العترة الطاهرة لشيعة المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
ضيفنا العزيز ؛ يرجى التكرم بتسجيل الدخول إذا كنت عضوا معنا ؛
أو التسجيل إن لم تكن عضوا ، و ترغب في الإنضمام إلى أسرة المنتدى ؛
نتشرف بتسجيلك ـ و شكرا
العترة الطاهرة لشيعة المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
ضيفنا العزيز ؛ يرجى التكرم بتسجيل الدخول إذا كنت عضوا معنا ؛
أو التسجيل إن لم تكن عضوا ، و ترغب في الإنضمام إلى أسرة المنتدى ؛
نتشرف بتسجيلك ـ و شكرا
العترة الطاهرة لشيعة المغرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 قال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا  ــــ٥٥٥٥٥ــــ






المواضيع الأخيرة
» حواري مع الشيخ السلفي سعد في حديث تأبير النخل الذي أورده صحيح مسلم
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالسبت 20 أغسطس 2022, 07:18 من طرف أسد الله الغالب 12

» كشف العورة ـ زواج شحاذة ـ إغراء الجمال ـ حب الجماد ـ شماتة ...!
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالجمعة 04 مارس 2022, 11:36 من طرف أسد الله الغالب 12

» من هي البطانة السيئة التي تأمر بالشر وتحض عليه ؟
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالأربعاء 12 مايو 2021, 10:21 من طرف أسد الله الغالب 12

» عقيدة المسلم الصحيحة
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالجمعة 17 أغسطس 2018, 15:49 من طرف ادم عزيز

» حوار مع شيعي
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالثلاثاء 19 سبتمبر 2017, 00:32 من طرف عزوز لعريبي

» انا شيعي ساعدوني
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالثلاثاء 28 فبراير 2017, 23:26 من طرف أبن العرب

» الزواج للسالكين نحو الله تعالى
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالإثنين 13 يونيو 2016, 01:35 من طرف أمحضار

» رسالة مفتوحة الى كل مسلم ( الصحابة يودعون نبيهم
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالأربعاء 16 مارس 2016, 03:47 من طرف الجياشي

» The Righteous Way
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالخميس 12 نوفمبر 2015, 05:57 من طرف زائر

إذاعة القرآن الكريم
 

عدد زوار المنتدى
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Labels=0

.: عدد زوار المنتدى :.

بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المكتبة العقائدة
مكتبة الإمام علي الكبرى
المكتبة الكبرى
مكتبة النرجــس

مكتبة النرجــس
الأفق الجديد

تضامن مع البحرين


انتفاضة المنطقة الشرقية

موقع الخط الرسالـي


 

 إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة 1

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المشرف العام
المدير
المدير
المشرف العام


تاريخ التسجيل : 16/08/2009
عدد المساهمات : 1175
العمر : 54
الموقع : http://al-ofeq.blogspot.com/

إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Empty
مُساهمةموضوع: إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة 1   إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Emptyالثلاثاء 26 يناير 2010, 21:31

ادريس هاني


Tuesday, July 28, 2009


"التاريخ كابوس أرغب في أن أستيقظ منه"

جيمس جويس



صياغة بليدة لتاريخ ملتبس


أسمع بين الفينة والأخرى ترديدات جوفاء ورطانة
بلهاء ، كنت ظننت أن العقل العربي كبر عليها قليلا، بعد أن غدت أكثر مدعاة
للخجل والعار والسخرية عند المتلقي الحصيف والمتأمل الرشيد؛ نظرا للتطور
الحاصل في مجال نقد الكتابة التاريخية وباقي صنوف المعارف والصنائع
الإنسانية. وقد غدت هذه الأخيرة محفوظة غبية وممضوغة مملة وشقوة ما بعدها
شقوة. تنتمي إلى عصر المؤرخ الذي لم يكن يتوقع أكثر من قارئ بسيط متهالك
الوعي والذكاء، محكوم بثقافة التخريف ومهيأ حتى أخمص وعيه ـ قهرا ـ
للاستسلام للحقائق الغالبة. كدأب من عبّر عن ذلك ذات مرة بقوله: "...
والصلاة وراء من غلب". إنها حكايات ملفقة وليست تاريخا بالتأكيد ، تتسلّى
بها الجدات على الأسطح وتنوّم بها صاحبات الخدور شهرياراتها الغبية. هو
تسلية أكثر منه تحقيقا. وكان أحرى أن يصبح مادة للإمتاع ـ ربما شاركناهم
هذا الاستمتاع ـ لولا أنه أصبح تاريخا يعيق حركة التنوير والفكر ويمارس
إرهابا على العقل العربي ويؤدي إلى اختلالات في النظر والعمران. حكاية تردد
اليوم ببغائيا وتقلد في زقاح قردي عند أغرار القوم يتلقفونها من دون دراية
ولا تحقيق. على الأقل كان كاتب هذه السطور قد انتهى منها بحثا وكتب حولها
قبل أزيد من 16 أو 17 سنة ما تكفي فيه الإشارة على الأقل بأن يزلزل
يقينيتها المغشوشة. وسيضطر أن يعود للتذكير بهزالها بعد أن توقف الزمان
التاريخي واستبد الغباء بخطابنا التاريخي كما لو أنه مكتوب علينا أن نغط في
هذا "الكوشمار" التاريخي لن نستيقظ منه أبدا. مفاد هذه الحكاية التي عمرت
ما يقرب من 11 قرنا ـ إذا اعتبرنا تاريخ اختلاقها
يعود إلى ما قبل 170 ه بقليل وهو تاريخ وفاة مخترعها سيف بن عمر التميمي ـ
ثم سرعان ما سجنت وعينا التاريخي وكرست غباءنا الإخباري طيلة هذه الحقب . تلك المحاولة المفلسة البليدة لنسبة التشيع كمدرسة
كبيرة في الإسلام على الأقل، إلى مؤامرة صغيرة لكائن صغير ، هو بالأحرى رجل
مجهول الحال إسمه عبد الله بن سبأ. لا ندري من أين له كل هذه العبقرية
السياسية والبراعة الفقهية والفلسفية لتشييد أركان مدرسة لا زالت ممسكة
بأعتى الأدوات العلمية والفكرية والروحية؟! لو كان هذا الكائن يملك كل هذه
الإمكانات التفتينية والقدرات الإيحائية لبان أمره حتى قبل أن يسلم كما
زعموا في عصر متأخر هو عصر عثمان بن عفان. كانت تلك شخصية خرافية بامتياز.
صنعوها بعناية ثم حملوها أوزار الفتنة الكبرى، حتى يقال بعدها إن المسلمين
حينما وضعوا السيوف في رقاب بعضهم البعض إنما كانوا جميعا ضحايا اليهودي
عبد الله بن سبأ حديث العهد بالإسلام. وأما هم، فكلهم عدول وكلهم نجوم بها
يهتدى بالجملة، سواء بسواء، ولا يسأل أحدهم ولا تسأل عن أحوالهم؛ قطعة
معصومة من التاريخ. بل خارج قوانين التاريخ والاجتماع والنفس والطبيعة..
ليتني كنت أملك عناد هؤلاء أو أعود إلى جهل الطفولة، لكي أصدق بهذه السردية
العجائبية.


