بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض أقوال أئمة أهل البيت عليهم السلام من الزيدية الاطهار أعلى الله مقامها الشريف في حق بعض كبار الصحابة رضي الله تعالى عنهم
روى نصر بن مزاحم المنقري (212هـ) في (أخبار صفين) أن الإمام علي قال: «إن الله بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، ثم قبضه الله إليه وقد أدى ما عليه، ثم استخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، وأحسنا السيرة، وعدلا في الأمة، وقد وجدنا عليهما أن توليا الأمر دوننا، ونحن آل الرسول وأحق بالأمر، فغفرنا ذلك لهما، ثم ولي أمر الناس عثمان فعمل بأشياء عابها الناس عليه، فسار إليه ناس فقتلوه».
* قال الإمام المؤيد بالله الهاروني: «إن أمير المؤمنين لم يصدر من جهته رمي لمن تقدمه بكفر ولا فسق، مع مخالفتهم له في الإمامة»
* قال الإمام الموفق بالله الحسن بن إسماعيل الجرجاني: «إن أمير المؤمنين كان يوليهم الذكر الجميل، ويثني عليهم الثناء الحسن» وقال شيخ الزيدية أبو القاسم البستي: « إنه لم يتواتر عن علي عليه السلام وأولاده البراءة منهم»
* وقال العلامة يحيى بن الحسن القرشي: «الظاهر من حاله رضي الله عنه المناصرة لهم، والمعاضدة لهم، والمشاورة، والمدح، والصلاة خلفهم، والدعاء لهم باسم الخلافة، وخرج مع أبي بكر في قتال أهل الردة، وأخذ نصيبه من الفيء، حتى كانت الحنفيَّة أم ولده محمد من سبايا أهل الردة. والمشهور من حال عمر رضي الله عنه التعويل عليه، ومشاورته، والتعويل عليه في المهمات، والرجوع إليه في المعضلات، وعلى الجملة، فمعاملته لهم تخالف معاملته لمعاوية، وعمرو بن العاص، ونحوهما ممن كان يعتقد فسقهم»
* وقال الإمام المهدي في (يواقيت السيَر) إن الإمام علياً حين مات أبو بكر قال: «رضي الله عنك، والله لقد كنتَ بالناس رؤوفًا رحيمًا»
وقال العلامة النجري: «وقد كان علي يعظمهم، ويغزو معهم، ويصلي خلفهم، ويأخذ نصيبه من الخمس، ويقول فيهم خيراً، وحينئذ فلا قطع بكون ما فعلوه كبيرة، إذ دليل كونه كبيرة هو السمع، ولا دليل في السمع يدل على ذلك.»
* وقد نظم السيد صارم الدين الوزير موقف الإمام علي شعراً، فقال في قصيدته الشهيرة (البسامة)
وما رَأى صرمهم رأياً لأن لهم .... سوابقاً وهو بالصبر الجميل حري
أغضى وجامل فاخترنا مجاملة .... وسامح القوم في أمر أتوه فري
وقد تجرم منهم في الذي فعلوا .... وما تعدى إلى سب ولا هذري
وحين رضَّى رضينا ما ارتضاه لنا .... تجرماً ورضاً منا على الأثر
فرضِّ عنهم كما رضَّى أبو حسنٍ .... أو قف عن السب إما كنت ذا حذر
وجاء في (نهج البلاغة): « لِلَّهِ بِلاءُ فُلانٍ، فَلَقَدْ قَوَّمَ الأَوَدَ، وَدَاوَى الْعَمَدَ، وَأَقَامَ السُّنَّةَ، وَخَلَّفَ الْفِتْنَةَ، ذَهَبَ نَقِيّ الثَّوْبِ، قَلِيلَ الْعَيْبِ، أَصَابَ خَيْرَهَا، وَسَبَقَ شَرَّهَا. أَدَّى إِلَى اللَّهِ طَاعَتَهُ، وَاتَّقَاهُ بِحَقِّهِ، رَحَلَ وَتَرَكَهُمْ فِي طُرُق مُتَشَعِّبَةٍ لا يَهْتَدِي بِهَا الضَّالُّ، وَلا يَسْتَيْقِنُ الْمُهْتَدِي»
قال ابن أبي الحديد «فلان المكنى عنه عمر بن الخطاب، وقد وجدت النسخة التي بخط الرضي أبي الحسن جامع نهج البلاغة وتحت فلان عمر، وحدثني بذلك فخار بن معد الموسوي الأودي الشاعر، وسألت عنه النقيب أبا جعفر يحيى بن أبي زيد العلوي فقال لي: هو عمر. فقلت له أيثني عليه أمير المؤمنين عليه السلام هذا الثناء؟ فقال: نعم».
