الإسلامية) كانت قد تغيرت عن صفتها وهيأتها في عهد النبي (ص)، والتغير ليس صغيراً، فقد ذكر عمران بن حصين نفسه بعض تلك الفروق بين صلاة النبي (ص) التي صلاها علي بن أبي طالب بعد فتح البصرة، وتلك الصلاة التي كان عليها أمراء عثمان، ومنها ( أنه كان يكبر كما رفع ووضع) ولا أدري أي صلاة تبقى وقد ذهب منها التكبير؟! فهذا تغير كبير وليس هيناً كما يظن البعض، وإذا وصل التغير إلى الصلاة فهو في ما سواها أوصل وأبلغ ( في السياسة والأموال والعدالة والحقوق ..الخ).
والحديث في الصحيحين كما جامع الأصول من أحاديث الرسول - (ج 10 / ص 7570)
(خ م ) حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - : قال : كنا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : « احصوا لي كم يَلْفِظُ الإسلامَ ؟ فقلنا : يا رسولَ الله أتخافُ علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة ؟ قال : إنكم لا تدرون ، لعلكم أن تُبْتَلوْا ، فَابتُلينا ، حتى جعل الرجل منَّا لا يُصَلِّي إلا سِرا ».أخرجه البخاري ومسلم.
وللبخاري أنه قال : « اكتبوا لي من يلفظ بالإسلام من الناس ، فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل ، فقلنا : أتخاف ونحن ألف وخمسمائة ، فقد رأيتُنا ابتلينا ، حتى إن الرجلَ ليصلي وحده وهو خائف » اهـ.
ومن الروايات التي تسير في هذا الاتجاه ( معارضة حذيفة لعثمان) وتكشف عن جانب من جوانب معارضته السرية ( تلك المعارضة السرية التي كانت جواسيس عثمان ترفع له وقائعها، وهو ما كاشف به عثمان حذيفة كما سيأتي
الرواية الثالثة: تهذيب الكمال للمزي - (ج 5 / ص 508) وفيها المعارضة السرية لحذيفة.
وقال الاعمش ، عن عبدالملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة : كنا مع حذيفة في البيت، فقال له عثمان: يا أبا عبدالله ما هذا الذي يبلغني عنك ؟ قال: ما قلته، فقال عثمان: أنت أصدقهم وأبرهم، فلما خرج قلت: يا أبا عبدالله ألم تقل ما قلته ؟ قال: بلي، ولكني أشتري ديني ببعضه مخافة أن يذهب كله اهـ!
التعليق:
هذا كلام خائف من ظالم وليس كلام ناصح لعادل، لا يفعل هذا أحد من الصالحين إلا إذا خشوا قتلاً أو سجناً، لا غضباً أو عتاباً، وهذه إدانة من حذيفة لعثمان، وكأنه من كبار سلاطين الجور، وله شاهد ذكره المزي.. سنتركه ونذكر الإسناد كاملاً من مصدر أقدم:
والإسناد كاملاً في تاريخ دمشق - (ج 12 / ص 294)
من طريق أبي نعيم ( وهو صاحب الحلية): أنبأنا احمد بن إسحاق نبأنا إبراهيم بن متوية نبأنا عبيد الله بن اسباط نبأنا أبي عن الاعمش عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة قال: كنا مع حذيفة في البيت فقال له عثمان يا أبا عبد الله ما هذا الذي يبلغني عنك؟ قال ما قلته! فقال عثمان أنت أصدقهم وأبرهم فلما خرج قلت يا أبا عبد الله الم تقل ما قلته؟ قال بلى ولكني اشتري ديني ببعضه مخافة أن يذهب كله اهـ
تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1249) 0وفيها ما يفيد أن حذيفة يؤيد منهج عمار في الثورة..
حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سعيد بن أويس ، عن بلال ابن يحيى (العبسي) قال: بلغني أنه لما قتل عثمان رضي الله عنه أتي حذيفة وهو بالموت فقالوا له: يا أبا عبد الله، ما تأمرنا، فإن هذا الرجل قد قتل ؟ قال فقال: أما إذا أبيتم فأجلسوني، وأسند إلى صدر رجل، فقال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبو اليقظان على الفطرة ولا يدعها حتى يموت أو ينسيه الهرم –
( قال ابن شبة) :
وقد روي هذا في عمار رضي الله عنه بغير هذا الاسناد أيضا، فإن كان ما رووي عن عمار رحمة الله عليه من قتله عثمان رضي الله عنه وإصراره على أنه كان كافرا حقا فهو من قبل الهرم الذي استثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ
وهو في مصدر أقدم ألا وهو الطبقات الكبرى لابن سعد - (ج 3 / ص 262)
قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى والفضل بن دكين قالا: أخبرنا سعيد بن أوس العبسي عن بلال بن يحيى العبسي قال: لما حضر حذيفة الموت، وإنما عاش بعد قتل عثمان أربعين ليلة، فقيل هل يا أبا عبد الله إن هذا الرجل قد قتل، يعني عثمان، فما ترى؟ قال: أما إذ أبيتم فأجلسوني، فأسندوه إلى صدر رجل ثم قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول أبو اليقظان على الفطرة، أبو اليقظان على الفطرة لن يدعها حتى يموت أو ينسيه الهرم .
قلت: هذه الزيادة ليست في كلام النبي (ص) ولا كلام حذيفة.. إنما اضافوها للحديث... وتفصيل هذا يحتاج إلى وقت..
أمالي المحاملي - (ج 1 / ص 334) [ رأيه في ولاة عثمان]!
حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا مسلم بن قتيبة أبو قتيبة قال : حدثنا شعبة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة قال :
« لم يبق من الذين قال الله : ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) إلا رجلين أو ثلاثة »! اهـ التعليق: وحذيفة كأنه يلمح إلى بني أمية في عصره، - بناء على مواقفه من الوليد بن عقبة وحاشية عثمان وولاته - وأن الناس اتخذوهم أولياء مع أنهم أعداء الله، وسيكون المراد عثمان بطريق الأولى، فهو الذي مكنهم من الولايات.
زيد بن وهب عنه أيضاً: وحديث : ( يتبع الدجال من يحب عثمان):
رواه حذيفة، ولا يقال بالرأي، وانشغل أهل الحديث مرة بتضعيف زيد بن وهب، ومرة بالسكوت عن اسم عثمان وحذفه، وثالثة بتحريفه إلى ( من أحب قتل عثمان ..) وقد رواه على الصواب يعقوب بن سفيان واستنكره، وكذا رواه الذهبي ودافع عن روايه عن حذيفة، وحرفه شبابة بن سوار للضد.
الحديث في تاريخ دمشق - (ج 39 / ص 447)
قالا أنا أبو القاسم بن بشران أنا أبو علي بن الصواف نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة نا أبي نا يحيى بن آدم عن أبي إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان زيد بن وهب عن حذيفة قال:
أول الفتن الدار وآخرها الدجال!! ( قلت: هو أصل الحديث فبتروه)
قال ونا أبي نا يحيى بن آدم عن عمار بن رزيق عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال:
يوم الدار أول الفتن وآخرها الدجال!!
أخبرنا أبو القاسم العلوي أنا رشأ بن نظيف أنا الحسن بن إسماعيل أنا أحمد بن مروان نا زيد بن إسماعيل نا شبابة بن سوار نا حفص بن مورق الباهلي عن حجاج بن أبي عثمان الصواف عن زيد بن وهب عن حذيفة قال:
أول الفتن قتل عثمان بن عفان وآخر الفتن خروج الدجال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تبع الدجال إن أدركه وإن لم يدركه آمن به في قبره اهـ
( قلت: وهذا أكملوه وحرفوه)..
الحديث في المجالسة وجواهر العلم - (ج 1 / ص 68)
حدثنا زيد بن إسماعيل نا شَبَابة بن سَوَّار نا حفص بن مُورّق الباهلي عن حجاج بن أبي عثمان الصوَّاف عن زيد بن وهب عن حذيفة قال:
أول الفتن قتل عثمان بن عفان رحمة الله عليه وآخر الفتن خروج الدجّال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان إلا تَبعَ الدجَّال إن أدركه وإن لم يدركه آمن به في قبره اهـ
قلت: زاد فيه (قتل)..!