لقد جعلوا من قائد الدسائس ضد عثمان ومؤجج الفتنة
الكبرى كما صوروه بكثير من الإصرار والإسراف وقليل من الذكاء ، مؤسسا
أيديولوجيا للتشيع في محاولة لحجب حقيقة كون التشيع يمتح من المصادر ذاتها
التي يمتح منها عموم المسلمين في كل تعاليمه وتآويله. وبأن القضية هي منتج
لحرب تأويل وليست مؤامرات من خارج الجدل الطبيعي للفكر والاجتماع السياسي.
وليست تلك هي الفرية الغبية وحدها اليتيمة في تراثنا المتشحط في فضائح
التزييف والمستباح من قبل مؤرخي مجد الغلب ، بل إن لها نظائر لو بسطنا فيها
القول لغرقنا فيها حتّى الركبة. وليس فقط أن مهزلة تاريخنا هو حينما كتبوه
مرة واحدة ثم كفروا بإعادة كتابته، بل إن الزيف لم يكتب مرة واحدة ، وإنما
قبلوا بأن يعيدوا إنتاج زيف التاريخ ومنحه الكثير من العنفوان. حراس
التاريخ الغبي هم جوق كورالي يضم الصغار والكبار والمتوسطين من كل الأجناس
والأعمار، في معزوفة جهل واحدة متواطؤ عليها عليها وأصوات حادة ومبحوحة
وأحيانا منكرة. الفرق هنا أن العزف نشاز ولا يحرز ملكة الإقناع في زمن
اهتزاز القناعات والحقائق ورفض الزيف الملوّن. هل ينتظرون منّا أن نصغر
صغارهم ـ ونقول لامساس شأن سامريهم ـ لكي نقبل كالأطفال الغفل بأحجيات تحمل
فضيحتها بين جنبيها؟! لنكبر قليلا إذن ، ونتأمّل قضايانا وندوس حراس الزيف
، وليشربوا البحر أو يبلطوه كما شاؤوا ، لكنهم لن يعيدوا عقارب ساعة العقل
والوعي ومشروعية النقد إلى الوراء. لأننا نتساءل ونذّكر: هل إبراء ذمة
التراث الآخر المقصي والمهمش والمتهم يعتبر جريمة.. هل دحض فرية ابن سبأ
فيه إساءة لأحد؟! هل إنكار وجود شخصية إسمها عبد الله بن سبأ يشاكل إنكار
وجود الله؟! ربما نعم ـ هو كذلك ـ لمن غدا التاريخ عنده دينا. نصبت منابره
فوق رؤوس الغفل. أما نحن فلن نشرك بالله أحدا!


حينما يصبح التأريخ دينا

أستغفر الله..أنا موحد لا أعبد إلاّ الله.. وأما
تاريخنا المزيف فهو صفحة مفتوحة على الكتابة والقراءة كلما نمت عقولنا
واستجد وعينا.. أستغفر الله ولا أشرك به التاريخ.. فالدين عند الله الإسلام
وليس ما سطره هذا المؤرخ أو ذاك على هواه.. فلنكفر بالتاريخ المزيف حتى
نتدين أفضل ونعبد الله ولا نشرك به وحي المؤرخ ودين التاريخ
المزيف..الخائفون من النقد التاريخي يخشون على مصير دين مفصل على مقاس
تاريخ مزيف.. ماذا يضير من كفر بالتاريخ وآمن بالله؟!..ولكن أنّى لنا بهذا
الوعي في زمن غدا فيه التاريخ دينا!؟ وهبنا قبلنا بأن يكون التاريخ هو عين
الدين ، إذن: لكم دينكم ولي دين.. لكم تاريخكم ولي تاريخ!


