يؤكد البحرينيون الشيعة ان حركتهم الاحتجاجية التي قمعت بالقوة في اذار/مارس طالبت بالديموقراطية شأنها شأن باقي حركات الربيع العربي، الا انهم ينظرون بمرارة الى ضعف الدعم العربي والدولي على خلفيات طائفية وبسبب اتهامات بالارتباط بايران.
ومثلت الاحداث في البحرين والتي كانت جزءا من "الربيع العربي" للانتفاضات الشعبية على الحكام المستبدين في الشرق الاوسط تحديا للولايات المتحدة التي تنظر الى البحرين على انها حليف في مواجهة النفوذ الايراني لكنها تريد ان ينظر اليها على انها مؤيدة للديمقراطية في كل مكان.
خذلان عربي
وقال النائب الشيعي المعارض السابق مطر مطر ان "حالة البحرين هي ابرز مثال للنفاق الدولي"، معبرا بذلك عن رأي الكثيرين من ابناء الطائفة الشيعية التي يشكل ابناؤها غالبية سكان البحرين.
ويرى الشيعة البحرينيون ان السلطات في المملكة تمكنت من قمع حركة احتجاجية اندلعت في منتصف شباط/فبراير بعد شهر فقط، ومن طرد الشباب الذين كانوا يعتصمون في دوار اللؤلؤة في وسط العاصمة للمطالبة بالتغيير، دون مساءلة لان القوى الاقليمية كانت تنظر الى الاحتجاجات على انها مؤامرة ايرانية ضد حكم آل خليفة السنية في البحرين.
من جانبه، قال النائب الشيعي السابق هادي الموسوي ان "الشعب تجاوب مع حالة في العالم العربي".
وبعد قمع الاحتجاجات في منتصف آذار/مارس وسقوط 35 قتيلا، عادت اعداد اصغر من الشباب المحتجين للتظاهر في الشارع. وبالنسبة لشادي حميد مدير الابحاث في معهد بروكينغز بالدوحة فان "البعد الطائفي" كان السبب الرئيسي لضعف التضامن العربي مع المحتجين في المملكة. واضاف "كان ينظر بشكل كبير الى الانتفاضة البحرينية على انها انتفاضة شيعية (...) وبالفعل كان من الواضح ان هناك نقصا لافتا في التضامن مع المعارضة البحرينية".
والانتفاضة في البحرين خلقت انقاسما في الرأي العام في العالمين العربي والاسلامي، فالسنة عموما نظروا بريبة الى هذه الحركة بينما دعمها بوضوح الشيعة في كل من لبنان والعراق اضافة الى ايران. بحسب فرانس برس.
وفي خضم الحركة الاحتجاجية البحرينية في شهر اذار/مارس، اعتبر الداعية المصري القطري النافذ يوسف القرضاوي ان انتفاضة البحرين "ثورة طائفية ليست كباقي الثورات" في العالم العربي، مصرا على انها "ثورة شيعية ضد السنة".
واشارت تقارير صحافية الى ان الازهر وجماعة الاخوان المسلمين تهربا من استقبال جمعية الوفاق الاسلامية التي تمثل التيار الشيعي الرئيسي في البحرين عندما زار قياديون فيها القاهرة في تشرين الاول/اكتوبر لحشد الدعم لمطالب المعارضة.
بدوره قلل زعيم حزب النهضة الاسلامي في تونس راشد الغنوشي من اهمية تسجيل يظهر الرئيس التونسي الحالي منصف المرزوقي وهو يتظاهر في الربيع الماضي مع مجموعة من الشباب امام السفارة البحرينية في تونس دعما للتظاهرات في المملكة الخليجية.
ونقل الشيخ السني البحريني البارز عبداللطيف ال محمود عن الغنوشي قوله ان هذا "شريط قديم عندما لم تكن الصورة واضحة للتونسيين"، بحسب الصحف البحرينية.
