لم نر في أوج أحداث سبتمبر الآثمة، التي حصدت أرواح ثلاثة آلاف مدني بينهم عرب ومسلمون، كل ذاك التخوين والتكفير والحملات المحمومة الباغية ضد زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي الدولي المعروف، وصنيعة الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والخليجية والصهيونية، أسامة بن لادن، كمثل ذاك التخوين الذي نراه اليوم ينطلق باتجاه حزب الله وزعيمه حسن نصر الله، الذي لم يرتكب إلا "إثما" واحدة وهو إذلال إسرائيل وتمريغ وجهها بوحل فلسطين.
كما لم نر كل ذاك السباب والتلعين الموجه نحو حزب الله وأمينه العام، موجهاً نحو القاعدة وزعيمها "المحبوب" أسامة بن لادن. كما لم نر الدول الخليجية الثرية التي خصصت مليار دولار لشيطنة حزب الله وتشويه صورته وأبلسته محلياً وعالمياً، ويبدو أن قسماً كبيراً من تلك المخصصات الخرافية، التي تكفي لإطعام وطبابة ملايين العرب والمسلمين، قد وجدت طريقها لصالح محكمة بيلمار التي تستعد اليوم لإصدار قرارها الظني الاتهامي بحق حزب الله، "وحده ولا شريك له"، تأتي على ذكر أسامة بن لادن بنفس الطريقة التي تأتي بها على ذكر حسن نصر الله.
ولا يمكن بحال إجراء أية مقارنات ذات قواعد منطقية بين منظمة القاعدة وحزب الله، وذلك لانعدام أية مشتركات عقائدية وإيديولوجية، أو تكتيكية عسكرية، أو حتى إستراتيجية تصب في المدى البعيد في الغاية والهدف من عمل التنظيمين، فلكل كما يبدو أجندته التي تبتعد عن أجندة الآخر بعد المجرات عن بعضها البعض؟ ولكن هناك خطوط عريضة وملاحظات لا يمكن إغفالها حين الولوج في أية عملية تقييمية ومعيارية أو حين يذهلك هذا الرياء المبرمج والازدواجية المشينة من قبل الإمبراطوريات الإعلامية، إياها، في التعاطي مع التنظيمين لشيطنة حزب الله، وتمجيد القاعدة وأفعالها السوداء.
ولا بد في هذه الحال من طرح تلك الأسئلة التي لا بد أن تسأل. فمثلاً لم يقم حزب الله بأية عملية توصف بالإرهابية تستهدف أبرياء ومدنيين آمنين كما هو حال سجل القاعدة الأسود الحافل في هذا المجال في العراق وغيرها. والإرهاب حسب توصيفنا المتواضع هو القتل العشوائي الأعمى غير المبرر لأبرياء بقصد نشر الذعر وحصد مكاسب معنوية وإيديولوجية وربما مادية. ولم يسبق أن رأينا حسن نصر الله يخرج على شاشات التلفزيون، متباهياً بحصد عشرات الأرواح، بل الأرواح كما في 11/9، مثلما فعل ويفعل أسامة بن لادن وهدهده الظواهري في كل مرة يسقط فيها عشرات العرب والمسلمين تحت ضربات الإرهاب العشوائي الظلامي البدوي الأعمى.
ولقد كانت إسرائيل، أو ما يسمى بفلسطين المحتلة، والأراضي اللبنانية المحتلة، محور عمل وهدف عمليات حزب الله الموجهة ضد الجنود والعسكريين والضباط والجنرالات الصهاينة، كما دافع حزب الله ببسالة منقطعة النظير أجبرت الإسرائيليين على الاندحار المخزي من جنوب لبنان في 25/أيار، مايو، من العام 2000 تاركين الجمل بما حمل، ولم نسمع عن قيام هذا الحزب بقتل مدني واحد، لا بل أسر جنوداً إسرائيليين، لم يقطع رؤوسهم أمام الكاميرات كما فعل الزرقاوي ورموز القاعدة الكبار، بل بادل بهم أسرى ومحتجزين ومعتقلين عرب في سجون الصهاينة، كما لا يتضمن خطاب حزب الله الذي يمتلك منبراً إعلامياً عالمياً، وهو قناة المنارة التي حيرت إسرائيل عن مكان بثها، وحاولت قصفها عشرات المرات إبان الحرب وبعدها ففشلت، نقول لا يتضمن أي نبرة طائفية ولا عنصرية ولا تكفيرية أو تأثيمية أو تكريهية ضد الآخر، ولكم أن تسمعوا فقط لخطاب القاعدة الرعوي البدوي المسموم ولكم أن تحكموا بعد ذلك. فيما طالت عمليات القاعدة المروعة عرباً ومسلمين، وفي شوارع وعواصم الدول العربية، كعمان، وبغداد ومدن العراق الجريح الأخرى، والرياض، والكويت، وصنعاء، والجزائر وموريتانيا والمغرب (البؤرة القاعدية الكبرى)، وغيرها من الدول المبتلاة بهذا الداء البدوي الخبيث الأجرب. وحين كانت الجثث والأجسام تتطاير من برجي التجارة العالمية كان شيوخ الوهابية وأتباعهم يرقصون ويتطايرون فرحاً لهذا الإنجاز الذي سموه، ونعم التسمية، غزوتي نيويورك وواشنطن، تيمناً بالغزاة الهمج البرابرة الأوائل الذين كانوا يغيرون على البلاد ويروعونهم وينهبونهم ويسرقون ثرواتهم ويسبون نساءهم وغلمانهم ويحرقون محاصيلهم.
