شيعة المغرب وحق تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية

استكمالا للنقاش الدستوري والقانوني الذي فتحناه حول "الشيعة المغاربة" ، وحيث بينا سابقا ألا تنافي بين الاختلاف المذهبي والثوابت الدستورية بالمغرب ، كما بينا عدم قانونية أي متابعة جنائية للشيعة المغاربة بناء على التأويل الفاسد للفصل 220 من القانون الجنائي المغربي ، وحيث أشرنا في نهاية المقال السابق إلى أن حق تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية مكفول لكل مواطن مادام ذلك التأسيس لا يقوم على أساس ديني أو عرقي ..وحيث أننا أوجزنا ولم نفصل ذلك ، فإننا نخصص هذا المقال لتوضيح موقف القانون المنظم للجمعيات وكذا قانون الأحزاب السياسية من تأسيس الجمعيات أو الأحزاب السياسية من قبل أفراد يختلفون مذهبيا عن المذهب الرسمي للدولة٠

بناء على الفصل الثالث من الظهير الشريف المنظم للجمعيات والمغير بمقتضى المادة الثانية من الظهير الشريف رقم 1.02.206 الصادر في 12 من جمادى الأولى الموافق 23 يوليوز2002 ، فإن " كل جمعية تؤسس لغاية أو لهدف غير مشروع يتنافى مع القوانين أو الآداب العامة أو قد تهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بوحدة التراب الوطني أو بالنظام الملكي أو تدعو إلى كافة أشكال "التمييز تكون باطلة " ، فإنه يثار هنا تساؤل جوهري هو : هل يحق منع تأسيس جمعية ل "الشيعة المغاربة" بناء على هذه المادة ؟

للإجابة على هذا السؤال ، ينبغي تحديد إن كنا نريد تأسيس جمعية شيعية أم جمعية يشرف على تسييرها شيعة أو بعض أعضاء مكتبها المسير من الشيعة ؟ الإجابة على هذا السؤال هي المدخل للإجابة على السؤال الأول ، فلو كانت الجمعية شيعية بمعنى أنها تشترط في قانونها الداخلي للانخراط فيها أن يكون العضو متمذهبا بالمذهب الشيعي ، ويكون الغرض من الجمعية الدعوة للمذهب ، فإن الموقف القانوني هو أن هذه الجمعية سيكون تأسيسها باطلا لقيامها على أساس "التمييز" في الهدف من النشاط وفي شروط العضوية٠أما لو كانت الجمعية في قانونها الأساسي لم تحدد لنفسها هذه الدعوة للمذهب ، وفي قانونها الداخلي لم تشترط في العضو أن يكون متمذهبا بمذهب معين ، فإن تأسيس تلك الجمعية يكون صحيحا ما احترمت ثوابت الأمة وهي "الإسلام ، الوحدة الترابية ، الملكية" ، وما تخصيص هذا الفصل للموانع إلا طريقة ذكية لعرض الثوابت بأسلوب غير مباشر ، فالموانع الثلاث هي الثوابت الثلاث ، ولعل أفضل رمز يعبر عن هذه الثوابت : شعار المملكة وهو : الله ، الوطن ، الملك . فالله فيه إشارة للإسلام ، وفي الوطن إشارة للوحدة الترابية ، وفي الملك إشارة للنظام الملكي ٠

وعلى فرض أن الجمعية قامت على أساس باطل قانونا ، فلا يحق للجهة الإدارية المختصة باستلام التصريح أن تبادر إلى عدم إعطاء وصل الإيداع المؤقت لمجرد أن تلك الجهة الإدارية ترى أن الجمعية تقوم على أساس باطل ، فالأمر ليس من اختصاصها بل هو من اختصاص المحكمة الإبتدائية التي من حقها حل الجمعية متى لوحظ قيام تلك الجمعية على أساس باطل ، وهو ما عبر عنه الفصل السابع من القانون نفسه حيث نص بما يلي " تختص المحكمة الابتدائية بالنظر في طلب التصريح ببطلان الجمعية المنصوص عليه في الفصل الثالث أعلاه.كما تختص أيضا في طلب حل الجمعية إذا كانت في وضعية مخالفة للقانون. و ذلك سواء بطلب من كل من يعنيه الأمر أو بمبادرة من النيابة العامة. وللمحكمة بالرغم من كل وسائل الطعن أن تأمر ضمن الإجراءات التحفظية بإغلاق الأماكن ومنع كل اجتماع لأعضاء الجمعية" ٠
وبالرجوع لقانون الأحزاب السياسية بالمغرب ، نجد المشرع المغربي قد أكد على نفس الثوابت وهي : الإسلام ، الوحدة الترابية ، الملكية ، عدم التمييز ، وذلك من خلال نص المادة الرابعة منه حيث جاء فيها ما يلي : " يعتبر باطلا وعديم المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على دافع أو غاية مخالفة لأحكام الدستور أو القوانين أو يهدف إلى المس بالدين الإسلامي أو بالنظام الملكي أو بالوحدة الترابية للمملكة. يعتبر أيضا باطلا وعديم المفعول كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي ، أو يقوم بكيفية عامة على كل أساس تمييزي أو مخالف لحقوق الإنسان" ٠