اصل الحديث في المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 364)
حدثنا ابن نمير حدثنا محمد بن الصلت حدثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة قال: من كان يحب (... ) وخرج الدجال تبعه، فأن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره.
قال أبو يوسف: ومما يستدل على كذب هذا الحديث الرواية الصحيحة عن حذيفة إنه قيل له في عثمان: إن قتل فأين هو ؟ قال: في الجنة. وقوله: ما مشى قول إلى سلطان ليذلوه إلا أذلهم الله حينما قيل له ساروا إلى عثمان ... الخ اهـ
وقد نسي المحققون فلم يحذفوا (عثمان) من موضع آخر في كتاب الفسوي، وهو :
في المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 365)
وهذا مما يستدل على ضعف حديث زيد كيف يقول في الحديث الأول: إن أخرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان، وإن كان قد مات آمن به في قبره، ثم جعل قتله أول الفتن؟
قلت: لا تناقض بين الأمرين، فقد ثبت عن حذيفة وغيره أن قتل عثمان أول الفتن، فما المنكر في ذلك؟ بل أصبح قولهم (فتنة عثمان) عنواناً إسلامياً عاماً..أما الشطر الثاني من اتباع العثمانية الدجال، فالمقصود بهم من يغلون في حب عثمان ( النواصب) وحذيفة رأس العلم بالملاحم والفتن، وفي الواقع أن العثمانية ( النواصب) اليوم قد خرجوا وراء كل دجال قبل خروج الدجال! بل يستسيغون كل دجل إلا إذا أتاهم حق يختص بأهل البيت فتراهم يستمدون من هؤلاء وهؤلاء..!
دفاع الذهبي عن زيد بن وهب وذكره الحديث:
ميزان الاعتدال - (ج 2 / ص 107)
زيد بن وهب [ ع ] من أجلة التابعين وثقاتهم، ومتفق على الاحتجاج به إلا ما كان من يعقوب الفسوى فإنه قال - في تاريخه: في حديثه خلل كثير، ولم يصب الفسوى. ثم إنه ساق من روايته قول عمر: يا حذيفة، بالله أنا من المنافقين ؟ قال ( يعني الفسوي): وهذا محال، أخاف أن يكون كذبا. قال: ومما يستدل به على ضعف حديثه روايته عن حذيفة: إن خرج الدجال تبعه من كان يحب عثمان.
ومن خلل روايته قوله: حدثنا - والله - أبو ذر بالربذة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستقبلنا أحد [ الحديث ] . فهذا الذى استنكره الفسوى من حديثه ما سبق إليه، ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثير من السنن الثابتة بالوهم الفاسد، ولا نفتح علينا في زيد بن وهب خاصة باب الاعتزال، فردوا حديثه الثابت عن ابن مسعود، حديث الصادق المصدوق وزيد سيد جليل القدر، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض وزيد في الطريق، وروى عن عمر وعثمان وعلي والسابقين، وحديث عنه خلق. ووثقه ان معين وغيره حتى أن الأعمش قال: إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعته من الذى حدثك عنه، قلت: مات قبل سنة تسعين أو بعدها اهـ.
زيادات:
ففي المعرفة والتاريخ - (ج 1 / ص 363): حدثني ابن نمير حدثنا أبي ثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن الوليد بن صخر الفزاري عن جزى بن بكير العبسي قال: لما قتل عثمان، أتينا حذيفة فدخلنا صفة له قال: والله ما أدري ما بال عثمان، والله ما أدري ما حال من قتل عثمان إن هو إلا كافر قتل الآخر، أو مؤمن خاض إليه الفتنة حتى قتله فهو أكمل الناس إيماناً / حدثني محفوظ بن أبي توبة حدثني أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن صخر بن الوليد عن جزي بن بكير قال: لما قتل عثمان، فزعنا إلى حذيفة في صفة له فقال: والله ما أدري كافراً أو مؤمناً خاض الفتنة إلى كافر يقتله اهـ. .
المصاحف لابن أبي داود - (ج 1 / ص 65)
حدثنا عبد الله قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا الحسين بن حفص ، حدثنا أبو مسلم ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري قال : قال حذيفة : « أرأيتم لو حدثتكم أن أمكم تخرج في فئة تقاتلكم أكنتم مصدقي ؟ قال : قلنا : سبحان الله يا أبا عبد الله ، ولم تفعل ؟ قال أرأيتم لو قلت لكم تأخذون مصاحفكم فتحرقونها وتلقونها في الحشوش أكنتم مصدقي ؟ قالوا : سبحان الله ، ولم تفعل ؟ قال : أرأيتم لو حدثتكم أنكم تكسرون قبلتكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : سبحان الله ، ولم تفعل ؟ قال : أرأيتم لو قلت لكم : إنه يكون منكم قردة وخنازير أكنتم مصدقي ؟ فقال رجل : يكون فينا قردة وخنازير ؟ قال : وما يؤمنك ؟ لا أم لك » اهـ
قلت: مع أنه الذي اقترح على عثمان الجمع على قراءة واحدة على المشهور، إلا أنه هنا ينكر تحريق المصاحف الأصلية.. وهذا مشكل، إلا أن يكون ظن أن إساءة التطبيق من حرق المصاحف الأصلية لن يحدث في عهد عثمان... بل لعله بإشارته ظن أنه يسهم في دفع هذا. وأما كسر القبلة فلها علاقة بأحد أمرين، إما هدم الكعبة، وإما تغيير القبلة في عهد بني أمية، وقد يريد الأمرين معاً.
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 23:08 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (15) أخطاء عثمان
أخطاء عثمان بن عفان:
رضي الله عن عثمان وسامحه وغفر له، فقد فتق هذه الأمة إلى قسمين متحادين، قسم لا يرضى إلا بالغلو فيه، وقسم لا يضرى إلا بالغلو في ذمه، وبقيت بقايا من الناس تحاول الإنصاف، وتفصل مقتل عثمان عن أخطائه، فتنكر مقتله، إلا أنها لا تقر أخطاءه وسياساته التي أدت إلى الفتنة الكبرى... وحقيقة أن كل مسلم يتحرج من سرد أخطاء عثمان، فضلاً عن تفصيلها، ومثلما نخشى أن نذكر من أخطائه ما لا يصحن فإننا نخشى أن نكتم من تلك الأخطاء ما قد صح ، فالخشية في كتم المعلومة كالخشية من الكذب فيها .. لأن المعلومة الصحيحة الكاملة هي التي فيها براءة الذمة، وعليها يتم بناء الوعي التاريخي، الذي ينبني عليه الموقفمن كثير من الأحاديث والعقائد والأحكام والسلوك السياسي للدول قديماً وحديثاً.... وحتى لا أطيل ، فلعل أكثر ما سأكتبه هنا، قد سبق في الروايات، إلا أنه سبق مشتتاً فأريد جمعه هنا ليعرف القاريء الكريم أن ثورة الصحابة على عثمان (رضي الله عن الجميع) لم تكن بسبب أسطورة ابن سبأ، ولا الغوغاء، ولا اعراب، وإنما هناك اسباب إدارية وحقوقية وشرعية أدت إلى حدوث هذه الثورة. وربما لو لم تحدث هذه الثورة لكانت الشعوب العربية أكثر استعباداً مما هي عليه الآن.. وربما لولا ثورة الصحابة في عهد عثمان، وثورة الحسين في عهد يزيد لضاع الدين تماماً.. لأن التغيير في عهد عثمان كان كبيراً جداً لدرجة أنهم نسوا صفة الصلاة كما روى البخاري في صحيحه من حديث عمران بن حصين، وكذا من حديث أبي موسى الأشعري، فالرجلان ( عمران بن حصين وابو موسى الألشعري) قالا: لقد ذكرنا علي بن أبي طالب صلاة كنا نصليها مع رسول الله (ص). والاثنان عمران بن حصين وابو موسى الأشعري ليسا من شيعة علي، فالأول اعتزل يوم الجمل، والثاني خذّل أهل الكوفة عن علي لولا أن عمار بن ياسر هدده بكشف دوره في محاولةاغتيال النبي (ص) يوم عقبة تبوك.. في قصة مطولة.. وأخطاء عثمان هنا، نعم من المؤلم استعراضها، ولكن المسلسلات التاريخية قد تمادت كثيراً في خديعة الناس والكذب على المشاهدين،وتظهر في كل مرة صفحة عثمان بيضاء تماماً بينما الصحابة والتابعون كأنهم مقودون لرجل يهدوي اسمه عبد الله بن سباً، فالإساءة لثمانمائة من المهاجرين والأنصار بالباطل أسوأ بكثير من الإساءة إلى عثمان بالحق، إذا تجوزنا بأن ذكر الحقائق فيه إساءة لأحد ..
