عبد الهادي الغازي عضو جديد
تاريخ التسجيل : 22/04/2010 عدد المساهمات : 8 العمر : 54
| موضوع: العدل والإحسان والتشيع أوجه التقارب والتباعد الجمعة 07 يناير 2011, 06:30 | |
| العدل والإحسان والتشيع أوجه التقارب والتباعد (الحلقة الرابعة) تتمة المناقشة ثم ننتقل الآن لمناقشة الاختلاف الوارد بين العلماء فيمن هم أهل البيت ، إذ لدينا ستة أقوال: 1- علي وفاطمة والحسن والحسين 2- من حرم الصدقة بعده، و هم آل علي و آل عقيل و آل جعفر و آل عباس.3- الآل الذين تحرم عليهم الصدقة من بني هاشم.4- ذريته و أزواجه.5- أتقياء أمته خاصة.6- أمته عامة.و قبل البدء في مناقشة هته الاختلافات نود القول أن الرسول صلى الله عليه و آله، ونظرا للمكانة و المنزلة العالية لأهل البيت (ع) و موقعهم المركزي في الأمة، لم يترك الأمر لمن بعده كي يختلفوا في من هم هؤلاء الأهل، إلا أن السياسة و حب الرئاسة و حب الملك و التصارع عليه هو الذي كان وراء هته الاختلافات لتشويش الصورة و تضبيبها على الأمة. إن الباحث و هو يتأمل بصدق و تدبر و تجرد في الاستدلالات على هته الأقوال ليخلص في النهاية إلى أن أهل البيت الذين ورد ذكرهم في سورة الأحزاب، المقصود منهم : الخمسة أصحاب الكساء و هم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، و ذلك استنادا إلى القرائن التالية:أ- أن الكثير من أصحاب رسول الله (ص) و التابعين من بعده و العلماء المهتدين قالوا بذلك، و أن حجج الذين خالفوهم ضعيفة. قال الطبري (33) : اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله : (أهل البيت) فقال بعضهم: عني به رسول الله (ص) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين رضوان الله عليهم. و ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن المثنى قال : حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي قال حدثنا مندل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): (نزلـت هذه الآية في خمسـة : في و في علي و حسن و حسين و فاطمة رضي الله عنهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). و أورد الطبري عدة روايات أخرى منها : قال : حدثني أبو كريب قال : حدثنا و كيع عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية : (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) دعا رسول الله (ص) عليا و فاطمة و حسنا و حسينا فجلل عليهم كساءا خيبريا فقال : (اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا). قـالت أم سلمة قلت يا رسول الله : ألست منهم ؟ قال: أنت إلى خير.ب - إضافة إلى هته الروايات هناك أحاديث أخرى في الباب نذكر منها ما يلي: 1- روى الحاكم في كتابه (المستدرك على الصحيحين في الحديث) عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أنه قال : لما نظر رسول الله (ص)إلى الرحمة هابطة قال : "أدعو لي، أدعو لي" فقالت صفية: من يا رسول الله؟ قال: أهل بيـتي عليا و فاطمة و الحسن و الحسين، فجيء بهم فألقى عليهم النبي (ص)كساءه ثم رفع يديه ثم قـال: " اللـهم هؤلاء آلي فصـل على محمد و آل محمد" و أنزل الله عز و جل:"إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا" . قال الحاكم في "المختصر في علم رجال الأثر" : هذا حديث صحيح الإسناد.2- روى مسلم في الفضـائـل 15: 194، 195 و أبـو داود في اللبـاس (4032) و الحـاكم 3/147 و صححه على شرطهما عن عـائشة قالت: خرج النبي (ص)غداة و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله ثم قال : "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا".3- و في باب فضل فاطمة من صحيح الترمذي و الرياض النضرة و تهذيب التهذيب قال رسول الله (ص): "اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا" و في مسند أحمد قالت أم سلمة : فأدخلت رأسي في البيت فقلت: و أنا معكم يا رسول الله؟ قال : "إنك إلى خير، إنك إلى خير". و في رواية أخرى في مسند أحمد /6 323. و ابن عساكر 5/1/14 ب: "فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي و قال: "إنك على خير". ج – زاد الطبري قوله : " وقال آخـرون : بل عنى بذلك أزواج الرسـول (ص) . و ذكر من قال ذلك : حدثنا ابن حميد قال : حدثنا يحيى ابن واضح قال : حدثنا الأصبغ عن علقمة قال : كان عكرمة ينادي في السـوق (إنما يريد لله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) قال نزلت في نساء النبي (ص) خاصة. إن عكرمة و قتادة هم أقدم من قال أن المقصود بأهل البيت أزواجه و أن آية التطهير نزلت فيهم. و الرجلان معا مجروحان عند علماء الجرح و التعديل (34) .- نقل القاضي العجابي في كتاب (الموالي) : أن عكرمة دخل في رأي الحروري من الخوارج فخرج يدعو إليهم في المغرب.عن أبي علي الأهوازي في كتاب (معجم ياقوت الحموي) في ترجمة عكرمة: إنه يرى رأي الخوارج و يميل إلى الغناء. قال : و قيل إنه كان يكذب على مولاه (يعني ابن عباس) .- عن عبد الله ابن الحارث قال : دخلت على علي ابن عبد الله ابن العباس فإذا عكرمة في وثاق، فقلت : ألا تتقي الله؟ فقال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي (35) . و في كتاب المعجم لياقوت الحموي عن علي ابن عبد الله ابن عباس كذلك. ونقل أيضا عن ياقوت في آخر ترجمته (عكرمة) من معجمه عن يزيد ابن زناد قال: دخلت على علي ابن عبد الله ابن عباس و عكرمة مقيد على باب الحش فقلت: ما لهذا كذا؟ قال: إنه يكذب على أبي .- أما مقاتل فلم يكن عداؤه لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع)، و نسبة الكذب إليه، أقل من عكرمة. فقد عده النسائي في جملة الكذابين المعروفين بوضع الحديث (36).- و قال الجوزجاني، كما في ترجمة ميزان الذهبي : كان مقاتل كذابا جسورا (37).د- إن لفظة "الأهل" لم تكن تطلق في ألسنة العرب على الأزواج إلا بضرب من التجوز، ففي صحيح مسلم (38) : أن زيد ابن الأرقم سئل عن المراد بأهل البيت هل هم النساء؟ قال: لا وايم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها فترجع إلى أبيها و قومها.هـ - ثم أن حصر علي و فـاطمة و الحسن و الحسين (ع) وحدهم تحت الكسـاء و منع حتى أم سلمة من الدخول معهم، كما ورد في روايات كثيرة، و نزول آية التطهير عليهم ، تقطع الطريق على من يدعي شمول اللفظة على غيرهم .و – و للذين يستدلون بأن مركب "أهل البيت" جاءت في سياق الكلام عن أزواج النبي (ص) في سورة الأحزاب ندعوهم لتتبع سياق الآيات مع ملاحظة الضمائر فهي وردت هكذا : "يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشـة مبينة يضـاعف لها العذاب ضعفين. و كان ذلك على الله يسيرا. و من يقنت منكن لله و رسوله و تعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين و أعتدنا لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض و قلن قولا معروفا. و قرن في بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى. و أقمن الصلاة و آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله. إنمـا يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهـل البيت و يطهركم تطهـيرا. و اذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله و الحكمة.إن الله كان لطيفا خبيرا". فالآيات كلها قبل و بعد آية التطهير وردت بصيغة التأنيث ما عدا آية التطهير وردت بصيغة التذكير، و ذلك و بكل تأكيد لاشتمالها على الرجال أو الرجال و النساء معا، كما هو معلوم في أبسط قواعد النحو.