لمِنْ الولاية العظمى؟
الحمد الله رب العالمين، بارئ الخلائق أجمعين باعث الأنبياء والمرسلين، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأبرار المنتجبين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴿55﴾ وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ).[1]
التاريخ على شفير زمزم
ينقل لنا التاريخ وتوثقه لنا الروايات أن عبد الله بن عباس كان جالساً على شفير زمزم،[2] وما أقدس، وأروع هذا المكان، وأنتم الآن ارجعوا بفكركم إلى 1400 سنة تقريباً، أو أكثر للوراء وتصوروا أنفسكم في محاضرةٍ، وعظةٍ، وكلمةٍ يُلقيها ابن عباس المفسّر المعروف (بحبر الأمة الإسلامية) بقرب الكعبة المشرفة، فعبدُ الله كان جالساً على شفير أي على حافَّةِ بئر زمزم، ويقول: قال رسول الله كذا...وقال رسول الله كذا... قال رسول الله كذا... وإذا برجل مُعتمٌّ، ومُلثَّم؛ ربما لا تظهر منه إلا عيناه، اقتحم الجمع الحاضر، حتى جاء وجلس، فكان كلما يقول ابن عباس (قال رسول الله)، كان هذا الغريب الملثم المجهول، يقول: قال رسول الله كذا... أي أنه يؤكد كلام ابن عباس ويكرره، وكان يظهر من كلام هذا الإنسان الغريب المجهول محيّاه وحركاته وسكناته إنه بحر علم، وبحر أدب، وخلق، ومعرفة، وفضيلة، إذ حديثه كان يكشف عن شخصيته..
ابن عباس استغرب من هذا الإنسان المجهول الذي يكشف منطقه عن مخبره، فقال له -لأنه متلثم، واضح أنه لا يريد أن يكشف شخصيته- فقال له: سألتك بالله مَنْ أنتَ؟
ولعله لم يكن بدافع حب الاستطلاع فقط بل كان يريد أن يكشف عن شخصيته أمام الناس ليتعرفوا على شاهد آخر على صحة رواياته وتمامية أحاديثه.[3]
أماط الرجل اللثام، ثم قال: مَنْ عرفني فقد عرفني، ومَنْ لم يعرفني فأنا جُندبُ بنُ جُنادةَ، البدري، أبو ذر الغفاري- الشخصية الإسلامية المعروفة- وهذه المقدمة كانت تمهيداً لكي تكون الشهادة أقوى، والوَقْعُ أشد، والحُجَّةُ أتمّ.
ثم قال أبو ذر الغفاري: سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأذنيَّ هاتين وإلا صمّتا، ورأيته (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتكلم بهذا الكلام بعينيَّ هاتين وإلا عميتا - الآن لندقق ونلاحظ ماذا يقول رسول الله بشهادة أبي ذر الغفاري، وبمحضر المفسر المعروف، عند شفير زمزم، عند الكعبة، البيت الحرام - قال أبو ذر: سمعته بأذنيَّ هاتين وإلا صمّتا، ورأيته بعينيَ هاتين وإلا عميتا، يقول: عليٌّ قائد البررة وهو يشير إلى الآية الشريفة (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا)[4]
عليٌّ قائد البررة - والبررة قمَّة البشرية فعلياً، وقمَّة القِمَّة- عليٌّ قائد البررة، وقاتل الكفرة، منصورٌ مَنْ نَصَرَهُ، فالناصر له منصور لأن الله ناصر هذا الشخص، مخذول من خذله.
سائل قليل الصبر، وإمام عظيم الكرم
بعد ذلك نقل أبو ذر الغفاري هذه القضية، قال: دخلتُ المسجد - مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)- وإذا بنا نشهد هذا المنظر: رأينا سائلاً كان قد دخل المسجد من قبل، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يُصلي، (الآن انتقلوا من زمزم إلى المسجد النبوي الشريف، وتصوروا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يُصلي، وأميرُ المؤمنين (عليه السلام)، وجمع من المؤمنين خلفه يُصلون، منظر يُقرِّب الإنسان أكثر فأكثر إلى الله سبحانه وتعالى) نعم دخل سائل فاستعطى الناس في الصلاة (أنت أيها السائل انتظر قليلاً، هذا تعليقي، لكن يبدو أن هذا السائل كان قليل الصبر ربما لذلك غضب) فرغم أنه شاهد الناس يصلون ورأى الرسول في حالة الصلاة وكذلك كان علي يصلي، إلا أنه أثار غضبه مما يبدو منه إنه كان قليل الصبر من سياق الرواية، ويمكن أنه كان غضوباً وعصبياً- فرفع رأسه إلى السماء، وقال: اللهم أشهد أنني سألت في مسجد رسول الله، فلم يعطني أحدٌ شيئاًَ كان من المفروض أن يتحلى السائل بشيء من الصبر، من غير أن يتوقع أن يطعى طلبه رأساً، خاصة أن صلاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت سريعة كما تعلمون، فقد كان يصلي بصلاة أضعفهم، نعم.. رفع هذا السائل رأسه إلى السماء، وقال: اللهم أشهد أنني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئاًَ، فهنا أشار إليه علي (عليه السلام) بخنصره، وفيها خاتم؛ أن خُذها، فأخذه ذاك الإنسان الفقير المستعطي.