وفي الحقيقة هذه المادة متميزة عن باقي المواد لأنها تضمنت كل الإشارات للثوابت الدستورية والقانونية والسياسية ، وما قلناه عن حق الشيعة المغاربة تأسيس جمعيات ينطبق كذلك على حق تأسيس الأحزاب السياسية ، فمادام الحزب السياسي منسجما مع أحكام الدستور وكذلك القوانين ، وما دام الحزب لا يخالف الإسلام ولا الوحدة الترابية ولا الملكية ولا يقوم على أساس تمييزي كالأساس المذهبي الذي هو أساس ديني ، وأيضا لأن الأساس المذهبي في التمييز كما هو غير جائز للسلطة السياسية اعتماده فهو غير جائز للشيعة اعتماده لمخالفته أيضا المواثيق الدولية لحقوق الإنسان .
وأخيرا ، نكون قد استكملنا عناصر النقاش الدستوري والقانوني لقضية شائكة ألا وهي "الشيعة المغاربة والاندماج على أساس المواطنة" ، وعلى أساس ذلك نستخلص أن حرية التدين والتعبد والاختلاف المذهبي يجب أن يكفل للأفراد من قبل القائمين على الشأن العام ، كما أن على "الشيعة المغاربة" احترام الدستور والقوانين والثوابت الأربع "الإسلام ، الوحدة الترابية ، الملكية ، عدم الدعوة للتمييز" ، عندها لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بالمنع وحظر حق تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية ما داموا مواطنين ملتزمين بما يقتضيه عقد "المواطنة" من التزامات وواجبات .
ويبقى الإشكال الأكبر متمثلا في ممارسة التدين بشكل جماعي ، ففي التجارب المشرقية والغربية تم التعامل مع هذا المطلب بمرونة كبيرة ، غير أن البلدان التي تعرفت حديثا على الظاهرة الشيعية لا تزال متوجسة ولا ترغب في مسايرة تلك التجارب ولا تملك رؤية لإدارة الاختلاف وضمان التدين الجماعي إلا ضمن إطار الحقل الديني الرسمي والمذهب الرسمي .
ولذلك أكدنا ولا نزال على ضرورة فتح النقاش بجدية وعمق حول واقع الحقل الديني ومستقبله على ضوء مشروع الإصلاح ، كما نعتقد أن مفهوم المواطنة والتعايش والتسامح الديني يفترض من كل من القائمين على الشأن العام والفاعلين في المجتمع المدني فتح حوار وطني وأن يتم التنازل عن مطلب تأميم الدين كما يجب التنازل عن مطلب التحرير الكلي للدين من وصاية القائمين على الشأن العام ، لتكون المحصلة "لا غالب ولا مغلوب " فالغالب هو العقل والوطن والإسلام المتسامح ، والمغلوب هو الجهل وأعداء الوطن والتطرف ، كما أن المعادلة ستكون هي "أنا والآخر" لا "أنا لا الآخر" وليكون الأساس في حوارنا هو "اختلاف لا خلاف " ٠

عصام احميدان

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

أحسنتم بارك الله فيكم

بارك الله فيك العلم كل شئ وانا ارى يجب ان ندافع على حقوقنا و الحقوق لن يحصل عليها الشيعه الا ادا عندهم حمعيه او حزب او الله اعلم وهدا حق يضمنه الدستور لنا باسم اننا مواطنون مغاربه حتى وان نحن شيعه لكن يجب ان تنتهي عندنا فلسفة التقيه لاننا لا نقتل احد ونسرق احد وتمشي فين ينعس اي واحد يحبسني على العقيده ديالي الله صلي على محمد والمحمد الاطهار والسلام عليكم

كلامك صحيح اخي واتمنى ان تسعو وراء هذا الامر
ولكم جزيل الشكر

» الجمعيات السياسية تعلن وثيقة المنامة
» شيعة المغرب من حرب الصورة النمطية إلى حرب الإعلام
» هذا نداء لكل شيعة المغرب : دعوة للنقاش ؟
» حقيقة شيعة المغرب
» شيعة المغرب و حركة 20 فبراير