بسم الله الرحمن الرحيم ..
أعزاءنا ...
القرآن كتاب الله تعالى وكلامه, أنزله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور, وليكون عهداً ودستوراً للحياة. ولقراءة هذا الكتاب العزيز العديد من الآداب, وكلما راعى الإنسان تلك الآداب ازدادت تلاوته قيمة ومكانة وتأثيراً, لذا نسعى جميعاً لمراعاة هذه الآداب, وهي على قسمين:
القسم الأول: الآداب الباطنية:
1) الإخلاص:
فالمؤمن لا يقرأ كتاب الله من أجل الحصول على مال أو مكانة دنيوية, بل لا يقرأه أيضاً للحصول على ثواب مقابل قراءته, ولكنه يقرأ كتاب الله حباً في الله تعالى واسترشاداً بتعاليمه.
2) تعظيم القرآن الكريم:
فيشعر الإنسان بأهمية ومكانة وعظم هذا الكتاب العزيز. فلا يكون أي كتاب آخر أحبّ إليه وأكثر فائدة وهيبة لديه من القرآن الكريم.
روي عن النبي –صّلى الله عليه وآله- أنه قال:
من قرأ القرآن فظن أن أحداً أعطي أفضل مما أعطي؛ فقد حقر ما عظم الله, وعظم ما حقر الله.
3) الإقبال على القرآن الكريم بجميع الجوارح والجوانح:
قيل: جاء في التوراة:
يا عبدي أما تستحي مني؟!
يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفاً حرفاً حتى لا يفوتك شيء منه، وهذا كتابي أنزلته إليك, انظر كم فصلت لك فيه من القول, وكم كررت عليك فيه؛ لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه؟!
أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك?!
يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك, فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف, وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك?!
4) التفكر:
روي عن الإمام السجّاد –عليه السلام-:
آيات القرآن خزائن فكلما فتحت خزانة ينبغي لك أن تنظر ما فيها.
وروي عن الإمام الصادق–عليه السلام-:
إن هذا القرآن فيه منار الهدى ومصابيح الدجى, فليجل جال بصره ويفتح للضياء نظره, فإن التفكر حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
5) التدبر:
قال الله تعالى (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
[محمد : 24].
6) عدم الانشغال عن اللبّ:
فيترك المبالغة في (الاهتمام بالحروف ومخارجها والتجويد) على حساب التدبر وفهم المعاني.
7) القرآن يخاطبك أنت:
توقن أن خطاب القرآن إنما هو موّجه إليك، فإذا مررت بأمر أو نهي قدّرت أنك أنت المنهي وأنك أنت المأمور، وإذا مررت بقصص لا تأخذها على أنها حكاية لتاريخ مضى, بل خذها على أنها هداية لمستقبل آت.
إذا تلوت آيات الوعد والمدح للصالحين:
لا تشهد لنفسك بأنك منهم بل ادعُ الله أن يلحقك بهم، وإذا تلوت آيات ذم العصاة والمقصرين خف على نفسك, وادعُ الله أن ينجيك ويطهّرك منهم.
9) استشعار الرقة والخوف والوجل:
قال تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)
[الزمر : 23].
10) الجد والاجتهاد:
الاجتهاد وانصراف الهمة إلى كتاب الله, قال الله تعالى (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)
[ مريم:12].
11) الهمّ الأكبر:
لا يكن همّك إنهاء السورة أو الجزء.
القسم الثاني: الآداب الظاهرية:
1) الطهارة:
قال تعالى (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة : 79]
لا يجوز لمس آيات القرآن إلا بطهارة, ومن تمامية التلاوة أن يكون القارئ على طهارة. وكذلك لا يمكن الوصول إلى أسرار القرآن وعمق معانيه إلا بطهارة الباطن.
2) تنظيف الفم بالمسواك أو الفرشاة:
قال أمير المؤمنين–عليه السلام-: إن أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسواك .
3) استقبال القبلة:
روي عن أهل البيت–عليهم السلام- : خير المجالس ما استقبل به القبلة.
4) الاستعاذة:
قال تعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [النحل : 98].
والاستعاذة ليست باللسان فقط, بل بالقلب والحقيقة والوجدان.
5) البسملة:
ومن علامات المؤمن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.