وفي نهج البلاغة أيضاً: أنه قال لعثمان: « مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ وَلا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لا تَعْرِفُهُ، إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْ ءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلا خَلَوْنَا بِشَيْ ءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) كَمَا صَحِبْنَا، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ، وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالا، فَاللَّهَ اللَّهَ فِي نَفْسِكَ، فَإِنَّكَ وَاللَّهِ مَا تُبَصَّرُ مِنْ عَمًى، وَلا تُعَلَّمُ مِنْ جَهْلٍ، وَإِنَّ الطُّرُقَ لَوَاضِحَةٌ، وَإِنَّ أَعْلامَ الدِّينِ لَقَائِمَةٌ، فَاعْلَمْ أَنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ إِمَامٌ عَادِلٌ»
قال الإمام يحيى بن حمزة في (الديباج) عند شرح قوله: ( وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ) مالفظه: «وفي كلام أمير المؤمنين هذا دلالة على إتيانها بالحق وعملهما به».
أضف إلى ما تقدم ما اشتهر عند علماء الزيدية وغيرهم من أن الإمام علياً زوج عمر بن الخطاب ابنته أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء، فلو كان عنده غير رضا لما زوجه ابنته.
* ذكر العلامة يحي بن الحسن القرشي: أنه روي عن الحسن والحسين الموالاة للخلفاء والمناصرة لهم والمدح، وإظهار القول الجميل، ولم يرو أحد من أهل النقل أنهما لعنا الصحابة، ولا فسقاهم، ولا أساأ القول فيهم، وهما سيدا شباب أهل الجنة، وأعرف الناس بأحوال الصحابة وأحوال نبيهم. وروى أن الحسن كتب إلى أهل البصرة كتاب دعوته، وترحم فيه على أبي بكر وعمر، ثم قال: «إن الله بعث محمداً وكان الناس على ضلالة، فهدى به الخلق، ثم قبضه ونحن أحق الناس بمكانه، غير أن قوماً تقدمونا واجتهدوا في طلب الحق، فكففنا عنهم تحرياً لإطفاء نار الفتنة، حتى جاء قوم غيّروا وبدلوا فحاربناهم»
* وذَكر العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم أن علياً والحسن والحسين كانوا يرضون على الشيخين أبي بكر وعمر
* روى شيخ الزيدية في عصره أبو القاسم البستي، أن الإمام علي بن الحسين زين العابدين سمع رجلاً يسب أبا بكر وعمر، فقال له: «هل أنت من ؟ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ؟ ؟ يعني: المهاجرين. فقال الرجل: لا. قال: فهل أنت من ؟ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ؟ )؟ يعني بذلك: الأنصار. قال الرجل: لا. قال: إذا كنت لست من هؤلاء ولا هؤلاء، فانا أشهد أنك لست من ؟.. الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَِلإخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ؟ )!
* وروى أحمد بن الحسن الكني، أن الإمام زيد بن علي سمع من يروي عن أبيه أنه تبرأ من أبي بكر وعمر، فقال: «لا تكذب على أبي، إن أبي كان يجنبني عن كل شر، حتى اللقمة الحارة، أفتراه يخبرك بأن دينك وإسلامك لا يتم إلا بالتبرئ منهما، ويهملني عن التعريف بذلك؟!»
