[center]
بدأت تظهر وجهات النظر الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية الغربية الساعية إلى توجيه الانتقادات لأداء المعارضة السورية ، وكشف أخطاء فعالياتها، وفي هذا الخصوص ظهرت مساء أمس ورقة بحثية أمريكية تطرقت بالبحث والتحليل ضمن ما أطلقت عليه تسمية الإخفاقات في أنشطة دعاية المعارضة السورية: فما هي أنشطة المعارضة السورية الدعائية، وما هي طبيعة إخفاقاتها، وإلى أي مدى أثرت هذه الإخفاقات سلباً بما أصبح الآن بمثابة إخفاق وضعف لهذه المعارضة؟
* أنشطة المعارضة السورية الدعائية: توصيف الإخفاقات
تحدث المدخل التمهيدي ملخصاً إشكالية إخفاق أنشطة المعارضة السورية الدعائية، على أساس اعتبارات النقاط الآتية:
• سعت المعارضة السورية إلى إطلاق فعاليات حملة بروباغاندا دعائية هدفت لخلق انطباع بأن قاعدة المساندة الاجتماعية للنظام السوري أصبحت تعاني من حالة تفكك، وأن النظام نفسه أصبح يعاني من حالة التفكك.
• سعت المعارضة السورية إلى تنظيم نفسها بشكل جيد خلال الفترة الأخيرة بما يمكن أن يفسح المجال أمام وحدة قوامها.
وخلصت مقدمة المدخل التمهيدي إلى أنه برغم نجاح المعارضة في جهود توحيد صفوفها، فإنها منيت بنكسة كبيرة بفعل إخفاقات البروباغاندا الدعائية التي ظلت تقوم بها خلال الأشهر الطويلة الماضية. وبالتالي فقد أصبحت المعارضة السورية تعاني من انعدام المصداقية، والافتقار إلى التنسيق.
على أساس النقاط المشار إليها، انتقلت الورقة البحثية لجهة استعراض الوقائع التي أفقدت المعارضة السورية المصداقية، وذلك على النحو الآتي:
• في يوم 10 كانون الأول (ديسمبر) 2011م، تحدثت مصادر المعارضة السورية، الموجودة في لندن، عن مقتل أحد كبار المسؤولين في دمشق بواسطة مسؤول كبير آخر، ولم تكتف مصادر المعارضة بذلك بل سعت إلى الحديث عن التفاصيل والملابسات، ولاحقاً، تبين أن مزاعم المعارضة السورية اللندنية كانت غير صحيحة.
• سعت مصادر المعارضة السورية إلى الزعم مسبقاً، بوجود خلافات عدائية بين قيادة قوات الحرس الجمهوري، وقيادة المؤسسة الأمنية، ولاحقاً تبين أن هذه المزاعم غير صحيحة.
وتأسيساً على هذه النقاط، أشارت الورقة البحثية إلى أن مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأمريكية والعالمية المعنية بالشأن السوري والشرق أوسطي قد حاولت أن تجد الدليل والبرهان على صحة مزاعم المعارضة السورية ولكنها لم تجد أي شيء يؤكد ذلك.
وإضافة لذلك، أشارت الورقة البحثية إلى أن الكثير من مزاعم المعارضة السورية أصبحت تتميز بالضعف وانعدام المصداقية، بما أدى إلى جعل الأعداد الكبيرة من المعارضين السوريين الموجودين في الخارج لا يساندون هذه المزاعم، وإضافة لذلك، فقد أصبحت حالياً العديد من المؤسسات الإعلامية والصحفية العالمية أكثر حرصاً لجهة التعامل بقدر من التحفظ إزاء المعلومات والتقارير التي تقوم فعاليات المعارضة السورية الخارجية بالترويج والتسويق لها. وإضافة لذلك، تحدثت الورقة البحثية قائلة بأن مزاعم المعارضة السورية اللندنية الأخيرة قد قوبلت بتجاهل بعض مؤسسات هذه المعارضة نفسها، منها على سبيل المثال لا الحصر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، و"لجان التنسيق المحلية"، بل وحتى المؤسسات الإعلامية الأمريكية المعادية لسوريا سعت بدورها لجهة تفادي نشر وبث مزاعم المعارضة اللندنية الأخيرة الصادرة في يوم 10 كانون الأول (ديسمبر) 2011م الماضي.