وحتى الآن لم تصدر ولا فتوى شرعية من هيئة كبار العلماء أو مجالس الإفتاء لتكفير أو إدانة أو حتى التبرؤ من المجرم الدولي أسامة بن لادن، لا بل يعتبرونه بطلاً في ذات الكيانات الكرتونية القبلية العائلية الأبوية القروسطية المسماة دولاً –ورجاء لا تضحكوا يعني مثلها مثل فرنسا والنرويج والسويد- والتي-تلك- تسعى اليوم جاهدة لشيطنة حزب الله. وبالرغم من حجم الدمار المعنوي والمادي الهائل الذي جلبه أسامة بن لادن على ما يسمى بالأمتين العربية والإسلامية، في مقابل انتصار باهر وشبه يتيم جلبه حزب الله ضد الكيان المغتصب لفلسطين، نقول بالرغم من ذلك وبحيث بات العرب والمسلمون، وبسببه، يتعرضون للتفتيش في أماكن حساسة من أجسادهم في مطارات العالم ذكوراً وإناثاً، فهو بطل مقدس في عرف الإمبراطوريات الإعلامية إياها، التي تعزف لحناً واحدة، ، ولا تأتي على ذكره ويشاركها في ذلك، ويا لمحاسن الصدف وحلوها، بعض من بلاشفة وفلاسفة التنظير والتغيير "الديمقراطي في سورية وعلى المبدأ الاستراتيجي البدوي المعروف "عليهم يا عرب" ، فيما يشيطن حسن نصر الله بتلك الطريقة المريبة والعورائية الفاقعة. (نقول عادة ما يسمى بالأمتين العربية والإسلامية لأنها ما كانت يوماً حقيقة واقعية وماثلة على الأرض بل كيانات افتراضية إمبريالية إمبراطورية استعمارية موجودة فقط في العقل المفصوم والمأزوم، إياه، وخيالات وأوهام البدو أصحاب النزعات الإمبراطورية الإمبريالية التوسعية على حساب الشعوب والأمم لغزوها وسبي نسائها والتنعم بخيراتها، ولم تكن أو تشكل الإمبراطوريات العسكرية أو ذات الطابع العقائدي والديني عبر التاريخ البشري كله أمة واحدة متجانسة والأمثلة أكثر من الهم على القلب كالإمبراطورية الرومانية، واليونانية، والعثمانية، والإنكليزية والسوفياتية، والأمريكية، ومع ذلك يصر فلاسفة البدو على، ومن محض نزعية توسعية شمولية بدوية نهبوية استزلامية حاقدة، نعت هذه الشعوب والأمم بالأمة الواحدة ذات الرسالة الفاسدة والكاسدة، ولذا اقتضى التنويه والتوضيح).
ويبقى السؤال الأهم، ماذا لو كان حسن نصر الله "أشعرياً"، وعذراً شديداً لهذا الاستخدام غير اللبق البعيد عن ثقافتنا ولكل من سيفاجئهم هذا السؤال؟ أو ماذا لو كان صنيعة عربية-أمريكية-صهيونية، كما هو حال ابن لادن وقاعدته؟ ولماذا لا تخصص ذات الدولة الخليجية مليار دولار، أخرى، هكذا على البيعة ولوجه الله، لشيطنة أسامة بن لادن بل للقبض عليه، وإحضاره موجوداً للعدالة الدولية وتخليص الناس من شروره وإجرامه مع قاعدته التي لم تطلق طلقة واحدة باتجاه فلسطين أو على إسرائيلي، ويا ليت أسامة بن لادن يخرج علينا يوماً، واحداً ويتيماً، متباهياً، بقنص عسكري صهيوني مغتصب ومحتل، كما يتباهي ويتلذذ ويتشفى ويشفي غليله من دماء "إخوانه" العرب والمسلمين؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]