و الشيخ عبد السلام ياسين نفسه يقول: "زاد أهل البيت بالنسب الطيني لنزولهم من سلالته الطاهرة (ص) التي تأذن الله عز و جل في كتابه العزيز أنه يريد أن يذهب عنهم الرجس و يطهرهم تطهيرا و أمر الله لا يرد و إرادته المعلنة لا تتعطل".إن أزواج النبي (ص) ليسوا من سلالته.ز – أما "أمته عامة" و "أتقياء أمته خاصة" فيكفينا في بيان بطلان هذا الرأي قول الشيخ : "إذا كانت نسبة أحد من هذه الأمة إلى أحد تشرف، فهي نسبة المسلمين جميعا إلى الله و رسوله، زاد أهل البيت بالنسب الطيني ". إذن فالمسألة مسألة نسب طيني.إضافة إلى ذلك أن الأمر و الوصية موجهتان في حد ذاتهما إلى أمته عامة و إلى أتقياء أمته خاصة، فكيف يكون المأمور و الموصى هو المأمور به و الموصى به في آن واحد.ح – أما من حرم الصدقـة بعده من بني هاشم كآل عقيل و آل عباس و آل جعفر و آل علي هم من آل بيته (ص) بالقرابة، لكن آية التطهير لا تشملهم، فقدرهم و منزلتهم و مكانتهم تقاس بمدى تمسكهم بالخمسة الطاهرة و قربهم منهم و لزومهم إياهم و نصرتهم لهم.و التاريخ شاهد على مدى تجبر و طغيان بعض المنتسبين لآل البيت و كيف أنهم نكلوا بذرية الحسن و الحسين (ع)، كالعباسيين الذين ينتسبون إلى العباس ابن عبد المطلب، الذين قامت دولتهم على شعار "الرضى من آل محمد" ثم تحولوا بعد تثبيت أركانها إلى طغاة مجرمين يحاربون كل من يقول كلمة الحق و على رأسهم أئمة أهل البيت عليهم السلام و من شايعهم.فكيف يكون موفقـا – كما يقـول الشيخ – من يـوالي الجميع : الأهـل الخـاصين و العامين، المطهرين و غير المطهرين، المحقين و غير المحقين، العـادلين و الظـالمين، المتقين و الفاسقين؟؟؟ موالاة الأضداد!!!و نعود لنؤكد أن آية التطهير تخص محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين (ع)، أي أنهم مطهرون من الذنب كبيره و صغيره ظاهره و باطنه ماده و معنوييه و بمعنى آخر أنهم معصـومـون. و ذريتهم هم أهل بيت النبوة بالوراثة، غير أن الفضـائل و المزايـا و الخصائص التي ذكرناها لا تشمل الجميع. فالواقع و التاريخ لا يشهدان بذلك، إذن فوجب معرفة حاملي هذه الخصائص و الفضائل و المختصين بهذه الطهارة بعد الخمسة أصحاب الكساء (ع).إن هذه القضايا لمن أهم المهمات و أصل الأصول، و الأحاديث النبوية الشريفة المتواترة تحثنـا على التمسك بأمرين مهمين نفيسين غـاليين ثمينين، تتوقف عليهما هداية الأمـة و رشادها و ضمان وحدتها و أمـانها من الفرقة و نجاتها من العذاب الأليم في الدنيــا و الآخرة، هذان الأمران هما كتاب الله تعالى و عترة الرسول (ص)، و هما أمران متلازمان متناغمان منسجمان متكاملان لا ينفك أحدهما عن الآخر و لا يفترقان حتى يردا على حوض نبينا (ص).إن البحث في هذه القضية يطول و الكلام فيه سجال و الخوض فيه خوض في كليات الدين و أصوله، و حسمه و فصل الخطاب فيه لمما يريح البال و يشفي الغلة و يضع الإنسان المسلم المؤمن الجاد الطالب على السكة الصحيحة المتينة المستقيمة الموصلة إلى محطة النجاة، و يركبه السفينة الآمنة التي تمخر به أمـواج الظلام و الضلال إلى شـاطئ النور و الهداية.و لعل الفصول القادمة بحول الله تعالى تسهم في رفع الستار عن بعض الحقائق المتعلقة بالموضوع، و في جلاء الصورة المحددة لأهل البيت (ع) و عترته بعد أصحاب الكساء. و بالله التوفيق.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (33): تفسير جامع البيان.(34): انظر العسقلاني في مقدمة كتابه (فتح الباري) و ابن خلكان في (الوفيات) و ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) و الشهرستاني في (الملل و النحل).(35): راجع ميزان الإعتدال (36): دلائل الصدق: 2/95 (37): الكلمة الغراء: 217 (38): باب فضائل علي | |
|