وقد تعجبت بل اصابني الذهول من ثلاثة أمور:
الأول: الإجماع في الحديث والتاريخ على أخطاء عثمان تبعاً لإجماع الصحابة على ذلك.. الثاني: وإجماع الصحابة على نقد عثمان أكثر واصح وأوثق من إجماعهم على قتال مانعي الزكاة وقتال أهل البغي والخوارج وعلى أحقية قريش بالخلافة.. إذ أن الطالبين بدمه كطلحة وعائشة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص كانوا من المعترفين بأن عثمان خرج على سنة الشيخين أبي بكر وعمر، بل كان طلحة وعائشة خاصة قواد الثورة عليه ثم قواد الثورة له، هذا تناقض سببه تأنيب الضمير في أحسن الأحوال، أو الطمع في العلو عند سوء الظن. على أن سنة الشيخين لم تكن معصومة ولم تكن سيرة نبوية وإنما الأمور بنسبتها. وكذلك يرى المقربون له المدافعون عنه – وهم قليل- كابن عمر وابن الزبير..
وأما أكثر الصحابة وكبارهم من غير هؤلاء فكل الروايات عنهم تقرر أنالثوار ومنهم كبار الصحابة يومئذ- يرون أن عثمان بن عفان أخذ في تثبيت الملك العضوض وتمكين أهل الريب والفسق من الإمساك بتلابيب الدولة إدارة واقتصاداً.. فهذا هو الإجماع الحقيقي وليس ذلك الإجماع المدّعى من العقائديين والتجار الذين غرتهم الأماني والاعتذارات وزهرة الدنيا، وفوتوا على أنفسهم خيراً كثيراً في دراسة هذا التاريخ.
فالتاريخ مفتاح العقل، كما أن السلطة مفتاح التاريخ، كما أن السلطة المبكرة هي مفتاح لفهم كل سلطة لاحقة، فهؤلاء الوعاظ والتجار من أتباع الخيالات يضرون الثقافة الإسلامية، فيخرجون أتباعهم من المسلمين بلهاً حمقى، لا يتصورون صدور ظلم من ظالم ولو في ظلم معاوية ويزيد، ولا يحسنون معرفة عدل من عادل ولو كان في عدل الإمام علي، تصوروا أن غلاة السلفية والنواصب لا يرون عدل علي ولا ظلم يزيد! وليس بعد هذا الحرمان من حرمان، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. . وإجماع المتمذهبين على الإجماع ضد هذا الإجماع بالاعتذارات الباردة عن عثمان رحمه الله، كتضعيفهم كل التاريخ، وزعمهم الاعتماد على الحديث فقط! ثم نكتشف أنه في كتب الحديث وبمنهج أهل الحديث تثبت كل هذه الأخطاء تقريباً، والأخطاء كبيرة جداً لدرجة أننا يمكن أن نقول ( إنه انقلاب شامل) في السياسة والإدارة والاقتصاد، ولأول مرة يشعر المسلمون أن الخليفة إذا أراد شيئاً لا يرده شيء..
صحيح أن هناك مخالفات في عهد من سبقه ( أبي بكر وعمر)،فليسا معصومين، وكذلك الإمام عليلا لا أرى عصمته التييراها الأخوة الشيعة، إلا أن هناك فرقاً كبيراً بين عثمان وبين زملائه من الخلفاء الثلاثة، ولم أكن أقدر كلمة سيد قطب والمودودي وغيرهم الذين قاتلوا إن خلافة عمثان ( كانت فجوة) في الخلافة الراشدة..
نعم لغيره أخطاء، لكن كانت نسبياً أقل بكثير،ولذلك يقول المسور بن مخرمة ( قتلته سيرة ابي بكر وعمر).. فعثمان عزل كل الناس إلا قرابته من غلمان قريش ( وهم ألغيلمة السفهاء المحذر منهم في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة)، وعارضته المجموعات الدينية وأبرزها المهاجرون والأنصار وكذا المجموعات القبلية كلها حتى قريش، ولذلك نجد بني تيم وبني مخزوم وبني زهرة وبني هاشم كلهم ضده فضلاً عن الأنصار وسائر العرب. وكذا المجموعات البلدانية باستثناء الشام..
وقد تم تقسيم الأخطاء إلى أخطاء دينية أخطاء حقوقية أخطاء إدارية اخطاء مالية..الخ.
الأخطاء الدينية ( وفيها الحقوق البشرية): 1- ترك العمل بالكتاب والسنة: (هكذا قالوا وهذا رأوه مخالفاً لشرط البيعة)..
2- ترك العمل بسنة الشيخين: وهذا رأوه أيضاً ناقضاً لبيعته.. ومنهم ابن عوف
3- تعطيل الحدود: في عبيد الله بن عمر، ومروان ، وابن أبي السرح، والوليد بن عقبة، وناتل مولى عثمان، وسليم بن شاس ، وسجان الوليد ( قتله الوليد)، ونيار بن عياض الأسلمي، قتل وهو يناشد عثمان)، التلكــؤ في جلد الوليد بن عقبة.
4- فضلاً عن القصور أو التوقف شبه الكلي عن محاسبة الحاشية والولاة على ما يفعلونه بأبشار المسلمين وأموالهم والرشاوى والإسراف من بيت المال ( وهذا عندهم شبيه تعطيل الحدود)، بل يتعداه إلى شيوع الظلم وفروعه.
5- الإتمام بمنى.. ودلالة ذلك من التقرب إلى قريش الطلقاء.
6- زخرفة المساجد – مأخذ ضعيف-
7- الأذان الثالث – مأخذ ضعيف-
8- تقديم صلاة الظهر على صلاة العيد- مأخذ ضعيف
9- رجم امرأة بريئة نتيجة خطأ في الفتوى- وهذا خطأ عظيم، لحديث قتلوه قتلهم الله.
10- زواجه من نصرانية ( بنت الفرافصة) - ضعيف
11- إحراق مصحف ابن مسعود ( مشهور) – محل اجتهاد
12- إحراق مصحف أبي بن كعب ( غريب)! – محل اجتهاد
13- همه بحذف الواو في ( والذين يكنزون الذهب والفضة) حتى هدد أبي بن كعب بالخروج ( وقيل هذه في عهد عمر)، وهذا بإشارة من الحاشية، كانوا يدركون المعنى.
14- خروجه على سنة النبي (ص) في الصدقات ( في صحيح البخاري) من حديث علي.
15- تغيير بعض أحكام الدين في الأذان وصفة الصلاة ( في صحيح البخاري = حديث عمران بن حصين)
16- النهي عن متعة الحج ( في الصحيحين)
بين الحدود والحقوق:
17- ضرب عمار حتى غشي عليه ورفسه مع غلمانه، لأمره له بالمعروف ( كان رأس خمسين من المهاجرين والأنصار كتبوا له كتاباً في أحداثه).
18- إعادة الحكم بن أبي العاص ( وقد نفاه رسول الله)
19- نفي ابن مسعود إلى المدينة وضربه ومنعه العطاء أربع سنين حتى مات.
20- نفي أبي ذر إلى الربذة : بسبب إنكاره كنز الأموال
21- إرجاع عبادة بن الصامت إلى المدينة بعد إنكاره بيع معاوية للخمر
22- نفي وتسيير الناصحين والصالحين من الكوفة والبصرة إلى الشام
23- نفي وجلد كعب بن عبدة النهدي ( أمر الوليد بذلك، فجرده وجلده وهم بنفيه لولا تراجع عثمان تحت ضغط الصحابة)
24- انتهك حرمة الأشتر وتم ضربه حتى وقع لجنبه بسبب إنكاره على سعيد بن العاص ( بستان قريش) ثم كان من المنفيين والمسيرين مع عشرين من أصحابه منهم زيد بن صوحان وعلقمة بن قيس وكميل بن زياد وهم صلحاء أهل الكوفة.