فما إن انفضح المستور وتفاضح المسلمون فيما بينهم
إبان ما عرف بالفتنة الكبرى التي خوّفونا منها أكثر مما خاف منها صناعها
الأوائل ، وحمّلونا من أوزارها أكثر مما حمّلوه فرسانها الأصليين ـ على
الأقل كان صناع الفتنة حينئذ أكثر تحررا منّا نحن المساكين الذين لم يعد
مسموح لنا أن ندنو منها ولو بسؤال ـ حتى بدأت السياسة تعبث بالحاضر الذي
سيصبح مع توالي الأزمنة وتراكم الأجيال وطول الأمد وقسوة القلوب إلى تاريخ
جاهز ومحاط بكل أشكال القداسة والأسرار. لا، بل سيتحول إلى دين وليس إلى
مجموع حوادث جرت وقائعها على الأرض فيها من الروائع بقدر ما فيها من
الفضائح.. فيها من المعقول قدر ما فيها من اللاّمعقول.. فيها من الذكاء قدر
ما فيها من البلاهة. لقد قيدت فكرة عدالة الصحابة المطلقة التاريخ وجعلته
وراء أهوائنا وصناعة لمزاجنا السيئ. وكانت وطواحين الهواء المذهبية
والطائفية قد فرضت استحقاقها على المؤرخ كما فرضت ضريبتها القاسية على
التاريخ. أصبح عندنا تاريخ مدون نفتخر به كصناعة سبقنا إلى اكتشافها سائر
الأمم. لكننا لم نحض يوما بموضوعية تاريخية تجعل خطابنا التاريخي يسترجل
أمام تواريخ الشعوب الحرة التي كتبت تاريخ حقائق لا تاريخ زيف. تاريخ غالب
ومغلوب وليس تاريخ غالب فقط. تفتخر الأمم الراقية وهي تؤرخ للمغلوب أكثر من
تأريخها للغالب ، فيما نحن نعتبر إنصاف المغلوب والمهمش جريمة في كتابة
تاريخ تحول عندنا إلى دين يعبد من دون الله. تاريخنا إذن لم يكتب خارج
سياسة الغلب ومنطق التنميط. هي فتنة تأريخ ساري المفعول فينا وليس تاريخ
فتن مضت. أصبح ضروريا أن ندرك بأن إعادة كتابة التاريخ هي جزء من وأد
الفتنة. إنني على يقين من أن لا إصلاح ديني في المجال العربي والإسلامي دون
أن نعبر من امتحان الكتابة التاريخية. فبما أنها أصبحت دينا، كان لا بد أن
تصبح مقدمة الواجب في الإصلاح الديني. إنني في القرن الواحد والعشرين لا
يمكنني أن أعتقد أن سعد بن عبادة الخزرجي قتلته الجن لأنه بال في الماء
الراكد قبل أن يرميه الجني بسهمه القاتل حيث حفظوا له بيتا من الشعر فيما
يروي ابن عساكر في تاريخه وابن عبد البر في ترجمة سعد وغيرهما:


قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة *** ورميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده

كيف حفظوا هذا البيت وكيف سمعوا الجني ومن كان مع
سعد حين لقي حتفه ؟! بينما كل المؤشرات تؤكد أنه قتل في ظروف غامضة جدا ،
حيث كان الوحيد الذي امتنع عن البيعة في سقيفة بني ساعدة ، واستمر على
موقفه إلى أن قتلته الجن. حكاية اختلاق الأشخاص ليست مستبعدة من خطاب
تاريخي نسب جرائم الاغتيال السياسي للجن وليس فقط للمجاهيل من بني البشر.


إن عقيدة لا مساس التي تشكل عنوان التعاطي السلبي
مع تاريخنا هي خدعة لتأبيد تاريخ آخر ملؤه القهر والغلب والتزييف. وفي
مجالنا يمكنك أن تخرج من الدين لا إشكال في ذلك . لكن ليس من حقك أن تخرج
من التاريخ المختلق. من حقك أن تترك الصلاة لكنه ليس من حقك أن تترك طقس
التاريخ العام لصالح قراءة أخرى. ولكي أوضح إلى أي حد تحول التأريخ عندنا
إلى دين ، وجب أن تدرك بأن القوم لن يقبلوا بالتشكيك في وجود شخص نسبوا
إليه كافة الأدوار البشعة فيما يعرف بالفتنة الكبرى ، ثم عادوا فنسبوا إليه
أصل نشأة الشيعة والتشيع. لأنهم لو فعلوا لانهار كل هذا التاريخ الزائف
وبالتالي انهار فهم للدين أريد له أن يكون هو الفهم الغالب ليس في القرون
الوسطى المسكينة التي لا تتوفر على كامل تقنيات البحث التاريخي فحسب ، بل
أرادوا أن يستمر ذلك حتى في زمن الريموت كونترل والديجيتل وثورة المعلومات
وازدهار العلوم الإنسانية وثورة الاسطوغرافيا وتسلط الباحثين على المصادر
والوثائق في مظاناتها. فهل يمكن أن نبقى مسلمين وإن غيّرنا نمط الكتابة
التاريخية؟ تلك هي المسألة!


عبد الله بن سبأ والفوضى الخلاّقة

عرف التراث العربي والإسلامي الكثير من أوجه هذه
السياسة. وأحيانا تبعث الرغبة في تصوير طهرانية التاريخ العربي شديد
الارتباط والتماهي مع الفكرة الإسلامية التي كان لها حضور وظيفي في الأعم
الأغلب في السياسات العربية والإسلامية ، إلى نسبة الخطا إلى مجاهيل إما
حرصا على إبراء ذمة صناع هذا التاريخ ورجالاته أم انطلاقا من ترسيمة
عقائدية مفادها أن العصور الأولى معصومة عن الخطا. وبالتالي فتاريخها يجب
أن يتحمل أوزاره المهمشون والمعارضون والمنبوذون وأحيانا مجاهيل وشخصيات
مختلقة. فرجالات تاريخنا من الصدر الأول هم في قلب التاريخ وفي الوقت نفسه
هم خارج التاريخ. هم صناعه الذين لهم غنم انتصاراته دون أن يكون لهم غرم
أوزاره. علينا نحن أن نتحمل أوزارهم وندان بها ونحاكم ونهمش ونحاسب إن
حاولنا مجرد الدنو من أخبارهم. لا حق لك أن تقترب من التاريخ. لكن من واجبك
أن تحفظ هذا التاريخ. تاريخنا كتب مرة واحدة فقط وليس له أن يكتب مرة أخرى
بله أن يكتب مرات عديدة. تجديد القراءة افتراء. والدنو من التاريخ فتنة.
فالبحث التاريخي عند الأقوام المتحضرة ينتمي إلى ثورة المعرفة. بينما عندنا
يعتبر فتنة. لقد جف دون تاريخنا المداد ورفعت الصحف. والويل ثم الويل لمن
دنى فتدلّى. هذه هي مهزلة العقل العربي.