وتعليقي بين قوسين إضافة إلى ما ذكرناه من أن الفقير مبدئياً، كان المفروض واللازم عليه أن ينتظر هو، إن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يعطه الخاتم من قبل لأنها مسألة طبيعية أن ينتظر السائل انتهاء الصلاة ولا يقطع عليهم انقطاعهم لله سبحانه، انتظر قليلاً بعد ذلك نُعطيك فلماذا تقاطع الناس في انقطاعهم إلى الله؟
ولكن الإمام عندما رأى ماء وجه مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في معرض الخطر، لأن هذا الرجل يشتكي إلى الله (اللهم اشهد أنني في مسجد رسول الله أطلب ولا أجد أحداً يعطيني شيئاً) ولعل الخبر كما هو كذلك كثيراً ينقل للآخرين ويسجل تاريخياً بدون قرائنه وتفاصيله أي ينقل مجرد أنه دخل المسجد فاستعطى منهم فلم يعطه أحد شيئاً فاشتكى الفقير إلى الله، بدون ذكر أن الرسول وأصحابه كانوا في الصلاة.. وتعلمون أن أعداء الرسول والمغرضين ومحرِّفي الحقائق والتاريخ كانوا ولا يزالون كثرة، لذا هنا الإمام عليٌ (عليه السلام) أشار بيده لأنه حدث عنوان ثانوي جديد فأمير المؤمنين أشار بيده هكذا للسائل.. أي: أن خذ الخاتم..
فالسائل أخذ الخاتم، هذا المُستعطي الفقير أخذ الخاتم.
لاحظوا الرواية مَن هو ناقلها؟ وعند من؟ وأين؟ وكيف؟.. إنه أبو ذر الغفاري في محضر ابن عباس، قرب البيت الحرام، وهم جالسون على حافة زمزم، والرسول الأعظم سائل لكن ما الذي سأله؟ نعم.. الصلاة انتهت، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحكم الحُكماء، وأشد الناس علماً، ومعرفةً، وذكاءً، وفطنة وكمالاً، فأنتهز الفرصة السانحة، فالتفت إلى الله سبحانه وتعالى - (لاحظوا أن السائل ذكي بمقدار يستعطي الشيء المادي من عرض الحياة الدنيا، ولكن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً سائل يسأل الله، لكن يسأله سؤالاً يتناسب مع عظمته وعقله، وحكمته، وهو أعقل العقلاء- فالنبي التفت إلى السماء، وقال: اللهم إن موسى بن عمران سألك، -النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقل عن موسى بن عمران هذا الكلام ويستعطي الله سبحانه وتعالى في أمره- فقال: اللهم اشرح لي صدري، ويسِّر لي أمري، واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري.. هذه طلبات موسى (عليه السلام) وهو من أولي العزم من الأنبياء، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقل كلام موسى، ثم يلتفت إلى الله ويُقدم هذه المقدمات، يقول: يا رب وأنا محمد - ذاك موسى قد طلب على قدر عظمته، وطلب الرسول على قدر عظمته، الرسول وهو أعظم من موسى، وهو أعظم الخلائق، والكائنات، والممكنات على الإطلاق- يسأل ويقول: اللهم وأنا محمد نبيك، وصفيك، رب اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعل لي وزيراً من أهلي، علياً أشدد به ظهري..[5]
لاحظوا سلسلة الأحداث هذه: ذاك السائل يأتي المسجد يستعطي على قَدرِ حاله، يطلب عَطيةً، وموسى (عليه السلام) على قدر عظمته وبمستوى عقله وإدراكه الرفيعين، وهو من أعظم خلائق الله، ولكن طلب الرسول سوف يكون أعظم طلب على الإطلاق، لذا طلب من الله سبحانه وتعالى: أن يجعل علياً ظهيراً له، وظهراً له، وأن يُشركه في أمره، ويُيسِّر له أمره فنزلت عندئذ هذه الآية القرآنية الكريمة
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)..
هذه الرواية هي شأن نزول هذه الآية القرآنية الكريمة، وهذه الرواية مُجمَعٌ عليها بين أعلام الأمامية، وعليها الشُهرة القطعية للمخالفين وأهل العامة، فهذه الرواية منقولة في العشرات من مصادرهم، وذكرها الكثير منهم يقول السيد عبد الأعلى السبزواري (رحمة الله) المرجع المعروف في كتابه (مواهب الرحمن في تفسير القرآن)[6]:
(لقد أجمعت الإمامية على هذه الآية ونزولها في هذا الشأن، وعليه أكثر الجمهور من العامَّة، بل يمكن دعوى تواتر الأخبار في ذلك، فقد نقلها أئمة الحديث، والحفّاظ في كتب الأخبار، واشترك في نقلها جمع، وجمهرةٌ من الصحابة كابن عباس، وأبو ذر، وأنس بن مالك، وعمّار، وجابر، وسلمة، وأبي رافع.. إلى آخره..
ونقلها أئمة التفسير بالمأثور كأحمد، والنسائي، والطبري، والطبراني، وأوردها المتكلمون في الكتب البيانية، وتسلموها بالقبول، وكذلك نقلها، وتلقى ذلك بالقبول جميع الصحابة في عصر النزول، والتابعون، وأئمة الأدب، وفحول المفسّرين، كالزمخشري في الكشاف، وأبي حيان في تفسيره، وغيرهم..) إلى آخره والحديث طويل..
احتمالات ثلاثة في المراد بـ(والذين آمنوا)
هذا كان شأن نزول هذه الآية القرآنية الكريمة، هنا نتوقف عند بعض المباحث الهامَّة، والدقيقة، لهذه الآية المباركة: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)..
فما هو المقصود بَ(الَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول: هو ما أشرنا إليه في شأن النزول، إن هذه الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) بإجماع الإمامية، وشبه إجماع من السُّنة إلا الشاذ النادر المتعصب، المغالي في تعصبه منهم[7].. على ذلك.. فهذا الاحتمال الذي انعقد عليه الإجماع هو:
أن هذه الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)..
الاحتمال الثاني: وهذا ما ذكره هؤلاء الشُّذاذ من المتعصبين، بأنها نزلت في عامَّةِ المؤمنين، (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، يعني كل المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها..) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، هذا الاحتمال الثاني..