25- ترك معاقبة الولاة والحاشية في تعدياتهم ومظالمهم وضربهم باسم الخلافة.
26- اتهامه عبد الرحمن بن عوف بالنفاق
27- اتهامه ابن مسعود بالنفاق ( كيف يفتي منافق)؟! = الطبراني، ويظهر أن الاتهام عام في كل مخالف للسلطة، صحابة كانوا أو غيرهم ، وهذا اكتشاف خطير جداً.
28- اتهامه علياً بأنه ضال مضل ( في رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد)
29- حمي الحمى ( والمراعي حول المدينة إلا عن إبل ومواشي بني أمية) وأصله قول عائشة ( وموقع الغمامة) = انظر التفصيل في كتب غريب الحديث.
30- حمي البحر : لا تخرج فيه سفينة إلا في تجارته ( أو تجارة الحاشية وبني أمية).
31- حمى سوق المدينة : لا يباع فيه النوى حتى يكتمل علف دواب عثمان وحاشيته ثم يشترى منهم النوى ( يعني أن عثمان وحاشيته لهم الحق الحصري في اشتراء النوى) فيشتري الناس مما فضل منه..
32- الغدر والكذب والخداع ( كما في قصة وفد أهل مصر، وتنكره لشرط البيعة = سيرة الشيخين، أو سنة عمر، ومجرد الوعد مع علمه بأنه لا يستطيع الوفاء بذلك، وتصريحه بأن اجتهاده في قرابته يخالف اجتهادهم دليل على علمه ونيته السابقة بنكث بشرط البيعة و إضماره الغدر بالأمة)
33- نظرياته في السلطان المطلق والإرجاء والقميص والتعبد بإعطاء قرابته وتفضيلهم وإعطاؤهم الخمس وفدك والغنائم والدور والضياع والحمى والصفايا ..الخ.
34- الأحاديث التي رووها في ذمه ( اضل من عبية، وجيفة على الصراط، و..).
35- شهادة التغير الكبير حتى من الموالين لعثمان كأبي الدرداء وعمران بن حصين.
36- اضطهاد أهل الذمة وتحول الفتوح إلى توسع واستعمار وتسليم الصلاحيات كاملة إلى الولاة ( الصلاة والحرب وبيت المال) = احلب الضرع فإن انقطع فاحلب الدم..
الأخطاء الإدارية:
1- الاحتجاب عن الرعية :... حجبته الحاشية.. في الجملة.
2- الانقياد للقرابة المريبة: وهذا شرح في دور مروان..
3- آل الحكم يديرون المدينة ويعزلون عثمان عن الصحابة : وأبرزهم مروان بن الحكم، ( وعلى رأسه جرت فتنة الدار)، فعندما رد الحكم بن أبي العاص مع أهل بيته، كان بعدها مباشرة تقريب آل الحكم وتوليتهم الإدارة في المدينة النبوية ( وهذا خطأ إداري واستفزاز لمجتمع المدينة، فإن آل الحكم أصبحوا سادة الدينة واستضعفوا كبار الصحابة، فجلدوا من جلدوا ونفوا من نفوا، وتحكموا في الأمر).
4- الطلقاء يديرون الأمصار: تولية الأقارب غير المؤهلين من حيث العدالة: ( معاوية، ابن عامر، ابن العاص، الوليد بن عقبة، ابن أبي السرح، مروان، وأخوه الحارث، ابن أبي ربيعة، يعلى بن أمية، وإطلاق أيديهم في النفوس والأموال والإفساد، والتمنع الشديد في محاسبتهم على تجاوزاتهم)
5- الصالحون خارج الإدارة : عزل الصالحين عن بيوت المال والولايات.. ( ابن مسعود، حذيفة، عبد الله بن أرقم، معيقيب، سعد بن أبي وقاص، عمار بن ياسر،..)
6- عزل أبي موسى الأشعري عن البصرة وتولية عبد الله بن عامر...
7- عزل عمرو بن العاص عن مصر وتولية ابن أبي السرح...
8- عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة وتولية الوليد بن عقبة
9- عزل عمير بن سعد – الرجل الصالح- عن حمص وضمها إلى معاوية. ومع أن المعزولين ليسوا أؤلئك العادلين إلا أن البدلاء جمعوا بين الظلم والقرابة والإضرار بالناس..
الأخطاء المالية:
10- ضم بيت المال للولاة: فهذا أدى لاتحاد كمنولث إسلامي خارج سيطرة عثمان والمسلمين.. لأن الولاة من القرابة وتنسيقهم مع معاوية قائم..
11- قال ابن عمر : ( إنما هو المال، إن أعطاكموه رضيتم وإن أعطاه قرابته سخطتم..)
12- وقال عثمان : ( لو كانت مفاتيح الجنة بيدي لأعطيتها بني أمية حتى يدخلون الجنة عن آخرهم) في قصة مشهورة في اعترافه بتفضيل بني أمية، وأنه في هذا يبارز النبي (ص) في إعطائه قرابته وتوليتهم وقوله لعمار : على رغم أنف من رغم، ( وفي مسألة مضاهاة النبي (ص) في إعطاء قرابته خرجت مخرج الانتقام والمعاندة، هذا شيء مختلف، هذا قرآن وهذه معاندة)، والسند صحيح عند عمر بن شبة ( 3/ 1098) وابن عساكر ( ترجمة عثمان المفردة ص 246) وفي الباب اعتراف معاوية وإنكار الزبير.
13- من حيث التفصيل: عزل ابن مسعود عن بيت مال الكوفة وضم بيت المال إلى الوليد.
14- عزل معيقيب عن بيت المال ( أو لعله على شيء من ذلك)
15- عزل عبد الله بن أرقم الزهري عن بيت المال وتوليته زيد بن ثابت ( وعبد الله بن الأرقم هو الذي بكى وقال: أخشى أنك أخذت هذه الأموال عوضاً عما أنفقته في عهد النبي (ص) بل أخذ أضعافاً مضاعفة).
..... 17- الإقطاعات: كان أول من أقطع عثمان.. ( القطائع: إعطاء الأراضي..)
18- إعطاء موالي قريش بعد الطلقاء وحرمان الأنصار إلا من وافقه كزيد بن ثابت فإنه يفحش له العطاء ( وهذا من أسباب ثورة الأنصار).
19- إعطاء الحكم بن أبي العاص ( مئة ألف درهم)
20- إعطاء مروان بن الحكم ( خمس أفريقية، وفدك – وكانت لفاطمة، ثم كانت للخلافة ( السلطة المركزية) فأعادها عثمان لقرابته بعد أن كان النزع الأول من قرابة النبي (ص)، وكان كاتبه وصاحب أمره كله، وصاحب كتاب أهل مصر) وزوجه ابنته أم ابان وأمهرها من بيت المال.
21- إعطاء الحارث بن الحكم ( سوق المدينة، يأخذ عشور ما يباع فيها – العسكري-، وأقطعه سوق مهزور الذي تصدق به النبي (ص) على المسلمين – ابن أبي الحديد-) وزوجه ابنته عائشة وأمهرها من بيت المال مالاً كثيراً ( إن لم يكن السابق)
22- إعطاء أبي سفيان بن حرب ( مئتي ألف، في اليوم الذي أعطى مروان )
23- إعطاء معاوية الشامات كلها وإطلاق يده في الربا وبيع الخمر وكنز الكنوز ..
24- إعطاء ابن أبي السرح ( كل ما فتح عليه من أفريقية من غير أن يشركه أحد من المسلمين)! 25- إعطاء عبد الله بن خالد بن أسيد بن العاص ( ثلاثمائة ألف من بيت المال – عند العسكري- ، وقيل أربعمئة – عند ابن أبي الحديد- ، واعترف به للثوار بأنه استقرضته من بيت المال وأنه سيرجعه؟! فأين ثروته التي يقولون أنه لا يعطي قرابته إلا منه ا!) 26- إعطائه زيد بن ثابت فضلة فضلت في بيت المال فبلغت ( 100 ألف)
27- أعطاؤه ربيبه محمد بن أبي حذيفة ( 100 ألف) وكان سبب سخطه عليه لأنه يرى أنه أراد اشتراء ذمته ( أنساب الأشراف).
