h_mohammadi عضو ذهبي
تاريخ التسجيل : 05/01/2011 عدد المساهمات : 696 العمر : 41
| موضوع: حقيقة الامام المهدي ومدى ارتباطها بالايمان بالغيب الخميس 05 يوليو 2012, 07:15 | |
|
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيد المرسلين محمد المصطفى وأهل بيته المنتجبين.
الحقائق الكبرى ذات حجج بالغة، وآيات مبصرات بالغة النفاذ. فبمجرد تذكرة العقل بها يستوعبها قلب البشر، ويشهدها وجدانه. ولكن السؤال: كيف - مع ذلك - يرتاب فيها المرتابون، وهي لا ريب فيها؟ وكيف يماري فيها المجادلون، وهي بالغة الوضوح؟ الله واسماؤه الحسنى، الرسالة ودلائلها البيّنات، النشور وآياته في النفس والآفاق، انها ابرز تلك الحقائق، وهي - في ذات الوقت - محور ريب الكفار، ومدار جدل المرتابين، لماذا؟
السبب إن الشيطان يختلق لمثل هذه الحقائق إفكاً كبيراً، وجدلاً واسعاً. ولكي تجري سنة الله في امتحان البشر، فان الله سبحانه لا يكره قلب البشر على القبول بالحقائق، ويدع الناس في حرية تامة من امرهم، ممـا يسمح للشيطان بالقاء أمانيه، وحبك إفكه، وتزيين وساوسـه، ثم ينفث في روع اوليائه الفكرة الخبيثة التالية:
لو كانت هذه الحقيقة الكبيرة صحيحة، اذاً كان الناس كلهم يؤمنون بها، وإذ لم يؤمن بها الجميع فانّ ذلك لدليل على عدم صحتها. إنّ ذلك أخطر وساوس الشيطان، وإذا وعينا سُنّة الله في فتنة الخلق، وأنه تعالى لايفرض على البشر الهداية، وإنما على الانسان نفسه أنْ يوفّـر في ذاته شروطها، ومن شروطها الاستعداد للتسليم للحق أنّى كان، والشهـادة عليه بالوفاء بواجباته، وعدم الارتيـاب فيــه بعد وضوحه لديه.. اقول: إذا وعينا هذه السُنّة الالهية، فانّ أساس وساوس الشيطان ينهار عليه، ونبقى سالمين من مكره الخبيث.
وحقيقة الامام الغائب لَمِن تلك الحقائق الكبرى، التي بالرغم من توافر الحجة عليها، فانّ إفك الشيطان فيها ايضا إفك كبير. وجدله، ووساوسه، ونفثاته، وهمزاته، وبكلمة: مكره الثقافي إنما هو بقدر عظمة الحقيقة ومدى أثرها في هداية البشر، وكذلك مدى الخسارة في فقدانها.
بلى، إنّ المنظومة الفكرية في عقائد التوحيد إنما تنتظم بالولاية، وهي الحبل المتصل بين سماء القيم وصعيد الواقع الذي تُطبّق عليه تلك القيم. فلو انقطع الحبل فانّ مفردات العقائد تبقى من دون نظام، وفائدتها تكون محدودة، خصوصا في حقل بناء الامة، وحضارتها الالهية.
وللشيطان في تضليل البشر فتنة كبيرة، حيث إنه يفرِّغ الشرائع من محتواها. ويبتدئ مسلسل هذه الفتنة بان البشر لا ينبغي أن يسلّم لبشر مثله، بل يتصل مباشرة برب العزة. وهكذا كانت هذه الشبهة أخطر عقبة في طريق ايمان الناس بالانبياء عليهم السلام. وإذ خُتمت الرسالات بالنبي المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) كانت الفتنة تتلخص في أنّ الرسالة هل تمتد من بعده في أشخاص أم تتلاشى مع رحيله والتحاقه بالرفيق الأعلى؟
وقال الموالون لأهل بيت الرسالة إنّ ذات الطاعة التي كانت لله وللرسول تستمر في أوصياء الرسول، واستشهدوا بآيات وأحاديث، وادلة واضحة. حتى إذا اكتمل الائمة، عليهم السلام، اثنى عشر بدأ الشيطان يشكّك في غيبة الامام الثاني عشر، والهدف أن يفرّغ الرسالة من محتواها. إذ ان التسليم لشخصٍ ليس بالسهل لقلب البشر، المنطوي على كِبْرٍ ذاتي منذ أن تحمل الامانة، وكان الانسان ظلوما جهولا. والذين يؤمنون بالامامة ويؤمنون باستمرارها، فانهم ليسوا سواءً في مستوى التسليم. فترى البعض يقتصر في ايمانه بالامام المنتظر (عليــه السـلام) بأدنى قدر، حتى لا يعارض كِبْر نفسه في التسليم التام له، وهو بالتالي بشر مثله إلاّ انه امام مفترض الطاعة. ومنهم من يجعل إيمانه بالامام منطلقــا لسلسلة من الحقائق يؤمن بهـا. فالعقيدة تدخل ضمن وجدانه الثقافي، وسلوكه الحياتي، ورقابتــه لنفسه، وموقفه من التحديات. وهكذا يستفيد عملياً من هذه العقيدة التي تخالط مخه ودمه وكيانه، فيصبح انساناً ربانياً، إذ يتصل وجدانه بالانسان الالهي (الامام المنتظر) سلام الله عليه. ونحن إذ نقدّم لك أيها القارئ الكريم هذه الخلاصة في عقيدة الحجة المنتظر (عليه السلام) نأمل أن نساهم في تطوير صلتك به، وتفاعلك مـع العقيدة به، وبالتالي في تعميق ايمانك بالغيب، وارتباطك به ارتباطـاً وثيقــاً. إنّ هذا الكتاب مجرد إثارة علمية، وتذكرة قلبية في واحدة من أبرز حقائق العقيدة الالهية، وإنما نستطيع أن نستفيد منه إذا كنا مستعدين فعلاً لتغيير واقعنا، وجعله اقرب إلى الغيب، والايمان به، والتواصل معه.
نسأل الله سبحانه ان يجعلنا واياكم من اولئك الذين يلقون السمع، وهم شهداء، انه نعم المجيب. مكتب المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
| |
|