قال محمّد بن عقيل الشّافعيّ: وأخرج الزّبير بن بكّار في الموفّقيّات عن المطرف بن المغيرة بن شعبة قال: دخلت مع أبي على معاوية، فكان أبي يأتيه فيتحدّث معه، ثمّ ينصرف إليّ ويذكر معاوية وعقله ويعجب بما يرى منه، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ورأيته مغتمّا! فانتظرته ساعة وظننت أنّه لأمرٍ حدث فينا، فقلت مالي أراك مغتمّا منذ اللّيلة؟ فقال يا بنيّ جئت من عند أكفر النّاس و أخبثهم (!) قلت: وما ذاك؟ قال: قلت له وقد خلوت به: إنّك قد بلغت سنّا يا أمير المؤمنين، فلو أظهرت عدلا وبسطت خيرا فقد كبرت. ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم، فوالله ما عندهم اليوم شيء تخافه، وإنّ ذلك ممّا يبقى لك ذكره وثوابه. فقال: هيهات! هيهات! أيّ ذكر أرجو بقاءه ؟ ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل أبو بكر. ثمّ ملك أخو عديّ فأجتهد وشمّر عشر سنين فما عدا أن هلك حتّى هلك ذكره إلاّ أن يقول قائل عمر. وإنّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرات أشهد أنّ محمّدا رسول الله، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا، دفنا(النصائح الكافية، محمّد بن عقيل الشّافعيّ، ص 123. ).
أقول:
هذا معاوية بن أبي سفيان يشهد في أيّام حكمه أنّ عمر بن الخطّاب هلك ذكره، وهذا يعني أنّ النّاس كانوا قد نسوه و لم يعودوا يذكرونه بشيء. فكيف عاد إلى السّاحة إذاً، وبهذا الحجم الهائل؟!
ثم تأملوا قول الطاغية معاوية ( انّ ابن أبي كبشة ليصاح به كلّ يوم خمس مرات أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، فأيّ عمل يبقى وأيّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك؟ لا والله إلا دفنا، دفنا ) إنه الكفر البواح ؟