28- إقطاع المغيرة فوق قبر صفية! ( تاريخ المدينة : قبر صفية بنت عبد المطلب)!
29- عبد الله بن عامر – أحد ولاته – يجيز ب ( 84 ألف ألف درهم) وهذا اشتراء فاضح للذمم وتدمير للمباديء – عند البلاذري-.
30- شهادة أبي موسى الأشعري في إعطائه نساءه وبناته المال الذي قدم به..
31- تطاوله في البنيان حتى بنى سبع دور كبيرة بالمدينة لبناته وأبنائه..- البلاذري-
32- بناؤه لمروان القصور بذي خشب من الخمس.
33- منع ابن مسعود عطاءه
34- منع أبي بن كعب عطاءه... ومنع غيرهم من الصحابة... كأبي ذر وغيره..
وهذا على وجه الإجمال...
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 23:13 | |
| نقد مسلسل الحسن والحسين (16) موقف عبد الله بن مسعود
الخلاف بين ابن مسعود مشهور وكان عبد الله بن مسعود كان حسن الرأي في عثمان إلا أن الخلافات بينهما احتدمت بعد ولاية الوليد بن عقبة على الكوفة واقتراضه من بيت المال ثم تمنعه من إرجاعه مما أدى إلى عزل ابن مسعود عن بيت المال وتسليم الأمر كله للويلد الفاسق.. ثم تبع ذلك مسألة كتابة القرآن الكريم وكيف أن عثمان اختار غلماناً لا سبق لهم ولا فضيلة لكتابة المصحف ثم تطور الأمر إلى حرمان ابن مسعود من العطاء ثم تشريعه للثورة على عثمان، والمدرسة المسعودية بالكوفة كانت من رؤوس الثوار كعقلمة بن قيس وكميل بن زياد وآل صوحان العبديين وغيرهم. ثم كانت القاضية بتعرض ابن مسعود للضرب وكسر الأضلاع ومات مهاجراً لعثمان وأوصى ألا يصلي عليه وأن يعمى عليه قبره.. وكان قد أوصى إلى الزبير بن العوام وجرى بين الزبير وبين عثمان خلاف بسبب ابن مسعود، وكذا بين عمار وعثمان، وكانوا قد صلوا عليه ودفنوه سراً... وهذا يعني أنهم يرون عثمان من ولاة الجور فإن هذا السلوك في وصية الصحابة والتابعين يدل على ذلك.. إذ كانوا يوصون بألا يصلي عليهم فلان السلطان لجوره وعسفه..
ولابن مسعود ما أسميته ( المدرسة المسعودية) كعلقمة بن قيس كانوا من الثوار على عثمان مما يدل على أنهم أخذوا فقههم من عثمان .. فقد كانوا علماء عباداً.. وكذلك لا ننسى أن عبد الرحمن بن عديس البلوي كان من تلامذة ابن مسعود وروى عنه حديث ( العيبة).. وقد اضطرب أهل الحديث كثيراً في تفسير هذا الحديث ومحاولة تضعيفه ثم اتهام ابن عديس بوضعه ثم اكتشافهم أن ابن عديس صحابي رضوانبي .. وهكذا .. ولعلنا نفصل حديث ( العيبة) الذي رواه ابن عديس عن ابن مسعود..
ولكن سابدأ بالروايات الهادئة التي تتحدث عن الخلافات الصغرى في الإتمام ونحوه ثم أذكر الأمور الكبيرة التي أدت إلى تأييد عبد الله بن مسعود للثورة على عثمانن غذ روى أحاديث في وجب الثورة أو مشروعية الثورة على الحاكم وسياق الحديث يدل على ذلك.. ...
صحيح البخاري - (ج 1 / ص 368)
حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد الواحد عن الأعمش قال حدثنا إبراهيم قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد يقول : صلى بنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بمنى أربع ركعات فقيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فاسترجع ثم قال صليت مع رسول الله النبي صلى الله عليه و سلم بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر رضي الله عنه بمنى ركعتين وصليت مع عمر بن الظاب رضي الله عنه بمنى ركعتين فليت حظي من أربع ركعات متقبلتان اهـ
وفي صحيح مسلم - (ج 4 / ص 419) [ من السنن العثمانية التي أنكرها الصحابةومنهم ابن مسعود].. . حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ : صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ فَلَيْتَ حَظِّى مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ اهـ.
قلت: شدة إنكارهم للإتمام فيها سر ... قد نكشفه لاحقاً.. وإلا فلا يحتاج كل هذا االإنكار.. فلا يعدو أن يكون حكماً فقهياً فرعياً...
ابن مسعود يبين معنى الفتنة! ومعنى الحديث المشهور.. ويرى وجوب الإنكار في عهد عثمان بدلالة قوله ( إنكم في زمان) .. وقد مات في زمن عثمان..
ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم - (ج 19 / ص 204) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ، ثنا محمد بن إبراهيم بن أرومة ، حدثنا الحسين بن حفص ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن سليمان بن ميسرة ، عن طارق بن شهاب ، قال : قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : « إنكم في زمان القائل فيه بالحق خير من الصامت ، والقائم فيه خير من القاعد ، وإن بعدكم زمانا الصامت فيه خير من الناطق ، والقاعد فيه خير من القائم » قال : فقال رجل : يا أبا عبد الرحمن ، كيف يكون أمر من أخذ به اليوم كان هدى ، ومن أخذ به بعد اليوم كان ضلالة ؟ قال : « قد فعلتموه اعتبروا ذلك برجلين مرا بقوم يعملون بالمعاصي فأنكرا كلاهما ، وصمت أحدكما فسلم وتكلم الآخر ، فقال : إنكم تفعلون وتفعلون ، فأخذوه وذهبوا به إلى ذي سلطانهم ، فلم يزل - أو لم يزالوا - به حتى أخذ بأخذه ، وعمل بعمله » « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه »
ابن مسعود يرى الثورة على عثمان
ففي صحيح ابن حبان [ جزء 1 - صفحة 403 ]: أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا عاصم بن محمد عن عامر بن السمط عن معاوية بن إسحاق بن طلحة قال : حدثني ثم استكتمني أن أحدث به ماعاش معاوية فذكر عامر قال : سمعته وهو يقول : حدثني عطاء ين يسار وهو قاضي المدينة قال : سمعت ابن مسعود وهو يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( سيكون أمراء من بعدي يقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن لا إيمان بعده ) قال عطاء : فحين سمعت الحديث منه انطلقت به إلى عبد الله بن عمر فأخبرته فقال : أنت سمعت ابن مسعود يقول هذا ؟ كالمدخل عليه في حديث - قال عطاء : فقلت : هو مريض فما يمنعك أن تعوده ؟ قال : فانطلق بنا إليه فانطلق وانطلقت معه فسأله عن شكواه ثم سأله عن الحديث قال : فخرج ابن عمر وهو يقلب كفه وهو يقول : ما كان ابن أم عبد يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قلت: فهذا الحديث يدل على أن ابن مسعود كان يرى الثورة على عثمان .. ويدل على هذا أن معظم تلامذته وكبارهم كانوا من الثوار .. وانظر دور معاوية في كتم مثل هذه الأحاديث..! الكل يخافه من نشر الأحاديث.. وزيارة ابن عمر لعثمان كان بعد مرضه وهذا المرض هو مرضه بعد ضربه من حاشية عثمان هذا هو الظاهر... ةالمدرسة المسعودية كانت في أوائل الثوار.. وقبل ذلك سيرهم عثمان من بلد إلى بلد.. واشهرهم علقمة بن قيس التابعي المشهور ..