الاحتمال الثالث: و(هو الأصح) هو أن هذه الآية نزلت في/ 12 / شخصاً جعلهم الله تعالى أولياء على خلقه وخلائقه ولم تنزل في شخصٍ واحدٍ فقط، بل نزلت في الإمام علي بن أبي طالب، والإمام الحسن المجتبى، والإمام الحسين الشهيد بكربلاء، ثم زين العابدين علي، ومحمد الباقر، وجعفر الصادق، وموسى الكاظم، وعلي الرِّضا، ومحمد الجواد، وعلي الهادي، والحسن العسكري، والحجة المنتظر المهدي ( (عليهم السلام) و (عجل الله فرجه الشريف))..وهؤلاء هم أئمة المسلمين المعروفون، وهم عِدل القرآن والثقل الثاني بعد الكتاب، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتما بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).[8]
هذا الاحتمال الثالث؛ هو الأصحُّ، وهو لا ينفي الأول، ولا تضاد ولا تدافع بينهما إذ أنه يتضمن الأول ويؤكده ويزيد عليه، ونحن سوف نتطرق إلى هذا الاحتمال إنشاء الله ونقيم البرهان عليه من نفس الآية الشريفة، وسوف نستدلُّ من نفس الآية الشريفة على أنه ليس المقصود بها الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فحسب، وإنما المقصود كل الأئمة من بعد رسول الله، من قريش، أي الأئمة الاثنا عشر بدءً من الإمام علي وصولاً إلى الإمام المهدي (عليهم الصلاة وأزكى السلام)، نستدل بالآية الشريفة، ونستدل أيضاً بروايات عديدة على هذا المطلب، إنشاء الله..
أدلة ستة على عدم عموم (والذين آمنوا) لكل المؤمنين
أما الاحتمال الثاني فنبدأ بنسفه نسفاً، وإن كان بيِّنَ البطلان في ذاته، ولكن مع ذلك نستدلُّ بالآية على إبطاله (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، قالوا: بأن الذين آمنوا هم عامَّةُ المؤمنين.. والإجابة على ذلك واضحة من وجوه:
الوجه الأول: وهو المشهور بين المفسرين، والذي ذكروه بشأن النزول.
ولكن فكرتُ، فخطر بالبال إضافة خمسة أدّلة أخرى على الوجه الأول فتصبح ستة أوجه، وربما هي أكثر، إذا تأمل الواحد منا أكثر، وهي:
الوجه الثاني: المعروف هو كلمة (إِنَّمَا) وهي أداة الحصر (وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ)، إذن الله سبحانه يحصر الولاية في ناس معدودين، وإلا فلا معنى ولا فائدة من الحصر بل سيكون لغواً وباطلاً فإنه إذا كان يُريد أن يقول: أن الولاية لكلكم، فكيف يحصر؟
مثلاً إذا كان يوجد في المسجد عشرة أشخاص، وكان زيد فقط هو العالم فيصح أن تقول: إنما العالم زيد منهم، أما إذا كانوا كلهم علماء وقلت: إنما العالم زيد فهذا غلط، فـ(إِنَّمَا) تكون ههنا لغواً.. إذ ليس لها معنى.. لأن (إِنَّمَا) تفيدُ السلبَ، والإيجابَ أي تحصر الحكم في شخص، وتنفيه عن أشخاص آخرين..
فقولك؛ (إِنَّمَا) زيد عالم، يعني أن غيره ليس بعالم، و(إِنَّمَا) جاءني زيد، أي أن عمراً ما جاءني، وإلا إذا جاءك زيد، وأيضاً عمر، فتقول (إنما جاءني زيد) فهو خطأ، وتناقض، وتهافت بالقول..
فأداة الحصر بَيِّنةُ الدلالة على أن هؤلاء قِلة، هؤلاء قادة، والبقية هم أتباع (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، فأداة الحصر(إِنَّمَا) جداً واضحة الدلالة، على أن هؤلاء الأشخاص، أو هذه المجموعة التي أثبتت لها الولاية، هي مجموعةٌ مُتميزةٌ، هي مجموعة خاصَّة، نعبّر عنها بمجموعة القادة، أو مجموعة الأئمة، هذه هي القرينة والدليل الثاني بعد الوجه الأول المعروف..
الوجه الثالث: (المضاف)، إذ إننا نعرف بالبداهة أن المضاف غير المضاف إليه (إنما وليكم) (ولّي) أضيف إلى (كم)، فإذن (ولي) شيء و(كم) شيء آخر، مثلما نقول: خالقكم الله، فالخالق شيء، والمخلوق شيء آخر، مالكك زيد، فالمالك شيء، والمملوك شيء آخر..
فالمضاف غير المضاف إليه: (عبدك)، (صديقك)، الصديق غير الضمير المضاف إليه أي (الكاف)، أي المضاف غير المضاف إليه، (صديقك زيد) فالصديق هو شيء والكاف الذي هو المضاف إليه شيء آخر.
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) (الولي) هو المضاف، والضمير أي (كم) هو المضاف إليه (وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا)ْ فكيف يعقل أن يكون المضاف هو عين المضاف إليه؟! ويكون الولي هو جميع المؤمنين والمولى عليه هو جميع المؤمنين أيضاً؟!
هذه هي القرينة الثالثة، وهي معادلة المضاف والمضاف إليه..
الوجه الرابع: (مفهوم الولي والمولىّ عليه)
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) ماذا يُستفاد من هذه الآية؟
يوجد (ولّي)، ويوجد (مُوَلّى عليه)،و (الولّي) غير (المولّى عليه) بالبديهة، فالمفهومان متغايران - بقطع النظر عن الإضافة - مفهوم (الولّي)، مثل مفهوم (المالك)، ومفهوم (المملوك)، فالمالك غير المملوك، الرازق غير المرزوق، المعلم غير المتعلم..
عندما تقول (مُعلم) ماذا يعني؟ يوجد مُتعلم، ومُعلم،والمتعلم غير المعلم، فمفهوم (المولى)، هو غير مفهوم (المولّى عليه) كما أن مفهوم (السيد) غير مفهوم (العبد)، وفي قوله تعالى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) يوجد (ولّي)، ويوجد (مُولّى عليه)،و هذه هي القرينة الرابعة والوجه الرابع.