* وقال العلامة محمد بن علي الزحيف: «رُوِينَا عن زين العابدين أنه ترحم عليهما». يعني الشيخين أبا بكر وعمر
* قال الإمام يحيى بن حمزة: والمأثور عن الباقر شدة المحبة وعظم الثناء على الشيخين والموالاة لهما كما أثر عن أسلافه
* ونقل العلامة الديلمي في (قواعد عقائد آل محمد) عن أبي الحسين البصري في كتاب (المدخل) أن الباقر سئل عن أبي بكر وعمر، فقال: «من شك فيهما شك في السنة. بغض أبي بكر وعمر نفاق»
* وروى القاضي جعفر في (الخلاصة) أن الكميت بن زيد وكان من رجال الشيعة أنشد بين يدي الباقر قصيدته التي منها :
ويوم الدوح دوح غدير خُمٍّّ .... أبان له الولاية لو أطيعا
ولكن الرجال تبايعوها .... فلم أر مثلها خطراً مبيعا
ولم أبلغ بهم لعناً ولكن .... أساء بذاك أولهم صنيعا
فلم ينكر عليه الباقر، ولم يؤاخذه في ذلك. وهو القائل أيضاً:
أهوى علياً أمير المؤمنين ولا .... ألوم يوماً أبا بكر ولا عمرا
ولا أقول وإن لم يعطيا فدكاً .... بنت النبي ولا ميراثه كفرا
* روى أحمد بن الحسن الكنّي، عن الإمام زيد بن علي أنه قال: «كانت منْزلة علي بن أبي طالب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منزلة هارون من موسى، إذ قال له: ؟اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ؟ . فألصق كَلْكَله ما رأى صلاحاً، فلما رأى الفساد بسط يده، وشهر سيفه، ودعا إلى ربه، وبين أنه كان خليفة محمد، كما كان هارون خليفة موسى»
* وقال الإمام يحيى بن حمزة : «روي أن الإمام زيد بن علي كان كثير الثناء على الشيخين أبي بكر وعمر والترحم عليهما، وينهى عن سبهما، ويعاقب على ذلك، والمشهور أن بعض الناس قالوا: لا نبايعك حتى تبرأ من الشيخين فقال: كيف أتبرأ منهما وهما صهرا جدي وصاحباه ووزيراه؟ وجعل يثني عليهما، فرفضوه»
* وروى أبو مخنف عن الإمام زيد أنه سئل عن أبي بكر وعمر فقال: «لا أقول فيهما إلا خيراً»
* ونقل العلامة الديلمي (في قواعد عقائد آل محمد) عن أبي الحسين البصري في كتاب (المدخل) أن الإمام زيداً قال: «البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي، فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر»
* وقال العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم في ترجمة أبي الجارود: «والجمهور من الزيدية يذهبون إلى القول بمقالة زيد بن علي من الترضية والولاء لهم »( وقال في ترجمة محمد بن يحيى القاسمي: «إن إمام الزيدية زيد بن علي ثبتت عنه الترضية عليهم بل ثبت عن علي عليه السلام أيضاً الترضية عليهم، وأئمة الزيدية أكثرهم قائل بذلك»
* وروى أبو مخنف في (تاريخه) «أن بعض الشيعة أتوا إلى الإمام زيد بعد أن بلغهم أن والي الكوفة قد علم بأمر الإمام زيد فقالو له: « رحمك الله ! ما قولك في أبي بكر وعمر ؟ قال زيد: رحمهما الله و غفر لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرأ منهما، ولا يقول فيهما إلا خيراً ، قالوا: فلم تطلب إذاً بدم أهل هذا البيت، إلا أن وثبا على سلطانكم فنزعاه من أيديكم! فقال لهم زيد: إن أشد ما أقول فيما ذكرتم: إنا كنا أحق بسلطان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الناس أجمعين، و إن القوم استأثروا علينا، ودفعونا عنه، ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، قد وَلَوا فعدلوا في الناس، وعملوا بالكتاب والسنة. قالوا: فلم يظلمك هؤلاء إن كان أولئك لم يظلموك؟ فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟! فقال: إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم، و إنما ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، و إلى السنن أن تحيا، و إلى البدع أن تطفأ، فإن أنتم أجبتمونا سعدتم، و إن أنتم أبيتم فلست عليكم بوكيل. ففارقوه ونكثوا ببعته، وقالوا: سبق الإمام. وكانوا يزعمون أن أبا جعفر محمد بن علي أخا زيد بن علي هو الإمام»(