وقال آل محمود الذي يتزعم تجمع الوحدة الوطنية، وهو التجمع الذي رص صفوف السنة للدفاع عن الحكومة خلال الاحتجاجات، ان السنة في البحرين يخشون من التحول الى محكومين من قبل الشيعة، كما حصل في السنة العرب في العراق بعد سقوط صدام حسين.
وقال آل محمود ان "السنة في حالة دفاع عن النفس"، مشيرا الى انه لو لم تتحرك الحكومة البحرينية لحصل في البحرين مثل ما حصل في العراق".
وبدورها فشلت القوى الغربية الكبرى، وفي طليعتها الولايات المتحدة، في تقديم دعم حقيقي للاحتجاجات في البحرين كما فعلت في دول عربية اخرى، واقصى ما وصلت اليه هو دعوة المنامة الى عدم استخدام القوة المفرطة والى القيام باصلاحات.
وقال مطر مطر في هذا السياق ان "شعارات الديموقراطية والتحرر تقف عندما تصل الى البحرين". واشار هذا القيادي المعارض الى وجود مصالح استراتيجية للولايات المتحدة تدفعها الى الوقوف الى جانب الحكومة البحرينية، خصوصا وجود مقر الاسطول الاميركي الخامس في المنامة فضلا عن امن الامدادات النفطية.
واعتبر شادي حميد ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما "وضعت نفسها في الجانب الخطأ من التاريخ (...) فالبحرين كانت اصعب اختبار لواشنطن في اطار دعم الديموقراطية وقد فشلت فيه".
الا انه رأى ان موقف واشنطن وباقي الدول الغربية "ليس مفاجئا" نظرا للمخاوف من طموحات ايران. واشار الى ان "احدا لم يتمكن من تقديم ابسط دليل على ان التيار المعارض الرئيسي" في البحرين تابع لايران.
ولطالما اتهمت المعارضة الشيعية في البحرين بانها مرتبطة بايران وبانها تسعى لنسخ نظام ولاية الفقيه، الامر الذي تنفيه المعارضة. وقال الموسوي "معظم شيعة البحرين يرجعون الى فقهاء لا يؤمنون بولاية الفقيه".
واذ شدد على ان الشيعة في البحرين متمسكون بعروبتهم وولائهم لوطنهم، قال "اعط شعبك ديمقراطية ومساواة في المؤسسات، ودع عنك ولاية الفقيه".
ولتأكيد ولائهم للبحرين واستعدادهم للتعايش مع العائلة الحاكمة السنية، يستذكر الكثير من الشيعة قيام ابناء قرية سترة بحمل الملك حمد بسيارته احتفالا بزيارته اثر التصويت بنسب 98,4 في المئة لمصلحة الاصلاحات التي تقدم بها في استفتاء 2001. وخلص الموسوي الى القول انه "بالرغم من اننا صوتنا للعروبة في بداية السبعينات، لازلنا متهمين بايران"، في اشارة الى استفتاء اجرته في حينه الامم المتحدة لحسم خلاف بين بريطانيا وايران حول مصير البحرين.
المئات يتحدون قرار حظر التظاهر
تجمع مئات الاشخاص السبت في البحرين استجابة لنداء من المعارضة الشيعية للاحتجاج على قرار السلطات حظر التظاهر، كما افاد ناشط في مجال حقوق الانسان واشرطة فيديو بثت على مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت.
وشارك الشيخ علي سلمان رئيس جمعية الوفاق، ابرز حركات المعارضة الشيعية، في تجمع مع شخصيات اخرى بارزة من المعارضة. وجرى التجمع على قارعة الطريق السريع الذي يربط القرى الشيعية بالعاصمة المنامة، وذلك بعد ان اغلقت شرطة مكافحة الشغب كل الطرق المؤدية الى توبلي، مكان التجمع الاساسي الذي دعت اليه المعارضة جنوب غرب العاصمة، كما اوضح مطر مطر النائب السابق المعارض.
وبعد التفاوض عبثا مع الشرطة طلب الشيخ سلمان من المتظاهرين العودة الى منازلهم، مؤكدا ان الرسالة قد وصلت. واعلنت وزارة الداخلية في بيان انها رفضت طلبا للتجمع تقدمت به الوفاق، معتبرة ان هذا التجمع قد يعطل حركة السير في اكبر طرق البلاد.
ناشط بحريني يتعرض للضرب خلال احتجاج
في ساق متصل قال نشطاء من المعارضة ان قوات الأمن البحرينية تعدت بالضرب على ناشط حقوقي بارز أثناء مواجهة بعد مسيرة احتجاجية. واضاف النشطاء ان عددا من ضباط الامن طرحوا نبيل رجب ارضا وتعدوا عليه بالضرب على راسه ورقبته وظهره. وقال محام تحدث مع رجب انه نقل الى المستشفى مصابا بجروح ولكن لم يتضح على الفور ما اذا كان قد تم اعتقاله.
ونفت وزارة الداخلية البحرينية على الفور تلك الاتهامات قائلة على صفحتها على موقع تويتر ان الشرطة عثرت على رجب رئيس المركز البحريني لحقوق الانسان مستلقيا على الارض ونقلته للمستشفى للعلاج.
وكانت الوزارة حذرت في وقت سابق بأن المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها اكبر الجماعات المعارضة في المملكة غير قانونية وقالت انها ستتخذ اجراءات قانونية ضد من يخالف ذلك.
يأتي الحادث ضمن مواجهات تحدث يوميا بين قوات الامن والمتظاهرين في البحرين التي شهدت حملة عنيفة ضد المحتجين المناهضين للحكومة العام الماضي.
فيما دعت الولايات المتحدة حليفتها البحرين الى التحقيق في قضية النشاط بعد تعرضه للضرب على أيدي قوات الامن.
ونفت وزارة الداخلية البحرينية تلك الاتهامات قائلة على صفحتها على موقع تويتر ان الشرطة عثرت على رجب مستلقيا على الارض ونقلته للمستشفى للعلاج.
وقال مسؤول امريكي رفيع عدم نشر اسمه ان مسؤولين من السفارة الامريكية في المنامة التقوا لمدة ساعة مع رجب المصاب بقطع تحت عينه وكدمات في وجهه. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند في بيان خطي ان "الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق من استمرار حوادث العنف في البحرين بين الشرطة والمتظاهرين.
"وعلى الرغم من ان الحقائق التي تكشفت والمحيطة باعمال العنف مازالت محل خلاف فاننا نحث بقوة حكومة البحرين على اجراء تحقيق كامل (في قضية رجب) لتحديد مااذا كانت الشرطة استخدمت القوة المفرطة."
وقالت نولاند ان مسؤولي السفارة اثاروا قضية رجب مع مسؤولين بحرينيين كبار وحثوا الحكومة على تنفيذ التوصيات التي وضعتها لجنة مستقلة وجدت ان البحرين استخدمت القوة المفرطة خلال الحملة التي جرت العام الماضي. واضافت "بوجه عام فاننا نحث كل المتظاهرين على الامتناع عن اعمال العنف وان تتجنب الشرطة وقوات الامن ايضا استخدام القوة المفرطة."
وقال المسؤول الامريكي "نشعر بقلق بشأن هذه القضية." واضاف ان اذا خلص تحقيق الى ان الشرطة البحرينية استخدمت القوة المفرطة ضده فيجب معاقبة المسؤولين عن ذلك.
وقال المسؤول ان المحتجين اعتادوا في الشهور الماضية على استخدام القنابل الحارقة والقاء اشياء على الشرطة واستدرك بقوله انه لا توجد دلالة على استخدام المحتجين للعنف خلال المسيرة التي تعرض خلالها رجب للاذى.
ورحبت جمعية الوفاق اكبر جماعات المعارضة الشيعية في البحرين بتصريحات المسؤول الامريكي قائلة انه يتعين الضغط على الحكومة لتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق. وقال مطر مطر العضو بجمعية الوفاق وعضو البرلمان السابق انهم يقدرون هذه الاستجابة وان البحرينيين ينتظرون افعالا على الارض.
واضاف ان هناك صعوبات في تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق وانه يتعين على المجتمع الدولي الضغط على النظام الحاكم ومراقبته من اجل تطبيق تلك التوصيات بدلا من ان يكتفي بتصديق الاستجابة الزائفة للنظام التي تتناقض مع الحقائق على الارض.
إلقاء الغازات المسيلة للدموع داخل البيوت
من جانبها طالبت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان قوات الامن بوقف إلقاء مسيلات الدموع وغيرها من الغازات الخانقة على المنازل ووقف تخريب الممتلكات في البيوت وتقديم المتسببين في إحداث حرائق المنازل وإتلاف الممتلكات بداخل البيوت إلى العدالة وتعويض اصحابها ماديا.
وذكرت الجمعية ان تعرض منازل الاهالي نتيجة القاء الغازات المسيلة للدموع بداخلها لحريق أتى على جميع محتوياتها في منطقة الصالحية، وأصبح القاطنين في المنزل وعددهم 20 فردا بدون مأوى وكذلك تعرضت مناطق الشاخورة و المعامير وداركليب، ومناطق أخرى لاستخدام القوة المفرطة وسوء المعاملة وتخريب الممتلكات الخاصة واختناق الأطفال والرجال المسنين والنساء.
وقالت الجمعية، يتوجب على قوات الأمن احترام مدونة قواعد وسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين المعتمدة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار 34/169 بتاريخ 17 ديسمبر 1979والملزمة لجميع اعضاء هذه المنظمة الدولية وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (2) والقاضية بان"يحترم الموظفون المكلفون بإنفاذ القوانين، أثناء قيامهم بواجباتهم، الكرامة الإنسانية و يحمونها، ويحافظون على حقوق الإنسان لكل الأشخاص و يوطدونها".
انتقاد زوجة ابن الملكة
من جانب آخر تعرضت زوجة ابن ملكة بريطانيا إلى انتقادات لقبولها هدية من المجوهرات النفيسة من العائلة المالكة البحرينية، بسبب التقارير التي تتحدث عن انتهاك المنامة لحقوق الانسان.
ودعا وزير الدولة بالخارجية البريطاني السابق دينيس ماكشين إلى بيع المجوهرات، التي حصلت عليها كونتيسة ويسيكس، لصالح ضحايا الاضطرابات المدنية في البحرين.
وجاءت تصريحات ماكشين بعد أن نشرت قصر باكينغهام تفاصيل الهدايا التي حصلت عليها العائلة المالكة البريطانية خلال العام الماضي.
يذكر أن الهدايا التي تمنح لأعضاء العائلة المالكة بصورة رسمية لا تعود ملكيتها إلى الشخص المهداة إليه، بل تصير عادة جزءا من المجموعة الملكية. وإضافة إلى المجوهرات التي حصلت عليها الكونتيسة صوفي، فقد حصل زوجها الأمير إيدوارد على قلم وساعة وسجادة من الحرير خلال الزيارة التي استغرقت يوما واحدا.
وقد قام الأمير إدوارد وزوجته بهذه الزيارة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد موافقة وزارة الخارجية البريطانية. وأظهرت القائمة الرسمية للهدايا أن الكونتيسة حصلت على مجموعة من المجوهرات من الملك حمد آل خليفة ورئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة.
وتتهم منظمات حقوقية السلطات البحرينية باستخدام العنف والتعذيب ضد مواطنيها خلال الاضطرابات التي شهدتها البلاد خلال شهري فبراير/ شباط ومارس/ آذار من العام الماضي.