h_mohammadi عضو ذهبي
تاريخ التسجيل : 05/01/2011 عدد المساهمات : 696 العمر : 42
| موضوع: الزهراء عليها السلام قدوة ورمز الأحد 13 مايو 2012, 03:52 | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
فاطمة الزهراء عليها السلام، هي تلك الصديقة التي كانت سراجاً منيراً تجلّى فيه نور الرسالة عبر والدها العظيم، النبي محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وآله. وما أجدر بنا- ونحن نمتلك في تاريخنا هذه القدوة المثلى- ان نقارنها بواقع المرأة اليوم. نحن نعيش الآن أزمة أفرزتها الجاهلية الجديدة التي تكاد تحطم البشرية، وتسحق كرامتها؛ ألا وهي مشكلة المرأة التي تحولت الى مشكلة حادة من مشاكل العصر. ان هناك في عالم اليوم منظمات ومؤسسات تدعو الى ما تسمّيه بـ (حقوق المرأة)، في حين إنها - في الواقع- لا تدعو إلاّ الى تفوق الرجل على المرأة، وإطلاق يد الوحشية الذكرية ضد ضعف الأنثى. هذه الوحشية التي تبدّد اليوم كل طاقات الإنسان. في النصف الاول من القرن الماضي، لم يكن يخطر على بال احد بأن من الممكن ان تكون النوايا الحقيقية لدعاة حقوق المرأة هي سحق كرامتها، والدعوة الى اغتصاب حقوقها، وتحطيم كيانها. ولم يكن الناس يدركون ان هذه الدعوة ما هي إلا دعوى شيطانية، تطلقها ابواق الضلالة والفساد في الأرض. بل لم يكونوا يعلمون ان وراء هذه المؤسسات أيادٍ صهيونية ماكرة تريد ان تقوّض كيان المجتمعات، وتحولها الى قطعان من الغنم، تسوقها حيثما شاءت أهواؤها. واليوم - وبعد ان انجرفت الجاهلية الحديثة الى ما انجرفت اليه من حضيض الفساد، والميوعة، والانحلال الأخلاقي، والملايين من المشاكل الفردية والاجتماعية نستطيع الآن القول، وبكل قوة وثقة، ان تلك الدعوة لم تكن إلا فخّاً لاصطياد الكرامة والقيم، والإنسان والإنسانية. وقبل ان نسلط الأضواء على حقوق المرأة، لابد ان نوضح فلسفة وحكمة ضعف المرأة أمام الرجل، وقيمومية الرجل عليها، حيث قال الله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَآءِ"(النساء/34). ان الحكمة الرئيسية، هي الحاجات المتبادلة بين جنسين يتكاملان، ليكملا مسيرة الحياة عبر التربية الحضارية التي تتوارثها الاجيال. والحكمـة في هذه (التكاملية) معروفة. فقد خلق الله عز وجل الكون بحيث يعكس كل شيء فيه الدلالة على انه هو الحي، القيوم، الغني بذاته. فالحكمة هـي التعاون بعد التعارف، وهذه الحكمة هي التي أودعت الحاجة المتبادلـة بين الرجل والمرأة. ففي كل تجمع، صغيراً كان ام كبيراً، هناك حاجة الى اختيار رجل كقائد لـه، وبإمكانه ان يتحمل الواجبات والمسؤوليات المضاعفة. ولذلك فان هناك ضعفا طبيعيا في المرأة امام الرجل، وهذا الضعف لابد ان نعترف به لنبدأ بمعالجته، ولنبدأ أيضا بتحديد الجانب القويّ، الذي من شأنه ان يتحول إلى وسيلة للاعتداء على الجانب الضعيف. احترام الضعيف سرّ التحضّر إن احترام الإنسان الضعيف هو سرّ كلّ تحضّر وتقدّم في التأريخ. فالحضارة التي تحترم القوي لقوته، وتسحق الضعيف لضعفه وعجزه ليست بحضارة. فليس متحضرا ذلك الإنسان الذي يحترم القويّ، بل ان الإنسان المتحضّر هو الذي يكن الاحترام للضعيف ويشفق عليه، ويحاول أن لا يعتدي عليه سواء كان متمثلا في المرأة، أو اليتيم، أو أي إنسان مستضعف آخر. وهكذا فان المجتمع المتمدن هو المجتمع الذي يكون الضعيف فيه محترَماً، والمظلوم منصوراً حتى يؤخذ له بحقه. ومن ضمن الحقوق التي يجب ان يحترمها المجتمع حقوق المرأة؛ هذه الحقوق التي يجب ان تؤخذ من الرجل القوي الذي قد يفرض إرادته عليها، وهنا تأتي التشريعات، والقوانين، والأخلاق الإسلامية، لتأخذ للمرأة حقها من الرجل. ومن حقنا ان نتساءل في هذا المجال: من الذي يأخذ حق المرأة من الرجل، ومن الذي يستطيع ان يكبح جماح اعتداء الرجل على المرأة، سواء كانت بنتاً، أو أختاً، أم زوجة ؟ للجواب على هذا التساؤل نقول: إن هناك ثلاث قوى بإمكانها أن تأخذ حق المرأة من الرجل، وهي: 1- القانون. 2- العقل. 3- قوة المرأة، التي هي القوة الأهم. إن المرأة القويّة تستطيع ان تأخذ حقها من الرجل، وان لا تدعه يغتصب هذا الحق منها. فالإسلام لا يوصي الرجل باحترام المرأة فحسب، ولا يوصي المجتمع باعطائها المنزلة اللائقة بها فقط، ولا يكتفي بأن يأمر الرجل باحترام والدته فحسب، بل انه يمنح قبل ذلك المرأة القدرة، والهيبة، والصلابة، والإرادة القوية، لكي تأخذ حقها من الرجل. وهذا هو المهم. فالإسلام يجعل الإنسان مؤمناً بقواه وقدراته، واثقاً من نفسه، وذلك من خلال طرح القدوات الصالحة أمامه، والتي تجعله يؤمن بقدراته. ففي التأريخ نرى أن الأنبياء، عليهم السلام، كانوا من البشر، وهذه الظاهرة تدفعنا الى التساؤل: لماذا لم يبعث الله تبارك وتعالى أنبياءه من الملائكة؟ ولماذا يؤكد تعالى على أن النبيّ لابد أن يكون من البشر؟ إنما لكي يكون قـدوة، ولذلك تأتي الآيات القرآنية الكريمة مؤكدة هذه الحقيقة، كقوله تعالى: "قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إلَيَّ" (الكهف: 110). وهذا التأكيد المتوالي دليل على أن بشرية الرسول هي قضية مقصودة، والسر في ذلك هو لكي يتغلب الإنسان على أهواء نفسه من خلال الاقتداء بالصديقين، والأولياء، والصالحين، الذين تغلبوا على طبيعتهم البشرية وما فيها من عناصر وعوامل الضعف، فاقتحموا العقبات، وقاوموا المشاكل، واستسهلوا الصعاب، وضحّوا بأنفسهم. وعندما يرى الإنسان كل ذلك، تنبعث في نفسه الشجاعة والإرادة القوية. وفاطمة الزهراء، عليها السلام، هي قدوة المـرأة. هذه القدوة التي تدفعها الى ان تناهض أولئـك الذين يـريـدون اغتصاب حقوقها، والاعتداء علـــى حرماتها؛ والذين قد تكاثروا في العصر الحديث. ان الدعاة المزيفين لحقوق المرأة قالوا: إنها لابد من ان تشارك الرجل في جميع أعماله، وهذا يعني في رؤيتهم ان تكلّف المرأة بما لا تطيقه من الأعمال الصعبة المجهدة. ثم قالوا بعد ذلك ان من ضمن حقوق المرأة ان تخرج متبرّجة سافرة الى الشوارع والأسواق، وعندما خرجت كذلك كان المستفيد هو الرجل وشهوته. الحضارة الغربية والتفسّخ الأخلاقي ونتيجة هذا التوجه، ونتيجة للانفلات والانحلال الخلقيين السائدين فيه، فان هناك إحصائيات تؤكد ان الملايين من النساء يتم اغتصابهن بالقوة سنوياً في الغرب. وهذا يعني ان المرأة في الغرب قد تحولت الى سلعة رخيصة! ترى ما هذا التوحش الذي راحت ضحيته المرأة اليوم في ظل ما يسمونه بالحضارة؟ إن المرأة أصبحت منبوذة، وخصوصا عندما يتقدم بها السنّ، حيث تُنقل الى دور العجزة لتجرّ حسراتها هناك، وتعاني من الوحدة، وتموت في آلامها. وفي مقابل ذلك نرى ان الإسلام يوصي بالأم ثلاث مرات قبل ان يوصي بالأب، كما ويوصي بالإنسان الطاعن في السنّ معبّرا عنه انه كالنبيّ في قومه. كما ان الإسلام يعطي الكثير من الحقوق والامتيازات للمرأة؛ فالزواج بيديها، وهي التي تملك أن ترفض الزواج إذا كان لا يوافق مصلحتها، كما أن لها حق تعيين المهر، ولها الحق أيضاً في أن تحتفظ بولدها لفترة طويلة في حالة الطلاق لانها أم، والإسلام أوصى بالأم قائلاً : " الجنة تحت أقدام الأمهات"([1]). وبالإضافة الى ذلك فقد أكد الإسلام على ان تكون المرأة مصونة، لكي لا تذهب ضحيّة النزعة الوحشية لدى بعض الرجال. وذلك من خلال جعلها سيدة الموقف بإرادتها، لان المرأة التي تترك المساهمة في الحياة، وتنبذ مسؤولياتها جانبا، عندئذٍ لا تلبث أن تتحول الى قمر يدور في فلك الآخرين. ومثل هذه المرأة لا قيمة لها، لان من المفترض فيها ان تتحمل المسؤولية في جميع الاوامر والواجبات الشرعية باستثناء الحالات المنصوص عليها شرعا. ولذلك فان القرآن الكريم لايوجّه خطاباته الى الرجل