الوجه الخامس: (الحصر بالصفات)؛ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ) وعلى كلامكم كان يجب أن يقول: (والمؤمنون) فقط، لكننا نلاحظ أن الله تعالى يجعل الدائرة تضيق باستمرار (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ) لم ينته الأمر لوجود قيد ثاني (وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ)، ليس كل مؤمن يُقيم الصلاة، إذ (إقامة الصلاة) غير (أداء الصلاة)، (إقامة الصلاة) معناها أسمى من (الإتيان بالصلاة)، كما هو واضح وموضَّح في محله، وربما أشرنا إلى ذلك سابقاً، وفي المستقبل نتكلم حول الإقامة ما معناها (أشهد أنك قد أقمت الصلاة)[9] وكثير من الناس يُصلون ولكن لا يقيمون الصلاة.. فإقامة الصلاة شيء آخر غير أدائها..
(وَالَّذِينَ آمَنُواْ) ضُيَّقت دائرتها بـ(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ)، ثم ضُيَّقت الدائرة أكثر فأكثر بـ(وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ)، ثم ضُيَّقت الدائرة (وَهُمْ رَاكِعُونَ).
إذن ليس من المعقول أن يكون المقصود كل المؤمنين، أو كل المسلمين بأنه هو (وَلِيُّكُمُ) أي ولي المؤمنين، أي كلكم ولي لكلكم؟! ثم هذا المعنى جداً بعيد عن معنى الذوق السليم، وعن الفطرة السليمة، بأن تقول: (إنما وليكم كلكم) فهذا لا معنى له.. وهذه القرينة الخامسة أيضاً..
الوجه السادس: (نسبة الولي إلى الله) سبحانه وتعالى؛ لاحظوا: الله سبحانه لماذا بدأ بإثبات الولاية لذاته ثم لرسوله فقال (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ (؟
إنه تعالى يريد أن يقول: هذه الولاية شيء خاص، متميز واستثنائي، أعطيها للرسول، والذين آمنوا، وإلا لم يكن بحاجة لكي يقول: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) إذ هذا بديهي وكل مسلم يقبل ذلك..
فكان اللازم أن يبتدأ بما بعد ذلك فيقول: إنما وليكم رسوله والذين آمنوا، لكنه قال جل اسمه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ) أين أنه بدأ بنفسه القدسية لماذا؟
لأنه تعالى يُريد أن يقول: هناك شيء مُتميِّز، وهذا المتميز والمنسوب لي أعطيه للرسول والذين آمنوا الذين... وهو (ولايتي)، فقد أعطيت امتداد ولايتي للرسول والذين آمنوا الذين... أي بالطولية بالمعنى الحقيقي.. هذا الشيء الثابت لي أعطيته أيضاً لهذه السلسلة النورية[10]..
إذن كلمة (الولي) في قوله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ) عندما أسندت إلى الله فأفادت هنا تميُّزاً خاصَّاً لمعنى (الولي) ولمعنى (الولاية)، هذا التميُّز أعطي امتداده للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأعطي للذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ومن غير أخذ هذا الوجه بالاعتبار، يكون الكلام لا وجه له ولا معنى؛ إن الله سبحانه وتعالى يقول؛ أنا وليكم، وبعد ذلك كلكم مثلي في هذا الشأن.. وكلكم أولياء لكلكم!!
إذن القول الثاني واضح البطلان.
وها نحن وصلنا الآن إلى القول الثالث وهو الصحيح لأن في هذه الآية شواهد من داخلها، إضافة إلى الروايات على أن المقصود (هم الأئمة من بعدي إثنى عشر، كلهم من قريش)[11] كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في روايات نقلها الفريقان عامة وشيعة..
لماذا أفردت صيغة (وليكم)؟
وقبل ذلك نتساءل: لماذا أفرد الله سبحانه وتعالى صيغة (وَلِيُّكُمُ) وجعلها مفردة؟ لماذا لم يقل أوليائكم؟ هناك حِكَمٌ عديدة نذكر بعض التي توصلنا إليه.. وإلا فهي عديدة وقد تكون ملايين من الحكم موجودة في كل كلمة كلمة من كلمات الله (عزوجل)، لأن كلام الله بحرٌ عميقٌ، والإنسان حسب ما أوتي من علم يكتشف أكثر، فأكثر، فأكثر.. ولا تنفد خزائنه ولا عجائبه (لا تفنى غرائبه ولا تنقضي عجائبه)[12] والأمير (عليه الصلاة وأزكى السلام) شرح نقطة باء (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) لابن عباس ليلةً للصباح ولم ينتهِ[13]، وربما لو تكلم لسنين متعددة ما كان ينتهي.. لأن القرآن بحر لا ينفد ونقول: بعقلنا القاصر القاصر توصلنا إلى بعض الحِكم، ولعله توجد كثرة كاثرة من الحِكَم في إفراد وليّكم، مما لم تصل إليه عقولنا.
أولاً: لبيان أن الولاية طولية:
الحكمة الأولى: وهي بحاجة إلى إعمال الدقة فإن هذا البحث دقيق ومفيد إن شاء الله تعالى لعل من الحكم في إفراد (وَلِيُّكُمُ): الإشارة إلى أن هذه هي ولاية واحدة فقط، ولكنها طولية، وليست ولايات عرضية، وأفقية، أي الخط ليس أفقياً بل هو امتداد أي أنه عمودي.
ويُستفاد منها أيضاً كما سيظهر امتداد سلسلة الأئمة إلى يوم القيامة، وأن الأرض لا تخلو من حُجة، وبيانُ ذلك يتضح عند ملاحظة أن الأشياء، تعرف بأشباهها كما تُعرف بأضدادها..
