اللهم صل على محمد و آل محمد و عجل فرجهم الشريف
يمثل أهل البيت (سلام الله عليهم) في المفهوم الإسلامي قيمة إنسانية وإسلامية كبرى، وتسمو هذه القيمة في الوجدان الإسلامي ء الشيعي إلى مرتبة القداسة المستمدة من مقامهم المعصوم وتكريم الله سبحانه وتعالى لهم، والذي تجلى في تحمّلهم أمانة الحفاظ على الدين والاستقامة على نهج الرسول (صل الله عليه و آله).
وتشهد سيرة الأئمة الأطهار (سلام الله عليهم) أنّهم كانوا القرآن الناطق، فحمل قولهم وفعلهم وتقريرهم معاني كبيرة ودلالات غنية وإيحاأت خصبة تبقى ما دام الزمن حقلاً واسعاً يذخر بكنوز عظيمة، الأمر الذي يلقي على عاتق العلماء والمفكرين مسؤولية دائمة لاستثمارها في تكوين الرؤية وتصويب الموقف ونصب المعايير الحاكمة في ميزان التقويم والتقييم.
انطلاقاً من هذه النظرة لموقع أئمة أهل البيت (سلام الله عليهم) ودورهم، أنشأ سماحة آية الله العظمى السيِّد محمَّد حسين فضل الله ـ دام ظله ـ خطاباً مميزاً حول أئمة الهدى (سلام الله عليهم)، نستهدي به في تأسيس العقيدة وبناء التشريع، ونستلهمه في صياغة الشخصية وتكاملها المعنوي والروحي، ونتعلّم منه أسلوب الدعوة والحوار وكيفية خوض الصراع وتحمل الشدائد والصبر على التضحيات، وكلّ ذلك قائمٌ على ركائز حكيمة تقدم سيرتهم (سلام الله عليهم) كنموذجٍ للأسوة الحسنة والقدوة القائدة، حتى لا تتجمَّد في التاريخ، بل لتتحول إلى مفاهيم وخطط عملية ترسم معالم الطريق وتوجه حركة الواقع.
وما أحوجنا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ أمتنا إلى التعلم من مدرسة أهل البيت (ع)، والذي ينتمي هذا الكتاب «في رحاب أهل البيت (سلام الله عليهم)» وبجدارة إلى أبرز صفوفها، فهو يعلّمنا أنَّ الرسول ((صل الله عليه و آله) أو الإمام (سلام الله عليه) أو الزهراء (سلام الله عليها) ليسوا كلمة نهتف بها، بل رسالة نعيشها وموقفاً نلتزمه ونوراً نستضيء به في مواجهة جحافل الظلم والكفر والجهل المطبقة على الأمة .
ولهذا سوف أقوم إنشاء الله العلي القدير ، باستعراض أهم المحطات في رحاب أئمة الهدى (سلام الله عليه) حتى نستنير بها في سيرنا نحو التمهيد للإمام الحجة (سلام الله عليه وعجل فرجه الشريف )٠