عبد الهادي الغازي عضو جديد
تاريخ التسجيل : 22/04/2010 عدد المساهمات : 8 العمر : 54
| موضوع: قبسات من دعاء مكارم الأخلاق السبت 15 مايو 2010, 22:33 | |
| قبسات من دعاء مكارم الأخلاق
قال البارئ سبحانه وتعالى:{ قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا }(1). وقال أيضا:{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }(2). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" الدعاء مخ العبادة " (3). وقال صلى الله عليه وآله وسلم :" لا تعجزوا في الدعاء ، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد "(4).والمهتم بأدعية الخاتم عليه السلام وأهل بيته الطاهرين يجد فيها قوة في البيان وعمقا في التعبير ودقة في الدلالة وانقطاعا تاما في التوجه إلى الله سبحانه وتعالى . ومن جملة هته الأدعية المأثورة عنهم عليهم السلام : دعاء : " مكارم الأخلاق " للإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد عليه السلام الوارد في " الصحيفة السجادية " المأثورة عنه عليه السلام. ونحن هنا نقتبس باقة من هته الزهور العطرة من الأخلاق السامية التي يسألها الإمام عليه السلام – ونحن معه – من الله تعالى، عسانا نستشف منها رحيقا يعطر سلوكنا ويقوم اعوجاننا مما علق به من خشونة التصرف وسوء الخلق . وهذه الباقة تتضمن المقتطفات التالية من دعائه (ع) : 1- أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد.2- وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَئانِ الْمَحَبَّةَ.3- وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ.4- وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ الثِّقَةَ.5- وَمِنْ عَدَاوَةِ الأدْنَيْنَ الْوَلايَةَ.6- وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ.7- وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ.8- وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ.9- وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ.10- وَلِينِ الْعَرِيكَةِ.11- وَخَفْضِ الْجَنَـاحِ.1- أللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد: يستهل الإمام عليه السلام دعاءه بالصلاة على محمد وآله ، وهكذا مع كل فقرة من الفقرات العشرين من هذا الدعاء ، وذلك لأن من الأسباب القوية لاستجابة الله عز وجل للدعاء ، افتتاحه بالصلاة على محمد وآله . فعن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " كل دعاء محجوب عن الله تعالى حتى يصلى على محمد وأهل بيته " (5).2- وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ الشَّنَئانِ الْمَحَبَّةَ: الشَّنَئان لغة يحتوي على ثلاث صفات مركبة ومعقدة .البغض والعداوة وسوء الخلق ، فقد يكون الإنسان مبغضا لأحد دون أن يعاديه ، وقد يجمع بين الصفتين دون الثالثة ، ولكن الشنئان أي أن يكون الإنسان شانئا فقد بلغ الذروة في البغض والعداوة وسوء الخلق .أمر آخر هو أن الشانئ قد يكون شنئانه عفويا ومرحليا،ولكن أهل الشنئان ديدنهم ذلك حتى أصبحوا أهله كقولنا لأصحاب التخصصات والحرف بأهليتهم في ذلك .مثل: أهل الدين ، السياسة ، الاقتصاد وغير ذلك،أو: أهل الفلاحة ، أهل التجارة ، الصناعة وهلم جرا.وهكذا فإن زين العابدين عليه السلام يدعو القادر سبحانه أن يبدله من بغض هؤلاء المتمرسين للشنئان بالمحبة فضلا عن الشانئين أو المعادين والمبغضين فقط ، وهذا كمال في الدعاء. وقد يسأل سائل : هل يكفي التوجه إلى الله تعالى بالدعاء فقط أم لابد مع هذا التوجه السعي إلى تحقيق ذلك ؟ والجواب واضح وجلي من قوله تعالى:{ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى }(6) .