وقال العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد: «واعلم أنَّ القائلين بالترضية على الصحابة من أهل البيت هم: أمير المؤمنين، والحسن والحسين، وزين العابدين علي بن الحسين، والباقر، والصادق، وعبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله النفس الزكية، وإدريس بن عبد الله، وزيد بن علي، وكافة القُدماء من أهل البيت. ومن المتأخرين: سادة الجيل والديلم: المؤيد بالله، وصِنْوه أبي طالب، والناصر الحسن بن علي الأطروش، والإمام الموفق بالله، وولده السيد المرشد بالله، والإمام يحيى بن حمزة. ومن المتأخرين باليمن: الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى، والسيد محمد بن إبراهيم الوزير، وصنوه الهادي، والإمام أحمد بن الحسين، والإمام عزّ الدين بن الحسن، وولده الحسن بن عزّ الدين، والإمام شرف الدين، وغيرهم»
ورجح الإمام يحيى بن حمزة الخروج من التوقف إلى الترضية، فقال: «التوقف وإن كان أسلم حالاً من السب، لكنه لا معنى للتوقف؛ لأنه إذا كان إسلامهم قبل الخلاف مقطوعاً به، وكذلك الترضية والتزكية من جهة الله تعالى ورسوله، ولم يحصل دليل قاطع ينقل عن ذلك، فلا وجه للتوقف وترك المعلوم للمظنون. وقال: ولو حسن التوقف لمجرد الخطأ، لحسن التوقف في جميع المؤمنين الصالحين؛ لأنه ما من أحد إلا ويلابس في اليوم والليلة كثيراً من المعاصي، لا يُقطع بكونها كفراً أو فسقاً، وهذا القول الفصل.
إلى أن قال: وعلى كل حال فالواجب حسن الظن بالمؤمنين وتعظيمهم وموالاتهم وإن علمنا خطأهم في بعض المسائل القطعية، مالم يقطع بكون ذلك الخطأ كفراً أو فسقاً لا سيما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل السابقة والفضل والجهاد في سبيل الله، فلا أقل مما يعاملهم بمثل ما يعامل به بعضنا بعضاً من حسن الظن والقول الجميل، ولقد أحسن القائل حيث قال:
إني أحب أبا حفص وشيعته .... كما أحب عتيقاً صاحب الدار
وقد رضيت علياً قدوة علماً .... وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
كل الصحابة عندي قدوة علم .... فهل علي بهذا القول من عار
إن كنت تعلم أني لا أحبهم .... إلا لوجهك فاعتقني من النار
وقال الإمام عز الدين بن الحسن: «أما أكثر أئمتنا وعلمائنا فالظاهر عنهم القول بعدم التفسيق ء يعني لمن نفى إمامة الإمام ولهذا نُقِلَ عنهم حسن الثناء على المشايخ المتقدمين على أمير المؤمنين علي عليه السلام، والترضية عنهم والتعظيم العظيم لهم»
* قال الإمام يحيى بن حمزة: «وعن جعفر الصادق أنه كان شديد المحبة لهما. وقد روى عنه خلق عظيم أنه كان يترحم عليهما. وروي عنه أنه قيل له: ما تقول في أبي بكر؟ فقال: «ما أقول فيمن ولدني مرتين». أراد بذلك: أن أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأم أمه بنت عبد الرحمن بن أبي بكر»
* وقال الإمام يحيى بن حمزة: « قال الصادق عليه السلام: اللهم إني أحبهما، وأودهما، وأتولاهما، وأحب من يحبهما، اللهم إن كنت تعلم خلاف ذلك من قلبي فلا تنلني شفاعة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم»
جاء في (الجامع الكافي) أن يحيى بن آدم ء وهو من كبار رجال الحديث ء جاء ليبايع الإمام محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الديباج، فاشترط عليه محمد شروطاً، قال يحيى: أبايعك على ما بايع عليه أصحابُ رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم عثمان بن عفان. قال له محمد: إن شئت فبايع على ما أقول لك، وإن شئت على ما تقول، وإن شئت فلا تبايع، فبايعه يحيى واشترط عليه محمد، فقال له يحيى: ما استطعت، فقال له محمد: هذا قد استثناه لك القرآن..