ولاية المراجع: (عرضية)
لاحظوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول: (اللهم ارحم خلفائي)، لماذا لم يقل خليفتي، لأنهم أي خلفاؤه وهم العلماء ومراجع التقليد بعضهم في عَرَضِ البعض الآخر، (اللهم أرحم خلفائي.. قيل: مَنْ خلفائك يا رسول الله؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون حديثي وسنتي).[14]
إذن عندما استخدم الجمع، (اللهم أرحم خلفائي)، دلَّ ذلك على أن خلفائه في عرض البعض الآخر، ففي كل زمن هناك جمهرة من الذين جمعوا الصفات من مراجع التقليد الذين هم خلفاء رسول الله وهذه الرواية من الروايات التي تدّل بوضوح، على أن الولاية لكل الفقهاء الجامعين للشرائط، وليس لفقيه واحد: اللهم أرحم خلفائي، وذلك كما لو قال شخص: (هؤلاء وكلائي) فإن الوكلاء في عرض واحد، وليس أحدهم في طول الآخر أي ليس أحدهم تابعاً للآخر أو محكوماً له، مادامت الكلمة التي أعطتهم الوكالة كلمة عامة..
لاحظوا أنفسكم، فمثلاً لو وكلتم خمسة وكلاء وليس وكيلاً واحداً، بعبارة عامة فهل لأحدهم أن يتسلط على الآخرين ويدعي أنه الولي عليهم؟
وإذا الإنسان يلاحظ كل أدلة ولاية الفقيه المذكورة، ومنها: الفقهاء حصون الإسلام..[15]يجد اللسان نفس اللسان، (الفقهاء) وليس فقيه واحد، (حصون) وليس حصن واحد، كل فقيه جامع للشرائط هو حصن من حصون الإسلام..
وعلى أيِّ تقدير فالحديث في محله طويل[16]؛
اللهم أرحم خلفائي ماذا تُفيد (خلفائي)؟
إنها تفيد العرضية؛ ولكن (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ) وليس (أوليائكم)، تفيد أنه ليس بعض منهم بعرض البعض الآخر، فالإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ليس في عَرَض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل في طول رسول الله، أي ولايته في طوله ومستمدة منه، والإمام الحسن، في طول الإمام علي بن أبي طالب ( عليهم السلام أجمعين)، وهكذا فالإمام القائم منهم هو واحد (عليهم الصلاة وأزكى السلام)، والثاني يكون في ظله، وبعد ذلك هو الذي يتصدى للأمر..
وعليه فتوجد ولاية واحدة لله سبحانه وتعالى، هذه الولاية الواحدة طولياً لله بالأصالة، ولهؤلاء بالتبع واحداً أثر آخر وكابراً بعد كابر.. فالآية تصرح (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) وليس أوليائكم، وإلا كان الرسول شريكاً لله والعياذ بالله وليس لله شريك، ليس في عرض الله شيء بل في طول الله، وكذلك كل واحد منهم، وحتى الإمام المنتظر(عجل الله فرجه الشريف).
إذن أفرد (وَلِيُّكُمُ) بالذكر لأن المُراد إفادة؛ أن هذه ولاية واحدة، ولكنها طولية، مثل الموكِّل، والوكيل.. فالوكيل شُعبة، وشعاع من الموكِّل، من ولايته، من سلطته، من سلطنته.. هذا هو الوجه الأول أو الحكمة الأولى لاستخدام كلمة (ولّي) كمفرد..
ثانياً: لكي تفسرها سائر الآيات
الحكمة الثانية: والحديث طويل، وسنوجزه بقدر ما تسمح به هذه العجالة إن الله تعالى استخدم مفردة (ولي) فقال: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ) ولم يقل (إنما أولياؤكم) لأن نفس مفردة (ولي) بما هي مفردة، أي بصيغة المفرد مُستخدمة في القرآن الكريم في أماكن ثانية، بمعنى عميق ذي دلالة فكأنّ الله تعالى يوضح لنا بهذا التطابق الدقيق في الاستخدام: تفسير كلمة (ولي) في هذه الآية الشريفة، فيريد أن يقول: أن معنى (الولي) هو نفس المعنى المراد به في آيات أخرى ذكرت مفردة (الولي) وهذا المعنى ليس هو (الناصر)، ولا (المُحب)، ولا نظائرها التي اختلقوها في إدِّعائهم تفسير هذه الآية، بل معنى أوسع وأشمل بكثير؛ وذلك لأن الله يُرجِعُكَ إلى القرآن الكريم؛ و(القرآن يفسر بعضه بعضاً).[17]
كلمة (الولي) جاءت في القرآن الكريم، في أماكن أخرى عديدة فما هو معناها؟ هو نفس المعنى الذي يراد ههنا.
الله سبحانه وتعالى، يقول
أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[18]، ماذا يعني الولي هنا؟
يعني هو المالك الأولى بالتدبير، الأولى بالتصرف، هو الولي بما للكلمة من معنى، وبكل معاني الولي، فالله أولى (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء)؟ الذين هم الأصنام، يقول تعالى: (فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ)، وما هو معناه هناك؟
إنهم لا يكابرون هنالك ولا يحاولون صرف (الْوَلِيُّ) إلى معاني ثانوية.. لماذا؟ لأنه لا يرتبط بالإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، حتى يُحاولوا، ويُطاولوا، ليدفعوا حقه؛ (فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ)، وأسألُ المفسر السني، والشيعي، والملحدّ، والناصبي الملحدّ، إذا كان يريد أن يُفسِّر لُغويِّاً وعرفياً، أسأله، ما هو معنى، (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ)؟
(الْوَلِيُّ): ماذا يعني؟ فإنه سيقول: هو الأولى بالتصرف والأولى بالتدبير، مثل ما تقول (ولي الأمر)، مثل ما تقول (ولي الطفل)، وما أشبه ذلك.
بل نقول: يمكن الاستدلال بـ(أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء) أيضاً، إذ ما الذي كانوا يعتقدونه في الآلهة: من أصنام وغيرها؟ هل هو صرف المحب؟ أو الناصر؟ كلا.. بل كانوا يعتقدون أنها الأولى بالتصرف والتدبير، وأنها المهيمنة عليهم، وأن بيدها خيرهم وشرهم، وأنها وسائط للرزق أو هي الرازقة لهم.
