بسمك اللهم أستعين؛والصلاة والسلام على الرسول الأكرم وآل بيته الطيبين ------ لقد درج خصوم الشيعة وخصوصا " السلفيين"على نعتهم وإطلاق إسم الرافضة و الروافض عليهم؛وهذا الوصف كان يطلق في الماضي ويقصد به مجموع من يوصف بالتشيع ويدخل ضمنهم الإمامية؛أما اليوم فإنه إذا أطلقه "السلفيون" يقصدون به"الشيعة الإمامية"فقط؛
سنحاول في عجالة تتبع تاريخ هذا المصطلح و مدلولاته المعرفية و السياسية بالخصوص لنعرف حده وخلفيته السياسية والتاريخية ـ
الرفض معنى الترك؛قال "ابن منظور" في اللسانالرافض ترك الشيء،تقول:رفضني فرفضته،رفضت الشيء أرفضه رفضا،تركته وفرقته والرفض:الشيء المقترف و الجمع أرفاض)،هذا هو المعنى اللغوي؛أما حسب الإصطلاح في الأعصار المتأخرة ،فهو يطلق على محبي أهل البيت ـ عليهم السلام ـ تارة،أو على شيعتهم جميعا أخرى؛أو على طائفة منهم ثالثة؛
وعلى كل تقدير فهذا الإصطلاح،إصطلاح سياسي أطلق على هذه الطائفة وهو موضوع لا كلام فيه .إنما الكلام في وجه التسمية و مبدأ نشوئها؛فإن "ابن منظور" يقول في وجه التسميةالروافض،جنود تركوا قائدهم وإنصرفوا،فكل طائفة منهم رافضة،والنسبة إليهم رافضي،والروافض قوم من الشيعة سموا بذلك لأنهم تركوا"زيد بن علي"،قال "الأصمعي":كانوا قد بايعوا "زيد بن علي"ثم قالوا:إبرأ من الشيخين نقاتل معك ،فأبى وقال:كانا وزيري جدي فلا أبرأ منهما فرفضوه وأرفضوا عنه،فسموا رافضة،وقالوا:الروافض ولم يقولوا:الرفاض لأنهم عنوا الجماعات
غير أن "ابن منظور"،وإن أصاب الحق في صدر كلامه و جعل للفظ معنى وسيعا يطلق على المسلم و الكافر،والمسلم شيعيه وسنيه، لكن إستشهد على وجه تسمية قسم من شيعة علي ـ عليه السلام ـ بما يقول "الأصمعي" ،وهو منحرف عن علي ـ عليه السلام ـ و شيعته ،فكيف يمكن الإعتماد على قوله،خصوصا إذا تضمن تنقيصا و ازداء بهم ؟
يقول الشيخ"جعفر السبحاني":لا أظن أن "الأصمعي" وهو خبير في اللغة يجهل بحقيقة الحال،ولكن عداه قد جره الى هذا التفسير.فالحق ان الرافضة كلمة سياسية كانت تستعمل قبل أن يولد "زيد بن علي" ومن بايعه من أهل الكوفة،فالكلمة طلق على كل جماعة لم تقبل الحكومة القائمة،سواء أكانت حقا أو باطلا،هذا هو "معاوية بن أبي سفيان" يصف شيعة "عثمان" الذين لم يخضعوا لحكومة "علي بن أبي طالب" ـ عليه السلام ـ وسلطته بالرافضة؛و يكتب كتابه إلى "عمر بن العاص" وهو في البيع في فلسطينأما بعد؛ فإنه كان من أمر "علي و طلحة و الزبير" ماقد بلغك، وقد سقط إلينا ' نزل إلينا ' "مروان بن الحكم "في رافضة أهل البصرة،وقدم علينا "جرير بن عبد الله" في بيعة علي وقد حبست نفسي عليك حتى تأتيني،أقبل أذاكرك أمرا)
إن "معاوية" يصف من جاء مع "مروان بن الحكم"بالرافضة وهؤلاء كانوا أعداء علي ـ عليه السلام ـ ومخالفيه؛وما هذا إلا أن الجماعة كانوا غير خاضعين للحكومة القائمة آنذاك؛وعلى ذلك فتلك لفظة سياسية تطلق على القاعدين عن نصرة الحكومة والإلتفات حولها؛
إذن؛إن كلمة الرفض و الراضة ليستا من خصائص الشيعة،بل هي لغة عامة تستعمل في كل جماعة غير خاضعة للحكومة القائمة؛وبما أن الشيعة منذ تكوينها لم تخضع للحكومات القائمة بعد رسول الله ـ صلى الله عليه و آله وسلم ـ فكانت رافضة حسب الإصطلاح الذي عرضت.
روى ابو الجارود عن أبي جعفر عليه السلامأن رجلا يقول أن فلانا سمانا باسم،قال وماذاك الإسم؟قال: سمانا رافضة،فقال أبو جعفر مشيرا بيده إلى صدره؛وأنا من الرافضة ،وهو مني، قالها ثلاثا)
إلا أن هذا المصطلح لم يقتصر على من لم يخضع لحكومة ما؛ بل سيتطور عند الإستعمال ليشمل كل من يعرف عنه حب آل البيت ـ عليهم السلام ـ مثل الإمام الشافعي فقد أشتهر عنه أنه أنشد:
ياآل بيت رسول الله حبكموا@@@@@ فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكموا من عظيم الذكر أنكموا@@@@@ من لم يصل عليكم لا صلاة له
و يوضح الإمام الشافعي بواعث إتهامه بالرفض و التشيع فيقول :
قالوا ترفضت قلت كلا @@@@@ ما الرفض ديني و لا إعتقادي
لكن توليت دون شك @@@@@ خير إمام و خير هادي
إن كان حب الوصي رفضا @@@@@ فإني أرفض العبـــــاد
وهذا "الإمام أحمد بن حنبل" و قد كان يغشاه "عبد الرحمان بن صالح الشيعي"،فاعترض عليه أصحابه بقولهم إنه رافضي،فكان جوابه إنه(رجل أحب قوما من أهل بيت لنبي صلى الله عله وآله،نقول له لا تحبهم،هو ثقة)
وفي الختام؛فإن كان حب أهل البيت ـ عليهم السلام ـ و مودتهم رفضا،فالحق أن جميع المسلمين رافضة؛لأن حب أهل البيت ـ سلام الله عليهم ـ من الدين،أما إذا كان الرفض يعني المعارضة السياسية، فالحركات لإسلامية اليوم و أبناء الصحوة الإسلامية يصح أن يطلق عليهم روافض و رفضة،لأنهم جميعا في خانة من يعارض الحكومات القائمة في بلدانهم،ولا يعترفون لها بأي شرعية دينية أو حتى قانونية و دستورية ـ
إذن ماذا بعد الحق ؟ إلا الضلال ؟ ولكن أكثرهم للحق كارهون ؟؟؟