كتب الأخ الفاضل : عصام حميدان
"حوار الأديان" يمثل أحد انشغالات المجتمع الدولي وأهم محاور منظومة التسامح الديني وحوار الحضارات ، لكونه يعد من أهم القضايا التي أثارات ولا تزال تثير جدلا كبيرا في أوساط المتدينين بالديانات السماوية ، كما أن ملف "حوار الأديان" نعلق عليه آمالا كبيرة لبناء جبهة عالمية للدين في مقابل جبهة "اللادين" والتي باتت تمثل التهديد الأكبر لكل الأديان السماوية فالشباب في العالم الغربي والإسلامي لم يعد مستقطبا من قبل الفكر الديني ، وهو ما فتح الباب واسعا أمام حملة من التشكيكات في قيمة الدين ووظيفته الاجتماعية والسياسية ، وبات الحديث عن الدين بوصفه من قيود حركة التفكير والتعبير ورمزا تاريخيا من رموز الانحطاط واغتيال العقل والإبداع الإنساني ..
ولذلك ، فنحن نقول لإخواننا من الأديان السماوية الثلاث ، إننا اليوم في أمس الحاجة لتعزيز جبهة الدين لإعادة موقعة الدين في مركز الحياة وليس على هامشها كما هو حالنا اليوم ..ولكن عن أي دين نتحدث ؟ وبأي معنى نفهم الدين ؟ وكيف يمكن أن ندير حقل الاختلاف الديني وفق منطق أخلاقي موضوعي ؟ وكيف يمكن تحقيق حالة التسامح والتعايش بين الأديان، كي نجنب الإنسانية جمعاء نتائج حروب دينية تاريخية أكلت الأخضر واليابس ، وساهمت إلى حد كبير في بناء حواجز انعدام الثقة وتشوش الرؤية في العلاقة بين الأديان ؟؟ كي لا تتكرر المأساة ، وكي لا يستفيد "اللادين" والتطرف الديني من غياب حوار المتدينين ، لابد أن نفتح صدورنا للحوار والتواصل بين الأديان ، لعلنا نصل إلى درجة من الوعي بحدود الاختلاف وطرائق الحوار في أفق تعايشي يحترم خصوصيات الآخر ، ولا يصادر حريته في الاختلاف ، دون أن نغلق أبواب الحوار والمحاججة البرهانية المسيجة بأدوات أخلاقية رصينة .
إن استهداف الرموز الدينية في الآونة الأخيرة بالغرب ، لم يكن فقط استهدافا للإسلام والمسلمين وإن كان ذلك مثل الاستهداف الأبرز غير أن استهداف الرموز الدينية لم يستثن حتى رموز الأديان الأخرى ، وهو ما يعني أن الحرب الجارية إنما تقع على الدين ككل باسم شعارات حرية الرأي والتعبير ، والتي نؤمن بها لا كحالة في سطح الشعار ، وإنما كعقيدة في عمق المشروع ، إنما التسويق الإعلامي والتضليل السياسي يستهدف خلط الألوان وضياع الحقيقة بحيث لا يستطيع الآخر- أي المتلقي- تمييز مستويات الجدية واللاجدية في التعاطي مع هذه الشعارات ..فباسم حرية الرأي والتعبير يتم مصادرة حق المرأة المسلمة في ارتداء حجابها في فرنسا ومؤخرا في بلد عربي اعتبر فيه الحاجب تمييزا طائفيا ..والحجاب شكل من أشكال التعبير عن الالتزام الديني ، فكيف يتم الحديث عن حرية التعبير في الوقت الذي تستهدف هذه القيمة من خلال ضرب عدد من أشكال الرأي والتعبير؟؟
إننا مدعوون حقيقة إلى حوار جاد بين الأديان بعيدا عن بعض التصريحات التي تصدر من هذه الجهة الدينية أو تلك بإملاءات سياسية معروفة ، والتي تهدف زعزعة أجواء الحوار الديني وضرب مفهوم التعايش الديني والذي هو بلاشك يخدم المشروع اللاديني ،أو مشروع التطرف الديني ويقف في وجه تعزيز موقع الدين في حياة الإنسان ..
إننا نعتقد أنه ينبغي بناء جسور من التفاهم والحوار بين الأديان ، بعيدا عن تأثيرات السياسة التي تعكر العلاقات الدينية وتفسد حوار الأديان ، فتعالوا ننفتح على بعضنا البعض من مواقع الفكر والثقافة ، ونمارس حقنا في الاختلاف بغية تنظيمه والاستفادة منه ، في اتجاه بناء الشخصية الرسالية ، التي تتخذ من الرسالة السماوية برنامجا في الفكر والعاطفة والحركة ..ليكون الفكر توحيديا وكذا الإيمان والحركة ، لتتوحد حركة الإنسان ومساراته في اتجاه الكمال الإلهي لأجل ذلك ندعو لفتح حوار جاد وهادف يتمحور حول حوار الأديان ووحدتها ، بغية إدارة نقاش موضوعي هادئ ، ورص الصف الديني كله في مقابل الصف اللاديني كله ..
نسأل الله أن يعيننا على طاعة الله ورضوانه والله من وراء القصد وهو يهدي سواء السبيل ٠
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]