* قال الإمام الهادي في جوابه على أهل صنعاء: «ولا انتقص أحداً من الصحابة الصادقين، والتابعين بإحسان، المؤمنات منهم والمؤمنين، أتولى جميع من هاجر، ومن آوى منهم ونصر، فمن سبَّ مؤمناً عندي استحلالاً فقد كفر، ومن سبّه استحراماً فقد ضل عندي وفسق، ولا أسبّ إلاَّ من نقض العهد والعزيمة، وفي كل وقت له هزيمة، من الذين بالنفاق تفرَّدوا، وعلى الرسول صلى الله عليه مرة بعد مرة تمردوا، وعلى أهل بيته اجترؤوا وطعنوا، وإني أستغفر الله لأمهات المؤمنين، اللواتي خرجن من الدنيا وهن من الدين على يقين، وأجعل لعنة الله على من تناولهن بما لا يستحققن من سائر الناس أجمعين» وقد استدل الإمام عز الدين بن الحسن في (المعراج) بهذا الكلام على أن رأي الإمام الهادي الترضية على الشيخين.
* روى القرشي أن الصاحب بن عباد كان يقول: عندي بخط الناصر الترحم عليهما يعني: أبا بكر وعمر.
* وعن الشيخ أحمد بن الحسن الكني قال: قال الناصر في آخر أبواب كتاب الإمامة: «ولم أصف ما وصفت من اعتراضهم هذا أرادة مني لدفع فضل أبي بكر رضي الله عنه ولحقه وصحبته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإني لمحب له والحمد لله تعالى»
* ووصَفَ أبا بكر وعمر في كتاب (البساط) بالخيرين، فقال: «ويكفي في بيان ذلك من عقل وتدبر القرآن، ما أنزل عليه في الخيرين أبي بكر وعمر بقوله تعالى: ؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ؟ فإذا كان مثل عمل أبى بكر وعمر وإقرارهما الذي هو إيمانهما يحبط ويبطل إذ رفعا أصواتهما فوق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع مكانهما في الإسلام، فما يكون حال سواهما».
* وروي عن بعض الفقهاء من أصحاب المؤيد بالله أنه قال: سمعت عمي الصوفي يقول: سمعت نيفاً وسبعين شخصاً ممن حضر مجلس الناصر للحق يقولون: أملأ الناصر شيئاً عن الشيخين، ثم قال: رضي الله عنهما، فكفَّ المستملي أن يكتب الترضية، وكان الناصر ينظر إليه فزجره وقال: «لم لا تكتب الترضية؟! فإن مثل هذا العلم لا يؤثر إلا عنهما، وعن أمثالهما»
* وقال العلامة علي بن محمد الزحيف: «وكان الناصر يترحم عليهما ويثني عليهما في كتبه»
* وقال الإمام يحيى: «وكان المؤيد بالله في أول عمره وعنفوان شبابه متوقفاً عن الترضية، ثم ترحم عليهما في آخر عمره»
* وذكر العلامة أحمد بن يحيى حابس في (شرح الثلاثين المسألة) نقلاً عن العلامة الدواري: أن المؤيد بالله ممن كان يرى الترضية على المشايخ المتقدمين على علي عليه السلام.
* العلامة أبو القاسم إسماعيل بن علي البستي (التحقيق في التكفير والتفسيق) .
«ولأن الله قال: ؟لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا؟(الفتح/18). وكان أبو بكر وعمر من المبايعين، ووضع النبي شماله على يمينه عن عثمان إذ كان غائباً. ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : «لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اذهبوا فقد عفوت عنكم». ولأنه لم يتواتر عن علي عليه السلام وأولاده البراءة منهم»
قال الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني: « فإن قيل: فما حكم من خالف هذه النصوص الدالة على إمامة أمير المؤمنين، هل يفسق؟
قيل له: إنه يكون مخطئاً غير كافر ولا فاسق، فلو كانوا فساقاً لما أولاهم أمير المؤمنين الذكر الجميل»
* وذكر العلامة أحمد بن يحيى حابس في (شرح الثلاثين المسألة) نقلاً عن العلامة الدواري أن شيخ الزيدية الحافظ أحمد بن الحسن الكني كان ممن يرى الترضية على المشايخ المتقدمين على علي عليه السلام .
* ذكر العلامة يحيى بن الحسين في (المستطاب): أن العلامة نشوان بن سعيد الحميري كان يرضي عن المشايخ، وأنه قال في (شمس العلوم) : الذين يتكلمون في الصحابة إنما هم من حمية الجاهلية.