فالدعاء والعمل يكمل أحدهما الآخر ولا ينفع أحدهما من دون الثاني إلا إذا كان الإنسان عاجزا إلا عن الدعاء. وعلى هذا الأساس يجب أن نتعامل مع أهل الشنئان بالدفع بالتي هي أحسن وبالهجر الجميل عساه عزوجل أن يصيرهم أولياء حميمين لنا وأن يبدلنا من بغضتهم بالمحبة .3 - وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْيِ الْمَوَدَّةَ: والحسد كما هو معروف : تمني زوال النعمة من المحسود وهي صفة مذمومة ، قال تعالى : { وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }(7) والبغي : هو المبالغة في الظلم ، قال تعالى :{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ }( أي تجاوز الحد في الطغيان عليهم . والمودة : المحبة مع إظهارها ، قال جل وعلا: { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (9). وهكذا يطلب الإمام السجاد عليه السلام من ربه الذي لا منتهى لكرمه وعطائه أن يبدله من حسد المتخصصين في ظلم العباد ليس إلى محبته فقط بل إلى إظهار هذه المحبة . وذلك بالتخلي عن حسده وظلمه والترقي في درجا ت المحبة وإظهارها. وهذا التحول والتغير ليس ببعيد عن الإنسان الحاسد الباغي ، إنما هو بوسعه وجهده إذا ما شملته العناية الربانية. 4 - وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ الثِّقَةَ : الظنة: التهمة. وقد تصدر التهمة من ثلاثة أصناف من البشر ، الصنف الأول : الفساق والفجار ، وهؤلاء تهمتهم لا يلتفت إليها كثيرا لأن ديدن هؤلاء إلصاق التهم بالآخرين قصد إيذائهم والحط من قدرهم ومنزلتهم. والصنف الثاني: أناس عاديون ،وهؤلاء أيضا تهمهم لا ترقى إلى درجة الخطورة وإن كانت أثقل من الصنف الأول . أما الصنف الثالث وهم الصالحون فظنتهم من الخطورة بمكان ومن الأهمية أيضا. إذ أن عادة وشيمة أهل الصلاح أن يظنوا بالآخرين خيرا . قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :"احمل أخاك المؤمن على سبعين محملا من الخير "(10) .وكما أنهم لا يظنون بأحد سوءا إلا إذا تبين الأمر واتضح ، فإنهم كذلك لا يجازفون بمنح الثقة والعدالة إلا لمن يرون استحقاقها بعد التحري والاجتهاد.انطلاقا من هذه المقدمة نفهم كيف أن الإمام عليه السلام دعا الله تعالى الذي لا يعوزه شيء أن يبدله ليس من تهمة جميع أصناف البشر فحسب ، بل من تهمة أهل الصلاح منهم ، إلى ثقة ووثوق وعدالة .4 - وَمِنْ عَدَاوَةِ الأدنين الْوَلايَةَ: الأدنين: جمع الأدنى وهو اسم التفضيل من الدناءة والدنو . والدنو هنا يفيد الإطلاق .والولاية : وهي الانصياع التام لمن تتولاه وهو مقام أعلى من المودة التي بدورها أعلى من مرتبة الصداقة والمحبة وهما أرقى درجة من الصحبة.وهكذا هو دأب الإمام عليه السلام مع ربه العظيم الذي بيده الحول والقوة المطلقة وله الفضل والإحسان كله . فهو يدعوه هذه المرة باستبدال عداوة وبغض من هم أشد الناس دناءة على الإطلاق بالمحبة والمودة بل بالولاية . وهذا إن دل على شيء إنما يدل على عمق معرفة الإمام عليه السلام بالله عزوجل وقدرته وصفاته ، ويدل أيضا على القلب الكبير الذي يتمتع به فيسع أدنى الناس على الإطلاق وأحسد الناس على الإطلاق ،وأظلم الناس على الإطلاق.كيف لا وهوزين العابدين كما سماه معاصروه ، بل جده صلى الله عليه وآله وسلم. وهو السجاد لكثرة سجوده لربه كما عرف عنه، بل كيف لا وهو ابن سيد العرفاء الحسين عليه السلام. وهو حفيد إمام العارفين علي ابن أبي طالب عليه السلام. بل كيف لا وهو سليل أول وأفضل من عرف الله عزوجل حق معرفته ولذا وصفه ربه تعالى بقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } (11) فسلام الله عليهم أجمعين.6- وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ: الفرقة : الانفصال. نقول : حدثت الفرقة بين قوم إذا انفصل بعضهم عن بعض نتيجة الخلاف الذي وقع بينهم. ولا بأس أن نسوق الدعاء من أول مقطعه لنعرف السياق الذي أتى بهذه الخصلة الحميدة وما بعدها. قال عليه السلام سائلا ربه : " وَحَلِّنِي بِحِلْيَـةِ الصَّالِحِينَ، وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ المُتَّقِينَ فِيْ بَسْطِ الْعَدْلِ وَكَظْمِ الْغَيْظِ وَإطْفَاءِ النَّائِرَةِ وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ، وَلِينِ الْعَرِيكَةِ، وَخَفْضِ الْجَنَـاحِ ".