السبئية اختلاق سياسي ولسيت حقيقة
تاريخية


لقد أقدم كثير من الباحثين
على إرجاع التشيع إلى ابن سبأ، الرجل اليهودي الذي زعموا أنه أسلم نفاقا في
عهد عثمان بن عفان. وبدت هذه النسبة من جملة اليقينيات الكبرى التي ترسخت
في أحكام القيمة لخصوم الشيعة وممضوغتهم المفضّلة. وربما ليس يجدي أن نحاسب
بعض المؤرخين الذين تأثروا بهذه الحكاية دون أن يصروا عليها بالضرورة
لالتباس أمرها عليهم ، بقدر ما يهمنا محاسبة من اجترها حتى اليوم بتكرار
فيه من بلادة العناد ما لا يخفى. يقول إحسان الهي ظهير بكثير من اليقين
المعتقدي وقد كان من مبتدعي الكذب على الشيعة في العصر الحديث ومنه تفرقت
وزيعة التجديف والحملات غير الموضوعية وغير الأخلاقية ضد تراث ليس فقط
يفقدون أمامه كل أخلاقهم وموضوعيتهم ، بل يفقدون أمامه كل ضميرهم الإنساني .
يقول في كتاب السنة والشيعة: «وأما دين الإمامية ومذهب الاثني عشرية فليس
مبنيا على تلك الأسس التي وضعتها اليهودية الأثيمة بوساطة عبد الله بن سبأ
الصنعاني، اليمني، الشهير بابن السوداء (والسوداء أمه)".


ويقول مقلده الجبهان في كتابه تبديد
الظلام: «أما نحن، فإننا نقول أن التشيع نشاء وترعرع في أحضان الماسونية،
أما غارسو بذرته الأولى، وواضعو حجره الأول فهم: أولا، شخصيات يهودية تقمصت
الإسلام، مقلوبا. فانقلبت به إلى وحوش كاسرة، وصلال تحمل السم الناقع من
أمثال عبد الله بن سبأ اليهودي، وكعب الأحبار ووهب بن منبه".


أما ناصر بن عبد الله القفاري ، صاحب «أصول مذهب
الشيعة الاثني عشرية»، فيقول: "والذي أرى أن الشيعة كفكر وعقيدة لم تولد
فجاءة، بل إنها أخذت طورا زمنيا، ومرت بمراحل. ولكن طلائع العقيدة الشيعية
وأصل أصولها ظهرت على يد السبئية باعتراف كتب الشيعة التي قالت بأن ابن سبأ
أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي..".


وسوف أقتصر، في النقاش، على كتاب «أصول مذهب
الشيعة..»، لجمعه تلك الافتراءات دون فضل إبداعها ، ولاشتباهه في الكثير من
الأمور في هذا المجال! نبدأ بقوله: «وقد اتفق القدماء، من أهل السنة
والشيعة على السواء، على اعتبار ابن سبأ حقيقة واقعية وشخصية تاريخية،فكيف
ينفي ما أجمع عليه الفريقان؟».


هذا الكلام يستدعي إقرارا ـ
مكذوبا ومغالطا ـ بإجماع المسلمين على اعتبار ابن
سبأ حقيقة تاريخية. فهل حقّا أجمع عليها المؤرخون المعتبرون ، على الأقل في
نسبة أصل التشيع لها؟


تردّ هذه الشبهة، من طريقين، أولهما
يتعلق بما يكسر ذلك الإجماع المزعوم، وهو عدم ذكر البلاذري لأي خلفية
شيعية لابن سبأ في أنسابه، وهو ممن تعرض لكل أحداث ما يعرف بالفتنة الكبرى،
وهو من المؤرخين المعتبرين . يكفي أن نعرف بأن عبد الله بن سبأ في أنساب
الأشراف هو نفسه عبد الله بن وهب السبئي الخارجي ، وهو شخصية لا ينطبق
عليها وصف عبد الله بن سبأ المذكور في الكتب الأخرى كما سترى. ترى، هل كان
ذلك جهلا منه، أو أنه غض الطرف عنها؟ فلو اعتقدنا بجهله ذلك، فكيف يستقيم
ادعاء كهذا على مؤرخ كبير، وهو من قرأ في مختلف بطون الأسفار التاريخية،
والأهم من ذلك أنه لم يكن شيعيا. وبناء على ذلك، لن يكون البلاذري إلا
متجاوزا لها، نظرا لتهلهلها، وتهدل محتواها رغم رواجها في زمن سابق عليه.
فإثبات وجود عبد الله بن سبأ مع فرض وجوده لا يرقى إلى إمكانية أن يلعب هذا
الدور الكبير في زمن الصحابة حيث اليقظة الدينية والوعي الكامل بالمندسين
كما سيتفق معنا القائلون بعدالة الصحابة. ويبدو هذا ما حصل مع كل من تعاطى
مع حوادث الفتنة الكبرى قبل الطبري. وإن أثبت بعضهم وجود هذا الشخص مع
تساهل في مجهولية حاله ، فإنه قبل سيف بن عمر وتحديدا قبل الطبري الذي
أخذها من الأول ، لا وجود لمن يربط بين عبد الله بن سبأ وتلك الحوادث
التاريخية ونشأة التشيع. وثانيهما، هو أن خبر «عبد الله بن سبأ»، لم يرد
إلا في مصدر آحاد، وهو سيف بن عمر التميمي الكذّاب الوضّاع الذي لم أقف على
من مدحه من الرجاليين السنة أو لم يقل فيه ما لم يقله مالك في الخمر. فهو
أول من قال بذلك الدور الأسطوري لعبد الله بن سبأ. وسيف بن عمر هذا الذي
جرحه محدثو السنة من أمثال النسائي والبيهقي وغيرهما، يعد مصدر هذه الفرية الشهيرة وهو المرجع الرئيسي لكل من قال بها بعده.
مما يشكك في صحة الرواية كما يزلزل حكاية الإجماع المزعوم.