* وذكر العلامة أحمد بن يحيى حابس في (شرح الثلاثين المسألة) نقلاً عن العلامة الدواري، أن القاضي جعفر بن أحمد كان ممن يرى الترضية على المشايخ المتقدمين على علي عليه السلام .
ورجح الإمام عز الدين أن رأي الإمام عبد الله بن حمزة الترضية والترحم، فقال: «روى العلامة محمد بن يوسف بن هبة الفضلي القدمي في كتاب له سماه (الانتصاف) عن المنصور بالله عليه السلام ما هو أصرح من ذلك، فقال ما لفظه: ومن ذلك ما قاله إمامنا المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليه السلام في (الرسالة الإمامية في جواب المسائل التهامية) للفقيه محمد بن أسعد الواقدي الصليحي من ناحية زبيد قال: وأما ما ذكره المتكلم حاكياً عنا من تضعيف آراء أصحاب رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم: فهم خير الناس على عهد رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم وبعده رضي الله عنهم، وجزاهم عن الإسلام خيراً، ولكن ذلك لا يمنع من أن تكون عترة رسول الله صلى اللّه عليه وآله وسلم أفضل منهم وأولى بمقامه من قائمهم»
* ذكر العلامة يحيى بن الحسين أن الإمام أحمد بن الحسين ممن يرى الترضية على سائر الصحابة.
* ووجدت في أحد كتبه هذا الثناء عليهم، قال: «قال تعالى: ؟وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ووصف أمر المؤمنين بأنهم يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .. والصحابة رضي الله عنهم عملت بهذه الوظيفة من المعونة، قاسمت الأنصار المهاجرين في أموالهم ودورهم وخيروهم بين القسمين، وأعطوهم الأصلح من النصيبين، وكان مع أبي بكر ثمانون ألفاً أنفقها في الجهاد، وما بقي معه إلا عباءة كان إذا ركب خلها وإذا نزل أبعد خلالها، وعثمان جهز جيش العسرة بتسعمائة بعير وخمسين بعيراً، وتمم الألف بخمسين فرساً، كل ذلك من صميم ماله، ولما أقبل العسكر وقد مستهم الحاجة وعظمت بهم الفاقة، لقاهم مائة ناقة محملة مخطومة يجرونها، وأكلوا أحمالها، والقوم ما بذلوا هذه الأموال إلا لطاعة الرحمن، ومعرفتهم بما في القرآن»
* وروى الإمام عز الدين أنه قال: «والذي نختاره ما نقلناه عن الأفاضل من آبائنا عليهم السلام، فإن المأثور عنهم ما أوضحناه من المحبة والتولي لهما وإعظام منزلتهما وترك المقالة القبيحة في حقهما، بل أقول كما قال الصادق عليه السلام: اللهم إني أحبهما، وأودهما، وأتولاهما، وأحب من يحبهما، اللهم إن كنت تعلم خلاف ذلك من قلبي فلا تنلني شفاعة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم»
* وقال العلامة يحيى بن الحسين بن القاسم : «إن الإمام يحيى رحمه الله مصرح في جميع كتبه ومصنفاته بالترضية على المشايخ في (الشامل) و(التمهيد) و(الانتصار) وغيرها، وله مع ذلك كتاب مفرد اختص به لها»(
* وللإمام يحيى بن حمزة عدة كتب في الكلام عن الصحابة هي: (أطواق الحمامة في حمل الصحابة على السلامة). و (التحقيق في الإكفار والتفسيق). و(الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين).