إذن فضم أهل الفرقة،الذين ديدنهم الاختلاف والتفرق هو من حلية الصالحين وزينة المتقين إلى جانب باقي الصفات المسرودة غير أن ضم أهل الفرقة لا يكون لغاية الضم نفسها، بل المقصود هو ضم أهل الباطل إلى أهل الحق، وأهل الشر إلى أهل الخير. وعمليا لا يتأتى هذا إلا بالدعوة إلى الله عزوجل بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن. وبالعمل الدؤوب من أجل إقناع أهل الباطل أن يرجعوا عن باطلهم. وينضموا إلى أهل الحق . حتى إذا استنفذت الدعوة والحكمة والجدال بالتي هي أحسن ومحاولات الإصلاح كل منفذ. وجب آنذاك على أهل الحق والإيمان مقاتلة أهل البغي إلى غاية رجوعهم عن بغيهم طبقا لقوله تعالى:{ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }(12)7- وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ: وَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ هي صفة خصوصية من صفة عمومية وهي َضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ ، فَإصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ يقتصر على الإصْلاَحِ بين أعضاء الأسرة الواحدة ، والأقارب والجيران والأصدقاء. إذن فهي دائرة مصغرة وسط دائرة أكبر.8- وَإفْشَاءِ الْعَارِفَةِ : الإفشاء : النشر والإذاعة والإظهار. والعارفة: المعروف. والمعنى: نشر المعروف. فهذا هو دعاء الإمام عليه السلام ربه تعالى كي يرزقه هته الخصلة.ونحن بدورنا معه نتوسل إلى البارئ عز وجل أن يرزقنا ها. لكن حينما نتحدث دائما عن سؤال الإمام عليه السلام و سؤالنا الله تعالى ، يجب علينا أن نقرن ذلك بالعمل والسعي لتحقيق تلك الخصال ، فالدعاء والعمل توأمان يشد بعضهما البعض، ولذا وجب علينا معرفة كيفية إفْشَاءِ الْعَارِفَةِ. إفْشَاء الْعَارِفَةِ يتجسد في أمرين : الأمر الأول : العلم والعمل به ، فلابد لنا كي ننشره أن نعلمه ابتداء ثم نتمثله في سلوكنا. والأمر الثاني : أن نذيعه ونظهره بإظهار من يعلمه ويعمل به ، وأن نفشي معروفهم وسيرهم بين الناس. وعلى رأس هؤلاء العالمين العاملين بالمعروف : الرسل والأنبياء والأئمة والصالحين.وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ : الستر بمعنى الإخفاء. والعائبة : مؤنث العائب وهو المنكر. والمعنى هو إخفاء المنكر وعدم إذاعته في مقابل إظهار المعروف ونشره . فكما يجب على من يريد أن يتحلى بحلية الصالحين ويلبس زينة المتقين أن يفشي العارفة عليه أيضا نقيض ذلك أن يخفي ويستر عيوب الآخرين فضلا عن عيوبه ما وجد لذلك سبيلا.10 - وَلِينِ الْعَرِيكَةِ : واللين هو اللطف والسهولة. العريكة : أي النفس والخلق.والمراد أن الإمام عليه السلام يطلب من مولاه جل وعلا أن يمنحه نفسا لينة وهادئة وسلسة الخلق في معاشرتها للآخرين. وقد كان الحبيب المصطفى يتصف بهذه الصفة ، إذ كان قمة في الفضائل والأخلاق العالية ، وصفه سبحانه وتعالى بقوله :{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }(13) .وهو الذي وصف بدوره الإمام علي بن أبي طالب بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " وألينهم عريكة "(14). 11 - وَخَفْضِ الْجَنَـاحِ : وخفض الجناح كناية عن التواضع.