اتهامات بالنفاق
ابن مسعود وعثمان يتبين أن بينهما اتهامات بالنفاق: ففي في مصنف عبد الرزاق أيضاً (ج 6 / ص 315): عن معمر عن زيد بن رفيع عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: أرسل عثمان بن عفان إلى أبي يسأله عنها؟ فقال أبي كيف يفتي منافق؟ فقال عثمان نعيذك بالله أن تكون منافقا ونعوذ بالله أن نسميك منافقا ونعوذك بالله أن يكون منك كائن في الإسلام ثم تموت ولم تبينه قال فإني أرى أنه أحق بها حتى تغتسل من آخر الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة قال فلا أعلم عثمان إلا أخذ بذلك) اهـ
قلت: هذا الحديث لن يفهمه السلفي المبلد.. إن لم يقرأ التاريخ.. أعني أنه سيتفاجأ بقول ابن مسعود هذا إن لم يعرف أن الخلاف بين ابن مسعود وعثمان كان وقد وصل إلى حد كبير,فيه اتهامات بالنفاق والكفر.. وعثمان رضي الله عنه يتهم ثم يندم وينكر .. فقد اتهم علياً بأنه ضال مضل.. واتهم عبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وحذيفة بتهم شتى ثم يندم ويراجع.. وهذا الاضطراب في سلوك عثمان لم يعره الباحثون أي اهتمام.. أو لأقل ( هذا التردد)... فمرة يوافق الصحابة ويجع إلى موافقة الحاشية ثم إن سمع من الصحابة تبعهم ثم يعيده مروان إلى حاله الأول ثم يعرض التوبة ثم يرجع ..الخ هذا اضطراب شديد.. يدل علىى ماذا؟ هل هذا نتيجة كبر السن؟ أو أنه مكره؟ أو يفعل هذا حباً للسلطة؟ أو أنه مظلوم ويتحاشى ظالميه حرصاً عليهم وعلى الأمة؟ أم ماذا... يحتاج هذا الاضطراب إلى تحليل لشخصية عثمان رحمه الله.
عثمان يحرم ابن مسعود والعطاء
عثمان حرم عبد الله بن مسعود عطاءه عامين ومات ابن مسعود مهاجراً لعثمان ووصى ألا يصلي عليه فصلى عليه الزبير سراً ولم يخبر عثمان (عمر بن شبة 3/1052، 1051 ، 1050، 1049) ونهي عثمان ابن مسعود عن التعريض به في خطبته ( وشر الأمور محدثاتها...) وكان ابن مسعود يعرض بعثمان في تلك الخطبة لما يراه من تولي الطلقاء لمقاليد الأمة بسبب تسامح عثمان معهم.
المعاتبة بين عثمان وابن مسعود:
والحديث مسند أحمد - (ج 1 / ص 494) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ - يَعْنِى ابْنَ الْمُنْذِرِ - أَخْبَرَنِى أَبُو عَوْنٍ الأَنْصَارِىُّ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لاِبْنِ مَسْعُودٍ هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَمَّا بَلَغَنِى عَنْكَ؟ فَاعْتَذَرَ بَعْضَ الْعُذْرِ فَقَالَ عُثْمَانُ وَيْحَكَ إِنِّى قَدْ سَمِعْتُ وَحَفِظْتُ وَلَيْسَ كَمَا سَمِعْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « سَيُقْتَلُ أَمِيرٌ وَيَنْتَزِى مُنْتَزٍ » وَإِنِّى أَنَا الْمَقْتُولُ وَلَيْسَ عُمَرَ إِنَّمَا قَتَلَ عُمَرَ وَاحِدٌ وَإِنَّهُ يُجْتَمَعُ عَلَىَّ) قلت: قال الهيثمي في المجمع رجاله ثقات ولم ينسبه لغير أحمد وضعف الأرناؤوط إسناده في تحقيقه المسند. فوائد الحديث: إن صح الحديث فيه فوائد:.. 1- أن عثمان يعلم أو يقر أنه سيجمع المسلمون على قتله! 2- وجود خلاف بين عثمان وابن مسعود، وكأن عثمان بلغه تحديث ابن مسعود بحديث فيه التحريض على قتل عثمان تلميحاً .. (حديث معاوية بن إسحاق بن طلحة في صحيح ابن حبان).. 3- أما المنتزي فهو معاوية .. هو الذي انتزى بلا مشورة ولا فضل ولا سابقة فأخذ أمر الأمة بالسيف، فهذا متواتر..ومن الآحاد في ذلك ما روي عن سعد بن أبي وقاص في معاوية ( ففي تاريخ اليعقوبي - (ج 1 / ص 195) : دخل إلى معاوية سعد بن مالك فقال: السلام عليك أيها الملك. فغضب معاوية فقال: أ لا قلت السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ قال: ذاك إن كنا أمرناك إنما أنت منتز ).
وقلت في تعليق آخر على الحديث: فوائده:.. 1- وجود خلاف بين عثمان وابن مسعود، وكأن عثمان بلغه تحديث ابن مسعود بحديث فيه التحريض على قتل عثمان تلميحاً .. (كحديث معاوية بن إسحاق بن طلحة في صحيح ابن حبان).. 2- أن الحديث يفيد أن عثمان سيقتل بإجماع الناس.. 3- أما المنتزي فهو معاوية .. هو الذي انتزى بلا مشورة ولا فضل ولا سابقة فأخذ أمر الأمة بالسيف..
عثمان وابن مسعود والأموال:
ابن مسعود ردّ مفاتيح بيت المال إلى عثمان وقوله : [لست بخازن]!! وذلك لما ترددوا إليه يريدون الأعطيات !! وهو عند عبد الرزاق والطبراني وغيرهم ، في (مصنف عبد الرزاق - (ج 4 / ص 53) عبد الرزاق عن أبيه همان عن ميناء أنهم جاؤا ابن مسعود في زمن عثمان ، فقالوا : أعطنا أعطياتنا ، فقال : ما عندي لكم عطاء ، إنما عطاؤكم من فيئكم وجزيتكم ، والصدقة لاهلها ، قال : فلما ترددوا إليه جاء بالمفاتيح إلى عثمان ، فرمى بها ، وقال : إني لست بخازن.) والحديث في (المعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 261) : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ مِينَاءَ، أَنَّهُمْ جَاءُوا عَبْدَ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، فَقَالُوا: أَعْطِنَا أُعْطِيَاتِنَا، فَقَالَ:"مَا لَكُمْ عِنْدِي عَطَاءٌ إِنَّمَا عَطَاؤُكُمْ مِنْ فَيْئِكُمْ، وَجِزْيَتِكُمْ، وَالصَّدَقَةُ لأَهْلِهَا"، فَلَمَّا تَرَدَّدُوا إِلَيْهِ جَاءَ بِالْمَفَاتِيحِ إِلَى عُثْمَانَ فَرَمَى بِهَا، وَقَالَ:"إِنِّي لَسْتُ بِخَازِنٍ") اهـ قلت: ومينا فيه كلام، والقصة أطول من هذا، وخصومة ابن مسعود في البداية إنما كانت مع الوليد بن عقبة، فلما رفع الأمر إلى عثمان نصر الوليد وعزل ابن مسعود عن بيت المال، كما عزل عبد الله بن أرقم الزهري عن بيت مال المدينة، فالعهد الجديد يفاجيء الجميع بسنن الملك.
أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 266) في العزل عن بيت المال وحدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف في إسناده قال: لما قدم الوليد الكوفة ألفى ابن مسعود على بيت المال فاستقرضه مالاً وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثم ترد ما تأخذ، فأقرضه عبد الله ما سأله، ثم إنه اقتضاه إياه، فكتب الوليد في ذلك إلى عثمان فكتب عثمان إلى عبد الله بن مسعود: إنما أنت خازن لنا فلا تعرض للوليد فيما أخذ من المال، فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال: كنت أظن أني خازن للمسلمين فأما إذا كنتُ خازناً لكم فلا حاجة لي في ذلك، وأقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتيح بيت المال.
تفصيل أبي مخنف الكوفي وعوانة بن الحكم الأموي للخلاف ابن مسعود مع عثمان ولهذا ضعفوا ابا مخنف والواقدي وأمثالهم! لأنه لا يقطعون الأخبار.. وإنما يخبرون بالأمور كما وقعت .. لا يبترون ولا يحرفون ولا يقطعون الأحاديث والروايات.. هم مخلصون مع القاريء .. أما غيرهم كالبخاري وأحمد رحم الله الجميع فيعملون أوصياء على عقل القاريء وفهمه فيتصرفون في الروايات التاريخية وربما الحديثية بما يتوافق مع العقيدة المقررة مسبقاً.. وهذا له إثباتات في موطن آخر .. سترونه قريباً إن شاء الله..