وكذلك نجد كلمة (ولي) في آية أخرى، في قوله تعالى
وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيرًا)[19]
فللنصير معنى آخر إذن، ولم يقصد بـ(ولي): النصير، وهكذا فإذا تتبَّع المرء الآيات القرآنية الكريمة يجد أن كلمة (الولّي) قد شرحها الله سبحانه، وههنا استخدم الرب تعالى كلمة (ولي) وأسندها إلى الله، فقال: (وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا)، فعندما يقول (إنما وليكم الله...) فكأنه يقول: لا تتصور معنى ثانياً للولي في (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) بل إن نفس معنى (ولي) الذي يُسند إلى الله في (وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا) أو (فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ) جاء لـ(وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وهذا المعنى أي هذه النقطة الثانية استفدناها من السيد السبزواري (رحمة الله) في تفسير (مواهب الرحمن في تفسير القرآن)[20]، وهو تفسير جيد حاولوا أن تقتنوه، ويذكر أيضاً آيات عديدة ويدفع بعض الشبهات التي يمكن أن ترد على ما ذُكر في هذا الوجه الثاني..
إذن في آية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ) الله تعالى أفرد كلمة وليكم بالذكر لماذا؟ لكي تفيد أن المعنى المقصود لكلمة (الولي) هو نفس المعنى الذي قُصد به (الولي) في الآيات القرآنية الأخرى التي أسندت فيها (الولي) إلى الله سبحانه وتعالى، وتوجد هنالك نقاط أخرى حول كلمة (الولي) ربما في محاضرة قادمة نتحدث عنها.
لماذا عبر الله بـ (الذين آمنوا) ولم يقل (والذي آمن)؟
لنتجاوز إلى المقطع الآخر.. (وَالَّذِينَ آمَنُواْ)
ونسأل؛ أما كان من الممكن أو من الأولى أن يقول الله سبحانه وتعالى: (إنما وليكم الله، ورسوله، والذي آمن، الذي أعطى الزكاة وهو راكع)؟
إذ قد ذكرنا أنه بالإجماع عند الشيعة، وشبه الإجماع عند السنة: أن شأن النزول هي حادثة مُعينة ذكرناها آنفاً وهي تصدّق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، بالخاتم، في مسجد رسول الله، وهو راكع فالمفروض أن يقال - كما قد يتساءل البعض ويتوهم- هكذا: (إنما وليكم الله ورسوله والذي آمن الذي آقام الصلاة وآتى الزكاة وهو راكع)..
وهنا لاحظ فكلام الله الخالق، غير كلام المخلوق.. المخلوق لا يفهم، وإذا كان يفهم فإن فهمه محدود، والله غير محدود.
وهنا استفادتان تُستفادان من الآية الشريفة وكلتاهما لطيفتان الأولى من كلمة (يقيمون... يؤتون) أي من صيغة المضارع في هاتين الكلمتين والثانية من كلمة (الذين آمنوا) أي من صيغة الجمع في هذه الكلمة:
1. هل كانت حادثة يتيمة؟
الاستفادة الأولى: بخصوص هذه الحادثة، ونجيب عن شُبهة وتُوهم كونها حادثة واحدة يتيمة إذ يستظهر من نفس الآية الشريفة - وتدل عليه الروايات المتعددة أيضاً -: أن هذه الحادثة، لم تكن حادثة واحدة يتيمة، ذلك لأن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم ينفق ولم يزكّ مرة واحدة فقط، وهو راكع، بل كان ذلك في مواطن عديدة، والآية الشريفة نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مراراً عديدة، كلما تكررت الزكاة من أمير المؤمنين في الصلاة تكريساً لمقام الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)..
ذلك أن بعض الآيات كانت تنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مُكرراً، ربما عشر مرات، أو أكثر أو أقل، وهذه القضية منها..
ولنستخرج تعدد الحادثة، وتعدد الزكاة في الركوع من علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، من نفس الآية الشريفة وذلك عن البحث عن سر استخدام صيغة المضارع في قوله
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ) (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) ، وفي قوله: (وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) وهي صيغة دالة على التجدد والاستمرار؟
لاحظوا أننا إذا رأينا أحدهم عمل شيئاً، لا نقول عنه: يفعل كذا، بل نقول فعل كذا.. فإذا ضرب رجل زيداً، نقول: إنما الظالم هو الذي ضرب زيداً، مثلاً أو ما أشبه ذلك، ولا نستخدم صيغة المضارع، لمرة واحدة فقط.. والله سبحانه يقول: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ (ماذا) يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)،هذه القضية ما كانت مرة، مرتين، وإنما كانت مرات كثيرة، وسنذكر بعد قليل رواية ثانية، من جملة الروايات، فصيغة المضارع الواردة في الآية الشريفة يستظهر منها إن هذه الحادثة وقعت أكثر من مرة، هذه هي الاستفادة الأولى.
2. آية (الذين آمنوا..) يقصد بها كل الأئمة (عليهم السلام)
الاستفادة الثانية: الوجه في استخدام الجمع في (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) قد يقال: إن من الوجوه أن الله تعالى يريد أن يقول: ليس فقط الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (وَلِيُّكُمُ) بل (الأئمة الاثني عشر) على مرّ الزمن هم أولياؤكم، وإلا لكان الأنسب أن يقول (والذي آمن)؟ فلماذا قال الله: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) ألا نفرِّق بين المفرد والجمع؟
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ) لاحظوا هذه القرينة العامة، (وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ)، ومع قطع النظر عن الروايات، وقبل أن أطالع الروايات كنتُ أفكر فخطر هذا المعنى على بالي؛ ثم اطمأننت عندما وجدت الروايات دالة على ذلك، وضعوا في بالكم أن الله كلامه لكل البشر على مرّ التاريخ فلماذا يقول الله عندما يتحدث عن (الولي): (وَالَّذِينَ آمَنُواْ)، ولم يقل (والذي آمن)؟
لأن الله يريد إفهامنا أن (وَلِيُّكُم) هم مجموعة متسلسلة على مر التاريخ وليس واحداً (وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ).. وإذا كان الخطاب لكل الأجيال على مر التاريخ، فمن الطبيعي أن يكون لكل جيل أو جيلين أو أجيال (ولي) حي قائم بتدبير شؤونهم والتصرف فيها علموا أم لم يعلموا.