وإذا كان المؤرخون الذين أخذوا بها بتأثير من تاريخ
الطبري، فإن الطبري باعترافه أخذها هو نفسه عن سيف
بن عمر التميمي. وقبل الاسترسال في بحث هذا الموضوع، نحب أن نستعرض جملة
من شهادات بعض علماء أهل السنة المعاصرين في مسألة الربط بين هذه الشخصية
محل نظر وبين أصل الشيعة وأصولها.


يقول عبد الحليم محمود، شيخ الأزهر:

«رأينا في أصل الشيعة: ولكنا نرى أن السبب في نشأة
«الشيعة لا يرجع إلى الفرس عند دخولهم في الإسلام، ولا يرجع إلى اليهودية
ممثلة في «عبد الله بن سبأ»، وإنما هو أقدم من ذلك. فنواته الأولى ترجع إلى
شخصية «علي»(رض)، من جانب، وصلته بالرسول(ص) من جانب آخر».


وفي السياق نفسه، يقول:

«أما عبدا لله بن سبأ، الذي يلصقونه «بالشيعة»، أو
يلصقون الشيعة به، فهذه كتب الشيعة بأجمعها تعلن لعنه، والبراءة منه.وأخف
كلمة تقولها كتب رجال الشيعة في حقه، ويكتفون بها عن ترجمة حاله عند ذكره
في حرف العين هكذا:


«عبداللّه بن سبأ ألعن من أن يذكر».

من هنا يذكر د. حفني داود:

«ولعل أعظم هذه الأخطاء التاريخية التي أفلتت من
زمام هؤلاء الباحثين وغم عليهم أمرها فلم يفقهوها ويفطنوا إليها هذه
المفتريات التي افتروها على علماء الشيعة، حين لفقوا عليهم قصة «عبداللّه
بن سبأ» في ما لفقوه من قصص أشرت إلى بعضها في مؤلفاتي».


وهذا يدل على عدم وقوع إجماع في المسألة. إذ ثمة من
قال بها، وهناك من أنكرها، من المتقدمين والمتأخرين! لقد تطرق كثير من
الباحثين إلى شخصية عبداللّه بن سبأ. ولكن، رغم تكاثر القائلين بها، لم
تتوضح تفاصيل شخصيته. لأن السؤال العريض هو: من هو هذا الشخص المجهول
الحال؟ كيف نشأ وتربىّ؟ كيف اقنع الأمصار بالمجيء إلى عثمان ؟ لماذا لم
يعاقبه عثمان ولا حتى معاوية؟ من هو أبوه، من هي أمه، من عشيرته.. ما ذكره
في الأنساب وذكر آبائه وعقبه ؟ كل ما يذكره التاريخ، أنه شخصية لا جذور
لها، ولا وجود لتفاصيل حول أحوالها. فكونه عبد الله، لا يفيد شيئا، ما دام
لم يذكر بصيغة ابن كذا أو أبوه كذا..فالنسبة إلى المكان مضافا إلى إسم عبد
الله لا تخرجنا من الالتباس. والكل يعلم ما يثيره موضوع الاشتراك في علم
الحديث بين الأسماء الخاصة فكيف مع الأسماء العامة كعبد الله واليماني؟!
ويقال عنه «اليماني» أو السبائي، وما أكثر عباد اللّه من اليمن..ويقال عنه
ابن السوداء، وما أكثر من أطلق عليهم هذا الوصف في تاريخنا الملتبس. إن كتب
التاريخ والسيرة والأنساب، لم تعطنا صورة واضحة عن هذا الرجل. وإذا كان
العرب يمعنون ويبالغون في ضبط أنساب من هم أقل شأنا وأهون حالا، فكيف لا
يفعلون ذلك بالنسبة إلى شخصية كعبد اللّه بن سبأ، الذي - في زعمهم - كان
وراء أخطر حدث في تاريخ الإسلام، كقتل عثمان ونشأة التشيع؟! إضافة إلى ذلك،
فإن عبد الله بن سبأ هذا، عرف خبره اضطرابا حتى لدى من اعتمده. إن عبد
الله بن سبأ هذا الذي وجد في أذهان بعض المؤرخين، هو ذلك اليهودي الصنعاني
الذي أسلم نفاقا، وهو ذلك الذي قام الإمام علي بحرقه.. وهو ذلك الذي اختفى
فجأءة ولم يسمع له بعد الفتنة ذكر. غير أن بعض مؤرخي السنة، كانوا قد
أطلقوا هذا الاسم على أفراد آخرين. مما يعزز الظن بأن عبد الله بن سبأ لم
يكن سوى عنوانا كبيرا ينضوي تحته عدة أفراد ومصاديق. . ومن تلك المصاديق،
المدعو، عبداللّه بن وهب الهمداني. قال المقريزي في خططه: «وقام في زمانه -
أي علي(ع) - عبد الله بن وهب بن سببأ المعروف بابن السوداء السبئي، وأحدث
القول بوصية رسول اللّه(ص) لعلي بالإمامة من بعده بالنص، وأحدث القول برجعة
علي والنبي وأنه حي وأن فيه الجزء الإلهي، ومن ابن سبأ هذا تشعبت أصناف
الغلاة من الرافضة».


