لما كان المغرب قد استرجع أقاليمه الصحراوية ، وجدت مجموعة العناصر التي تشكل " جبهة البوليساريو " نفسها في مواجهة انعدام قاعدة جماهيرية تستند إليها، ولأجل تلافي هذا النقص ، لم تجد " البوليساريو" طريقا أفضل من اقتياد جزء من الساكنة الصحراوية إلى مخيمات أقامتها فوق التراب الجزائري وسمتها زورا بمخيمات " اللاجئين الصحراويين " أو مسميات وهمية كـمخيم
" العيون " و " الداخلة " و" أوسرد " أو مخيم " السمارة " مستعملة مجموعة من الخدع والأكاذيب.
فعلى مدى ثلاثة أشهر، قامت " جبهة البوليساريو " بتجميع المواطنين الصحراويين قرب تندوف لتمارس عليهم سلطتها مستفيدة في ذلك من التواطؤ الإسباني والجزائري..
فقد قامت السلطات الاستعمارية الإسبانية ومن أجل تسهيل عملية تهجير المواطنين الصحراويين إلى الجنوب الجزائري بسحب قواتها من المنطقة الشرقية المتاخمة للحدود الجزائرية فيما عملت السلطات الجزائرية على تجنيد قواتها المسلحة وتخصيص مئات الشحنات العسكرية لمساعدة
" البوليساريو " في إخراج المواطنين الصحراويين من ديارهم وتهجيرهم ـ قسرا ـ نحو مخيمات أعدت سلفا لاستيعاب المهجرين الصحراويين . كان عددهم في تلك الفترة يقدر بحوالي 7000 مواطن صحراوي مغربي أضيف إليهم لاحقا 3000 من المواطنين الماليين الفارين من المجاعة والجفاف..
كان جنرالات الجزائر وصنيعتهم " البوليساريو " يدركون جيدا أنه بدون وجود هذه المخيمات، لم يكن ممكنا وجود حركة سياسية عسكرية تحمل اسم " جبهة البوليساريو" وأن وجود " جبهة البوليساريو " مرتبط بوجود المخيمات نفسها.
هكذا وبعد أن أُجبر جزءٌ من سكان الصحراء المغربية على العيش كلاجئين، تحولت " جبهة البوليساريو " إلى "حزب ـ دولة" على نمط المنظمات العسكرية ـ البوليسية..
انطلاقا من الحكمة التي تقول " إن الحياة لا تقبل الفراغ " تطبق " جبهة البوليساريو " نظرية " ملء الفراغ " التي تخصص فيها كل من السيد مصطفى السيد وخليل سيدي محمد ..
نظرية " ملء الفراغ " هذه تعني أن الإنسان يجب أن يشحن طيلة اليوم وكل يوم بفترات طويلة من التعبئة العقائدية والعسكرية والتكييف النفسي ولا يجب أن يترك لسكان الخيمات فراغ حتى لا يفكرون في مصيرهم وفي واقعهم المرير داخل هذه المخيمات وحتى لا يفكروا الحرية وكيفية التخلص من جحيم الحجز..( شهادة السيد مصطفى البرزاني )
لقد تبنت " البوليساريو " سياسة التجنيد والتكوين الإيديولوجي تجاه كل شخص يعيش داخل مخيمات تندوف، مدنيين وعسكريين، صحراويين مغاربة أو طوارق جزائريين، ماليين أو موريتانيين. وقد وضعت لهذا الغرض هيكلية مستوحاة من النموذج الشيوعي الألباني .. الهدف من هذه الهيكلية هو تقطيع الروابط داخل العائلة الواحدة بعزل كل فرد داخل خلية سياسية عسكرية يخضع فيها لتكوين عقائدي مستمر يتولاه مفوضون سياسيون..
وهكذا ومنذ العام 1976 أصبحت جبهة البوليساريو ذات بنية تنظيمية هرمية على النمط الماركسي الكلاسيكي تمارس من خلالها تعبئة صارمة ودائمة على ساكنة مخيمات تندوف . فهي تخضع لقيادة كاتبها العام الذي تعاونه لجنة تنفيذية من سبعة أعضاء يشكلون في الوقت نفسه جزءا من المكتب السياسي المكون من 21 عضوا، ثلاثة منهم مكلفون بمهام التنظيمات الجماهيرية التي تضم ثلاث فئات من الصحراويين " العمال، الفلاحين والنساء "..