* محفزات بروباغاندا المعارضة السورية الدعائية
تحدثت الورقة البحثية عن وجود عدد كبير من الجماعات السورية المعارضة، وأضافت الورقة بأن هذه الجماعات وإن كانت تبدو ضمن السياق المعارض، فإنها تتميز بالتنافر وانعدام التنسيق، وحتى المجموعات المعارضة الكبيرة اتضح أنها تفتقر إلى تنسيق الأخبار العادية ناهيك عن تنسيق الجهود والعمل، وفي هذا الخصوص أشارت الورقة البحثية إلى أن أسباب قيام جماعات المعارضة السورية بإطلاق المزاعم والأخبار غير الصحيحة، الهدف منه الآتي:
• حث السوريين في الداخل على ضرورة الانخراط في فعاليات المعارضة، تحت وهم الافتراض الذي يزعم بأن النظام أصبح يعاني من التفكك الداخلي.
• إقناع الأطراف الخارجية المعادية لدمشق مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا، وأيضاً السعودية وبلدان الخليج العربي، بأن النظام قد أصبح يعاني من الانقسامات والتفكك، وبأنه على وشك القيام بتنفيذ مذبحة ضد المدنيين السوريين المحتجين.
• إقناع السوريين في الداخل والخارج، وأيضاً إقناع الأطراف الدولية الخارجية، بأن الانهيار النهائي للنظام، سوف لن يترتب عليه حدوث اضطرابات وعدم استقرار على غرار ما حدث في العراق بعد انهيار نظام الرئيس الراحل صدام حسين. أو على غرار ما أصبح على وشك الحدوث من فوضى وحرب أهلية ليبية داخلية بعد انهيار نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
• الترويج للمزاعم القائلة بأن ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر" هو جيش يهدف إلى حماية المدنيين السوريين، علماً بأن هذا الجيش موجود في تركيا، وليس في أوساط المدنيين.
• الترويج للمزاعم القائلة بأن المعارضة السياسية السورية سوف تسعى لجهة الالتزام بالمحافظة على سلامة هياكل الدولة، علماً بأن العديد من مؤسسات الدولة قد تعرضت للهجمات المسلحة، وبالذات مباني ومصنفات قصور العدل والمحاكم، وحتى مراكز الشرطة العادية.
وإضافة لذلك، أشارت الورقة إلى أن جماعات المعارضة السياسية السورية، قد سعت مؤخراً لجهة المطالبة بتنفيذ عملية إضراب عام ضمن خطوات مرحلية، وذلك ضمن ما أطلقت عليه فعاليات المعارضة تسمية "إضراب الكرامة"، والذي حددت يوم 12 كانون الأول (ديسمبر) 2011 للبدء والشروع في تنفيذه، وفي هذا الخصوص أشارت الورقة البحثية إلى حدوث الآتي:
• سعت فعاليات المعارضة السورية وبالذات المرصد السوري لحقوق الإنسان، ولجان التنسيق المحلية، لجهة بث البروباغاندا الدعائية القائلة بأن الإضراب العام قد نجح بشكل كامل في مناطق حمص ـ درعا، ودوما، وبأن فعاليات الإضراب بدأت تنتقل عدواها إلى المراكز المالية والتجارية الكبيرة مثل مدينة حلب.
• سعت السلطات السورية لجهة التصدي للبروباغاندا الدعائية المتعلقة بإضراب المعارضة عن طريق نشر وبث الصور والمشاهد الإعلامية الفورية خلال فترة إضراب المعارضة المفترض، وذلك على النحو الذي أقنع الجميع داخل وخارج سوريا بأن السوريين قد تجاهلوا هذا الإضراب.
وتعليقاً على هذه النقاط، فقد ذكر مركز دراسات ستراتفور الاستخباري الأمريكي بأن "مصادره في دمشق" قد أكدت له بأن السوريين لم ينخرطوا في هذا الإضراب، وإضافة لذلك أكدت له هذه المصادر بأن أعداداً كبيرة من السوريين قد تلقوا رسائل الكترونية قادمة من هواتف أجنبية تحمل أرقام أمريكية تدعو السوريين للمشاركة في الإضراب. وبرغم ذلك، وبحسب تقرير ستراتفور، فإن السوريين قد تجاهلوا بشكل كامل الدعوة للإضراب.