فالواضح، هنا، أن عبد الله بن وهب- ابن سبأ - كان
هو نفسه ابن السوداء. أي أول شخص فيما زعموا، أحدث القول بتلك العقائد
المذكورة. ويترتب على ذلك، أن باقي السبئيين هم أتباعه. يقول ابن حجر في
تبصير المنتبه: «السبئي طائفة منهم عبداللّه بن وهب السبئي». فهل كان ابن
سبأ زعيم السبئية أم رجلا واحدا منهم؟! طبعا الأمر هنا على درجة من الغموض،
حسب عبارة ابن حجر. ولكن حتى نخرج من هذا الغموض، نقول بترجيح كون ابن سبأ
هذا له أتباع سبئيون. فمن هم هؤلاء الأتباع الذين راحوا وراء عبد الله بن
سبأ ووجدوا في تبشيره ما يشد أعناقهم إلى الفتنة! يقول مؤرخو العامة، أنهم
قوم من الصحابة. غير أن قوما من السلفية تداركوا ذلك الموقف وأسقطوه،
بطريقة مغالطة لا مجال فيها للتحليل. ونلاحظ أن ابن حجر آنفا، يؤكد على أن
هناك أكثر من سبئي، افترضنا أنهم كلهم أتباع عبد الله بن سبأ. فمن هم
السبئيون المفترضون أتباع عبد الله السبئي هذا؟ يقول ابن خلدون: «إلا
عمارا، فانه استماله قوم من الأشرار انقطعوا إليه، منهم عبد الله بن سبأ،
ويعرف بابن السوداء. كان يكثر الطعن على عثمان ويدعو في السر لأهل البيت،
ويقول: إن محمدا يرجع كما يرجع عيسى».


ويذكر البلاذري أيضا: «وأما حجر بن عدي الكندي
وعمرو بن الحمق الخزاعي وحبة بن جوين البجلي ثم العرني، وعبد الله بن وهب
الهمداني، وهو ابن سبأ، فإنهم أتوا عليا فساءلوه عن أبي بكر وعمر».


ويذكر ابن خلدون في مورد آخر: «وكان ابن سبأ يأتيه -
أي أبا ذر - فيغريه بمعاوية، ويعيب قوله: المال مال اللّه .. حتى عتب أبو
ذر في ذلك معاوية .. وجاء به عبادة إلى معاوية وقال: هذا الذي بعث عليك أبا
ذر».


من خلال هذه الشهادات التاريخية عند العامة. سوف
نقع حقيقة في التجني والطعن في بعض الصحابة الأجلاء. لقد تبين من خلال ذلك
أن فرقة السبئي وأتباعه، تتألف من: عمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري، وحجر بن
عدي، وعمرو بن الحمق الخزاعي، ومحمد بن أبي بكر ومالك الأشتر ومحمد بن أبي
حذيفة وهم من خيرة الصحابة الذين انزاحت عنهم كاميرا حراس عدالة الصحابة،
ليس لشيء إلاّ لأنهم كانوا أيضا فضلا عن صحبتهم للرسول الأعظم(ص)، صحابة
وحواريين لعلي بن أبي طالب ورجاله الذين من حوله. سوف يضحي تاريخنا المزيف
هذه المرة بفريق كبير من الصحابة، حين صورهم كما لو كانوا سذّجا جهالا
ينتظرون من الأغراب أن يعلموهم دينهم فيقعوا في التباس ديني وينحرفون. ولكن
هذا التاريخ البليد المتناقض لا يقول لنا لماذا لم يقتل معاوية ابن سبأ
بعد أن أوتي به إليه وهو من صمم على قتال علي والأمة التي معه دفاعا عن
قريبه عثمان؟! هناك إذن استغباء للصحابة وتسطيح للسياسة وتشقلب في حبك
الصورة. ولقد ذكر بعض الباحثين أن ابن سبأ، إنما هو اسم أطلقه الجهاز
الأموي على عمار بن ياسر. وذلك لمجموعة قرائن؛ منها أن ابن
ياسر، هو عمار بن ياسر العنسي السبائي، من سبأ، وكان عثمان قد أطلق عليه
اسم «ابن السوداء» في قوله الشهير:«ويلي على ابن السوداء». وقد كان عمار بن
ياسر من أكبر الدعاة إلى علي بن أبي طالب في زمن عثمان والناقمين على هذا
الأخير بشهادة كل المؤرخين آخرهم ابن خلدون. من جهة أخرى زعموا أن ابن سبأ،
كما تصوره بعض الباحثين، كان يدعو إلى ألوهية علي ابن أبي طالب. ومن
القائلين بالرجعة. غير أن ابن سبأ الذي اعتبره البلاذري وابن حجر وغيرهما،
«ابن وهب» كان خارجيا من الخوارج المفترض أنهم يكفرون عليّا وليس أنهم
يؤلهونه. ذكر الذهبي في المشتبه: «وعبد الله بن وهب السبئي رأس الخوارج».
ويقول أيضا: «وفيها كانت وقعة النهروان بين علي والخوارج فقتل رأس الخوارج
عبد الله بن وهب السبائي» . وفي «تبصرة المنتبه» لابن حجر: «السبئي طائفة
منهم عبد الله بن وهب السبئي رأس الخوارج».


وإذا كان عبد الله بن وهب رأس الخوارج، وهم من كفر
عليا(ع) وقتله، فكيف يكفر هؤلاء ربهم وكيف يقتلونه بعد أن زعموا أنه لن
يموت؟!


لقد ذكر ابن خلدون، أن عمار
بن ياسر، كان يقول بالرجعة والوصية. ثم ذكر أنه أخذها عن ابن سبأ. وتقول
كتب التاريخ العامة أن هذا الأخير، هو عبد الله بن وهب. وتبين أن هذا
الأخير كان ممن حارب عليا(ع) وقتل بالنهروان. فيترتب على ذلك أن عمارا قال
بالوصية ودعا إليها. فأطلق عليه عثمان بعد ذلك «ابن السوداء» نبزا لأمه ـ
أول شهيدة في الإسلام ـ. ولأن عمارا من سبأ، سمي ابن سبأ أو السبائي وابن
السوداء.