هذا ما خطر ببالي وبعد ذلك - والحمد لله - رأيتُ أنه توجد رواية دالة عليه، بل روايات، إذ كنتُ مُتردِّداً أن أقول ذلك، ولو بعنوان الاحتمال ولكن رأيت روايات، وتوجد في الكافي وغيره، تدل على ذلك، فـ: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ) هم كل الأئمة، وهم بأجمعهم تأسوا بجدهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد انطبقت عليهم تلك الصفات أي أن الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) كان (يؤتي الزكاة وهو راكع)، والآية تنطبق عليه كمفهوم كلي هو لها ذلك المصداق الخارجي، ثم الإمام الحسين (عليه السلام) كذلك وصولاً إلى المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)، كلهم كانوا كذلك؛ (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) فكلهم هكذا صنعوا، وكلهم هكذا يصنعون، وليس مرة،أو مرتين، وإنما مراراً عديدة، وهنالك تفصيل أكثر سنؤجله إلى محاضرة قادمة، بإذن الله تعالى، فهذه الاستفادة الثانية..
تكرر (التصدق) وتعدد نزول الآية:
ولنعد الآن إلى الاستفادة الأولى؛ فنؤكد أن قضية التصدق في الصلاة تكررت مراراً عديدة من الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة وأزكى السلام) وأن آية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ) نزلت عدة مرات عند كل حادثة من تلك الحوادث، وعندما تتضح لنا هذه الحقيقة وهذا الإطار العام، يتضح لنا أن لا تعارض بين الروايات المختلفة، في شأن النزول، ذلك أن الإجماع انعقد على أن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) هو المقصود بالآية وهو شأن نزولها، ولكن الروايات في التفاصيل مختلفة..
فما الذي نستنبطه من ذلك؟
إننا نستنبط بعد قطعية نزول الآية في شأن تصدق الأمير (عليه السلام) وهو في الصلاة في المسجد وكونه إجماعياً وبعد لحاظ اختلاف الروايات في التفاصيل أن الحادثة لم تكن يتيمة، بل تكررت مراراً عديدة، لاحظوا مثلاً أن بعض الروايات تقول: أن علياً تصدق بالخاتم وهو في خنصره..
رواية ثانية: حلة النجاشي
وهناك روايات أخرى تقول: كانت عليه (صلوات الله عليه) حلّة قيمتها ألف دينار أهداها النجاشي لرسول الله فأهداها الرسول لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ومن الواضح أن الأمير (عليه السلام) كان متقشفاً وزاهداً، لكن هذه الحلّة كانت إهداءً من الرسول الأعظم له فاحتراماً، وكرامةً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، - إذ ليس من المحبذ للمرء أن يردّ الكرامة والهديَّة، فكيف بهدية رسول رب العالمين؟!- فاحتراماً وكرامةً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لبس الإمام علي (عليه السلام) هذه الحلّة التي كانت قيمتها ألف دينار في ذلك الوقت وكانت القوة الشرائية للدينار هي (شاة) أي كان يمكن أن تشتري به شاة، وقيمة الشاة حالياً ستة آلاف ليرة، فألف دينار يساوي في الوقت الحاضر ستة ملايين ليرة سورية أي ما يقارب مائة وثلاثين ألف دولار ستة ملايين ليرة قيمة حُلّة أهداها النجاشي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والرسول أعطاها للأمير (عليه السلام)، والأمير ارتداها وجاء للمسجد وعندما جاء السائل مستعطياً أعطاه الحلّة دون تردد.
هذه الرواية موجودة في الكافي،[21] وفي غيره ولها تفصيل.
وهناك روايات أخرى عديدة تختلف في تفاصيلها فقد يتوهم متوهم وقوع تعارض بينها وتضاد، لكن إن هذا التعارض الظاهري المتوهم، يندفع إذا عرفنا أن القضية لم تكن حادثة واحدة، بل كانت عدة حوادث وقضايا، وأن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) تصدق مراراً عديدة وهو في الصلاة وبأشياء مختلفة، فمرة تصدق بالخاتم، وأخرى بالحّلة وبغيرها، وكان مرة في صلاة الظهر، وأخرى في النافلة، إذ تصرح رواية بأن ذلك كان في النافلة، ورواية ثانية تقول تصدق وهو في الفريضة، وكل ذلك صحيح إذ ليست هي حادثة واحدة حتى يتوهم التناقض وإنما هي عدة حوادث..
ورواية ثالثة: في مقابل اليهود
وهذه إحدى الروايات: أن مجموعة من اليهود منهم ابن صوريّا، ومنهم ابن يامين، ومنهم ثعلبة، ومنهم أسد أسلموا فجاؤوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقالوا: يا رسول الله أن موسى قد أوصى ليوشع بن نون فجعله وصياً له، فمَنْ وصيك؟ فنزلت الآية.. (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ) وهذا شأن النزول الآخر للآية هذه القضية حتى الآن حدثت خارج المسجد، الرسول خارج المسجد، مجموعة يهود أسلموا وطالبوا الرسول بأن يعرِّفهم وصيه كما عرف موسى وصيه، فنزلت الآية (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)..
فالنبي قال: قوموا إلى المسجد - والنبي يعلم حقيقة الأمر فهو مخطط إلهي، والنبي مطّلع على المخطط، ولكن البشر قاصرون، ومقصرون، وجاهلون، وبعضهم معاند، ومتكبر، ومكابر - فالنبي قام إلى المسجد مع الجمع الذي معه وإذا بسائل يخرج من المسجد، فقال له الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): هل أعطاك أحدٌ شيئاً؟ وهو أعلم بالجواب إلا أنه أراد أن نطلع عليه من لسان السائل قال: نعم أعطاني هذا الخاتم، مَنْ؟
علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
في أي حالة؟
قال: في حالة الركوع..