6) الترتيل:
قال تعالى (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) [المزّمِّل : 4],
وورد عن أمير المؤمنين –عليه السلام- في تفسير الآية, قال: (بيّنه تبياناً ولا تهذه هذ الشعر, ولا تنثره نثر الرمل, ولكن افزعوا قلوبكم القاسية, ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة).
7) القراءة الصحيحة:
فلا يخطأ في الكلمات أو الحروف أو الحركات والإعراب.
مراعاة أحكام التجويد:
ومن ذلك حفظ الوقوف, وبيان الحروف فلا يلتهم الحروف.
9) الصوت الحزين:
روي عن الإمام الصادق–عليه السلام- قال: إن القرآن نزل بالحزن فاقرؤوه بالحزن. وروي أيضاً أن الله عزّ وجلّ أوحى إلى موسى بن عمران: إذا وقفت بين يدي فقف موقف العبد الذليل, وإذا قرأت التوراة فأسمعنيها بصوت حزين.
10) الابتعاد عن ألحان أهل الفسوق:
روي عن رسول الله–صّلى الله عليه وآله- : اقرؤوا القرآن بألحان العرب وأصواتها, وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر, فإنه سيجيء من بعدي أقوام يرجّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية، لا يجوز تراقيهم, قلوبهم مقلوبة وقلوب من يعجبه شأنهم.
11) تكرار الآية:
إذا احتجت إلى أن تكرار الآية وأن تقف عندها فافعل, روي: كان علي بن الحسين –عليه السلام-إذا قرأ (ملك يوم الدين) يكررها حتى يكاد أن يموت.
12) القراءة من المصحف ولو كنت حافظاً للقرآن:
روي عن الإمام الصادق–عليه السلام- : من قرأ القرآن في المصحف متّع ببصره, وخفف عن والديه وإن كانا كافرين.
13) الجهر بالقراءة - ما لم يؤذ المؤمنين- ولا يصل إلى مرتبة الصراخ.
ومن الأخطاء الشائعة أن يكتفي الإنسان بالنظر إلى الآيات دون أن يتلفظ بلسانه, فإن خصلة (قراءة وتلاوة كتاب الله) تحصل بالتلفظ باللسان لا مجرد النظر إلى الآيات والقراءة الباطنية.
14) الإنصات لمن يقرأ القرآن:
قال الله سبحانه وتعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) [الأعراف : 204].
15) اختيار المكان المناسب:
الابتعاد عن الأماكن التي تكثر فيها الشواغل, كصوت التلفاز.
16) عدم قطع التلاوة:
اجتناب الضحك والكلام أثناء التلاوة، إلا كلاماً يضطر إليه.
قال تعالى(أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ [59] وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ [60]) سورة النجم.
17) رفع المصحف عن مستوى الأرض والأقدام.
18) عدم التجاوز أو القفز من فوق المصحف.
19) إحياء البيت بتلاوة القرآن الكريم:
روي عن النبي – صلّى الله عليه وآله- : نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن, ولا تتخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنصارى، صلّوا في الكنائس والبيع, وعطلّوا بيوتهم. فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتسع أهله وأضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا.
20) دعاء قبل التلاوة:
" اللهم إني أشهد أن هذا كتابك المنزل من عندك على رسولك محمد بن عبد الله, وكلامك الناطق على لسان نبيك, جعلته هادياً منك إلى خلقك, وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك، اللهم إني نشرت عهدك وكتابك، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة, وقراءتي فيه فكراً, وفكري فيه اعتباراً, واجعلني ممن أتعظ ببيان مواعظك فيه, وأجتنب معاصيك, ولا تطبع عند قراءتي على قلبي ولا على سمعي, ولا تجعل على بصري غشاوة, ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبر فيها، بل اجعلني أتدبر آياته وأحكامه آخذاً بشرائع دينك, ولا تجعل نظري فيه غفلة, ولا قراءتي هذراً إنك أنت الرؤوف الرحيم ".
21) دعاء بعد التلاوة:
" اللهم إني قد قرأت ما قضيته من كتابك الذي أنزلت على نبيك الصادق ( عليه السلام ) فلك الحمد ربنا، اللهم اجعلني ممن يحلّ حلاله ويحرّم حرامه, ويؤمن بمحكمه ومتشابهه, واجعله لي أنساً في قبري, وأنساً في حشري, واجعلني ممن ترقيه بكل آية قرأها درجة في أعلى عليين, آمين رب العالمين ".
للأمانة منقول