ولبسط القول في معنى كون الجناح للإنسان فيخفضه نضرب مثالا لذلك : فالطيور تختلف في أجنحتها قوة وضعفا ، فالطائر القوي الجناحين يستطيع أن يحلق بهما عاليا في السماء على عكس الضعيف الجناحين فإنه يبقى رهين مسافة محدودة جدا. فكذلك الإنسان قد يعطيه الله تعالى أجنحة عدة يمكن أن يستخدمها في العلو والتجبر والكبر والطغيان. فالمال جناح ، والعلم جناح ، وقوة العضلات جناح. وهكذا قوة العقل والجاه والعشيرة والسلطان إلى غير ذلك. فخفض هذه الأجنحة يكون بصرفها في رضا الله تعالى الذي منحه إياها. وأن لا يتعالى بها على غيره ، بل يخدمهم بها ويسعى لمصلحتهم باستغلالها.وهكذا فإن الإمام عليه السلام يتوجه إلى الله تعالى أن يرزقه خفض جناحه ، فلا يتكبر على الناس بعلمه ، ولا يبطر بماله وجاهه وسلطانه ، ولا يطغى بقوته البدنية والعقلية ، ولا يتعصب لعشيرته وأقربائه.خاتمة وقبل أن نودع الإمام عليه السلام وابتهالاته إلى رب العالمين أن يمكنه من جملة خصال حميدة – وقد كانت له بامتياز – وقع اختيارنا عليها في هذه السطور ، نشير إلى أمر مهم ، وهو أن بعض الناس يتمتعون بأخلاق جيدة وفاضلة من قبيل ما ذكرنا وغيرها رغم بعدهم عن التدين ، في حين نجد أن الكثير من المتدينين يفتقدونها. وتحليل هذه الإشكالية نجدها في الرواية التي يحدثنا بها إسحاق بن عمار عن الإمام الباقر عليه السلام حيث قال : " إن الخلق منحة يمنحها الله خلقه ، فمنه سجية ومنه نية قال إسحاق : فقلت : فأيهما أفضل ؟ قال عليه السلام : صاحب السجية هو مجبول لا يستطيع غيره. وصاحب النية يصبر على الطاعة تصبرا فهو أفضلهما " (15)والمستنبط من هذه الرواية ثلاثة أمور :1 – أن الأخلاق الحميدة هي منحة ربانية أساسا يتكرم بها على خلقه فهو صاحب الفضل أولا وأخيرا.2 – أن الخلق منه سجية أي طبيعة متأصلة في كيان الإنسان إما وراثة أو تربية. ومثال ذلك كون الإنسان قد ترعرع في جو أسري وأقاربي متخلق فتنمو فيه الأخلاق الفاضلة كما تنمو خلاياه ، فتصبح جزءا لا يتجزأ منه ، بل يصعب عليه التخلي عنها.3 – ومنه نية : والنية معناها الإرادة والقصد. أي أن الإنسان بحاجة إلى تصميم وجهاد وصبر ليتحقق بهته الخصال، لكون هذا الأخير لم يستفد مما استفاد منه الأول : صاحب السجية.ومثال ذلك : الإنسان الذي نشأ في ظل وسط منحط أخلاقيا فلم ينتبه لنفسه إلا وهو غارق في وحل الخلق السيئ. فمن العدل الإلهي إذا شمر هذا الأخير كادحا وصابرا في سبيل ترويض نفسه على هذه الأخلاق السامية أن يكون أفضل من الأول.وختاما ندعو الله عزوجل من أعماق قلوبنا كما دعا الإمام عليه السلام أن يحلينا بحلية الصالحين ويلبسنا زينة المتقين في ضم أهل الفرقة وإصلاح ذات البين ، وإفشاء العارفة ، وستر العائبة ، ولين العريكة وخفض الجناح ...وأن يبدلنا من بغضة أهل الشنئان المحبة ، ومن حسد أهل البغي المودة ، ومن ظنة أهل الصلاح الثقة ومن عداوة الأدنين الولاية...وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.الهوامش :(1) سورة الفرقان : الآية الأخيرة (2) سورة غافر : الآية 60(3) رواه الترمذي عن أنس بن مالك (4) أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه من حديث أنس (5) السيوطي في الجامع الصغير .ج1 ص 656 (6) سورة النجم :آية .39(7) سورة العلق :الآية :5( سورة القصص : آية : 76(9) سورة الشورى : آية : 23 (10) الحدائق الناظرة للبحراني : 15/353(11) سورة الأنبياء : آية : 107 (12) سورة الحجرات :الآيتان : 9 و10 (13) سورة آل عمران : آية : 159 (14) الأمالي للطوسي : 340 ح695 (15) وسائل الشيعة للعاملي : 12/ 151/ ح 17 159. | |
|
rahmaa عضو فعال
الأوسمة : عضوة نشيطة تاريخ التسجيل : 15/02/2010 عدد المساهمات : 87 العمر : 39
| موضوع: رد: قبسات من دعاء مكارم الأخلاق الأحد 16 مايو 2010, 17:28 | |
| مشكور أخي، فعلاً هذه قبسات رائعة زانها الأسلوب الجيد.هذا موضوع جداً مهم من الناحية التربوية وبناء الأنفس | |
|