ففي أنساب الأشراف - (ج 2 / ص 268) حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف وعوانة في إسنادهما أن عبد الله بن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال:
من غيَّرَ غيَّرَ الله عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولى الوليد؟ . وكان يتكلم بكلام لا يدعه وهو: (( إن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ))! فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك! فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه، وشيعه أهل الكوفة، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن، فقالوا له: جُزيت خيراً، فلقد علمت جاهلنا وثبتَّ عالمنا، وأقرأتنا القرآن، وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الإسلام أنت، ونعم الخليل، ثم ودعوه وانصرفوا وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال: ألا أنه قدمت عليكم دويبة سوءٍ من تمشِ على طعامه يقيء ويسلح! فقال ابن مسعود: لست كذلك، ولكني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ويوم بيعة الرضوان! ونادت عائشة، أي عثمان، أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد إخراجاً عنيفاً وضرب به عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأرض ويقال بل احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه فقال علي: ياعثمان أتفعل هذا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول الوليد بن عقبة؟ فقال: ما بقول الوليد فعلت هذا، ولكن وجهت زُبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة! فقال له ابن مسعود: إن دم عثمان حلال! فقال عليّ أحلت من زبيد على غير ثقة وقال ابن الكلبي: زُبيد بن الصلت أخو كثير بن الصلت الكندي. وقام عليّ بأمر ابن مسعود حتى أتى به منزله فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي وأراد حين برىء الغزو فمنعه من ذلك وقال له مروان: إن ابن مسعود أفسد عليك العراق أفتريد أن يفسد عليك الشام؟ فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين، وكان مقيماً بالمدينة ثلاث سنين؛ وقال قوم إنه كان نازلاً على سعد بن أبي وقاص. ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائداً فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي، قال: ألا أدعو لك طبيباً؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه وتعطينيه وأنا مستغنٍ عنه؟ قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن، قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم فلما علم غضب وقال: سبقتموني به؟ فقال له عمار بن ياسر: إنه أوصى أن لا تصلي عليه وقال الزبير: لأعرفنك بعد الموت تندُبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي وكان الزبير وصي ابن مسعود في ماله وولده، وهو كلَّم عثمان في عطائه بعد وفاته حتى أخرجه لولده، وأوصى ابن مسعود أن يصلي عليه عمار بن ياسر، وقوم يزعمون أن عماراً كان وصيَّهُ، ووصيةً الزبير أثبت. اهـ
التعليق: لا تحتاج إلى تعليق.. فابن مسعود يرى أن عثمان مبتدع وانه قد بدل وأحدث .. وراي عثمان في ابن مسعود ليس بأقل خطورة.. لكن عثمان رأيه وحده وأما رأي ابن مسعود فكان هو الرأي العام للصحابة والتابعين.. أي كون عثمان قد غير وبدل ..
| |
|
| |
المشرف العام المدير
تاريخ التسجيل : 16/08/2009 عدد المساهمات : 1175 العمر : 55 الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/
| موضوع: رد: نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي الأربعاء 24 أغسطس 2011, 23:16 | |
|
حديث العيبة من رواية ابن عديس عن ابن مسعود واضطراب أهل الحديث!
ففي دلائل النبوة للبيهقي - (ج 7 / ص 228) أضل من عيبة..الخ ) بلغني عن أبي حامد بن الشرقي أنه قال : حدثونا أن عبد الرحمن البلوي هذا خطب حين حصر عثمان فقال : سمعت ابن مسعود يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : عثمان أضل (من) عيبة بفلاة عليها قفل ضل مفتاحها، فبلغ ذلك عثمان فال : كذب البلوي ، ما سمعها من عبد الله بن مسعود ، ولا سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: ( زيادة (من) هنا ليستقيم المعنى مع ما سيأتي من الأسانيد الموصولة) وفي كل غموض، والجمع بين المتون المختلفة يكون بزيادة (من) هنا من الألفاظ في المتون الأخرى، والراجح أن هذا من قول ابن مسعود وليس مرفوعاً وفي بعض رجال الإسناد من فيه ضعف في الحفظ، ولكنهم ثقات في الجملة فتثبت الجملة دون الرفع، فالرفع شديد والتاريخ حمال والقرائن موجودة سواء في خصومة ابن مسعود أو ابن عديس. الموضوعات لابن الجوزي - (ج 1 / ص 335) وقد رويت أحاديث في ذم عثمان: الحديث الاول: أنبأنا المبارك بن على قال أنبأنا شجاع بن فارس قال أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد الاشنانى قال أنبأنا على بن أحمد بن عمر الحمامى قال أنبأنا على بن محمد بن أبى قيس قال حدثنا أبو بكر بن عبيد القرشى قال حدثت عن كامل بن طلحة قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا يزيد بن عمرو المعافرى أنه سمع أبا ثور الفهمى قال: قدمت على عثمان فصعد ابن عديس منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ألا إن عبدالله بن مسعود حدثنى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ألا إن عثمان أضل من عيبه على فعلها [ عتبة على قفلها ] فدخلت على عثمان فأخبرته فقال: كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وسلم ". وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا نشك في أنه كذب ولسنا نحتاج إلى الطعن في الرواة وإنما هو من تخرص ابن عديس! ( قلت ووافقه الذهبي في اختصار الموضوعات، ورد عليهما فلاتة في كتابه : الوضع في الحديث بأن ابن عديس صحابي رضواني) ولكن ابن الجوزي والذهبي كسائر السلفية لا يبالون بتعديل كل الصحابة وإن كان شعارهم، وإنما يتنمرون إذا اتهم أحد من خمسة عشر صحابياً فحسب! بشرط أن يكون فيهم أسوأ الطلقاء! وأما الإنقطاع بين كامل بن طلحة ومن بعده فقد ذكر فلاتة أن الوليد بن مسلم تابع كامل بن طلحة في رواية موقوفة ( الوضع في الحديث 1/ 192) وذكر تلك الرواية ص 198 من رواية محمد بن عائذ الدمشقي حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو سمع أبا ثور الفهمي يقول : قدمت المدينة ...الرواية - ولكن فيها الغموض بقوله - ( وتنقص عثمان في خطبته)!) وعلى هذا فالرواية متصلة غير منقطعة، وهذه الكلمة هي ما أخفاها ابن أبي شيبة وغيره في روايتهم المتصلة للقصة، وهي في ترجمة ابن عديس في كتب الصحابة/ وابن عديس وأبو ثور صحابيان، وةيزيد بن عمرو وثقه أبو حاتم والذهبي وابن حبان وسكت عنه البخاري فهو ثقة في الجملة، ومدار الحديث على ابن لهيعة، ولكن من الرواة عنه في هذه القصة عبد الله بن وهب ( كما عند ابن شبة) وزيد بن الحباب ( كما عند ابن أبي شيبة) وهما – وخاصة ابن وهب- من المتثبتين عنه. تنزيه الشريعة المرفوعة - (ج 1 / ص 349( حديث أبى ثور الفهمى قدمت على عثمان فصعد ابن عديس المنبر وقال ألا إن عبد الله بن مسعود حدثنى أنه سمع رسول الله يقول ألا إن عثمان أضل من عيبة على قفلها فدخلت على عثمان فقال كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله اهـ تلخيص كتاب الموضوعات للذهبي - (ج 1 / ص 108( ابن أبي الدنيا قال حدثت عن كامل بن طلحة ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن عمرو المعافري أنه سمع أبا ثور الفهمي قال قدمت على عثمان فصعد ابن عديس منبر رسول الله فقال ألا إن عبد الله بن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله يقول ألا إن عثمان أضل من عيبة على قفلها فدخلت على عثمان فأخبرته فقال كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله قط ثم قال الذهبي: (لا يدرى ممن أخذه ابن أبي الدنيا وابن لهيعة مع ضعفه فيه تشيع قوي أو قد افتراه ابن عديس) وفي كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي - (ج 1 / ص 117( قال القرشي وحدثت عن كامل بن طلحة قال حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا يزيد بن عمرو المغافري أنه سمع أبا ثور الفهمي قال قدمت على عثمان بن عفان فإذا بوفد أهل مصر فقلت إني أرى وفد أهل مصر قد رجعوا جيشا عليهم ابن عديس فصعد ابن عديس منبر رسول الله فصلى بهم الجمعة فقال في خطبته ألا إن عبد الله بن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله يقول ألا إن عثمان أصل من عيبة علي قفلها فدخلت على عثمان فأخبرته فقال كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود ولا سمعها ابن مسعود من رسوله الله قط اهـ قلت: من شواهد القصة ( أعني حديث ابن عديس) : خطبة ابن عديس في ذم عثمان، في مصادر كثيرة وخاصة مصادر كتب الصحابة المتقدمة، وبعض المسانيد، وأصلها في صحيح البخاري – على ما يظهر – ففي صحيح البخاري - (ج 1 / ص 246) قال أبو عبد الله وقال لنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي حدثنا الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن عبيد الله بن عدي بن خيار : أنه دخل على عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور فقال إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج ؟ فقال الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم اهـ وأكثرهم على تفسير ( إمام الفتنة هذا بعبد الرحمن بن عديس البلوي) ومن الشواهد الأخص بالذكر (مصنف ابن أبي شيبة - (ج 7 / ص 14) حدثنا زيد بن الحباب عن بن لهيعة قال حدثني يزيد بن عمرو المعافري قال سمعت أبا ثور الفهمي يقول قدم علينا عبد الرحمن بن عديس البلوي وكان ممن بايع تحت الشجرة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر عثمان قال أبو ثور قد جئنا على عثمان وهو محصور فقال إني لرابع الإسلام ) ومنها مسند البزار - (ج 1 / ص 295): حدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَوْرٍ الْفَهْمِيَّ ، يَقُولُ : قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ ، وَكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ عُثْمَانَ ، فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : دَخَلْتُ عَلَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ : زَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَتَهُ ثُمَّ ابْنَتَهُ ، ثُمَّ بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ يَعْنِي : الْيَمِينَ ، فَمَا مَسِسْتُ بِهَا ذَكَرِي ، وَلاَ تَغَيَّبْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ ، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ ، وَلاَ فِي إِسْلامٍ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ يَشْتَرِي هَذِهِ الزَّنَقَةَ ، وَيَزِيدُهَا فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ ، فَاشْتَرَيْتُهَا وَزَدْتُهَا فِي الْمَسْجِدِ.. تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1156) حدثنا إبراهيم بن (المنذر (1) قال حدثنا...(2) عبد الله ابن وهب قال، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري، أنه سمع أبا ثور التميمي ( الفهمي) قال: قدمت على عثمان بن عفان رضي الله عنه فبينما أنا عنده خرجت فإذا أنا بوفد أهل مصر، فرجعت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فقلت: أرى وفد أهل مصر قد رجعوا، خمسين عليهم ابن عديس، قال: وكيف رأيتهم ؟ قلت: رأيت قوما في وجوههم الشر، قال: فطلع ابن عديس منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس وصلى لأهل المدينة الجمعة، وقال في خطبته: ألا إن ابن مسعود حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن عثمان بن عفان كذا وكذا، وتكلم بكلمة أكره ذكرها، فدخلت على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فحدثته أن ابن عديس صلى بهم. فسألني ماذا قال لهم؟ فأخبرته، فقال: كذب والله ابن عديس ما سمعها من ابن مسعود، ولا سمعها ابن مسعود من رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، ولقد اختبأت عند ربي عشرا.. الحديث.. قلت: السقط في إسناد ابن شبة ذكر المحقق أنه بقدر كلمتين وأضاف ( ولكن السند متصل) وهو كما قال فقد تكرر الإسناد في موضع آخر من تاريخ المدينة - (ج 4 / ص 1218) : حدثنا إبراهيم بن المنذر قال، حدثنا عبد الله بن وهب قال، حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن عمرو المعافري، أنه سمع أبا ثور الفهمي: أنه رأى ابن عديس صلى لأهل المدينة الجمعة، فطلع منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب اهـ هكذا رواه مختصراًُ. تفسير العيبة: أساس البلاغة - (ج 1 / ص 327) من المستعار: هو عيبة فلانٍ إذا كان موضع سره، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأنصار كرشي وعيبتي " أي أضع فيهم أسراري كما تضع البهيمة العلف في كرشها والرجل حرّ متاعه في عيبته، وعنه صلى الله عليه وسلم، أنه كتب في صلح الحديبية " وإنّ بيننا وبينكم عيبة مكفوفة " أي مشرجةً، وإنما تشرج العيبة على ما فيها من المدّخر، ضرب ذلك مثلاً لبقاء الوفاء في القلوب وأنها منطوية عليه اهـ المراد. وفي العين - (ج 1 / ص 142) وفي الحديث: " إنَّ بينَنا وبَينَكم عَيْبةً مكفُوفَةً " يُريد صَدْراً نَقِيّاً من الغِلِّ والعداوة، مَطْوِيًّا على الوفاء. قلت: ولعل منه العباءة ففي الباب : العين - (ج 1 / ص 141) : عبا: العَباية: ضرب من الأكْيسة فيه خُطوط سُود كبار والجميع العَباء، والعَباءة لغة. وما ليس فيه خُطوطٌ وجِدّة فليس بعَباءة. الزاهر فى معانى كلمات الناس - (ج 2 / ص 129) وقولهم هي عَيْبَة ُ المتاعِ : قال أبو بكر العيبة معناها في كلام العرب التي يجعل فيه الرجل أفضلَ ثيابه وحُرَّ متاعه وأنفَسَه عنده من ذلك قول النبي ( الأنصار كَرِشي وعَيْبَتي ولولا الهجرة ُ لكنتُ امرءاً من الأنصارِ ) اهـ. وفي المحكم والمحيط الأعظم - (ج 1 / ص 295) والعَيْبَةُ: وعاء من ادم يكون فيها المتاع، والجمع عِيابٌ وعِيَبٌ، ... والعَيْبَةُ أيضا: زبيل من ادم ينقل فيه الزرع المحصود إلى الجرين في لغة همدان. وعَيْبَةُ الرجل: موضع سره على المثل وفي الحديث " الأنصار عَيْبَتِي وكرشي " اهـ
وفي لسان العرب - (ج 1 / ص 633) والعَيْبَةُ ما يجعل فيه الثياب اهـ.
تفسير معنى كلام ابن مسعود:
وعلى هذا فابن مسعود أو ابن عديس أو كلاهما يرون أن : ( عثمان أضل من عيبة مقفلة في فلاة ضاع عنها مفتاحها) وهذا يشير إلى ضياع صوابه واستسلامه للحاشية وهذا يؤكده التاريخ لكبر سنه وضعفه معهم واستيلائهم عليه، وسواء صح الحديث أو لم يصح، فهذا المعنى متواتر، وهو اعتذار عن عثمان أكثر منه اتهاماً له، وسبق أن اعترف بأنه لا يطيق سنة عمر، وأنه يحب أن يعطي قومه الأموال ويتدين بهذا، وكان لسياساته المالية والحقوقية والسياسية والقبلية المصداق الأكبر على معنى هذا الأثر ولو اختلف الناس في إسناده..الخ.
ابن مسعود يقول: اهلك عثمان الشح وبطانة السوء..
ففي مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 700) وكيع قال حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله وذكر رجلا (!)فقال : أهلكه الشح وبطانة السوء اهـ. قلت: هكذا بإخفاء اسم عثمان، والشح الذي صدر من عثمان هو حرمانه المعارضين حقوقهم المالية بالإضافة إلى الاحتكار الذي تولاه مروان، وحمي الحمى الذي تولاه الحارث بن الحكم ( أخو مروان) وغير ذلك، فكان يقطع العطاء على المعارضين حتى وصل هذا الحرمان لكبار الصحابة كأبي ذر وابن مسعود .. بينما كان عثمان يغدق على قرابته وأهل التهمة، ومن هنا فالثورة على عثمان لو أنها توقفت عند طلب عدله أو عزله لكان أروع الثورات الحقوقية في الإسلام، لكن قتل عثمان أفسد على هذه الثورة رونقها ووجهها الحضاري والحقوقي.
| |
|
| |
| نقد مسلسل الحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ للشيخ حسن بن فرحان المالكي | |
|