وعجل فرج قائم ال محمد
حَلَّ الظهرَ، وارتفعَ صوتُ المؤذّن يَصدَحُ بالأذان من مِئذنةِ مسجدِ المحلّة.
كانت زينب قد عادت للتوِّ من مدرستِها، فوضَعَت حقيبتَها وملابسَها في الموضع المُخصَّص لها، ثمّ تَوجّهت صوبَ المطبخ. كانت جائعةً ومُتعبة.. وكانت أمُّها في الخارج.
تناولت زينب تفّاحةً حمراءَ نظيفة، وذهبت إلى ساحةِ الدار.. حيث يَقف دِيكٌ أشقرُ جميلٌ ذو عَرفٍ أحمرَ طويل. وضعت زينبُ أمامَ الديكِ شيئاً من الحبوب، ثمّ تناولت تُفّاحتها وقَضَمَت منها قَضمةً.
كاد المؤذّنُ يُنهِي أذانَ الصلاة... فَكَّرت زينبُ في نفسها: الأفضَلُ أن أتوضّأ وأُصلّي.
نهضت.. فتوضّأت بعناية، وبَسَطت سَجّادتها الصغيرةَ التي خاطَتها لها أمُّها قبل أيّام، وارتَدَت خمارَها الأبيضَ الذي تُزيّنُه أزهارٌ صغيرةٌ حمراءُ وبنفسجيّة وزرقاءُ متناثرة في حاشيته.
بدأت زينب صلاتها بتكبيرة الإحرامفأحسّت وهي تُصلّي أنّ طمأنينةً مُدهشةً تَلفُّ وجودَها.
أتمّت صلاتها.. ولم تنسَ أن تدعو ـ كما عَلّمتها أمُّها ـ لينصرَ اللهُ الإسلامَ وأهلَه، ويُعجِّلَ في ظهورِ الإمامِ المهديّ عليه السّلام.
أحسّت زينبُ الصغيرةُ بالنُّعاس يُداعِبُ أجفانَها... وشَعَرت بأنّ أجفانَها قد أصبحت ثقيلة فهي لا تقدر على فتح عينيها. مدّت زينبُ رِجلَيها وأغمضت عينَيها.. واستغرقت في النوم.
استَيقظَت زينبُ بعد ساعة، وسَمِعَت صوتَ اصطكاك الأطباق وهي تُغسَل بالماءِ في المطبخ، فَرَكت عينيها ونادت: السلام عليكِ يا أمّاه!
ردّت الأم وهي تجل طعامَ الغداء: وعليكِ السلام.. يبدو أنّك نائمة.. انهَضي واغسِلي وجهَكِ ويديَكِ وتعالَي لنتغدّى!
قالت زينب: اسمحي لي يا أُمّاه بأن أُكمِلَ صلاتي!
قالت الأمّ: ولكن.. عليك أن تتوضئي قبل الصلاة.
قالت زينب: لقد تَوضّأت قبلَ قليل.
جَلَست الأمُّ وشَرَعَت في صَبِّ الطَّعام في طَبَقِ زينب، وقالت: بِنتي العزيز! لقد كنتِ نائمة، وإنّ النومَ يا عزيزتي ـ يُبطِلُ الوضوءَ ويَمحو أثرَه، حتّى لو كان ذلك النومُ لفترةٍ قليلة.. وإنّ عليكَ يا ابنتي أن تتوضئي من جديد للصلاة، فهيّا.. انهضي واغسِلي وجهَكِ ويديَكِ وهَلُمّي لتناولَ طعامَ الغداء، ثمّ بعد ذلك تصلّين صلاة العصر.
نهضت زينب وجَمَعت سجّادتها، وغَسَلت وجهَها ويديها، وشَكَرت أمَّها لأنّها علّمتها شيئاً هامّاً لم تكن تَعرفُه مِن قبَلُ