يذكر صاحب «أصول مذهب الشيعة» ـ وهي بالمناسبة
أطروحة بليدة ومتحيزة تفتقر إلى الحس النقدي وملكة الإبداع ـ فيقول من دون
تحقيق يرضي العقلاء: «وقد اتفق القدماء من أهل السنة والشيعة على السواء،
على اعتبار ابن سباء حقيقة واقعية وشخصية تاريخية، فكيف ينفي ما اجمع عليه
الفريقان».


ثم يبدأ الكاتب في استعراض بعض مصادر الشيعة التي
ذكرت ابن سبأ ـ كما يفعل بعض المتأخرين في تحشيد مرويات الشيعة في إثبات
خلاف ما يعتقدون خارج سياق فهم تلك النصوص ومنهجية التعاطي معها ـ وهو في ذلك لم يفعل سوى أن نقل عن سلفيه، إحسان الهي
ظهير، والجبهان. وسوف نعالج تلك الشبهة بموجب التحقيق لا التغليط. لقد
اعتمد الكاتب رواية «الكشي»، بقوله :"قال الكشي: بعد ذكر تلك الروايات ذكر
أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليّا، وكان يقول،
وهو على يهوديته، في يوشع بن نون: وصي موسى، بالغلو. فقال في إسلامه بعد
وفاة رسول اللّه(ص) - في علي(ع) - مثل ذلك. وكان أول من شهد بالقول بفرض
إمامة علي وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن هاهنا قال
من خالف الشيعة: أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية».ويقول بعدها: «ثم إن
هذه الروايات الست كلها جاءت في رجال الكشي، والذي يعتبرونه أحد الأصول
الأربعة التي عليها المعول في تراجم الرجال».


وقد غاب على مردد هذه الأسطوانة المشروخة بأنه لا
يكفي القول إن الكشّي ذكرها بوصف رجاله من بين الأربعة المعول عليها في علم
الرجال الشيعي. لأنه غاب عنه أن الاعتبار في المقام وإثبات الوثاقة
والاطمئنان إلى توثيقات الكشي ليست مطلقة وهي تنهض على موازين في مقام
التراجيح. هناك أربعة رجاليين أساسيين لا شك في ذلك. لكن توثيقاتهم عند
التعارض تفرض تقديم بعضهم على بعض. ناهيك عن أنه ليس كل ما ذكروه صحيح مع
وجود قرائن تكذّبه. هنا يوجد خلط بين ثقة الرجالي و اعتبار توثيقاته. فكلام
الكشي يثبت أن الشيعة وقعوا ضحية ما شاع حول الرجل. غير أن الكاتب يأبى
إلا أن يلوي عنقها ليجعلها وثيقة واقعة في خط الاتهامات التي تحاك ضد
الشيعة من كونهم أتباع عبد الله بن سبأ. وفضلا على هذا كان أحرى بمن يستشهد
بمثل هذه الروايات من كتب الشيعة أن يتذكر بأنهم لو كانوا أتباعا لعبد
الله بن سبأ لما أوردوا مثل هذه الأخبار وربما كما فعل الكشي أثبتها من دون
أن يعتبرها ذات قيمة سوى أنه مما أحب أن يملأ بها كتابه . لأننا ندرك أن
مصدره لم يكن معتبرا كما سنبين. وفي مثل هذه الحالة ليس في نقله لها ما
يؤكد خبرويته بخصوص هذا الرجل ، حيث الخبروية هاهنا تعتبر أساسا لحجية قيام
علم الرجال أصلا. وسأعترض على هذا المنطق بأكثر من دليل:


أولا: إن استحضار وجهة النظر الشيعية في قضية ابن
سبأ، لابد أن تكون عملية شاملة تعبر عن وجهة النظر الشيعية العامة.


ثانيا: إن وجود هكذا رواية
في رجال الكشي، فضلا عن أنها لا تثبت مدعى فرية السبئية ، لا يدل مطلقا على
صحة الرواية. خصوصا إذا اعتبرنا مدى صحتها من ضعفها.


في الملاحظة الأولى، لابد أن نقول: إن رواية الكشي
لا تعبر عن وجهة النظر الشيعية كلها. ذلك أن الكتب الأربعة المعتمدة لم ترو
الأحاديث الخمسة التي رواها الكشي. مع أن رجال الكشي كانوا من المشهورين.
هذا فضلا عن أن في كتب الشيعة روايات عن عبد الله بن سبأ تخالف ما رواه
الكشي، بل تناقضه. لقد روي عن أبي عبد الله عن آبائه(ع) أن عليا(ع) قال:
«إذا فرغ أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء». فقال
ابن سبأ: «يا أمير المؤمنين أليس اللّه في كل مكان؟».


فقال: بلى.

قال: فلم يرفع يديه إلى السماء؟ قال: أما تقرأ في
القرآن: (وفي السماء رزقكم وما توعدون)، فمن أين يطلب الرزق؟ إلا من موضعه،
وموضع الرزق وما وعد اللّه السماء.


وعن المسيب بن نجبة قال: «قد جاء رجل إلى أمير
المؤمنين(ع) ومعه رجل يقال له: «ابن السوداء» فقال: «إن هذا يكذب على اللّه
وعلى رسوله ويستشهدك!» فقال(ع):


«لقد أعرض وأطول، يقول ماذا؟» فقال:

«يذكر جيش الغضب»، فقال:

«خل سبيل الرجل» أولئك قوم يأتون في آخر الزمان».

إن هذه الروايات الواردة في كتب القوم معتبرة،
ومناقضة لما جاء في الروايات المذكورة في رجال الكشي وغيرها. فمن جهة تثبت
أن الإمام علي(ع)، قد نزه الرجل وأطلق سراحه وهو يخالف ما ثبت في رواياتهم
أنه أحرقه هو وأصحابه. وتناقضها من جهة أن عبد الله بن سبأ هنا ظهر رجلا
منزها للخالق، ومعترضا على الإمام علي(ع) إمعانا منه في التنزيه.


