كتب الأخ الفاضل : كمال الغزالي
1- الدولة المستقلة:
تتحدد الدولة بقوة نظامها السياسي ، و قوة النظام السياسي تتمثل في انسجام بنياتها و مؤسساتها و أن أي خلل في الهرم السياسي للدولة يعرضها بدون شك إلى اهتزاز يفضي إلى الانهيار مما قد يسمح بالتدخل الأجنبي تفقد بموجبه الدولة لعنصر السيادة أمام الخارج عنصر الهيبة أمام الوضع الداخلي ، تلك إذا محددات نظرية .
ينتمي النظام السياسي الفلسطيني إلى النموذج الجمهوري الذي تتقاسم فيه الادوار السياسية العليا بين رئيس الدولة و رئيس الحكومة و هكذا فقرار الحرب امن الدولة كحالة الطوارئ أو الاستثناء ، تعيين رئيس الحكومة تكون من اختصاص رئيس الدولة الممثل الأول أيضا للدولة أمام أي مبادرات سياسية خارجية و تخول إلى رئيس الحكومة بأمر منه ، أمام رئيس الحكومة فقد يتولى اختيار الوزراء و يسهر على تنفيذ البرنامج السياسي الحكومي الأمني و السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي كما انه مسؤول بالشراكة عن سياسة الدولة الخارجية ......و هكذا تكون الدولة بقيادة الحكومة المنسجمة- كما أسميناها في كتابنا 1- و في غنى عن الحكومة المزدوجة و التي قد تخلق مصاعب و مشاكل كبيرة للدولة.
تحولات في البنية السياسية
لقد أحدثت الانتخابات التشريعية والبلدية في فلسطين مؤخرا معطى جديد شكل العنوان العريض للتحول السوسيوثقافي في فلسطين .
فبروز الاتجاه الإسلامي و انخراطه اللامشروط في المقاومة شكل قوة الدفع مكنته من اعتلاء قيادة المجتمع الفلسطيني فصوت الفلسطينيون لصالح الاتجاه الإسلامي و هكذا وقع تحول كبير داخل نسيج الانتلجنسيا الفلسطيني و الذي سيطيح بالانتلجنسيا السابقة لتظهر خيارات سياسية أخرى تقف إلى حد بعيد موقف النقيض خصوصا عندما نكون أمام محور المفاوضات و الاتفاقات السابقة المبرمة مع الكيان الصهيوني فحقيقة سمي هذا التحول في الانتلجنسيا السياسية الفلسطينية * بالزلزال * و هكذا تشكلت الحكومة الفلسطينية الأخرى خصوصا و أن حركة * حماس * دعت كل الفاعلين السياسيين للمشاركة في هذه الحكومة حتى تكون حكومة ذات وحدة وطنية . و هكذا يسجل على الانتلجنسيا السابقة عدم مشاركتها بخلفية إسقاط المولود الجديد من يد أمه إلا و هو الشعب الفلسطيني .
إذا ماذا ترتب عن هذا الوضع ؟
صحيح أن الحرس القديم للسلطة السياسية في فلسطين اشرف على تعميم الانتخابات وسهر على استكمالها إلا أن إفرازات صناديق الاقتراع شكلت أغلبية مريحة لصالح الاتجاه الإسلامي الذي كان يشكل معارضة سابقة للحرس القديم وأكثر من ذلك كان هذا الاتجاه يقف موقف النقيض الايدولوجيي لمنظمة فتح، كما أن عديد من قيادات السلطة الفلسطينية السابقة أقرت وقبلت – في أكثر من تصريح صحفي- بالقرار الديمقراطي واعتبرت التجربة والديمقراطية الفلسطينية أكثر تقدمية، لكن هذا التصريح والذي عبر عنه أكثر من قيادي في حركة " فتح" لم يستطع الصمود حينما تشكلت الحكومة الفلسطينية من حركة حماس والتي كشفت عن تمظهرات الوعي اللاديمقراطي عند بغض التكتلات داخل حركة "فتح" ونحن هنا نستثني خط الشرفاء في فتح والأقصى وقد تمثل السقوط الديمقراطي في:
1- سحب الصلاحيات الأمنية من الحكومة
2- اقتحام بعض المواقع الحكومية من طرف بعض عناصر مسلحة
3- الاستيلاء على بعض المؤسسات كمؤسسة التلفزيون
4- سحب الصلاحيات بخصوص الإعانات الدولية والتي هي دستوريا من صلاحيات وزارة المالية
5- انقلاب على الوضع الانتخابي وتشكيل حكومة بديلة عن سابقتيها.