فحسب، بل يقول: "يا ايها الناس... " و "يا أيها الذين آمنوا ... " لكي يشمل هذا الخطاب كلاًّ من الرجل والمرأة. فالمرأة مطالبة بأداء كل الواجبات من خلال تزويد نفسها بالإرادة التي من الممكن ان تستوحيها من نساء عظيمات مثل فاطمة الزهراء، عليها السلام، هذه المرأة التي تُعتبر المثل الأعلى للتربية القرآنية ، والقدوة المثلى للمرأة المسلمة. تجلّي الرسالة في النساء وكما أن الرسالة قد تجلت في الرجال، وخصوصاً في رسول الله محمد، صلى الله عليه وآله، الذي كان خُلُقه القرآن، وكان المجسِّد للرسالة، فان هذه الرسالة قد تجسّدت أيضاً في النسـاء، وفي مقدمتهنّ شخصيـة سيدتنـا فاطمة الزهراء، عليهـا السلام، التي عاصرت الإسلام منذ أيامه الأولى، وهي في بيت الوحي. وكان رسول الله، صلى الله عليه وآله، هو معلمها الأول. لذا لم تنته الزهراء، عليها السلام، في شخصيتها، بل امتدت عبر ذريتها الطاهرة. صحيح ان المرأة المسلمة يفصلها اليوم عن فاطمة، عليها السلام، أربعة عشر قرنا، ولكن سيرتها الوضاءة تستطيع ان تلهمها وان تكون مدرسة لها. وسنقوم فيما يلي بعرض جوانب بسيطة من عظمتها وشموخها اللذين استمدّتهما من عظمة وشموخ الرسالة الإلهية. فقد رسول الله، صلى الله عليه وآله، حنان الأم وعطف الأب منذ سنّ مبكّرة من عمره الشريف، كان يحسّ بهذه العاطفة المفقودة في حياته، لأنه بشر كسائر البشر، كما يقول تعالى: "قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ". ولكنه سرعان ما وجد هذه العاطفة المفقودة في شخصية ابنته الزهراء، عليها السلام . لقد كان النبي، صلى الله عليه وآله، عندما يعود من صراعه مع الجاهلية، وعندما يفرغ من دعوته للمشركين الى نبذ آلهتهم؛ كان صلى الله عليه وآله يسارع الى ابنته فاطمة التي كانت بدورها تحوم حوله، لتحوط هذا القلب الكبير بعاطفتها الجياشة، ولتضمد جراحاته، وتسكن آلامه.. تماما كما كانت تفعل ذلك والدتها خديجة الكبرى، رضوان الله عليها. وهذا ما دفع النبي صلى الله عليه وآله الى آن يقول: "إن فاطمة أم أبيها" ([2])، و"إن الله عز وجل ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها" ([3]) وفي خلال الحصار الذي ضربه المشركون على بني هاشم في شعب أبي طالب؛ في تلك الفترة الحرجة من حياة الرسالة الإسلامية، لم تكن فاطمة تشعر بالخوف، رغم انها كانت في سنّ مبكّرة من حياتها، ورغم إنها كانت قد فقدت والدتها في تلك الفترة، ولكن صبرها الذي استوحته من قدرة التوكل على الله تعالى وثقتها به، هذا الصبر كان يمنحها الثبات والمقاومة والصمود. ومن الدروس التي نستطيع أن نستلهمها من حياة فاطمة الزهراء، عليها السلام، هو درس الفاعلية والنشاط. فلم يُعرف عنها أنها قد توقفت عن هذا النشاط، ولو للحظة واحدة من حياتها. فقد كانت تقضي ليلها في العبادة والضراعة والدعاء للمؤمنين، ونهارها في مؤازرة والدها وزوجها، والقيام بمهام الرسالة سواء قبل الهجرة أو بعدها. ويا ليتنا نقتبس من هذه الشعلة الإلهية درس الصبر، والجهاد، والشجاعة، والعطاء. فان ركن هذه المرأة لم ينهدّ رغم المصائب والآلام التي نزلت بها، والتي كانت في مقدمتها وفاة والدها، وما جرى عليها بعد ذلك من ظلم وإجحاف. فكان همّها الأول بعد ذلك الابقاء على الخطّ الرسالي السليم والدفاع عنه، وعدم السماح بهبوط الروح الإسلامية في الأمة، ودخول عدد من المنافقين في أوساطها. وفي حياة الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء، سلام الله عليها، دروس ودروس؛ فمن أراد أن يقتدي بها لابد له أن يتعرف عليها، وأن يعيشها في واقعه. للمزيد عن حياة السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء، سلام الله عليها، اقرأ: (فاطمة الزهراء قدوة وأسوة) علر الرابط التالي: مكتب المرجع الديني آية الله العظمى المدرسي دام ظلّه
| |
|