فإذا أردنا أن نعمم البرهان، كيف يستقيم الأمر مع
كل هذه الروايات المضطربة متنا وسندا. حيث يظهر عبد الله بن سبأ في صور
مختلفة. فمرة يبدو مغاليا ومؤلها لعلي بن أبي طالب، ومرة يظهر ناقما
ومحاربا لعلي بن أبي طالب وأنه رأس الخوارج كما يظهر من خلال بعض الروايات،
أنه قتل في النهروان. وتارة أخرى يبدو مؤمنا منزها..وأحيانا أخرى، ينفى
إلى المدائن وثالثة لم يعب كما في الرواية الأخيرة.. ورابعة أحرق في من
أحرقوا بالنار...؟! هذا الاضطراب يدعو إلى التريث وعدم الاستعجال
والتّأمّل. وهو في الحد الأدنى يكسر شهرة الرواية وذيوعها وصحتها ويفضح
المبالغات التي تشكلت حولها لتمنحها شهرة مفتعلة ، شهرة لا قيمة لها في جبر
الضعيف ، لأنها شهرة وسائل الإعلام الأموية في عصر كان يلعن فيه الإمام
علي في منابر بني أمية عقب كل صلاة ؟!


أما المساءلة الثانية، في مجرى ملاحظاتنا على
الموضوع ، هي أن وجود مثل هذه الروايات في رجال الكشي لا يدل على صحتها
المطلقة. كما أن ضعفها لا يخدش في نزاهة الراوي. وقد سبق أن ذكرنا أن الكتب
الأربعة لم ترد فيها روايات الكشي الخمس. وهذا يدل على أن مصادرها في رجال
الكشي لم تكن شيعية. بل إنها تشبه روايات الطبري المنقولة عن سيف بن عمر
التميمي. ولا يمكن الادعاء أن «الكشي» كان سباقا ولا غير ناقل لتلك
الرواية. وقد كان من معاصري الكشي قوم قالوا بتلك الروايات، كابن قولويه
(369 ه) وبعد ذلك أصبح الكشي مصدرا لها في من أتى بعده من تلامذته. والذين
قالوا بها عند الشيعة إنما أخذوا بها من أقدم مصنف في الرجال، وهو رجال
الكشي. يقول السيد مرتضى العسكري وهو فارس التحقيق في اختلاق هذا المجهول:
«ومن ثم انتشرت روايات رجال الكشي عن ابن سبأ في كتب الرجال ورمزوا اليه
بـ(كش)، ومنه أخذ ترجمة ابن سبأ كل من جاء بعده من علماء الرجال، مثل
التفرشي الذي نقل إحدى رواياته بترجمة عبد الله بن سباء من كتابه نقد
الرجال الذي الفه سنة (1015 ه) ورمز إليه بـ(كش). والاردبيلي(...) ومن أهل
الحديث، أخرج المجلسي (1110 ه) الروايات الخمسة والخبر الأخير عن الكشي في
موسوعته الحديثية البحار و.. و..».


ويعترف صاحب كتاب «أصول الشيعة الاثني عشرية» بأنه
اعتمد في مجمل ما ذكره على تهذيب الطوسي، إذ قال: «ومانقلناه عن الكشي هو
من تهذيب الطوسي واختياره لأن الأصل - كما يقولون - مفقود لا يعرف له أثر».


هذا فضلا عن أن الكشي كان يروي عن الضعاف. وهو عند
الشيعة ليس كما اعتبره الكاتب. أنه ثقة، أي نعم، لكنه يروي عن الضعفاء
أحيانا. يقول النجاشي بترجمة الكشي من رجاله: «الكشي أبو عمرو، كان ثقة
عينا، روى عن الضعفاء كثيرا، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه، له كتاب
الرجال، كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة».


وكان يروي عن أهل السنة، ومنهم أخذ رواية عبد الله
بن سبأ التي اختلقها سيف بن عمر التميمي الكذّاب وانفرد بها . يقول الشيخ
أبو علي الحائري في الكشّي: «محمد بن عمر أقول: ذكر جملة من مشايخنا أن
كتاب رجاله المذكور كان جامعا لرواة العامة والخاصة خالطا بعضهم ببعض، فعمد
إليه شيخ الطائفة، طاب مضجعه، فلخصه وأسقط منه الفضلات».


إن غاية ما نصبو إليه، وزبدة بحثنا في الموضوع، هو
العمل على دحض الفكرة القائلة بالأصل السبئي للتشيع. فالتشيع يعود، في
أصوله، إلى فرقة عايشها الإمام علي(ع) وأئمة أهل البيت(ع). وكانت تشكل
مدرسة قائمة لها جذورها في عمق التربة الرسالية، ولها مرتكزاتها في بيت
النبوة. لقد اكتظت رفوف المكتبات والخزانات بما يخرس الألسن الطّولى في
إثبات الأصل النبوي للتشيع، وذكرنا بعضا من ذلك في مؤلفاتنا السابقة. فما
يمكن قوله هو أن عليا(ع) وليس عبد الله بن سبأ، هو إمام الشيعة وملهمهم!


إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة  1 Sabaa_
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-3itra.ahlamontada.net/
 
إدريس هاني/عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة 1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» إدريس هاني / عبد الله ابن سبأ ، أسطورة في أسطورة 2
» حوار مع السيد : إدريس هاني
» إدريس هاني وأسئلة التشيع بالمغرب
» الإصلاح الإسلامي من الفكر إلى السياسات / إدريس هاني
» في نقد المزايدة بالمذهب المالكي / إدريس هاني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
العترة الطاهرة لشيعة المغرب :: منتدى الشيعة المغاربة :: قسم المساهمات الفكرية لشيعة المغرب-
انتقل الى: