h_mohammadi عضو ذهبي
تاريخ التسجيل : 05/01/2011 عدد المساهمات : 696 العمر : 42
| موضوع: الإمام السجاد وريث الأنبياء الجمعة 25 مايو 2012, 12:55 | |
|
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
الإمام السجاد وريث الأنبياء لأن الإمام زيــن العابدين عليه السلام ورث عن جده النبي المصطفى (عليه وآله الصلاة والسلام) دور الأنبياء، فإن الحكمة الأولى لإمامته هي ذات الحكمة الأولى في رسالة الأنبياء: إبتلاء الناس بعد دعوتهم إلى الله، وكانت سائر الأهداف السامية - كإقامة القسط ونصرة المظلومين - في امتداد تلك الحكمة، أي أنها تتفرَّع منها وتأتي بعدها.
ولقد تسنَّت لسائـر أئمة الهدى عليهم السلام الظروف للقيام بتلك الأهداف المتدرِّجة، وبالذات الهدف السياسي، كما فعل الإمام علي عليه السلام عندما نهض بأعباء الحرب ضد قريش مرتين، مرة في عهد النبي وتحت لوائه، ومرة بعد النبي وتحت لواء الرسالة الحنيفية وبرفقة أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وهكذا نجله الإمام الحسن عليه السلام . حيث نهض هو الآخر بأعباء الحرب ضد معاوية، ثم أوقف الحرب لمصلحة المسلمين. وكذلك الإمام الحسين عليه السلام حيث قاوم معاوية بالسبل السلمية، وقام ضد ابنه يزيد بالسيف حتى استُشهد مظلوماً.
وهكذا قام سائر الأئمة بأدوار سياسية، وبوسائل غير مباشرة، وبدرجات مختلفة. بينما الظروف العامة كانت تناسب تمحّض الإمام السجاد عليه السلام تقريباً في الدعوة الربانية، حسبما نبين ذلك في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
وبذلك كانت حياة الإمام السجاد قطعة مشرقة بنور ربِّه، وكانت تجليّاً باهراً للإيمان الخالص بالله، وللهيام الشديد بالله، وللعبادة والتبتل.
وحينما نقرأ معاً صفات الإمام على لسان نجله الإمام الباقرعليه السلام ، نعرف ماذا تعني ولاية الله، وولاية أوليائه، ولماذا التأكيد عليها، وكيف كانت حياة السجاد شلال نور إلهي.
يقول نجله الإمام الباقرعليه السلام : كان علي بن الحسين عليه السلام يصلِّي في اليوم والليلة ألف ركعة، كما كان يفعل أمير المؤمنين عليه السلام. كانت له خمسمائة نخلة، فكان يصلِّي عند كل نخلة ركعتين، وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لون آخر، وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل، كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله عزَّ وجلَّ، وكان يصلِّي صلاة مودِّع يرى أنه لا يصلِّي بعدها أبداً.
ولقد صلَّى ذات يوم فسقط الرداء عن أحد منكبيه فلم يسوِّه حتى فرغ من صلاته، فسأله بعض أصحابه عن ذلك، فقال: ويحك أتدري بين يدي مَن كنت؟. إنَّ العبد لا يُقبَل من صلاته إلاّ ما أقبل عليه منها بقلبه. فقال الرجل: هلكنا، فقال: كلاَّ، إنَّ الله عزَّ وجلَّ متمِّم ذلك بالنوافل.
وكان عليه السلام لَيخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجِرابَ على ظهره، وفيه الصُرر من الدنانير والدراهم، وربمَّا حمل على ظهره الطعام أو الحطب، حتى يأتي باباً باباً فيقرعه، ثم يناول مَن يخرج إليـه. وكان يغطِّي وجهه إذا ناول فقيراً لئلا يعرفه، فلما توفي عليه السلام فقدوا ذلك، فعلموا أنَّه كان علي بن الحسين عليه السلام. ولما وُضع عليه السلام على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل رُكَبِ الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء والمساكين.
ولقد خرج ذات يوم وعليه مطرَف خز، فتعرَّض له سائل فتعلّق بالمطرف فمضى وتركه، وكان يشتري الخزَّ في الشتاء، وإذا جاء الصيف باعه فتصدق بثمنه. ولقد نظر عليه السلام يوم عرفة إلى قوم يسألون الناس، فقال: ويحكم أغير الله تسألون في مثل هذا اليوم، إنّه ليُرجى في هذا اليوم لِمَا في بطون الحبالى أنْ يكون سعيداً؟. ولقد كان عليه السلام يأبى أن يؤاكل أُمَّه، فقيل له: يا بن رسول الله أنت أبرُّ الناس وأوصلَهم للرحم، فكيف لا تؤاكل أمَّك؟ فقال: إني أكره أنْ تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليه.
ولقد قال له رجل: يا بن رسول الله إني لأحبُّك في الله حبّاً شديداً، فقال: اللهم إني أعوذ بك أن أُحبَّ فيك وأنت لي مبغض.
ولقد حج على ناقة له عشرين حجة فما قرعها بسوط، فلما نفقت (اي: ماتت)أمر بدفنها لئلا يأكلها السباع.
ولقد سئلت عنه مولاة له فقالت: أُطنب أو أختصر؟ فقيل لها: بل اختصري، فقالت: ما أتيته بطعام نهاراً قط، وما فرشت له فراشاً بليلٍ قط.
ولقد انتهى ذات يوم إلى قوم يغتابونه فوقف عليهم، فقال لهم: إن كنتم صادقين فغفر الله لي، وإن كنتم كاذبين فغفر الله لكم.
وكان عليه السلام إذا جاءه طالب علم فقال: مرحباً بوصيَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثم يقول: إنَّ طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجلَيه على رَطبٍ ولا يابسٍ من الأرضٍ، إلاّ سبَّحت له إلى الأرضين السابعة. ولقد كان يعول مئة أهل بيت من فقراء المدينة. وكان يعجبه أن يحضر طعامه اليتامى والأضرّاء والزّمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، ومن كان منهم له عيال حمل له إلى عياله من طعامه، وكان لا يأكل طعاماً حتى يبدأ فيتصدَّق بمثله. ولقد كان تسقــــط منه كل سنة سبع ثفنات من مواضع سجوده لكثرة صلاته، وكان يجمعها، فلما مات دُفنت معـــه.
ولقد بكى على أبيه الحسين عليه السلام عشرين سنة، وما وضُع بين يَديه طعامٌ إلاّ بكى، حتى قال له مولى له: يا بن رسول الله أَمَا آن لِحُزنك أن ينقضي؟. فقال له: ويحك، إنَّ يعقوب النبيَّ عليه السلام كان له اثني عشر ابناً فغيَّب الله عنه واحداً منهم، فابيضَّت عيناه من كثرة بكائه عليه، وشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حيّاً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمِّي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟.
سماحة السيد محمد تقي المدرسي دام ظلّه
| |
|