" إذا قال ماركس أن الدين أفيون الشعوب فهذا لأنه لم يطلع علي سعة الدين الإسلامي إنما رأي استغلال الدولة للدين المسيحي أما الدولة عندنا اتخذت من الدين سيفا لذبح الشعوب, وإذا أردنا خدمة الدين علينا الفصل بينه وبين الدولة " (السيد أياد رؤوف جمال الدين , رجل الدين الشيعي )
ملامح عن السيد أياد جمال الدين
قلم : د. رغد علي
ولد السيد أياد رؤوف جمال الدين لعائلة عراقية في مدينة النجف عام 1961 واصل عائلته ينحدر من مدينة الناصرية في جنوب العراق, والده من علماء اللغة العربية وله خمسون كتاب في اللغة والعقائد, درس قبل المرحلة الابتدائية علي يد والده, وحفظ الشعر الجاهلي منذ أن كان في الرابعة من العمر, وكتب الشعر في سن العاشرة.
كانت أول مساهمة سياسية له في عام 1977 حين حاولت الحكومة العراقية منع الناس من السير علي الإقدام لأداء شعائر كربلاء , فتمرد الناس , وهو الذي وضع أول هتاف علني ضد الحكومة " صدام قل للبكر كل الشعب لا يريدك " كان صدام وقتها نائبا لرئيس الدولة , وبقي أياد بعدها بحالة تخفي حتى خرج من العراق عام 1979 إلي سوريا ومن ثم إلي إيران .
درس في إيران العلوم الدينية, والبحث الخارج لمدة 8 سنوات علي يد أساتذة مثل الشيخ الخراساني والشيخ جواد التبريري , كما درس الفلسفة والتصوف .
ذهب للإمارات العربية المتحدة في عام 1995 بناء علي دعوة من الشيعة في دبي ليكون إمامهم وبقي هناك حتي عاد للعراق عام 2003 .
السيد أياد من دعاة العلمانية منذ سنوات, لكن دعوته لم تصل لوسائل الإعلام والفضائيات إلا في مؤتمر الناصرية, الذي عقدته المعارضة العراقية في 20-4-2003 بعد دخول قوات التحالف للعراق , ووضح رأيه بهذا المؤتمر " دفاعا عن الدين أنادي بالعلمانية , القران الكريم مختطف بيد الدولة الإسلامية لان الدولة هي التي تقوم بالتفسير والإسلام مختطف بيد الدولة منذ زمن معاوية حتى صدام , و علينا تخليص الدين من براثن الدولة " و لم تكن دعوته " سياسية إنما دينية فلسفية , وإيمان بأنه ما من شيء اضر بالدين الإسلامي وشوه وجهه الجميل كما أضرت به الدولة الإسلامية ,فالحسين حفيد النبي مجمد قتل باسم الدين ,و قتل الشعراء والفلاسفة والفقهاء والمفكرين باسم الدين , وكل من له مؤاخذة علي الدولة يأخذ فتوي شرعية بالقتل , أما أن يقال أن الدين هو الذي يسيطر علي الدولة فهذا مالا يمكن تصديقه ويرفضه التاريخ , وكل الدول التي حكمت العالم الإسلامي يكون بالبداية الدين هو المهيمن علي شؤون الدولة وسرعان ما تنقلب الآية وتسيطر الدولة علي الدين "
أما معاداة العلمانية فيفسرها السيد أياد على أنه ا" جهل وسوء تطبيق من جانب وخوف علي الدين من جانب أخر , فالدول العربية تدعي العلمانية لكنها غير علمانية " وهو مع التجربة التركية " فالتجربة التركية فريدة من نوعها وان شوهتها قوى الإسلام السياسي وتركيا اليوم علي بوابة الدخول للعالم المتحضر بانضمامها للاتحاد الأوروبي , والشعب التركي فيه أكثر من 70 مليون مسلم لم تغير العلمانية دينه فالذي يحكم تركيا الآن هم الإخوان المسلمون ملتزمون بالدين في بيوتهم لكنهم يتبعون الدستور العلماني الاتاتوركى "
ويبين السيد أياد أن هناك الكثير من رجال الدين يؤيدون هذه الأفكار" خصوصا بالنجف " لكنهم لا يظهرون للإعلام ويعتقد " أن الوعي الديني السياسي مدين لتجربة الحكم الإسلامي في إيران التي يقودها فقهاء ومجتهدين كبار من الشيعة لكننا اكتشفنا أن الدولة سيطرت على الدين وسخرته لمآربها "
وينظر السيد أياد لواقع الحال العراقي بتفاؤل لأنه " في تحسن مستمر علي الصعيد المعاشى , فاغلب الناس يحملون النقال والبيوت تمتلك الساتلايت , ومدينة الحلة زرتها عام 2003 كانت اغلب سياراتها من نوع موسكوفيج موديل 70 او 69 , و منذ مدة قريبة زرت نفس المدينة وعددت سيارات الموسكوفيج كانت عشرة , ملابس الناس تغيرت , الوعي الثقافي في تحسن و يستعمل الناس الانترنت والصحف كثيرة , حتي ماكياج النساء تغير , أما ما يحدث من ضرب للبارات فهو رد فعل عنيف للكبت الذي مارسه صدام ضد المشاعر الدينية , سيزول كل هذا ويعود التوازن " ولا يتوقع أي حرب أهلية لان الأحزاب السياسية علي درجة كبيرة من الوعي وليس هناك كراهية بين الأفراد شيعة وسنه ,هنالك " حرب حقيقية مفتوحة بين الشعب والإرهاب ا لصدامي والوهابي , لكن الإرهاب منهزم لان ليس له غطاء سياسي ويفتقد للتأييد الشعبي ثم أن هناك تقدم في العملية السياسية ".
