الكاتب : الحافظ الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري المتوفى سنة 1380 هـ
الكتاب : توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإفطار.
ط : دار النفائس في الأردن سنة 1419 هـ.
قال في ص 122 :
(( الوجه الثامن : ويحتمل أنه لم يقبل رؤية أهل الشام وشهادتهم لفسقهم أيضاً وخروجهم عن الإمام الحق، ومحاربتهم لله و رسوله، وأفعالهم القبيحة مع أهل البيت وشؤمهم على الإسلام والمسلمين بنصرة معاوية الباغي على الإمام الحق، والفاتك بآل البيت النبوي بإجماع المسلمين كما حكاه النووي وغيره.
لا سيما وقد ثبت عن الشوام في عصر معاوية تمالؤهم على الكذب وشهادة الزور كما وقع في قصتهم مع صاحب الجمل : حيث دخل رجل من أهل الكوفة دمشق وهو على بعير له، وذلك حال منصرفهم عن صفين فتعلق به رجل من الشام، فقال : هذه ناقتي أخذت مني بصفين، فارتفع أمرهما إلى معاوية، وأقام الشامي خمسين رجلاً بينه يشهدون له أنها ناقته، فقضى معاوية على الكوفي وأمره بتسليم الناقة إليه، فقال الكوفي : أصلحك الله إنه جمل و ليس بناقة، فقال معاوية : هذا حكم قد مضى.
ودس إلى الكوفي بعد تفرقهم، فأحضره وسأله عن بعيره فدفعه إليه، وقال له : أبلغ عليا أني أقاتله بمائة ألف ما فيهم من يفرق بين الناقة والجمل !!.
وكذلك اختبر طاعتهم له فصلى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة يوم الأربعاء فوافقوه على ذلك.
وكان يأمرهم أن يقوموا في المحافل فيروون أحاديث يلقنهم إياها ويدعون أنهم سمعوها من الصحابة وهي في فضل الشام، وأنهم على الحق، وفي ذم أهل العراق وأنهم على الباطل، ولذلك كثرت الأحاديث الموضوعة في فضل الشام مع أنها مروية برجال الصحيح، لأنها مكذوبة من الأصل، تحسينا من الحفاظ للظن بمعاوية وحزبه، مع أنها ظاهرة الوضع محققة البطلان لمخالفتها للواقع والمشاهدة.
وحدثهم معاوية أيضا بأن عليا عليه السلام هو الذي قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه، لما شاع عند قتله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( عمار تقتله الفئة الباغية ))، وقال : إنما قتله الذي جاء به إلى القتال، فصدقوه في ذلك واستمروا معه معتقدين أنه على الحق.
وأمرهم بلعن علي عليه السلام فأطاعوه واعتقدوا أن ذلك سُنة.
وحدثهم أن بني أمية هم أقارب النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرثونه دون بني هاشم فصدقوه وداموا على ذلك الاعتقاد إلى ظهور دولة بني العباس، حتى أقسموا أنهم ما كانوا يعتقدون أن للنبي صلى الله عليه وسلم قرابة يجب نصرها إلا بني أمية.
في أمثال هذا مما هو معروف عن أهل الشام ومقرر عند ابن عباس بالمشاهدة والمخالطة والخبر المتواتر فلذلك لم يعتبر شهادتهم.