إذن فالصحيح إما أن نقبل بالديمقراطية كلها إما أن نلغيها كلها، لكن أن يتم التلاعب بها فهذا ليس من الأخلاق السياسية، وهكذا أصبح المشهد السياسي الفلسطيني يتقلب بين كفتي الرئيس والحكومة المنتخبة، حتى أصبحنا نتحدث في الصالون السياسي بما يسمى مؤسسة الرئاسة. ففي العهد القريب التسمية رئيس السلطة الفلسطينية سواء في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله او في عهد حكومة "فتح" السابقة. إذن فما هو الجديد؟ بالفعل تكتلت الفعاليات السابقة مع الرئيس الفلسطيني لتخلق جناحا سياسيا موازيا لم يسجل في تاريخ الحكومات السابقة العالمية. ففي فرنسا- مثلا- حينما كان الرئيس الدولي الفرنسي " فرنسوا ميطيران" وهو اشتراكي كانت الحكومة المنتخبة ذات توجه ليبر الى فلم يلجا الرئيس إلى تشكيل قوى محيطة به في مواحهة حكومته اللبرالية فكان التعاون مشترك لمصلحة فرنسا لا غير رغم بعض التباينات ، لكن لم يصل الامر الى حد سحب بعض الصلاحيات واقتحام المقرات الحكومية وإشهار السلاح واعتراض نائل رئيس الحكومة او وزيرها.
اذن هناك ازمة حقيقية يعيشها المشهد السياسي في فلسطين خصوصا وانه من مصلحة الكيان الصهيوني الإبقاء على الوضع المتأزم في ظل حكومة جديدة منتخبة مثلت بحق الى جانب القوى الآخر – الند العسكرية الصهيونية وندا – أيضا- حكومة منتخبة. صهيونية تتوعد الفلسطينيين بالسير نحو التوجه الأحادي الجانب: أي معالجة الاستعمار بطريقتها الخاصة ( الجدار السيئ الذكر- المعابر- الرسوم الجمركية المستحقة- المستعمرات) والاتفاقيات المبرمة سابقا.
لكن ما العمل؟
سؤال يعرف إجابته السياسيون الفلسطينيون بدقة وحكمة عالية، لكن ما عسانا نفعل حينما تصطدم الحكمة مع الإرادة، ان الحكمة مستقلة في ذاتها لكن الإرادة فهي تخضع لسلطة الذات هذا بلغة الفلسفة، وأما بلغة السياسة فإننا نعتبر أي انشقاق في الصف الفلسطيني لا يخدم الإرادة السياسية فهو أضعاف لفلسطين لرئيسها ولحكومتها ومدخل للكيان الصهيوني ولحليفتها أمريكا التي استجمعت قوتها في المنطقة لأضعاف حكومة منتخبة ديمقراطيا أمام شعبها وأمام المجتمع الدولي طبعا انه الاستكبار العالمي في إطار مشروع بؤر التوتر وأبعاده الاستراتيجية.
1- البحث عن مناطق العمق الاستراتيجي
2- بسط النفوذ السياسي
3- السيطرة على الثروات العالمية ( البترول)
وللحد من الأزمة السياسية والدستورية التي يعيشها الوطن الفلسطيني والمتمثلة في حكومتين لشعب واحد نرى ضرورة الامتثال لمصلحة الشعب الفلسطيني أولا والدستور ثانيا وخصوصا بعد الاعتداءات الصهيونية في حق المواطنين الأبرياء ثم من خلالها استهداف القيادات الفاعلة للفصائل الفلسطينية المناضلة، كما أن استشهاد كبير المجاهدين وسفير الحسين السيد عماد مغنية وإقامة العزاء يشكل مشترك بين الفصائل الفلسطينية: فتح-الشعبية-حماس- الديمقراطية-الجهاد-اللجان-والكتائب-القيادة العامة......... قد يكون مرجعية لخارطة الطريق في أفق التلاحم الفلسطيني كما أن بعض الإجراءات قد نراها في صميم الموضوع:
1- الاحتكام الى الدستور لتحديد الصلاحيات
2- العمل على التنسيق المشترك في إطار غرفة عمليات بين الرئيس والحكومة لوضع حد للانفلات الأمني.
3- الدعوة إلى حوار وطني بين كل الفعاليات الفلسطينية من اجل البناء الداخلي اجتماعيا- سياسيا على قاعدة المصلحة العليا للشعب الفلسطيني خصوصا ملف العودة.
4- استحداث لجنة مشتركة ممثلة عن الرئيس الفلسطيني والحكومة للهمل على الإشراف على الملف المالي( المساعدات الخارجية)
فعلى هذا الأساس نكون قد وضعنا حدا للازمة في الهرم السياسي، أما القضايا المختلف فيها معا الكيان الصهيوني: الاعتراف – المباحث السابقة – فهي تخضع لمنطق القوة و لا يمكن إقحامها في القضايا الداخلية فتلك معركة أخرى مع الكيان الصهيوني .
يحق للحكومة المنتخبة إدارتها على قاعدة برنامجها و مشروعها السياسي الذي انتخبت الحكومة على أساسه .
Kamal al ghazzali- oujda
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]