يوجه السيد أياد انتقادات قوية لمسودة الدستور العراقي فالمادة (2) التي تنص علي ان دين الدولة الرسمي هو الإسلام يقبل بها أياد علي مضض " لان لا معني لها فالدولة شخصية اعتبارية وليست حقيقية فالدولة لا تصوم ولا تصلى ولا تذهب للحج , الدين للأشخاص أما أن يكون لهم دين أو لا يكون فلا يمكن أن نقول مثلا أن الدين الرسمي لفريق الزوراء هو الإسلام " كذلك الفقرة التي تنص على أن الإسلام مصدر أساسي للتشريع " لكن أيضا لا باس بها فالناس تريد تشريعات الإسلام" ويري أن الخطر في الفقرة الثالثة من نفس المادة وهي ألا يسن قانون ضد مبادئ الإسلام ولمعادلتها كتبت مادة أخري لا يسن قانون ضد الديمقراطية " المقصود بها ألا يسن قانون ضد حقوق الإنسان , الجمع بين هاتين الفقرتين ينتج لنا مجتمعا محافظا مغلقا وإنسانا حرا في بيته كما هو الحال في السعودية , المجتمع المغلق يؤدي لنفور الناس من الدين لكن المجتمع المنفتح كلبنان مثلا نري ان الناس ينجذبون إلي دينهم أكثر بكثير مما هو الحال في السعودية , ففي لبنان المسيحي والسني والشيعي والمسلم والدرزي كلهم متدينون لأنهم أحرار"
أما عن الفيدرالية فهو يقول " لا باس بها إن كانت إدارية " لكن ممثليات الأقاليم بالخارجية " أمر يضر بأداء الدولة " كما أن مسودة الدستور لم توضح مصير باقي الثروات الطبيعية حيث أنها أشارت فقط إلي النفط والغاز كملك للشعب في مادة رقم 109 , وإدارة حقول النفط الحالية هي شراكة بين الحكومة المركزية والأقاليم كما جاء في المادة رقم 110 , أما الذي يكتشف لاحقا من حقول للنفط لم توضحه المسودة " هذه ألغام مستقبلية "
ويوجه انتقادا حادا علي المادة 91 التي تشير علي صلاحيات المحكمة الدستورية الاتحادية وهي التي تميز إذا كان التشريع القانوني الذي سنه البرلمان مع الإسلام أم ضده , وأصحابها فقهاء غير منتخبين لهم حق الفيتو علي أعضاء البرلمان المنتخبين ," وهذا موجود بإيران باسم هيئة صيانة الدستور ووجهت أمريكا و الاتحاد الأوروبي انتقادات لإيران بسببه لمدة ربع قرن " كما وجه السيد أياد انتقادا لصلاحيات رئيس الوزراء حيث أن المسودة تمنحه الحق بحل البرلمان في مادة رقم 62 " البرلمان هو الذي يعين رئيس الوزراء وبإمكانه عزله لكن لا احد يحل البرلمان لأنه منتخب وهذا يضعف الحكومة التي لا تتشكل إلا بأغلبية الثلثين فتبقي للأبد ائتلافية مجموعة من الأحزاب "
ويؤكد السيد أياد انضمامه للتحالف الذي يعد له الدكتور أياد علاوي ويضم مجموعة من السياسيين النشطاء الليبراليين وبعض من رجال الدين وعن سبب اختياره للانضمام للدكتور علاوى " العراق بحاجة لحكومة مقبولة داخليا وخارجيا من إقليمها العربي والاسلامى ومثل هذه الحكومة لابد أن تكون ائتلافية والدكتور علاوي هو اقرب الناس لحمل هذه الصفات فهو مقبول سنيا وشيعيا وكرديا وعربيا وإسلاميا هو ليس بالشخص الكامل لكنه من أفضل الموجودين "
ويعكف السيد أياد حاليا علي ترجمة وشرح لديوان الشاعر جلال الدين الرومي من اللغة الفارسية الي العربية لان " إسلامه عظيم لم يطلع عليه المسلمين وليس هناك ترجمة عربية له "
الإعلامية هيام الخزاعي " يحاول السيد أياد تبسيط الدين ولمس روحه الشفافة لكنه لم يجمع أفكاره بكتاب ولا يمتلك أي منشور عنه , ويقول انه مستقل سياسيا لكن هذا لا يتفق مع ائتلافه مع حزب الأمة برئاسة سعد صالح جبر بالانتخابات الماضية ودخوله المعترك الانتخابي تحت مظلة سياسية " لكن المدرس احمد ظافر يري " لدينا حاجة ماسة لرجال دين بهذا الوعي الديني السياسي بل ما يطرحه السيد أياد لا بد أن ندرسه في المدارس لزرع روح التسامح وتقبل الأخر في نفوس صغارنا " لذا فان نادية عمر تقول عنه " انه رجل دين عصري يطور الدين ويحاول حمايته بأفكاره هذه التي أجدها منطقية "