فكبّر الرسول، وكبّر الجمع معه كلهم، قالوا: الله أكبر، لكن لماذا كبّر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وماذا تعني (الله أكبر) هنا؟
إنها تعني فيما تعني: (الله أكبر من أن يجهل ضرورة أن يُعّين لنبي آخر الزمان وصيّاً) إذ هل يعقل أن يُعين لكل الأنبياء، وهم أدنى مرتبة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصياً، وأوصياء، وفترتهم محدودة ولا يعّين للنبي وهو الرسول حتى نهاية العالم؟ كيف؟ أيعقل ذلك؟[22]
ما عدا مما بدا - والعياذ بالله- والله حكمته بالغةٌ.
إن هذا التكبير له دلالات كثيرة، منها: هذه الدلالة؛ الله أكبر من أن يوصف بالجهل، إذ رموه - من حيث يشعرون أو لا يشعرون - بالجهل لأنه لا يعرف ضرورة أن يُعّين وصياً لنبي آخر الزمان، وهو أفضل الأديان، وأسمى الأديان، والدين الخالد إلى آخر الزمن، فالنبي كبّر ودخل إلى المسجد، وقال لهم: عليٌ وليٌّ من بعدي.. بعد نزول هذه الآية، فقالوا: رضينا بالله ربّا، وبمحمد نبيّا، وبعلي ولياّ، فنزلت بقية الآية، وهي الآية الثانية
وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)[23]
انظر إلى هذا التسلسل اللطيف، من بداية القصة وإلى سؤالهم عن الوصي، مَنْ وصيك؟ وإلى مجيء الجواب: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وبعد ما جاؤوا إلى المسجد وشاهدوا هذه الحادثة، وقد أشهدهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الحادثة، ليطابق الخُبر الخَبَر، قالوا: رضينا بالله ربّا، وبمحمد نبيّا، وبعلي وصيّا، فنزلت بقية، الآية (وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)..
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للمزيد من التدبر في القرآن الكريم والاهتداء بأنواره إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
.................................................
* فصل من كتاب بحوث في العقيدة والسلوك
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر و التوزيع
وهو مجموعة من البحوث والدروس الهادفة التي تتوخى الاسترشاد بالقرآن الكريم للتعرف على الحقائق (التكوينية والتشريعية) ولا صلاح المجتمع وصولا والى السعادة الدنيوية والأخروية، وللنهوض بالفرد والأسرة والأمة. وقد ألقاها آية الله السيد مرتضى الشيرازي على جمع من علماء وفضلاء الحوزة العلمية الزينبية ليالي الخميس طوال العام الدراسي.
.....................................
[1] (المائدة:5556)
[2] راجع الرواية بعمدة ابن البطريق: ص121 وغيره من أمهات المصادر الإسلامية..
[3] ويحتمل أن يكون باتفاق مسبق بينهما، والغرض تأكيد أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، التي أعرض عنها قسم من الناس وأنكروها.
[4] (الإنسان:5)
[5] وهذا الطلب جاء في آيات بينات من سورة طه (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ﴿25﴾وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ﴿26﴾وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ﴿27﴾يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴿28﴾وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ﴿29﴾هَارُونَ أَخِي ﴿30﴾اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ﴿31﴾وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴿32﴾كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ﴿33﴾وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴿34﴾إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا ﴿35﴾قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴿36﴾) (طه: ٢٥ ٣٦)
[6] تفسير مواهب الرحمن/ السبزواري/ ج11/ ذيل تفسير سورة المائدة الآية 55.
[7] ولا يخفى أن خروج الشاذ من المتعصبين لا يضعف الإجماع ولا يوهنه بل يؤكده فإن (الحق مع جماعة المسلمين) وأن (الشاذة للذئب) و(يد الله مع الجماعة) و(دع الشاذ النادر فإن المجمع عليه لا ريب فيه).
[8] وسائل الشيعة: ج27، ص34، ح9.
[9] وردت في معظم الزيارات الشريف لأئمة المسلمين(عليهم السلام)..
[10] وبديهي أن الله عندما يعطي شيئاً فإنه لا يفقده فلو أعطاك العلم فهل سيفقد ما أعطاكه؟ ولو أعطاك المال فهل سيفقد هذا المال؟ ثم إن المراد ليس إعطاء ذات الولاية التي له تعالى للرسول وللأئمة بل إعطاء شعاع منها أي امتدادها أي الولاية الطولية وذلك كالوكيل الذي يعطيه الموكل مثلاً صلاحية إجراء العقود فإنها امتداد ولايته لا أنه فقدها وقد أعطاها بعينها.
[11] راجع البحار للشيخ المجلسي: ج36، ص231، ففيه روايات عديدة ومفيدة في الباب..
[12] نهج البلاغة: خطبة 152..
[13] الإمام علي (عليه السلام) في القرآن؛ للإمام السيد صادق الشيرازي (حفظه الله):ج1، ص13، عن ينابيع المودة للقندوزي الشافعي..
[14] راجع وسائل الشيعة للحر العاملي:ج27ص91..
[15] الكافي للشيخ الكليني:ج1ص46..
[16] وقد فصلناه في (شورى الفقهاء دراسة فقهية أصولية)، فليراجع.
[17] تفسير الصاف،للفيض الكاشاني:ج1 ص75..
[18] (الشورى:9)
[19] (النساء:45)
[20] تفسير مواهب الرحمن السبزواري ج11ص399ذيل تفسير سورة المائدة الآية55
[21] الكافي الشريف، للشيخ الكليني: ج1، ص 289.. والوسائل، وتفسير الصافي، والبرهان، ونور الثقلين.. وغيرها كثير من المصادر الهامة..
[22] راجع وسائل الشيعة للحر العاملي: ج9، ص478، ومعظم كتب التفسير بالمنقول عن أهل البيت (عليهم السلام)..
[23] (المائدة:56)
شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/نيسان/2010 - 5/جمادى الأولى/1431