عصام احميدان الحسني
إن الحكم في المغرب توجس كثيرا من الربيع العربي وخشي أن يطاله ، فبادر إلى تعديل دستوري يعطي صلاحيات أوسع نسبيا مما كان عليه الأمر في السابق لرئيس الجكومة ، كما أن حزب السلطة الذي كان يستعد لتقليد نموذج الحزب الحاكم في تونس ومصر سرعان ما طلب منه التواري عن الأنظار ، فاختفى فؤاد عالي الهمة والماجيدي ..ولما أفرزت الثورات في تونس ومصر وليبيا صعود الحالة الإسلامية ..وضغط فيلتمان على المغرب كي لا يفسد العرس الثوري العربي وأيضا ضغط القطريون بطريقتهم الخاصة من خلال ضخ مليارات من الدولارات في الاستثمار بالمغرب و تلويحهم بورقة حركة 20 فبراير ..كان لابد للحكم أن يعطي انطباعا أنه جزء من الربيع العربي من دون ثورة .
غير أنه ينبغي استحضار مسألة أساسية وهي أن قانون اللعبة السياسية بالمغرب وحالة الفسيفسائية الحزبية بالمغرب لا تسمح بإيجاد حكومة قوية ، لأن أي حزب سيفوز لن يحقق الأغلبية الساحقة وسيضطر دوما للتحالف مع اليمين واليسار ، مما سينتج في نهاية المطاف حكومة هجينة لا تختلف شكلا أو مضمونا مع حكومة السيد عباس الفاسي .
كما أنه ينبغي استحضار مسألة أخرى وهي أن المعارضة المقبلة ستكون قوية سواء من داخل اللعبة السياسية أو من خارجها ، فمن داخل اللعبة سيكون حزب العدالة والتنمية مع يواجه مجموعة الثمانية وهي مجموعة لا ينبغي الاستهانة بثقلها المالي ونفوذها السياسي في إطار الجماعات المحلية هذا إضافة للضغوطات التي سيمارسها حلفاء حزب العدالة والتنمية للقبول بعملية التحالف لتشكيل الحكومة المقبلة فضلا عن معارضة من خارج اللعبة السياسية تمثلها حركة 20 فبراير بكل أطيافها السياسية .
أيضا يجب التذكير بأن الظرفية السياسية والاقتصادية التي سيمر بها المغرب محرجة ، فهناك صغود لليسار الفرنسي المعارض للمغرب والقريب من البوليساريو وأيضا صعود اليمين في إسبانيا بزعامة راخوي وهو الحزب المعرو بعدائه للمغرب وقربه من البوليساريو ، أضف إلى ذلك أزمة منطقة اليورو التي إن وصلت لفرنسا فستنعكس حتما علي المغرب بحكم العلاقات التجارية القوية بين المغرب وفرنسا .
أيضا يجب ألا ننسى أن هناك ضغوط أمريكية وخليجية لتسوية ملف الصحراء بطريقة قد لا ترضي الشعب المغربي ، بناءا على ما تسرب من معلومات أن هناك شبه اتفاق تم في الكنارياس على موضوع الحكم الذاتي في أفق الاستفتاء ، مما يعني أننا مقبلون على احتمال فصل الصحراء عن المغرب و ما سيتبعه من ترسيم للحدود بين المغرب والجزائر ، وهو الأمر الذي أشار له التعديل الدستوري الجديد وأوكله لرئيس الحكومة وليس للملك ، مما يعني أن رئيس الحكومة المقبل هو من سيوقع على اتفاقية ترسيم الحدود وسيتحمل لوحده مسؤولية تاريخية في ملف وحدتنا الترابية .
خلاصة القول أن ما سيدفعه حزب العدالة والتنمية لا يقارن أبدا بما سيخسره ، كما أن ما سيربحه الحكم أكبر من أن يقارن بحقائب وزارية لا تستطيع الحراك بحرية كما لا تستطيع أن تحقق مكاسب سياسية للحزب الفائز ..هذه قرائتي المتواضعة والزمن بيننا ليحكم على مدى صدقية هذه القراءة من عدمها .