العلامة يحيى بن الحسن القرشي (المنهاج) «اعلم أن في من يدعي حب أهل البيت عليهم السلام قوماً يكنون في حق الصحابة رضي الله عنهم خطراً عظيماً، وضلالاً بعيداً، فتارة يكفرون، وتارة يفسقون، ولعلَّ المزري عليهم لو نظر في حال نفسه بعين الإنصاف لوجدها لا تساوي أثر نعالهم، ولرأى فيها قصوراً عن مراتبهم في العلم والعمل، وكيف وقد أثنى الله عليهم ورسوله، وبشرهم بالجنة مع ما لهم من السابقة في الإسلام، والجهاد في سبيل الله، والصبر على الشدائد، وإحياء معالم الدين»(
عن الإمام الناصر محمد بن علي « والصحابة رضي الله عنهم وإن أخطؤوا بالتقدم على أمير المؤمنين عليه السلام فخطؤهم مُكَفَّر لسوابقهم الجميلة، وقد تظاهرت الأخبار بأنهم من أهل الجنة فلا جرم أن نقطع بصلاحهم ونجاتهم »
* وقال العلامة يحيى بن الحسين، في ترجمة الهادي بن إبراهيم الوزير في (المستطاب): «ومن مصنفاته في أصول الدين: (كفاية القانع في معرفة الصانع) صرح فيها بالترضية على المشايخ، ورجع فيه وفي غيره عما في إزهاق التمويه، وقال في ذلك أبياتاً أولها قوله:
مذهبي أن علياً .... مذهب الحق وسمته
ونظامي فيه بالجو .... هر والدر وسمته
واعتقادٌ غير هذا .... كان لي فيهم أمَتُّه
ومن مؤلفاته كتاب (منهاج الخيرات إلى اقتطاف نفائس الثمرات) نظماً وجعله فصولاً، فمن ذلك فصل في النهي عن سب الصحابة رضي الله عنهم»
* قال القاضي العلامة يوسف بن أحمد بن عثمان الثلائي في تفسير قول الله تعالى: ؟لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا؟ «ومن ثمرات الآية الحكم بعدالة من بايع هذه البيعة؛ لأنه تعالى سماهم مؤمنين وأخبر بالرضا عنهم، وأخبر بحسن سرائرهم، ومدحهم بإنزال السكينة عليهم وهي طمأنينة قلوبهم واللطف المقوي لقلوبهم، وهذا يلزم منه وجوب موالاتهم والمحبة لهم، فتكون الترضية أرجح من التوقف، ويلزم حسن الظن بهم»
* وقال الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى: « مسألة: المحققون من الزيدية: وخطأ المتقدمين على علي في الخلافة قطعي؛ لمخالفتهم القطعي، ولا يقطع بفسقهم إذ لم يفعلوه تمرداً بل لشبهة. قلت: فلا تمتنع الترضية عليهم لتقدم القطع بإيمانهم فلا يبطل بالشك فيه»
وقال العلامة عبد الله بن محمد النجري في (شرح القلائد) (فلا تمتنع الترضية عنهم لتقدم القطع بإيمانهم) ء : « الإيمان المقطوع به لا يرتفع إلا بالفسق المقطوع به وخطؤهم مشكوك في كونه فسقاً، فلا يبطل ذلك الإيمان المقطوع به بالشك، فيه وإلا لارتفع اليقين بالشك، وهو معلوم البطلان، ولكان يلزم أن تمتنع الترضية عن كل من لم تعلم عصمته من العلماء والزهاد، وغيرهم، إذ يجوز في كل منهم أن يكون قد فعل كبيرة مبطلة لإيمانه. واعلم أنه قد ذهب قدماء الزيدية إلى منع الترضية عن المتقدمين على علي عليه السلام، وبعضهم توقف، ولم يقطع بجواز الترضية عنهم إلا المتأخرون، وهو الموافق للدليل».
* الإمام عز الدين «أما أكثر أئمتنا وعلمائنا فالظاهر عنهم القول بعدم التفسيق ء يعني لمن نفى إمامة الإمام ء ولهذا نُقِلَ عنهم حسن الثناء على المشايخ المتقدمين على أمير المؤمنين علي عليه السلام، والترضية عنهم والتعظيم العظيم لهم»
* قال السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير: « أئمتنا والمعتزلة وهم عدول إلا من ظهر فسقه كمن قاتل الوصي عليه السلام ولم يتب.. ثم قال : وقد تاب الناكثون على الأصح لا القاسطون، وبعض المارقين. فأما المتوقفون فلا يفسقون على الأصح، وإن قُطع بخطئهم» .
قال الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم بن محمد: «وأنه يجب تولي الصَّحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وأنه ليس منهم المنافقون ولا الفسَّاق، وفي الحديث: أنهم ليسوا بأصحاب لما أحدثوه